|
لكي تكون الوحدة خيارا جاذبا
|
مع بدء تنفيذ اتفاقات السلام , نشا واقع جديد في السياسة السودانية , سينتج عنه تغيير جوهري في طبيعة السلطة ككل , وان احتفظ شقها الاسلامي ببعض خصائصة الجوهرية , سواء من زاوية برنامجه السياسي , او الاقتصادي , او القوة العسكرية واساليب عملها . ومع اننا لانستطيع حاليا الوصول لقياس كمي لهذا التغيير الذي سيحدث , لانه يعتمد علي مناهج الحركة الشعبية لتحرير السودان في العمل السياسي بعد المشاركة في السلطة , وعلي تكتيكات السلطة في الظروف الجديدة , وعلي سلوك القوي المعارضة , الا اننا لانستطيع تجاهل هذه التغييرات , لان عليها يعتمد رسم استراتيجية جديدة للحركة السياسية ككل , وبما ان الحركة الشعبية ستنسحب من صف المعارضة , الي صف التنظيم المشارك في الحكم , يجب علي القوي المعارضة والتجمع الوطني الديمقراطي تحديدا وضع ذلك في الحسبان . تنفيذ هذه الاتفاقات ومراقبة اداء السلطة الحالية مراقبة جيدة , سيودي الي اقصاء المشروع الاصولي عن نصف البلاد تقريبا والي اضعافة اضعافا شديدا في النصف الثاني منها , لان هذا المشروع عندما يفقد ( مشروعيته ) في نصف البلاد فانما يفقدها عمليا في كل انحائها , علي الاقل من النواحي الفكرية والسياسية , كما ستؤدي الي شل يد السلطة بصورة جوهرية في كل القضايا التي تختلف فيها مع الشريك الجديد , كما سيؤدي الي مباراة بين الشريكين لكسب ( العقول والقلوب ) سواء في المعارضة ومنظماتها في كل انحاء البلاد او بالنسبة لجماهير الشعب السوداني بصورة عامة , وهذه كلها مسائل ايجابية يمكن للمعارضة ان تستفيد منها بذكاء وفعالية . تضمين حق تقرير المصير لجنوب السودان , كحق جوهري , واحاطته بضمانات دولية ومحلية يجعل قضية كسب عقول وقلوب الجنوبيين , واقناعهم بخيار الوحدة القضية الاولي , والاولوية السياسية القصوي لكل القوي الوطنية الراغبة في وحدة السودان وبقائة . لايمكن تحقيق هذا الهدف دون ان يحدث تغيير جوهري في العقلية الشمالية , وفي توجهات القوي السياسية الشمالية والجنوبية علي السواء , وذلك بالحاق هزيمة نهائية بنزعات الاستعلاء العرقي والديني , ومناهج التهميش , وبدون اقامة العلاقات السياسية والاجتماعية علي اساس العدالة والمساواة والمواطنة والمساواة امام القانون , والتنمية المتسارعه للاقاليم الاقل حظا من التقدم . لايمكن تحقيق الوحدة بدون قبول الحركة الشعبية لتحرير السودان , مشاركا اصيلا في السلطة والحياة السياسية والاجتماعية , وذلك باقامة علاقات واسعة مع الحركة , تتراوح بين التفاهم والاتفاق علي الحد الادني , وتصل حتي درجة التوحد والتحالف , اعتمادا علي توجهات الحركة واستعداداتها , ويدخل في ذلك مساعدتها علي التحول الي حزب سياسي ذي قوام بشري شامل لكل انحاء البلاد , وفي هذا ضمانة كبيرة لوحدة السودان , ومن هذه المنطلقات والاعتبارات فان التعامل مع الحركة الشعبية , بيقي امرا مطروحا من مواقع المسؤولية الوطنية علي كل القوي الوطنية , بصورة مفتوحة وجماهيرية , وليس من مواقع المحاور والتامر والاتفاقات السرية . لايمكن تحقيق الوحدة بدون كسب المواطن الجنوبي العادي الي صفها , واذا كان هذا القول يشمل كل المواطنيين الجنوبيين , الا انه يجب التركيز علي اولئك الموجودين منهم بالشمال , وهم بالملايين , وعلي القوي السياسية جمعاء ان تبتدع منذ الان الوسائل والاساليب التي يمكن ان تكسب بها هؤلاء الي صف الوحدة , وهذا الهدف لايمكن تحقيقة بالطبع عن طريق الوعود الكاذبة والعروض المنافقة , او عن طريق الرشاوي الرخيصة , او اتخاذ بعض الشخصيات الجنوبية , ديكورا في قيادات بعض الاحزاب , وهذه اساليب تقليدية تجيدها القوي التقليدية , بل تتحقق عن طريق برامج سياسية تتخطي بصورة حاسمة ونهائية نظريات وممارسات الاستعلاء , وتتخلي عن المفاهيم القديمة الفاشلة في توحيد السودان علي اساس العروبة او الاسلام او كليهما , وتتخطي مشاريع اقامة دولة دينية اسلامية , وتقيم الحقوق علي اساس المواطنة والعدالة والمساواة . ساعود
|
|
|
|
|
|