حكاية الرجل الذى ناضل لكل الاجيال

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-06-2024, 01:21 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة عادل محمود احمد الامين(adil amin)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
07-07-2006, 08:10 AM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 37000

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
حكاية الرجل الذى ناضل لكل الاجيال

    ثورة رفاعة 1946 - التاريخ بين المثقفين المصريين والمثقفين السودانيين
    خالد الحاج عبد المحمود - رفاعة - ديسمبر 2002
    بسم الله الرحمن الرحيم

    ثورة رفاعة 1946
    التاريخ بين المثقفين المصريين والمثقفين السودانيين

    ان الأمم تهتم بتاريخها، وتاريخ عظمائها، وترصد الأحداث التي مرت بها، وتجعلها حية، في عقول، وقلوب، ابنائها وبناتها كي تهتدي بها في حاضرها وتخطط عبرها لمستقبلها.

    لقد لفت نظري، البون الشاسع، بين المثقفين السودانيين، والمثقفين المصريين، في اهتمامهم بتاريخ بلادهم، وموقفهم منه، واهنمامهم بالرواد الذين صنعوا ذلك التاريخ فقد وجدت المصريين- وكثيرون غيرهم- يهتمون اهتماماً بالغاً بتاريخ بلادهم، واحداثه ورجاله.. يخلدونه، وينشرونه من خلال البحث العلمي الجاد، ومن خلال العمل الفني الرفيع، حتى يظل حيا في وجدان الأمة.. أقول هذا، وأنا قد تابعت، هذه الأيام، مسلسلا مصريا حول حياة وافكار " قاسم أمين".. والمسلسل لايؤرخ لقاسم أمين فقط ، وإنما لكل الزعماء والمفكرين، والساسة، الذين عاصروه، على مختلف مشاربهم، وأفكارهم .. وهؤلاء مثل: الشيخ المجدد محمد عبده، والمفكر لطفي السيد، والزعيم سعد زغلول والرائد الوطني الكبير مصطفى كامل، والشعراء حافظ وشوقي، والرائد الاقتصادي طلعت حرب، الى آخر هؤلآء النفر الكرام، من رواد نهضة مصر الحديثة.. وكذلك يعرض هذه الأيام في العديد من القنوات المسلسل المصري: "فارس بلا جواد".. ومن خلال أحداث هذا المسلسل، أبرز المخرج أحداث قرية دنشواي المصرية في مواجهة الاستمار الانجلبزي، بصورة قوية مؤثرة، خصوصا المشهد الدرامي لاعدام بعض أفراد القرية على يد الانجليز- وهو مشهد استفاد فيه المخرج، من مشهد اعدام عمر المختار، في الفلم الذي صرفت ليبيا مبالغ هائلة لاخراجه، وتخليد سيرة بطلهاالعظيم، وقد اسندت البطولة في هذا الفلم للمثل العالمي الكبير"انطوني كوين" وقد استطاعت ليبيا عبر الفلم أن تجعل شخصية عمر المختار ونضاله، حيا، ليس في وجدان الشعب الليبي فقط، وانما في وجدان الشعوب العربية عامة.

    ونحن لانجد حدثاً، أوشخصاً، في تاريخ مصر – منذ الفراعنة، وحتى ثورة يوليو – الا وقد قامت الجهات الرسمية والمثقفون، بابرازه، وتخلبده، من خلال الدراسة والنشر ومن خلال وسائل الاعلام المختلفة أو من خلال عمل فني، أونصب أوتسمية مرفق، أو شارع باسمه.. وما من زائر يزور وسط مدينة القاهرة الا ويطالعه طلعت حرب مثلاً، في تمثال أقيم له، في ميدان هام، سمي باسمه، وكذلك العقاد وكل الرواد، حتى شامبليون الأجنبي، خلدوه بتسمية شارع هام، في وسط القاهرة باسمه عرفاناً لما قام به من دور خطير في تاريخ مصر- وبهذه المناسبة.. ماذا فعلنا نحن بالدكتور هكوك؟!! الى اين انتهت قضية مقتله وأين أوراقه؟!!

    وماذا فعل تلاميذه في مواصلة دراسته العلمية الجادة في تأصيل تاريخ السودان القديم؟ لو كنت، في مكان القرار بجامعة الخرطوم لقمت، على الأقل، بنسمية قاعة هامة من قاعات الجامعة باسم دكتور "هكوك" عرفاناً ووفاءاً، لوفائه.

    عموما أنت لاتجد حدثاً أو شخصاً، له دور في تاريخ مصر القديم، أو الحديث والمعاصر، الا وتجدهم قد خلدوه من خلال عمل ما، لا يختلف في ذلك الزعبم الديني عن السياسي، أو الاقتصادي، أو الأديب والمفكر، والفنان.. حتى الشيخ الشعراوي المعاصر أخرجوا عنه مسلسلا، يعرض هذه الأيام تحت اسم "امام الدعاة " وهذا أمر ليس فاصرا على المثقفين المصريين، وانما تجد له ضريبا في معظم بلدان العالم.

    فاين نحن من ذلك؟! ماهو دور الحكام، والمثقفين عندنا، منذ الاستقلال وحتى اليوم في هذا الصدد؟! لاشئ يذكر.. ان الكثير من المتعلمين عندنا يجهلون الرواد من الساسة والوطنيين، ومن رجال الدين والمفكرين، ومن الفنانين المبدعين.. فقل لي بربك كم من المتعلمين عندنا، سمع ـ مجرد السماع ـ بالمفكر والاديب الفذ معاوية نور؟! انا علي يقين من ان شخصية، مثل شخصية الشيخ بابكر بدري كرائد للتعليم وتعليم المرأة بالذات، لو كان مصريا، لخلدوه باكثر من عمل، خصوصا أن الرجل قد جعل الأمر ميسرا لذلك، بما كتب من مذكرات ضافية.

    وليت الأمر وقف عند مثقفينا، عند مجرد السلبية، ولكنه، وبكل أسف وصل عند بعض، حد الجحود، وعدم الأمانة الفكرية، بسبب من العداوات الشخصية الضيقة أو بسبب السعي في التقرب الى جهات، يطمعون في التقرب اليها!! لقد وصل الأمر ببعض مثقفينا الى حد العمل على تشويه تاريخنا الناصع!! ولكن هيهات!! هيهات!!

    ان مشكلة جنوب السودان، هي مشكلة السودان الأولى: كانت، ولا تزال .. وهي قد وجدت من كل حادب على مصلحة البلاد الاهتمام، والعمل الجاد، على ايجاد الحلول لها.. ولقد كان الأستاذ محمود محمد طه، على رأس من تصدوا لهذه المشكلة، قبل أن تتفاقم، وتصبح حرباً أهلية، لا زلنا نعاني من ويلاتها، حيث أصدر كتاب: "أسس دستور السودان" في عام 1955م.. ثم تناول القضية عبر تاريخ عمله العام الطويل، من خلال الخطابة، والكتابة المكثفة في الكتب والمنشورات، والى آخر منشور، حكم عليه بسببه نظام نميري بالاعدام، منشور:"هذا أوالطوفان".. فلا يستطيع أحد، أن يغفل دور الأستاذ محمود والجمهوريين في التصدي لقضية الجنوب.. ولكن أحد المثقفين، من أبناء الجنوب هو السيد أبيل ألير، كتب كتاباً ضخماً، عن مشكلة الجنوب، يتظلم فيه من نقض العهود.. ولم يفتح الله على أبيل، بكلمة واحدة يذكرها عن دور الأستاذ محمود والجمهوريين!! هذا مع أنه ذكر ادواراً لأفراد .. بل أنه ذكر حتى اصحاب الأدوار السلبية!! ومن المفترض في ابيل انه صاحب قضية حارة، وقد اكتوى بنار الظلم، فهو يأباه لنفسه، ولغيره..

    وابيل رجل قانون، المفترض فيه أنه تثقف وتربى على العدل!! وهو ينعي على الآخرين نقض العهود فما باله هو، يعشى عن الوفاء للأوفياء؟!! هل يجهل ابيل دور الأستاذ محمود في قضية الجنوب؟!! هل لم يسمع بكتاب" أسسس دستور السودان"، وهو المثقف والسياسي صاحب القضية ؟!! هل لم يسمع بكتاب الجمهوريين "جنوب السودان المشكلة والحل" ؟! هل لم يسمع قط بأي منشور، أو محاضرة أو ركن نقاش تعرض فيه الجمهورين لمشكلة الجنوب؟! هل لم يطلع على المنشور الذي حوكم من اجله الأستاذ محمود؟! ان هذا امر مستحيل.. فقضية أبيل ليست قضية نقص معلومات.. اذن فما السبب؟! نترك الاجابة عليه لأبيل وللقراء..

    وآخرون.. نفر من الأكاديميين، وضعوا كتابا في مقرر التاريخ للصف الثالث الثانوي: والكتاب في جملته عمل ركيك، لابمكن ان يجاز لو كان هناك قسم للمناهج له سلطة حقيقية، وملتزم بضوابط العمل الأكاديمي الصحيح، ومقتضيات وضع المنهج السليم.. أقل مايقال عن الكتاب أنه ليست فيه وحدة موضوع وانما نتف من هنا وهناك، ثم هو يقوم على ترتيب تاريخي معكوس لا يمكن أن يصدر عن اي شخص له علاقة بمادة التاريخ، فهو يبدأ باحداث في القرن العشرين، وينتهي في بابه الأخير، بحديث عن الحضارة الأسلامية التي تبدأ في القرن السادس الميلادي!! وهذه وحدها، كافية في أن تخرج الكتاب، من أن يكون عملا أكاديميا يستحق أن يقرر على طلاب.. ولكننا هنا، لسنا بصدد الحديث عن هذا المنهج فمثله كثير!! وانما اردنا فقط أن نشير البه في اطار حديثنا عن المثقفين السودانيين.. فقد تعرض الكتاب، في اطار حديثه عن الحركة الوطنية في الأربعينات لنشاة الأحزاب السودانية، ودورها في الحركة الوطنية.. وأورد أسماء أربعة عشر حزباً، منها مالم يعمر اكثر من عام، وطبيعي أن معظمها لم يكن له دور في الحركة الوطنية، بل ذكروا حزبا ليس له دور في الحركة الوطنية لأنه لم يكن موجوداً أساساً، فمددوا حديثهم ليشملوه بالذكر، وأعطوه مساحة أكبر من الأحزاب الأخرى، ولا يوجد أي سبب لذلك سوى أن يكون بعضهم ينتمون اليه أو يريدون التقرب الى من ينتمي اليه!! هؤلآء النفر لم يوردوا أي ذكر للحزب الجمهوري، ولو بمجرد ذكر اسمه ضمن الأحزاب التي نشأت في ذلك التاريخ ولا يمكن ان اتصور انهم يجهلون الحزب الجمهوري، وتاريخه الوطني، وهو الذي قدم أول سجين سياسي في الأربعينات، وأقلقت منشورات، وخطب كوادره مضاجع الأنجليز!! ولكنه الغرض، وانحرافات الأهواء.

    وكل الذي ذكرناه، عن سلبية المثقفين، وعدم تقديرهم لتراثهم التاريخي، ولرواد الإصلاح، وعدم الأمانة الفكرية عند بعضهم، هو أقل سوءاً بكثير، من الدرك السحيق الذي انحدر اليه د. خالد المبارك وهو يتحدث عن ثورة رفاعة 1946م حديثا مسفا، لا علاقة له بالموضوعية، والأمانة الفكرية، اللتين ينبغي أن يتحلى بهما من يتصدى لتقويم أحداث التاريخ.
                  

07-07-2006, 08:12 AM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 37000

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حكاية الرجل الذى ناضل لكل الاجيال (Re: adil amin)

    د.خالد المبارك وثورة رفاعة:

    لقد تعرض د. خالد المبارك، لأحداث ثورة رفاعة 1946م في حديث له بجريدة الرأى العام بتاريخ 19/11/2002م، هبط فيه بدور المثقفين الى قاع، يصعب أن يجاريه فيه أحد .. فقد جاء حديثه، متحاملا مغرضا، يفتقر الى ابسط قيم الفكر الموضوعي الأمين.. فالموضوعية في ابسط صورها تقتضي ذكر الحقائق كماهي، ثم مناقشتها، لا تبديلها وعكسها، أو تحريفها.. ولكن لنرى، من اقوال خالد المبارك، ماذا فعل!! فقد جاء من أقواله من ذلك المقال: " لكن الأستاذ محمود محمد طه ارتكب عدة أخطاء تقديرية جسيمة. حدثت انتفاضة رفاعة- التي اشاد بها المتحدث- احتجاجاً على قرار الادارة الاستعمارية بمنع الخفاض الفرعوني. قيل للعامة: يريد الانجليز ان يتدخلوا في كل شئ حتى ..... بناتكم.. وفعلا ثار الناس حماية للشرف الرفيع، وكان على رأسهم الأستاذ محمود. كان موقفه متخلفاً ورجعباً، في مواجهة قرار تحديثي جرئ وسليم. انتفاضة رفاعة المزعومة ليست من مآثرنا في النضال ضد الاستعمار، بل هي من مخازينا، ويقع وزرها على الأستاذ محمود محمد طه. قيل لنا أنها مثل اضرابات الطعام في المدارس، واضرابات زيادة الأجور العمالية، مجرد ظاهرة اجتماعية، لمضمون سياسي هو رفض الاستعمار، وهذا دفاع واه، لأن الأستاذ محمود لم يراجع موقفه علنا أو يذكر مبرراته بعد نيل الاستقلال" !!

    .. هذا حديث قاله سوداني، لا شك في سودانيته من حيث: الدم وشهادة الجنسية!! ثم هو رجل منسوب للثقافة!! بل وربما الفن ايضا!! " فانها لاتعمى الأبصار، ولكن تعمى القلوب التي في الصدور "!!.. بدل "قيل لنا "، كان ينبغي أن تقول من الذي قال لك، وما نص قوله، وما هو المصدر الذي استقيت منه هذا القول، هذا ماتقتضيه الموضوعية والأمانة الفكرية، اللتين حدت عنهما حيادا تاما!! ما الذي يجعل ثورة شعبية، قامت ضد المستعمر، واجه فيها الشعب الرصاص، وتعرض للمحاكم والسجون، ما الذي يجعل هذه الثورة في نظر د. خالد المبارك "من الأخطاء التقديرية الجسيمة ".. وموقف قائدها موقف متخلف ورجعي.. وهي "ليست من مآثرنا في النضال ضد الاستعمار، بل من مخازينا"!! كل هذا السباب الفظ ، ما الذي يبرره في نظر قائله د.خالد المبارك؟! السبب في نظر قائل العبارات، وحسب عبارته هو، أن ثورة رفاعة قامت "احتجاجًا على قرار الادارة الاستعمارية بمنع الخفاض الفرعوني"!! وهو يقرر هذا الأمر تقريرا، دون أن يحاول ايراد اي دليل عليه!! فخالد المبارك يريد أن يقول أن الأستاذ محمود، وثوار رفاعة يؤيدون الخفاض الفرعوني ولذلك قاموا بثورتهم ضد الانجليز، لأنهم منعوا هذا الخفاض، في قرار "تحديثي جرئ و سليم" حسب عبارته!! لو كان د. خالد المبارك موضوعيا أو امينا لعرض الموقف كما هو، ثم ناقشه، ولكنه لم يكن كذلك .. فما هو موقف الأستاذ محمود والجمهوريين من الخفاض الفرعوني؟

    ان الجمهوريين يرون منذ البداية، أن الخفاض عادة سيئة وضارة، وكان لخالد المبارك ان يرى ذلك بوضوح لو أراد، فقد جاء في منشور الخفاض مثلا: " لانريد بكتابنا هذا أن نقف موقف المدافع عن الخفاض الفرعوني ولا نريد أن نتعرض بالتحليل للظروف التي أوحت به لأهل السودان، ولكننا نريد نتعرض لمعاملات خاصة وأساليب خاصة، وسنن خاصة سنتها حكومة السودان، أو قل ابتدعتها ابتداعا- وأرادتنا أن ننزل على حكم ابتدعها ارغاما"..الخطوط تحت الكلمات من وضع الكاتب.

    ويمضي المنشور ليكشف الغرض الحقيقي والمبيت من اصدار القانون، فيقول: "لا شك أن مجرد التفكير في الالتجاء الى القانون للقضاء على عادة مستاصلة في النفوس تاصل الخفاض الفرعوني دليل قاطع على أن حكومة السودان اما أن يكون رسخ في ذهنها أننا شعب تستطيع القوة وحدها أن تثنيه عن كل مبدأ، أو عقيدة أو أن تكون قد ارادت أن تقول للعالم الخارجي ان السودانيين قوم متعنتون وأن تعنتهم الذي الجأنا للقانون لأستئصال عادة الخفاض الفرعوني الهمجية، هو نفس التعنت الذي وقف في سبيلنا، وشل أيدينا عن استعمال الأراضي الواسعة الخصبة في الجنوب والاستفادة من مياه الدندر والرهد والأتبرا، والتوسع في التعليم.. هذا من ناحية الالتجاء للقانون.. وأما القانون في ذاته فهو قانون اريد به اذلال النفوس واهدار الكرامة والترويض على النقائص والمهانة.." اذن فالجمهوريين، وحسب منشورهم، لا يدافعون عن الخفاض الفرعوني، فهو عندهم- كما هو عند أي مثقف- عادة ذميمة، وضارة، بل وهمجية، كما ورد في عباراتهم.. و الأستاذ محمود، والجمهوريون ليسوا فقط ضد عادة الخفاض الفرعوني وانما هم ضد خفاض المرأة في أي صورة من صوره، كما سنبينه في موضعه.

    القانون، أي قانون، ليس مجرد نص، وانما هو علاقة تكامل بين النص، والجهة التي اصدرته وغرضها من اصداره، والظروف التي صدر فيها، وآليات تطبيقه.. وأي قانون يصدر من المستعمر، وبحكم طبيعته الاستعمارية لابد ان يكون وراء غرض المستعمر، ومصالحه، لا مصالح الشعب المستعمر، هذا من حيث المبدأ.. وقد بين الجمهوريين بيانا وافيا، الغرض الاستعماري من سن قانون الخفاض الفرعوني ومما جاء في هذا الصدد في منشورهم وفي كتاب: "الخفاض الفرعوني" مانصه :

    "1- الانجليز كأستعمار لم يكونوا يعملون على توعية، وترقية، الشعوب التي تحت حكمهم ولم يكن ذلك لمصلحتهم، بل كانوا يسعون الى تجميد وعي هذه الشعوب ليحكموا اطول فترة ممكنه .. ولذلك لايوجد سبب موضوعي للاعتقاد بان الانجليز لم يكونوا يريدون من قانون الخفاض سوي محاربة عادة ذميمة وليس لهم غرض استعماري وراء ذلك

    2- العادات لاتحارب بالقانون .. وقد ثبت ذلك بالتجربة الطويلة، وفي عديد البلدان، وقد كان واضحاً للجمهوريين منذ البداية .. وهو لم يكن خافياً، علي الانجليز، ولكنهم كانوا يريدون شيئاً غير محاربة الخفاض .

    3- لقد كان توقيت صدور القانون مؤشراً اساسياً للغرض الاستعماري الذي دفع اليه .. فلقد شهدت فترة صدور القانون، والعمل علي تنفيذه " 1945-1946 " نشاطاً سياسياً مكثفاً، وأشتد فيها الحماس والوطني، وعلا صوت السودانيين في المطالبة بالاستقلال، وكانت دولتا الحكم الثنائي تتهيئان لعقد مفاوضات صدقي- استانسجيت .. وفي هذا الوقت بالذات، سن الانجليز القانون، وتشددوا في تطبيقه، وكانوا يعلمون أن السودانيين سيقاومونه طالما انه تدخل في امر يتعرض للعرض والشرف .. وكان غرض الانجليز هو اظهار السودانيين بمظهر الهمجية، والتخلف، حتي يستطيع الانجليز ان يدعوا انهم لايستحقون الاستقلال، ولم يتهيئوا له بعد .. وكان هذا الغرض واضحاً للجمهوريين وكشفوه في اول منشور لهم

    4- وقد كان من اغراض الانجليز من اصدار القانون اهدار كرامة المواطنين ، وترويض النفوس علي المهانة والذل .

    5- أن عقوبة السجن بالنسبة للنساء تعتبر عند السودانيين أمراً شاذاً ومهيناً، ويفقد المرأة سمعتها .. وقد نص قانون الخفاض علي عقوبة السجن في حالة المخالفة، ولم يستثن في ذلك النساء، وطالما ان العادة مستأصلة في المجتمع فقد كان من المنتظر أن تتعرض حرائر النساء المحصنات للسجن بهذه الصورة المهينة والمشينة للسمعة .. وهذا ماتم بالفعل في حادث رفاعة واستوجب الوقوف ضده بحزم، ولم يتوان المواطنون في ذلك، وخاضوها ثورة عارمة ذهبت بهيبة الانجليز من الصدور، وزعزعت جبروتهم .. " صفحة (3 .. هذا أمر واضح جداً ومصادره متوفرة، وادني حد من الموضوعية كان يقتضي من د. خالد المبارك مناقشته، ولكنه لم يفعل، وهو لم يفعل لانه مغرض بادئ الغرض .


    الاستاذ محمود ضد كل صور الخفاض :-
    يقول د. خالد المبارك : ".. وهذا دفاع واه لان الاستاذ محمود لم يراجع موقفه علناً او يذكر مبرراته بعد نيل الاستقلال " .. ليس للاستاذ محمود موقف يحتاج لمراجعته، فموقفه كان واضحاً في حينه، ولايحتاج لمبررات بعد الاستقلال، وقد ذكرنا طرفاً منه اعلاه، وإنما انت، وبسبب الغرض من عشيت عيناك عنه .. وانت لم ترجع الي أي مرجع، في هذا الصدد قبل الاستقلال أو بعده ، والا فقد كنت تجد في كتاب : "معالم علي طريق تطور الفكرة الجمهورية" مثل هذا النص مثلاً "وبعد فأن عادة الخفاض الفرعوني لاتزال تمارس رغم وجود القانون ورغم سوء هذه العادة البالغ وذلك لسببين أولاً : لم تتفق التوعية الكافية للشعب عن قبح هذه العادة ومضارها .. مثل هذه العادات الحساسة المتأصلة في مجتمع مثل مجتمعنا، لايقتلعها القانون وحده، وماينبغي له ان يقتلعها .. وانما الذي يقتلعها نهائياً هو التربية والتوعية الشعبية" صفحة (52) – صدر الكتاب في مايو 1976م .. ان من يقول مثل هذا القول لايمكن ، في شرعة العقل السليم، أن يتهم بأنه يساند الخفاض .

    أن الاستاذ محمود هو ضد الخفاض من حيث هو، لا الخفاض الفرعوني فقط .. وموقفه هذا معلن وواضح، وهو ماينسجم مع طبيعة دعوته بداهة .. فقد جاء في هذا الصدد من كتاب "الخفاض الفرعوني" الصادر في اكتوبر 1981م عنوان جانبي يقول : "الخفاض ليس سنة " !! ومما جاء تحت هذا العنوان "أصبح من الشائع بين الناس أن هناك نوع من الخفاض يسمي { خفاض السنة } وهذا خطأ شائع : فالاسلام عندما جاء في القرن السابع لم يسن الخفاض، وانما كانت ممارسة الخفاض سابقة لمجئ الاسلام بأمد بعيد، كما راينا عند حديث عن تاريخ الخفاض .. وفي حديث أحمد، قال : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : "الختان سنة للرجال ومكرمة للنساء" ، وهذا حديث واضح في التدليل علي ان الخفاض ليس سنة، فالنبي الكريم لم يسمه سنة، وانما سماه مكرمة، في حين سمي الختان بالنسبة للرجال سنة .

    والمكرمة في الختان أنما تجئ من حكم الوقت، الذي جعل الوصاية علي المرأة وما يتفرع عليها من تشاريع هي الوسيلة للصون والعفة .. فالختان حتي في المستوي المهذب منه هو تشريع مرحلي، وليس اصلاً في الاسلام، وإنما الاصل هو العفة التي تقوم في الصدور، صدور الرجال والنساء، وهذه ليس سبيلها الكبت وإنما سبيلها هو التربية" صفحة ( 46) .. وهذا قول لا يملك امثالك ان يقولوا به، رغم ماتدعي من تقدميه، لانك لا تملك السند الديني الذي يقوم عليه، ولا يمكن من غير سند ديني معالجة قضية الخفاض التي ارتبطت في ذهن الشعب بالدين .
                  

07-07-2006, 08:16 AM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 37000

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حكاية الرجل الذى ناضل لكل الاجيال (Re: adil amin)

    ثورة لم يحركها قانون:

    بقي امران، ليظهر مدي تجني د. خالد المبارك، ومجافاته التامة للحقيقة .. أولهما : ثورة رفاعة اساساً لم تتحرك لمقاومة قانون الخفاض الفرعوني، أو اي قانون أخر .. هي لم تحركها مقاومة قانون وأنما حركتها احداث .. اقتيدت امرأة الي السجن، هكذا بدأت الاحداث وتحرك الثوار وأطلقوا سراحها .. ثم أقتيدت مرة اخري في جنح الليل، بصورة لا تمت بصلة لعمل الحكومات، فاستفز ذلك الثوار فتحركوا لاطلاق سراحها، الي اخر سلسلة الاحداث المعروفة .. فالمحرك للثورة هو مقاومة الحدث، وليس مقاومة قانون فلم يكن الثوار مشغولين بالقانون بقدر أنشغالهم بسجن المرأة، كفعل خاطئ ومهين.. وقد يكون القانون صحيحاً – وهو هنا غير صحيح – ولكن تنفيذ القانون يجئ خاطئاً .. فحركة الجماهير كانت ضد الظلم، وضد الاذلال، وقد جاء في خطبة الاستاذ محمود بمسجد رفاعة، تلك الخطبة التي حركت الجماهير، قوله : "ليس هذا وقت العبادة في الخلاوي، والزوايا، ايها الناس وانما هو وقت الجهاد .. فمن قصر عن الجهاد ، وهو قادر عليه البسه الله ثوب الذل وغضب عليه ولعنه .. ايها الناس : من راي منكم المظلوم فلم ينصفه، فلن ينصفه الله من عدو. ومن رأي منكم الذليل ولم ينصره، فلن ينصره الله علي عدو . الا ان منظر الظلم شنيع، الا ان منظر الظلم فظيع .. فمن رأي مظلوماً لاينصف من ظالمه، ومن رأي ذليلاً لاينتصر علي مذله، فلم تتحرك فيه نخوة الاسلام ، وشهامة الاسلام الي النصرة، والمدافعة، فليس له من الايمان ولا قلامة ظفر" .. هذا ما حرك الجمهور، الاهانة والذل والظلم، اين هذا من قولك الذي انتحلته!!

    ثم ثانياً : ثورة رفاعة اشتركت فيها جميع قطاعات الشعب علي مختلف اعمارهم ، وانتماءاتهم الحزبيه والدينية، ومستوياتهم التعليميه والاجتماعية .. فهي ليست قاصرة علي الجمهوريين وحدهم .. فاذا كانت لك عداوة خاصة مع الجمهوريين، ماكان ينبغي ان تنداح فتشمل سكان رفاعة جميعهم، بل وتاريخ البلاد.

    من الذين اشتركوا في الثورة مثلاً الشيخ الصديق الازهري والشيخ محمد لطفي عبد الله وقد اصيب بالرصاص البدري عبد الرحمن

    أما قائمة الشرف من من حكم عليهم بالسجن فتضم : عباس المكي – عوض القريض – احمد الامين – محمد الياس – الزبير جاد الرب – عبد العال حسن – أحمد عثمان –حمد النيل هاشم – علي مالك – محمد الحاج علي – بابكر وقيع الله – عبد الله حامد الشيخ – حسن أحمودي – منصور رجب – عابدون عجيب – والصبي اسماعيل العشرابي الذي حكم عليه بالجلد، وهولآء جميعهم ليس من بينهم من الجمهورين سوي الاستاذ محمود محمد طه، اما بقية الجمهوريين الذين حكم عليهم بالسجن فقد كانوا بالخرطوم، وهم : عثمان عمر العتباني – سعد صالح عبد القادر – ذو النون جبارة .. فالثورة ضمت الختمي الي جانب الانصاري الي جانب التجاني والقادري، ومن لا طريقة له .. ومن ينتمي الي حزب الاشقاء الي جانب من ينتمي الي حزب الامة ..

    وهؤلاء النفر الكريم، وغيرهم ممن اشتركوا في الثورة، ليسوا من العوام والرجعيين، كما تفضلت انت ووصفتهم، في معرض تحقيرهم، والزراية بهم !! فهم ابناء المدينة التي انتهت اليها ريادة التعليم في السودان منهم من هو رائد للتعليم ليس في مدينة رفاعة فحسب، وانما في السودان عموماً، فاذا جئت انت لتحقرهم، وتصفهم بالعوام، فان ذلك لا ينقص من قدرهم، وانما يعود عليك انت .

    معذرة ايها الاباء الكرام الاحرار، فان لمثل صنيعكم تلد الامهات الرجال، فقد فديتم الوطن واعززتم الدين ، ونصرتم المستضعين، فلا يقدح في صنيعكم ارجاف المرجفين، وليس بالغريب ان يكون في الأسرة ابن عاق، فهو لم يصنع اكثر من انه عرض صورته علي مرآتكم الصافية، فظهر حجمه وبانت قامته .


    الموضوعية :-
    ينعي د. خالد المبارك علي غيره من من تصدوا بالرد عليه، عدم الموضوعية، وهو اذ يفعل ذلك ، ينسي نفسه، فما هي الموضوعيه فيما كتبه هو ؟! فهو ينسب لثورة رفاعة انها قامت ضد قانون الخفاض الفرعوني، بصورة تجعلها وكأنها انما قامت لتدافع عن عادة الخفاض ولايورد اي دليل علي ذلك، بل اكثر من ذلك يتجاهل تماماً الادلة التي تدحض رأيه هذا، سوي كانت من منشور الجمهوريين 1946م ، أو الكتب الاخري التي ذكرناها .. وهو حتي عندما ذكر بذلك في الردود التي وردت عليه ، تجاهله تماماً، واصر علي موقفه، وكرره مرة أخري في مقالة له في جريدة الراي العام بتاريخ 9/12/2002م .. فقد جاء في ذلك المقال قوله :"وفي موقف مؤازر قاد الاستاذ محمود محمد طه انتفاضة احتجاج علي تحريم الخفاض الفرعوني .." هكذا !! هذا رجل مصر علي باطله .. وقد رأينا اوصافه التي وصف بها الاستاذ محمود وثوار رفاعة ، فقد وصفهم بانهم عوام وان موقف الاستاذ محمود كان رجعياً ومتخلفاً .. وعن ثورة رفاعة قال : "انتفاضة رفاعة المزعومة ليست من مآثرنا في النضال ضد الاستعمار بل هي من مخازينا" الي اخر ماقال !! وما معني كلمة "مزعومة" من عبارة "انتفاضة رفاعة المزعومة" ؟! هل يريد خالد المبارك أن يقول انها لم تحدث ؟ أن عبارته تعني ذلك ، فهذا أمر ليس غريباً عليه ، طلما انه ينسب للآخرين عكس مايقولون به ، في حقائق موثقة لاتجدي فيها المغالطة

    أن د خالد المبارك لم يكن موضوعياً لا في الشكل ولا في المضمون وهو قد اعظم علي الله الفرية ، بصورة موبقة وفي اصرار وعناد .

    د. خالد المبارك يتهم الاخرين اشنع الاتهامات بغير دليل ، ثم ينعي علي الاخرين عدم الموضوعية، حين ينسبون له الدفاع عن الاستعمار بالدليل الواضح، والموثق من اقواله هو !! فانت حين تهاجم خصوم الاستعمار وتقلل من شأنهم ، وتصفهم بانهم من العوام والرجعين وتسفه عملهم ضد الاستعمار، وتنتحل من عندك الاسباب الباطلة لتخطأته، والتقليل من شأنه، اليس هذا دفاعاً عن الاستعمار .. وليتك وقفت عند ذلك فان دفاعك عن الاستعمار قد جاء صريحاً، فانت تتبرع بالشهادة له ان بعض اعماله حسنة النية وخالية من اي غرض استعماري ، ينبع من طبيعته ، بل واكثر من ذلك تصف اعماله بالانسانية ، وتقول عن قراره في قانون الخفاض : "قرار تحديثي جرئ وسليم" فماذا يكون الدفاع إذا لم يكن هذا دفاعاً عن الاستعمار؟! قطعاً لاينتظر ان تحمل سيفك لتدافع عنه ، وقد مضي علي ذهابه قرابة نصف القرن .. ان الانجليز انفسهم لايستطيعون اليوم ، وبعد مرور هذه الفترة ان يقولوا ان اعمالهم في السودان حين كانوا يستعمرونه ، اعمالاً انسانية وتحديثية خالية من الغرض الاستعماري.
                  

07-07-2006, 08:19 AM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 37000

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حكاية الرجل الذى ناضل لكل الاجيال (Re: adil amin)

    الاعتراف باسرائيل :-
    أن منهج د. خالد المبارك في النقد وفي تقويم التاريخ ، وفي التفكير عموماً ، منهج غريب اشد الغرابة ، فهو لايتحدث كمفكر ، وانما يتحدث كسلطة ، يصدر القرارات في فورمانات سلطانية وينتظر من الاخرين السمع والطاعة .. فهو لايهمه ان يكون مايقرره مخالفاً للواقع أو حتي مناقضاً له .. وهو لايحتاج الي اقامة اي دليل على مايقول !! أسمعه مرة اخري يقول في هذا النص العجيب : "ولعل دعوة الاستاذ محمود محمد طه للاعتراف باسرائيل هي السبب المباشر للرعاية الحميمة التي ينالها اتباعه في الغرب اينما حلوا" !! ما هذا ؟ ماهي المناسبة ؟! إن عبارة "الرعاية الحميمة التي ينالها اتباعه في الغرب اينما حلوا"

    هي خبر فأما ان يكون صادقاً أو كاذباً .. وهو محض افتراء ، كبقية إفتراءاته وهو كالعادة ، لا يحاول ان يقيم عليه اي دليل، لانه لن يجده .. أن مجرد هذا التعميم يدل علي ضعف شديد في التفكير ، فخالد المبارك قطعاً لايعرف كل الجمهوريين في الغرب ، ومن باب اولي انه لايعرف احوالهم فما اعرفه انا في هذا الباب بحكم صلتي ، اكثر مما يعرفه خالد المبارك بكثير .. فانا اعلم أن معظم الجمهوريين في الخارج يعملون خارج تخصصاتهم ، والكثيرين منهم يعملون اعمالاً هامشيه ، والقلة التي تعمل في مجال تخصصها ، لاتعامل في مستوي تأهيلها الاكاديمي والفني .. وهذا أمر ليس خاصاً بالجمهوريين وأنما هو امر ينطبق علي كل الاجانب الوافدين علي الغرب .. فالحياة في الغرب تقوم علي نظام رأسمالي لايعترف بسوي الكفاءة والاداء .. وكل شركة أو مؤسسة أو جامعة في الغرب لها نظامها وقوانينها ، وضوابطها في العمل التي تلتزم بها بصرامة ولاتحيد عنها لاعتبارات عاطفية .. ولاتوجد سلطة فوقية في الغرب تفرض علي المؤسسات اساليب تعاملها مع موظفيها وعمالها ، وليست الدولة هي المسؤولة عن التوظيف ، كما هو الحال في الانظمة الشمولية التي يبدو انها معشعشة في ذهن خالد المبارك .. ان عبارة خالد المبارك هذه افتراء ، وكذب صريح ، ثم هو كذب ساذج لا يجوز علي احد .. ولكن اعرف من الجمهوريين ، من يمكن ان يكون له وضع مميز ، فمثلاً د. عبد الله أحمد النعيم أكاديمي متميز تحفظ له جامعته مكانته ، وحقه الذي يؤهله له مستواه الاكاديمي وخبرته ، وهو ليس بدعاً في ذلك ، فان كل الاكاديمين النابهين ، اصحاب الكفاءة الواضحة ، الوافدين علي الغرب يجدون في جامعاته القبول ، والوضع المادي والعلمي المريح ، فانا اعرف مثلاً، من أمثال هؤلاء النابهين د. صلاح أحمد الفحل ، لانه من ابناء وطني ، فهو اكاديمي متميز وجد كل تقدير من جامعته ومن الاوساط التي يعمل بها .. فاذا اردت ان تكون من امثال هؤلاء ، وتملك الموهبة التي تؤهلك ، فانت لست في حاجة للتنقيص من قدرهم، فالباب أمامك مفتوح، ولن يسألك أحد: هل تؤيد قيام دولة أسرائيل أم لا .. أن النفس السليمة، تشعر بالفخار، عندما تجد نجاح أحد ابناء وطنها ، في مجال من المجالات، والعكس صحيح.. يبدو أن هذه المنطقة ، هي منطقة مكمن الداء !!


    التاريخ مرة أخري :-
    أن مواقف الاستاذ محمود محمد طه ، وافكاره حول مشكلة الشرق الاوسط دخلت التاريخ بحكم الزمن الذي مضي عليها ، وهو تاريخ معاصر ، حي وموثق ، فلو كان د. خالد المبارك رجلاً موضوعياً ، يطلب الحق ، كان يمكن له ان يعرض ارآء الاستاذ محمود حول مشكلة الشرق الاوسط ، من مصادرها ، ثم هو يناقشها كما يشاء بدل الاشارة المقتضبة ، والمغرضة ، بأن دعوة الاستاذ محمود للاعتراف بأسرائيل هي مما يرضي الغرب ويكافئ عليه !! فهل فعلاً رأي الاستاذ محمود مما يرضي عته الغرب ويكافئ عليه ؟! أم هو مجرد افتراء كبقية افتراءات خالد المبارك ؟! علي كل ، فالاستاذ محمود ، في ارائه ، لا يعنيه من يرضي أو يغضب ، وأنما يعنيه فقط الحق ولا شئ غير الحق .

    أن قضية الاعتراف بأسرائيل أو عدمه، قضية علاقات دولية العبرة فيها بالنسبة للغرب مواقف الدول ، لا الافراد أو التنظيمات .. والجمهوريون لا يتوهمون ، أن لهم وزناً ، في هذا المجال ، يمكن ان يأبه به الغرب .. والغرب في هذا الصدد لا يبني مواقفه علي الحق والرأي السليم ، وأنما علي المصلحة ، والمصلحة فقط .. وهو يتعامل مع الدول حسب وزنها عنده ، وهو لا يقم للعرب مجتمعين وزناً .

    ثم هل أسرائيل الان في حاجة لمن يعترف بها ؟! أن المشكلة اليوم ليست هي الاعتراف بأسرائيل ، وأنما المشكلة هي الاعتراف بدولة فلسطين ، وهذا أمر من البديهيات .. ومن من العرب اليوم، بعد كل الدماء التي أريقت ، والثروات التي اهدرت، لا يعترف بدولة اسرائيل ؟! أن الدول العربية جميعها ، لاتعترف بأسرائيل وحسب ، وأنما علي استعداد لتطبيع علاقتها معها وقد قدمت بالفعل مشروعاً بهذا الصدد رفضته اسرائيل .. ولقد كان الاستاذ محمود يريد للعرب ان لا يصلوا لهذه المذلة والمهانة ، وان لا يفقدوا مافقدوه من ارواح ابنائهم ، بأن يساوموا بالاعتراف بأسرائيل ، في وقت كان فيه للاعتراف قيمة في المساومة ، وأنذرهم عاقبة الابطاء ، مما يفوت الفرصة ، ويفقد الاعتراف قيمته في المساومة ، فيضطروا للاعتراف بأسرائيل دون ان يقبضوا الثمن ، وهذا بكل أسف ، هو ماحدث بالفعل .

    أن رأي الاستاذ محمود حول مشكلة الشرق الاوسط رأي واضح ، ومصادره عديدة ومتوفرة ، سواءً في كتابي "مشكلة الشرق الاوسط" و "التحدي الذي يواجه العرب" ، اللذين صدرا في عام 1967م ، أو بقية المصادر الاخري .. وهو رأي قد تم تسليم كل الزعماء العرب صورة منه ، في مؤتمرهم الذي انعقد بالخرطوم في 29/8/1967م ..والرأي يقوم علي ان حل المشكلة يتم في مرحلتين "مرحلة عاجلة ومرحلة أجلة : فاما حل المرحلة العاجلة فهو حل سياسي ، ومرحلي ، في نفس الامر ، وهو حل يقتضيه حل المرحلة الاجلة.. وهذا هو وحده الحل المستديم السليم .. وبالحل المرحلي ، العاجل ، يستطيع العرب ان يرجعوا الي نقطة الاعتدال بين الكتلتين : الكتلة الشرقية ، والكتلة الغربية . وهي النقطة التي فيها يقومون مقام الكتلة الثالثة .. " صفحة 179 من كتاب (مشكلة الشرق الاوسط)..

    "ان على العرب ان يعلنوا للعالم على الفور أنهم، ايثارا منهم لعافية الدول، وتضحبة منهم في سبيل السلام العالمي، وابقاء منهم على المنظمة العالمية العظيمة، ورعاية منهم لصالحهم هم انفسهم، يقبلون التفاوض مع دولة اسرائيل، تحت اشراف الأمم المتحدة (ومجلس الأمن بشكل خاص) وعلى أن يكون التفاوض علي اسس قراري الامم المتحدة المتخذين في التاسع والعشرين من نوفمبر 1947م (قرار التقسيم) وفي الحادي عشر من ديسمبر 1948م

    (قرار اعادة اللاجئين) وهما القراران اللذان التزمت بهما دولة اسرائيل لدي دخولها هيئة الامم.." صفحة 181 المرجع السابق .. فاين العرب الان من قرار التقسيم ، أن الوضع قد تجاوزه بكثير جداً لمصلحة اسرائيل والعرب موافقون علي هذا التجاوز !! وقد جاء عن الحل المقترح للمرحلة العاجلة من كتاب (التحدي الذي يواجه العرب) قوله "1- يجب عدم اللجوء الي السلاح ، ذلك لان العرب لا يحاربون دولة اسرائيل وحدها ، وانما يحاربون من وراءها دول أمريكا وبريطانيا وفرنسا والمانيا الغربية – وهم قد التزموا بالمحافظة علي حدود دولة اسرائيل حسب مايعطيه التقسيم الذي اقرته الجمعية العامة في التاسع والعشرين من نوفمبر 1947م – التزم بذلك منذ 1950م كل من أمريكا وبريطانيا وفرنسا .

    2- كل لجوء الي السلاح في حل قضية فلسطين ، علي المدي الذي يريده الزعماء العرب الان ، ويمنون به شعوبهم عمل قليل الجدوي ، ثم هو عمل يجعل العرب مضطرين الي السير في ركاب الاتحاد السوفيتي ، ويفتح ابواب بلادهم علي مصرعيها للشيوعية ، ويباعد بينهم وبين دينهم ، إن لم يقطع صلتهم به ، وذاك أمر ، في حد ذاته ، يهدد العرب بأخطر مما تهددهم به دولة أسرائيل .

    3- من أجل احراز حل المرحلة العاجلة يجب التفاوض مع اسرائيل ، وسيكون هدف التفاوض : -

    أ . انسحاب اليهود من الارض العربية التي احتلوها في حرب 15 مايو 1948م وحرب 29 أكتوبر1956وحرب 5 يونيو 1967م .

    ب. إرجاع اللاجئين العرب الذين أخرجوا من ديارهم عام 1948م وعام 1967 وتعويضهم عن جميع ممتلكاتهم التي فقدوها .. وتوطينهم في الاراضي التي حددها لهم تقسيم 1947م – تنفيذ مبدأ التقسيم .

    ج . ضمان الدول الكبري ، بما فيها الاتحاد السوفيتي –وهذا يعني ضمان مجلس الامن والجمعية العامة – لحدود الدولة العربية الجديدة ولتأكيد هذا الضمان توقف، علي الفور، الهجرة اليهودية الي اسرائيل.

    د. تأخذ هيئة الامم علي اسرائيل تعهداً بان لاتحاول أي توسع في ارض أي من الدول العربية المجاورة لها ، فاذا جرت منها محاولة ، فان مسئولية ايقافها تقع علي كاهل هيئة الامم .

    هـ . انهاء حالة الحرب التي ظلت قائمة بين العرب واسرائيل .

    و . أعطاء اسرائيل حق المرور البرئ في الممرات المائية ، خليج العقبة وقناة السويس" صفحة 34- 35

    هذا بعض ماجاء عن راي الاستاذ محمود في مشكلة الشرق الاوسط- فهل هذا ما يرضي عنه الغرب ، كما زعم د. خالد المبارك ؟!

    أن ماحققته اسرائيل ، نتيجة لتهاون العرب وغفلتهم ، وعدم مبادرتهم بالاخذ بهذا الرأي ، قد تجاوز المقترحات المطلوبة بكثير، ودون مقابل، ومايطمع فيه العرب اليوم، هو دون ماأراده لهم الاستاذ محمود بكثير جداً، وقد ادركتهم نذارة الاستاذ لهم في عاقبة الابطاء، فهم اليوم وبعد أن فوتوا الفرصة التاريخية، يتفاوضون، ويعترفون ثم لا يكادون يبلغون وراء ذلك طائلاً .. ونحن نقول مرة أخري ، لدكتور خالد المبارك ماجاء في خاتمة كتاب (مشكلة الشرق الاوسط ..) "أن وقت التدليس، وتمويه الحقائق ، وتمليق الشعور، ودغدغة العواطف النواضب، قد ولى الي غير رجعة، وأن علي الناس أن يرتفعوا الي منازل الرجولة المسئولة ، التي تقوي علي مواجهة المسئولية في عزيمة الأحرار" .. وهذا قول، د. خالد المبارك ، في اشد الحاجة اليه .

    هلي يجهل د. خالد المبارك كل هذا الذي ذكرناه به ؟! لا اعتقد !! إذن ما القضية ؟! إن القضية ، هي قضية نفوس ، وقضية حس وليست قضية فكر .

    إن حديث د. خالد المبارك ، لاقيمة له ، ولاوزن ، لانه متهافت وغير موضوعي ، ومغرض .. ونحن انما سقناه في أطار حديثنا عن المثقفين ، في تعاملهم مع تاريخ البلاد وتراثها .. وقد يقول قائل .. إن نموذج خالد المبارك نموذج خاص، لا يمثل عامة المثقفين .. ونحن نقر بذلك ، ونوافق عليه ، ولكنه نموذج وجد من الجرأة مابه نشر باطله ولم يكن ليفعل لولا أنه يشعر بأن المثقفين منصرفين عن الذود عن تاريخ بلادهم وتراثها

    ثم ، مرة أخري "لاتحسبن أن الكيد لهذه الامة مأمون العواقب – كلا - فلتشهدن يوماً تجف لبهتة سؤاله أسلات الالسن – يوماً يرجف كل قلب ويرعد كل فريصة"

    هذا ، وعلي الله قصد السبيل ، ومنها جائر ولو شاء لهداكم أجمعين .
    خالد الحاج عبدالمحمود
    رفاعة
                  

07-07-2006, 08:47 AM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 37000

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حكاية الرجل الذى ناضل لكل الاجيال (Re: adil amin)

    مفكرة سودانية - بريطانية
    محمـود محمـد طـه .. وأنصــاف الحقـائــق !
    د. خالد المبارك - 19 نوفمبر 2002
    النزعة الصوفية متأصلة في «جينات» كل السودانيين الشماليين . ولا عجب فقد دخل اهل بلاد السودان الاسلام - قبل واثناء وبعد المرحلة المسيحية - عبر بوابة الطرق الصوفية . لمثل هذا المدخل مزايا اهمها التسامح وازدراء الجاه السلطة الرسمية ، ومثالب ابرزها الرضوخ للشيوخ العليمين باسرار الطريقة . وقد ترك ذلك بصمات واضحة على اسلوب الاداء السياسي للقيادات الحزبية .

    نستحضر كيف ان المرحوم عبد الخالق محجوب قال في احدى خطبه الشهيرة : «كل شيخ ليهو طريقته» كان يتحدث مجازاً بالطبع ، الا ان المجاز يكتسب مفعوله من بذرة الحقيقة المقارنة . فقد عامل بعض اعضاء الحزب عبد الخالق بولاء صوفي اشبه بطاعة المريد لشيخه. أي انهم نقلوا ولاءهم من السيد علي الميرغني (على سبيل المثال) لزعيم الحزب الشيوعي . ومن الملاحظات الحصيفة للشاعر الراحل صلاح احمد ابراهيم ان عبد الخالق كان يوظف عينيه الكبيرتين النافذتين بدهاء للسيطرة على الآخرين عند مخاطبتهم. ولهذا الاسلوب نظائر عند شيوخ طرق لا يجرؤ اتباعهم على النظر الى عيونهم.

    نذكر في سياق مماثل مشاهد النحيب الجماعي للطالبات المحجبات عند هزيمة الشيخ الترابي في الانتخابات عام 1986م. وقد ذكر د. الترابي لمجلة المجلة (ديسمبر 1994م) انه يخشى ان تقام له «قبة» بعد وفاته . (وفي ذهنه بلا ريب الصوفي الملامتي حمد النحلاني الترابي ، احد اجداده). ثم أن تفضيل لقب «شيخ» على «دكتور» الذي قيل لنا انه جزء من العودة إلى التراث والابتعاد عن المعايير المستوردة لا يخلو من ايماءه تهدف إلى استثمار الايحاءات الصوفية الدفينة.

    بكلمات اخرى : لم يفعل دعاة التمرد على الاطر والعلاقات التقليدية التي تكبل الحزبين الكبيرين شيئاً سوى تغيير رداء برداء وولاء بولاء . ستكون الديمقراطية ارسخ قدماً واكثر نضجاً في الجولة القادمة عندما ندرك ان قادة الاحزاب بشر من لحم ودم يصيبون حينا ويجانبهم التوفيق حيناً آخر وانهم ليسوا امتداداً حديثاً لشيوخ الطرق الصوفية الذين يظلون في مواقعهم حتى الوفاة «حوا والدة» داخل كل الاحزاب . «وثمة سمك كثير في البحر» كما يقول المثل العامي الانجليزي الذي استشهد به السير اليك دوجلاس هيوم عندما سئل : «من سيقود وزارة الخارجية بكفاءة بعدك؟. »!

    ومن الامثلة الصارخة في هذا السياق ما استمعت اليه في شريط تسجيل (فيديو) لحفل تقديم مجلدات «الوثائق البريطانية عن السودان» التي حررها الاستاذ محمود صالح عثمان صالح راعي مركز عبد الكريم ميرغني . عبر احد المشاركين في الحفل الذي اقيم بقاعة الشارقة (جامعة الخرطوم) عن خيبة أمله لأن الوثائق لم تشمل ذكراً لنضال الاستاذ محمود محمد طه ضد الاستعمار ، رغم ان الادارة الحاكمة اضطرت الى إرسال فرقة عسكرية من الخرطوم لاخماد المقاومة التي قادها في منطقة رفاعة . ذكر المتحدث انه استاذ بجامعة ام درمان الاهلية واطرى على المرحوم محمود محمد طه وحزبه الجمهوري بلا تحفظ . القائد السياسي كشيخ طريقة مرة أخرى !.

    لا ينبغي تحول الرغبة في ذكر محاسن الاموات - ولا المناداة الموضوعية بحق الاستاذ محمود في الاجتهاد - دون نقده . كما ان الاعتراض على مقتله وحرق كتبه بطريقة دعائية مرتجلة لا ينبغي أن يتخذ ذريعة للنظر اليه بعين الرضا وحدها . فقد كان آدمياً ابن انثى وقائداً سياسياً اخطأ واصاب .

    اصاب حينما لم يوصد باب الاجتهاد وحينما وقف بجسارة في المقصلة النميرية.

    واصاب قبل ذلك حينما دعا العرب (ببعد نظر اسطوري وبصيرة سياسية فريدة). للاعتراف باسرائيل فتجاهلوه أو استهجنوا قوله . اضطروا لقبول رأيه بعد نصف قرن وعرضوا على اسرائيل الاعتراف وحسن الجوار (في الخطة السعودية التي باركتها سائر الدول العربية) فلم تقبل اسرائيل لانها صارت قوة نووية تقف على كتف الدولة العظمى الوحيدة ولا يرضى شارونها واقصى اليمين الاصولي - المتطرف الذي يؤيده بأقل من مصير الهنود الحمر للشعب الفلسطيني. ولعل دعوة الاستاذ محمود للاعتراف باسرائيل هي السبب المباشر في الرعاية الحميمة التي ينالها اتباعه في الغرب ، حيثما حلوا.

    لكن الاستاذ محمود محمد طه ارتكب ايضاً عدة اخطاء تقديرية جسيمة . حدثت انتفاضة رفاعه - التي اشاد بها المتحدث - احتجاجاً على قرار الادارة الاستعمارية بمنع الخفاض الفرعوني . قيل للعامة:

    يريد الانجليز ان يتدخلوا في كل شيء حتى (.......) بناتكم ! وفعلا ثار الناس حماية للشرف الرفيع وكان على رأسهم الاستاذ محمود . كان موقفه ذلك متخلفاً ورجعياً في مواجهة قرار «تحديثي» جريء وسليم . انتفاضة رفاعة المزعومة ليست من مآثرنا في النضال ضد الاستعمار بل هي من مخازينا . ويقع وزرها على كاهل الاستاذ محمود محمد طه . قيل لنا انها مثل اضرابات الطعام في المدارس واضرابات زيادة الاجور العمالية ، مجرد ظواهر اجتماعية لمضمون سياسي هو رفض الاستعمار .

    وهذا دفاع واه لأن الاستاذ محمود لم يراجع موقفه علناً او يذكر مبرراته بعد نيل الاستقلال وقد اخطأ الاستاذ محمود ايضاً كقائد سياسي حينما جعل الحزب الجمهوري «حزب فرد» تلف حوله كل اللوالب الادارية والفكرية . فلما قتل مات معه الحزب . عقلية شيخ الطريقة المو######## هي المسؤولة عن ذلك . اذا لم يعد الشيخ ابناً او خليفة ليحل محله فان الطريقة تتلاشى تدريجياً .

    فضلا عن ذلك فان عدداً من ابناء جيل الاستاذ محمود محمد طه اعجبوا به وشجعوه ثم انفضوا من حوله عندما ادركوا انه يدعى قدرات معينة . ولا يزال بعضهم على قيد الحياة ، وهم اقدر مني على سرد التفاصيل . صفوة القول ان ظاهرة اضفاء ثقل ومكانة ووزن شيوخ الطرق الصوفية على الزعماء السياسيين تشمل الاستاذ محمود محمد طه وغيره. وهي تتجذر وتستمر طالما واصلنا الحديث عن القادة بانتقاء يسلط الضوء على الايجابيات فحسب ويضلل الشباب لأنه ينطلق من أنصاف وأسداس الحقائق ويغذي «جينات» النزعة الصوفية المتأصلة في افئدة السودانيين .

    هامش :
    الظاهرة المشار اليها اعلاه ليست فريدة ولا تقتصر على السودان الشمالي وحده . فبعض قادة الحركة الشعبية لتحرير السودان يصورون تمردهم باعتباره تحقيقاً لنبوءة عراف قبيلة النوير الذي ذكر «الحرب الاهلية السابقة لانتهاء المعاناة» . وهم بهذا لا يستمدون شرعية من مجرد غضبة دنيوية ناجمة عن التهميش والاجحاف فحسب بل يكسبون قيادتهم ابعاداً دينية مصيرية من شأنها ان تمنحهم هيبة اضافية وتقيهم سهام النقد.

    ويواجه قادة حزب العمل في بريطانيا ظاهرة مقارنة حينما يقلصون عدد «لوردات الوراثة» ويسعون لتحجيم مجلس اللوردات . منطقهم هو ان الهالة الارستقراطية المو######## من القرون الغابرة ليست رخصة للبت في مصير البلاد والعباد . وقد كان لهذه الهالة الارستقراطية بعد ديني (كان الملك يعالج الناس بوضع يده على رؤوسهم ! مثل شيوخ الصوفية). والمعروف ان كلمة لورد كانت مفتاحاً لابواب الثروة والسلطة الى ان حلت الطبقات الرأسمالية الجديدة - بعد الثورة الصناعية - محل ملاك الاراضي وصارت المصانع عصب الاقتصاد وصار مجلس العامة (العموم) الذين كانوا محرومين حتى من حق التصويت هو محرك السلطة الممسك بمقاليد الامور ، وان ظلت الملكة - رمز المؤسسة الحاكمة القديمة - رأساً صورياً للدولة
                  

07-07-2006, 08:50 AM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 37000

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حكاية الرجل الذى ناضل لكل الاجيال (Re: adil amin)

    محمود محمد طه .. الحقيقة الكاملة
    عبد المطلب بلة زهران - 1 ديسمبر 2002
    بسم الله الرحمن الرحيم

    خلص الدكتور خالد المبارك فيما تكرمت صحيفتكم صباح يوم الإثنين 18 نوفمبر 2002 بنشره في باب "مفكرة سودانية بريطانية" في مقاله جيد المبنى والأسلوب بعنوان "محمود محمد طه .. وأنصاف الحقائق"، إلى أن: (صفوة القول إن ظاهرة إضفاء ثقل و مكانة ووزن شيوخ الطرق الصوفية على الزعماء السياسيين تشمل الأستاذ محمود محمد طه وغيره، وهيّ تتجذر وتستمر طالما واصلنا الحديث عن القادة بانتقاء يسلط الضوء على الإيجابيات فحسب ويضلل الشباب لأنه ينطلق من أنصاف الحقائق ويغذي "جينات" النزعة الصوفية المتاصلة في أفئدة السودانيين.) ذلكم ما أنتهى إليه الدكتور وهو بسبيل مما ورد في استهلال مقاله الذي استدل عليه بما استحضره من كيف أن طيب الذكر المرحوم عبدالخالق محجوب قد حًظيّ من بعض أعضاء حزبه بولاء صوفي، وهو، وبشهادة الراحل صلاح أحمد إبراهيم، قد طالما هيمن بمقلتيه على محدثيه كما مرّد عليه شيوخ طرق لا يجرؤ أتباعهم على النظر اليهم عيناَ لعين. وذكر الدكتور، استدلالاَ آخرعلى طرحه، نحيب من ثكلنّ هزيمة الترابي في انتخابات 1986، ومثله من إضفاء القدسية عليه من الجماعة التابعة له حتى أنه في عام 1994 صرح الترابي لصحفي أنه يخشيّ أن تقام عليه قبة بعد وفاته، مستوحياَ ومستثمراَ الإيحاءات الصوفية المتجذرة في السودانيين. فلم يفلح من تمرد "عبدالخالق و الترابي" على الأطر والعلاقات التقليدية الني تكبل الحزبين الكبيرين، (أو قِل يا دكتور بقول الأستاذ محمود: "الطائفية"، التي له الباع الطويل في تصفيتها بمواجهتها سياسياَ وبدعوته سائر شيوخ الطرق الصوفية لطريق محمد، لتتوحد بذلك المشيخة في الشيخ الأوحد الذي لا يملك مسلم أن يتبع سواه). لم يفلحوا، يميناَ ولا يساراَ، إلا في أن حلوا محل شيوخ الطرق وحازوا ولاء من بوأهم تلك المكانة، حسب طرح الدكتور خالد المبارك.

    ثم إن الدكتور قد ساق مثلاَ صارخاََ، دالاَ على طرحه، ما استمع إليه من تسجيل "فيديو" لحفل تقديم مجلدات " الوثائق البريطانية عن سودان 1940-1956 " إذ نعى أحدهم للمشاركين في الحفل خلو المجلدات من أي ذكر لنضال الأستاذ محمود محمد طه ضد الإستعمار سيما أنه قد قاد إنتفاضة رفاعة، كما تفضل الدكتور بتسميتها، التي بلغ إنزعاج الإدارة البريطانية لها أن هدأت غضبة الجمهور الثائر بأن استجابت بمكر الدهاة لمطلبهم فأطلقت سراح الجدة والداية اللتان حوكمتا وفق ما أصطكته السلطات البريطانية من قانون منع مزاولة الخفاض الفرعوني، ثم عادت ليلاَ في حماية فرقة عسكرية لإعتقال الأستاذ محمود وبعض رفاقه من سكان ديم القريداب برفاعة. وقبل أن أنتقل من هذه الفقرة أحب أن أعرف القراء الكرام والدكتور بأنيّ هو من أُغفل ذكره في قول الدكتور "أحدهم"، مع إنه قد سمع اسمي ورأى رسمي فيما نقله إلبه تسجبل الفيديو الذي سرد على القراء فلقد منّ الله عليّ أن أكون ذلك المتحدث، فعلميّ بأمر الإحتفال بمجلدات الوثائق البريطانية قد كان قبل ساعة من إفتتاحية الإحتفال الذي أمه جمع غفير من الأكاديميين والمهتمين. ولقد عجبت كيف أن الدكتور ذكرعني ما عرفتُ به الحاضرين من كوني أستاذ بكلية علوم البيئة بجامعة أمدرمان الأهلية ثم لا يذكر اسميّ، وظني أنه يذكرني من أوائل الثمانينات حين كنت أصله بمكتبه بمطبوعات الإخوان الجمهوريين، هو والبروفسير الراحل علي المك والدكتور عبدالله علي إبراهيم بمكاتبهم بدار جامعة الخرطوم للنشر حيث أدرت معهم حوارات عدة حول تلك الإصدارات. وكنت وقتها، بُعيد غياب أستاذي البروفسير مهدي أمين التوم في مهمة أنتدب لها رئيساَ لفريق إعداد الأطلس العربي، أحاضر بجامعة الخرطوم في علوم المناخ والمياه طلاب معهد الدراسات البيئية وطلاب الصف الرابع والثاني بقسم الجغرافيا بكلية الآداب التي كان ينتمي إليها الدكتور حينئذ.

    وبعد! إن الدكتور قريب من الحقيقة فيما رفعني كنموذج صارخ لتأصل النزعة الصوفية في السودانيين، فقد عشت عام 1967 نكسة الأيام الستة ببريطانيا وشهدتها وكأني في الخطوط الأمامية في سيناء، مع اللواء عبدالمنعم مرتجى مستسلمَا ومعه ثلاثة ألف مقاتل!؛ وحينها وفي ذيل تلك الحسرة أحمد لله أني كنت محتوشاً بمناقب الشيخ أحمد الطيب ود البشير التي خطها في "أزاهير الرياض" يراع حفيده الشيخ عبد المحمود نورالدائم، وبديوان الأخير "شرب االكأس"، وبديوان الشيخ قريب الله "رشفات المدام" إلي جانب أرتال من الكتب العربية لحمد أمين وطه حسين وعلى رأسها مجموعة كاملة لكتابات الأستاذ سيد قطب ترتفع بمقدار ذراع إن صفت وحدها فوق بعضها، كيف لا؟! وفيها سبعة أجزاء كتابه "في ظلال القرآن"!. من كل ذلك حمدت للسادة السمانية، أن مؤلفاتهم هيأتني، في حيرتتي تلك، لاستقبال كتيب وحيد من إثنين وعشرين صفحة فقط، هو الأول الذي أقرأه للأستاذ محمود محمد طه "طريق محمد"، وقد كان فيه غناء عن تلك الكتب جميعها؛ إذ وحد الأمة علي مشيخة المصطفى وهو من زكاه العلي القدير "وإنك لعلى خلق عظيم"، وهو قد جدد دينها بتعرُفه على الثنائية (تماماَ كما جدد التعرُف علي ثنائية المادة والطاقة علم الفيزياء، أم العلوم[1]) التي إتسم بها الإسلام بين شريعة نافذة لوقتها، وأفق أعلى في السنة النبوية يُلتمس فيه التحديث حسب حكم الوقت، مراعاة للعرف الطيب حيث كان "خذ العفوّ وأأمر بالعرف واعرض عن الجاهلين"، فذلك، اي العرف، الذي إجتمعت عليه البشرية بعد طول عراك ومعاناة، واليوم هو وحده الذي يفسح مخرجاَ لأمة الإسلام قاطبةَ، مما زربتهم فيه أمريكا: زريبة محاربة الإرهاب، "أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هيّ أحسن، إن ربك هو أعلم بمن ضلّ عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين" فلا سبيل لأمريكا على من كان ذلك سمت وأسلوب ومحتوى دعوته، سيما وهو يرعى حقوق الإنسان لدرجة أن المزكى المصطفى يخاطب بأن ليس له سلطان على أحد "فذكر إنما أنت مذكر لست عليهم بمسيطر" و لذلك هو، أي النبي، يخرج في مقدمة الصفوف في سبع وعشرين غزوة يُعرض نفسه للموت ثم لا يقتل! فما عرف عنه أنه قتل في غزوة إلا مقتل الشقي أبّي بن خلف إذ أصر أن يلقى النبي فرداَ لفرد.

    هذا، هذا من قُرب الدكتور من الصحة في وصفي أنيّ ذو تجذر صوفي. ولقد نوهت بذلك الفضل الصوفي عليّ للدكتور حسن الفاتح قريب الله، حين لقيته مطولاَ كما لم يتح لي لقاؤه من قبل، في الإحتفال السنوي بالسيد أحمد بن إدريس ليلة السابع والعشرين من رجب الماضي، ثم إني نعيت للدكتور حسن إنقطاع أهل الطرق عن سنة جبل عليها سلفهم، في إلتماس كل منهم التأييد لسلوكه بأخذ الطريق على من تظهر نفحته من القوم السالكين. وذكرت له شأن اليعقوباب بقيادة الشيخ التوم ود بانقا في مبايعتهم الشيخ الطيب ود البشير، وكذلك فعل الصادقاب، ولقد سبق أن سجلت للدكتور حسن ذلك في كراسة للإنطباعات حرص أحد الطلاب من تابعيه أن أسجل إنطباعي عليها فهو مطلوب إذ يعكس لشيخ الطريقة أثر المعرض الذي أقاموه بجامعة أمدرمان الأهلية قبل حين. ولقد عرفت الدكتور حسن بأن نشأتي في بيئة سمانية واطلاعي على تراث السادة السمانية مهد لي الدخول في سلك السالكين "طريق محمد" بمجرد اطلاعي على أول كتاب للأستاذ محمود ولذلك شبه بتحول الشيخ التوم ومشايخ الصادقاب عن القادرية ليسلكوا الطريقة السمانية. وأنهم اليوم مرجوون لإحياء تلك السنة بالتعرف على صاحب النفحة الظاهرة (الأستاذ محمود) ويتوحدوا عليه وسردت له علامات النفحة والفيض المديد فيما قدمه الأستاذ محمود طوال سني رعايته الحزب الجمهوري، ثم ذكرته بما أشار إليه الشيخ الأكبر محي الدين بن عربي في كتابه "عنقاء مغرب في وصف خاتم الأولياء وشمس المغرب " ذلك الكتاب الذي أعادت جماعة سودانية طباعته حاذفة منه ما ظنته مؤشرات لجهة طالما صرفوا الناس عنها. ولقد عرفت الدكتور حسن أن التماس الأرض المشتركة بين أهل التصوف والأستاذ قمين بأن يجمعهم على محجة بيضاء وكلهم يرتجى له الظفر بها وهي التي بشر بها أبن عربي في أشعاره العرفانية إذ يقول في بعض منها:

    لو أن النور يشرق من سناه على الجسد المغيب في اللحود[2]

    لأصبح عالماَ حياَ كريماَ طليق الوجه يرفل في البرود

    فذاك الأقدسي إمام نفسه يسمى و هو حيُ بالشهيد2

    وحيد العصر ليس له نظير فريد الذات من بيت فريد

    هذه بشارة (ووصف) قد يشارك فيها الأستاذ محمود بل وينافسه عليها الحلاج، أو قل إبن عربي نفسه ممن قتلوا جوراَ شهداءَ على رؤوس الأشهاد؛ لكن إبن العربي يصف من يعرفه بالذات المحمدية في ديوانه المحقق:

    يا أهل يثرب لا مقام لعارف ورث النبيّ الهاشميّ محمدا

    عم المقامات الجسام عروجه وبذاك أصبح في القيامة سيدا

    صلى عليه الله من رحموته ومن أجله الروح المطهر أسجد

    لأبيه آدم والحوادث نُومٌ عن قولنا وعن انشقاق قد هدى

    فجوامع الكلم التي أسماؤها في آدم هيّ للمقرب أحمد

    جمع الإناث إلى الذكور كلامه[3] بأخص آيات الثناء وقيد

    إن الأنوثة عارضٌ متحققُ مثل الذكورة لا تكن متردداَ

    الحد يجمعنا إذا أنصفتني هن الشقائق لا تجب من فند

    لا تحجبن بالإنفعال فإنه قد كان عيسى قبلها فتأيد

    قولي وعيسى لايشك بأنه روح الإله مقدساَ ومؤيداَ

    الله يعلم صدق ما قد قلته لايصلح العطار ما قد أفسد

    أدباَ مع الله العظيم جلاله فالدهر للذات النزيهة كالردى

    الكاف في التشبيه يعمل حكمها وتكون زائدة إذا أمر بدا

    مثل الذي قد جاء ليس كمثله من سورة الشورى وخاب من إعتدى



    فهذا وصفٌ محددٌ لم يبق إبن عربي منه‘ إلا ذكر اسم الأستاذ محمود صراحة!!!



    لعل الدكتور يعلم الآن، أني لم أُطرٍ على الأستاذ محمود في حديثي الذي عاب الدكتور عليّ فيه أني قد أطريت عليه (الأستاذ محمود) وحزبه بلا تحفظ، بما يؤيد طرحه "القائد السياسي كشيخ طريقة مرة أخرى" ذلك أن أبن عربي في بيته العرفاني الأخير أعلاه، مشيراً إلى نص الآية "ليس كمثله شيئ، وهو السميع البصير" لم يترك مجالاً للتحفظ إلا بقدر ما تترك العبارة "بل كنت " في الحديث القدسي حيث يقول المصطفى على لسان رب العزة جلّ وعلا: "ما تقرب إليّ عبدي بأحبّ إليّ مما أفترضه عليه وما يزال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه، فإن أحببته صرت لسانه الذي بنطق به ويده التي يبطش بها، وسمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به،... بل كنته "، أو كما قال المصطفى.

    وبعد! لا يترك هذا مزيداَ لمستزيد في متابعة تفنيد ما ذهب إليه الدكتور من أن الأستاذ محمود "قد كان آدمياَ إبن أنثى وقائداَ سياسياَ أخطأ وأصاب ". أم هل كان؟!



    وبعد! إني أكتفي، لما تقدم في الفقرة الأخيرة من هذه العجالة، بأسئلة بسيطة للدكتور، ولا أنتظر إجابته عليها فهي مساقة إليه بسبيل من المؤشرات للقارئ الذكي، وشخص الدكتور أهل لذلك بجدارة أغبطه عليها، ليستكمل بقية التعرف على "محمود محمد طه..الحقيقة الكاملة"! فإلى الأسئلة:

    ألا يدل بعد النظر الأسطوري والبصيرة السياسية الفريدة التي شهد الدكتور بها للأستاذ في معالجة مشكلة الشرق الأوسط "مشكلة الشرق الأوسط .. إستقراء تاريخي وتحليل علمي وحل سياسي" ماخوذا في آن مع شجاعة فذة في الصدع بالحق بان صاحبهما يأوي إلى حصن توحيد آمن، يتخطف الناس من حوله؟؟ سيما أن هاتين السمتين، أي بعد النظر والشجاعة الفذة، قد لازمتا كل عمل الأستاذ: في التعريف بثنائية الرسالة المحمدية الأحمدية؟؟، وفي تقديم حل لمشكلة الجنوب قبل أن تتفجر كأزمة ثم حرب، في كتيب "أسس دستور السودان الدائم .. لقيام جمهورية، فيدرالية، ديموقراطية إشتراكية" بين يدي تمرد الجنوب في توريت عام 1955؟؟ وفي معالجة قضايا الأسرة في: "خطوة نحو الزواج في الإسلام" عام 1971 وفي عدة كتيبات أخرى صدرت خلال عام المرأة العالمي 1976؟؟ وفي المواجهة الصارمة للقضاة الشرعيين والنائب العام، بُعيد محكمة الردة سنة 1968 وفيما بعد على مدى أعوام خلال قضية بورتسودان الشهيرة؟؟ وفيما يجري وراءه الدكتور ويشغف به، حتى وإن إستغله البريطانيون لإظهار السودان بمظهر المتخلف الذي لابد من فرض الوصاية عليه، من معالجة تحديثية جريئة لأمر الخفاض الفرعوني في كتيب الإخوان الجمهوريين "الخفاض الفرعوني" علما بأن إنتفاضة رفاعة حقيقةًَ قد كانت دفاعاَ عن حق السودانيين في الإنعتاق من التخلف والعادات الضارة بإرادتهم وبنتاج التوعية والتعليم لا قهراً بسطوة القانون ؟؟ وفي التأييد المثابر عليه لنظام نميري، في وجه معارضيه، حتي بعد أن سفه النظام رأي الأستاذ في المصالحة الوطنية سنة 1977 ومواجهته غير الهيابة للأسلمة التي زُعم أنها أساس تلك المصالحة في كتابه "الصلح خير" وعدة كتيبات أخرى واجهت زحف وقوانين الأسلمة المزعومة؟؟ وأخيراَ في المواجه الحاسمة للنائب الأول عمر محمد الطيب فيما أقترفه من تواطؤ مع العالم المصري الشيخ المطيعي في إهدار دم الجمهوريين من علي منبر مسجد التقوى الملحق جواراً بمنزل عمر؟؟ ثم ختماَ ألا يفضُل بالدكتور أن يجد تصديقاً للأستاذ محمود فيمن لزم الحزب الجمهوري من جيل الأستاذ وأعجبوا بالأستاذ و شجعوه ولم ينفضوا عنه بل التصقوا به أكثر عندما أدركوا أنه ذو قدرات معينة منتظرة طوال فترة إنتظار المسلمين لبشارة النبي الصادق المصدوق "لو لم يبق من عمر الدهر غير ساعة لأمد الله فيها حتى يبعث رجلاً من أهل بيتي يملأ الأرض عدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً"؟؟ وهم كثر على قيد الحياة أذكر منهم الأساتيذ: ميرغني حمزة النصري التربوي ذو الثلاث والتسعين، يداوم يلا نظارة على قراءة كتب الأستاذ و الصحيحين، ومعلمي بمدرسة مصلحة الأرصاد الجوية إبراهيم أحمد نصار، والنقابيون من عمال السكة الحديدية: طه عبد العزيز الحسن، وعابدين حمزة أحمد ملك وعلي أحمد بشير الذين إلتصقوا بالأستاذ لطول ما داوموا عليه من رؤية تحقيق ما أرتجوا مذ عرفوه إلى أن صدع بآخر صيحة في دعوته من على مقصلة الفداء العظيم، مصداقاَ لقول ظل يسمعهم إياه أن صاحب ذاك المقام لا يقول "أنا" إلا أنه يوم يتحقق له مقامه كل العالم يسمع به، كانت تلك الصيحة المشهودة المتلفزة ضحى الثامن عشر من يناير 1985 ولم يعقبها من الإخوان الجمهوريين إلا أصداءَ لها بسبيل من توضيح "الكيد السياسي والمحكمة المهزلة" علّ هذا الشعب أن يبرئ ذمته من جريمة قتل أرتكبت على رؤوس الأشهاد .. فأشركوا فيها قهراَ، أدناهم مشاركةً بالصمت عنها حتى الآن؟؟!

    أنظر يا دكتور للمتلئ من كوب الإنسان.. محمود مجمد طه!! فإني لا أري الكوب ممتلئاَ فحسب، بل إنه لا تقطر منه قطرة وقد جعل أسفله أعلاه!!!


    -----------------------------------
    عبدالمطلب بلة زهران،
    أستاذ مساعد بكلية علوم وتقانة البيئة،
    جامعة أمدرمان الأهلية.
                  

07-07-2006, 09:03 AM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 37000

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حكاية الرجل الذى ناضل لكل الاجيال (Re: adil amin)

    ابو الهول
    قال الدليل في حذر
    انظر وخذ منه العبر
    انظر...فهذا اسد
    له ملامح بشر
    قد قد من اقسى الحجر
    اضخم الف مرة منك
    وحبل صبره
    اطول من حبل الدهر
    لكنه لم يعتبر
    كان يدس انفه في كل شيء
    فانكسر
    هل انت اقوى يا مطر؟!!
    ***
    كان (ابو الهول) امامي
    اثرا منتصبا
    سالت:
    هل ظل لمن كسر انفه اثر؟!!

    ***
    احمد مطر من شروط الاستيقاظ

    **********
    المتنطعين والمتفيقهين اللذين غيبو ابن رشد وابن عربي و الغزالي او ابن حنبل وابن تيمية والشويعرون اللذين غيبو المتنبي والمعري..
    وانظرو التاريخ يعيد نفسه اعلام الفكر المعاصر والشعر المعاصر مغيبون..واصحاب الفكر ذي االابعار وشويعرون يملؤن الساحات والفضائيات ...هم نفس زعانف واوباش المتنبي والمعري وابن رشد واب خلدون والغزالي والحلاج وابن عربي ...الخ..فقهاء السلاطين والمكوس.....مثقفين السلطة...وكلب الايدولجية الراقص بين اليمين وااليسار...حجبو الناس من مفكرين العصر الاستاذ محمود في السودان ومحمد باقر صدر في العراق ونصر حامد ابو زيد مصر و الشاعر احمد مطر وهاشم صديق...الخ
    وسنتساءل..هل سيبقى لهؤلاء الاوغاد اثر؟؟
                  

07-08-2006, 04:35 AM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 37000

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حكاية الرجل الذى ناضل لكل الاجيال (Re: adil amin)

    حيثيات حكم المحكمة العليا الصادر عام 1986 في قضية الأستاذ محمود محمد طه !!
    عبد الله الأمين - يناير 2003
    حيثيات حكم المحكمة العليا الصادر عام 1986 في قضية الأستاذ محمود محمد طه !!

    حكم المحكمة العليا أبطل حكم الإعدام المهزلة وأبرأ ساحة القضاء السوداني من عاره !!

    بهذا الحكم إستعاد القضاء كرامته وأثبت للمواطنين حقهم الدستوري في حرية الفكر وحرية الإعتقاد !!

    حكم الإعدام المهزلة كان تآمراً سياسياً يستهدف فكر الأستاذ محمود !!



    أولاً : مقدمة تاريخية :ـ

    لقد كان من يسمون أنفسهم بالإسلاميين ، بزعامة د. حسن الترابي ـ كما هو معلوم تاريخياً ـ يشاركون النظام المايوي المباد في السلطة ، في أواخر عهده ، حيث أصدر ، بإيعاز منهم ، قوانين سبتمبر التي كانت ، بكل المقاييس ، مخالفة للدستور ، وللأعراف الدستورية ، والقانونية ، شكلاً ومضموناً ، ومشوهة للإسلام ، ولقد نسبها هولاء ( الإسلاميون ) إلى الشريعة الإسلامية ، وأخرجوا بمعاونة النظام المباد مسيرة في تأييدها ، أسموها المسيرة المليونية .. ولقد أنشأ النظام المايوي المباد ، تحت مظلة تلك القوانين ، محاكم غير مؤهلة أسماها محاكم العدالة الناجزة ، وعين قضاتها بقرارات جمهورية من بين ( الإسلاميين ) أنفسهم .. ولقد كان هولاء القضاة ، كما وصفهم الأستاذ محمود ، غير مؤهلين فنياً وضعاف أخلاقياً .. ولقد إنصبّ جور تلك القوانين ، وطيش تلك المحاكم ، على المستضعفين من أبناء الشعب السوداني ، حيث أوسعتهم تقطيعاً وتنكيلاً وتشهيراً .. ولقد كانت شيمة الدفاع عن المستضعفين ، فضلاً عن الدفاع عن الإسلام ، من أبرز شيم الأستاذ محمود ، فأصدر منشوره الشهير ( هذا أو الطوفان ) مطالباً فيه بإلغاء قوانين سبتمبر ، وإيقاف نزيف الدم في الجنوب ، وإتاحة المنابر الحرة للحوار .. ولقد كان الأستاذ محمود مفكراً إسلامياً فريداً ، صاحب فكر مستنير ، نجح في إبراز وجه الإسلام المشرق ، كما نجح في التوفيق بين الإسلام ومقتضيات العصر ، في وقتٍ أحوج ما يكون المسلمون فيه إلى هذا التوفيق ، وذاك الإشراق .. ولكنّ هذا الفكر المستنير قد كان بمثابة النور الذي تخشاه الخفافيش التي لا تعيش إلاّ في الظلام .. ولقد كانت هذه القــوى الظلامية ، في سعيها للوصول للسلطة ، أو بهدف البقاء في السلطة ، تستغل العاطفة الدينية ، وتمارس التضليل الديني ، وتعمل على تكريس الفهم السلفي للإسلام ، وتنادي بتطبيق الشريعة وفقاً لهذا الفهم السلفي ، وتستمد من كل ذلك مشروعية سعيها للسلطة أو بقائها فيها ، ولذلك كان في إنتشار الفكر التجديدي المستنير ما يهدد هذه القوى الظلامية بسحب البساط من تحت أرجلها .. وعندما عارض الأستاذ محمود قوانين سبتمبر ، ظنت هذه القوى الظلامية أنّ في ذلك فرصة تاريخية لها لمصادرة فكره ، وحجبه عن الناس ، عن طريق محاكمته أمام محاكم ( العدالة الناجزة ) للحكم عليه بالردة عن الإسلام ، وحظر نشاط تنظيمه ، ومصادرة كتبه ، ومنعها من التداول بين الناس .. ومن هنا بدأ التآمر السياسي يحيك خيوطه مستهدفاً فكر الأستاذ محمود .. وهكذا قدم للمحاكمة ، مع أربعة من تلاميذه ، أمام محكمة جنايات أم درمان التي كانت واحدة من محاكم ( العدالة الناجزة ) في ذلك الوقت .. وقد كانت التهمة الموجهة للمتهمين أمام هذه المحكمة ، هي المادة (96) من قانون العقوبات آنذاك ( إثارة الكراهية ضد الدولة ) ولم تكن توجد بالقانون تهمة تسمى الردة .. وقد أدانتهم هذه المحكمة تحت المادة المذكورة ( إثارة الكراهية ضد الدولة ) وحكمت عليهم بالإعدام ، ثم أضافت إلى الحكم ما أسمته بإعطائهم حق التوبة إلى ما قبل تنفيذ الحكم ، مما لم يكن له أي سند في القانون ، ثم رفع الحكم تلقائياً إلى محكمة إستئناف ( العدالة الناجزة ) التي أضافت ما أسمته بتهمة الردة ، رغم عدم وجود مثل هذه التهمة في القانون آنذاك ، وأيدت الحكم بالإعدام ، وأضافت إليه أحكاماً إختلقتها ، لا سند لها في أي قانون أو عرف ، مثل مصادرة كتبه ، وعدم الصلاة على جثمانه ، وعدم دفنه في مقابر المسلمين ، إلى آخر هذه الغرائب اللاإنسانية .. وأيضاً سعت محكمة الإستئناف المذكورة إلى محاولة تشويه فكر الأستاذ من خلال حيثيات حكمها المذكور ، والتي أذيعت على الناس من خلال أجهزة الإعلام ، وقد كانت هذه الحيثيات ظاهرة التحامل والتآمر ، وتفتقر إلى أبسط مقومات العمل القضائي ، كما سنرى ، ثم رفع الحكم مباشرة إلى رئيس الجمهورية الأسبق المخلوع ، دون أن يمر على المحكمة العليا ( لأنها كانت خارج نطاق محاكم العدالة الناجزة ) فقام الرئيس المخلوع بتأييد الإدانة بالردة ، والعقوبة بالإعدام ، وما أضيف إليها من عقوبات مما سلف ذكره ، في بيان سياسي ركيك ومتحامل ، بثّ أيضاً من خلال الإذاعة والتلفزيون .. وبعد ذلك ، وبتاريخ 18 يناير 1985 ، تم تنفيذ حكم الإعدام على الأستاذ محمود وحده ، بينما ألغي في حق تلاميذه الأربعة ، من خلال إجراءات مستحدثة ، لا علاقة لها بالقانون ، سميت بالإستتابة .. وعقب إنتفاضة أبريل ، وإبان الحكم الإنتقالي ، حيث ألغيت تلك المحاكم المشئومة ( محاكم العدالة الناجزة ) تقدمت إبنة الأستاذ الشهيد ، وأحد تلاميذه ، بعريضـة إلى المحكـمة العليا ، في دعوى حماية حق دستوري ، مطالبان بإبطال حكم الإعدام ، وكافة الأحكام اللاإنسانية التي أضيفت إليه ، وإزالة ما ترتب على ذلك من أوضاع ، وتبرئة ساحة القضاء السوداني من ذلك العمل السياسي الإجرامي المشين .

    ثانيا: حيثيات حكم المحكمة العليا :ـ

    وفيما يلي نورد نص حيثيات حكم المحكمة العليا ، في هذه الدعوى ، حيث نتخطى سرد الوقائع ومناقشة الشكليات ، وندخل مباشرة في مناقشتها للموضوع ، حيث يجري السياق هكذا : ( على أنّ محكمة الإستئناف ، وفيما نوهنا به ، إشتطت في ممارسة سلطتها على نحوٍ كان يستحيل معه الوصول إلى حكم عادل تسنده الوقائع الثابتة وفقاً لمقتضيات القانون .. ويبين ذلك جلياً مما استهلت به المحكمة حكمها حين قالت : (( ثبت لدى محكمة الموضوع من أقوال المتهمين ومن المستند المعروض أمامها وهو عبارة عن منشور صادر من الأخوان الجمهوريين أن المتهمين يدعون فهماً جديداً للإسلام غير الذي عليه المسلمون اليوم .. إلخ )) .

    وبمراجعة المستند المشار إليه وأقوال المتهمين التي أدلوا بها أمام المحكمة الجنائية لا نجد سنداً لهذه النتيجة الخطيرة التي نفذت إليها محكمة الإستئناف مما يكشف عن حقيقة واضحة هي أنّ المحكمة قد قررت منذ البداية أن تتصدى بحكمها لفكر المتهمين وليس لما طرح أمامها من إجراءات قامت على مواد محددة في قانون العقوبات وأمن الدولة وأدى إلى تحريكها صدور منشور محرر في عبارات واضحة لا تقبل كثيراً من التأويل .. وسرعان ما انكشف أمر المحكمة حين وقعت عينها على ما ورد في حكم المحكمة الجنائية من إشارة إلى (التوبة) فاعتبرت ذلك إشكالاً لابد لها من أن توجد له حلاً (( لأن التوبة ليس منصوصاً عليها في العقوبة المذكورة ـ تعني عقوبة الإعدام ـ ولعل محكمة الموضوع جعلتها من قبيل المسكوت عنه الذي يجوز الحكم به وفق المادة (3) من قانون أصول الأحكام ، لما لاحظت في المنشورات ( هكذا بالجمع ) موضوع البلاغ من العبارات الموجبة للردة فحكمت عليهم بالعقوبة الشاملة لحد الردة مع إعطائهم فرصة التوبة والرجوع للسراط المستقيم )) .. واستطردت المحكمة بقولها : (( ولكي نقوم هذا القرار التقويم الصحيح لابد من الإجابة على سؤالين : الأول هل الردة معاقب عليها في القانون ؟؟ .. والثاني هل كان فعل محمود ومن معه يشكل ردة وخروجاً على الدين ؟؟ )) .. وفي الإجابة على السؤال الأول خلصت المحكمة إلى أن المادة (3) من قانون أصول الأحكام (( تعطي حق الحكم في الأمور المسكوت عنها )) وأن الردة جريمة ثابتة بالكتاب والسنة والإجتهاد ، وأن المادة (458/3) من قانون العقوبات تبيح توقيع العقوبة الشرعية ، ولما كانت الردة حـدا شرعياً فإنه يلـزم توقيع عقوبتها .. أما بالنسبة للسؤال الثاني ، فقد استهلـت المحكمـة الإجابـة عليه بقرار جازم بأن (( المحكوم عليه محمود محمد طه (هكذا وحده) مرتد بأقواله وأفعاله في يومية التحري التي أقر بها أمام المحكمة وأقواله المدونة المعروفة لدى الناس عامة وأفعاله الكفرية الظاهرة فهو تارك للصلاة لا يركع ولا يسجد .. إلخ )) .. ثم إستشهدت المحكمة بحكم محكمة الإستئناف الشرعية بالخرطوم الذي صدر في عام 1968 بإعلان ردة محمود محمد طه ، واستعرضت بعضاً مما جاء في كتب صدرت عن الجمهوريين ، وما صدر عن المجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلامي من تأييد لحكم عام 1968 ، وما صدر عن مجمع البحوث الإسلامية بجمهورية مصر العربية من وصف لفكر محمود محمد طه (( بالفكر الملحد )) وخلصت محكمة الإستئناف الجنائية من كل ذلك إلى أنه (( مما تقدم يتضح أنّ محمود محمد طه مرتد عن الدين ليس فقط ردة فكرية وإنما هو مرتد بالقول والفعل داعية إلى الكفر معارض لتحكيم كتاب الله ... إلخ )) .. ولعلنا لا نكون في حاجة إلى الإستطراد كثيراً في وصف هذا الحكم ، فقد تجاوز كل قيم العدالة سواء ما كان منها موروثاً ومتعارفاً عليه ، أو ما حرصت قوانين الإجراءات الجنائية المتعاقبة على النص عليه صراحة ، أو إنطوى عليه دستور 1973 الملغي رغم ما يحيط به من جدل .. ففي المقام الأول أخطأت محكمة الإستئناف فيما ذهبت إليه من أنّ المادة (3) من قانون أصول الأحكام لسنة1983 كانت تبيح لها ـ أو لأي محكمة أخرى ـ توجيه تهمة الردة ، وإن كان ثمة ما يفرق في هذا بين محكمة الإستئناف وأية محكمة أخرى ، فإن ذلك هو أنّ محكمة الإستئناف كانت مقيدة كسلطة تأييد بقيود إضافية أخرى على ما سنتناوله من تفصيل فيما بعد ، على أننا نرى حاجة ملحة في هذه المرحلة إلى بيان وجه الخطأ في التأويل الذي أوردته محكمة الإستئناف بشأن المادة (3) المشار إليها ، نظراً لما يبدو لنا من أن هذا المفهوم الخاطيء ليس قصراً على تلك المحكمة ، ونظراً للخطورة البينة في كل ذلك .. ورغم أن المادة (3) ـ على أي معنى أخذت ـ لم تعد تسري على المسائل الجنائية ( أنظر التعديل الصادر فيها بتاريخ 24/4/1986 ) إلاّ أنّ الحاجة إلى تحديد إطارها ما زالت قائمة ، لا بشأن آثارها محل النظر أمامنا فحسب ، وإنما لأغراض الفقه والسياسات التشريعية في المستقبل .. إنّ المادة (3) من قانون أصول الأحكام كانت تقرأ كما يلي :

    ( على الرغم مما قد يرد في أي قانون آخر ، وفي حالة غياب نص يحكم الواقعة .. إلخ ) ومؤدى ذلك أنّ سكوت القانون عن مسألة ثابتة شرعاً لا يحول دون تطبيق المبدأ الشرعي ، ولا خلاف بعد هذا على أنّ في الإسلام جريمة تسمى الردة وعلى أنّ قانون العقوبات ، وهو القانون الجنائي الشامل ، لم ينص صراحة على الردة كجريمة ، فهل في ذلك ما كان يبيح للمحكمة توجيـه تهمة الردة ؟؟ .. إنّ الإجابة التي أوردتها محكمة الإستئناف لهذا السؤال ، وإن لم تكن محمولة على أسباب ، تكشف عن فهم قاصر للمادة (3) هو أنّ مجرد السكوت عن مسألة ما يكفي لإطلاق يد المحكمة في تطبيق ما عنّ لها من قواعد تعتقد في ثبوتها شرعاً ، ولم تفطن المحكمة إلى أنّ سكوت القانون ، عن مسألة ما ، قد يقترن بمعالجة للمسألة ذاتها في صيغة أخرى لا تجعل شرط السكوت متحققاً في واقع الأمر ، فالجريمة المسكوت عنها في قانون العقوبات فيما قالته محكمة الإستئناف ، غير مسكوت عنها في المادة (70) من الدستور الملغي إذ أنّ تلك المادة كانت تقرأ كما يلي : ( لا يعاقب شخص على جريمة ما إذا لم يكن هناك قانون يعاقب عليها قبل إرتكاب تلك الجريمة ) .. ومؤدى ذلك أنه ما لم يكن هناك قانون يجرم الفعل وقت إرتكابه فإنه لا مجال لإعتبار الفعل جريمة ، والقانون هنا هو التشريع ، رئيسياً كان أو فرعياً .. إننا نرى بداية أنّ ما نصت عليه المادة (3) لم يكن من شأنه إضفاء سلطة ترقى في طبيعتها إلى سلطة التشريع لا تختص بها المحاكم أصلاً .. ونرى أيضاً أنّ المادة (70) من الدستور حين أحالت أمر النص على الجريمة إلى القانون إنما هدفت أن تكون السلطة في يد المشرع دون غيره يمارسها بوضع نصوص صريحة ولا يمكن بأي حال تفسير المادة (70) على وجه يجعل الإشارة إلى عبارة القانون إشارة إلى جهة لا صفة لها في التشريع ، سواء كانت هي المحاكم أو خلاف ذلك ، وذلك لأن إحالة الأمر للقانون لم تكن دون حكمة ، إذ أن التشريع بطبيعته يتميز بالعلانية والمستقبلية والخلو من المفاجآت ، وفي هذا ما يضمن تحقيق الهدف من المادة (70) وهو عدم رجعية القوانين الجزائية ، أما وضع سلطة تقرير الجريمة في يد القاضي فإنّ من شأنه أن يهدر ذلك الحق نظراً إلى ما قد يحمله قرار القاضي من مفاجآت ، بسبب أنّ تلك القرارات ترد بطبيعتها على مسائل وقعت قبل ذلك القرار ، وحيث أنه لا ينبغي تفسير القانون بما يتعارض مع الحقوق الدستورية فإنّ القانون الذي كان ينبغي أن يحدد الجرائم طبقاً للمادة (70) من دستور سنة 1973 الملغي هو التشريع ـ راجع في هذا التعريف عبارة ( قانون ) في قانون تفسير القوانين والنصوص العامة ـ فإذا خلا القانون العقابي الشامل ، فيما رأيناه ، عن أي نص صريح على جريمة الردة ، فهل كان من شأن نص المادة (3) من قانون أصول الأحكام ما يجعل تلك الجريمة منصوصاً عليها بطريقة أو بأخرى ؟؟ .. إن مما لا جدال عليه أنّ قانون أصول الأحكام لا يشتمل هو الآخر على نص صريح على جريمة اسمها الردة ، أو حتى أية جريمة أخرى ، إذ أنّ ذلك القانون ليس قانوناً عقابياً من حيث المبدأ ، إلاّ أنّ ما أدى إلى هذا الخلط هو أنّ المادة (3) من ذلك القانون أضفت على المحكمة سلطة غير مألوفة في استحداث المباديء غير المنصوص عليها ، ويبدو أنه ما من أحـدٍ وقـف يتأمل فيما إذا كان في ذلك ما يضفي على المحاكم سلطة تشريعية فيما يتعلق بإستحداث جرائم خلافاً للمبدأ المقرر فقهاً ونصاً من عدم رجعية القوانين العقابية ، وما إذا كانت السلطة الممنوحة للقضاة على الوجه الذي نصت عليه المادة (3) مما يمكن أن يغني عن النص الصريح أو يقوم مقامه بما يجعلها متسقة مع نص المادة (70) من الدستور ؟ الصريح الصادر من جهة تشريعية مختصة دون غيره وما كان ليغني عنه نص مبهم في قانون صدر متزامناً مع قانون عقوبات شامل لم يترك شاردة ولا واردة ومع ذلك لم يجرؤ على النص على جريمة خطيرة كجريمة الردة كانت هي الأولى بالنص الصريح فيما لو كان المشرع راغباً حقاً في ذلك ، جاداً في توجهه ونهجه وواعياً بمنهجه .. إنّ ما تقدم يحكم تطبيق المادة (3) من قانون أصول الأحكام عموماً ، وفي أية حالة كانت عليها الدعوى الجنائية ، غير أنّ تطبيق هذه المادة في مرحلة التأييد بإضافة تهمة جديدة لم يتم توجيهها في مرحلة المحاكمة يضيف عيباً جديداً هو أنّ إشتطاط المحكمة لا يكون قد وقف عند حد إغفال التقاليد القضائية التي سادت هذه البلاد عبر السنين الطويلة فحسب ، وإنما أيضاً يكون قد إمتد إلى مخالفة النصوص الصريحة لقانون الإجراءات الجنائية الذي يحكم إجراءات التأييد ، إذ لا سند في المادة (23 من ذلك القانون والتي تحدد سلطات جهة التأييد لما اتخذته محكمة الإستئناف من إجراء .. على أنّ محكمة الإستئناف لم تكن عابئة فيما يبدو بدستور أو قانون إذ أنها جعلت من إجراءات التأييد ، التي ظلت تمارسها المحاكم المختصة في سماحة وأناة وبغرض مراجعة الأحكام مراجعة دقيقة وشاملة ، محاكمة جديدة قامت فيها المحكمة بدور الخصم والحكم مما حجبها عن واجبها ، حتى بفرض صحة توجيه تهمة جديدة في هذه المرحلة ، في أن تعيد الإجراءات مرة أخرى لمحكمة أول درجة لإعادة المحاكمة بموجب التهمة الجديدة وذلك فيما تقضي به المادة (238/هـ) من القانون أو أن تتجه إلى سماع المحكوم عليهم بنفسها وفاء بواجبها في ذلك بموجب المادة (242) من القانون ذاته ، التي ، وإن كانت ترد في صيغة سلطة تقديرية ، إلاّ أنها تأخذ شكل الإلزام عندما يكون السماع ضروياً ، ولا نرى ضرورة توجب السماع أكثر من أن يكون الحكم الذي تقرر المحكمة إصداره بالردة عقوبتها الإعدام .. ومهما كان من أمر النصوص القانونية فإنّ سماع المتهم قبل إدانته مبدأ أزلي لم يعد في حاجة إلى نص صريح بل تأخذ به كافة المجتمعات الإنسانية على إختلاف عناصرها وأديانها باعتباره قاعدة مقدسة من قواعد العدالة الطبيعية .. وقد كان منهج محكمة الإستئناف أكثر غرابة حين استندت في حكمها على مسائل ليس من شأنها أن تقوم مقام الأدلة التي يجوز قبولها قانوناً ، ومن ذلك ما أشارت إليه تلك المحكمة من الأقوال (( المعروفة للناس عامة )) والأفعال (( الكفرية الظاهرة )) في ترك الصلاة وعدم الركوع والسجود ، وما إلى ذلك مما لا يتعدى في أحسن حالاته الأقوال النقلية والعلم الشخصي وليس في أي منهما ما يرقى إلى الدليل المقبول شرعاً ـ راجع المادتين (16) و (35) من قانون الإثيات لسنة 1983 .. ولم تكتف المحكمة في مغالاتها بهذا القدر وإنما تعدته إلى الإستدلال بقرارات وآراء جهات لا سند في القانون للحجية التي أضفتها المحكمة على إصداراتها .. أما حكم محكمة الإستئناف الشرعية العليا الذي عولت محكمة الإستئناف الجنائية عليه كثيراً ، فإنما يستوقفنا فيه أنه حكم وطني يلزم استبيان حجيته نظراً إلى ما يمكن أن تثيره طبيعته الوطنية من تساؤل حول تلك الحجية ، والحكم المشار عليه صدر في 18/11/1968 في القضية رقم 1035/68 حيث قضت محكمة الإستئناف الشرعيى العليا بالخرطوم بإعلان محمود محمد طه مرتداً .. وأول ما تجدر ملاحظته في شأن ذلك الحكم أنه صدر حسبة كما وقع غيابياً ، والسؤال الذي يفرض نفسه هو ما إذا كان في ذلك الحكم ما يقوم مقام الحكم الجنائي بالردة ؟؟ .. في تقديرنا أنّ الإجابة القطعية أن ذلك الحكم لا يستحق هذه الصفة وذلك لأنّ المحاكم الشرعية ، ومن بينها محكمة الإستئناف الشرعية العليا في ذلك الوقت ، لم تكن تختص بإصدار أحكام جنائية ، بل كانت إختصاصاتها مقتصرة على مسائل الأحوال الشخصية للمسلمين من زواج وطلاق وميراث وما إلى ذلك مما كانت تنص عليه المادة الخامسة من قانون المحاكم الشرعية لسنة 1967 الساري وقتئذ .. ولعل أبلغ دليل على عدم إختصاص المحكمة الشرعية فيما أصدرته من حكم أنّ ذلك الحكم جاء غيابياّ فما نحسب أنّ محمود محمد طه كان حصيناً من سلطة الإجبار التي كانت تتمتع بها المحكمة فيما لو كانت محكمة ذات إختصاصات جنائية ، كما يقف دليلاً على عدم الإختصاص أنّ المحكمة لم تجد سبيلاً لتنفيذ الحكم ، لا في ذلك الوقت ، ولا في أي وقت لاحق وهو ما لم يكن يحول دونه غياب المحكوم عليه خاصة وأنّ للحكم عقوبة مقررة شرعاً هي أعلى مراتب العقوبات المدنية .. ونخلص من كل ما تقدم إلى أن إجراءات محكمة الإستئناف الجنائية في إصدار حكم الردة في مواجهة محمود محمد طه ورفاقه كانت ، للأسباب التي سبق تفصيلها ، جاحدة لحقوق دستورية وقانونية شرعت أصلاً لكفالة محاكمة عادلة .

    أما السلطة العامة لتلك المحكمة في تأييد أحكام المحاكم الجنائية التي تم تشكيلها بموجب المادة (16/أ) من قانون الهيئة القضائية لسنة 1405هـ فقد نص عليها القرار الجمهوري رقم (35) لسنة 1405هـ .. ومن الناحية العامة فإنّ ذلك ، وفيما نوهنا به من قبل ، قرار يتحمل وزره من أصدره ، على أنه ينبغي النظر إلى سلطة التأييد تلك من زاويتين ، أولاهما مدى سلامة القرار الجمهوري في هذا الشأن ، وثانيتهما أثر ذلك في عدالة الإجراءات التي تمت بممارسة تلك السلطة .. وبالنظر إلى الأمر من الزاوية الأولى يبين أن المادة (1 من قانـون الهيئة القضائية لسنة 1405هـ التي كانت تصلح سنداً لتشكيل محاكم الإستئناف الجنائية كانت تنص على ما يلي : ( تستأنف أحكام وقرارات المحاكم الجنائية المكونة بموجب المادة (16/أ) من هذا القانون أمام محكمة الإستئناف التي يحددها قرار التكوين ويحدد إجراءاتها ) .. وقد نص القرار الجمهوري رقم (35) ـ وهو قرار التكوين المشار إليه ـ في الفقرة (ز) من المادة (3) منه على ما يلي : ( تتولى محكمة الإستئناف التوصية لرئيس الجمهورية بشأن أحكام الإعدام والرجم قبل رفعها للتأييد ) .. والسؤال الذي يثيره هذان النصان هو ما إذا كان فيهما ما يضفي على محكمة الإستئناف سلطة في تأييد الأحكام تطغى على سلطة المحكمة العليا في هذا الشأن والمنصوص عليها في المادة (234) من قانون الإجراءات الجنائية ؟؟ .. والإجابة على ذلك تعتمد ، في المقام الأول ، على ما إذا كان منح مثل هذه السلطة مما يدخل في معنى عبارة ( تحديد الإجراءات ) الواردة في المادة (1 المذكورة ؟؟ .. وفي تقديرنا أنه من الجائز عموماً أن ينطوي تحديد الإجراءات على منح بعض السلطات التي قد تكون ضرورية ولازمة في معرض تلك الإجراءات إلاّ أنه من غير المتصور أن تمتد تلك السلطات إلى مستوى يشكل تغولاً واعتداءً على جهات تستمد صلاحياتها من القانون نفسه ، وعلى وجه الخصوص فإننا نرى أنه ليس من شأن السلطات الممنوحة على هذا الوجه أن تسلب محكمة أعلى مقاماً كالمحكمة العليا من صلاحيلتها التي يقررها قانون نافذ لا يقل درجة عن القانون المانح لتلك السلطات ، بل ومن الدستور نفسه وهو مصدر القوانين والسلطات ، فالقول بخلاف ذلك ينتهي إلى نتيجة غير مستساغة هي أن السلطات المقررة للمحكمة العليا عرضة للمصادرة بتشريع فرعي أو قرار تنفيذي ، وهو ما لايجد سنداً ، لا في نص صريح ، ولا في المباديء العامة للشرعية .. على أنه ، ومهما كان وجه الرأي بشأن سلطات محكمة الإستئناف الجنائية ، فإنه طالما ظلت المادة (234) من قانون الإجراءات الجنائية قائمة ونافذة ، فإنه كان ينبغي عرض الأحكام الصادرة ضد محمود محمد طه وزملائه على المحكمة العليا سواء قبل تأييدها في محكمة الإستئناف الجنائية أو بعد ذلك .. وإذا كان هذا هو التكييف القانوني للقرار الذي منحت به محكمة الإستئناف سلطة تأييد الأحكام ، فإن لذلك القرار وجهاً آخر ذا أثر خطير ومباشر في تأييد حكم الإعدام في حق المحكوم عليهم ومن بعد ذلك في تنفيذ ذلك الحكم على أحدهم وهو محمود محمد طه .. ففي هذا الشأن لم تقتصر مخالفات محكمة الإستئناف ، التي استقلت بسلطة التأييد ، في إصدار حكم الردة ، وإنما امتدت إلى تأييد أحكام الإعدام التي صدرت ترتيباً على الإدانة بموجب قانوني العقوبات وأمن الدولة ، وهذا التأييد ، وإن كان محمولاً على أسباب هي في ظاهرها إقتناع المحكمة بثبوت الإدانة وتناسب العقوبة ، إلاّ أنه في واقع الأمر محمول على الردة التي استحوزت على جل ، إن لم يكن كل ، اهتمام محكمة الإستئناف الجنائية .. وقد ترتب على إستقلال محكمة الإستئناف بسلطة التأييد أن فات على المحكمة العليا ليس فقط حصر الإدانة ، إن كان ثمة ما يسندها ، في الإتهامات الموجهة بموجب قانوني العقوبات وأمن الدولة دون غيرهما ، وإنما أيضاً أن تقصر العقوبة على ما كان يتناسب وفعل المحكوم عليهم وهو فيما نعلم لا يتعدى إصدار منشور يعبر عن وجهة نظر الجمهوريين في قوانين كانت وما زالت محلاً للآراء المتباينة على الساحتين المحلية والدولية ، مما لايعدو أن يكون مخالفة شكلية ـ إن كانت كذلك أصلاً ـ لا تتناسب عقوبة الإعدام جزاءً لها .. غير أن محكمة الإستئناف ، وفي محاولة متعجلة لربط الفعل بقناعتها المسبقة في ردة المحكوم عليهم ، إنتهت إلى تأييد حكم الإعدام كعقوبة ( شاملة ) كما أسمتها .. على أن الآثار المترتبة على حجب الإجراءات عن المحكمة العليا وحصرها في محكمة الإستئناف إتخذت شكلها المأساوي حين تم تنفيذ حكم الإعدام على محمود محمد طه بإغفال تام لنص المادة (247) من قانون الإجراءات الجنائية ، التي تحظر تنفيذ حكم الإعدام على من جاوز السبعين من العمر ، رغم أنه كان من الثابت أنه جاوز السبعين من عمره وقتئذ .. ولعلنا لا نتجنى على الحقيقة لو أننا قلنا أن تنفيذ الحكم ما كان ليتم لولا أن محكمة الإستئناف أضافت الإدانة بالردة ، وهو ما لم يكن ليصدر أصلاً فيما لو كانت الإجراءات قد عرضت على المحكمة العليا بدلاً من أن تستقل محكمة الإستئناف بإجراءات التأييد لتنتهي إلى ذلك الحكم من خلال المخالفات القانونية والدستورية التي تناولناها فيما تقدم .

    هذا ما كان من أمر ما تم باسم القضاء ، أما ما صدر من رئيس الجمهورية السابق عند التصديق على الأحكام فإنه يكفي لوصفه أن نقرر أنه مجرد من أي سند في القوانين والأعراف ولا نرى سبباً للإستطراد فيه بأكثر من ذلك عما فيه من تغول على السلطات القضائية فقد كاد أن يعصف بها كلها من قبل ، على أنه ومن وجهة النظر القانونية البحتة ، فإنه ولما كان من الجائز قانوناً للرئيس السابق أن يصدر قراره في تأييد حكم الإعدام دون إبداء سبب لذلك ، فإن استرساله في الحديث ، على الوجه الذي كشف عنه البيان المعروف والمدون ، لا يعدو أن يكون تزيداً لا أثر له في تقويم الحكم الذي تصدى لتأييده .. ولو كان لذلك البيان أثر يجدر ترتيبه عليه فهو فيما تضمنه من عبارات ربما كانت هي الأسباب الحقيقية لتقديم محمود محمد طه ورفاقه للمحاكمة .. ومذهب هيئة الإدعاء في هذا الشأن هو أن المحاكمة استهدفت محاكمة فكر الجمهوريين وتقييد حرياتهم السياسية والدينية وحظر نشاطهم إهداراً لحقوقهم الدستورية في كل ذلك .. وهذه المحكمة ، وإن كانت تجد أنه من العسيرعليها تفسير ما هو ثابت أمامها إلاّ في إطار ما ذهبت إليه هيئة الإدعاء ، إلاً أنها ، وفي ذات الوقت ، لا ترى في ذلك ما يتيح لها إصدار قرار جازم في هذا المعنى ، لا سيما وأنّ إقرارات النائب العام في هذا الشأن تتجاوز صلاحياته ـ كممثل قانوني للحكومة في صفتها المعنوية ـ لتشمل مسائل تتعلق بها مسئوليات شخصية أخرى لا يمثلها النائب العام .. ولما كان الحكم الصادر في حق المدعيين مشوباً بكل العيوب التي تم تفصيلها فيما تقدم ، فإنّ إجراءات ما سميت بالإستتابة تكون قائمة على غير ما ضرورة قانونية فضلاً عن إفتقارها لأي سند صريح أو ضمني من القانون ، غير أنه يجمل أن نقرر من باب الإستطراد أنّ تلك الإجراءات وقعت بقهر بيّن للمحكوم عليهم نظراً إلى الظروف التي تمت فيها حيث لم يكن من المتصور عقلاً أن يمتنع المحكوم عليهم عن إعلان التوبة التي طلبت منهم وسيف الإعدام مشهور في وجوههم ، وحيث أنّ حكم الردة قد وقع باطلاً كما سبق تقريره ، فإنه يترتب على ذلك بداهة أن تكون التوبة التي وقعت بالإكراه خالية من أي معنى هي الأخرى .. وحيث أن المسائل التي أثارتها هذه الدعوى مما لم يكن من المتاح التصدي له ، في إطار قواعد الإجراءات السارية حالياً ، إلاّ من خلال دعوى دستورية ، ودون أن يكون في ذلك ما يخل بمبدأ حجية الأحكام فيما تتوفر له شروط تطبيق ذلك المبدأ ، فإن هذه الدائرة تقرر ، تأسيساً على ما تقدم بيانه ، أن الحكم الصادر من محكمة الإستئناف الجنائية بالخرطوم في حق محمود محمد طه ورفاقه بتاريخ 15/1/1985 صدر بإهدار لحقوقهم التي كانت تكفلها لهم المواد (64) و (70) و (71) من دستور السودان لسنة 1973 الملغي .. أما ما ترتب على ذلك من أحكام بالإعدام فقد ألغيت في مواجهة جميع المحكوم عليهم فيما عدا والد المدعية الأولى ، ورغم ما شابتها من مخالفات للقانون وللدستور ، فقد أصبحت حقائق في ذمة التاريخ ، تقع المسئولية عنها سياسية في المقام الأول ، ولم يعد من الممكن إستدراك كثير من النتائج التي ترتبت على كل ذلك ، إلاّ ما بقي منها دون نفاذ ، كما لم يعد من المتاح النظر إلى الوراء إلاّ لأغراض العظة والعبرة ، فلم يعد من الميسور بعث حياة وئدت مهما بلغت جسامة الأخطاء التي أدت إلى ذلك ، كما أصبح من الصعب ـ إن لم يكن من المستحيل ـ العثور على جثمان أخفي بترتيب دقيق .. بيد أنه يبقى أمر جوهري هو أن للمدعيين حقاً في الحصول على إعلان بالحقائق المتعلقة بهذه المحاكمة التاريخيـة ، وإن كان على ذلك الحـق من قيـد فإنه إنما ينشأ من طبيعـة الإجراءات القضائية عموماً ، وما تقوم عليه هذه الإجراءات ، وعلى وجه الخصوص في مثل هذه الدعوى ، من شكل هو بدوره محدد ، في طبيعته ، وفي خصومه ، وما يصلح محلاً للتنفيذ في ضوء ذلك كله ، وعلى هدى من ذلك تقرر هذه الدائرة ما يلي :

    1/ إعلان بطلان الحكم الصادر في حق المواطنين محمود محمدة طه والمدعي الثاني في هـذه

    الدعوى من المحكمة الجنائية ومحكمة الإستئناف .

    2/ إلزام المدعين برسوم وأتعاب المحاماة في هذه الدعوى .).. إنتهت الحيثيات

    محمد ميرغني مبروك
    رئيس القضاء
    ورئيس الدائرة الدستورية

    فاروق أحمد إبراهيم
    قاضي المحكمة العليا
    وعضو الدائرة الدستورية

    زكي عبد الرحمن
    قاضي المحكمة العليا
    وعضو الدائرة الدستورية

    محمد حمزة الصديق
    قاضي المحكمة العليا
    وعضو الدائرة الدستورية


    إنتهى المقال


    عبد الله الأمين محمد
    المحامي
                  

07-08-2006, 04:43 AM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 37000

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حكاية الرجل الذى ناضل لكل الاجيال (Re: adil amin)

    في تاريخ الامم مواقف...ورجال
    الاستاذ محمود
    علم الناس
    ان الانسان موقف
    والحياة اهداف
    وهذه سيرته العطره في اللنك ادناه

    http://alfikra.org/biography/index.htm
                  

07-09-2006, 04:49 AM

othman mohmmadien
<aothman mohmmadien
تاريخ التسجيل: 12-13-2002
مجموع المشاركات: 4732

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حكاية الرجل الذى ناضل لكل الاجيال (Re: adil amin)


    رحم لله الأستاذ محمود رحمة واسعة

    Quote: في تاريخ الامم مواقف...ورجال
    الاستاذ محمود
    علم الناس
    ان الانسان موقف
    والحياة اهداف
    وهذه سيرته العطره في اللنك ادناه
                  

07-09-2006, 04:20 PM

عصام أحمد

تاريخ التسجيل: 05-09-2006
مجموع المشاركات: 3848

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حكاية الرجل الذى ناضل لكل الاجيال (Re: othman mohmmadien)

    رحم الله المفكر الأستاذ محمود

    والفكرة مـــا زالت باقية



    شكرا لك عادل أمين
                  

07-11-2006, 02:12 AM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 37000

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حكاية الرجل الذى ناضل لكل الاجيال (Re: عصام أحمد)

    الاخ العزي عصام احمد
    تحية طيبة
    شاهدت مازون الحور العين د.حسن الترابي في فضائية دبي برنامج المقال الذى يقدمه المذيع الاماراتي المتمييز داؤد شريان يبخس الاستاذمحمود وفكرته كدائبه دئما وبطريقته السوقية التي تفتقر لوقار العلماء او حياءهم والحياء شعبة من شعب الايمان..وحذ في نفسي ان لا يقوم حتى اعلاميين السودان في الامارات بتنوير المقدم عن الفكرة والاستاذ..او عرضها في برنامج مع قضية الاستاذ ..

    ولا زلنا نعاني من ازمة الاعلام الحر الذى يعرف الناس بالسودان الحقيقى وبالفكر والثقافة والتراث السوداني..ومع ذلك نلوم العرب ونلقي عليهم تبعة ما يحيق بنا..والحديث ذو شجون
                  

07-31-2006, 03:56 AM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 37000

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حكاية الرجل الذى ناضل لكل الاجيال (Re: adil amin)

    كان الاستاذ يشبه غاندي
    وكان الدكتور قرنق يشبه مانديلا
    كان لهما مشروعين حقيقيين للسودان
    الثورة الثقافية
    السودان الجديد
    ولكن تحول الشعب السوداني لفئران تجارب للهوس اليساري واليميني القادم من وراء الحدود
    الذى لم يجسد لا قيمة اخلاقية في الانسان ولا قيمةتنموية في الارض
    وقد تعلمت منهما معا
    ان الانسان مجموعة من القيم والحياة مجموعة من الاهداف الشريفة..ولابد من الوصول اليها بالوسائل الشريفة
    الثورة الثقافية+السودان الجديد= السودان الحقيقى.....ولو تفندون


    Quote: ما من مجتمع يستطيع أن يعيش من غير مثل أعلى ، يستلهمه في حياته ، ومن دون معرفة واضحة للمبادئ التي تواجه تنظيمه ، فالعهود الكبيرة للحضارة والمدنية هي تلك التي يجتمع فيها هذان الشرطان …

    العقل السوداني أكثر من أي عقل آخر يحس هذه الحاجة إلى الفهم … إن مواطنينا يريدون أن يعرفوا نوع المبادئ التي يحكمون بموجبها وأي مستقبل يتجهون إليه في النظام العالمي الجديد .



    مع تحيات الذكرى السنوية للراحل الدكتور قرنق(احتفالاتي الخاصة)
                  

11-26-2006, 10:27 AM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 37000

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حكاية الرجل الذى ناضل لكل الاجيال (Re: adil amin)

    عندما كان يتحدث عن الدولة المدنية الفدرالية الديموقراطية سنة 1958..كانت النخبة الشمالية غارقة في غيبوبتها السعيدة ووهم الدولة الدينية والدستور الاسلامي المزيف
    واقصد ناس قريحتي راحت الامام وصهره

    والليلة عاملين نفسم مفكرين كبار
    ودي مشكلة السودان
    تواضع العلماء الحقيقيين وواضاعة من يناؤنهم كانت قطبا الرحا التي دفع الشعب السوداني ثمنها ولا يزال دفع
    والعجيب ان الامر مستمر حتى اليوم في زمن ثورة المعلومات

    مسكين الاستاذ محمود والدكتور قرنق ود. محمد سليمان..د.منصور خالد
    يا جو في زمن غلط
    يا في بلد غلط
    والحديث ذو شجون
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de