كتب الكاتب الفاتح جبرا المتوفرة بمعرض الدوحة
|
Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . (Re: عبدالله الشقليني)
|
الأحباء هنا : الكاتب : أسامة الخواض الكاتب : ياسر الشريف الأحباء الذين اشتركوا معنا الحوار والقراءة لكم دعوة للراحة بين كثافة النصوص :
كيف تيسر لنا كتابة نص : محمود محمد طه في رؤى الأحلام ؟ كيف هي غريبة خواطر الكتابة ! كيف راودتنا الكتابة وكيف هبط الخاطر هبوط النسور على الفرائس ؟
ملمح أول :
كان لي صديق من الزمن الجميل زارني منذ أعوام : ( إبراهيم الكامل آل عكود ) ، وهو أستاذ جامعي وشاعر ومُترجم يُترجم أغرب النصوص ، كشعر ( الشايقية ) العامي مثلاً يترجمه إلى العربية الفصيحة ثم يترجمه إلى الإنجليزية !!
قلت لإبراهيم آل عكود : ـ
ــ أراك سيدي وأنت في عُمر تجاوز الخمسين ، كنخل فارِع الطول حين تُداعِبه الريح يضحك . فجذوره قد استشرت شرايينها تُمسِك بعروق الذهب في صخر الأرض .أعرف من يقول اترك في جيب سُترتك مُفكرةً صغيرة على الحِمل ، ناعمة رشيقة في رفقتك حتى وأنت نائم ، وعند هبوط صرخة الخواطر ، انـزع نفسك من النوم وامسِك القلم واتبِع الأوامِر .
قال لي إبراهيم : ـ
ــ أذكر في زمان قديم كُنت أعرف سيدة أجنبية تعشق مثل هذه الخواطر ، وتجلس في حضرتها جلوس الطفولة أمام الجَّد حين يقُص من أحسن قصصه التي تُلهِب الخيال . كان قلمها يُطيع الخواطر المجنونة و ينقل الشِعر والنثر . يهبط ذهباً لامِعاً برياحه الشيطانية يلتهب بالتمرُد ، حتى عبثت تلك الخواطر بذهنها ، وأسرجتْ بُراق الأحلام وطافت الآفاق ، استعصى عليها العودة لعالمنا . كانت تلك مأساة مُجلجلة .كَتبتْ تلك السيدة أسفاراً تُـذهل العقول . ترمي الأحجار في البِرك النائمة ، وتلون أقصان الخيال بألوان الدنيا الساحِرة . إياك يا عبد الله أن تستجيب لتلك الخواطر فتتملكك وتُبعدك عن القريب والحبيب . استجِب قدر المُستطاع ، ولا تُسلس لها قيادك كل الوقت . إنها تضرِم نارها حزاماً حولك حتى يستعصِي علينا أن نُعيدك لدنيانا . أنت تعرف الشاعِر إدريس محمد جمّاع ، فعند تآلفه مع تلك الخواطِر سرقت دَنياه ، وسرقته عنا . قبل غيبته الكُبرى نفث غُبار الشِعر ندياً حنيناً دافقاً ، واستغرقت نفسه محبة لا شواطئ لها . أمطرنا جمَّاع ترياقاً يُقينا شاطحات الخيال ، وغاب هو شهيد سِحرها .
ملمح ثانٍ :
قلت للروائي : عثمان حامد سليمان ذات تلفنة :
في كثير من الأحايين أصحو ثم أذهب لجهاز الحاسوب وأكتُب ، كأن خاطرٌ تملكني . أهو كما يُقال في الأثر : شيطان الكتابة أو ماردها ؟
قال عثمان :
نعلم جميعاً أن الذهن حين ننام لا ينام كله ، البعض يستريح والبعض الآخر يُعيد الترتيب . ذهنك وكل معارفك في مقابل الفكرة نهضت تمور في قدر خُرافي ، سمه أنت ما تُسمِه ، ففي آخر المطاف يولد نص من رحم صراع ضخم ، يقوم ذهنك في وعيه و لاوعيه بالتفكُر . لم يكن هنالك ماردٌ أو شيطان كتابة ، بل ذهن يُجدد نفسه ويقف في وجه الكون ويتفَكَّر .
كيف كانت واقعة كتابة النص ؟
لم يكُن في خاطري لمحة من ذكرى الشهيد الراحل الأستاذ محمود ، ولا هاتف ولا مُصادفة تُذكرنا به ، بل ولم أكُ من تلامذة الأستاذ ولم أكن من مريديه . كان فكره والندوات التي تنشأ زمان حياته بثاً يتعين للناظر للمُجددين في الرؤى أن يتلمس خطوه ويرقب كيف يمكن أن ينتصر الإبداع في رؤى الأديان على مدراس الإتباع الراكدة في ماءٍ آسن .
في يومٍ غريب الملامح نمت عصراً من بعد يوم عمل . كنتُ حينها في الغرفة وحدي . وتجمعت الرؤى في حلمي كأنها ضجة كبرى تصرخ في سمائي . صحوت صحو من يمتلئ صدره بهواء ساخن آن له أن يُخرجه فخرج . جلست إلى جهاز الحاسوب وحدي . لا صوت من حولي يُكسر انسياب الخواطر ولا شريك يدلُف فجأة يُذيب الأحلام . أغلقت الباب وكتبت الحُلم كما هبط في خاطري فكان :
( محمود محمد طه في رؤى الأحلام )
أصدقكم القول : كأن يداي ليست بيداي وهي تكتُب ، كأن يدٌ أخرى تكتُب . تلبثتني خواطر كأنها تُملي عليَّ ما أكتُب . الصفاء غير الصفاء . السكون من حولي مساحة من فراغ كوني تجسد . لو شغلني في ذاك الميعاد شاغل أو همٌّ من هموم الركض الذي يُكسر لحظات الصفاء لما خرج النص بتلك الكثافة ، بل لغشته سُموم صحارى الكتابة التقريرية التي لا أُحب .
ونسكُت عن الكلام المُباح
عبدالله الشقليني 25/03/ 2007 م
(عدل بواسطة عبدالله الشقليني on 03-25-2007, 09:35 PM) (عدل بواسطة عبدالله الشقليني on 03-25-2007, 09:42 PM)
| |
|
|
|
|
|
|
ويبدو انك-يا ياسر- لم تلحظ تنبيه الاستاذ الى خلطه بين الحضارة والمدنية (Re: عبدالله الشقليني)
|
عزيزي ياسر : سلام هذه اطلالة سريعة فقط ، الى حين عودتي لمشاغل ضاغطة بشكل موسع. قلت:
Quote: هذا التعريف الجديد يكفي في مرة واحدة وفي أهم كتاب "الرسالة الثانية |
أولا :
كلامي لم يكن عن اعادة التعريف للفرق بين الحضارة والمدنية في "الرسالة الثانية"، و لكن أعني ان الاستاذ بعد ذلك لم يشر الى هذا التفريق الا في مرة واحدة.
وللاسف ، أنه بعد تلك الاشارة اللماحة ، عاد الى خلطه بين الحضارة و المدنية. وساعود لاثبات ذلك ، ويبدو انك لم تلحظ تنبيه الاستاذ الى خلطه بين الحضارة والمدنية، و استدراكه، ثانيا : التعامل مع المصطلحات امر مهم،لانه من انجازات البشرية في التعامل مع الفكر وتحديده ،و ليس امرا عارضا،كما اعتدنا من الذين يحتفرون الفكر المقعد ، في مفاهمية واستنتاجاته ،و انتقاداته. لذا فالقول برسالة ثانية كبعث اسلامي ،يقتضي بالضرورة ضبطا للمصطلح. أليس كذلك؟؟؟؟؟؟؟؟؟
وفي انتظار ردك محبتي المشاء
| |
|
|
|
|
|
|
مصطلح الرسالة الثانية مضبوط تماما.. (Re: osama elkhawad)
|
سلامات يا أسامة..
Quote: كلامي لم يكن عن اعادة التعريف للفرق بين الحضارة والمدنية في "الرسالة الثانية"، و لكن أعني ان الاستاذ بعد ذلك لم يشر الى هذا التفريق الا في مرة واحدة. |
ما قاله الأستاذ عن التفريق "لدى الدقة" بين الحضارة والمدنية في كتاب الرسالة الثانية يكفي لأن كل دعوة الأستاذ محمود في الحقيقة قائمة على مسألة الرسالة الثانية وتوضيحها.. ثم ما هي المشكلة في أن الحديث عن التعريف الجديد لم يجيء في كتاب آخر إذا كان كتاب الرسالة الثانية يعاد طباعته وهو أكثر الكتب توزيعا وانتشاراً!!؟؟؟ لا أفهم ما تقوله بـ "مرة واحدة" فهل تستطيع أن تشرح لي ضرورة إعادة الكلام في كتاب آخر؟؟ في مرة سابقة قلت أن الأستاذ يكرر نفسه، والآن تقول أنه لم يشر إلى هذا التفريق إلا مرة واحدة..
Quote: أنه بعد تلك الاشارة اللماحة ، عاد الى خلطه بين الحضارة و المدنية. وساعود لاثبات ذلك ، ويبدو انك لم تلحظ تنبيه الاستاذ الى خلطه بين الحضارة والمدنية، و استدراكه، |
أولا هي ليست إشارة وإنما شرح وتوضيح.. وقد بنى على ذلك كل الدعوة إلى نفخ الروح في المدنية الغربية [وأنا أستعمل الكلمة "المدنية" ولا أشعر بأي إشكال ولا خلط] لأن الموضوع ليس هو "مدنية" أو "حضارة" وإنما المهم هو الفكرة الإسلامية الجديدة.. مرة أخرى ليس هناك خلط.. ولم أفهم ما تقوله فيما تحته خط فأرجو أن توضح نفسك..
Quote: لذا فالقول برسالة ثانية كبعث اسلامي ،يقتضي بالضرورة ضبطا للمصطلح. أليس كذلك؟؟؟؟؟؟؟؟؟
|
لم تستطع أن تبين لي كيف أن مصطلح "رسالة ثانية" غير مضبوط.. دعنا نحصر المسألة هنا.. المفهوم الأساسي الجديد هو "الرسالة الثانية" أو ما جاء في كتاب "الثورة الثقافية" الثورة الإسلامية الثانية.. والتعامل مع الفكرة الجمهورية يتحدد على أساس المفهوم ..
وشكرا..
ياسر
| |
|
|
|
|
|
|
مصطلحا الحضارة و المدنية مرتبكان (Re: Yasir Elsharif)
|
عزيزي ياسر يبدو انك لم تستوعب سؤالي جيدا. قلت عزيزي:
Quote: لم تستطع أن تبين لي كيف أن مصطلح "رسالة ثانية" غير مضبوط.. دعنا نحصر المسألة هنا.. المفهوم الأساسي الجديد هو "الرسالة الثانية" أو ما جاء في كتاب "الثورة الثقافية" الثورة الإسلامية الثانية.. والتعامل مع الفكرة الجمهورية يتحدد على أساس المفهوم .. |
لم أقل ان مصطلح الرسالةالثانية غير مضبوط، و انما قلت ان التعامل مع مصطلحي الحضارة والمدنية ليس منضبطا. وعندما تحدتث عن "المرة الاولى " لم اقصد تفريق الاستاذ بين "الحضارة " و "المدنية"، وانما انه اشار مرة اخرى الى ذلك التفريق عندما احس ان القارئ سيرتبك. لكنه بعد كل ذلك ،عاد الى خلطه القديم بين "الحضارة " و "المدنية". ساعود لاثبات ذلك . المهم كلامي حول ضبط المصطلح ،ليس متعلقا كما فهمت خطا ب"الرسالة الثانية"، وانما كلامي ينصب حول ان الخطاب الذي يدعوالى رسالةثانية ينبغي ان يكون منضبطا في مصطلحاته، حتى لا يتوه القارئ. وهذا يعيدنا الى المسالة التي اثرناها قبل ذلك حول :
Quote: تحرير نصوص الاستاذ |
زمني ضيق ، و ساعود كان الله هون غدا،للمزيد من الاضاءات حول مصطلحي الحضارة والمدنية، ومواصلة مقاربتي محبتي المشاء
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . (Re: عبدالله الشقليني)
|
سلام للجميع
أعتقد أن الإضافة التي كتبها الأخ عمر عبد الله قد أوضحت المسألة بصورة ممتازة.. يقول الأخ عمر:
Quote: فمثلا في مسألة الحضارة والمدنية فأن تفريق الأستاذ بينهما ليس تفريق لغوي أو مصطلحي بقدر ما هو تفريق قيمي وحتى في هذا فأن الأستاذ محمود ذكر أن الاختلاف بينهما هو اختلاف مقدار لا اختلاف نوع .. ويعني ذلك انك يمكن أن تقول أن المدنية هي الطرف اللطيف من الحضارة والحضارة هي الطرف الكثيف من المدنية (أي قاعدتها) وهذا ينسجم مع رؤية الأستاذ محمود التوحيدية لكل شيء .. والأستاذ محمود عندما يستخدم كلمة حضارة فهو يشير للتطور المادي التكنلوجي ولكنه عندما يستخدم كلمة مدنية فهو يشير للجانب الأخلاقي والقيمي .. وهو في هذا متسق تماما في استخداماته فعندما يتحدث عن "المدنية" الغربية فهو يعني الجانب الأخلاقي منها وقد نسب لها الفشل برغم اقراره وإشادته بجانب التطور المادي "الحضاري" منها .. فلا أدري ما هو وجه الإشكال هنا .. |
كملة civlization باللغة الإنجليزية من قاموس Multilingual Dictionary الموجود بالشبكة يقابلها باللغة العربية: تَحَضُّر , تَمَدُّن , حَضَارَة , مَدَنِيَّة , مَدِينِيَّة القاموس يعطي كلمة civilization هذا الشرح باللغة الإنجليزية: making or becoming civilized;state of being civilized or system , stage of , social development or civilized States collectively ويعطي كلمة تَحَضُّر هذا الشرح باللغة الإنجليزية: be or become citified , be or become a city dweller , be or become civilized , be or become urbanized , be or become an urbanite , live in an urban region
وفي اللغة العربية أيضا كلمة حضارة ومدنية "وتحضُّر وتمدُّن" هما عكس بداوة وبادية.. كلمة حضارة لم ترد في القرآن ولكن وردت مشتقات بادية مثل "بادون في الأعراب".. والقاموس المذكور يعطي كلمة "بادية" هذه الكلمات باللغة الإنجليزية desert , steppe , semidesert , wilderness وهي تقابل "بالترتيب : برِّية، شبه صحراء، فلاة، وصحراء
وكلمة حاضرة تعني عاصمة أو مدينة.. وكلمة مدينة تعني تجمُّع عمراني مسكون.. الحضارة والمدنية ارتبطتا في الماضي بالزراعة والاستقرار والكيانات المتوحدة تحت حكم معين [حضارة مصر، حضارات الهند، حضارات الصين، حضارات كوش، حضارات بابل والفرس والروم، ملوك بني إسرائيل، ملوك الحثيين والفلسطينيين، خلفاء بني أمية وبني العباس وحضارة الأندلس إلى سلاطين الأتراك، وحضارات أمريكا القديمة إلخ] الحضارات أو المدنيات الحديثة ارتبطت بالزراعة والصناعة بعد الثورة الصناعية والتجارة العالمية مثل الحضارة الأوروبية والأمريكية واليابانية، وكلها يمكن إجمالها في "الحضارة الغربية" أو "المدنية الغربية الآلية الحاضرة".. هذا التعبير هو الذي جاء في كتاب "السفر الأول" وفي كتاب "قل هذه سبيلي" وفي كتاب "أسس دستور السودان".. التعامل مع عبارة ومفهوم "الحضارة الغربية" لم يتغير منذ أول كتاب ـ "السفر الأول" ـ وحتى آخر ما كتب الأستاذ ـ الديباجة.
فمثلا جاء في كتاب "تطوير شريعة الأحوال الشخصية" فقرة يحسن بي أن أوردها لأنها تتحدث عن فشل المدنية الغربية الحاضرة [في زمن وجود الإتحاد السوفيتي] في التعامل مع المرأة تعاملا أخلاقيا يعلي من قيمة المرأة كإنسان، وهي متسقة كما ذكر عمر لأن التركيز هنا هو على القيمة لتأكيد فشلها كمدنية..
Quote: المسـاواة بين الرجـال والنساء..
يخطيء كثير من الناس فهم معنى المساواة بين الرجال والنساء، فيظنون أن المساواة تقوم على المقدرة المتساوية على قوة الاحتمال، وشدة الأسر، حتى إنك لتسمع بعض الناس في المركبات العامة ينهون بعض الشبان عن أن يتركوا مقاعدهم لبعض النساء، ممن لا يجدن مقاعد، فيظللن قائمات في المركبة.. ثم هم إنما يبررون هذا النهي بقولهم: ((لا تقوموا لهن فإنهن يطالبن بالمساواة مع الرجال)).. وهذا فهم خاطئ، خطأ أساسيا.. فإن المساواة، بين الرجال والنساء، ليست مساواة الميزان، والمسطرة.. وإنما هي مساواة القيمة.. ومعنى ذلك أن المرأة، في نفسـها، كإنسان، وفي المجتمع، كمواطنة، ذات قيمة مساوية لقيمة الرجـل، في نفسه، كإنسان، وفي المجتمع، كمواطن.. وهذه المساواة تقوم وإن وقع الاختلاف في الخصائص، النفسية، والعضوية، في بنية الرجال والنساء.. وهي تقـوم، وإن اختلفـت الوظيفة الاجتماعيـة، وميدان الخدمة للمجتمع، الذي يتحرك فيه الرجال والنساء.. إن النظرة المادية للأمور، هذه النظرة التي هي سمة المدنية الغربية الحاضرة، هي التي طوعت لهذا الخطأ المؤسف أن يتركز في أذهان الناس.. ذلك بأن قيمة الإنسان، في هذه المدنية المادية، هي قيمة ما ينتج من آلات الإنتاج، ومن أدوات الاستهلاك.. فعندما بدأت الرأسمالية تتبلور في الإقطاع، والصناعة، وفي الصناعة بشكل خاص، كان استغلال النساء، والصبيان، وسائر العمال، يجري بصورة بشعة.. فقد كانت ساعات العمل طويلة، وكانت الأجور زهيدة.. فلكأنما العامل إنما كان يعطى الأجر الذي يحفظ الحياة عليه، ويعطيه القدرة على مواصلة الانتـاج، من أجل صاحب المصنع، أو صاحب المزرعة.. ومن هذا المستوى بدأ الصراع، بين العمال والعاملات من جانب، وأصحاب العمل من الجانب الآخر.. وأخذت التنظيمات العمالية تظهر، وتنتظم، وتنضبط، وتناضل.. وأخذت المرأة، وهي مشمولة في هذا التنظيم، تتطلع إلى منافسة الرجل، وتطمح إلى المساواة معه في الأجر.. ومعلوم، ومقدر، أن شعار الإنتاج الطبيعي أن الأجر المتساوي لا يكون إلا للعمل المتساوي.. ومن ههنا، ومن وقت بعيد، بدأ مفهوم المساواة الخاطئ يجد طريقه إلى الأذهان.. ولم تغير الاشتراكية التي جاءت بالثورة السوفيتية في هذا المفهوم الخاطئ، بل مدت له، وعمقته.. ولا غرو، في ذلك!! فإن القاعدة المشتركة بين الرأسمالية والاشتراكية الماركسية إنما هي النظرة المادية.. واليوم فإنه، في الدول الاشتراكية، لا تعرف للمرأة كرامة إلا إن كانت مستقلة اقتصاديا.. وهذا يعني عندهم، أن تكون امرأة عاملة في ميادين الإنتاج التقليدية، وفي الحركة الشيوعية كلها تظهر حركة المرأة وكأنها قضية عمل، وإنتاج.. فاتجهت المرأة اتجاه الرجال حتى استرجلت، أو كادت.. ويحدثنا باحث اجتماعي، هو فرانك لوريمر، ان اشتغال نساء الاتحاد السوفيتي بالأعمال الشاقة قد تسبب في زيادة في الإجهاض، وزيادة في انخفاض الخصوبة في النساء.. وهذا عندنا أمر طبيعي ما دامت الدولة لا تدخل في تقييمها الاقتصادي عمل المرأة في المنزل.. فالمرأة السوية، التي تتجه إلى ممارسة وظيفتها الأساسية، في إنجاب الأطفال، وتكوين الأسر، ورعاية شئونها في بيـوت سعيدة، إنما تقوم بذلك على حساب راحتها، وصحتها.. ذلك بأن الدولة لا تعتبر هذا العمل إنتاجا يقاس إلى إنتاج أدوات الاستهلاك.. فهي مطلوب منها أساسا أن تؤدي ساعات عملها كما يؤديها زوجها، ثم إذا هما رجعا للمنزل، يكون من حظ زوجها أن يرتاح، ويكون من حظها هي أن تواصل العمل فيما يحتاج إليه منزلهما المشترك، من خدمة ضرورية، ومن عناية بالأطفال.. ومثل هذا الشقاء تكون له نتيجة نفسية واحدة، محتمة، هي الرغبة عن كثرة إنجاب الأطفال.. وهذا الميل النفسي يترك أثرا عضويا هو انخفاض الخصوبة.. إن الاشتراكية السليمة يجب أن تدخل قيماً جديدة في التقدير.. وتلك هي القيم التي تجعل المادة وسيلة الإنسان إلى الحرية، لا بديلا عن الحرية.. إذ ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان.. فإذا ما دخلت هذه النظرة التقييمية الجديدة فإن الإنسان سيكون سيد الآلة، وليس خادمها.. وستكون المرأة المنتجة، وفي القمة، هي المرأة التي تنجب الأطفال، وتعنى بهـم، كما ً، وكيـفاً.. وستكون هي أولى بالتكريم من العلماء، والفنيين الذين يعملون في إنتاج الطائرات، والصواريخ.. وهي، من ثم تستحـق من المجتمع المكافأة الأدبيـة، والماديـة التي بـها تتحقـق، وتتوكد، كرامتها.. |
أما هذا النص من "الديباجة" التي أكمل الأستاذ كتابتها في أكتوبر 1984 وقصد بها أن تكون ملحقة بكتاب "أسس دستور السودان" فهو يتحدث عن "الحضارة الغربية" لأن التركيز هنا على المنجزات التكنولوجية ثم إبراز الفشل في القيمة بعدم العدل في توزيع الثروة.. وأرجو ملاحظة ما وضعت لك تحته خطأ "هي حضارة، وليست مدنية" لأنه يرد على حجتك السابقة بأن الأستاذ لم يذكر هذا غير مرة واحدة وأنا لم أقم باستقصاء كل الكتب لكي أبحث عن موضع آخر ولا أستبعد وجوده، ولكن الأمر المهم هو القيمة كما قال عمر:
Quote: "16"
الحضارة الغربية الحاضرة بشقيها - الاشتراكي والرأسمالي - إنما هي حضارة مادية – قيمة الإنسان فيها مهدرة، وقيمة الحطام مرتفعة.. هي حضارة، و ليست مدنية.. هي حضارة التكنولوجيا الهائلة، والآلات الرهيبة، ولكن الإنسان فيها ليس سيد الآلة .. لقد نمت التكنولوجيا الثروة بصورة خيالية، و لكن، لغياب القيمة، لم يكن هناك عدل في توزيع الثروة، وإنما انحصـرت في أيدي القلة، وأصبح الفقر نصيب الكثرة، فذهل الغني، بالغنى، عن إنسانيته، كما شُغل الفقير، بالفقر، عن إنسانيته، فانهزم الإنسان، في هذه الحضارة المادية، الآلية الهائلة، المذهلة.. |
وشكرا
ياسر
(عدل بواسطة Yasir Elsharif on 03-27-2007, 10:27 AM) (عدل بواسطة Yasir Elsharif on 03-27-2007, 02:25 PM)
| |
|
|
|
|
|
|
رؤية الأستاذ بخصوص وظيفة المرأة في البيت تتجاوز ما وصلت إليه الحداثة وما بعد الحداثة!!! (Re: Yasir Elsharif)
|
الأخ العزيز أسامة،
تحية طيبة
في تقديري أن رؤية الأستاذ محمود في مسألة التعامل مع المرأة تعاملا يعلي من قيمتها كإنسان ويعتبر دورها كأم في المنزل وظيفة قائمة بذاتها من غير أن يحرمها من المشاركة في الوظائف الأخرى التي تبدع فيها مثل الطب والقانون والتعليم والمسرح والتمثيل وغير ذلك، هذه الرؤية لم تتوصل إليها لا حقبة الحداثة ولا حتى ما يسمونه بما بعد الحداثة.. وهذا المثال وحده كاف ليبرر القول في الفقرة التي نقلتها أنت من المقدمة التي كتبتها الأستاذة أسماء محمود والأستاذ النور حمد لمجلد "نحو مشروع مستقبلي للإسلام" الذي يحوي ثلاثة كتب رئيسية من كتب الأستاذ محمود.. وهي من الرؤى التي أرجو أن تضمن في الأنظمة الإقتصادية والإجتماعية في كل الدول.. ولا أعتقد أن ما ورد في تلك الفقرة يختلف مع القول الذي نقلته أنت أيضا من كتاب "قل هذه سبيلي"..
Quote: في تقديرنا أن رؤى الأستاذ محمود محمد طه،متجاوزة للتفكير الإسلامي السلفي بكل تشكلاته،كما هي متجاوزة أيضا، للأطر المعرفية لحقبة الحداثة الغربية الممتدة من عصر التنوير وحتى يومنا هذا.و هذا هو ما يعطي أفكاره أهمية خاصة،ففكره بالإضافة إلى كونه يمثل مخرجا جيدا، من أزمة التفكير الإسلامي المزمنة،بإزاء مفاهيم الحداثة،فهو أيضا فكر متجاوز لما أصطلح على تسميته بحقبتي "الحداثة" و "ما بعد الحداثة" الغربيتين. |
وشكرا
ياسر
| |
|
|
|
|
|
|
Re: وعلمتني من تأويل الأحاديث.. الرؤى.. (Re: Yasir Elsharif)
|
معذرة على التاخير لاسباب خارجة عن الارادة.
مرحبا بعودة الاستاذ عمر هواري. سبق لي الاشارةالى ضرورة توفير امكانية للبحث في خطاب الاستاذ وخطاب الجمهوريين من خلال الموقع. ولقد سعدت بتحقيق تلك الامنية التي افادتني كثيرا، وبالتاكيد ستفيد كل القراء والباحثين،وستوفر لهم كثيرا من الجهد و الزمن. لكن لاحظت أن بعض نتائج البحث احيانا لا تتطابق مع المطلوب. اي انها تعرض لك صفحة لا يوجد فيها تظليل ولا ننائج تتوافق مع المطلوب. ارجو معالجة هذه المسألة ، مع خالص شكري وتقديري لمجهود الاستاذ : عمر هواري المقدر في تطوير موقع الفكرة.
ساعود غدا للتعليق على ما قال به الاستاذان عمر هواري و ياسر الشريف، ومواصلة مداخلتي. خالص شكرنا لكل المتابعات والمتابعين ، وسيد الحوش الصغير , الشقليني وهو يغرف من فيض الرؤى، في انتظار مساهمته. المشاء
| |
|
|
|
|
|
|
حول مصطلحي الحضارة و المدنية (Re: osama elkhawad)
|
نأتي للرد على الاستاذين ياسر الشريف وعمر عبد الله "هواري"،في ما يتعلق باستخدام الاستاذ لمصطلحي الحضارة والمدنية.
يقول ياسر الشريف ان الاستاذ استخدم المدنية والحضارة كمترادفات:
Quote: فالحضارة الفارسية والرومانية كانتا أيضا مدنيات بالمعنى المتعارف عليه في السابق حيث كانت الكلمتان مترادفتين لمعنى واحد تقريبا في اللغة العربية.. والحضارة الغربية هي أيضا مدنية واستعمال الأستاذ لهما كمترادفتين لا غبار عليه لأنهم بالفعل كذلك في المفهوم الشائع.. |
ويقول ايضا مؤكدا ترادف ا لحضارة والمدنية في خطاب الاستاذ:
Quote: الحضارات أو المدنيات الحديثة ارتبطت بالزراعة والصناعة بعد الثورة الصناعية والتجارة العالمية مثل الحضارة الأوروبية والأمريكية واليابانية، وكلها يمكن إجمالها في "الحضارة الغربية" أو "المدنية الغربية الآلية الحاضرة".. |
يثبت ياسر ترادف المصطلحين في خطاب الاستاذ ،ثم يعود بعد ذلك لتبني راي الاستاذ عمر هواري الذي لا يقول بترادف المصطلحين ،وانما ان الحضارة هي الجانب المادي و المدنية هي الجانب الروحي او القيمي .
يقول عمر هواري:
Quote: والأستاذ محمود عندما يستخدم كلمة حضارة فهو يشير للتطور المادي التكنلوجي ولكنه عندما يستخدم كلمة مدنية فهو يشير للجانب الأخلاقي والقيمي. |
و من الملاحظ في الاستشهادات التي اتى بها عمر هواري ان الاستاذ في الاستشهاد التالي يفهم الحضارة على انها الجانب المادي ،و المدنية هي الجانبان المادي والروحي معا. تأمل هذا الاستشهاد:
Quote: ان الزمان قد استدار استدارة كاملة، وأصبحنا نعيش اليوم في فترة تؤرخ نهاية عهد وبداية عهد.. وأصبحت منطقة العرب مسرحا لصراع حضاري جديد، هو الصراع بين الحضارة الغربية الآلية كما يمثلها اليهود، فيحسنون تمثيلها، كل الإحسان، وبين المدنية الإسلامية ((الروحية ـ المادية)) كما يمثلها العرب، فيسيئون تمثيلها، كل الإساءة.. وستكون نتيجة هذا الصراع الحضاري، مولد المدنية الجديدة المرتقبة، إن شاء الله، ولكن على العرب ان يهبوا، وان ينهضوا، وان يحسنوا تمثيل المدنية الإسلامية في كفاءة، وكفاية، حتى يتم التزاوج والتلاحق. |
وفي المثال التالي يهفم الاستاذ المدنية باعتبارها تمثل الجانب الروحي والجانب المادي معا.تأمل :
Quote: وهم لن ينتصروا الا اذا اقاموا أخلاقهم على لباب من الإسلام، ولباب من المدنية الغربية ـ مدنية الإسلام الروحية ـ المادية.. وهذا لا يتأتى، على الإطلاق، بالسير وراء الزعامات الحاضرة.. جمال عبد الناصر والقومية العربية ـ فيصل والتفكير الإسلامي، السلفي، المتخلف |
بعد ان انتهى الاستاذ من التفريق بين الحضارة والمدنية ،عاد بعد اسطر معدودات ليتحدث عن المدنية الغربية الآلية الحاضرة،فكيف يمكن ان نتحدث عن مدنية غربية وهو اصلا قد نفى عنها "المدنية" وقال انها حضارة .فلكي يتسق الخطاب بعد ذلك التفريق بين المصطلحين ،كان ينبغي ان يتحدث عن "الحضارة الغربية الآلية" وليس عن "المدنية الغربية الآلية". ويتمثل ذلك الارتباك المفهومي في المثال التالي.
بعد ان ذكر "المدنية الغربية" ،تذكر انه فرق بين الحضارة والمدنية،نافيا صفة المدنية عن الحداثة الغربية قبل قليل ، فعاد الى الاستدراك بعد ان احس انه يربك القارئ:
Quote: ولا يجئ الحل إلا من تلقيح المدنية الغربية . أو قل ، إن أردت الدقة ، الحضارة الغربية - بروح جديد ، هو روح الإسلام ، وإنما رشح الإسلام لهذا المقام مقدرته على حل الإشكال القائم بين الفرد والجماعة ، وبين الفرد والكون ، وهو أمر أسلفنا في تفصيله القول. |
ونواصل المشاء
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . (Re: عشة بت فاطنة)
|
العزيزة الأستاذة / عشة بِت فاطنة تحية لكِ وأنتِ بيننا .
لقد كان ولم يزل ( البوست ) عالي بعلو المُتداخلون بثرائهم قد اغتنى ، وعمتُه رِفعة شأن وثِقل مَقُولة . تنبهنا جميعاً أن الأستاذ / محمود محمد طه قامة في الفكر ، بدأ الأمر إضاءة لذكرى ، ونما وبدت الساق والأفرُع وبانت الأغصان وتكورت الثمار . بك وبفضل الكُتاب الأفاضل فتحنا نافذة لقراءة فكر الأستاذ وتبيُن ملامح رؤاه . تجمع بيننا نفرٌ عزيز ، آخت بينهم رؤى يشتركون جميعاً منهاجها العام ويفترقون في الخاص . ارتضى الجميع أن نفتح صفحات الخلاف بجدية وبود وتقدير لرؤى بعضنا البعض ، وبالخطو بالمنطق لتبيان المواقع .
شكراً لكِ وشكراً للجميع . ونواصل
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . (Re: عبدالله الشقليني)
|
الأخ أسامة تحية طيبة لك ولصاحب البوست الأستاذ عبد الله الشقليني وللضيوف الكرام بالإضافة لما ذكره دكتور ياسر هنا فالمتابع لتفاصيل دعوة الأستاذ محمود لا بد يعلم أنها دعوة تقوم على الجمع بين المادة والروح في إطار واحد وهو ما يميزها على الدعوات الصوفية الأخرى التي أهملت الجانب المادي وذلك كما في قولهم "الدنيا جيفة وخليناها لكلابها" فحديثه عن المدنية اذا ، سواءا كانت غربية أو اسلامية ، فهو لابد يعني هذا الجمع بين المادة والروح .. ولذلك تجد أن دعوة الأستاذ محمود لعودة الإسلام تقوم على الجمع بين الإشتراكية والديمقراطية والعدالة الإجتماعية في نظام واحد .. والإشتراكية كما تعلم تقوم على تنمية الإنتاج وعدالة التوزيع وقد كرر الأستاذ محمود أن التطور التكنلوجي الحاضر جعل الدعوة لها ممكنة الآن بينما تعذر ذلك في الماضي حيث أن الإشتراكية بنت الآلة .. اذا فالمدنية التي يريدها الأستاذ محمود أساسها مادي ولكنها لا تفرط في القيم الأخلاقية كما فرطت المدنية الغربية الآلية الحاضرة فأضحت بذلك مدنية فاشلة حتى أنه ليصح أن يقال عنها أنها "حضارة" وليست "مدنية" "لدى الدقة" وذلك لاهتمامها فقط بالجانب المادي وتفريطها في الجانب الأخلاقي .. فوصف الأستاذ محمود لها بالمدنية ليس وصفا غير مشروط ولا يحتاج لتصحيح فقد أوضح الأستاذ في أكثر من موقع وأبان أنها مدنية آلية "فاشلة" نجحت في المجال المادي ولكنها فشلت في المجال الأخلاقي والروحي .. المسألة في غاية الوضوح والبساطة اللهم الا إذا أردنا أن نصبح مثل الفقهاء في تمسكنا بظاهر النصوص والانشغال بالقشور دون اللباب .. فهل نطمع في أن تناقش ، أخي اسامة ، جوهر دعوة الأستاذ محمود ، للمدنية المرتقبة التي تجمع بين الروح والمادة في أطار معرفي وتطبيقي موحد يختلف عن النظرية الغربية وعن التطبيق الغربي؟! أرجو ذلك كما أرجو أن تكون متابع لكتابات الأستاذ خالد الحاج في هذا الجانب ، في الخيط أدناه: خالد الحاج: الأستاذ محمود في الذكرى الحادية والعشرين مح...تعريف بأساسيات دعوته عمر
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . (Re: Omer Abdalla)
|
عزيزي عمر سلامات شكرا لتعقيبك ما تعتقد انه قشور في مقاربتي خطاب الاستاذ ، هو بالنسبة لي بعض مما احاوله في ظروف صعبة ، من بينها انعدام مقاربة نصية لخطاب الاستاذ. فنحن نحاول الغوض ولو لمدى متواضع في خطاب الاستاذ ، وهذا ما لم تحاوله الكثير من الكتابات التي إما اكتفت بتكفير الاستاذ ،او تمجيده. فكلامي عن استخدام الاستاذ لمصطلحي "المدنية والحضارة" يهدف الى بحث الطريقة التي ينتج بها الاستاذ خطابه حول المصطلحين. و كما لاحظت في ردي ،فان ما تقول به عن استخدام الاستاذ لمصطلحي الحضارة والمدينة، مختلف عما قال به الاستاذ ياسر الشريف الذي تحدث عن ترادف بينما انت تتحدث عن ان هنالك وضوحا كاملا لا لبس فيه في انتاج خطاب الاستاذ للمصطلحين. وحتى من كلامك الآتي الذي ورد في تعقيبك الاخير نكتشف مدى الربكة التي احدثها انتاج الاستاذ لذينك المصطلحين. قلت عزيزي:
Quote: كما فرطت المدنية الغربية الآلية الحاضرة فأضحت بذلك مدنية فاشلة |
كيف تتحدث عن مدنية بينما انك تقول ان الاستاذ يصف الحداثة الغربية بالحضارة وينفي عنها المدنية؟؟؟ وهذا من ضمن كلامك الاساسي الذي يخالف مفهوم الترادف عند الاستاذ ياسر. فانت ترى ان الحضارة هي المستوى المادي و المدنية هي المستوى القيمي الاخلاقي في المجتمعات البشرية. هذا هو الارتباك بعينه،المتولد من ارتباك انتاج الاستاذ للمصطلحين.
أفهم تماما عزيزي ان الاستاذ دعا مرارا ،وهذا جوهر دعوته،للمزج بين المادي والروحي، لكن تبقى المسالة متمثلة في كيفية انتاج نص عن هذه الثنائية. وهنالك اشكاليات اخرى متعلقة بالنموذج النظري للاستاذ في كيفية البعث. وسنعود لذلك ، بعد ان نكمل كلامنا حول ذينك المصطلحين، وما هو الغائب في خطاب الاستاذ، ولماذا حدث ذلك الارتباك المفهومي.
محبتي
و شكري لعشة بت فاطمة.
وفي انتظار الشقليني للمواصلة.
ارقدوا عافية المشاء
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . (Re: osama elkhawad)
|
سلامات يا عزيزي أسامة، هذا قولك للأخ عمر:
Quote: و كما لاحظت في ردي ،فان ما تقول به عن استخدام الاستاذ لمصطلحي الحضارة والمدينة، مختلف عما قال به الاستاذ ياسر الشريف الذي تحدث عن ترادف بينما انت تتحدث عن ان هنالك وضوحا كاملا لا لبس فيه في انتاج خطاب الاستاذ للمصطلحين. |
أعيد ما قلته لك بعاليه بإضافة وتوضيح أكثر: ما أقول به ليس إثبات أن الأستاذ محمود يستخدم المصطلحين بطريقة مترادفة.. ولكن الفهم الشائع للكلمتين فيما يخص الحضارات السابقة كان مترادفا [وقد أوضحت لك هذا من التعريفات]، والأستاذ ينظر إلى تلك الحضارات بنفس هذا الترادف، والتعريف الجديد لا يشمل المدنيات أو الحضارات السابقة.. مرة أخرى: الأستاذ محمود يستخدم كلمتي "حضارة" و "مدنية" فيما يخص الحاضر بالدقة التي عرَّف بها الكلمتين ويعتبر أن المدنية يجب أن تكون هي الجمع بين التقدم المادي والتقدم القيمي والأخلاقي [العدل والمساواة والسلام].. وعمر هواري كلامه واضح ولا يختلف من كلامي.. لاحظ قوله في مداخلته:
Quote: اذا فالمدنية التي يريدها الأستاذ محمود أساسها مادي ولكنها لا تفرط في القيم الأخلاقية كما فرطت المدنية الغربية الآلية الحاضرة فأضحت بذلك مدنية فاشلة حتى أنه ليصح أن يقال عنها أنها "حضارة" وليست "مدنية" "لدى الدقة" وذلك لاهتمامها فقط بالجانب المادي وتفريطها في الجانب الأخلاقي |
وأنا لا أتفق مع قولك لعمر :
Quote: كيف تتحدث عن مدنية بينما انك تقول ان الاستاذ يصف الحداثة الغربية بالحضارة وينفي عنها المدنية؟؟؟ |
فهو قد ألحق كلمة المدنية بـ "الآلية الحاضرة".. [لا تنس هذا التوصيف].. ثم أنه قال "لدى الدقة" وهي نفس العبارة التي استخدمها الأستاذ محمود فيما نقلته أنت..
وشكرا..
ياسر
| |
|
|
|
|
|
|
الأستاذ محمود يوضح الفرق بين التفسير والتأويل... (Re: عبدالله الشقليني)
|
سلامي للجميع..
في هذه المداخلة أريد أن أعرض إلى توضيح الأستاذ محمود للفرق بين التفسير والتأويل.. فهو يقول بأن التفسير هو قاعدة هرم المعنى والتأويل قمته.. وهذا [يا أسامة] يشبه قوله عن أن الحضارة قاعدة الهرم والمدنية قمته.. مسألة الحديث عن التأويل جاءت بتفصيل في كتاب "القرآن ومصطفى محمود والفهم العصري".. وكان الدكتور مصطفى قد أسمى كتابه "محاولة لتفسير عصري للقرآن" ونشره في صباح الخير في حلقات، ولكن عندما طبع الكتاب أسماه "القرآن محاولة لفهم عصري".. وكانت مجلة الأضواء السودانية، في أثناء نشر تلك الحلقات، قد تقدمت بسؤال للأستاذ محمود عن: هل يملك الدكتور مصطفى محمود مؤهلات المفسر العصري للقرآن.. وقد نشرت إجابة الأستاذ بعدد السبت الموافق 4/4/1970، وكان نصها:
Quote: (مؤهلات المفسر العصري للقرآن تقوم على أمرين: أن يكون المفسر ملما إلماما صالحا بحاجة العصر، وأن يكون عالما علما وافيا، ودقيقا، بحقيقة القرآن .. فأما حاجة هذا العصر فإلى الهداية .. فإن البشرية لم تكن يوما في التيه كما هي اليوم .. وسمة هذا العصر هي القلق، والحيرة، والاضطراب .. هذا عصر الثورات: الثورة الثقافية، والثورة الجنسية، وثورة الشباب، وكلها دليل على القلق، والحيرة، والاضطراب .. هذا عصر (الهيبيز) .. جماعات من الشباب، من الجنسين، يزيد عددهم كل يوم، ويستطير شرهم كل يوم، حتى لقد عم جميع الأقطار .. يقوم مجتمعهم على الرفض، فهم قد وجدوا مجتمع الحضارة الغربية، الآلية، مجتمع إنتاج واستهلاك، فقد الإنسان المعاصر فيه روحه، وقيمته، وحريته، واستحال إلى آلة تنتج وتستهلك، فرفضوه، ورفضوا معه كل عرف، ودين .. وفزعوا إلى صور من مجتمعات الغابة، فهم يلبسون المرقعات، ويسيرون حفاة، ويرسلون شعورهم، ويبيتون على الأرصفة، والطرقات، ويستبيحون بينهم من العلائق الجنسية ما ظلت البشرية على صيانته حريصة خلال تاريخها الطويل .. هم يبحثون عن حريتهم، وعن إنسانيتهم، وعن فرديتهم، فلا يكادون يجدون غير الضياع، وغير القلق، وغير الإضطراب .. فهل عند مصطفى محمود إدراك واسع لهذه الظاهرة، واهتمام بها، وسعي لإيجاد الهداية لها من القرآن بتفسيره العصري؟؟ ثم حقيقة القرآن .. ما هي؟؟ هي العلم المطلق .. وعندما تأذن الله أن يسرع الإنسان في معرفة المطلق نزله من الإطلاق إلى القيد، فكانت، في قمة القيد، الإشارة، وفي قاعدة القيد العبارة .. فأما العبارة فهي (الكلمة العربية) .. وأما الإشارة فهي (حرف الهجاء العربي) وأما حقيقة القرآن فهي فوق الإشارة، وفوق العبارة .. ولقد قال تعالى في ذلك: (حم * والكتاب المبين * إنا جعلناه قرآنا، عربيا، لعلكم تعقلون * وإنه، في أم الكتاب، لدينا، لعلي حكيم) فاما قوله: (حم) فإشارة .. وأما قوله: (والكتاب المبين) فعبارة .. وكذلك قوله: (إنا جعلناه قرآنا، عربيا، لعلكم تعقلون ..) فإنه عبارة تفيد العلة وراء تقييد المطلق .. وأما قوله: (وأنه، في أم الكتاب لدينا، لعليّ حكيم ..) فإنما هو عبارة، تفيد، بقدر طاقة العبارة، عن حقيقة القرآن .. وحقيقة القرآن لا تعرف عن طريق القراءة، وإنما تعرف عن طريق الممارسة في تقليد المعصوم، عبادة وسلوكا، وهو ما سمي، في أخريات الأيام، (بالتصوف) .. فهل عند مصطفى محمود قدم في التصوف؟؟ لا!! ولا كرامة!! إن ما أسماه الدكتور مصطفى محمود تفسيرا عصريا للقرآن ليس بتفسير، على الإطلاق، وإنما هو خواطر .. ولو قد كان للدكتور الفاضل قدم في التصوف لمنعه الورع أن يخوض فيما خاض فيه من أمر الدين بهذه الخواطر الفطيرة .. ومهما يكن من الأمر، فإن البشرية اليوم لا تحتاج إلي تفسير القرآن، وإنما تحتاج إلي (تأويله) .. وليس ههنا مجال الخوض في هذا الأمر، وإنما موعدنا مع القراء الكرام كتاب، هو الآن تحت الإعداد، في الرد على محاولة الدكتور مصطفى محمود لما أسماه بتفسير عصري للقرآن .. |
أما في متن الكتاب فقد جاء توضيح أكثر للمسألة:
Quote: التفسير والتأويل:
للقرآن تفسير، وله تأويل .. وبين التفسير والتأويل إختلاف مقدار، لا اختلاف نوع .. فالتفسير قاعدة هرم المعاني، والتأويل قمته .. وتتفاوت المعاني، بين القاعدة والقمة، من صور الكثافة إلى صور اللطافة .. فلكأن التأويل هو الطرف اللطيف من التفسير .. وقمة هرم المعاني عند الله، حيث لا عند، وفي ذلك قال تعالى: (عن القرآن بين القمة والقاعدة) (حم * والكتاب المبين * إنا جعلناه قرآنا عربيا، لعلكم تعقلون * وإنه، في أم الكتاب، لدينا، لعليّ حكيم) فإن كلمة (لدينا) هنا، ليست ظرف مكان، وإنما هي للتناهي، حيث ينتهي الزمان، والمكان، وذلك لدى عتبة الذات، التي لا يحويها الزمان، ولا المكان .. وبهذا المستوى فإن تأويل القرآن لا يعرفه، عند التناهي، إلا الله، وهذا معنى قوله تعالى: (هو الذي أنزل عليك الكتاب، منه آيات محكمات ، هن أم الكتاب، وأخر متشابهات، فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه، ابتغاء الفتنه، وابتغاء تأويله، وما يعلم تأويله إلا الله .. والراسخون في العلم يقولون: آمنا به، كل من عند ربنا .. وما يذكر إلا أولو الألباب) ولقد أخطأ قوم فظنوا أن التأويل، من حيث هو، لا يعرفه إلا الله .. وذلك لا يستقيم، لأن تنزلات القرآن، من لدن الذات، عديدة، وللعارفين فيها مواضع، ولا ينقطع حظهم من المعرفة إلا عند حضرة الذات .. فإنه، في حضرة الذات، مبلغ العلم الحيرة .. وفي الحيرة خير كثير .. لأن بها يعرف العقل قدر نفسه .. و (من عرف نفسه فقد عرف ربه) كما قال المعصوم .. وقد إعتصمت الذات العلية عن أن يعرفها أحد معرفة استقصاء، وإحاطة، لأنها قد تفردت بالوحدة المطلقة، فليست ذات تشابهها، فتعرفها، ولذلك فقد قيللا يعرف الله إلا الله) .. وإنما، من ههنا، جاء قوله تبارك، وتعالى: (قل لا يعلم، من في السموات والأرض، الغيب إلا الله، وما يشعرون أيان يبعثون * بل ادارك علمهم في الآخرة، بل هم في شك منها، بل هم منها عمون) .. فالغيب هنا، هو الله، في إطلاق ذاته، فإنه لا يعلمه أهل السموات من الملائكة المقربين، ولا أهل الأرض من علماء الجن والإنس .. بل استغرق علم هؤلاء علم الآخرة .. بل، حتى هذه، لم يستقصوها علما، ولم يحصوها يقينا .. قال تعالى: (بل ادارك علمهم في الآخرة) يعني اجتمع، ونفد، فلم يستقص، ولم يحط .. (بل هم في شك منها) لقصور علمهم بها .. (بل هم منها عمون) .. فتلك ثلاث درجات من العلم، كلها انحصرت في حضرات التنزلات، وانحسرت عن حضرة الذات .. وحضرات التنزلات كثيرة، لا تحصى، ولكنها جميعا تنضوي تحت ثلاث، فإن الذات العلية، تنزلت من إطلاقها، وصرافتها، إلى مرتبة الاسم – العلم – ثم إلى مرتبة الصفة – الإرادة – ثم إلى مرتبة الفعل – القدرة – .. ومن هذه الثلاث جاء خلق المخلوقات، فحضرة العلم أحاطت بالمخلوقات، وحضرة الإرادة خصصت الصورة الأولى، وحضرة القدرة أبرزتها إلى الوجود الأول، وفق تخصيص الإرادة، وإحاطة العلم، ثم باشرت إبراز تعاقب الصور في نسق حكيم، وتسلسل دقيق، تضبط منازله الإرادة الرشيدة، ويوجه خطوه العلم المحيط إلى سدة الذات العلية في علاها .. والسير إلى سدة الذات العلية، في علاها، إنما هو تطور من الكثافة، إلى اللطافة، أو قل من الجهل، إلى المعرفة .. وذلك هو مقصود الله حين قال، تعالى من قائل: (كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب، وبما كنتم تدرسون) وهو مقصود المعصوم حين قال: (تخلقوا بأخلاق الله .. إن ربي على سراط مستقيم) .. وفي هذا التطور يقول تعالى: (يأيها الإنسان!! إنك كادح إلى ربك كدحا، فملاقيه) ولا تكون ملاقاة الإنسان ربه بقطع المسافات، وإنما هي بتقريب الصفات من الصفات – بتقريب صفات العبد، من صفات الرب – وذلك هو معنى الأمر بالتخلق بأخلاق الله .. |
Quote: التأويل
قلنا في صدر حديثنا هذا : (للقرآن تفسير، وله تأويل .. وبين التفسير والتأويل اختلاف مقدار لا اختلاف نوع .. فالتفسير قاعدة هرم المعاني، والتأويل قمته .. وتتفاوت المعاني، بين القاعدة والقمة، من صور الكثافة، إلى صور اللطافة .. فلكأن التأويل هو الطرف اللطيف من التفسير) .. هذا ما قلناه في صدر هذا الحديث، ونقول الآن بعد أن عددنا مراتب تنزلات الذات، وهي عينها تنزلات القرآن أن التفسير يتناول القرآن فيما تعطي ظواهر الكلمات العربية .. وهذا حظ مشترك، أو يكاد يكون مشتركا بين العارفين .. ثم تتفاوت حظوظ العارفين من القرآن في التنزلات، من منزلة صفة الكلام، إلى منزلة صفة الحياة .. والصورة العامة لهذا التفاوت ما حكته الآية: (وفوق كل ذي علم عليم)، إلى أن ينتهي العلم إلى (علام الغيوب) في معنى الآية: (قل لا يعلم من في السموات والأرض الغيب، إلا الله) .. والتفاوت بين حظوظ العارفين من القرآن، إنما مجاله التأويل، وليس مجاله التفسير، على الإطلاق .. وكلما تسامت المعاني نحو القمة، كلما قل عدد العارفين، وكلما قصر تطاول المتطاولين .. ثم يسيرون في الندرة حتى ينقطعوا .. فإن المجال مجال سير، وترق غير متناه .. والغاية عند الله، حيث لا عند .. وذلك مضمار السير السرمدي، والترقي السرمدي، في الآن، وفي الأبد، وفيما بعد الأبد، من السرمد الذي يخرج عن الزمان، أو يكاد إلى من لا يحويه الزمان، ولا المكان .. وعندما يتناهى القرآن إلى الذات، لا يعرفه عارف، ولن يعرفه .. وما يعرفه ههنا غير الله، لأنه (لا يعرف الله إلا الله) أو ، على غرار الآية السالفة،: (قل لا يعلم من في السموات والأرض الغيب، إلا الله) وهذا هو مستوى التأويل، الذي لا يعلمه إلا الله، ويؤمن به الراسخون في العلم .. ولقد أشرنا إلى خطأ أصحاب التفسير، حين ظنوا أن التأويل، من حيث هو، لا يعلمه إلا الله، وما ينبغي أن يخوض فيه العارفون .. ومثل هذا الخطأ، قد أنى له أن يصحح، لينفتح باب التأويل أمام العباد المجودين، فإن فيه حقائق القرآن .. والتأويل ليس هواجس نفس كثيرة الخطرات، وإنما هو واردات عقل تأدب بأدب الشريعة، ثم بأدب الحقيقة، حتى باشر حق اليقين .. والتفسير مشمول في التأويل، بمعنى أن كل تأويل يجب ألا يتجافى مع ظاهر النص، وكل ما هناك أن الكلمات تنتقل إلى دقيق المعاني، ولطيفها، بدل غليظها، وكثيفها .. وإنما في مضمار التأويل، وفي أدنى منازله من التفسير، تجيء معرفة الحكمة، وراء النصوص، لأن النصوص، إنما هي وسيلة إلى غاية، وليست هي غاية في ذاتها .. وعلى النصوص تقوم قوانين التعامل، وتقوم قواعد الأخلاق .. والدين كله أخلاق، حتى لقد قال المعصوم: (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق) .. وقال: (حسن الخلق خلق الله الأعظم) .. وما القرآن إلا كتاب أخلاق .. والكلمة: (لا إله إلا الله) التي هي خير ما جاء به القرآن، إنما هي مطالبة بالتخلق بتوحيد القوى المودعة في البنية البشرية – العقل، والقلب، والجسد – ولقد قلنا مرارا أن التوحيد صفة الموحد (بكسر الحاء)، وليس هو صفة الموحد، وسيجيء ذكر ذلك عند الحديث في هذا الكتاب عن (لا إله إلا الله). والقانون والأخلاق شيء واحد فليس الاختلاف بين القانون والأخلاق اختلاف نوع، وإنما هو اختلاف مقدار .. فالقانون قاعدة الأخلاق .. والقانون يتطور من قاعدة كثيفة نحو قمة لطيفة، هذه القمة هي الأخلاق .. وكل قانون لا يتطور فهو ميت .. وكل قانون ، حين يتطور، إنما يتطور باستلهام قضايا كانت قبلا في منطقة الأخلاق ليجعلها ضمن قواعده هو، وهذا العمل لا يتم إلا حين نعرف نحن دقائق معاني النصوص، ونعرف تأويل الظاهر .. وأصل التأويل هو تفسير ما يؤول إليه الشيء، أي ما يرجع إليه الشيء .. وقول الله تعالى: (وأوفوا الكيل، إذا كلتم، وزنوا بالقسطاس المستقيم، ذلك خير، وأحسن تأويلا) يعني أحسن عاقبة، ومآلا، ومرجعا .. ولما كانت عاقبة الأمور جميعها إلى الله، أصبح التأويل هو معرفة الله في تنزلاته في مراتب القرب من العباد ليعرفوه، حتى إذا انتهى الأمر في عروجه إلى الذات انبهمت السبل، وظهر العجز، ووقعت الحيرة، وجاء معنى قوله تعالى: (ولا يعلم تأويله إلا الله) .. وبمعرفتنا للتأويل نطور القاعدة، وهي الشريعة، ونطور القمة، وهي الأخلاق، ويرتقي بذلك مستوى الجماعة، ويرتقي مستوى الأفراد .. والسير إنما هو سير من المحدود إلى الإطلاق .. وليس في مثل هذا السير مجال للتوقف عن الترقي في الأطوار .. والقاعدة المثلى هي قوله، تبارك، وتعالى، عن نفسه (كل يوم هو في شأن) .. وهذه في حق العبد أن يكون في كل لحظة جديدة، جديدا في فكره، جديدا في شعوره ..
الأصول والفروع
ومن معرفة التأويل تجيء معرفة أصول القرآن، وفروعه، من الآيات المكية، والآيات المدنية، وكيف أن آيات الأصول هي المقصودة بالأصالة، وآيات الفروع هي المقصودة بالحوالة .. ومعنى هذا أن الناس، لما لم يستطيعوا التكليف في مستوى الأصول نزل بهم إلى مستوى ما يستطيعون، فكانت آيات الفروع .. وآيات الأصول هي الآيات المكية، وآيات الفروع هي الآيات المدنية .. ولقد اعتبرت آيات الأصول يومئذ منسوخة .. واعتبرت آيات الفروع صاحبة الوقت .. وما نسخ آيات الأصول، يومئذ، إلا إرجاء لها ليوم يجيء فيه وقتها، وذلك حين تستعد البشرية لتطبيقها .. ولقد تحدثنا عن كل أولئك بتفصيل واف في كتابنا (الرسالة الثانية من الإسلام) .. فليراجع في موضعه .. فإن فيه يظهر ما أردنا، حين قلنا في مجلة الأضواء في الرد على سؤالها عن مؤهلات الدكتور مصطفى محمود، إن البشرية اليوم لا تحتاج إلى تفسير جديد للقرآن، وإنما تحتاج إلى التأويل .. هذا ولنا إلى (القرآن بين التفسير والتأويل) عودة إن شاء الله، كما وعدنا آنفا .. |
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . (Re: عبدالله الشقليني)
|
قلنا ان هنالك ارتباكا مفهوميا في خطاب الاستاذ في ما يتعلق بمصطلحي الحضارة والمدنية. ولعل الغائب في فهم ذلك ان الاستاذ لم يكتب معادل ذينك المصطلحين في اللغة الانجليزية مثلا. ذلك ان هنالك ترجمتين لمصطلح Civilization وهما الحضارة والمدنية .وكان يمكن للاستاذ ان يستخدم مصطلح الثقافة للاشارة الى الجانب الروحي مثلا ثم يستخدم مصطلح المدنية او الحضارة باعتباره يمثل جماع الجانبين الروحي والمادي. لكنه استخدم مصطلح الثقافة Culture باعتباره مرادفا للمدنية اي الاخلاق .يقول الاستاذ حول مصطلح الثقافة في كتابه: الثورة الثقافية
Quote: جاء في "المنجد" في اللغة قوله (ثقف الرمح: قومه ، وسواه .. . و ثقف الولد فتثقف: هذبه ، و علمه ، فتهذب و علم .. فهو مثقف ، و هي مثقفة .. و هذا مستعار من ثقف الرمح .. و الثقاف آلة تثقف بها الرماح ) قال شاعرهم: ـ إنا إذا عض الثـقــا*ف برأس صعدتنا لوينا نحمي حقيقتنا و بعض*الناس يسـقط بيـن بينا و الصعدة هي قناة الرمح .. فإذا قطعت من شجرتها و بها إعوجاج ثقفت بالثقاف ، لتكون مستوية ، و مستقيمة .. فإذا إستوت ، و إستقامت فهي قناة مثقفة .. و أراد الشاعر بقوله: إنا إذا عض الثقـاف برأس صعدتنا لوينا إنه هو وقومه شديدو المراس ، لا يلينون لتقويم المقومين ، لأن في خلقهم ، وعورة ، وإباء .. و أبان هذا حين قال: نحمي حقيقتنا وبعض * الناس يسقط بين بينا فكلمة "الثقافة" في اللغة العربية كلمة طيبة جداً ، ذلك بأنها تشير إلى التقويم ، و التهذيب .. و هذا أمر يشير إلى الأخلاق .. فلكأن "الثقافة" في اللغة العربية هي "الثقافة" في الدين الإسلامي ، "التقويم" و "التهذيب" ، فإنه ، في الإسلام ، قد قال المعصوم: "الدين المعاملة" و قال: "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق" .. و مكارم الأخلاق هي: حسن التصرف في الحرية الفردية المطلقة .. و الحرية الفردية المطلقة هي حظ الرجل ، ذي الفكر الثائر .. الرجل الذي يفكر كما يريد ، ويقول كما يفكر ، و يعمل كما يقول .. ثم يتحمل مسئولية قوله و عمله ، و فق قانون دستوري .. و قد أسلفنا تعريف القانون الدستوري .. و حسن التصرف في الحرية ، إذا كانت في قاعدتها ـ الحرية المقيدة بالقانون ـ أو في قمتها ـ الحرية المقيدة بالأخلاق ـ لا يتأتى إلا إذا تهذب الداخل ، و استقام ، فسلم القلب من مذام الأخلاق ، و صفا العقل من أوضار الأباطيل ، و الخرافات .. هذه هي الثقافة .. سلامة القلب ، و صفاء الفكر .. و إنما يتم ذلك بتثقيف الباطن .. و من الممتع حقاً أن نلاحظ أن القامة البشرية تشبه صعدة الرمح ـ قناة الرمح ـ هي تشبهها في ظاهرها ، و في باطنها ـ في ظاهرها "الجسم" و في باطنها "النفس" و لذلك فإن العرب تقول: فلان صلب القناة ، يريدون أنه صعب المراس ، قوي الشكيمة ، شديد الأسر .. |
والمقال الآتي يكشف لنا بعضا من تاريخ هجرة المصطلحات الغربية المتعلقة ب: Civilization and Culture يقول الدكتور نصر عارف: الحضارة في القراءة العربية:
وفي بدايات القرن العشرين، ومع دخول الاستعمار الأوروبي إلى الدول العربية، انتقل لفظ "Civilization" إلى القاموس العربي، وقد حدث اضطراب واضح في المفاهيم لعدم وضوح تعريفات ألفاظ: "ثقافة" و"حضارة" و"مدنية" خاصة مع وجود المفاهيم الثلاثة في اللغة العربية على حين لا يوجد سوى مفهومين في اللغة الإنجليزية، مما أدى إلى انقسام اتجاهات ترجمة المصطلح إلى اتجاهين: 1-اتجاه ترجمة مفهوم "Civilization" إلى اللفظ "مدنية": على الرغم من عدم شيوع هذه الترجمة لمفهوم "Civilization" إلا أنها أكثر دقة في اختيار اللفظ العربي، وقد بدأ هذا الاتجاه منذ أوائل القرن التاسع عشر، حيث تُرجم في عهد محمد علي باشا كتاب "إتحاف الملوك الألباب بسلوك التمدن في أوروبا"، كما استخدم رفاعة الطهطاوي في كتابه "مناهج الألباب المصرية" مفهوم التمدن في التعبير عن مضمون المفهوم الأوروبي ومشيرًا لوجود بُعد التمدن في الدين والشريعة. وظل هذا الاستخدام لمفهوم المدنية سائدًا حتى وقت قريب وبالدلالات والمعاني نفسها التي تمثل بها مفهوم "Civilization"، فقد استخدم المفهوم عام 1936م على أنه "حالة من الثقافة الاجتماعية تمتاز بارتقاء نسبي في الفنون والعلوم وتدبير الملك"، وكذلك أطلق عام 1957م على الظواهر المادية في حياة المجتمع مقابل إطلاق لفظ الحضارة على "Culture"، قاصدًا الظواهر الثقافية والمعنوية في هذه الحياة، حيث المدنية تنقل وتورث، بينما الحضارة "Culture" إنتاج مستقل يصعب اقتباسها ونشرها. ويختلف الباحثون حول تحديد الجذر اللغوي لكلمة "المدنية" فيرجعها البعض إلى "مدن" بمعنى أقام في المكان، ويرجعها آخرون إلى "دان" وهي جذر مفهوم الدين وتعني خضع وأطاع، وأيًّا كان مصدرها فقد اقترن اللفظ بتأسيس الدولة الإسلامية، وارتبط بمفهوم الدين بما يعنيه من دلالات الطاعة والخضوع والسياسة، ولقد ارتبطت المدينة في عهد الرسول -صلى الله عليه وسلم- بنظام مجتمعي حياتي وتنظيمي جديد في الجزيرة العربية ارتكز على القيم الإسلامية والمبادئ التنظيمية المنبثقة عنها. وعلى خلاف التجربة الغربية، فالمدينة في الخبرة الإسلامية هي نتيجة لوجود قيم التهذيب والعلاقات الاجتماعية والسياسية في الدين الإسلامي، وليست سببًا فيها. ومن ناحية ثانية، فقد بدأت المدينة في الخبرة الإسلامية مما انتهت عليه المدينة في التجربة الأوروبية "مرحلة المتروبوليتان"، أي المدينة التي تتبعها مدن أخرى وترتبط بها) فقد كانت المدن الإسلامية جميعها حواضر راقية تتبعها مئات المدن الأخرى المنتشرة في الإمبراطورية الإسلامية، على سبيل المثال: كانت المدينة المنورة ثم الكوفة وقرطبة والآستانة مراكز للإمبراطورية الإسلامية على مر تاريخها. ومن ناحية ثالثة، إذا كان تطور المدينة الأوروبية المعاصرة يعد دليلاً على الرقي الإنساني -طبقًا للفكر الغربي- فإن ابن خلدون اعتبر ذات الصورة من رفاهية العيش والاستهلاك طورًا تحدث فيه اختلالات في تطبيق منظومة القيم الإسلامية والضوابط التي تحدد حدود الإنسان، ومنهج تفاعله في الكون، وبالتالي تنافي مفهوم استخلاف الإنسان في الأرض، واعتبر أن مؤشر ذلك هو سكنى الحضر والمدن -مرحلة الحضارة-، وبالتالي فهي لديه نهاية العمران وخروجه إلى الفساد ونهاية الشر والبعد عن الخير.
-2اتجاه ترجمة "Civilization" إلى اللفظ العربي "حضارة":
يُعد هذا الاتجاه هو الأكثر شيوعًا في الكتابات العربية ابتداء من الربع الثاني من القرن العشرين، وبملاحظة التعريفات المقدمة لمفهوم "الحضارة" نلحظ أنها هي نفسها التعريفات التي وضعت إزاء "المدنية"، فالخلاف لفظي والمحتوى واحد وهو المضمون الأوروبي. فعادة، يربط مفهوم الحضارة إما بالوسائل التكنولوجية الحديثة، أو بالعلوم والمعارف والفنون السائدة في أوروبا، أي خلاصة التطور الأوروبي الحالي. وينطلق هؤلاء من أن الحضارة هي جملة الظواهر الاجتماعية ذات الطابع المادي والعلمي والفني الموجود في المجتمع، وأنها تمثل المرحلة الراقية في التطور الإنساني. بالنظر إلى تطور المفهوم في الكتابات العربية في العلوم الاجتماعية لوحظ أنها تخرج عن ذات الدلالات للمفهوم في الفكر الأوروبي؛ الذي يوحي بعالمية العلم والمنهج والمفاهيم وبالتالي الحضارة.
http://www.khayma.com/almoudaress/takafah/hadarah.htm
ان الترجمة المترادفة اي الحضارة والمدنية للمصطلح الغربي : Civilization قد اوقعت الاستاذ في ذلك الارتباك.وقد صدق الاستاذ ياسر الشريف حين تحدث عن ترادف الحضارة والمدنية .
و نذكر في هذا الصدد ان مقررات دراسية مثل "المدنيات القديمة" والمدنيات الحديثة ، كانت تدرس في مناهج التاريخ في مرحلة الثانوي العام سابقا. وحتى في استخدام الاستاذ لمصطلح المدنية نجده في الاصل،حينما فرق بين الحضارة والمدنية ، انه يشير الى "الأخلاق" ،بينما يشير في موضع آخر الى المدنية الروحية والمادية، وسبق لنا ايراد ذلك . فهنا تكون المدنية هي الجمع بين الجانب الروحي والمادي معا.
كان يمكن للاستاذ ان يستخدم ثلاثة حدود في كلامه عن الجانب الروحي والمادي، اي استخدام الثقافة كجانب روحي و الحضارة كجانب مادي و المدنية كجامع بين الاثنين، لكن رؤيته التوحيدية تمنعه من ذلك . المشاء
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . (Re: osama elkhawad)
|
الأخ العزيز أسامة والجميع سلامات في واحدة من مداخلاتي بعاليه كنت قد أوردت الكثير مما جاء في القاموس عن الحضارة والمدنية وقلت أن الكلمة الإنجليزية المقابلة لهما هي civilization. والآن أريد أن أعود إلى كملة "كلشر" Culture باللغة الإنجليزية أو "كولتور" Kultur باللغة الألمانية.. وطبعا نحن نعرف أن اللغة الإنجليزية جاءت من اللغات الجيرمانية.. وإذا رجعنا إلى أصل معنى الكلمة في اللغتين نجد أن له ارتباط بالزراعة، وقد قلت أن الحضارات والمدنيات في السابق كان ارتباطهما أساسا بالزراعة، فدعنا الآن نراجع جذور معنى كلمة Kultur ومركَّباتها من القاموس: Baumkultur تعني غراسة وكلمة Baum تعني شجرة.. Bodenkultur تعني زراعة وكلمة Boden تعني أرض.. Hochkultur تعني حضارة وكلمة Hoch تعني عالي أو عالية.. Kulturgeschichte تعني تاريخ الحضارة وكلمة Geschichte تعني قصة أو تاريخ.. ومؤخرا استعملت الكلمة Kultur لتعطي معنى ثقافة ومركباتها: Kulturaustausch تعني تبادل ثقافي kulturell ثقافي Kulturfilm فيلم ثقافي Kulturindustrie ثقافة الصناعة Kulturmensch إنسان مثقف Kulturzentrum مركز ثقافي ــــــ ونجد نفس الجذور لمعنى كلمة culture باللغة الإنجليزية culture تعني زراعة culture تعني مستنبت أو مستزرع agriculture تعني الحياة الزراعية أو الإقتصاد الزراعي ونفس هذه الكلمة Culture استعملت في اللغة الإنجليزية مؤخرا لتعني "ثقافة"..
الشاهد أن أي كلمة تأخذ مزيدا من المعاني بمرور الزمن وهذا ينطبق على كل اللغات، وقد تتكون كلمات جديدة تماما لم تكن مستعملة من قبل وهكذا تتطور اللغة.. من هنا يمكننا أن ننظر إلى المعنى الذي أعطاه الأستاذ لكلمة "مدنية" وكلمة "ثقافة".. ولذا فأنت يا عزيزي أسامة لست في حاجة لأن تقرر أن هناك ارتباكا مفهوميا في خطاب الأستاذ فيما يتعلق بكلمتي الحضارة والمدنية..
قولك:
Quote: كان يمكن للاستاذ ان يستخدم ثلاثة حدود في كلامه عن الجانب الروحي والمادي، اي استخدام الثقافة كجانب روحي و الحضارة كجانب مادي و المدنية كجامع بين الاثنين، لكن رؤيته التوحيدية تمنعه من ذلك . |
في الحقيقة ما أوردته من نص في كتاب "الثورة الثقافية" كان مجرد استطراد من الأستاذ لمتابعة جذور معنى كلمة الثقافة في اللغة العربية وفي الإسلام ليخلص من ذلك إلى الدخول في موضوع الكتاب الأساسي وهو "الثورة الثقافية" حيث قال عنها:
Quote: "الثورة الثقافية" هي النتيجة المباشرة "للثورة الفكرية" الثورة الثقافية هي نقطة إلتقاء الفكر بالواقع .. و المقصود هنا بالطبع هو الفكر "الثائر" .. فإذا إلتقى الفكر الثائر بالواقع فإن التغيير سريعاً ، و مع ذلك ، فإنه يجب أن يكون تغييراً بغير عنف .. "فالثورة الثقافية " ، على هذا هي التغيير السريع للأحسن ، من غير عنف .. هي تملك "سرعة" الثورة ، و تبرأ من "عنف" الثورة .. فالثورة الثقافية ، بإيجاز ، هي علم ، و عمل بمقتضى العلم .. و هذا ما به يحصل التغيير .. |
إذن اقتراحك بأنه كان يمكن للأستاذ أن يستخدم الثلاث لفظات بالطريقة التي قلتها ليس له مبرر فاستخدام عبارة "الثورة الثقافية" لم يكن في معرض الحديث عن الحضارة أو المدنية وإنما كان في معرض الكلام عن التغيير.. والثقافة ليست هي المقصود الأساسي وإنما المقصود الفكر المقوَّم "المثقف" لتطعيم الحضارة الغربية الهائلة لتصبح حضارة ومدنية.. كل هذا التمكن من استخدام اللغة ومن ابتداع معاني جديدة إنما هو نتيجة "التوحيد" يا أخي أسامة.. أكثر من ذلك، فإن فهم الأستاذ لمدلول كلمة التوحيد "لا إله إلا الله" هو فهم متقدم إذا قورن بالفهم الفقهي السلفي الموروث لتلك العبارة.. أقترح عليك أن تقرأ فصل "لا إله إلا الله" في كتاب "القرآن ومصطفى محمود والفهم العصري" ولكني سأضع بعض الفقرات التي توضح ما أردت قوله لك هنا:
Quote: (لا إله إلا الله .. إذن لا معبود إلا الله) هذا قول الدكتور، وهو قول منقول ومأثور بإضافة كلمة (بحق) بعد كلمة معبود وقد كان صحيحا في مرحلة عبادة الأصنام – مرحلة الشرك الغليظ – أما الآن وقد إنتقل الشرك الغليظ إلى الشرك الخفي فقد تطور مفهوم (لا إله إلا الله) ولم يعد: (لا معبود بحق إلا الله) وإنما أصبح معناها لا فاعل لصغير الأشياء وكبيرها إلا الله .. الفاعل واحد للكبيرة وللصغيرة، وذلك أن الإله هو تنزل الله إلى مرتبة الفعل .. فالتنزلات ثلاث: إلى مرتبة الاسم – الله – وإلى مرتبة الصفة – الأحد – وإلى مرتبة الفعل – الواحد – والواحد دائما صفة الإله .. |
وشكرا
ياسر
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . (Re: osama elkhawad)
|
سلامات يا أسامة عندما جمعت الكلمتين وقلت "لتطعيم الحضارة الغربية الهائلة لتصبح حضارة ومدنية" فإنما قصدت "لتصبح حضارة ومدنية في آن واحد" وليس هناك أي ارتباك، لا عندي ولا عند الأستاذ محمود..
قولك:
Quote: فالاستاذ لا يقول بذلك ، وانما يعتقد ان مهمة الاسلام الحضارية في رسالته الثانية، تلقيح الحضارة لتصبح مدنية، وليس تلقيحها لكي تصبح مدنية وحضارة، |
يا أخي إنت مضيق فرص التعبير كدا ليه؟؟ يمكنني أن أقول تلقيح الحضارة لتصبح مدنية ويمكنني أن أقول "تلقيح الحضارة لتصبح حضارة ومدنية في آن واحد".. ويمكنني أن أحذف عبارة "في آن واحد" إذا ظننت أن العبارة هكذا أيضا مفهومة..
ولك الشكر ياسر
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . (Re: Yasir Elsharif)
|
عزيزي ياسر قلت:
Quote: سلامات يا أسامة عندما جمعت الكلمتين وقلت "لتطعيم الحضارة الغربية الهائلة لتصبح حضارة ومدنية" فإنما قصدت "لتصبح حضارة ومدنية في آن واحد" وليس هناك أي ارتباك، لا عندي ولا عند الأستاذ محمود.. |
ثم اوردت ضيقك بردي حين قلت:
Quote: يا أخي إنت مضيق فرص التعبير كدا ليه؟؟
يمكنني أن أقول تلقيح الحضارة لتصبح مدنية ويمكنني أن أقول "تلقيح الحضارة لتصبح حضارة ومدنية في آن واحد".. ويمكنني أن أحذف عبارة "في آن واحد" إذا ظننت أن العبارة هكذا أيضا مفهومة.. |
كلامي متعلق باتساق الخطاب. فانت مثلا تعتقد ان الحضارة هي الجانب المادي و المدنية هي الجانب الروحي. وقد قلنا ان الاستاذ كان يمكن ان يستخدم مصطلح الثقافة كحد ثالث، لكن رؤيته التوحيدية تمنعه من ذلك .
وكلامك يتحدث عن "حد ثالث".لكن ذلك غير ممكن في حدود رؤية الاستاذ التوحيدية لك ظاهرة. فهو قد تحدث عن ان الحضارة والمدنية تختلفان اختلافا مقداريا ، وليس كيفيا كما بدا من قراءتك لخطاب الاستاذ. لذلك ليس من "حد ثالث" وانما ثنائيات ،تختلف فقط في المقدار. ولذلك فان المدنية هي جماع المادة والروح، وقد قال الاستاذ عمر هواري في ذلك: Quote: اذا فالمدنية التي يريدها الأستاذ محمود أساسها مادي ولكنها لا تفرط في القيم الأخلاقية كما فرطت المدنية الغربية الآلية الحاضرة فأضحت بذلك مدنية فاشلة حتى أنه ليصح أن يقال عنها أنها "حضارة" وليست "مدنية" "لدى الدقة" |
اذا المدنية في فهم الاستاذ هواري هي الروح +المادة. عموما تظل مسالة التوحيد ، و اختلاف المقدار لا النوع ،مسالة تتطلب كثيرا من التفكير. فاختلاف الحضارة والمدنية اي الجانب المادي والروحي ، هو اختلاف كيفي ،لا كمي، كما يرى الاستاذ. فلذلك لا بد من حد ثالث. وهو ما لا يقول به خطاب الاستاذ ، محبتي المشاء
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . (Re: osama elkhawad)
|
عزيزي أسامة..
قولك لي:
Quote: فانت مثلا تعتقد ان الحضارة هي الجانب المادي و المدنية هي الجانب الروحي.
|
لا ليس هذا ما أعتقده.. لقد قلت كثيرا أنني أرى مع الأستاذ أن المدنية هي الجانب المادي والجانب الروحي مع بعض وليس فقط الجانب الروحي ..
قولك:
Quote: فاختلاف الحضارة والمدنية اي الجانب المادي والروحي ، هو اختلاف كيفي ،لا كمي، كما يرى الاستاذ. |
كيف لا يكون الإختلاف بين الحضارة والمدنية اختلاف مقدار في فهم الأستاذ إذا كان يرى أن الحضارة هي الجانب المادي والمدنية هي الجانب المادي مضافا إليه الجانب الروحي أو الأخلاق والقيمة؟؟ هذه واحدة.. أما الأخرى فإنه لا يوجد في الوجود إختلاف نوع أبدا إذا جئنا للدقة طبعا.. فنحن نتوهم أن الحديد الصلب يختلف عن النحاس مثلا اختلاف نوع ونقول أن هذا حديد وهذا نحاس ونعرف الإختلاف بين خواص كل من الحديد والنحاس، ولكن لدى الدقة فإنه ليس هناك اختلاف إلا في عدد البروتونات والإلكترونات في كل من ذرتي الحديد والنحاس.. وعلى هذا يمكن لنا أن نقول أن الإختلاف بين الحديد والنحاس هو اختلاف مقدار وليس اختلاف نوع، لدى التحليل الأخير.. فإذا اقتنعت بهذا المثال في أن الإختلاف بين الحديد والنحاس إنما هو اختلاف مقدار فيمكنك أن تقتنع بمقولة الأستاذ بأنه لا يوجد في الوجود اختلاف نوع أبدا.. بهذا المستوى الدقيق من الفهم، لا يختلف الجماد عن النبات أو الحيوان إلا اختلاف مقدار، وبهذا المستوى الدقيق من الفهم أيضا، لا يختلف الموت عن الحياة اختلاف نوع وإنما اختلاف مقدار..
آسف لو شعرت بأنني ضقت عندما قلت لك:
Quote: يا أخي إنت مضيق فرص التعبير كدا ليه؟؟ |
فأنا لم أقصد إظهار الضيق.. وشكرا
ياسر
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . (Re: عبدالله الشقليني)
|
الأحباء :
الكاتب : أسامة والكاتب : ياسر
والكاتب : عمر والأعزاء المشاركين :
تبحر الأعزاء ياسر والخواض ، يلقيان علينا ( قولاً ثقيلا)
ما أجمل زاد الفكر ، تجده أنت على طبقٍ من نور . ألف شكر لكما
هُنا بالفعل يطيب الجلوس ،
وسأعود من بعد تروٍ ونواصل
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . (Re: عبدالله الشقليني)
|
في تقصي المصادر حول مصطلح ( الإحسان )
كما ورد في ، حديث أورده الأستاذ محمود محمد طه في تفصيل خاص بدرجات السلم السباعي للترقي العقدِي في سلالم العبادة ، ورد أيضاًفي منتدى شبكة الفرسان الإسلامية نص حديث في مقال الشيخ عبد السلام يس :
و نقطف بعض من نص حديثه :
[ نأخذ الرواية الأتم، ننقلها بتمامها لأهميتها البالغة، أخرجها مسلم وأبوداود والنسائي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: "بينما نحن جلوس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم، إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب، شديد سواد الشعر، لايرى عليه أثر السفر، ولا يعرفه منا أحد. حتى جلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فأسند ركبتيه إلى ركبتيه، ووضع كفيه على فخذيه، وقال: يا محمد! أخبرني عن الإسلام. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا. قال: صدقت. قال: فعجبنا له يسأله ويصدقه. قال: فأخبرني عن الإيمان. قال: أن تومن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره. قال: صدقت. قال: فأخبرني عن الإحسان. قال: أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك. قال: فأخبرني عن الساعة. قال: ما المسؤول عنها بأعلم من السائل. قال: فأخبرني عن أماراتها. قال: أن تلد الأمة ربتها، وأن ترى الحفاة العراة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان. قال: ثم انطلق. فلبثت مليا (أي قليلا) ثم قال لي: يا عمر أتدري من السائل؟ قلت: الله ورسوله أعلم، قال: فإنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم". ] وهنا الوصل :
http://www.forsan.net/books/ahdat_makalat/alehsan.htm
انتهى النص المنقول عن الشيخ عبد السلام يس ، ونعود للتنقيب ونورد الآتي :
1/
النص الوارد في الحديث الشريف ، هو من إخراج مسلم وأبو داوود والنسائي ، كما أورد الشيخ عبد السلام .
2/
المصدر للحديث هو من مصادر أهل المذهب السُني.
3/
لم نعثُر من خلال التنقيب عن رواية أخرى لنفس الحديث وردت في روايات أهل السنة من غير الصحابي عمر بن الخطاب . إذ أن النصوص الموجودة أمامنا برواية الصحابي الجليل دون غيره ، رغم أن نص الحديث يورد : ( كنا جلوس ... ) أي نحن جلوس ، ونحن تفيد بأن هنالك من جلس بصحبة النبي الكريم إضافة للصحابي عمر بن الخطاب وشارك الحضور ولم يرد الحديث من أي راوٍ آخر ممن كانوا ضمن الجلسة النبوية التعليمية .
4/
اعتمد ابن كثير أيضاً على تفسير الإحسان كما ورد في الحديث المُشار إليه كما أورده الأستاذ محمود محمد طه كمعنى من معاني ( الإحسان ) . ولمعرفة الكثيرين من العامة والخاصة من المذهب السُني لنص الحديث ، لم يذكر الأستاذ محمود مصدره كما يقتضي التوثيق في المباحث المُعتادة ، أو أنه لا يرى ضرورة من التوثيق كما اعتادته الأسفار . 5/ تم إعادة صياغة ( الإحسان ) من قِبل الأستاذ محمود محمد طه من بعد ورود الحديث المنقول عن النبي معنى آخر للإحسان كدرجة جديدة من درجات الترقي في درجات سُلم العقيدة .
ثم نواصل
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . (Re: عبدالله الشقليني)
|
الأستاذ عبد الله تحية طيبة نتابع معك وأحب هنا أن أثبت رواية الأستاذ للحديث وهي لا تختلف عن الرواية المنقولة بعاليه .. فقد ورد في كتاب "بيننا وبين محكمة الردة" قوله:
Quote: والذي ورط هؤلاء الفقهاء في الخطأ هو فهم سلفي خاطئ لحديث جبريل المشهور، الذي رواه عمر بن الخطاب: ونصه: (عن عمر رضي الله عنه قال بينما نحن جلوس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم اذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر، لا يرى عليه أثر السفر ولا يعرفه منا أحد حتى جلس الى النبي صلى الله عليه وسلم فأسند ركبتيه الى ركبتيه ووضع كفيه على فخذيه وقال: ((يا محمد أخبرني عن الاسلام)) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الاسلام أن تشهد أن لا اله الا الله وأن محمدا رسول الله وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت ان استطعت اليه سبيلا)) قال ((صدقت)) قال ((فعجبنا له يسأله ويصدقه)) قال ((فاخبرني عن الايمان)) قال ((أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره)) قال ((صدقت)) قال ((فأخبرني عن الاحسان)) قال ((ان تعبد الله كانك تراه فان لم تكن تراه فانه يراك)) قال ((فاخبرني عن الساعة)) قال ((ما المسئول عنها بأعلم من السائل)) قال ((فاخبرني عن أماراتها)) قال ((أن تلد الأمة ربتها وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان)) قال ((ثم انطلق فلبثت مليا ثم قال لي يا عمر أتدري من السائل؟ قلت الله ورسوله أعلم قال "فانه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم") هذا هو حديث جبريل، وهو مشهور، وقد ظن فيه الفقهاء، كما ظن الشيخ حسين أن النبي لم يبين غير ايمان واحد، وهذا خطأ، والصواب أن النبي بين ايمانا يزيد وينقص، ويبدأ بعد أن لم يكن.. فهو بذلك لم يبين ايمانا واحدا.. فقد بين ايمانا في درجة قول ((اشهد أن لا اله الا الله وان محمدا رسول الله)) فان من قالها، لا ينافق بها، مؤمن بمحمد، وان لم يبلغ أن يكون مؤمنا بالله وهذا ايمان أول.. ثم ان ايمانه بمحمد يقوده الى الايمان بالله فيدخل على الايمان الذي عرفه المعصوم في حديث جبريل أعلاه، وهذا ايمان ثان، ثم ان ايمانه هذا يزيد فيصبح احسانا على النحو الذي عرفه المعصوم في حديثه أعلاه، وهذا ايمان ثالث، والاختلاف بينهما اختلاف مقدار.. |
http://www.alfikra.org/chapter_view_a.php?book_id=16&chapter_id=5 وصحيح أن الأستاذ محمود لا يذكر في كتاباته مصادر الأحاديث أو ترقيم الآيات وذكر سورها وقد استغل بعض السلفيين ذلك في أنكار بعض هذه الأحاديث وإثارة الشبهات حولها خاصة في أركان النقاش ولكن الجمهوريون كانوا بالطبع جاهزين بالمصادر وأن كانوا لايشاركون بعض الفقهاء في تصنيفهم للأحاديث وأنكارها بناءا على قلة رواتها أو غرابتها .. ويكفي هنا أن نقول أن راوي الأحاديث الشهير أبي هريرة قال أنه وعى عن رسول الله وعائين أحدهم بثه أما الآخر فإنه لو بثه لقطع منه البلعوم .. والسبب في ذلك أن العلم النبوي يقع على ثلاث مراحل: علم رسالة (وهو لعامة الأمة) وعلم نبوة وهو خص به النبي وخير في تبليغه لمن يشاء من أمته وعلم ولاية نهي عن تبليغه .. ومن علم النبوة هذا جاءت بعض الأحاديث التي استغربها الناس وأنكروها لأنها أتت على غير مألوف فهمهم .. على أي حال فأن تركيز الأستاذ محمود في كتبه كان دائما على المحتوي الفكري وعلى الطرح التوحيدي المتكامل الذي قدمه وربما كان هذا سببا رئيسا في عدم حشو كتبه بالروايات والتحقيقات المطولة كعادة الكتاب السلفيين أذ تجد ان جل جهدهم مركز على اثبات صحة النصوص وسرد رواتها وإعادة تكرارها في المناسبات المختلفة من غير فهم جديد .. عمر
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . (Re: عبدالله الشقليني)
|
الأعزاء عبد الله ود. ياسر تحية طيبة لقد تطرق الأستاذ خالد الحاج لمسألة الأحاديث "وتنقيحها" في الحلقة التي نشرت بالأمس من سلسلة مقالاته: خالد الحاج: الأستاذ محمود في الذكرى الحادية والعشرين مح...تعريف بأساسيات دعوته ويحسن تثبيت ذلك الجزء من حديثه هنا:
Quote: وفناء النار وردت حوله أحاديث نبوية كثيرة خصوصا في البخاري.. ولكنك ربما لا تجدها الآن!؟ لماذا؟! لأن الطبعات الجديدة، تعرضت لتنقيح!! ونستميح القارئ عذرا، فنعلق على هذا الموضوع.. كنت قد اطلعت على أحاديث عديدة، في نسخة قديمة للبخاري خاصة بعمنا المرحوم عبد الله أب سالف برفاعة، ومنها الحديث المشهور "يضع الرحمن رجله على النار فتقول غط غط، وينبت مكانها شجر الجرجير" وهو شجر شديد الخضرة.. وحاولت أن أرجع لهذه الأحاديث في كتب البخاري، فلم أجدها!! خصوصا الكتب المطبوعة في مصر والسعودية.. فاكتشفت أن جميع هذه الكتب منقحة!! وفي واحدة من الطبعات الصادرة من مصر، جاء في المقدمة أن الكتاب نقحه طائفة من العلماء!! وذكر هؤلآء العلماء أنهم أبعدوا من البخاري الأحاديث التي لا تتمشى مع العقل!! وذكروا كمثال انهم أبعدوا حديثا جاء فيه أن رجلا ركب على بقرة، أو حمل عليها، فقالت البقرة: "ليس لهذا خلقنا"!! فاعتبر هؤلآء الفقهاء أن هذا الحديث لا يتمشى مع العقل فأبعدوه!! والسؤال لايتمشى مع عقل من!؟ إذا كان كل انسان يجعل من نفسه حكما على عقل النبي صلى الله عليه وسلم، أوعلى القرآن، فلا شئ يبقى لا من الحديث ولا من القرآن، .. ببساطة لولا أن هؤلآء القوم يعتبرون أنفسهم أوصياء على خلق الله، وعلى دين الله، كان يمكن ترك الأحاديث كما اوردها صاحبها، ثم يعلقوا عليها ما شاؤوا.. وإذا كان ليس من العقل أن تتكلم بقرة، فليس من العقل ايضا أن يتكلم النمل، أو أن يتكلم الطير!! وكلام النمل والطير وارد في القرآن.. وحسب منطق هؤلآء القوم، لو وجدوا الفرصة، لنقحوا القرآن بما يتمشى مع عقولهم هم!! قال تعالى: (قالت نملة: يأيها النمل ادخلوا مساكنكم، لا يحطمنكم سليمان وجنوده، وهم لا يشعرون، فتبسم ضاحكا من قولها) وهذا لايعني فقط أن النمل يتكلم، بل وأن الانسان يمكن أن يفهم كلامه، وجاء عن سيدنا سليمان، من القرآن، قوله تعالى: (علمنا منطق الطير).. أكثر من ذلك كل شئ متكلم!! يقول تعالى: (وقالوا لجلودهم، لم شهدتم علينا؟ قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شئ)!! - نحن سنعود لهذا الأمر عندما نتحدث عن اللغة- المهم أن نقول هنا إن عمل الفقهاء، في تنقيح كتب الأحاديث، عمل غير أخلاقي، ويقوم على وصاية غليظة من جهلاء، في معارف الدين والدنيا.. ومن أسباب التشديد على الناس، ومحاولة إخفاء النصوص التي تتحدث عن سعة الرحمة، أنهم يزعمون أن هذه الأحاديث تجعل الناس يتكاسلون عن العمل!! هل هذا الذي عرفتموه أنتم، يفوت على حكمة النبي الكريم؟! وما الذي يجعلكم أنتم عندما تعرفون هذه النصوص، لا تتقاعسون عن العمل، ويجعل الآخرين يتقاعسون!؟ المهم لكي أتحصل على بخاري غير منقح بحثت كثيرا، ولم أتمكن من الحصول عليه، إلا عن طريق الأخ حسن شرف الدين، وجده بعد جهد مضني بمكتبة واحدة، باستانبول بتركيا، فكانت آخر نسخة بالمكتبة، والنسخة مكتوب في أولها "هذه الطبعة موافقة لطبعة العامرة باستانبول سنة 1315هـ" .. فعلى المثقفين أن يعوا هذا التزييف الموبق الذي يتم لكتب التراث الاسلامي، ويقفوا ضده، ويرفضوا هذه الوصاية الغليظة. |
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . (Re: Omer Abdalla)
|
معذرة لتأخري في الرد في هذه العجالة التي ساعقبها بمقتطفات من مقدمة الاستاذة اسماء و الدكتور النور لثلاثة من كتب الاستاذ،
في هذه العجالة احب ان أعقب على ما قال به الصديق ياسر الشريف:
Quote: لا أظن أن عبارة "توطين الحداثة" تعطي المعنى الذي قصده الأستاذ |
حديثي عن التوطين مرتبط بان الاستاذ حاول ان يوفق بين تيارات الحداثة الغربية ،في شقيها الغربي والشرقي، وهذا مختلف عن كل التيارات الاسلامية ، التي لا ترى في الغرب غير شقه المادي، وهي ترى ان المادية غير مرتبطة بسياق يساهم في انتاجها. ولنا في ذلك حديث آخر حول العلاقة بين المادة والاخلاق.
فالخطاب الاسلامي المعاصر يعتقد ان المادة ، لا تحتاج الى سياق ، وكذلك يعتقد ان المادة لا تساهم-في نفس الوقت- في تغيير اسلوب الحياة الانسانية.
و سنعود لذلك بعد ايراد الاستشهادات التي وعدنا بايرادها.
شكرا الشقليني على مواصلتك في البحث عن المصادر المعرفية لخطاب الاستاذ.
محبتي
المشاء
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . (Re: Yasir Elsharif)
|
قبل ان نناقش ما قالت به الاستاذة اسماء محمود والدكتور النور حمد حول علاقة خطاب الاستاذ بالحداثة و مابعدها ، نحب ان نشير الى ما ذكرناه سابقا، حول الارتباك المفهومي في خطاب الاستاذ في ما يتعلق بمصطلحي الحضارة والمدينة. ففي حدود ما رشح من فهم هنا، فان هنالك فهما يقول بان الحضارة هي الجانب المادي ، و المدنية هي الجانب الروحي . فلنتأمل ما قالا به حول مفهوم الحضارة والمدنية في خطاب الاستاذ.
يقولان في ص 49 عن انتصار معاوية باعتباره نقلة بها تطورت الحياة خارج الدين الذي مثلته الفروع آنذاك:
Quote: بتلك النقلة ،تحولت مدنية الاسلام الروحية إلى حضارة مادية،على أيدي الأمويين و العباسيين. |
على ضوء ذلك الفهم يمكن ان يقرأ كلامهما كالآتي: بتلك النقلة النوعية تحولت مدنية الاسلام المدنية الى حضارة حضارية . وهذا تكرار في غير محله اذا ما نظرنا الى المدنية باعتبارها الجانب الروحي ، والى الحضارة باعتبارها الجانب المادي. ولذلك كما نرى، يبدو ان شارحي الاستاذ ومقاربيه من الجمهوريين ، يقعون في فخ التفريق بين الجانب الروحي والمادي. وعندما نقول فخ التفريق ، فنحن نرى ان هنالك ارتباكا مفهوميا ، يحيل القارئ الى خيارات كثيرة ، وليس هنالك مفهوم محدد لماهية الحضارة والمدنية ، في ما يتعلق بالجانب الروحي والمادي في اطار النظر الى المجتمعات الانسانية.
وسنعود المشاء
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . (Re: osama elkhawad)
|
ما قلنا به من ارتباك الاستاذة اسماء و الدكتور النور ، يعود في الاصل الى ارتباك مفهوم الاستاذ لمصطلحي الحضارة و المدنية. و سنعيد نشر ما قلنا به حتى يرى القارئ كيف ان ارتباك اسماء والنور هو في الاصل ناتج من ارتباك مفهومي في بنية الخطاب الذس سثدمان به. قلنا قبل ذلك الآتي:
رغم هذا التفريق بين الحضارة والمدنية ،الا ان الاستاذ يعود في مواضع كثيرة بعد اجراء ذلك التفريق ليتحدث عن المدنية الغربية التي قال انها حضارة وليست مدنية. وهذا الارتباك المفهومي نجده في مواضع كثيرة .
فاحيانا يتحدث عن المدنية الفارسية و الرومانية و احيانا اخرى يتحدث عن الحضارة الفارسية و الرومانية . يقول في مشكلة الشرق الأوسط متحدثا عن "مدنية الفرس والروم:
Quote: ان اللّه غيور على العرب في القرن العشرين، كما كان غيورا عليهم في القرن السابع، فهو قد حمّلهم رسالة الاسلام يومئذ فلقحوا بها المدنية الفارسية في الشرق، والمدنية الرومانية اليونانية في الغرب، وهو سيحمّلهم رسالة الاسلام اليوم ليلقحوا بها المدنية الشيوعية في الشرق، والمدنية الرأسمالية في الغرب.
وفي احيان اخرى يتحدث عن "حضارة " الفرس والروم. يقول في "قل هذه سبيلي":
Quote: فقد ظهروا بالإسلام في منطقة مجدبة ، ومتخلفة ، فأشعلوا به الثورة في نفوسهم ، وبرزوا به بين الحضارة الفارسية – الشرقية – والحضارة الرومانية – الغربية و يبدو الارتباك المفهومي واضحا في حديث الاستاذ التالي حين يتحدث عن مدنية روحية مادية:
يقول في مشكلة الشرق الاوسط: ان الزمان قد استدار استدارة كاملة،واضبحنا نعيش اليوم في فترة تؤرخ بداية عهد ونهاية عهد..واصبحت منطقة العرب مسرحا لصراع حضاري جديد،هو الصراع بين الحضارة الغربية الآلية كما يمثلها اليهود،فيحسنون تمثيلها كل الاحسان،وبين المدنية
الاسلامية)) الروحية-المادية ((كما يمثلها العرب فيسئون تمثيلها كل الاساءة. من كل تلك الاستشهادات نخلص الى ان ارتباك اسماء و النور ناجم من ارتباك النص الذي يقاربانه و يبدو الارتباك جليا في غياب مفهوم حول مصطلحي الحضارة و المدينة، يمكن ان يساهم في النظر النقدي الى مقاربة الاستاذ لمصطلحي الحضارة والمدينة. المشاء
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . (Re: عبدالله الشقليني)
|
عزيزي عبد الله الشقليني،
تحية لك وللجميع.. لدي تعليق على مداخلتك قبل الأخيرة وفي نفس الوقت رد على الأخ أسامة الذي ذكر عبارة وردت في مقدمة الأستاذة أسماء والدكتور النور لكتاب "نحو مشروع مستقبلي للإسلام" والعبارة تقول:
Quote: بتلك النقلة ،تحولت مدنية الاسلام الروحية إلى حضارة مادية،على أيدي الأمويين و العباسيين. |
المسألة نسبية يا أسامة.. وقد ورد في الأثر أن النبي عليه الصلاة والسلام تنبأ بها عندما قال: الخلافة بعدي ثلاثون عاما ثم تكون ملكا عضوضا.. هذا الجانب من العبارة "الملك العضوض" هو الذي يصح فيه أنه أضاع جوهر الإسلام الروحي فحمل المسلمون السيوف ضد بعضهم البعض فحاربت عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها عليًّا كرم الله وجهه واحترب علي ومعاوية رضي الله عنهما.. وبالرغم من هذا إذا تمت مقارنة الحكم الإسلامي بغيره من الملكيات يصح أيضا وصفه بالمدنية الإسلامية.. والأستاذ محمود قال في غير موضع أن شمس الشريعة الإسلامية قد غربت منذ زمن بعيد ولن تشرق بوجهها القديم وإنما بوجه جديد.. وأرجو أن تسمح لي بوضع هذا النص من كتاب "محمود محمد طه يدعو إلى طريق محمد" فهو يقول الكثير:
Quote: بسم الله الرحمن الرحيم (( ومن الليل فتهجد به ، نافلة لك ، عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا )) (( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله )) عندما انتشر الإسلام وساد حياة الناس ، كان النبي هو إمامهم ووسيلتهم إلى الله ، ولم تكن الدنيا أكبر همهم . بل كانت الدنيا عندهم مطية الآخرة كما علمهم النبي ، ثم لما لحق النبي بربه سار الأمر على ذلك خلافة الشيخين وصدرا من خلافة عثمان ، وفي أخريات خلافة عثمان بدأ حب الدنيا يشغل قلوب الناس ، حتى إذا جاء علي عقب مقتل عثمان ، وأراد أن يرد الأمر إلى ما كان عليه على عهد الشيخين ، دفع حب الدنيا الناس إلى خذلانه ونصرة معاوية عليه ، وأصبح أمر الدنيا بذلك عاليا على أمر الدين ، وصارت الخلافة على يدي معاوية ملكا عضوضا ، كما أخبر بذلك النبي ، وقد عهد معاوية بأمر المؤمنين إلى ابنه يزيد ، وجعل هذا الأمر وراثة في عقبه من بعده ، ولقد قتـل علي بن أبي طالب في زمن معاوية ، ولقد قتـل الحسن بن علي . وعلى يدي رجال يزيد بن معاوية ، قتل الحسين بن علي ، وقتل من أبناء على عدد كبير . ثم لم يزل أمر الدنيا عاليا ، وأمر الدين منحطا بين الناس . كلما قام لنصرته قائم من أبناء علي خذله الناس ونصروا عليه أعداءه من الأمويين ثم من العباسيين ، حتى استيأس أنصار الدين من صلاح أمر الناس ، ففروا بدينهم إلى المغاور ، والكهوف ، والفلوات يقيمونه في أنفسهم ، وينشرونه بين الراغبين فيه ممن حولهم ، من غير أن يتعرضوا إلى منازعة السلطة الزمنية ، فنشأ بذلك التصوف الإسلامي ، وظهر مشايخه ممن أخذوا أنفسهم بتقليد سيرة النبي ، من قبل أن يبعث ، حين كان يتحنث في غار حراء ، وبعد أن بعث . فظهرت معارف الدين وأسراره ، وأنواره ، عليهـم وعلى مريديهم ، وكانوا هم حفظة الدين وعلماءه ومرشدي الناس إليه ، واضطلعوا بدورهم العظيم هذا زمنا طويلا ، مما لا تزال بقاياه ، في التربية والإرشاد ، ظاهرة إلى يوم الناس هذا ، في بعض تلك البقع المباركة ، التي يحفظ فيها القرآن الكريم ، ويسلك فيها المريدون . إن التصوف الإسلامي ، في حقيقته ، هو تقليد السيرة النبوية .. فالنبي ، في خاصة عمله ، قبل البعث ، وبعد البعث ، هو عمدة الصوفية ، وإن كان اسم الصوفية لم يظهر إلا مؤخرا . فالصوفية ، في حقيقة نشأتهم هم أنصار السنة المحمدية ، ولقد ازدهر التصوف في القرون السبعة التي تلي القـرن الثالث ، وكانت قمتـه في القرنين السادس والسابع ، ثم لحـق التصـوف من التبديل ، والتغيير ، والضعف ما لحقه ، مما نراه الآن ، وهـو ، على ما هو عليه ، من هذا الضعف ، وهذا الانحراف عما كان عليه السلف ، أقرب إلى الدين ، من كثير من المظاهر الكاذبة ، التي تدَّعي الدين وتعيش باسمه . هذا ما كان من أمر أصحاب الدين ـ أصحاب علي بن أبي طالب وأبنائه من بعده . وأما ما كان من أصحاب الدنيا ـ أصحاب معاوية ـ الذين بدأ عهدهم بانتصار معاوية ، وهزيمة علي ، فإنهم أخذوا ينظمون دنياهم وفق الشريعة الإسلامية ، حتى إذا اتسعت وزاد إقبالهم عليها وتشعبت حاجاتهم فيها ، نشأ الفقه الإسلامي ، وأخذ يستنبط ويقيس ويجتهد ، حتى أسرف على الناس في أخريات الأيام وبعد بهم عن المعين واهتم بالقشور وفرط في اللب فأصبح صورا تحكي الدين بلا دين وجاء الفقهاء الذين يعيشون للدنيا ويأكلونها باسم الدين . والآن ، فإن مسالك الدين قد انبهمت على الفقهاء ، وعلى أصحاب الطرق ، على تفاوت بين الفريقين في ذلك ، وأصبـح الناس في الجاهلية الثانيـة ، التي أشار إليهـا ، إشارة لطيفة ، قولـه تعالى (( ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى )) ولقد غربت شمس الشريعة الإسلامية ، منذ حين ، وطال ليلها ، وتوشك أن تشرق من جديد ، بصبح جديد . إن محمدا قد أخرج الناس ، بفضل الله ، من ظلام الجاهلية الأولى إلى نور الإيمان ، وهو سيخرجهم ، بفضل الله ، من ظلام الجاهلية الثانية إلى ضياء الإسلام ، وسيكون يومنا أفضل من أمسنا ، وسيكون غدنا (( ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر )) إن غدنا هذا المأمول ـ غد البشرية جميعها ـ لا يعدنا له ، ولا يرقينا فيه ، مرشد أقل من محمد المعصوم ، ولقد خدمت الطرق الصوفية غرضا نبيلا ، وقامت بـدور عظيم ، في حفظ الدين وإرشاد الناس ، ولكنها أقل من أن تنهض بأعباء هذا الغد ، ولا بد إذن من الأخذ بالطريقة الجامعة للطرق كلها ، طريقة محمد ، فإنه قد قال (( قولي شريعة وعملي طريقة وحالي حقيقة . )) . هذا المضمون هو ما عنيناه في منشورنا الأول حين قلنا (( إن محمدا هو الوسيلة إلى الله ، وليس غيره وسيلة منذ اليوم )) . وأمر الجاهلية الثانية ، التي تعيشها البشرية المعاصرة في هذه الآونة ، بالمقارنة إلى الجاهلية الأولى ، التي عاشتها البشرية قبل أربعة عشر قرنا ، وما كان من ضرورة البعث المحمدي الأول ، وما يكون من لزوم البعث المحمدي الثاني ، هو ما عنيناه في نفس ذلك المنشور حين قلنا (( أما بعد، فإن الزمان قد استدار كهيئته يوم بعث الله محمداً ، داعيا إليه ، ومرشدا ومسلكا في طريقـه ، وقد انغلقت اليوم ، بتلك الاستدارة الزمانية ، جميع الطرق التي كانت فيما مضى واسلة إلى الله ، وموصلة إليه ، إلا طريق محمد .. فلم تعد الطرق الطرق ، ولا الملل الملل ، منذ اليوم )) . هذا هذا ، بخصوص الطرق ، وأما الملل ، فإن اليوم يؤرخ بداية تنفيذ وعيد الله حين قال ، جل من قائل (( ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه ، وهو في الآخرة من الخاسرين )) . إن محمدا ليس غايبا اليوم ، وإنما نحن غافلون عنه لجهلنا به ، ولذلك ، فقد دعونا مشايخ الطرق المعاصرين أن يكونوا مرشدين لأتباعهم إلى سيرة النبي ، في عبادته ، وفي عادته ، بأفعالهم ، وبأقوالهم فقلنا (( إن على مشايخ الطرق ، منذ اليوم أن يخرجوا أنفسهم من بين الناس ومحمد )) وأردنا بذلك إلى دعوتهم أن يحيلوا أتباعهم على النبي ، ليكون شيخ الجميع ، ومرشد الجميع ، وأن تنشأ بينهم ، من علائق المحبة المتبادلة ، والاحترام المتبادل ، ما يكون بين زملاء الطريق ، ورفقاء السفر إلى الحج الأكبر . إن هذه الدعـوة ، إلى العـودة إلى محمد ، التي نقـدمها تحقـق ، في أول الأمـر ، وحدة الأمـة ، وتحـررها من الطائفية ، التي هي آفـة الآفات ، وذلك بجمعها على تقليـد رجل واحد ، هو مثلنا الأعلى .. ثم إنها ، في آخـر الأمـر ، تجعل (( لا إله إلا الله )) ثـورة فعالة ، في صـدور الرجال والنساء ، كما كانت في العهـد الأول ، حيـن نادى بها محمد في المجتمـع المكي .. ويـومئذ تتوحد الأمة باجتماعهـا على الله عن معرفة ويقيـن . إننا قد استيقنا من أنه بتقليـد محمد تتوحد الأمة ويتجدد دينها ، ولذلك فإنا قد جعلنا وكـدنا تعميق هذه الدعـوة ، ونقـدم فيما يلي نموذجا يعيـن كل من يريـد أن يتخـذ إلى الله سبيـلا . |
.. في هذا الجانب أيضا أحب أن أخبرك أن الأستاذ محمود يرى أن دولة الخلافة الإسلامية هي التي كانت على عهد النبي عليه الصلاة والسلام وعلى عهد الخلفاء من بعده أبو بكر وعمر وعثمان.. تجد ذلك في تعليق الأستاذ على كتاب الأستاذ خالد محمد خالد "من هنا نبدأ" الذي نشر في مارس 1951 وأعيد نشره في كتاب رسائل ومقالات الأول.. تقول العبارة:
Quote: إن الخلفاء أربعة: محمد، وأبوبكر، وعمر، وعثمان.. والحكومات الدينية إنما هي تلك التي كانت على عهدهم.. |
والخلافة التي يقصدها الأستاذ هنا إنما هي خلافة الله والـ "خليفة" المقصود في الأساس هو خليفة الله وبهذا كان الخليفة الأول في البعث الإسلامي هو النبي عليه الصلاة والسلام والخلفاء الراشدون الثلاثة من بعده هم خلفاء الرسالة.. وقد بدأت أول خلافة في الأرض بسيدناآدم، ومعلوم قول الله تبارك وتعالى: "وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ (30)" "سورة البقرة"، وأيضا قول الله عز وجل في سورة "ص": " يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ (26)".. وهذا يأخذني إلى مداخلة الأخ الأستاذ الشقليني العامرة لأوضح رأي الأستاذ محمود.. يقول الشقليني:
Quote: وبما أن المصدر المشترك بين ابن كثير والجلالين والأستاذ محمود هو الذي قاد المصطلح الخاص بالإحسان بمعناه الذي أورده الأستاذ وأفاض عليه وفق ما تفضل الأستاذ ياسر ، وتلك إضافة لمعاني الإحسان في اللغة الواردة في المعاجم .
عليه فإن أي حديث يرد عن الصحابي عمر بن الخطاب فهو غير موثوق من قبل الشيعة الاثنا عشرية لأنهم يرون أبعد من رأينا الأول وهو أن الإمامة وليست الخلافة هي حق أصيل أوصى به النبي لعلي ، بل أنهم وإلى تاريخ اليوم يحمِّلون الصحابيين الجليلين وزر نـزع الإمامة عن علي منذ المُبتدأ . |
الأستاذ محمود يستأنس بكل مصادر السيرة من كل المذاهب ويستخرج منها ما يرى أن نوره يتصل بنور القرآن. أعتقد أن القول المنسوب إلى الشيعة الإثناعشرية والذي وضعت لك تحته خطاً ليس صحيحا.. فالنبي في الحقيقة اختار سيدنا أبوبكر ليكون إماما للناس في الصلاة في آخر أيامه وتلك كانت إشارة واضحة إلى أن الخلافة والإمامة أمر واحد في ذلك الوقت.. وقد سمعت الأستاذ مرة يروي القصة المشهورة وهي أن النبي عليه الصلاة والسلام بعد أن أشار إلى أبي بكر أن يصلي بالناس أتى ووقف هو أيضا في الصف يريد أن يصلي خلف أبي بكر وعندما شعر أبو بكر بذلك رجع إلى الصف برغم إشارة النبي له بأن يواصل ولكنه بقي حيث هو في الصف وتقدم النبي وأتم الصلاة وبعد الصلاة قال لسيدنا أبي بكر: ما منعك أن تصلي بالناس إذ أمرتك يا أبا بكر.. فقال سيدنا أبو بكر: ما كان لإبن أبي قحافة أن يصلي بين يدي رسول الله!! فتأمل هذا الأدب مع النبي!! وكان النبي عليه السلام يقول له ما بالك باثنين الله ثالثهما.. طبعا الشيعة لهم أيضا بعض الأحاديث التي تشير إلى مقام سيدنا علي مثل قول النبي عليه السلام: "أنا مدينة العلم وعلي بابها".. والأستاذ محمود يقول بأن سيدنا أبو بكر هو خليفة الرسالة وسيدنا علي هو خليفة النبوة، وهو الذي من ذريته يجيء المهدي الذي هو المسيح.. وقد جاء في كتاب "المسيح" الموضوع في هذا البوست فقرة أحب لك أن تقرأها بتأمل:
Quote: المسيح والمهــدي ولذلك فقد فهم بعض المسلمين الحديث النبوي القائل : ( لو لم يبق من عمر الدنيا إلا مقدار ساعة لمد الله فيه حتى يبعث رجلا من آل بيتي يملأ الأرض عدلا كما ملئت ظلما وجورا ) ، فهموا أن المقصود منه إنما هو المهدي وليس المسيح .. وهم إنما فهموا ذلك كذلك لاعتقادهم أن المسيح إنما هو عيسى الإسرائيلي عليه السلام .. والحق غير ذلك .. فالحديث إنما يعني ، في المقام الأول ، المسيح .. وأما المهدي فإنه يأتي قبل المسيح ويبقى بعـده .. وذلك لأن المسيح إنما هو رجل من أمة محمد يجتبيه الله إليه فيرقى المراقي إلى أن يحقق ، بفضل الله ، مقام المسيح .. وهو في طريقه لتحقيق ذلك المقام العظيم ، يمر بمقام المهدي ، فيكون فيه المهدي ، ثم هو لا يلبث أن يبلغ مقام المسيح فيكون بذلك صاحب مقامين : المهدي والمسيح ( عيسى ) .. وهنا يجيء الحديث : ( لا مهدي إلا عيسى ) .. ثم يرقى من بعده رجل فيبلغ مقام المهدي ، ويظل فيه ، ولا يتعـدّاه ، وهذا هو المهدي ، وهو معاصر للمسيح ، ووزيره ..
[....] إن خلاصة القول في هذا الصدد أن المسيح المقبل رجل من أمة محمد يرقى المراقي ليحقق ذلك المقام ، وهو في سيره لبلوغ ذلك المقام يمر بمقام المهدي فيكون المهدي ، ثم لا يلبث أن يحقق مقام المسيح ، وبعد ذهابه يخلفه المهدي ، ولذلك فإن الحديث القائل : ( لو لم يبق من عمر الدنيا إلا مقدار ساعة ، لمد الله فيه حتى يبعث رجلا من آل بيتي يملأ الأرض عدلا ، كما ملئت ظلما وجورا ) إنما يعني المسيح ، بالأصالة ، وهو عندما يعني المهدي لا يعنيه إلا في معنى أن المسيح نفسه وهو يسير لبلوغ مقام المسيح يمر بمقام المهدي ، ويتجاوزه وهو في لحظة إقامته بمقام المهدي يسمى المهدي .. وما ذاك إلا أن ملء الأرض عدلا كما ملئت ظلما وجورا إنما يكون بالمسيح .. فالمسيح هو صاحب العلم من القرآن الذي به تحل مشاكل الأفراد ، ومشاكل الجماعات .. والمهدي لا يعمل من بعده إلا بعلمه ، أو قل بإذنه لأنه إنما هو خليفة المسيح .. |
والسلام
ياسر
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . (Re: عبدالله الشقليني)
|
الحبيب / ياسر الشريف تحية طيبة وأمنية لكَ بخير كثير . والتحية للأحباء المشاركين بالرفد وبالقراءة .
وأثمن كثيراً ما أوردت من قطوف واستدلال ، ونأمل أن يصبح ثراء للموضوع حتى لو ابتعد قليلاً عن لُب الحوار ، ففي بعض الخروج تجديداً ونفضاً للغبار عن كثيرٍ من المسلمات التي نقرأ ، ولا نقرأ من موارد أخرى ربما تكون ميسرة ، ونغفل عنها بحُكم الاعتياد .فيما سأورد نُثري الحديث ، ولا نتشكك في ثقل الصحابة ودورهم ، وهو له علاقة فيما أوردت أنت منقولاً عن الأستاذ ، وما أوردناه من مصادر خلافية في مراجع الاثني عشرية :
ففي موضوع الإمامة الخاصة بالاثنا عشرية ، ختماً لفرع أنشأناه ، وما نحب أن نوغل فيه لبُعده عن رافد الدراسة التي نحن بصدد تأسيسها حول المُصطلح في فكر الأستاذ محمود والتحديث في رؤى الدين الإسلامي الذي قام بتأسيسه ، وليس من قبيل الترويج لفكر . ونذكر هُنا ما يورده الاثنا عشرية في سفر من أسفارهم لتأكيد الإمامة ، وليس من قبيل التقليل من شأن الرؤى المخالفة التي ربما يختلف الكثيرون عليها بل من قبيل رفد ما نورد بأدلة من مصادرها ، ونأمل ختم الموضوع الذي يتعلق بالإمامة بقطف قطفناه من نص من أحد أسفار الجماعة التي ذكرنا .
والمصدر :
سبيل المعرفة للشيخ خليل رزق . شارك في إعداده : الشيخ محمود كرنيب الشيخ محمد المستراح الشيخ حسن بدران الشيخ نضال أرسلان الحاج محمد قطايا الناشر دار الأمير ـ بيروت لبنان الطبعة الثالثة 2001 م ـ 1422 ه النص المنقول من ص (50) بغرض الدراسة :
[3ـ حديث الثقلين :
وهو قوله صلى الله عليه وسلم : " إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي " .
4ـ حديث الغدير :
وذلك عندما جمع الناس في حجة الوداع عند غدير خم ، وقال لهم : " ألستُ أولى بكم من أنفُسكم ؟ " قالوا بلا .
قال : " فمن كنتُ مولاه فهذا علي مولاه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصُر من نصره واخذل من خذله وأدر الحق معه كيفما دار "
ومع كل هذه النصوص فقد أنكر جماعة من المسلمين إمامة علي عليه السلام بحُجج واهية طاعةً لكُبرائهم وتسليماً لما يقوله ساداتهم .
النص على الأئمة ألاثني عشر :
ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عدد كبير جداً من الروايات التي تنص على الأئمة ألاثني عشر بأسمائهم واحداً واحداً ، وقد حرص صلى الله عليه وسلم أن يخبر بذلك خاصة أصحابه لكي يحفظوا ذلك ولا يضيعوه . ومن الروايات قوله لجابر بن عبيد الله الأنصاري عندما سأله عن الذين وجبت طاعتهم في قوله تعالي :
{ يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم }.
فقال صلى الله عليه وسلم : " هم خلفائي يا جابر وأئمة المسلمين من بعدي وأولهم علي بن أبي طالب ثم الحسن ثم الحسين ثم علي بن الحسين ثم محمد بن علي المعروف في التوراة بالباقر ستدركه يا جابر ، فإذا لقيته فاقرأه مني السلام ، ثم الصادق جعفر بن محمد ثم موسى بن جعفر ثم علي بن موسى ثم محمد بن علي ثم علي بن محمد ثم الحسن بن علي سميي وكُنيتي حجة الله في أرضه وبقيته في عباده الحسن بن علي "
انتهى النص .
ثم من بعد نعود لمتابعة ما أسلفنا من متابعة المُصطلح لدى الأستاذ محمود ، وهو من بعد تثميناً لرؤاه وغوصاً في عميق جلوسه مجلس المفكرين الذين أثروا النصوص الدينية بفتوحات مُبدعة ، انتهجت نهج الفكر والتفكر الذي يدعوا له الذكر الحكيم ، رغم أن الكثيرين يغفلون دوماً عن تلك الإشارات القُرآنية التي تدلف عند كل سانحة من آيات ترد موارد حَرِيَّة بالدراسة والتمحيص .
ثم نواصل 19/04/07
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . (Re: عبدالله الشقليني)
|
الإحسان ( 4)
للأحباء وللأستاذ ياسر :
أما ما نقلت حبيبنا ياسر فيما ورد عن الأستاذ محمود محمد طه :
[ .. حين يقوى الإيمان بالمرحلة الأولى ، وهي أن يبدأ يقين الساير بأنـه يـرى الله ، وهـو ما عبـر عنه النبي (( كأنك تراه )) ثم المرحلة الأخيرة ، وهي أن يرى الساير الله وهو ما أشار إليه النبي بقوله (( فإن لم تكن تـراه )) ولذلك قال بعـض العارفيـن (( الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه ، فإن لم تكن ، فإنك تراه )) يشير بذلك إلى أن الإنسان محجوب بأوهام نفسه ، عـن الله فإن فني عنها ، فإنه يـرى الله . ]
فهي مقولة شائعة عند بعض المتصوفة فهي من درجات الترقي وقد تبدو عند غير العارفين ضرباً من خيال أو إسرافاً في التخيل الذاتي أو ما يدعوه من خبر علوم النفس : ( self hallucination ) ، وهي وفق ما أرى عميقة الغور وأوسع مما نحسب ، بل و أكثر فتنة مما قد تبدو وأكثر تعقيداً . تلتحم بعلوم النفس البشرية وتتداخل مع أهل الذكر جميعاً وفي كافة العقائد والملل . من يقرأ عن تاريخ الذكر في الأديان القديمة : البرهمية أو المسيحية أو عن أساطين المتصوفة المسلمين يجدهم جميعاً أسبق في فتوحات علوم النفس البشرية ، وتلك مراحل تتأتى من الاستغراق في الفكرة في مساحة زمانية تطول مع تركيز ذهني عميق وكثير من الصبر و من مُحفزات الاستغراق ، تنتج صوراً تفلق الذهن وتُشرق شُموسه الخفية ، و تحتاج منا الكثير من الشروح ، وأعتقد أن الأمر يستدع موضوعاً متشعباً لا قبل لنا به في تلك العُجالة .. لنُسمه :
( التصوف وعلوم النفس البشرية )
ليت لنا سعة من الزمان أو أن تصبر الدُنيا علينا حتى نلج مورداً صعباً يحتاج كثيراً من التمهيد والتفصيل ، فلغته ونهجه غير ما ننهج وغير اللغة التي بها نتحدث ، يحسبها الذي يطفو ولا يدخل أعماق البحار كُفراً :
إن العلوم التي تقع فيما يعُرف بعلوم ما وراء الطبيعة ، والتي أرى أنها اصطلاح غير دقيق لعلوم قيد الفتح المعرفي والتي يمكن للعقل البشري الوصول أيها لاحقاً ولم نحصل بعد على كنوزها كاملة . وقد قيل قديماً نقلاً عن بعض المتصوفة أن الملوك لو عرفت نعيم التصوف لقاتلت أهله عليه بالسيوف . ومن هنا تنبع الأسرار الغريبة التي تسكن الآية الكريمة :
{يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلَاقِيهِ }الانشقاق6
و نواصل
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . (Re: عبدالله الشقليني)
|
أخي العزيز عبد الله الشقليني،
تحية طيبة
توقفك فيما كتبه الأستاذ محمود عن الإحسان من قول العارفين: "فإن لم تكن فإنك تراه" جميل جدا.. والصوفية طبعا يعمدون إلى ترك الإرادة للمريد الواحد حتى ينعموا برؤيته وملاقاته.. والأستاذ محمود يقول بأن لقاء الإنسان ربه إنما يتم في الإنسان نفسه وهو مثل قول الصوفية "سيرك منك وصولك إليك".. وهذا يذكِّرني بمسألة "القيام بالله".. وقد قال الشيخ عبد الغني النابلسي: إن تكن بالله قائم ** لم تكن بل أنت هو أنت ظل الغيب من ** أسمائه والشمس هو
وقد قال الأستاذ محمود عن هذين البيتين في كتابه للدكتور مصطفى محمود "القرآن ومصطفى محمود والفهم العصري":
Quote: قوله: (إن تكن بالله قائم) .. يعني إن تخلصت من وهم قيامك بأمر نفسك، وشاهدت شهودا ذوقيا، حسيا ألا حول لك، ولا قوة، وأنه: (لا حول، ولا قوة، إلا بالله)، فقد أمحت عنك رعونات نفسك .. يعني: تخليت من نقص صفاتك، وتحليت بكمال صفاته .. |
لا أزال سعيدا بما تكتب خاصة قولك:
Quote: إن العلوم التي تقع فيما يعُرف بعلوم ما وراء الطبيعة ، والتي أرى أنها اصطلاح غير دقيق لعلوم قيد الفتح المعرفي والتي يمكن للعقل البشري الوصول أيها لاحقاً ولم نحصل بعد على كنوزها كاملة . وقد قيل قديماً نقلاً عن بعض المتصوفة أن الملوك لو عرفت نعيم التصوف لقاتلت أهله عليه بالسيوف . ومن هنا تنبع الأسرار الغريبة التي تسكن الآية الكريمة :
{يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلَاقِيهِ }الانشقاق6 |
وأرجو أن تسمح لي بأن أضع هنا خطاب الأستاذ للأخ عابدين الذي توجه ببعض الأسئلة الشيقة وقد كانت أجوبة الأستاذ محمود مختصرة ولكنها تفتح الطريق للمزيد من البحث الذي سأعود إليه:
Quote: بسم الله الرحمن الرحيم ام درمان في 8/2/1973 ص ب 1151 عزيزي عابدين : تحية طيبة وصلني جوابك وسرتني أسئلتك كثيرا ، ولا بد أن أعتذر إليك ، وعذري أني لا أجد الزمن الكافي . أنت تقول " وهناك بعض التساؤلات التي تدور بخلدي ولقد أجهدني التفكير فيها ، فرجائي إجابتي عليها علي أستيقن فأنا أعيش في دوامة من أمري ، وهي تتلخص في عدة تساؤلات " ثم تمضي تعدد التساؤلات . وأحب ان أخبرك قبل أن أرد عليك بالتفصيل المطلوب أن اليقين لا يجئ نتيجة الاجابات على التساؤلات التي تدور في الذهن ، ولكن يجئ نتيجة الممارسة على منهاج تعبدي يسوق الطمأنينة إلى النفس ، وذلك المنهاج هو " طريق محمد " لأنه طريق نفس أحرزت طمأنينتها فأصبحت تشعها فيما يلامسها من نفوس . سؤالك الأول : ما هو سر الحياة ؟ ولماذا هذا النزاع الذي ينتاب الإنسان ويعتريه ، وكيف الخلاص منه ؟؟ والجواب أن سر الحياة هو الله ، وهو الخير الصرف المحض الذي لا يعرف الشر إليه سبيلا . سر الحياة هو اللذة الكاملة الحسية والمعنوية ، لذة القلب والعقل والجسد . وأما النزاع الذي ينتاب الإنسان فإنما سببه الكلف الشديد بالوصول إلى سر الحياة . الوصول إلى هذه اللذة التي لا تؤوفها آفة النقص – ولا آفة الفناء .. والنزاع إنما هو من معوقات هذا الوصول إلى اللذة .. فأكبر هذه المعوقات إنما هو الجهل بأصل الخير .. قال تعالى :" قل لو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء " وأما كيف الخلاص منه " فإنما يكون الخلاص باتباع شريعة الله بإتقان وصدق ، حتى يثمر هذا الاتباع العلم بالله الذي به وحده الخلاص " واتقوا الله ويعلمكم الله " هذه هي القاعدة الذهبية ، وفي حديث النبي الكريم تفريع على هذه الاية وذلك حيث يقول " من عمل بما علم أورثه الله علم ما لم يعلم " وهذا من أجله أخبرتك في صدر كتابي هذا بأن طريق الاستيقان إنما هو باتباع طريق محمد بإتقان وبوعي . السؤال الثاني : هل هذا الكون المترامي الأطراف من حركة وسكون ومن خير أو شر إلخ ... هل هو الله ؟ أم هو ماذا وهل يمكن التغلب على الموت الحسي بعد أن استطاع الإنسان أن يتغلب على الكثير من الصعاب والكثير من الأمراض المعضلة ؟ الجواب أن الكون هو الله . هو فعل الله وفعل الله هو مظهره المجسد . فإن الله قد فعل فعله بمقتضى الحكمة فأصبح الكون المحسوس هو تجسيد حكمة الله الخفية .. خلق الله الكون " بالعلم والإرادة والقدرة " فكان عالما بالكون مريدا له وقادرا عليه فكان الكون هو تجسيد العلم ، وعلم الله قديم قائم بذاته وما هو في التناهي إلا الذات . فليس الكون إلا الله . وأما هل يمكن التغلب على الموت الحسي ؟ فالجواب نعم وذلك حين يبلغ علمنا بالله مبلغا ننتصر به على الخوف ، فتتوحد ذواتنا حتى لا يكون هناك في بنيتنا معنى ً ناقص يتوجب عليه الموت وإنما نكون أحياء كلنا – حية كل بنيتنا .. إن مصير الإنسان أن يقهر الموت ، ويتحرر من الفناء .. وينعم بالخلود .. إقرأ الرسالة الثانية من الإسلام " وأنت تسأل وهل هذه الأرواح التي تفارق الأجساد تتواءم مع أجساد أخرى كما نلاحظ ذلك في عقلية الجيل الحالي . والجواب نعم !! فإن الروح قديمة ، تتبدل جلودها كلما نضجت ، بجلود جديدة . واحب أن أوكد لك .. أن أسئلتك لطيفة جدا ، وأنها تستحق استقصاء أكثر ، والمعنى حاضر عندنا ولكن الوقت لا يسعف ولقد كرهت تأخير الرد عليك ، فرأيت أن أعجل بالممكن الآن ، فإن ما لا يقال كله قد لا يترك جله هذا وإني لأوصيك بالممارسة – فإن عقلك المتفتح ، المتطلع لا يغنيه غير ممارسة العبادة على نهج محمد .. هداك الله سبل الرشاد وهدى بك أقواما اقرأ سلامي على من قبلك المخلص محمود محمد طه |
وفي كتاب "أسئلة وأجوبة" الجزء الأول جاء هذا السؤال والجواب اللذين أعتبر أن لهما علاقة وثيقة بما نحن بصدده:
Quote: هل الروح شيء أصيل في المادة، أم هي شيء قائم بذاته، أم هي مكانيكية، كمايقول بعض الفلاسفة؟
(الإجابة التي وردت على السؤال نمرة 13 من أسئلة السنوسي تكاد تكون واضحة ولكنها ((ميتافيزيقية)) فيما يختص بالروح) الجواب: عبارة ((ميتافيزيقة)) تستعمل في مقابلة عبارة ((فيزيقية)) عادةً.. ((فيزيقية)) تقال عن الوجود المادي، الظاهر، المؤثر في الحواس. و ((ميتافيزيقية)) تقال عن الوجود النظري، المجرد، الذي لا يؤثر في الحواس، ولكن يدرك بالعقل، ويتصور، على نحو من الأنحاء.. والكلام عندنا عن الروح لا يوصف بأنه ((ميتافيزيقي)) لأننا نقول أن المادة المحسوسة، الظاهرة للحواس، روح، ولكنها في حالة من الإهتزاز تتأثر بها الحواس.. والروح ـ في المدلول الشائع عنها ـ مادة في حالة من الإهتزاز لا تتأثر بها حواسنا.. فالأمر عندنا وحدة وليس ينطبق عليه تعبير ((الفيزيقية)) و ((الميتافيزيقية)).. فالوجود وحدة ذات شكل هرمي، قاعدته مادة، وقمته روح.. والإختلاف بين القاعدة، والقمة، إختلاف مقدار، وليس إختلاف نوع. |
وشكرا
ياسر
| |
|
|
|
|
|
|
Re: المادة روح في حالة من الاهتزاز تتأثر بها حواسنا!!! (Re: Yasir Elsharif)
|
العزيز ياسر سلامات قلت :
Quote: المسألة نسبية يا أسامة.. وقد ورد في الأثر أن النبي عليه الصلاة والسلام تنبأ بها عندما قال: الخلافة بعدي ثلاثون عاما ثم تكون ملكا عضوضا |
كلامك عن تدهور الخلافة الاسلامية ، مع اهميته، إلا أنه لا يصب في ما قلت به عن مقاربة الاستاذة اسماد والدكتور النور حمد، لمصطلحي الحضارة والمدنية . وهذان المصطلحان مهمان جدا في فهم ما اسميناه بالمخطط النظري للاستاذ محمود في مقاربته للحضارة الغربية ، وايجاد بديل لها كما فعل سيد قطب. ليست هنالك نسبية في استخدام المصطلحات. فما اوردته من اقتباس من مقدمتهما لثلاثة كتب من خطاب الاستاذ, يكشف عن ذلك الارتباك،وإلا كيف نفهم المدنية الروحية والحضارة المدنية، اذا كان أن الفهم لذينك المصطلحين مرتبط بالروح والمادة على التوالي؟؟ كيف نفهم ذلك ؟؟ اهتمامي هنا منصب على طريقة انتاج الخطاب ، وهو انتاج مرتبك في ما يتعلق بالمصطلحين. محبتي المشاء
| |
|
|
|
|
|
|
Re: المادة روح في حالة من الاهتزاز تتأثر بها حواسنا!!! (Re: osama elkhawad)
|
يا مراحب يا عزيزي أسامة،
قولك:
Quote: ليست هنالك نسبية في استخدام المصطلحات. |
استخدام المصطلحات محدد جدا، ولكن النسبية في مفهوم الكلمة.. مثلا الإسلام في زمن النبي عليه السلام هو مدنية "مادية ـ روحية" "الدنيا مطية الآخرة"، والإسلام في زمن الأمويين هو حضارة مادية أكثر منها روحية إذا قارنتها بالعهد النبوي، ولكن إذا قارنتها بالحضارات الرومانية والفارسية فهي تعتبر مدنية أكثر منها حضارة.. هذا ما قصدته بالنسبية..
قولك:
Quote: فما اوردته من اقتباس من مقدمتهما لثلاثة كتب من خطاب الاستاذ, يكشف عن ذلك الارتباك،وإلا كيف نفهم المدنية الروحية والحضارة المدنية، اذا كان أن الفهم لذينك المصطلحين مرتبط بالروح والمادة على التوالي؟؟ كيف نفهم ذلك ؟؟ اهتمامي هنا منصب على طريقة انتاج الخطاب ، وهو انتاج مرتبك في ما يتعلق بالمصطلحين. |
وضعت لك خطا تحت كلمة المدنية وأظن أنك قصدت أن تكتب "المادية".. الخط الثاني: كيف تفهم؟؟ والجواب أنك تسير في خط موازي للأستاذ ولذلك لن تفهمه.. أنت تتحدث عن طريقة إنتاج المصطلح عند الأستاذ، بينما الأستاذ يرتفق بالمصطلح ليوضح المفاهيم!! وهو يقول أن اللغة نفسها حجاب عن المعاني.. قال في ذلك في كتاب "الإسلام":
Quote: وسائل العلم التجريبي الروحي
ولا بد من كلمة قصيرة عن وسائل التجربة الدينية ، وأولها وأولاها ، القرآن ، ونحن نسمع الناس يقولون أن القرآن كلام الله ، فما معنى هذا ؟؟ إن الله ليس كأحدنا، وليس كلامه ككلامنا ، بأصوات تنسل من الحناجر ، فتقرع الآذان .. إن كلام الله خلق .. فالشمس تطلع ، فترسل الضوء ، والحرارة ، فتبخر الحرارة الماء ، وتثير الرياح ، وتحرك الهواء ، وتحمل الرياح بخار الماء ، في سحب كثيفة ، إلى بلد بعيد ، فينزل المطر ، فيروي الأرض ، ويحييها بعد موتها ، فينبت الزرع ، وتدب الحياة ، بمختلف صورها ، وشكولها .. هذه صورة موجزة ، قاصرة ، مفككة الحلقات ، لكلام الله . فالقرآن صورة هذا الكلام ، أو قل هذا العلم ، مفرغ في قوالب التعبير العربية .. ويظن كثير من كبار العلماء أن القرآن هو اللغة العربية ، وذلك خطأ شنيع .. وهو خطأ جعلهم يلتمسون معاني القرآن في اللغة العربية ، فانحجبوا بالكلمات ، وهم يظنون أنهم على شئ .. واللغة أساسا ، نشأت بدوافـع الحاجة اليومية ، في الحياة الجسدية ، فهي ، مهما تطورت ، فإنها تعجز ، كل العجز ، عن تحمل معنى كلام الله وهي ، على خير حالاتها ، لا تقوم منه إلا مقام الرمز ، والإشارة .. والقرآن لا يدع لنا مجالا للشك طويلا ، فهـو يقـول (( الم * ذلك الكتاب لا ريب فيه ، هدى للمتقين )) والإشارة هنا (( بـذلك )) إلى (( الم )) . |
وفي كتاب "أسئلة وأجوبة" الجزء الأول هناك فقرة توضح المسألة بصورة طيبة جداً جاءت في معرض الحديث عن "هل القرآن مخلوق"؟ من رد على السيد الكردي:
Quote: اللغة حجاب في المعاني...
حجاب اللغة، الذي أشرنا إليه في صدر هذا الحديث، ظاهر في العبارة المنسوبة للإمام محمد عبده، فأنت، حين تسمعه يقول... ((هذا القرآن المكتوب من حروف هجائية، التي ينطق بها كل إنسان، وأنها مادية، بشرية))، تشعر بأن كل شئ معروف بداهة، ولكن إذا أمعنت النظر، وسألت نفسك... ما هي الحروف الهجائية ؟ أو ما هي المادة ؟ لوجدت أنك تعرف المظهر فقط، وتجهل الحقيقة التي وراء المظهر، وبذلك تكون خرجت بحيرة، بدلاً من العلم الذي ضللتك العبارة عنه، وأوهمتك أنك تملكه، من قبيل البداهة، وأخونا طه الكردي أورد في بحثه طرفاً من الآية حين أورد... ((إنا جعلناه قرآناً عربياً)) ولو أورد كل الآية... ثم أورد الآية السابقة لها، والآية اللاحقة، لأعانه ذلك كثيراً... فلنوردها نحن، ولنلفت نظره إليها، فلعله يحدث فهماً جديداً لموقفه... قال تعالى... ((حم * والكتاب المبين * إنا جعلناه قرآناً، عربياً، لعلكم تعقلون * وإنه، في أم الكتاب لدينا، لعلي حكيم)) أوردنا هذه الآيات ليتفكر فيها الأخ السيد طه، لا ليكتفي منها بأن يذهب ليدلل على أن كلمة ((جعل)) تعني كلمة ((خلق)) فإن ((الجعل)) و (الخلق) كيفهما مجهول، وإن خيل إليه أنه يعرفه، والله تعالى يقول ((حم)) وهي آية تمثل قمة القرآن، وما من مفسر للقرآن إلا يقول عنها ((الله أعلم بمراده))... ثم يقول تعالى ((إنا جعلناه قرآناً، عربياً، لعلكم تعقلون)) فيفهم الفاهمون أن الله صب معاني القرآن في قوالب التعبير العربي، فحملت منه ما أطاقت.. وذلك الصنيع إنما جرى بفضل الله علينا لعلنا نعقل عنه... ثم قال تعالى عن القرآن ((وإنه في، أم الكتاب لدينا، لعلي حكيم)) فعرفنا أيضاً أن القرآن أصله عند الله... و ((لدينا)) هذه لا تشير إلى المكان، كما جرت العادة بها في اللغة العربية، وهي لا تشير إلى المكان، لأن الله تبارك وتعالى، لا يشمله المكان، وإنما هي تشير إلى التناهي في الكمال، حتى تنتهي إلى الذات العلية... فالقرآن في حقيقته هو الله... هو ذات الله تنزلت في المستويات المختلفة.. لماذا تنزلت ؟ الجواب ((لعلكم تعقلون))... وهذا يذكرنا بالحديث القدسي الذي وردتت الإشارة إليه... ((كنت كنزاً مخفياً، فأردت أن أعرف، فخلقت الخلق، فتعرفت إليهم، فبي عرفوني)). |
وبنفس الطريقة، ألا تلاحظ أنك عندما تستخدم كلمة "مادة" تظن أنك قلت كل شيء؟؟ ولكن الحقيقة غير ذلك.. وسأضرب لك مثلا بالكتابة التي أكتبها أنا هنا بالكيبورد وتقرأها أنت على الشاشة.. هل هي كتابة بحبر أو بمداد ؟؟ فنحن نعرف أن الكتابة تكون عادة بالمادة.. هذه الكتابة هي أيضا مادة ولكنها تختلف عن الكتابة بالحبر، وهنا أتمنى أن تتأمل في قول الأستاذ بأن عالم المادة بمثابة الظلال لعالم الروح وهذا يظهر جليا في المثال الذي سقته إليك.. فإن الحروف والصور التي تظهر على شاشة الكمبيوتر إنما هي ظلال لأشياء إليكترونية وكهروماغنطيسية معقدة لا نراها.. وعندما تقول روح.. ماذا تفهم من ذلك بالضبط؟؟ دعني أضع لك بعضا مما كتبه الأستاذ عن موضوع الروح في كتاب "أسئلة وأجوبة الثاني" في محاولة أن أبين لك أن الأستاذ لا ينتج مصطلحات أو ينتج "خطاب" وإنما يحاول أن يوضح مفاهيم تعجز عنها اللغة نفسها في بعض الأحيان:
Quote: الخرطوم في ربيع الآخر 1378 الموافق 5/11/1958م بسم الله الرحمن الرحيم ، نستغفره و نستعينه . أما بعد ـ فإلى الأخ الكريم موسى أبو زيد . تحية طيبة . فقد وصلني خطابك الطريف يسأل عن (الروح) ، ويورد مانشرته مجلة (الإسلام والتصوف) عما دار في ندوة عقدتها في القاهرة ، اشترك فيها بعض العلماء الأجلاء ، وناقشوا فيها أمر (الروح) ، وتعرضوا للآية الكريمة: "يسألونك عن الروح ، قل الروح من أمر ربي .. وما أوتيتم من العلم إلا قليلا" .. ولست أريد هنا أن أتعرض لما قاله العلماء الأجلاء في تلك الندوة الطريفة ، وإنما أريد أن أحدثك عن (الروح) كما طلبت ، وسيكون حديثي مستقلاً .. وعلى الله قصد السبيل .. الحق و الحقيقة
ويطيب لي أن أفترع حديثي إليك عن (الروح) بجملة مأثورة ، شائعة ، وهي قولهم: "لا يعرف الله إلا الله ، ولا يدخل في ملكه إلا ما يريد" ، وبذلك نكون قد دخلنا على المسألة كلها من الباب ، وهو معرفة الله ، سبحانه وتعالى .. ومعرفة الله تقع على مستويين: معرفة (حقيقة) ، ومعرفة (حق) .. فأما معرفة (الحقيقة) فتلك معرفة الذات .. وهي معرفة ممتنعة لعدم الضدية فيها .. فإنه ، سبحانه ، وتعالى ليس له كفء ، ولا ضد .. ولوجود الثنائية ، في عقولنا فإنها لا تعرف إلا بالضدية . فلولا النور ما عرفنا الظلام ، ولولا الحر ما عرفنا البرد ، وهكذا سائر معارفنا .. وكل ما يمكن أن نحققه في باب معرفة ذات الله هو الإيقان القاطع بوجوده ، سبحانه ، وتعالى ، وإستحالة الإحاطة بمعرفته ، والشعور بالعجز التام عن إدراكه ، ولذلك قيل: (العجز عن الإدراك إدراك) .. وأما معرفة (الحق) فهي معرفة الأسماء ، والصفات ، والأفعال .. وتلك معرفة ممكنة ، وميسورة ، ويقع تفاوت الناس فيها على مراتب ، ومراحل .. و كلما عظمت معرفتها عند العارف ، كلما ازداد اليقين بوجود الذات .. ومعرفة (الحق) إنما كانت ممكنة لوجود الضدية فيها .. فإن الحق ضده الباطل .. ثم إنها لما كانت معرفة الأسماء ، والصفات ، والأفعال ، فإن الضدية تكتنفها إكتنافاً تاماً ، وذلك لمشاركة الخلق في جميع صفات الخالق ، ولقد قال المعصوم: "إن الله خلق آدم على صورته" .. ومعلوم أن ليس لله ، تبارك ، وتعالى ، صورة حسية ، وإنما المقصود هنا أن الله ، تبارك ، وتعالى ، حين كان حياً ، وعالماً ، ومريداً ، وقادراً ، فقد خلق آدم حياً ، وعالماً ، مريداً ، وقادراً .. إلا أن صفات الله جميعها في نهاية الكمال ، وصفات الخلق في جانب النقص .. وحين قال المعصوم: "تخلقوا بأخلاق الله .. إن ربي على سراطٍ مستقيم" ، إنما أراد أن نحاول بالعبادة ، والإستقامة ، والعلم ، أن نخرج من نقص صفاتنا لندخل في كمال صفات الله ، تبارك ، وتعالى . فليس سير العابد إلى الله قطع مسافات ، وإنما هو تقريب صفات من صفات .. والكلمة الجامعة التي صدرت بها حديثي هذا تشير إلى هذين المستويين من المعرفة .. فهي حين قالت: "لا يعرف الله إلا الله" ، إنما أشارت إلى الحقيقة ، أو (الذات) وحين قالت: "ولا يدخل في ملكه إلا ما يريد" ، إنما أشارت إلى (الحق) ، أو الأسماء .. ومعنى "لا يدخل في ملكه إلا ما يريد" إشارة إلى الصفة الأزلية ، وهي (الإرادة) .. فإنه ما من خير ، أو شر ، وما من هدى ، أو ضلال ، وما من إيمان ، أو كفر ، إلا وقد أراده الله ، تبارك ، وتعالى .. ولقد ظن بعض الفرق الضالة ، من فرق المسلمين ، أن الله ، تبارك ، وتعالى ، لا يخلق الشر ، والضلال ، والكفر ، وإنما يخلق الخير ، والهدى ، والإيمان .. فأشركوا مع الله خالقاً آخر ، من حيث أرادوا تنزيهه .. والإرادة صفة وسط بين صفتين: أعلاها العلم ، وأدناها القدرة .. وبهذه الصفات الثلاث .. العلم ، والإرادة ، والقدرة برزت المخلوقات جميعها للوجود .. فبالعلم أحاط الله تبارك وتعالى بالمخلوقات ، أوائلها وأواخرها ، وما بين ذلك .. وبالإرادة خصص صور البدايات ، وما يليها .. وبالقدرة أبرزها إلى حيز الوجود ، ووالى إبرازها .. وتلحق بهذه الصفات الثلاث صفات ثلاث أخر: هي الخالق ، البارئ ، المصور .. الإرادة الإلهية
ولما كانت الإرادة صفة وسطاً بين صفتي العلم والقدرة ، فإن فيها خصائصهما معاً ، ولذلك فحيث تذكر الإرادة مفردة فإنها تعنيهما معاً .. والإرادة صفة أزلية قائمة بذات الله ، تبارك ، وتعالى والمخلوقات جميعها صور لتجلياتها في الوجود المادي .. ومن هنا جاء السؤال القديم عند الصوفية: "هل الخلق هم الحق أم هل هم غيره؟؟" .. ولقد حاول النابلسي ، عليه رحمة الله ورضوانه التعبير عن ذلك حين قال:- إن تكن بالله قائم * لم تكن بل أنت هو
أنت ظل الغيب من أسمائه و الشمس هو و هذا استطراد ما نحب أن نواصله ، فلنرجع إلى الحديث عن (الإرادة) .. لقد قلنا إنها صفة قديمة قائمة بذات الله تعالى .. وقلنا أيضاً أن المخلوقات ـ عظيمها وحقيرها ، علويها وسفليها ـ إن هي إلا صور لتجليات الله في الوجود .. وبين المخلوقات تفاوت عظيم في العلم والقدرة ، ولكنه تفاوت مقدار فقط .. فقول الله تعالى: "وفوق كل ذي علمٍ عليم" ينطبق على جميع المخلوقات ، من أدناها إلى أعلاها .. وينظمها في شكل هرمي ، له قاعدة عريضة ، وله قمة دقيقة ، عليها واحد .. وفيما بين القاعدة والقمة جميع صور المادة ـ الغاز ، والسائل ، والجامد ، والشجر ، والحيوان (بما في ذلك الإنسان) ، والأرواح ، .. وقد يتبادر إلى الذهن استغراب أن توصف جميع هذه المستويات بالعلم حتى يكون تفاوتها فيه تفاوت مقدار ، وما ذاك إلا لأننا نعرف العلم تعريفاً بعينه ، ولا نعلم علماً وراء ما اصطلحنا على تسميته بالعلم .. ولذلك يقول الله تعالى في الخلق ، وفينا: "وإن من شئٍ إلا يسبح بحمده ، ولكن لا تفقهون تسبيحهم" .. والعقول الفطرية الأولية في الحياة البدائية تنسب الحياة لكل جسم تراه ـ فللحجر حياة ، وللأرض حياة ، وللحطب حياة ، وكذلك يفعل الأطفال .. ولأمر ما كان ذلك !! ومهما يكن من شئ فإن المخلوقات جميعها ، وبشكلها هذا الهرمي ، من قمتها إلى قاعدتها ، تطلب الله ، وتسير إليه .. وكما سبق القول فإن السير إلى الله ليس بشد الرحال ، ولا بقطع المسافات ، وإنما هو بتقارب صفات المخلوق من صفات الخالق ، والتقلب في هذا السير هو المعبر عنه بالفناء في قول الله سبحانه وتعالى: "كل من عليها فان ، ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام" .. وللوجه هنا معنيان: الوجه البعيد هو الذات ، والوجه القريب هو الوجه الذي يلي الذات من المخلوقات ـ أي هو أرفعها جميعاً ، وهو الذي على قمة الشكل الهرمي ، وهو هو الذي نطلق عليه (الحق) حين نطلق على الله (الحقيقة) .. أو قل هو خلاصة المخلوقات التي هي ، كما سبق وقررنا ، مظهر تجليات الله في الوجود .. أطوار سبعة
ومع أن معارج التقارب بين القاعدة والقمة لا حصر لها إلا أنها تقع في سبع مراتب ، أو قل سبع طبقات .. ولقد ورد التعبير عنها في القرآن كثيراً وبصور مختلفة ـ فمثلاً قول الله تعالى: "إن ربكم الله الذي خلق السموات ، والأرض في ستة أيام ، ثم استوى على العرش ، يغشى الليل النهار يطلبه حثيثاُ ، والشمس ، والقمر ، والنجوم ، مسخرات بأمره .. ألا له الخلق ، والأمر ، تبارك الله رب العالمين" .. فذكر ستة الأيام هنا ، وأشار إلى اليوم السابع بقوله: "ثم استوى على العرش" .. وهذه الأيام السبعة إشارة إلى أطوار الخلق السبعة .. وقوله تعالى: "ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين * ثم جعلناه نطفة في قرارٍ مكين * ثم خلقنا النطفة علقة ، فخلقنا العلقة مضغة ، فخلقنا المضغة عظاماً ، فكسونا العظام لحماَ ، ثم أنشأناه خلقاً آخر .. فتبارك الله أحسن الخالقين" ، شبيه بقوله تعالى ، الأول .. عبر عن الأطوار الستة بهذا التطور ، والتدرج .. وعن الطور السابع بقوله: "ثم أنشأناه خلقاً آخر" ، وهو هو نفس معناه في قوله: "ثم استوى على العرش".. وقوله تعالى: "وإذ قال ربك للملائكة إني خالقٌ بشراً من صلصال من حمأ مسنون * فإذا سويته ، ونفخت فيه من روحي ، فقعوا له ساجدين" ، شبيه بقوله تعالى في الآيتين السابقتين .. فإنه هنا أجمل الأطوار الستة في قوله تعالى "فإذا سويته" ، ثم عبر عن الطور السابع بقوله تعالى: "و نفخت فيه من روحي" ، وهو تعبير مقابل تماماً للتعبيرين في الآيتين السابقتين ، وذلك حين قال في الأولى: "ثم استوى على العرش" ، وفي الثانية: "ثم أنشأناه خلقاً آخر".. ولما كان كل شئ موجود في الآفاق موجوداً في النفس البشرية ، ـ في البنية البشرية ـ فإن هذه الأطوار السبعة موجودة أيضاً .. والله تعالى يقول: "سنريهم آياتنا ، في الآفاق ، وفي أنفسهم ، حتى يتبين لهم أنه الحق .. أو لم يكف بربك أنه على كل شئٍ شهيد ؟؟" .. وهذه الأطوار السبعة في النفس البشرية وردت العبارة الصريحة عن ستة منها ، وتركت السابعة للإشارة ، كما جرى في آية خلق السموات ، والأرض ، التي أوردتها هنا ، وكما جرى ، وبصورة أقل خفاءً ، في الآيتين الأخريين اللتين أوردتهما آنفاً .. فالطور الأول من أطوار النفس هو طور النفس الأمارة ، وهو طور مشترك بين الإنسان والحيوان .. وقد ورد ذكره في قوله تعالى ، على لسان يوسف الصديق: "وما أبرئ نفسي ، إن النفس لأمارة بالسوء" .. والطور الثاني هو طورالنفس اللوامة ، وقد ورد في قوله تعالى: "لا !! أقسم بيوم القيامة * ولا !! أقسم بالنفس اللوامة" وهو أول أطوار الترقي في سلم البشرية .. والطور الثالث هو طور النفس الملهمة ، وقد ورد في قوله تعالى: "ونفس وما سواها * فألهمها فجورها وتقواها" .. والطور الرابع هو طورالنفس المطمئنة ، والطور الخامس طور النفس الراضية ، والطور السادس طور النفس المرضية .. وقد ورد ذكر هذه الثلاث في قوله تعالى: "يأيتها النفس المطمئنة * ارجعي إلى ربك راضيةً مرضية" .. وأما الطور السابع فقد أشار إليه إشارة لطيفة ، خفيفة ، في الآية التي تليهما حين قال: "فادخلي في عبادي" وهو طور النفس السابعة .. و حدة الوجود
ويهمني من هذه الأطوار السبع التي أبرزتها لك في حديثي هذا ، والتي تظهر في شكل هرمي ، له قاعدة غليظة وقمة رفيعة ، أن أقرر أن الوجود مكون من مادة واحدة ، وأن الإختلاف في أطوارها إختلاف مقدار ، لا إختلاف نوع .. فالروح ، مثلاً ، هي الطرف الرفيع ، الشفاف ، من النفس .. ويمكن القول بأن النفس هي الطرف الغليظ ، الكثيف ، من الروح .. والحق ، (وهذا أمر يقتضيه التوحيد) أن الوجود كله مصنوع من مادة واحدة ، وهذه المادة تكون في حالة من الذبذبة العالية حتى يتكون منها أرفع الأرواح ، أو تكون في حالة من الذبذبة المنحطة حتى يتكون منها أغلظ الأجسام .. وإلى ذلك الإشارة بقوله تعالى: "إلا إبليس ، كان من الجن ، ففسق عن أمر ربه " .. و"من الجن" يعني من الملائكة فأنت ترى ، إذن ، ألا فرق بين المادة والروح ، إلا فرق هذه الذبذبة في المادة الواحدة .. وكل صوفي مجرب يعرف ذلك جيداً . فهو ، في حالات التجليات ، والإشراقات ، التي تجيء نتيجة للعبادات الجسدية ، من صيام وصلاة ، يشعر بأن حظ روحه من كيانه المادي أكبر ، حتى ليخيل إليه أن الزمان لا يحده ، وأن المكان لا يحويه ، وأنه روح أثيري ، طليق ، حر ، لا سلطان لغير الله ، سبحانه ، وتعالى عليه .. وعندما أسرى بالنبي صلى الله تعالى عليه وسلم ، وعرج به ، كان في حالة من هذه الحالات ، ولقد بلغت مداها ، وتحررت من الزمان ، والمكان ، حين حكى الله تعالى عنها بقوله: "ما زاغ البصر ، وماطغى" .. أي اتحد البصر والبصيرة ، واستغرق وحدتهما "الحاضر" فلم يكن ندم على "الماضي" ، "ما زاغ البصر" ولا خوف من "المستقبل" ، "وما طغى" .. ثم فرضت عليه الصلاة ساعتئذ لتكون له ، وللمسلمين ، معراجاً يحقق بلوغ تلك المرتبة الرفيعة بالسير الثابت ، المتصل ، الدائم في الترقي الروحاني ، وإلى ذلك المقام الرفيع الإشارة بقوله تعالى ، وهو خطاب لمحمد ولسائر الخلق ، "ومن الليل فتهجد به نافلة لك ، عسى أن يبعثك ربك مقاماً محمودا" .. ونحن نعرج بالصلاة كلما صلينا صلاة حسنة ، متقنة ، وترتفع بهذه الصلاة ذبذبة أجسامنا ، ارتفاعاً يتصل بالسماء ، نورانياً ، مشعاً ، قوياً .. وإذا ما صلينا في جماعة كان ارتفاع ذبذبة أجسامنا أقوى مما لو صلينا منفردين .. وهذا هو السر في فضل صلاة الجماعة .. وهذا هو السر في الأمر بتسوية صفوف المصلين ، وتلاصق كتوفهم حتى تكون الأجسام المتراصة ، المتصلة ، جسماً واحداً ، فيرتفع ضعيفها بارتفاع أقواها .. ومهما يكن من الأمر ، فلابد من تسمية الأطوار بأسماء تجعل التفاهم ممكناً ، ولذلك فقد سمى الطرف الرفيع من النفس بالروح .. وبذلك فهي قمة الشكل الهرمي الذي تحدثنا عنه كثيراً.. فالروح هي المعنية بالوجه في قوله تعالى: "كل من عليها فان * ويبقى وجه ربك ، ذو الجلال ، والإكرام" وهي هي المعنية بنهايات الأطوار في جميع الآيات التي أوردتها آنفاً ، أي هي الطور السابع فيها جميعاً ـ ونجيء هنا إلى الروح مباشرةً .. ما هو الأمر
"ويسألونك عن الروح ، قل: الروح من أمر ربي ، وما أوتيتم من العلم إلا قليلا" فأولاً !! ما هو الأمر ؟ لقد تحدثنا عن الإرادة ، فقلنا أنها الصفة القديمة ، المتعلقة بالقديم ، وما المخلوقات جميعها إلا مظاهر لتجلياتها في الوجود المادي ـ فلم يدخل في الوجود شئ إلا عنها ـ فلا كفر ، ولا إيمان ، ولا شر ، ولا خير ، إلا منها .. فهي تتسع لجميع الثنائيات ، والمتناقضات ، ولها شكلها الهرمي ، بقاعدته وقمته .. وتعدداتها وثنائياتها تكون في القاعدة ، وتتفاوت إلى القمة ، حيث لا يكون إلا الوحدة ـ هذه هي الإرادة ـ وأما الأمر فهو الإرادة عندما تفضي فيها الثنائية إلى الوحدة ، لأن الوحدة هي الأصل ، والثنائية المظهر .. فمثلاً: الله خير محض ، ولا يصدر عنه إلا الخير .. ولكنا ، نحن ، لقصور عقولنا ، ولاعتبارنا لأنفسنا وحدها ، نرى أن بعض الأشياء خير ، وبعضها شر .. ونجزع مما نسميه شراً ، ويستبد بنا البطر عندما نظفر بما نسميه خيراً .. ولذلك فإن الله تعالى يقول في تربيتنا: "كتب عليكم القتال وهو كره لكم ، وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم ، وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم ، والله يعلم ، وأنتم لا تعلمون" .. أو يقول: "والله أعلم بأعدائكم ، وكفى بالله ولياً ، وكفى بالله نصيراً" .. ولقد قال بعض العارفين في قوله تعالى: "وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة": إن النعم الظاهرة هي العوافي ، والنعم الباطنة هي المصائب .. ونحن حين نتربى على هذا التهذيب السماوي ، ونتفطن لقول الله تعالى: "ما أصاب من مصيبة في الأرض ، ولا في أنفسكم ، إلا في كتاب من قبل أن نبرأها ، إن ذلك على الله يسير * لكيلا تأسوا على ما فاتكم ، ولا تفرحوا بما آتاكم ، والله لا يحب كل مختالٍ فخور" ، نسير في الترقي حتى نرتفع إلى مرتبة التوحيد ، ونصبح قادرين على التوحيد بين المظاهر المختلفة في الوجود ، ويظهر لنا جلياً أن الخير هو الأصل ، والموت ، الذي هو في نظرنا أكبر الشرور ، يبدو لنا في حقيقته ، فإذا هو ميلاد جديد ، في عالم جديد ، أرحب ، وأنضر ، من عالمنا الحاضر .. هذا للصالحين ، بالطبع .. يتضح من هذا أن الأمر هو قمة الإرادة ، وأنه ، بذلك ، أخص من الإرادة ، والإرادة أعم منه .. اقرأ قول الله تعالى: "وإذا فعلوا فاحشة قالوا: وجدنا عليها آباءنا ، والله أمرنا بها .. قل: إن الله لا يأمر بالفحشاء .. أتقولون على الله ما لا تعلمون * قل: أمر ربي بالقسط ، وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد ، وادعوه ، مخلصين له الدين ، كما بدأكم تعودون" .. أو اقرأ قوله تعالى: "إن الله يأمر بالعدل ، والإحسان ، وإيتاء ذي القربى ، وينهى عن الفحشاء ، والمنكر ، والبغي .. يعظكم ، لعلكم تذكرون" .. يتضح لك ما أردت من خصوص الأمر ، بعد أن اتضح لك شمول الإرادة .. والإيمان بالأمر ، أو قل: اليقين به ، يوجب الرضا بالإرادة ، وذلك حظ النفس الراضية ، التي تجيء في المرتبة بعد النفس المطمئنة .. وقد سلفت الإشارة إلى ذلك .. والرضا بالإرادة مرتبة توحيد تام عند العابد ، وبه تتغذى روحه ، ويرتفع كيانه جميعه .. الأمر محرر من الزمان و المكان
وتخلص الأمر من الثنائية التي اشتملت عليها الإرادة خلصه من الزمان والمكان .. اقرأ قوله تعالى: "إنا كل شئ خلقناه بقدر ، وما أمرنا إلا واحدة ، كلمحٍ بالبصر" .. فما يكون الخلق إلا في الزمن ، ولكن الأمر خارج الزمن .. "إنما أمره إذا أراد شيئاُ أن يقول له كن فيكون * فسبحان الذي بيده ملكوت كل شئ ، وإليه ترجعون" .. وسنذكر في مقام التحرر من الزمن هذا كل ما سبق ذكره في قوله تعالى: "ثم استوى على العرش" ومن قوله تعالى: "ثم أنشأناه خلقاً آخر" ، ومن قوله تعالى: "ونفخت فيه من روحي" .. كما لا بد أن نذكر الحديث عن النفس الكاملة ، تلك التي انتهى بها تطور النفس في أطوار الترقي حتى بلغت قوله تعالى: "ما زاغ البصر وما طغى" ، إلى آخر هذه العبارات التي تدل على نهايات الأطوار التي حدثتك عنها ، والتي جاءت كقمة للشكل الهرمي دائماً .. ولا بد أن نذكر قولنا: أن الروح هي الطرف الرفيع من النفس ، أو هي قمة الشكل الهرمي .. وسيتبين من كل أولئك أن الروح هي "الأمر" .. الروح ، العلم ، الحياة ، الله
"ويسألونك عن الروح ، قل: الروح من أمر ربي ، وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً" .. وقد وردت الإشارة إلى العلم في هذه الآية ، وهي تحمل كناية طريفة بأن الروح هي العلم أيضاً .. ولو تمعنت في حديثي الماضي يتأكد عندك أن الروح هي العلم .. فقد حدثتك أن الأمر هو قمة الإرادة ، وحدثتك أن الإرادة صفة وسط بين صفتين: من أعلاها العلم ، ومن أسفلها القدرة .. ومعنى هذا أن العلم هو قمة الإرادة أيضاً .. والعلم هو الحياة ، وهو الله .. فإن صفات الله القديمة قائمة بذاته القديمة ، وهي ليست غيره .. ونحن إنما نجهل أصل الحياة لأننا نجهل الله .. والحق أن علمنا بكنه الأشياء جميعها قاصر ، وإنا لا نعلم إلا خصائص القوى ، دون كنهها .. فالمادة مثلاً ، على اختلاف صورها ، قد ردت إلى أصل واحد ، وذلك بفضل تقدم العلم الطبيعي في اكتشاف أسرار الذرة .. وقد وجد أخيراً أن المادة بصورها المألوفة ليست هناك ، وإنما هي شحنة كهربائية ، أو هي طاقة ، تعرف خصائصها ، ولا يعرف كنهها .. ونحن عندنا أن المادة هي مظهر "للإرادة" وأن الإرادة هي الله .. ونحن لا نعرف الله معرفة إحاطة ، ولن نعرفه ، ولكننا سنظل نطلبه حثيثاً .. ولن تكون نهايتنا إلا عنده ، وليس لذلك نهاية .. "وأن إلى ربك المنتهى" .. ولا منتهى .. وهذا الشكل الهرمي الذي صورناه في المخلوقات موجود في كل ذرة من ذرات الوجود ، وهو ، فيما اصطلحنا على تسميته بالأحياء ، أظهر مما في عداه .. وهو في الإنسان ، أظهر منه في النبات ، والحيوان .. ويبدو أن الروح التي دار حولها نقاش العلماء في تلك الندوة الطريفة هي روح الإنسان ، ولذلك فلا بد من الإشارة إليها في ردي هذا عليك .. الروح الإنساني
يقول الله تبارك وتعالى: "وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة ، وكلا منها رغداً حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين" .. ولقد اختلف المفسرون في الشجرة هنا ، ما هي؟؟ وهي عندي شجرة التين ، وهي كناية عن النفس الأمارة .. ولقد ذكرنا أن النفس الأمارة هي الطور الذي يشترك فيه الإنسان ، والحيوان السائم .. ولا يبدأ الإنسان في إرتقاء أطوار الإنسانية إلا حين تبدأ جرثومة النفس اللوامة ، وإنما تجئ تلك كنتيجة لكبح جموح النفس الأمارة بإخضاعها لمقتضيات الحلال ، والحرام .. وهذا هو السر في تحريم الشجرة على آدم وزوجه في الجنة .. وعند بروز النفس اللوامة تكون قد برزت ثلاث قوى: ذكاء لمعرفة الحلال ، والحرام ، وإرادة لاجتناب الحرام وعمل الحلال ، ومقدرة على تنفيذ العمل ، أو الترك .. وهذه القوى الثلاث هي ما نسميه في الإنسان بالعلم ، والإرادة ، والقدرة ، التي أسلفنا عنها القول ، عندما تحدثنا عن قول المعصوم: "إن الله خلق آدم على صورته" ، في الآية الكريمة: "وإذ قال ربك للملائكة إني خالق بشراً من صلصال من حمأ مسنون * فإذا سويته ، و نفخت فيه من روحي ، فقعوا له ساجدين" .. والتعبير: "ونفخت فيه من روحي" يشير إلى بدء جرثومة النفس اللوامة ، وهي كما بينا آنفاً طور من أطوار ترقي النفس .. ولكنه طور ارتفع به الإنسان لفوره عن مستوى الحيوان ، ولذلك فهو طور مشهود .. ولولا أن هذا الجواب قد طال لتحدثت قليلاً عن كيفية النفخ .. وقد أفعل في وقتٍ آخر ، في جواب مستقل .. هذه الإشراقة النورانية البسيطة ، التي بها يقع التمييز بين الحلال ، والحرام ، هي الروح ، حين قلنا أنها الطرف الرفيع من النفس .. وكلما ترقت النفس في المعارج التي سلف ذكرها من أمارة ، إلى لوامة ، إلى ملهمة ، إلى مطمئنة ، إلى راضية ، إلى مرضية ، إلى كاملة ، كلما زادت رفعة ، وخفة ، وشفافية .. وكلما زاد طرفها الرفيع ـ "الروح" ـ رفاعة ، وشفافية ، ونفاذاً إلى دقائق التمييز .. قد تسمى الجانب الغليظ ، الكثيف من النفس ، الذاكرة ، أو الماضي .. فإذا ما التقى الخيال والذاكرة نشأ الفكر بينهما ، كما ينشأ الجنين بين الأب والأم .. وهذا الثالوث يسمى العقل .. وقد ذكرت لك هذه النبذة البسيطة عن العقل لأني رأيت أن ذكر العقل ورد في نقاش السادة العلماء مع ذكر الروح .. ولا بد من ختام هذا الجواب بعد أن طال ، وإن كنت أريد أن أحدثك عن الموت ، وعن البرزخ .. ولكن ذلك مما يزيد في طول هذا الجواب فيجعله مملاً ، إن كان قد أبقى من الإملال شيئاً .. وختاماً أرجو الله أن يعلمنا ، ويعلمك وأن ينفع بعلمنا ، وبعلمك .. المخلص محمود محمد طه |
مع وافر المحبة والتقدير.. وشكرا ياسر
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . (Re: عبدالله الشقليني)
|
الأحباء الكُتاب : أسامة ياسر
لكما الشكر الجزيل أن جعلتُم من نبتةً صغيرة في طرف قصي : شجرة باسقة بالفكر ، ثرية بالحوار الهادف والإختلاف السلس بلطائفه من احترام المُشاركين ، وثقل المباحث التي وردت وتنوعها البديع
والشكر موصول للأخ عمر ، ولكل القراء
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . (Re: عبدالله الشقليني)
|
شكرا شقليني ايها الماسك على جمرة الكلم الطيب .
الأستاذ واحد من مفكرينا الأفذاذ ، وقد حورب في حياته، وانتقص من شأنه الباذخ، وختم شيخوخته مبتسما فوق منصة الإعدام، فلعل كليماتنا القاصرات في مقاربة خطابه، ترد بعض الدين الذي هو في أعناقنا الى يوم القيامة. ****************** نعود لمداخلة الصديق ياسر. يا مراحبين يا ياسر قلت:
Quote: وضعت لك خطا تحت كلمة المدنية وأظن أنك قصدت أن تكتب "المادية".. |
أشكرك على انتباهك العالي ،وعلى تصحيحي.
نعود لما قلت به.
قلت:
Quote: استخدام المصطلحات محدد جدا، ولكن النسبية في مفهوم الكلمة.. مثلا الإسلام في زمن النبي عليه السلام هو مدنية "مادية ـ روحية" "الدنيا مطية الآخرة"، والإسلام في زمن الأمويين هو حضارة مادية أكثر منها روحية إذا قارنتها بالعهد النبوي، ولكن إذا قارنتها بالحضارات الرومانية والفارسية فهي تعتبر مدنية أكثر منها حضارة.. هذا ما قصدته بالنسبية.. |
مما يفرح اننا متفقان حول تحديد المصطلحات. ولكنني لم افهم كلامك حول نسبية مفهوم الكلمة. فهل المقصود نسبية المصطلح؟ و اذا كان أن المصطلح نسبي ،فما جدواه؟
المصطلح في زعمناالضعيف يهدف الى مقاربة ظاهرة محددة في تاريخ ومكان محددين. واذا اكتشف الباحث ان المصطلح لا يغطي كل الظاهرة ،فعليه نحت مصطلح آخر. وهذا ما حدث مثلا لماركس حين اكتشف في دراسته لانماط الانتاج الآسيوية ،أنها لا تخضع لما حاول ان يقول به من تحقيب للتاريخ البشري .فلذلك قال بمصطلح نمط الانتاج الآسيوي. ولذلك فاذا كان ان هنالك مجتمعا ما ،لا نستطيع ان نطبق عليه مصطلحي الحضارة والمدنية ،فعلينا القول بمصطلح آخر يمكن ان يكون مقاربا بشكل علمي مقبول للظاهرة التي فلتت من المصطلحين الاساسين. وحتى في اطار فهمك لمصطلحي الحضارة والمدنية ،فاننا نجد انك تمارس نفس الخلط الذي قام به الدكتور النور حمد والاستاذة أسماء محمود محمد طه في مقدمتهما التي اشرنا اليها سابقا.
نعود لكلامك حول مصطلحي الحضارة و المدنية،من خلال ما قال به الاستاذ من فهم لهما ،وطريقة استخدامك لهما. قلت :
Quote: مثلا الإسلام في زمن النبي عليه السلام هو مدنية "مادية ـ روحية" "الدنيا مطية الآخرة"
|
أولا: كيف يمكن ان تكون المدنية هي الجانب الروحي و المادي معا؟ وهذا الكلام يمكن ان يكون مفهوما لو ان الاستاذ يستخدم حدا ثالثا مثل ان يقول ان الثقافة هي الجانب الروحي، والحضارة هي الجانب المادي ،ثم يستخدم مصطلحا ثالثا مثل المدنية، بحيث يجمع الثقافة "الجانب الروحي " و الحضارة "الجانب المادي "،لكن نظرته التوحيدية تمنعه من ذلك كما قلنا سابقا. وحتى في اطارالحدود الثلاثة لفهم التطور الانساني ،فيكفي ان نقول مدنية كي تعبر عن الجانبين الروحي و المادي معا. ثانيا: كان عهد الرسالة الأول هو مدنية ولم تكن هنالك حضارة.فلم يتغير شيئ من حياة العرب المادية ،ولم يضيفوا شيئا الى بيئتهم المادية. وكون ان الاسلام في ذلك الزمان ربط الدنيا بالآخرة،فهذا لا يعني اطلاقا انه كانت هنالك انجازات ملموسة على الصعيد المادي في حياة البادية العربية .ولك ان ترجع الى تعريف الاستاذ لمصطلح الحضارة. تعريف الاستاذ للحضارة يقول بالآتي:
Quote: وأما الحضارة فهي ارتفاق الحي بالوسائل التي تزيد من طلاوة الحياة ، ومن طراوتها .. فكأن الحضارة هي التقدم المادي ، فإذا كان الرجل يملك عربة فارهة ، ومنزلا جميلا ، وأثاثا أنيقا ، فهو رجل متحضر ، فإذا كان قد حصل على هذه الوسائل بتفريط في حريته فهو ليس متمدنا ، وان كان متحضرا ، وانه لمن دقائق التمييز أن نتفطن إلى أن الرجل قد يكون متحضرا ، وهو ليس متمدنا ، وهذا كثير ، وأنه قد يكون متمدنا ، وهو ليس بمتحضر ، وهذا قليل ، والكمال في أن يكون الرجل متحضرا متمدنا في آن . وهو ما نتطلع إليه منذ اليوم. |
ومن الواضح رغم نظرة الاستاذ التوحيدية للعلاقة بين المادي والروحي ،إلا أنه في مخططه النظري للخروج من مأزق الحضارة الغربية ،فانه عول على الجانب الروحي أكثر من المادي . وسنعود لذلك. ثم قمت عزيزي ياسر بالحديث عن الخط الثاني ، حين قلت:
Quote: الخط الثاني: كيف تفهم؟؟ والجواب أنك تسير في خط موازي للأستاذ ولذلك لن تفهمه.. أنت تتحدث عن طريقة إنتاج المصطلح عند الأستاذ، بينما الأستاذ يرتفق بالمصطلح ليوضح المفاهيم!! وهو يقول أن اللغة نفسها حجاب عن المعاني. |
و اسمح لي ان ارد عليك بشكل مقتضب. الحديث عن اللغة كحجاب عن المعاني ،يمكن ان ينطبق على احوال المتصوفة مثلا،لكنه لا ينطبق على مفاهيم مثل الفيدرالية والجمهورية والاشتراكية والديمقراطية.وهذا يعني اذا انسقنا وراء فهمك لحجاب اللغة،فان كل ما كتب في الديباجة وأسس دستور السودان ،لا يمكن مناقشته،لان اللغة التي كتبا بها تحجب المعاني الاصلية لتلك المفاهيم الدنيوية.
كونك تنعي علي عدم فهمي للاستاذ، فهذا يصب في خانة الفهم الوحيد بل الأوحد لخطاب الاستاذ. وخطاب الاستاذ يمكن ان يقارب بمناهج مختلفة ومتعددة.وليس هنالك مرجع يقول ان هذه القراءة هي القراءة الوحيدة والمثالية لخطاب الاستاذ.
ما أحاوله من مقاربة متواضعة، يصب في بدء مرحلة جديدة تتمثل في الغور عميقا في الخطاب.وكما قلت من قبل فان خطاب الاستاذ وقع ضحية هجوم الخصوم ،ودفاع الأنصار. فهذه ياسيدي محاولة متواضعة ،اتمنى ان اكملها وأقوم بنشرها ، كان الله هون،والا فسيأتي من يطورون ما قلته به ، أو انتقاده سعيا نحو قراءة منصفة لخطاب الاستاذ.
و بهذه المناسبة أريد أن أشيرالى ملحوظة تتعلق بفهم الاستاذ لتطور خطابه . فمثلا نجد ان الاستاذ يرى أن هنالك كتابين يسمي كل منهما بالكتاب الأم للاخوان الجمهوريين.
ففي مارس 1960 تحدث الاستاذ عن ان كتاب "الإسلام" هو:
Quote: الكتاب (( الأم )) بالنسبة ( للأخوان الجمهوريون) 1 |
يقول عن كتاب: الاسلام
Quote: هذا كتاب خرجت الطبعة الأولى منه في مارس عام 1960 ، وكان الناس يومئذ تحت وطأة (( حكم العساكر )) لا أحوجهم الله إلى ذكـراه بالخير ، وقشع الله ، عن أمم الأرض التي لا تزل بأمثاله مرزوءة ، سحابة ظلمته وجهله. ولقد خرج هذا الكتاب عقيب حادث فصل الطلبة الجمهوريين الثلاثة من المعهد العلمي ، وما صحب ذلك الفصل من تشويه شديد للفكرة الجمهورية . ولقد حاولنا تصحيح ذلك التشويه فلم يتيسر لنا النشر ، ولقد منعنا المحاضرات في الأندية ، وفي دور العلم المختلفة . خرج هذا الكتاب في طبعته الأولى مركزا ، شديد التركيز ، مضغوطا ، كأشد ما يكون الضغط، ومع ذلك، فهو الكتاب (( الأم )) بالنسبة ( للأخوان الجمهوريون) 1.. فيه كل ما نريد أن نقول عن الإسلام ، فلم يبق أمر مستأنف ، إلا أن يكون زيادة شرح ، وزيادة توسيع لما جاء فيه موجزاً . |
ثم يقول عن الرسالة الثانية من الاسلام:
Quote: هذه مقدمة الطبعة الرابعة من كتاب (( الرسالة الثانية من الإسلام )) .. وهو كتاب قد صدرت طبعته الأولى في يناير من عام 1967 ، الموافق لشهر الله المكرم رمضان من عام 1386.. ولقد لاقى رواجا عظيما ، ونجـد أن رواجه يزداد كلما تقادم عليه العهـد ، ذلك أن الناس قـد أخذوا يتفهمونه ، ويتقبلونـه ، ويقبلون عليه .. وهـذا الكتاب هـو ، بالنسبة للدعوة الجمهـورية ، الكتاب الأم .. ومع ذلك ، فانه موجز ، أشد الإيجاز ، ويتطلب شرحاً ، وتفصيلا ، وتبيينا ، ليس إليه اليوم من سبيل |
في النسخة الالكترونية ،يوجد رقم ا،بخصوص الحديث عن "الكتاب الام"،لكن لا يوجد اي تفصيل حول مغزى ذلك الواحد.
المهم ، لم يشر الاستاذ الى انه قد سبق له ان ذكر ان الكتاب الام للأخوان الجمهوريين هو كتاب "الاسلام". وفي زعمنا ان الرسالة الثانيةهي تطوير لكتاب "الاسلام". و السلام المشاء
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . (Re: osama elkhawad)
|
قلنا في مداخلتنا السابقة ان كتاب "الاسلام" هو الكتاب الأم حقيقة، بالنسبة للأخوان الجممهوريين.
ذلك أن كتاب الرسالةالثانية ،ما هو إلا تطوير لذلك الكتاب.
ومن خلال مداخلة للصديق ياسر الشريف ، نجده لا يشير الى ذلك ، بل أنه يكتفي بوصف الكتاب الام اي كتاب "الرسالة" بأنه : .
يقول ياسر في ذلك :
Quote: كتاب "الإسلام" للأستاذ محمود من أمتع الكتب وقد كتب فيه الأستاذ محمود مقدمة يحسن بي أن أضعها هنا تكملة للحديث بعاليه وتمهيدا لما سأضعه أيضا بعد ذلك: |
المشاء
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . (Re: عبدالله الشقليني)
|
الأحباء تحية طيبة . ونثمن جهدكم والصبر على الحوار وعلى الكنوز ، وليعلم الجميع أن هنالك قراء كُثر ينتظرون الثمار التي توردون تباعاً.
حبيبنا ياسر الشريف
عثرت على نصين مما سبق أن أوردنا ، وعثرت فيهما شُبة اختلاف :
الأول :
أ/ في النص الأول وهي إجابات وردت سابقاً من ردود الأستاذ محمود عام 1970 م وفيها :
(وحقيقة القرآن لا تعرف عن طريق القراءة، وإنما تعرف عن طريق الممارسة في تقليد المعصوم، عبادة وسلوكا، )
الثاني :
والنص الآخر ورد ضمن مقدمة الطبعة الرابعة من ( الرسالة الثانية من الإسلام ) : ( أن يتلقوا عن الله كفاحا - ذلك أمر يبدو غريبا، للوهلة الأولى، ولكنه الحق الذي تعطيه بدائه العقول، ذلك بأن القرآن هو كلام الله، ونحن كلما نقرؤه إنما يكلمنا الله كفاحا، )
بناء على ما ورد وجدنا رأيين ، نرجو إن تفضلت التوضيح . لأننا بصدد بناء رؤى ويتعين أن نتقصى شِعابها .
هنا مقتطف من النصين ( 1 و 2 ) على التوالي :
(1) وقد نشرت إجابة الأستاذ بعدد السبت الموافق 4/4/1970، وكان نصها: { مؤهلات المفسر العصري للقرآن تقوم على أمرين: أن يكون المفسر ملما إلماما صالحا بحاجة العصر، وأن يكون عالما علما وافيا، ودقيقا، بحقيقة القرآن .. فأما حاجة هذا العصر فإلى الهداية .. فإن البشرية لم تكن يوما في التيه كما هي اليوم .. وسمة هذا العصر هي القلق، والحيرة، والاضطراب .. هذا عصر الثورات: الثورة الثقافية، والثورة الجنسية، وثورة الشباب، وكلها دليل على القلق، والحيرة، والاضطراب .. هذا عصر (الهيبيز) .. جماعات من الشباب، من الجنسين، يزيد عددهم كل يوم، ويستطير شرهم كل يوم، حتى لقد عم جميع الأقطار .. يقوم مجتمعهم على الرفض، فهم قد وجدوا مجتمع الحضارة الغربية، الآلية، مجتمع إنتاج واستهلاك، فقد الإنسان المعاصر فيه روحه، وقيمته، وحريته، واستحال إلى آلة تنتج وتستهلك، فرفضوه، ورفضوا معه كل عرف، ودين .. وفزعوا إلى صور من مجتمعات الغابة، فهم يلبسون المرقعات، ويسيرون حفاة، ويرسلون شعورهم، ويبيتون على الأرصفة، والطرقات، ويستبيحون بينهم من العلائق الجنسية ما ظلت البشرية على صيانته حريصة خلال تاريخها الطويل .. هم يبحثون عن حريتهم، وعن إنسانيتهم، وعن فرديتهم، فلا يكادون يجدون غير الضياع، وغير القلق، وغير الإضطراب .. فهل عند مصطفى محمود إدراك واسع لهذه الظاهرة، واهتمام بها، وسعي لإيجاد الهداية لها من القرآن بتفسيره العصري؟؟ ثم حقيقة القرآن .. ما هي؟؟ هي العلم المطلق .. وعندما تأذن الله أن يسرع الإنسان في معرفة المطلق نزله من الإطلاق إلى القيد، فكانت، في قمة القيد، الإشارة، وفي قاعدة القيد العبارة .. فأما العبارة فهي (الكلمة العربية) .. وأما الإشارة فهي (حرف الهجاء العربي) وأما حقيقة القرآن فهي فوق الإشارة، وفوق العبارة .. ولقد قال تعالى في ذلك: (حم * والكتاب المبين * إنا جعلناه قرآنا، عربيا، لعلكم تعقلون * وإنه، في أم الكتاب، لدينا، لعلي حكيم) فاما قوله: (حم) فإشارة .. وأما قوله: (والكتاب المبين) فعبارة .. وكذلك قوله: (إنا جعلناه قرآنا، عربيا، لعلكم تعقلون ..) فإنه عبارة تفيد العلة وراء تقييد المطلق .. وأما قوله: (وأنه، في أم الكتاب لدينا، لعليّ حكيم ..) فإنما هو عبارة، تفيد، بقدر طاقة العبارة، عن حقيقة القرآن .. وحقيقة القرآن لا تعرف عن طريق القراءة، وإنما تعرف عن طريق الممارسة في تقليد المعصوم، عبادة وسلوكا، وهو ما سمي، في أخريات الأيام، (بالتصوف) فهل عند مصطفى محمود قدم في التصوف؟؟ لا!! ولا كرامة!!
(2) هذه مقدمة الطبعة الرابعة من كتاب (( الرسالة الثانية من الإسلام )).. :
ورد تحت عنوان ( من المأذون ؟ ) :
{ أول ما تجب الإشارة إليه هو أن النبوة لم تختم حتى استقر، في الأرض، كل ما أرادت السماء أن توحيه، إلى أهل الأرض، من الأمر.. وقد ظل هذا الأمر يتنزل على أقساط، بحسب حكم الوقت، من لدن آدم وإلى محمد.. ذلك الأمر هو القرآن.. واستقراره في الأرض هو السبب في ختم النبوة.. وأما الحكمة في ختم النبوة فهي أن يتلقى الناس من الله من غير واسطة الملك، جبريل - أن يتلقوا عن الله كفاحا - ذلك أمر يبدو غريبا، للوهلة الأولى، ولكنه الحق الذي تعطيه بدائه العقول، ذلك بأن القرآن هو كلام الله، ونحن كلما نقرؤه إنما يكلمنا الله كفاحا، ولكنا لا نعقل عنه.. السبب؟ أننا عنه مشغولون.. قال تعالى في ذلك: (( كلا!! بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون * كلا!! إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون)).. وإنما جاء القرآن بمنهاج شريعته، ومنهاج طريقته، وبأدبه في كليهما، ليرفع ذلك الرين، حتى نستطيع أن نعقل عن الله ما يحدثنا في القرآن، فإذا وقع هذا الفهم لرجل فقد أصبح مأذوناً له في الحديث عن أسرار القرآن، بالقدر الذي وعى عن الله.. }
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . (Re: عبدالله الشقليني)
|
عزيزي عبد الله الشقليني
سلامات، وقد سعدت بما تفضلت به فهو يثري الحوار حول فكر الأستاذ محمود.. في الحقيقة ليس هناك اختلاف أو تناقض بين العبارة التي تقول:
Quote: وحقيقة القرآن لا تعرف عن طريق القراءة، وإنما تعرف عن طريق الممارسة في تقليد المعصوم، عبادة وسلوكا، |
والعبارة التي تقول:
Quote: وأما الحكمة في ختم النبوة فهي أن يتلقى الناس من الله من غير واسطة الملك، جبريل - أن يتلقوا عن الله كفاحا - ذلك أمر يبدو غريبا، للوهلة الأولى، ولكنه الحق الذي تعطيه بدائه العقول، ذلك بأن القرآن هو كلام الله، ونحن كلما نقرؤه إنما يكلمنا الله كفاحا، ولكنا لا نعقل عنه |
فالعبارة الأولى المقصود منها أن قراءة القرآن أو الإطلاع والدراسة بدون ممارسة العبادة وتقليد النبي عليه الصلاة والسلام في العبادة والسلوك لا تؤدي إلى معرفة حقيقة القرآن، وإن أدَّت إلى معرفة ظاهر القرآن، لأن حقيقة القرآن لا تعرف إلا بالتوحيد.. والتوحيد علم ذوق لا يُدرك بالقراءة وإنما بالتذوق وقد تكون القراءة مدخل عليه طبعا.. فأنت مثلا تستطيع أن تصف فاكهة الموز في شكلها وحجمها وطعمها لإنسان لم يعرفها من قبل ولكن إدراكه للموز سيتسع جدا عندما يراه ويشمه ويتذوقه.. والأستاذ محمود في موضع آخر من نفس الكتاب أوضح هذه المسألة عند الحديث عن "لا إله إلا الله" فأرجو تأملها:
Quote: و(لا إله إلا الله) هي هادية التوحيد .. والتوحيد هو العلم اللدني، الذي يؤخذ من الله مكافحة .. فهو لا يعلمنا إياه النبي، إلا في معنى أنه فاتح بابه، وقدوة السلوك إليه .. ولقد قال النبي في ذلك: (إنما أنا قاسم، والله يعطي، ومن يرد الله به خيرا يفقهه في الدين .. ولا تزال هذه الأمة قائمة على أمر الله، لا يضرهم من خالفهم، حتى يجيء أمر الله.) أراد بقوله (إنما أنا قاسم) أنه معلم الشريعة، ومعلم الطريقة، وقدوة السلوك .. وأراد بقوله: (والله يعطي) أن الله هو الذي يعلم حقائق الدين، لا أنا .. وهذا هو معنى قوله تعالى: (واتقوا الله، ويعلمكم الله) .. والتوحيد علم ذوق، فهو لا يدرك بالقراءة .. ومعنى (علم ذوق) أنه إنما يجيء عن طريق الممارسة، والتجربة في العبادة .. فمن إلتمسه عن غير هذا الطريق سقط على الدعاوى، وتخبط في متاهات الجهل .. ونحن نتهم الدكتور مصطفى محمود بأنه اعتمد على القراءة في تحصيله للتوحيد .. وليس معنى هذا أن الدكتور لا يعبد، ولكن معناه أنه لم يتقن العبادة حتى يدخل بها مداخل العبودية، إذ ليست مرحلة العبادة مرحلة تذوق الحقيقة، وإنما هي مرحلة إعداد لهذا التذوق .. هي مرحلة عقيدة، في حين أن مرحلة تذوق الحقيقة مرحلة علم .. ولا يستقيم الحديث لمتحدث عن أصول الدين قبل إتقانه مرحلة العلم هذه .. ذلك بأن الإسلام يقع على مرحلتين: مرحلة الإيمان، ومرحلة الإيقان ... فأما مرحلة الإيمان فلها ثلاث درجات: الإسلام، ثم الإيمان، ثم الإحسان .. وأما مرحلة الإيقان فلها ثلاث درجات، أيضا: علم اليقين، ثم علم عين اليقين، ثم علم حق اليقين، وبعد حق اليقين يجيء الإسلام، الذي هو دين الله، الذي لا يقبل غيره .. قال تعالى: (إن الدين عند الله الإسلام) .. وقال تعالى: (ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه، وهو في الآخرة من الخاسرين) ولا يشم أحد شميم معرفة أصول الدين قبل أن ينزل أدنى منازل الإيقان، وهي منزلة علم اليقين .. فمرحلة الإيمان مرحلة عقيدة، ومرحلة الإيقان مرحلة علم .. ويتضح من كلام الدكتور مصطفى أنه لم ينزل هذه المنزلة .. وخير ما يكشف لنا ذلك منه حديثه عن هذا الفصل، (لا إله إلا الله) .. ثم حديثه عن الفصل الذي يليه، وعنوانه (مخير أم مسير) .. فلنأخذ في استعراض حديثه عن (لا إله إلا الله) .. وأول الدلائل على أن الدكتور مصطفى لم يرح رائحة اليقين قوله من صفحة 240: (لا إله إلا الله .. إذن لا معبود إلا الله .. (ولن يعبد بعضنا بعضا .. ولن يتخذ بعضنا بعضا أربابا ولن نقتتل على شيء وقد أدركنا أنه لا شيء هناك .. (ولن يأخذنا الغرور وقد أدركنا أننا خيالات ظل تموج على صفحة الماء .. (ولن نفرح بثراء ولن نحزن لفقر ولن نتردد أمام تضحية ولن نجزع أمام مصيبة فقد أدركنا أن كل هذه حالات عابرة .. (وسوف تلهمنا هذه الحقيقة أن نصبر على أشد الآلام .. فهي آلام زائلة شأنها شأن المسرات .. (لن نخاف الموت. وكيف يخاف ميت من الموت؟؟) إنتهى حديث الدكتور مصطفى .. وأنت، حين تقرأه، يخيل إليك أنه يمكنك تحصيل هذا الإدراك في جلسة واحدة، أو في أيام قلائل، بعدها تملك الصبر على (أشد الآلام) .. وما هو هذا الإدراك؟؟ هو إدراكنا (أننا خيالات ظل تموج على صفحة الماء)!! وهل نحن حقا خيالات ظل؟؟ أم هل نحن خلائف الله في الأرض؟؟ و(لن يخاف ميت من الموت) يقول الدكتور، ثم يردف: (وكيف يخاف ميت من الموت؟؟) فهل رأيت كيف يرى الدكتور انتصارنا على الخوف من الموت؟؟ هو يراه في اليأس من الحياة، وفي اليأس من القدرة على الفرار من الموت .. (وكيف يخاف ميت من الموت؟؟) .. والحق غير ذلك .. فإن انتصارنا على الخوف من الموت إنما يجيء من إطلاعنا على حقيقة الموت، ومن استيقاننا أن الموت، في الحقيقة، إنما هو ميلاد في حيز جديد، تكون فيه حياتنا أكمل، وأتم، وذلك لقربنا من ربنا .. وبالموت تكون فرحتنا، حين نعلم أن به نهاية كربنا، وشرنا، وألمنا .. قال تعالى عنه: (لقد كنت في غفلة من هذا، فكشفنا عنك غطاءك، فبصرك اليوم حديد) .. وإنما بالبصر الحديد ترى المشاكل بوضوح، وتواجه بتصميم .. وعندما اشتدت بالنبي غصة الإحتضار، وقالت السيدة فاطمة البتول: (وا كرباه لكربك يا أبي !!) أجابها المعصوم: (لا كرب على أبيك بعد اليوم) .. وقد سمى الله، تبارك، وتعالى، الموت (اليقين) فقال: (واعبد ربك حتى يأتيك اليقين) و (اليقين)، أيضا، العلم الذي لا يكاد يكون فيه شك، والذي به تتكشف الحقائق المستورة وراء الظواهر .. وإنما سمي الموت اليقين لأن به اليقين، ولأن به يتم اليقين الذي يكون قد بدأ هنا عند العارفين، وإنما يكون بدؤه بالموت المعنوي الذي هو نتيجة العبادة المجودة .. وعن هذا الموت المعنوي قال المعصوم (موتوا قبل أن تموتوا) .. وقال عن أبي بكر الصديق: (من سره أن ينظر إلى ميت يمشي في الناس فلينظر إلى أبي بكر) هذا هو اليقين الذي باطلاعنا عليه، لا نتحرر من خوف الموت فحسب، وإنما به قد يكون الموت أحب غائب إلينا .. وما هو الإدراك الذي به توصل الدكتور إلى مثل هذا القول الذي قاله: (وكيف يخاف ميت من الموت؟؟) ؟؟ إنه من غير شك الإدراك الذي تعطيه العقول لحقيقة الموت – الإدراك الذي يعطيه النظر – وهو إدراك قاصر، ومخيف .. فإن الموت، كما يعطيه النظر العقلي، هو، عند أكثر الناس، نهاية، به تنقطع الحياة، وتسكن الحركة، ويتصلب البدن، ويعود إلى تحلل، ونتن، ويستحيل إلى تراب .. ألم يقل الدكتور نفسه في صفحة 237: (أين كل هذا؟ تحت الردم .. انتهى .. أصبح تربا .. كان حلما في مخيلة الزمان وغدا نصبح، أنا وأنت، تحت الردم ..) إن هذا هو الموت كما يعطيه نظر العقول غير المرتاضة، ولكن الموت، كما تعطيه حقائق القلوب السليمة، والعقول الصافية، فهو شيء يختلف اختلافا كبيرا .. ولا عبرة بالعقول غير المرتاضة بأدب القرآن فإن علمها ليس بعلم، لأنه يقف عند الظاهر، ولا يتعداه إلى بواطن الأمور .. وقد قال تعالى في ذلك: (وعد الله، لا يخلف الله وعده، ولكن أكثر الناس لا يعلمون * يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا، وهم، عن الآخرة، هم غافلون) فهم لا يعلمون اللباب، وإنما يعلمون القشور، (يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا) ولا يكون بعلم القشور تحرير من الخوف .. هذا هو مبلغ علم الدكتور، وهو به يظن أنه (لن يخاف الموت ..) ويقول، فيما يشبه البداهة، (وكيف يخاف ميت من الموت؟) ألا ترى أنك قد هونت صعبا، وأرخصت عزيزا؟؟ أني لأرجو أن تحدث مراجعة لأمرك هذا .. |
أما العبارة الثانية التي تحث على قراءة القرآن والتفكر فهي تأتي في إطار ممارسة العبادة، حتى يرتقي الإنسان إلى رفع حجاب الفكر والإدراك الوتري، وقد كتب الأستاذ محمود في كتبه ما يوضح ذلك، ففي كتاب "محمود محمد طه يدعو إلى طريق محمد" جاء قوله:
Quote: إن أفضل العبادة على الإطلاق قراءة القرآن ، وأفضله ما كان منه في الصلاة ، وطريق محمد الصلاة بالقرآن في المكتوبة وفي الثلث الأخير من الليل .. |
وفي كتاب "تعلموا كيف تصلون" كتب تحت عنوان "الفكر هو السنة":
Quote: لقد كرم الإسلام الفكر كل التكريم ، وأعظمه كل الإعظام.. قال تعالى : ((وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نُزِّلَ إليهم.. ولعلهم يتفكرون)) قوله ، تبارك وتعالى : ((وأنزلنا إليك الذكر)) يعني القرآن كله.. قوله : ((لتبين للناس ما نزل إليهم)) يعني لتوضح للناس ، بالتشريع ، وبالتفسير ، ما نُزِّل إلى مستواهم من جملة القرآن.. قوله : ((ولعلهم يتفكرون)) هو الغرض المطلوب من إرسال الرسول ، ومن إنزال القرآن ، ومن تشريع الشريعة.. فلكأن الإسلام كله إنما هو نهج لتحرير الفكر ، ولتسديد الفكر.. ولقد قال المعصوم : ((تفكر ساعة أفضل من عبادة سبعين سنة)) ثم إن ((السنة)) النبوية المشرفة إنما كانت نهجاً مرسوماً لمحاربة العادة ، ولإيقاظ الفكر.. |
وأيضا كتب في كتاب "تعلموا كيف تصلون" تحت عنوان "أدب الوقت" :
Quote: ومن ((أدب الوقت)) في الصيام مرافقته للقيام ـ قيام الثلث.. القيام مطلوب ، في رمضان ، وفي غير رمضان ، ولكنه في رمضان أوكد منه في غيره ، وذلك للقرينة القائمة بين رمضان والقرآن.. ((شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن)).. قم الثلث ، وأكثر من قراءة القرآن ، في الصلاة ـ أكرر ! ! في الصلاة ـ فإن القرآن ، في الصلاة ، خير العبادة.. والقرآن يعطي أسراره في رمضان ، أكثر مما يعطيها في غيره من الأزمان.. وأنت حين ، تقرأ القرآن ، في رمضان ، في الثلث ، في الصلاة ، إستمع له وأنصت.. قال ، جل من قائل : ((وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له ، وأنصتوا.. لعلكم ترحمون * واذكر ربك ، في نفسك ، تضرعاً ، وخيفة ، ودون الجهر من القول ، بالغدو ، والآصال.. ولا تكن من الغافلين * إن الذين عند ربك لا يستكبرون عن عبادته ، ويسبحونه ، وله يسجدون)).. ((استمعوا له)) ، يعني كونوا حاضرين ، عند القراءة ، ((فاستمعوا)) و((فكروا)).. إستمعوا بآذانكم ، وفكروا بعقولكم.. ومما يعينك على ((الإستماع)) تجديد الآيات المقروءة في الصلاة.. فإنك كلما صليت بقرآن جديد ، كلما وجدت عقلك مشدوداً إلى الحضور.. وهذه من أنفع الحيل ليكون الإنسان حاضراً ، أثناء القراءة.. أما قوله : ((وأنصتوا)) فليس معناه مرادفا لـ ((فاستمعوا)) ، وإنما معناه أن نحاول بالإنصات أن نرفع ((حجاب الفكر)) ، وذلك بأن يؤدي السمع إلى القلب ، في غير تفكر في المعنى.. فكأنه ، في ((الإستماع)) ، الأذن تؤدي إلى العقل ، وأما ، في ((الإنصات)) ، فإن الأذن تؤدي إلى القلب ، بلا واسطة العقل.. وهذا هو معنى قوله تعالى : ((إن ناشئة الليل هي أشد وطأً)).. يعني يواطئ القلب فيها اللسان.. فإذا خرج الصوت بالقرآن ، من اللسان ، أحدث نقرة ، في القلب ، من غير أن يتفكر العقل في المعنى.. فتكون الأذن ، كأنما هي صبابة ، تصب نور القرآن في القلب صباً.. وهذه تبعث واردات القرآن ، من القلب إلى العقل ، فيكون العبد ، ساعتئذ ، متلقياً من الله بلا واسطة.. والإنصات أعز حالات التلقي.. وهو لا يتم ، إلا بفضل الله ، ثم بفضل المران الطويل على ((الإستماع)).. ومن الأدب الذي يعين على تحصيل ((الإنصات)) أنك ، حيث سمعت القرآن يتلى ، سواء ، أكان في بيت مأتم ، أو من المذياع ((فاستمع)) له ، ولا تنشغل عنه بغيره.. حتى ولو وصلك صوت التلاوة من مذياع الجيران ، متقطعاً، مرة يبلغك ، في وضوح ، ومرة ينخفض ، فلا يكاد يبلغ أذنك ، فحاول أن ((تستمع)) ، وأن تتابع.. إن هذا التنفيذ ((الحرفي)) ((للأمر)) ((بالإستماع)) من قوله تعالي : ((فاستمعوا له)) يفيض عليك من البركة ، والخير ما ينقلك لإحسان ((الإنصات)).. أحب القرآن ، ووقره ، وأعظم شأنه ، يبح لك بأسراره.. |
ولك مني الشكر والتقدير، وسلامي للجميع..
ياسر
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . (Re: عبدالله الشقليني)
|
أبدأ ردي على الصديق ياسر الشريف، بشكر الصديق حيدر بدوي على كلماته المشجعة. نعود للرد على الرد الصديق ياسر الشريف. ****** عزيزي ياسر لعلك والاسرة طيبين سابدا بالرد على مداخلتك الأولى ، ثم في براح آخر سأعود للمداخلة الاولى. أولا: قلت عزيزي في ما يتعلق بالحضارة:
Quote: نعم الكلمة محددة ولكن المفهوم نسبي وأضيف أنه غير ثابت أيضا.. |
أتقف معك في ذلك ،لكن يجب ان نضع في الحسبان ان النسبية تعود الى محاكمة الظاهرة تاريخيا من خلال معيار محدد.فمثلا اذا قلنا ان المدنية هي الجانب الروحي ،فهذا يعني ان مقاربتنا للمدنية عبر التطور التاريخي ،والذي يفرز مفهوم النسبية كما تفضلت، على تلك المقاربة ان تستند على معيار محدد للمدنية الا وهو جانب الاخلاق. ولذلك لا اتفق مع كلامك الآتي:
Quote: المدنية هي الحضارة زائدا القيمة الإنسانية والأخلاقية وبسط العدل والمساواة. ولذلك على زمن النبي كان الإسلام مدنية "مادية وأخلاقية روحية".. |
ما تقول به حول ان المدنية هي الحضارة +الاخلاق ، ينسف كل دفاعك عن تعريف الاستاذ لمصطلح المدنية .فهو قد قال بشكل قاطع ،لا لبس فيه ولا يحتمل التراجع، والتأويل،قال ان المدنية هي الاخلاق.
فكيف تأتى لك ان تقول ان المدنية هي الحضارة +الجانب الاخلاقي؟ كل مصطلحات الاستاذ تستند على حدين ،والاختلاف بينها هو اختلاف مقدار. وانت تنسف كل ما قال به الاستاذ حين تقول ان حدا واحدا، يشمل الحدين.
ألا ترى تناقضا واضحا في كلامك يا عزيزي؟
الاستاذ كما قلنا لا يستند الى حدود ثلاثة، في فهم الظاهرة المحددة.والا لكان له ان يقول ان الحضارة هي الجانب المادي والثقافة هي الجانب الروحي ،و المركّب منهما هو المدنية،كما يتبنى ذلك بعض علماء الاجتماع وغيرهم عبر حدود ثلاثة في مقاربة ظاهرة المجتمع الانساني، و نشأته و تطوره.
ثانيا ردا على كلامي الآتي : Quote: كان عهد الرسالة الأول هو مدنية ولم تكن هنالك حضارة.فلم يتغير شيئ من حياة العرب المادية ،ولم يضيفوا شيئا الى بيئتهم المادية. |
قلت يا صديق الآتي نصه:
Quote: كيف لم تكن هناك حضارة على عهد الرسالة الأول؟؟ لاحظ أن الحضارة لها مستويات مختلفة في الأوقات والأماكن المختلفة، والإستدلال بما أوردته من قول الأستاذ عن الحضارة لا يفيدك كثيرا، فمجرد توحيد القبائل العربية تحت حكم واحد وقانون معين يعتبر حضارة. |
عزيزي ياسر انت ايضا للآسف واقع في نفس الارتباك المفهومي الذي أشرنا اليه في ما يتعلق بخطاب الاستاذ.
فانت مثلا تقول أنه كانت هنالك حضارة في عهد الرسالة الاول،لاحظ ان حديثي كان منصبا على ذلك ،أنت تقول ان وجود الحضارة يستند على عامل واحد فقط هو توحيد القبائل العربية تحت حكم واحد وقانون معين.
صحيح انه حصل توحيد لتلك القبائل المتنافرة المتحاربة، ولكن لنا أن نتساءل: على اي ِأساسٍ حصل ذلك التوحيد؟ هل هو أساس مادي نشا بحكم ظروف مادية ملموسة ؟أم هو أساس مديني كما في حالة الاسلام الاول أي على اساس ديني؟ والصحيح في رأينا أنه تم على اساس مديني ، استنادا على تعريف الاساس لمصطلح المدنية.
ثالثا: نعود الى ارتباكك في فهم مصطلحي الحضارة والمدنية. بعد أن استشهدت بدليل حضاري ،للاسف هو دليل يتيم، تعود صديقي كي تقول أن حياة العرب في عهد الاسلام لم تتغير ،وان الشيئ الوحيد الذي تغير هو قيمة العدل الانساني النسبي. تقول في انعدام التغيير المادي في عهد الاسلام الاول:
Quote: وصحيح أن حياة العرب البدوية من جمال وشياه وخيام وتجارة والحضرية من زراعة وتجارة كانت موجودة قبل الإسلام، ولكن قيمة العدل الإنساني [النسبي طبعا] هو الذي استجد بدولة الخلافة.. |
فانت تعترف وتؤكد ان الشيئ الوحيد الذي استجد بدولة الخلافة كان هو العدل الانساني النسبي،وأن الظروف المادية للعرب في ذلك العهد لم يحصل فيها اي تغيير مادي ملموس.
اذن لنا ان نعيد تساؤلنا : كيف يمكن ان يكون الاسلام في عهده الاول هو مدنية روحية ومادية معا؟؟؟؟
يمكننا أن نقول ان اساس الارتباك ناشئ من ان الاستاذ رغم استخدامه المبكر لمصطلحي الحضارة والمدنية ،انه لم يقم بتعريفهما إلا في وقت متأخر.و بالرغم من ذلك التعريف ،إلا ان الاستاذ واصل ارتباكه ،ولعل ذلك يعود الى أنه تعود أن يمارس ذلك الخلط ،وكانت الحاجة الى ضرورة التفريق بين المدنية والحضارة هي حاجة مؤقتة للتمييز بين البعث الاسلامي القادم ،وبين الحضارة الغربية القائمة في محاولة لتبرير أهمية ذلك البعث الاسلامي الموعود الذي يحقق قانون العدل الانساني و يلقِّح الحضارة الغربية القائمة بالجانب الاخلاقي . ولو لم تكن الحاجة مؤقتة،لكان على الاستاذ ان يقوم بمراجعة مفهومه القديم للحضارة والمدنية ، ونقد ما قال به مثلا حول ان الاسلام في عهده الاول كان مدنية روحية ومادية معا.
رابعا ، قلت عزيزي الآتي نصه: Quote: كما أن الرفاهية الحضرية على زمن الممالك الإسلامية قد اتسعت.. على الأقل المسلمون دخلوا بلاد الشام ومصر وفارس وفيما بعد الأندلس وورثوا حضارات لم تكن لهم من قبل ولكن القيمة العدلية نقصت كثيرا .. |
لم أتطرق اطلاقا الى هذه الفترة التي تحدثت عنها.فحديثي كان منصبا على عهد الاسلام الاول ،وكون ان الاستاذ يصف ذلك العهد بانه كان مدنية روحية ومادية معا،اي انه كان حضارة ومدنية ,رغم اعتراضنا المسبق على الجمع بين المدنية والعامل المادي ،في ضوء تعريف الاستاذ.
لكن كلامك عن الرفاهية المطلقة ،وتجاهل ان هذه هي الفترة التي قام فيها المسلمون برفد العالم بابداعاتهم في مجالات شتى، يعني انك تهمل أو قل تغض النظر عن ان هذه الفترة ،هي التي شهدت الترجمات ،وانفتاح المسلمين على حضارات اخرى ، ولغات اخرى، ظهر تأثيرها في خطابات كثيرة .
ويبدو ان تحدثك عن الرفاهية الحضارية فقط ،واهمال النهضة الاسلامية في حقول معرفية كثيرة ،وانفتاح العالم الاسلامي على ثقافات كثيرة ،له علاقة بنظر الاستاذ لمسائل الابداع الفلسفي والفكري و الفني في مختلف اشكال الفنون .
فللاسف فان مسالة الابداع الفلسفي والفكري و الفني ،لا تجد لها محلا في تعريفات الاستاذ. فهو يتحدث فقط في مفهومه لتطور المجتمع الانساني عن العامل المادي والاخلاق ،وليس في منظومته الفكرية مساحة غير ذلك ،رغم ان الاستاذ تحدث عن الفنون ،طارحا فهما متقدما للفنون ،مقارنة بالرؤية السلفية التي تحرم الفنون. ففي كتابه الاسلام و الفنون ،وهو في الاصل محاضرة بالدارجية السودانية ،يقول:
Quote: لعل الفنان ، الموزع بالصورة دي ، بتلقاه يظهر بمظهر البهدلة كدا .. يرسل لحيته بصورة بدون تهذيب ، ولا تنظيم ، أو يلبس ملابس مهزأة ، أو يكون ماسائل في النظام ، أو في رأي المجتمع ، قد يكون أنا أفتكر ، أنه هو بيبحث عن قيمة ، أنا بحب أن اهديه للقيمة دي ، هي في العبادة والقرآن .. سيجدها حاضرة حين يتجه للالتزام بأدب القرآن – ادب شريعته وأدب حقيقته. |
فهو يرى ان القيمة الاساسية للفنان تتمثل عبر مدخلين أي العبادة والقرأن.والفن ابعد من ذلك بكثير وكثير جدا.
ومثل ذلك التصور ،رغم ثورية ما قال به الاستاذ حول ان الفنون حلال،مثل ذلك التصور يجعل الفنان آحادي الرؤية ،و موظفا لخدمة فكرة محددة . و حتى في تعريفه للجمال ، فان الاستاذ يستند على الأخلاق.وهذا من أدلة كلامنا حول ان الاستاذ يعول على الأخلاق بشكل رئيس .
يقول الاستاذ في محاضرته السابقة الذكر حول تعريفه للجمال:
Quote: إذا كان قلت: أن الجمال هو التناسق ، مثلاً ، فأنت على حق ، ولكن ما كل الحق .. أنا أحب أن اقترح حاجة هي في البداية في الموضوع ، اقترح أن الجمال هو العدل الإنساني ، العدل الإنساني يمكنك أن تقول عليهو جمال .. زيد على العدل الإنساني ... تعال في المحبة الإنسانية ، المعيشة مع الناس في سلام – السلام |
و هذا ما ينبهنا الى اهمية مقاربة رؤية الاستاذ للفنون و الابداع عموما. وهذا حديث آخر.
خامسا ،قلت :
Quote: أنك تسير في خط موازي للأستاذ ولذلك لن تفهمه.. أنت تتحدث عن طريقة إنتاج المصطلح عند الأستاذ، بينما الأستاذ يرتفق بالمصطلح ليوضح المفاهيم!! وهو يقول أن اللغة نفسها حجاب عن المعاني |
.
ليس من واجب المقاربة النقدية-على الأقل تلك التي احاولها- ان ترتفق بالمصطلح لتوضيح المفاهيم ،فلذلك أناس آخرون. ما أحاوله هو علاقة الاستاذ بمشروع الحداثة الغربي ،ومن ضمن ذلك كيفية انتاجه وأيضا اعادة انتاجه للمصطلحات التي اسسها المشروع الغربي للحداثة. و لا أزعم ،وما ينبغي لي،ان اقول انني أقارب كل خطاب الاستاذ.وسبق لي ان قلت ان مثل تلك المقاربة الشاملة ،لو كان ان هنالك مقاربة مثل تلك، تحتاج الى جيش من الباحثين، او ما يشبه سالف القول.
خامسا، قلت عزيزي:
Quote: طبعا ليس هناك فهما واحدا لما جاء به الأستاذ، والناس يتفاوتون في درجة فهمهم لفكرته.. ولكن في تقديري أنك لن تفهمه، في الحد الأدنى من الفهم، بسبب أنك لا تتجه إلى فهم الفكرة بقراءة تغوص عميقا كما تريد أنت أن تقول، وإنما تقف عند المصطلحات وهذا وقوف بالساحل يا صديقي وليس غوصا في الأعماق فـ "غص في بحار الجمع تُبدَ الجواهر".. |
في زعمي الضعيف انني احاول ان اغوص في اعماق أخرى ،لم ترد بخاطرك،مثل الغوص في اعماق كيفية انتاج المصطلح وعلاقة ذلك بمشروع الحداثة الغربي،بحسب قدراتي المتواضعة،لكن يبدو ان فهمك للاعماق متصل بالخطاب الصوفي ،وهو ما لم اقل به . أحاول مقاربة محاور محددة لها علاقة بالحداثة ،وهذا يصب في ما استطيع عمله، أما حديثك عن الخطاب الصوفي، أو كما تراءى لي ،فانني لم اقل بذلك . دعونا نفهم الغوص في العميق بشكل متعدد،لا بشكل آحادي . محبتي وآمل ان اعود لارد على الجزء المتبقي من مداخلتك. المشاء
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . (Re: osama elkhawad)
|
شكرا يا أسامة.. أرجو أن أجد الوقت أنا أيضا للعودة إلى هنا فلدي كتابة أخرى أحاول أن أنجزها.. ولكن قبل أن تذهب أرجو أن تكتب إجابتك على سؤالي عن فهمك لمسألة "يوم القيامة" لأن على ذلك ينبني أمر هام..
وسلامي وكثير المودة
ياسر
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . (Re: Yasir Elsharif)
|
شكرا عزيزي ياسر على ردك و أتمنى ان تجد الوقت ، لكي نواصل هذا الحوار الهادئ. سؤالك لي عن معنى يوم القيامة بالنسبة لي ، لا أعتقد أنه مهم ، و أنا اعرف انه يصب في فهم آخر لمسالة يوم القيامة، ومسالة الجنة و النار ، والتسيير والتخيير، وموضوعة الابد ، وغيرها من المسائل التي لا تعنيني على الاقل في مقاربتي للاستاذ . ولذلك اذا اردت التحدث عن اللغة كحجاب عن المعاني ، فيمكنك ان تجدها في ما يقول به الناس ، حول التعبير عن شعورهم تجاه مسالة ما ، فهو شعور لا تحيط به الكلمات، و ان كانت تحاول أن تعبر عن بعض من فيض الشعور. ولك ان تجده في الشعر و النحت والموسيقى، فما تقول به الكلمات لا يعبر عما تقول به . ولذلك ،ففي الأصل ان هذا ليس مشروعي في مقاربة خطاب الاستاذ. ولذلك حينما قلت الى يوم القيامة ، فهذا تعبير مجازي ، وأنت تعرف المجاز بالتأكيد. وما تأسس من علوم في اللغة العربية تأسس على "القرآن". ويمكن ان أقول لك ان يوم القيامة بالنسبة لي ، هو يوم قيامة المعنى ، أي قيامة ما لم نحط به علما . فأنا أتحدث عن زمن ما ، لكنه زمن محدود بقيامة المعاني الاصلية، ومتى تكون قيامة المعاني الاصلية. هل تعرف ذلك ،عزيزي ياسر؟؟ والقيامة في الفهم العام ، هي قيامة الناس ليوم الحساب. لكنني لا أفهمهما كذلك ، فهي قيامة المعنى الشعري للوجود. وما هو المعنى الشعري للوجود في عرفك ، يا صديقي ؟ انه قيامة لن تحصل. ذلك ان الاحاطة بالمعني الشعري ، تعني انعدام الشعري. فالشعري ،قابل للأفهام. لكنه لن يستنفذ. هذا هو مفهومي الشعري للقيامة. لكنه بالنسبة لمقاربتي للاستاذ، لا يضيف شيئا. و أرجو ان نواصل حوارنا حول علاقة خطاب الاستاذ بالمشروع الغربي للحداثة. محبتي المشاء
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . (Re: osama elkhawad)
|
عزيزي أسامة، سلامات
قولك:
Quote: سؤالك لي عن معنى يوم القيامة بالنسبة لي ، لا أعتقد أنه مهم ، و أنا اعرف انه يصب في فهم آخر لمسالة يوم القيامة، ومسالة الجنة و النار ، والتسيير والتخيير، وموضوعة الابد ، وغيرها من المسائل التي لا تعنيني على الاقل في مقاربتي للاستاذ . |
بالطبع يمكنك أن تختار ما يروقك من فكر الأستاذ محمود وتدرسه بالطريقة التي تروقك.. ولكنك عندما تداخلت منذ البداية وبالذات في هذه المداخلة: Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . كنت قد ولجت إلى منطقة لا تعنيك حسب عبارتك بعاليه.. فأنت قد قلت للأخ عبد الله:
Quote: ان نصك ينفتح على ما يقول به معظم الجمهوريين اليوم، في المقارنة بين صلب المسيح وصلب الاستاذ، وما يترتب بعد ذلك على مستقبل الخطاب الجمهوري. |
وقد أوضحت لك في البوست بأن وجه الشبه قائم بين الأستاذ محمود وبين المسيح في هذه المسألة.. وقد بسطت لك الكتب التي كتبت في هذه المسألة حسب طلبك، وكتبت الكثير في هذا البوست عن هذا الموضوع ولكنك لم تشأ أن تشتغل به.. ثم أنك قلت في نفس تلك المداخلة:
Quote: أما المنتظرون لعودة الاستاذ، فلن ننتظر منهم تطويرا لهذا الخطاب المهم، و الذي ينبع مأزقه في ان الاستاذ محمود ، رهن كل خطابه بنهاية التاريخ ، أي القرن العشرين، كما رهن ذلك بشخصه باعتباره رسول الرسالة الثانيةالأخيرة حسب خطابه. |
ومع أن فكر الأستاذ محمود ليس بحاجة إلى تطوير حتى الآن، فإن فيه جوانب ليست معروفة لمن لا يهتمون بالآخرة، ويصرفونها من تفكيرهم كما تفعل أنت.. وبرغم عدم اهتمامك بها فأنت تعطي نفسك الحق بأن توحي للقارئ أنك تعرف "كل خطاب الأستاذ" بل تقول في ثقة أن الأستاذ رهن كل خطابه بـ "نهاية التاريخ" وتُقَوِّل الأستاذ ما لم يقله بأن ذلك يعني "القرن العشرين"، وتقول بأنه رهن ذلك بشخصه باعتباره "رسول الرسالة الثانية الأخيرة حسب خطابه"، وكل هذا الذي تقوله خطأ في خطأ وقد أوضحته لك وللقراء في مداخلاتي العديدة في هذا البوست.. يا صديقي أسامة، هذه الجوانب في فكر الأستاذ محمود والتي تحاول أن تصرفها هي التي تجعلك تجهله كثيرا.. وقولك التالي طريف وجيد:
Quote: ويمكن ان أقول لك ان يوم القيامة بالنسبة لي ، هو يوم قيامة المعنى ، أي قيامة ما لم نحط به علما. |
فما هو الذي "لم نحط به علما"؟؟ أليس هو الغيب؟؟ تأمل هذه الآيات من بداية سورة البقرة: الم (1) ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ (2) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ (3) والَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (4) أُوْلَئِكَ عَلَى هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (5)
الأستاذ محمود يريد لنا أن نعلم عن الآخرة علم "يقين" ولكنه يقول أن ذلك لا يحدث إلا إذا مرَّ عن طريق الإيمان بـ "الغيب" ومحاولة كشفه.. ولكنك أنت يا صديقي لم تترك فرصة لإيمان عندما قلت في مداخلتك التي وضعت لك وصلتها بعاليه:
Quote: فها نحن نشهد فصلا آخرا من انتظار الغائب. |
هل تبين لك التناقض بين عبارتك هذه وعبارتك عن "قيامة ما لم نحط به علما"؟؟ الحمد لله أننا كلنا ننتظر "ما لم نحط به علما".. (( ونفخ في الصور فصعق من في السموات، ومن في الأرض، إلا من شاء الله، ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون * وأشرقت الأرض بنور ربها، ووضع الكتاب، وجيء بالنبيين، والشهداء، وقضي بينهم بالحق، وهو لا يظلمون.)) ( هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة، وقضي الأمر، وإلى الله ترجع الأمور)
ثم أنت تقول هنا:
Quote: فأنا أتحدث عن زمن ما ، لكنه زمن محدود بقيامة المعاني الاصلية، ومتى تكون قيامة المعاني الاصلية. هل تعرف ذلك ،عزيزي ياسر؟؟ |
المعاني الأصلية هي العلم الذي ليس فيه شك.. وقد بشَّرنا الأستاذ محمود بأن في استطاعتنا أن نُحصِّل هذا العلم في هذه الحياة، ولكن بالعدم نحصّله بالموت "اليقين" "واعبد ربك حتى يأتيك اليقين" .... "لقد كنت في غفلة من هذا فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد".. والأستاذ محمود قد حصَّل هذا العلم وهو الذي مكَّنه من مواجهة الموت بدون خوف..
قولك:
Quote: والقيامة في الفهم العام ، هي قيامة الناس ليوم الحساب. لكنني لا أفهمهما كذلك ، فهي قيامة المعنى الشعري للوجود. وما هو المعنى الشعري للوجود في عرفك ، يا صديقي ؟ انه قيامة لن تحصل. ذلك ان الاحاطة بالمعني الشعري ، تعني انعدام الشعري. فالشعري ،قابل للأفهام. لكنه لن يستنفذ. هذا هو مفهومي الشعري للقيامة. لكنه بالنسبة لمقاربتي للاستاذ، لا يضيف شيئا. |
قيامة الناس ليوم الحساب واحدة من معاني القيامة.. ولكن هناك مستوى آخر ليوم الحساب يتم في كل لحظة من حياتنا هذه ويصل قمته في لحظة الموت.. فالموت نفسه حساب، تعقبه حياة أخرى بعد الموت.. وأنالا أعرف إذا كنت تؤمن أصلا بهذا الفهم العام لمسألة القيامة الذي أرودته أم لا.. ولكن ما كتبته عن فهمك للقيامة بأنه قيامة "المعنى الشعري للوجود" قد أربكني.. فأنت تسألني "وما هو المعنى الشعري للوجود في عرفك، يا صديقي؟".. فلماذا تسألني عن شيء تصفه بأنه في "عرفي أنا" مع أنك أنت الذي تحدثت عنه ولست أنا؟؟.. ثم تأتي بعد ذلك لتتحدث عنه وتقول بأنه "قيامة لن تحصل"، وتقول بأن السبب في ذلك أن "الإحاطة بالمعنى الشعري" للوجود غير ممكنة [إذا كنت قد فهمتك بصورة صحيحة].. وأن "الإحاطة بالمعني الشعري تعني إنعدام الشعري".. فلكأنك تريد أن تقول أن معاني الشعر "مطلقة".. فإذا كان هذا ما تريد أن تقوله، فهل تستطيع أن تكتب لي نموذجا من هذا الشعر الذي تقول عنه كل هذا؟؟ فأنا في أشد التشوق لذلك..
ولك شكري ومودتي..
ياسر
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . (Re: Yasir Elsharif)
|
عزيزي ياسر سلامات شديدة جدا ومراحب.
قلت صديقي:
Quote: أهو كدا إنت جيت في موضوع البوست |
اشكر ك على هذه الاشارة، وقد كنت احرص-بقدر الامكان- على ان اقول ما يمكن ان ادافع عنه على الاقل. ولذلك فما اطرحه واضح جدا ومحدد . وهو علاقة خطاب الاستاذ بمشروع الحداثة الغربي ، و طريقة تناصه مع ما انتجته تلك الحضارة من مصطلحات، و مخططه النظري البديل للحداثة الغربية. محبتي وارجو ان تعود الينا ، حينما تسمح ظروفك. المشاء
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . (Re: osama elkhawad)
|
سبق للدكتور بولا أن تحدث عن ذكورية خطاب الاستاذ من خلال ما قال به الاستاذ في الاهداء في طبعة من الرسالة الثانية. وهذا ما قال به ، وسنعود للتعليق عليه في حينه:
Quote: لست مقتنعا أيضا بحجاج الأستاذ المتصل بمقولة "المساواة الكاملة بين الرجل و المرأة حتى في "الرسالة الثانية". (و الأستاذ بالطبع لم يقل بمساواتهما في الرسالة الاولى أصلاً). و ستكون أولى ملاحظاتي لفت النظر إلى ذكورية خطاب الأستاذ نفسه. هذه الذكورية التي اجتهد في تفاديها أحد تلاميذه اللامعين (د.عبدالله النعيم) (30) فالرجال "يستأثرون" بالنصيب الأوفر بما لا يقاس في خطاب الرسالة الثانية نفسه ويبين ذلك بصورة قاطعة لمن يقرأ الكتاب. وأكتفي هنا بمثل يغني عن التفصيل من فرط قوة دلالته، يتساءل الأستاذ: "من هو رسول الرسالة الثانية؟ " و يجيب "هو رجل آتاه الله الفهم عن القرآن و أذن له في الكلام .."(31) وهو يقول قبل ذلك في الإهداء "إلي الإنسانية ! بشرى .. وتحية. بشرى بأن الله ادخر لها من كمال حياة الفكر، وحياة الشعور، ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر. وتحية للرجل وهو يمتخض، اليوم، في أحشائها، وقد اشتد بها الطلق، وتنفس صبح الميلاد."(32) والرجل المعني هو رجل الرسالة الثانية، داعيتها "المأذون له"، و إنسانها المتخلق من قيمها وبها. و هذا قول يطاول قمم الشاعرية المجيدة و لكنه، مع ذلك، لا ينفي ذكورية الخطاب ويحرج منطق مقولة المساواة التامة بين الرجل والمرأة وهذه معضلة لم يتوفر للأستاذ، ولا لأاي واحد من المجددين حلها بصورة متماسكة تمام التماسك، وإن ظل رأيه فيها متميزاً جداً. |
Re: مقال عبد الله بولا عن التجديد في فكر الأستاذ محمود محمد طه
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . (Re: عبدالله الشقليني)
|
إن من الفكر ما يُنبِتُ دُرراً ، وإن لحديثكًم حلاوته وطلاوته .
تصغُر الكُتب التي يُسوِّدها العامة في وجه ما تكتبون . ما كُنا نحلمُ أن نرتقي ما رقيناه . خير حفاوة بما كتب الأستاذ محمود محمد طه هو النثر الموفور العافية .
شكراً للأصدقاء والكتاب الأحباء :
أسامة الخواض ياسر الشريف
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . (Re: عبدالله الشقليني)
|
سلام يا أخي حيدر والسلام على الأخ عبد الله والأخ أسامة وجميع المتابعين.
قبل قليل يا أسامة كتبت مداخلة في بوست الأخ "كوستا" وعزمت على أن آتي برابطها إلى هذا البوست على سبيل التعريف بالمداخلة وبالفعل نسخت الرابط وعندما أعدت فتح المنبر وجدتك قد كتبت في نفس بوست كوستا ذاك، وأنا أعرف أنك من المهتمين بمسائل الروح وعالم الأرواح.. المهم لا بأس من وضع رابط المداخلة هنا فقد كان هذا الموضوع من المسائل التي كتب فيها الأستاذ محمود وسيكون لي عودة إلى هنا عندما أجد الوقت..
Re: و يسألونك عن الروح
وشكرا
ياسر
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . (Re: Yasir Elsharif)
|
شكرا صديقي ياسر ، ما قلت به في ذلك البوست هو ارجاع المسالة الى أصلها ، كما ورد في "قصص الانبياء " لابن كثير ، وانا الآن اتحدث من الذاكرة، فهذا الكتاب متهم بانه يحتوي على اسرائيليات كثيرة . المهم ان مثل هذه الظواهر اصبحت موضوعا لعلم جديد يسمى الباراسيكلوجي، وفي حدود ما قرأته ، فان الظواهر الخارقة ،لا تقتصر على دين معين، وأشكر لك كلامك حول ان تلك الظواهر الخارقة ليست مرتبطة بدين محدد، لكن ما يقول به هذا العلم الجديد، يتعدى الكلام عن الاديان ، ويتحدث عن أن هذه ظاهرة توجد بين كثير من الناس ، بغض النظر عن ديانتهم. وأيضا بغض النظر عن تدينهم. فكثير من الحالات المدروسة ،لم يكن لاصحابها علاقة قوية بالدين ، واحيانا ينتج كشفهم نتيجة لحادث ، أو لاسباب أخرى ،لا علاقة لها بالتدين. المهم ، خلينا في الحديث و الحوار العذب عن خطاب الاستاذ، والخطاب الجمهوري بشكل عام. المشاء
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . (Re: osama elkhawad)
|
نعم يا عزيزي أسامة هذه الظواهر لا ترتبط بدين بعينه ولكنها ترتبط بالإنسان.. والإنسان، عرف أم لم يعرف، فإن فيه روح الله..
وتزعم أنك جرم صغير * وفيك انطوى العالم الأكبر
فالإنسان هو مظهر الله وروحه من روح الله.. ولكن كما قلت هناك فإن هذه الظواهر سوف تلفت الناس إلى أهمية الدين، ولكني لا أعني الدين في مستوى ما تسميه "الإسرائيليات" أو ما جاء في كتب مثل "قصص الأنبياء" وإنما الدين الذي يعترف بقيمة العلوم في مستوى معرفة الكون والعلوم الحديثة وعلوم الدماغ ووظائف الأعضاء ويتعداها إلى معرفة النفس البشرية وإمكانيات هذه النفس ومصيرها..
نحن في موضوع البوست تماما، ولكني سأعود بالتفصيل إلى ما قلته في المداخلتين اللتين لم ارد عليهما..
أرجو أن أجد الوقت، فهما يحتاجان إلى الكثير منه..
وشكرا مع تحياتي..
ياسر
Quote: فكثير من الحالات المدروسة ،لم يكن لاصحابها علاقة قوية بالدين ، واحيانا ينتج كشفهم نتيجة لحادث ، أو لاسباب أخرى ،لا علاقة لها بالتدين. المهم ، خلينا في الحديث و الحوار العذب عن خطاب الاستاذ، والخطاب الجمهوري بشكل عام. |
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . (Re: osama elkhawad)
|
عن خطاب الاستاذ ،والحداثة: في التهميش والتذكر ________________________________________ في مقاله المهم: معالم الخطاب الاسلامي الجديد-ورقة أولية يقوم الدكتور عبد الوهاب المسيري بتحقيب وتصنيف لمستويات الخطاب الاسلامي المعاص من خلال موقفه من مشروع الحداثة الغربية. يقول في ذلك: ونحن نميل إلى تصنيف مستويات الخطاب الإسلامي على النحو التالي: 1 -خطاب إسلامي ظهر مع دخول الاستعمار العالم الإسلامي، وحاول أن يقدم استجابة إسلامية لظاهرتي التحديث والاستعمار، وقد ظل هو الخطاب المهيمن حتى منتصف الستينيات، وهو ما نشير إليه بالخطاب الإسلامي القديم . 2 -ظهر خطاب آخر كان هامشيًا، ولكن معالمه بدأت تتضح تدريجيًا في منتصف الستينيات، وهو ما نشير إليه بالخطاب الإسلامي الجديد. http://www.islamonline.net/iol-arabic/qadaya/art4.asp
ويعترض دكتور جمال الدين عطية على هذا ا لتقسيم والتأريخ له قائلا: وإذا سايرنا الكاتب في هذه النقطة فإننا نجد أن سنة 1928م وليس 1965م هي النقطة الفاصلة في الموقف من الحداثة الغربية؛ ففي هذه السنة بدأ "حسن البنا" دعوته التي ترفض الغرب وتندد بمن دعا إلى أخذ الحضارة الغربية بحلوها ومرها وخيرها وشرها، والتي تبشر برؤية شاملة للإسلام على أنه حضارة تنظم جميع جنبات الحياة، وأنه دعوة عالمية للناس كافة، وليس للعرب أو المسلمين فحسب، كما أنه احتوى الدعوة القومية على أساس أنها إحدى الدوائر التي ينطلق إليها العمل الإسلامي، واعتبر تجديد الدين ضرورة بكل ما تشمله كلمة التجديد من عودة إلى الأصول، واجتهاد لمقتضيات العصر، وهو في هذا كله دعوة إلى تحديد الهوية والانتماء. وإذا كانت هذه الأفكار قد سبقه إلى بعضها الأفغاني، ومحمد عبده، ورشيد رضا، إلا أنه هو الذي بلورها ونقلها من مجال الفكر إلى مجال الحركة، ولا يمكن-إذن- تجاوز سنة 1928م إلى سنة 1965م التي لا تمثل أية نقلة نوعية في هذا الصدد.
http://www.islamonline.net/iol-arabic/qadaya/art-b.asp
في مقاله ذاك ،يتحدث المسيري عن الموقف من الحداثة الغربية من خلال التمييز بين مواقف الخطاب الاسلامي انطلاقا من موقفهما من مشروع الحداثة الغربية.وقد شكلت الحداثة الغربية القادمة من خلال الاستعما ر،صدمة كبير للبنية العربية والاسلامية في مختلف مستوياتها. يقول عن تلك الصدمة الحداثية : ولنبدأ محاولة التمييز هذه من نقطة محورية؛ أي موقف كل من الخطاب الإسلامي القديم والجديد من الحضارة الغربية؛ فهذا الموقف هو الذي حدد كثيرًا من ملامحهما وتوجههما وأطروحاتهما. ويجب أن ندرك أن دعاة الإصلاح الأُوَلَ كانوا يتعاملون مع الحضارة الغربية في مرحلة مختلفة عن المرحلة التي نتعامل نحن فيها مع هذه الحضارة، فرغم أن النموذج العلماني (الشامل) هو النموذج الأساسي في التشكيل الحضاري الغربي الحديث منذ بدايته، ورغم أنه يشغل المركز في وجدان الإنسان الغربي الحديث ويشكل رؤيته إلى الكون، ورغم أن الحضارة الغربية الحديثة كانت قد اتضحت هويتها باعتبارها حضارة إمبريالية شرسة: إلا أنها مع هذا كانت تحوي قدرًا كبيرًا من الثبات والإيمان بالقيم المطلقة على مستوى الرؤية إن لم يكن -أيضًا- على مستوى الممارسة، كما كانت هذه الحضارة تدعي أنها حضارة إنسانية هيومانية متمركزة حول الإنسان، وكانت المجتمعات الغربية مجتمعات لا تزال متماسكة من الناحية الاجتماعية والأسرية، ولم يكن كثير من الظواهر المرضية التي تسم المجتمعات الغربية في الوقت الحاضر قد ظهر بعد، وقد يكون من المستحسن أن نتصور العلمانية (الشاملة) لا باعتبارها نموذجًا ثابتًا، وإنما باعتبارها متتالية آخذة في التحقق تدريجيًا في الزمان والمكان، فالحياة الخاصة كانت لا تزال بمعزل عن عمليات العلمنة، فكان الإنسان الغربي علمانيًا شاملاً في حياته العامة متدينًا ملتزمًا بأهداب الفضيلة وبالمنظومة الدينية المسيحية في حياته الخاصة؛ ولذا فالحضارة الغربية لم تكن حضارة علمانية مادية تمامًا، فالقيم (الدينية والإنسانية) كانت تلعب فيها دورًا واضحًا إيجابيًا؛ منحها قدرًا من التماسك والغائية . وحينما احتك المصلحون الإسلاميون الأُوَلُ بهذه الحضارة فهم لم يحتكوا بحضارة علمانية بالمعنى الشامل، وإنما احتكوا بحضارة علمانية بشكل جزئي تمت علمنة بعض جوانب الحياة العامة فيه فحسب، ولم تكن الحلقات الأخيرة من متتالية العلمانية الشاملة قد تحققت بعد؛ أي أن كثيرًا من الظواهر السلبية التي نلاحظها بأنفسنا ونقرأ عنها في كتبهم وصحفهم ومجلاتهم، والتي أصبحت نمطًا ثابتًا وظاهرة محددة كانت مجرد حوادث متفرقة لا ظواهر دالة، ومن ثم كان من السهل تهميشها. علاوة على هذا لم يكن الخطاب النقدي الغربي للحداثة والاستنارة قد تبلور بعد، رغم تعالي بعض الأصوات، فالأدب الرومانتيكي الغربي على سبيل المثال هو في جوهره أدب احتجاج على كثير من جوانب الحداثة الغربية، وكتابات المفكر الإنجليزي "إدموند بيرك" وبعض المفكرين المحافظين تحتوي على إشارات لكثير من الموضوعات التي طوَّرها الخطاب النقدي الغربي فيما بعد، إلا أن مثالب الحضارة الغربية -سواء على مستوى النظرية أو على مستوى الممارسة- لم تكن مسألة واضحة بعد لدارسي ومراقبي هذه الحضارة . ثم يتحدث عن الوضع الثقافي والفكري المختلف لما اسماهم بحملة الخطاب الاسلامي الجديد: أما بالنسبة لحملة الخطاب الإسلامي الجديد فالوضع جدُّ مختلف؛ فمعظمهم قد تشكل فكريًا في الخمسينيات واحتك بالحضارة الغربية في الستينيات. ونحن نذهب إلى أن الحضارة الغربية دخلت مرحلة الأزمة في تلك الآونة، وأدرك كثير من مفكريها أبعاد الأزمة والطريق المسدود الذي دخلته منظومة الحداثة الغربية. (انظر: مقدمة لتفكيك الخطاب العلماني، أربعة أجزاء، القاهرة، ديسمبر 1997م). إن حملة الخطاب الجديد أدركوا من البداية الجوانب المظلمة للحضارة الغربية الحديثة التي أدخلت العالم في حربين غربيتين يقال لهما "عالميتين"، لأنهما جرّتا العالم بأسره إلى حلبة الصراع وأتون الحرب وتزايد إنتاج أسلحة الفتك والدمار حتى تبين للجميع أن هذه الحضارة قادرة على بناء قبر يكفي لدفن العالم (على حد قول رجاء جارودي). وتزايد توغل الدولة القومية المركزية وتمكنت من الوصول إلى الجميع والتحكم فيهم من خلال أجهزتها الأمنية والتربوية. وتزايد تغلغل الإعلام في الحياة الخاصة للبشر، الأمر الذي زاد من تنميطهم، وتزايدت همينة قطاع اللذة على الجماهير، وهو ما أدى إلى تزايد الإباحية، كما تزايدت معدلات الطلاق بشكل لم يسبق له مثيل؛ وظهرت أزمة المعنى والأزمة المعرفية والأزمة البيئية، ولم يعد الاقتصاد الحر ناجحًا كما كان في الماضي. وفقدت التجربة الاشتراكية مصداقيتها. وظهرت الاتجاهات الفكرية المعادية للإنسان مثل الفاشية والنازية والصهيونية والبنيوية؛ وهي اتجاهات وصلت إلى ذروتها في فكر ما بعد الحداثة . ثم يتحدث عن اثر مدرسة فرانكفورت الماركسية النقدية في نشوء خطاب اسلامي جديد: ومع منتصف الستينيات تبلور الخطاب النقدي الغربي وأصبحت أعمال مدرسة فرانكفورت متداولة بين الكثيرين، فظهرت دراسات كثيرة في نقد فكر عصر التنوير في الغرب، وكان "ماركوز" بحديثه عن تنميط الحضارة الغربية والإنسان ذي البعد الواحد يبين أن ثمة خللاً بنيويًا في صميم الحضارة الغربية يتجاوز التقسيم التقليدي المتبع الذي يقسمها إلى حضارتين: واحدة اشتراكية والأخرى رأسمالية. وأعاد كثير من المؤرخين المراجعين كتابة تاريخ الحضارة الغربية ليبينوا حجم جرائمها ضد شعوب آسيا وأفريقيا وحجم النهب الاستعماري. وظهرت كذلك كثير من الدراسات التي توجه سهام النقد الجذري إلى نظريات التنمية، وكان لحركة اليسار الجديد إسهام في هذا المضمار. ولذا فسواء على مستوى الممارسة أو على مستوى الفكر لم يكن من الصعب على حملة الخطاب الإسلامي الجديد من دارسي الحضارة الغربية في منتصف القرن العشرين أن يعرفوا مثالبها، كما لم يعد بوسعهم أن يمارسوا ذلك الإعجاب الساذج بها، الذي مارسه الكثير من أعضاء الجيل الأول، فالحضارة الغربية التي عرفوها وخبروها مختلفة في كثير من جوانبها عن تلك الحضارة الغربية التي عرفها وخبرها ودرسها جيل الرواد. وشتان ما بين الخبرتين ؟ ثم يتحدث عن : استجابات الخطاب الإسلامي لتحدي الحداثة الغربية قائلا: ويجب أن نؤكد أن كلا الجيلين -القديم والجديد- لم يؤسس منظومته الفكرية انطلاقًا من المنظومة الإسلامية فحسب، وإنما نتيجة تفاعله مع الحضارة الغربية في الوقت ذاته، وهذا أمر طبيعي للغاية؛ فهي الحضارة التي فرضت سيطرتها على العالم، واكتسبت مركزية بحكم الانتصارات وفي حديثه تنطلق من مفهوم "التحدي والاستجابة "الذي قال به المؤرخ المعروف : ارنولد توينبي. يقول : وباختلاف نوع التحدي وحدَّته اختلفت الاستجابة، وقد وجد المصلحون الأوائل جوانب إيجابية كثيرة في هذه الحضارة الغربية، بل أكاد أقول: إنهم انبهروا بها، وهذا ما عبر عنه الشيخ محمد عبده في عبارته الشهيرة: "لقد وجدت هناك مسلمين بلا إسلام، ووجدت هنا إسلامًا بلا مسلمين". ولذا كانت استجابة الجيل الأول للتحدي الغربي هي: كيف يمكن أن نلحق بالغرب؟ وكيف يمكن أن ننقل تلك المنظومة الرائعة إلى حضارتنا مع الاحتفاظ بقيمنا وبشيء من هويتنا؟. ولكن لو كانت خبرة الشيخ محمد عبده مع الحضارة الغربية مثل خبرتنا لتردد كثيرًا قبل أن يقول قولته هذه، وقبل أن يطرح معالم مشروعه. http://www.islamonline.net/iol-arabic/qadaya/art4.asp يرفض د.جمال الدين عطية ما قاله المسيرى عن محمد عبدة قائلا: أما محمد عبده فبريء من هذه العبارة المزعومة نسبتها إليه، التي تتحدث عن الغرب باعتباره إسلامًا بلا مسلمين، وعلى العكس من ذلك له نقد عميق لمادية الحضارة الغربية.. التي وصفها بأنها حضارة الذهب والفضة والجنيه والليرة والبهرج والفخفخة التي لا علاقة لها بالإنجيل وروحانياته، والتي تتميز عنها الحضارة الإسلامية بالوسطية الجامعة بين المادة والروح. http://www.islamonline.net/iol-arabic/qadaya/art-b.asp
ثم يقول : حملة الخطاب الإسلامي الجديد لا يشعرون بالإعجاب نفسه تجاه الحداثة الغربية، ولذا نجد أن خطابهم ينبع من نقد جذري لها، وهم في هذا لا يختلفون عن كثير من المفكرين والحركات السياسية في العالم الثالث والعالم الغربي في الوقت الحاضر ثم يقول الموقف من الحداثة الغربية هو نقطة الانطلاق الأساسية التي تتفرع عنها كل السمات الأخرى . وقد حاولنا تلخيصها كالآتي: -1 الخطاب الإسلامي الجديد ليس اعتذاريًا -2 رفض المركزية والعالمية التي يضفيها الغرب على نفسه 3-الرؤية المتكاملة والانفتاح النقدي 4-خطاب جذري توليدي استكشافي 5-يصدر عن رؤية معرفية شاملة 6-القدرة على الاستفادة من الحداثة الغربية 7-القدرة على إدراك أبعاد إنسانية جديدة 8-القدرة على اكتشاف الإمكانات الخلاقة للمنظومة الإسلامية 9-أسلمة المعرفة الإنسانية -10 ادراك ما يسمى "العلم في منظوره الجديد 11-تأسيس معجم حضاري متكامل ومستقل -12 إدراك تركيبية مقولة العقل والتناقضات الكامنة فيه 13-التمييز والفصل بين إنجازات الغرب وبين رؤيته القيمية 14-إدراك المكون والبعد الحضاري للظواهر والأشياء المستحدثة -15 إدراك الخطاب الإسلامي الجديد لأهمية المكون الحضاري من خلال تقبله لفكر القومية 16-تأسيس رؤية إسلامية مستقلة في التنمية 17-طرح النسبية الإسلامية كبديل عن النسبية المطلقة 18-الإيمان بالحركة والتدافع كأساس للحياة 19-إدراك مشكلات ما بعد الحداثة 20-تجاوز الإطلاقات المتناقضة والسماح بالفراغات والتعددية 21-لقدرة على الرؤية المتكاملة للشريعة وإنزالها على الواقع المعاصر 22-القدرة على صياغة نموذج معرفي إسلامي والاحتكام إليه: 23-الاهتمام بالأمة بديلاً عن الدولة المركزية: 24-محاولة تطوير رؤية شاملة للفنون الإسلامية: 25-تجاوز المنظور الغربي في قراءة التاريخ: http://www.islamonline.net/iol-arabic/qadaya/art4.asp
في مقدمتهما لثلاثة من كتب الاستاذ ،يقول المقدمان : يلمح الباحث المدقق،في فكر الاستاذ محمود محمد طه،عودة جديدة ل"العرفان" ولكن في هيئة تتمفصل في بعض مناحيها مع أفكار "لاهوت التحرر" كما تلتقي ببعض جوانب فكرة "ما بعد الحداثة الغربية" التي بدأت تتخلص من قبضة الفكرة المادية،العقلانية،العلمانية الغربية.غير أن فكر الأستاذ محمود ينأى بالفكرة الاسلامية عن الوقوع في براثن جمود تدين ما قبل الحداثة.مع ملاحظة أن أفكار الاستاذ محمود تمد جذورها وفروعها ،أبعد و بما لا يقاس،من الفكرة العلمانية الغربية في كل تخلقاتها،بما في ذلك آخر صيغها المتمثلة في أفكار "ما بعد الحداثة". ص 47. ثم يتحدثان عن تكرار نموذج الحداثة الغربي: و تكرار التجربة الغربية،فضلا عن كونه منحى غير مطلوب،بحكم ما أوصلت إليه التجربة أهلها،فهو أيضا غير ممكن عمليا،لأن الوقت قد تعداه. ص ص 47-8 ثم يقولان : فالتجربة الشرقية غير صالحة لانجاب مثل تجربة الحداثة الغربية.و لانعني هنا،أنها غير صالحة لتبني منهج النمو التقني،أو تطبيق الديمقراطية والتعددية السياسية.وإنما نعني،أنها لا تصلح لتبني النظرة الغربية للوجود ،وللإنسان.علاوة على ذلك ،فنحن لسنا بحاجة إلى إعادة إنتاج التجربة الغربية،وانما بحاجة الى نقدها والبداية من حيث وقفت.وأول ما يجب أن يطاله النقد،نظرتها المادية للوجود،وعقلانيتها المفرطة،وفردانيتها التي قامت على الانتقاص من التواصل ،و التكاتف، والتعاضد الجماعي.أي مشروع جديد لا يستصحب بعدا روحيا،يعد في تقديرنا المتواضع،مشروعا فاشلا، ولا يعدو كونه تكرارا لتجربة الحداثة الغربية،التي يرى أهلها أنها تعيش ،على المستوى الاجتماعي،شحوب أصيل مفص إلى غروب أكيد. ص 48. من الواضح ان المقدمين يرتكزان في نقدهما لمشروع الحداثة الغربي ،على ما يقول به جميع المصلحين الاسلامين المعاصرين ،كل من زاويته،يرتكزان على نقد الماركسية ،وهي تيار حداثي،للاستغلال الطبقي ،والتفاوت الاجتماعي ، وفكرة الامتيا ز الطبقي . كما يرتكزان على نقد روح الحداثة الغربية،باعتبارها مادية، لكنهما في المقابل لا يطرحان،عبر تبني خطاب الاستاذ ،مشروعا مختلفا ،اللهم الى مسالة النقد الماركسي،و غياب الروح. وحتى في مسالة الروح،فهما ،كما خطاب الاستاذ ،يغيبان حضارات كثيرة مهمشة في العالم الثالث،و ينطلقان من احتكار الروح ،للخطاب الاسلامي فقط. وبالرغم من حديث الاستاذ ،الانساني المتعولم ،حول مساهمة كل الحضارات في مخططه النظري لتلقيح الحضارة الغربية المأزومة ،كما في حديثه الآتي: بهذه المقدرة علي المواءمة والتبني والتصحيح ، فإن الإسلام هو صاحب المدنية المقبلة ، التي تشارك فيها الإنسانية جمعاء الشرق والغرب والجنوب والشمال فهي مدنية إنسانية ، الدين فيها علم وتحقيق ، وهي مدنية تقيم علائق الناس علي السلام والمحبة والصلة. بالرغم من هذا الحديث العولمية عن مشاركة كل الثقافات في التلقيح القادم، لكن لا نجد أية اشارات الى مساهمات ثقافية أخرى ،طالما ان الامر يتعلق بمشروع عولمي .. ان مأساة الفكر الجمهوري وغيره من الخطابات الاسلامية الحداثية ،تكمن في هامشيتها و عدم تبني قاعدة اجتماعية مؤثرة لخطاباتها. وللتدليل على هامشية الخطاب الجمهوري ، فان المسيرى يورد عددا من الأسماء والحركات الإسلامية التي تندرج في إطار ما يسميه الخطاب الإسلامي الجديد كما في قوله الآتي: الأستاذ مالك بن نبي، والأستاذ فهمي هويدي، والشيخ راشد الغنوشي، والأستاذ منير شفيق، والأستاذ عادل حسين، والأستاذ طارق البشري، والمهندس المعماري الدكتور عبد الحليم إبراهيم عبد الحليم، والدكتور راسم بدران، والدكتور سليم العوا، والدكتور بشير نافع، وجماعة المعهد العالمي للفكر الإسلامي (الدكتور راجي الفاروقي، ود. طه جابر العلواني، ود. عبد الحميد سليمان من مؤسسي المعهد، ويمكن أن نذكر -أيضًا- د. منى أبو الفضل، ود. سيف الدين عبد الفتاح، ود. نصر عارف، ود. أسامة القفاش، والأستاذة هبة رؤوف، ود. البيومي غانم، والأستاذ فؤاد السعيد، والأستاذ هشام جعفر، ود. أحمد عبد الله، ود. لؤي الصافي)، والدكتور جمال عطية، ومجلة المسلم المعاصر، وعزام التميمي، وجماعة ليبرتي، والحبيب المكنى، ومجلة الإنسان. ولا شك في أن هناك العشرات الآخرين داخل وخارج العالم العربي يساهمون في تشكيل الخطاب الجديد، ويلاحظ أن كثيرًا من المثقفين من أعضاء الأقليات الإسلامية في الغرب بدأوا يساهمون بشكل فعال في إثراء هذا الخطاب الجديد، وهم لا يكتبون بالعربية ولكن إسهاماتهم مبدعة لأقصى حد، ويمكن أن نذكر في هذا المضمار المفكر الباكستاني (المقيم في السويد) بارفيز مانزور ومؤسسة Islamic- Foundation. ولعل المطلوب الآن أن نعمق إدراكنا للأطروحات الأساسية لهذا الخطاب الجديد، وأن نقوم بعملية تكثيف معرفي من خلال حصر أسماء الدعاة له وعناوين ما كتبوا من دراسات. والله أعلم
وللأسف نجد إن اسم الأستاذ محمود غير مدرج ضمن تلك الأسماء والمؤسسات الجماعات والإصدارات. وقد تحدثت الأستاذة أسماء محمود والدكتور النور حمد عن تجاهل الأكاديميا العربية لخطاب الأستاذ محمود. يقولان في هذا الصدد: "إن جهل، أو تجاهل،الأكاديمية العربية، و دوائر المثقفين العرب،و المشتغلين منهم خاصة بقضايا الفكر الديني،و الفكر السياسي،لأفكار الأستاذ محمود محمد طه،لأمر محير فعلا.فكيف يمكن لأكاديميا تزعم أنها توثق للإنتاج الفكري في العالم العربي،أن ترضى مشاركة القوى المسيطرة والقابضة على أعنة الأمور في وطننا العربي،مؤامرة الصمت المستمرة على إنتاج مفكر ظل يكتب لأربعين سنة، ثم يموت على حبل المشنقة بسبب ما كتب!بالطبع،إن أفكار الأستاذ محمود محمد طه،رغم سمة "اللاعنف" الذي اتسمت بها،أفكار ثورية.وربما لا يجرؤ كثير من الكتاب على مغبة التعاطي معها.فهي أفكار رفضتها مؤسسات الدين و السياسة،في عامنا العربي،مجتمعتين.وحقيقة الأمر،إن في أفكار الرجل،ما يهدد الوضع العربي السياسي الراهن في مجموعه،لكونها تطرح فكرا إسلاميا ثوريا،ديمقراطيا،و اشتراكيا.غير إن التجاهل التام من قبل الدوائر الأكاديمية لسيرة الرجل و لأفكاره أم غير مقبول إطلاقا.اللهم إلا إن كان المتوقع مم يسمى عندنا ب"البحث العلمي"أن يفضي،إلى تدعيم، وتأكيد ما هو سائد، وما هو مقبول،ثم الصمت المطبق،عما عدا ذلك! ص 46. ومأساة تلك الخطابات الجديدة ومن ضمنها خطاب الاستاذ،انها لم تجد قاعدة اجتماعية واسعة ومؤثرة تتبناها. يقول محمد أركون في رد على سؤال حول الحداثة الفكرية العربية :
وعلى صعيد الحداثة الفكرية نلاحظ ايضا انه لم يقدم احد من المفكرين العرب مفهوما معرفية جديدا يخترق به نسيج الفكر العالمي هنالك استهلالك للمناهج الغربية ولم يقدم أي منهم مفهوما جديدا يثري الفكر العالمي؟ أركون: هناك استهلاك وهنالك محاولات لا بأس بها ولكن هذه المحاولات لا تتبناها أطر اجتماعية واسعة حتى تعطيها حياة وحيوية ونفوذا في المجتمع، فأنت تكتب كتابا فيه آراء صالحة منتجة يقرأه بعض الناس، ولكن ليس هنالك تيار يتبنى تلك الأفكار, ويعطيها قاعدة اجتماعية ويكتب عنها في الصحافة وينشر الجدال والمناقشة والمناظرة حولها حتى تعم ويستفيد منها أكبر عدد ممكن من المواطنين، وعلى العكس من ذلك تجد أن هنالك بين المثقفين حسدا وغيرة، فالمفكر والباحث يحسد أخاه حتى لا يشتهر اسمه أكثر عنه وهذه ظاهرة ملموسة عندنا، ودائما نلاحظ في حديثنا أن هذه الكارثة موجودة عندنا كعرب، بينما اليهود نجد أنهم متماسكون متضامنون، وإذا كتب أحدهم كتابا نجد أن جميعهم يؤيدونه ولا يقولون هذا كافر بالله يجب أن نبعده من الأمة ونخرجه منها وهذه ظاهرة موجودة لدينا وأنا ضدها
ويتحدث الدكتور النور حمد عن عدم وجود قاعدة اجتماعية لافكار الاستاذ في ما سبق لنا ايراده، وسنقوم باعادة ايراده لاهميته: وقد أثبتت التجربة العملية، التفاؤل، غير المؤسس، لدعاة هذا النهج. فالدين ظل وسوف يبقى عاملا شديد التاثير في مجريات الأمور، وفي تشكيل رؤى الناس. ولا بد من تاسيس اتجاهات التحديث من داخله، لا من خارجه. وهذا ما وقف له الأستاذ محمود عمره، ولم تستجب له عبر أربعين عاما سوى قلة قليلة من المتعلمين. ولعل الوقت قد أزف، ليدرك المثقفون، نفاذ رؤية هذا المفكر العظيم. ويؤكد الاستاذ هذه الهامشية ، في رد على هذا السؤال : في تفسير مصطفى محمود للقرآن الكثير الذي ورد متفرقا في كتبك ومحاضراتك، وهو لديك أكثر تحديدا، وقوة، ومع ذلك فإن أفكاره تجد حفاوة أكبر – فلماذا؟؟ يقول الاستاذ في حوار معه: وأما الدكتور مصطفى محمود فقد جاء ببضاعة مزجاة، فجازت على مستهلكين لا يحسنون التمييز.. هذا سبب.. والسبب الثاني هو: ((عقدة الأجانب)).. فإننا، نحن السودانيين، لطول ما رزئنا به من الإذلال، فقدنا الثقة في أنفسنا، وظننا أن الخير لا يأتي من عند أنفسنا، ولا من مواطنينا، وإنما هو الخير يجيء دائما من وراء حدود بلادنا.. هذا هو السبب الآخر.. وللدكتور الجمهوري راي آخر في الانتشار الضعيف للفكر ا لجمهوري : يقول في ذلك: الدكتور القراي يرى ان التأثير الواقع على الوعى الجمعى فى دول العالم الثالث تجاه الفكرة راجع الى غياب المنابر الحرة التى تسمح بنشر الوعى بعيدا عن تأثيرات القداسة ورجال الدين والفقهاء الذين لديهم حلف مع الحكومات فى المنطقة يعمل على استدامة حالة الوعى القائمة حفاظا على مصالحهم ، واوضح القراي بان افكار الجمهوريين لم يفسح بينها وبين الشعب السودانى ، ولم يسمح لها يوما بالاطلالة عبر التلفزيون ولا الاذاعة ولا حتى المساجد وبالتالى لم يترك للجمهور ان يقول رأيه فيها ، ويضيف ان قدر المساحة التى وجدها الجمهوريون فى التعبير عن رؤاهم وجدت تجاوبا كبيرا من الشعب ، وقطع القراي بانه متى ما اتضح لنا ان الشعب يرفض رؤانا فسننسحب لاننا ليسوا طلاب سلطة . http://www.alsahafa.info/index.php?type=3&id=2147509523
*تذكّر الأستاذ: ان الهامشية التي انتهت باعدام الاستاذ ،لا تعني ان هذا الخطاب قد فقد قوته.بل ان تلك الوقفة الصامدة في مواجهة الموت ،و الابتسام له ،وجهود الجمهوريين من امثال البروفيسور عبدالله النعيم، كل ذلك أعاد الى الأفهام خطاب الاستاذ ،وتم تذكره باعتبارةه محاولة كبرى للتجسير بين الاسلام و الحداثة،تم تجاهلها وتهميشها . ومن أدلة تذكر خطاب الاستاذ ما قال به المصري : حسين أحمد أمين مترجم ومقدم كتاب عبد الله أحمد النعيم: نحو تطوير التشريع الإسلامي يقول المترجم في مقدمته ،في اشارة الى انتقال الدور الفكري من مصر ، الى هامشها السودان: يبدو أن المصريين قد اعتادوا واستمرأوا فكرة أن تكون بلادهم مصدر الإشعاع الفكري في العالمين العربي والإسلامي، ذلك أن القليلين من مثقفيهم هم الذين يلقون بالاً إلى الثمار الفكرية في الأقطار المحيطة بقطرهم، أو يقدرون الضرر الذى سينجم حتماً، عن هذه العزلة وهذا الإغفال. وها قد مضى أكثر من ربع قرن على ظهور كتاب في السودان، هو كتاب "الرسالة الثانية في الإسلام" للشهيد محمود محمد طه، الذى أعدَّه أهم محاولة ينهض بها مسلم معاصر لتطوير التشريع الإسلامي، والتوفيق بين التعاليم الإسلامية ومقتضيات المعاصرة، دون أن يحظى في مصر (أو في بلد إسلامي خارج السودان على حد علمي) بالاهتمام الذى هو أهل له، ودون أن نلمس له تأثيراً في اتجاهات مفكرينا ومثقفينا وجمهور شعبنا، رغم احتوائه على فكرة أساسية ثورية لا شك عندي في قدرتها متى صادفت القبول لدى الرأي العام الإسلامي، على أن توفر الحلول لمعظم المشكلات التى تكتنف موضوع تطبيق الشريعة، في إطار إسلامي. http://www.arkamani.org/bookreview_files/abdalahnaeem.htm وقد تم تذكر الاستاذ بعد أحداث العاشر من سبتمبر ،وما قيل قبلها عن الصدام بين الحضارات : وقد اهتمت بعض الدوائر العالمية بما كتب الاستاذ محمود خصوصا بعد ان صار العالم على حافة صراع حضارى بسبب من ظاهرة الارهاب ،وذلك فى محاولة منه لفهم الاسلام بشكل اعمق ، وفى هذا الصدد فقد ترجم الفاتيكان الكتاب الاساسى لافكار الاستاذ محمود «الرسالة الثانية من الاسلام» الى ثلاث لغات اوربية ، فيما ترجم فى الولايات المتحدة الى اللغة الانجليزية ، بينما اعتبرت اليونسكو الاستاذ محمود فى الموسوعة التى اشرف عليها البروفيسور على مزروعى احد ابرز المفكرين الذين سعوا لنهضة افريقيا ما بعد الاستعمار ، بينما ينشط بعض تلاميذه فى مجالات التأليف على هدى الفكرة فى الخارج . http://www.alsahafa.info/index.php?type=3&id=2147509523 وقبل ذلك تذكر فرانسيس دينق خطاب الاستاذ ،وما كان يمكن ان يساهم به في حل أزمة الهوية. يقول المفكر السودانى الدكتور فرانسيس دينق فى كتابه (صراع الرؤى فى السودان) : (اذا ما قدر لمحمود محمد طه ان ينجح فى تحقيق نظريته للمسيرة الاسلامية مرشدا للحركة الاسلامية فى البلاد لسادت الظروف المساعدة على المساواة بين المواطنين وشجع احترام الاسس الديمقراطية فى خلق رؤية للوطن تجد الاحترام من الشماليين والجنوبيين على حد سواء ، وكان يمكن حينها ان يكون الاحساس بالهدف الوطنى مدفوعا بتعاليم الاسلام الليبرالية والمتسامحة كما فسرها الاخوان الجمهوريون. http://www.alsahafa.info/index.php?type=3&id=2147509523 وسنعود للحديث عن المخطط النظري لتلقيح الحضارة الغربية ،بحسب وجهة نظر خطاب الاستاذ ،والخطاب الجمهوري . ارقدوا عافية المشاء
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . (Re: عبدالله الشقليني)
|
شكرا لكلمات الشقليني . وشكرا للروابط التي بها الصديق ياسر. و يازول اخد راحتك، فالكلام عن الاستاذ يحتاج فعلا لقعدة طويلة . مساهمة بولا تتمثل في اشارته لبعض من ذكورية خطاب الاستاذ، وان جاء الامر في غير محله كما سنوضح حينما نتحدث عن المخطط النظري للاستاذ. فهنالك اشارات ذكورية اوضح من تلك الاشارة التي لم يحالفها التوفيق في زعمنا الضعيف. محبتي المشاء
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . (Re: osama elkhawad)
|
كنا في المخطط الاولي لهذه المقاربة ، نرى ان نتحدث عن قراءة بولا "الجندرية"، لموضوعة الرجل ، اي رجل الرسالة الثانية ، من خلال مقاربتنا للمخطط النظري للاستاذ، لتلقيح الحضارة الغربية انطلاقا من السودان، كقاعدة ينطلق منها البعث الاسلامي الموعود. لكننا ارتأينا ان نفرد لذلك مساحة خاصة، علها تساهم في القاء الضوء، على بعض من رؤئ الاستاذ حول المرأة، وفي نفس الوقت نبين ما يمكن ان تحدثه قراءة ما ، كما في حالة بولا ، لا تنطلق من الخطاب في مجمله. وسنعود لذلك بعد قليل . وما هو القليل،ان استندنا الى علم الباطن؟؟؟ الى اللقاء المشاء
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . (Re: osama elkhawad)
|
*عن الجندر:
يقول بولا في مقاله المنشور في مكتبة دكتور النور حمد: محاولة للتعريف بمساهمة الأستاذ محمود محمد طه في حركة التجديد في الفكر الإسلامي المعاصر:
Quote: و ستكون أولى ملاحظاتي لفت النظر إلى ذكورية خطاب الأستاذ نفسه. هذه الذكورية التي اجتهد في تفاديها أحد تلاميذه اللامعين (د.عبدالله النعيم) (30) فالرجال "يستأثرون" بالنصيب الأوفر بما لا يقاس في خطاب الرسالة الثانية نفسه ويبين ذلك بصورة قاطعة لمن يقرأ الكتاب. وأكتفي هنا بمثل يغني عن التفصيل من فرط قوة دلالته، يتساءل الأستاذ: "من هو رسول الرسالة الثانية؟ " و يجيب "هو رجل آتاه الله الفهم عن القرآن و أذن له في الكلام .."(31) وهو يقول قبل ذلك في الإهداء "إلي الإنسانية ! بشرى .. وتحية. بشرى بأن الله ادخر لها من كمال حياة الفكر، وحياة الشعور، ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر. وتحية للرجل وهو يمتخض، اليوم، في أحشائها، وقد اشتد بها الطلق، وتنفس صبح الميلاد."(32) والرجل المعني هو رجل الرسالة الثانية، داعيتها "المأذون له"، و إنسانها المتخلق من قيمها وبها. و هذا قول يطاول قمم الشاعرية المجيدة و لكنه، مع ذلك، لا ينفي ذكورية الخطاب ويحرج منطق مقولة المساواة التامة بين الرجل والمرأة وهذه معضلة لم يتوفر للأستاذ، ولا لأي واحد من المجددين حلها بصورة متماسكة تمام التماسك، وإن ظل رأيه فيها متميزاً جداً. |
يتحدث الدكتور بولا عن اهداء الاستاذ في كتاب الرسالة الثانية في طبعته الرابعة.والمسالة-في أصلها وفصلها- ليست لها علاقة بالجندر .
ولذلك في تعقيب لنا حول مقال بولا الذي نشر في سودانيزاونلاين ،قلنا عن مقالة بولا انها لم تستند الى خطاب الاستاذ في مجمله ،وانما الى بعض المراجع .
فمثل هذا الحديث لا يتطرق الى ما حدث من تطور في فهم فكرة البعث الاسلامي،التي يقول به خطاب الاستاذ.
وقبل ان نتحدث عن تطور فكرة البعث الاسلامي في خطاب الاستاذ ،نحب ان نوضح ،ان الاستاذ في اشارته الى "الرجل" لا ينطلق من منحى ذكوري ،وانما من تطور جديد في فهم فكرة البعث الاسلامي. ولو ان البعث الاسلامي كان مرتبطا بامراة مثلا ،لتم الكلام عن "المرأة" ،وفي هذا لا يوجد اي منحى انثوي ،طالما كانت الاشارة هي الى امراة بعينها ،تعتقد انها رسولة الرسالة الثانية.
عدم الاحاطة بالخطاب في تطوره،هو الذي أوقع بولا في مثل هذا التأويل غير الموفق. ففي "أسس دستور السودان،و كتاب الاسلام مثلا ،لا نجد ذكرا لهذا الرجل .وانما نجد حديثا عن ان أمة المسلمين او الاخوان متمثلة في جماعة ما ،هي جماعة الاخوان الجمهوريين ،كمجتمع صغير ،هي التي ستقوم بتحقيق المخطط النظري للفكرة الجمهورية.إن الحديث عن الرجل المنتظر ، وما أعقبه من كتيبين عن المسيح، و التي تربط ربطا لا لبس فيه بين رسول الرسالةالثانية ،وبين المسيح المنتظر، كل ذلك ، يجعلنا نقول ان رسول الرسالة الثانية وكذلك المسيح المنتظر يتمثلان في شخص الاستاذ،وهذا ما لم يتحقق في حياة الأستاذ . و الجدير بالذكر،أن هذا الاهداء،الذي أورده بولا، يخالف ما سبق ذكره في كتاب "الاسلام" وأيضا في كتاب الرسالة الثانية من أن محمدا المعصوم هو رسول الرسالة الثانية.
يقول الاستاذ في "الاسلام" :
Quote: وقد بلغ المعصوم الرسالتين معا ، بالقرآن ، وبالسيرة التي سارها بين الناس ، ولكنه فصل الرسالة الأولى في تشريعه ، وأجمل الرسالة الثانية ، اللهم إلا ما يكون من أمر التشريع المتداخل بين الأولى والثانية ، فإن ذلك يعتبر تفصيلا في حق الرسالة الثانية أيضا ، ومن ذلك ، بشكل خاص ، تشريع العبادات جميعه .. وظاهرة الرسالة الأولى أنها تبدأ بقول (( لا إله إلا الله ، محمد رسول الله )) ، وتنتهي بقول (( لا إله إلا الله ، محمد رسول الله )) فهي كالصورة الفوتغرافية الثابتة ، إلا قليلا ، وأما ظاهرة الرسالة الثانية فإنها تبدأ بقول (( لا إله إلا الله ، محمد رسول الله )) وتنتهي بقول (( لا إله إلا الله )) المجردة ، فهي كالفلم السينمائي يتحرك من بداية إلى نهاية ، في تطور مستمر . ومعنى تجريد الشهادة معرفـة مكانة الله ، من مكانة محمد . وهـو تمام التوحيـد ، والله تعالى يقول لنبيه الكريم : (( وأنزلنا إليك الذكـر لتبيـن للناس ما نـزل إليهـم ، ولعلهـم يتفكرون . )) |
ويقول في مقدمة الطبعة الثالثة:
Quote: إن محمدا رسول الرسالة الأولى ، وهو رسول الرسالة الثانية .. وهو قد فصل الرسالة الأولى تفصيلا ، وأجمل الرسالة الثانية إجمالا ، ولا يقتضي تفصيلها إلا فهما جـديدا للقـرآن ، وهو ما يقوم عليه هذا الكتاب الذي بيـن يـدي القـراء .. |
لكنه في مقدمة الطبعة الرابعة ،يتراجع عن ان محمدا هو رسول الرسالتين ، ليتحدث عن "الرجل". يقول في اهداء الطبعة الرابعة:
Quote: إلي الإنسانية ! بشرى .. وتحية . بشرى بأن الله ادخر لها من كمال حياة الفكر، وحياة الشعور، ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر. وتحية للرجل وهو يمتخض ، اليوم ، في أحشائها ، وقد اشتد بها الطلـق ، وتنفس صبح الميلاد . |
ثم يعود في مقدمة الطبعة الرابعة من "الرسالة الثانية من الاسلام " ليتحدث عن "الرجل" يقول متسائلا:
Quote: من رسول الرسالة الثانية ؟؟ |
لكي يجيب:
Quote: هو رجل آتاه الله الفهم عنه من القرآن ، وأذن له في الكلام .. |
ثم يعود الى تساؤل آخر ،بخصوص كيفية معرفة "الرجل":
فيجيب قائلا:
Quote: حسنا !! قالوا أن المسيح قد قال يوما لتلاميذه : (( احذروا الأنبياء الكذبة !! )) قالوا: (( كيف نعرفهم ؟؟ )).. قال : (( بثمارهم تعرفونهم )) .. |
ويمكن ان نرجع الكلام عن "الرجل" من خلال الاجابة على السؤال التالي:
Quote: ما رأيكمم في فلسفة التأريخ البشري ؟* |
فيجيب قائلا ان هدفها الوحيد ،هو انجاب "الرجل" ،ولعله يقصد رسول الرسالة الثانية ،اي الاستاذ محمود محمد طه. يقول حول فلسفة التاريخ البشري في كتابه : أسئلة وأجوبة - الكتاب الأول:
Quote: التاريخ البشري هو سيرة الحياة على هذا الكوكب ، منذ أن كانت دودة ((أميبة)) ، طافية على وجه الماء ، إلى أن أصبحت بشراً سوياً .. و هي لا تزال منطلقة في سيرها إلى إنجاب ((الرجل)) .. و التاريخ كروي ، كالكرة الأرضية ، فهو لا ينفك يدور حول نفسه . فيعيدها بصورة من الصور.. هو عند الأمم المتخلفة ، يعيد نفسه ، بصورة تكاد تكون مماثلة للماضي ، كل المماثلة ، و ذلك لقلة التفكير ، و لإنعدام الإبتكار ، ويقل ، من ثم ، التقدم .. و هو ، في الأمم المتقدمة ، يعيد نفسه بصور تختلف ، كثيراً ، أو قليلاً ، عن الماضي .. و ذلك تبعاً لحرية الفكر ، و المقدرة على الإبتكار. و يكون ، من ثم ، التقدم .. فكأن الأمم المتخلفة في الفكر ، و حريته ، تسير في حلقة مفرغة ، فهي تجد نفسها دائماً حيث بدأت ، و أما الأمم المتقدمة فتسير في طريق لولبي ، يرتفع ، كلما تقدم بها الزمن ، نحو غايتها المرجوة ، و هي إنجاب الرجل. |
و الله أعلم. **** المهم نعود الى ما قال به بولا بشكل غير صائب عن ذكورية الاستاذ من خلال ذلك الاهداء. ذلك أن هنالك أمثلة أكثر استدلالا على "ذكورية خطاب الاستاذ" ، وسنعود الى ذلك . المشاء
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . (Re: عبدالله الشقليني)
|
الأخ العزيز عبد الله الشقليني، تحية لك وللأخ أسامة وجميع متابعي البوست، ولا يزال الوقت المتاح لدي قليل كي أرجع لما وعدت به، ولكن مداختلك هذه أجبرتني أن أكتب بإيجاز وأضع بعض الوصلات.. قولك:
Quote: يقولون عن المتصوفة أنهم يقولون بالكشف ، ويعتمدونه من مصادر المعارف المُكتسبة . ففي التربية بالتعويد على أذكار بعينها مع التأمل في جلسات الصفاء يتم التمهيد لفتح أفق التلقي لدى الذهن . |
قرأت للإمام الغزالي في كتابه "إحياء علوم الدين" الموجود في الشبكة الكثير عن علم المكاشفة أقتطف منه الآتي:
Quote: فاعلم انه قسمان: علم مكاشفة وعلم معاملة فالقسم الاول علم المكاشفة وهو علم الباطن وذلك غاية العلوم فقد قال بعض العارفين: من لم يكن له نصيب من هذا العلم اخاف عليه سوء الخاتمة وادنى نصيب منه التصديق به وتسليمه لاهله.
وقال اخر: من كان فيه خصلتان لم يفتح له بشيء من هذا العلم: بدعة او كبر.
وقيل: من كان محباً للدنيا او مصراً على هوى لم يتحقق به وقد يتحقق بسائر العلوم واقل عقوبة من ينكره انه لا يذوق منه شيئاً وينشد على قوله: وهو علم الصديقين والمقربين اعني علم المكاشفة فهو عبارة عن نور يظهر في القلب عند تطهيره وتزكيته من صفاته المذمومة وينكشف من ذلك النور امور كثيرة كان يسمع من قبل اسماءها فيتوهم لها معاني مجملة غير متضحة فتتضح اذ ذاك حتى تحصل المعرفة الحقيقية بذات الله سبحانه وبصفاته الباقيات التامات وبافعاله وبحكمة في خلق الدنيا والاخرة ووجه ترتيبه للاخرة على الدنيا والمعرفة بمعنى النبوة والنبي ومعنى الوحي ومعنى الشيطان ومعنى لفظ الملائكة والشياطين للانسان وكيفية ظهور الملك للانبياء وكيفية وصول الوحي اليهم والمعرفة بملكوت السموات والارض ومعرفة القلب وكيفية تصادم جنود الملائكة والشياطين فيه ومعرفة الفرق بين لمة الملك ولمة الشيطان ومعرفة الاخرة والجنة والنار وعذاب القبر والصراط والميزان والحساب ومعنى قوله تعالى " اقرا كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيباً " ومعنى قوله تعالى " وان الدار الاخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون " ومعنى لقاء الله عز وجل والنظر الى وجهه الكريم ومعنى القرب منه والنزول في جواره ومعنى حصول السعادة بمرافقة الملا الاعلى ومقارنة الملائكة والنبيين ومعنى تفاوت درجات اهل الجنان حتى يرى بعضهم البعض كما يرى الوكب الدري في جوف السماء الى غير ذلك مما يطول تفصيله اذ للناس في معاني هذه الامور بعد التصديق باصولها مقامات شتى فبعضه يرى ان جميع ذلك امثلة وان الذي اعده الله لعباده الصالحين ما لا عين رات ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر وانه ليس مع الخلق من الجنة الا الصفات والاسماء. |
المصدر: http://www.al-eman.com/IslamLib/viewchp.asp?BID=383&CID=2&SW وقد كتب الأستاذ في كتاب "أسئلة وأجوبة" الجزء الأول عن الكشف هنا: http://alfikra.org/chapter_view_a.php?book_id=19&chapter_id=7 وفي كتاب "من دقائق حقائق الدين" هنا: http://alfikra.org/chapter_view_a.php?book_id=79&chapter_id=5 والصفحة التي تليها.. وقد توقفت عند قول الأستاذ من خطابه إلى الشيخ أبو زيد محمد الأمين الجعلي والذي نشر في الكتاب:
Quote: وأبادر فأطمئنك على أمرين هامين: أولهما أني لم أضع ميزان الشرع من يدي .. وثانيهما أني لم أبن شيئا من أمري على كشف يخالف ظاهر النص . |
وموضوع الروح هو من المسائل المهمة جدا وقد وضعت بعض المقتطفات والوصلات مثل هذه الوصلة والصفحة التي تليها من خطاب الأستاذ إلى أحد السائلين: http://alfikra.org/chapter_view_a.php?book_id=22&chapter_id=6 وقد جاء في ختام الخطاب قول الأستاذ:
Quote: ولا بد من ختام هذا الجواب بعد أن طال ، وإن كنت أريد أن أحدثك عن الموت ، وعن البرزخ .. ولكن ذلك مما يزيد في طول هذا الجواب فيجعله مملاً ، إن كان قد أبقى من الإملال شيئاً .. وختاماً أرجو الله أن يعلمنا ، ويعلمك وأن ينفع بعلمنا ، وبعلمك .. |
وقد عاد الأستاذ وكتب في كتاب "القرآن ومصطفى محمود والفهم العصري" المزيد عن هذه المسائل.. وكما قرأنا في خطابه للأخ عابدين فهو يؤكد ما تعارف الناس على تسميته بـ "تناسخ الأرواح" وهو ما يسميه الهندوس بـ Reincarnation ويسميه البوذيون بإعادة الميلاد.. ربما توضح هذه الصورة التي جاءت ف غلاف كتاب مترجم إلى اللغة الألمانية عنوانه "في وجه الموت: سر تناسخ الأرواح"..
وهذه ترجمة ما جاء في الفقرة العليا من الصورة الثانية للغلاف الخارجي للكتاب:
Quote: الموت سيأتي حتما.. ولكن يبقى السؤال: هل ينتصر عليَّ أو أنتصر عليه؟؟ ما الذي ينتظرني بعد نهاية الحياة؟ ولماذا هناك تناسخ أرواح؟ ما هو القانون الأزلي، الذي لا بد منه، والذي يقرر حول الموت وإعادة الميلاد..
|
سأحاول أن أضع بعض الآيات والأحاديث التي تدعم فكرة "قيامة الأموات" أو "تناسخ الأرواح".. أو "مسخها" أو إحالتها إلى تراب قال تعالى: كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنتُمْ أَمْوَاتاً فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (28) البقرة قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِّن سَبِيلٍ (11) غافر
بعض الأرواح يتم بعثها في أجساد بشرية أخرى : إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُواْ الْعَذَابَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا (56)
أو حتى في أجساد حيوانات: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ آمِنُواْ بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِّمَا مَعَكُم مِّن قَبْلِ أَن نَّطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ وَكَانَ أَمْرُ اللّهِ مَفْعُولاً (47) النساء والمعروف أن أصحاب السبت قد مُسخوا قرودا وهي بمثابة ردَّة في سلم التطور "فنردها على أدبارها": وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَواْ مِنكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ (65) البقرة. قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذَلِكَ مَثُوبَةً عِندَ اللّهِ مَن لَّعَنَهُ اللّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُوْلَئِكَ شَرٌّ مَّكَاناً وَأَضَلُّ عَن سَوَاء السَّبِيلِ (60) المائدة
فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ (83) وَأَنتُمْ حِينَئِذٍ تَنظُرُونَ (84) وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنكُمْ وَلَكِن لَّا تُبْصِرُونَ (85) فَلَوْلَا إِن كُنتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ (86) تَرْجِعُونَهَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (87) فَأَمَّا إِن كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ (88) فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ (89) وَأَمَّا إِن كَانَ مِنَ أَصْحَابِ الْيَمِينِ (90) فَسَلَامٌ لَّكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ (91) وَأَمَّا إِن كَانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ (92) فَنُزُلٌ مِّنْ حَمِيمٍ (93) وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ (94) إِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ (95) فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ (96)
الحديث النبوي: "من مات فقد قامت قيامته".. وهذا يعني فيما يعني بعث روحه إلى نعيم أو إلى جحيم.. وهناك حديث آخر:
قال ابن مسعود رضي الله عنه : حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما ، ثم يكون في ذلك علقة مثل ذلك ، ثم يكون في ذلك مضغة مثل ذلك ، ثم يرسل الملك فينفخ فيه الروح ، ويؤمر بأربع كلمات : بكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد . فو الذي لا إله غيره إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها ، وان أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها . رواه البخاري ومسلم . وهذه آيات أخرى:
وَمَا نُؤَخِّرُهُ إِلاَّ لِأَجَلٍ مَّعْدُودٍ (104) يَوْمَ يَأْتِ لاَ تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلاَّ بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ (105) فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُواْ فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ (106) خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ (107) وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُواْ فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ عَطَاء غَيْرَ مَجْذُوذٍ (108) سورة هود..
وسأظل مرابطا قريبا من البوست.. وشكرا ياسر
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . (Re: osama elkhawad)
|
تحدثنا قبل ذلك عن ضرورة تحرير خطاب الاستاذ. كنا قد اوردنا في مداخلتنا السابقة ،استشهادا، من كتاب : الكتاب الثاني من سلسلة رسائل ومقالات كالآتي:
Quote: والله، من صرافة ذاته، تنزل لخلقه ليعرفوه في ثلاثة منازل، أو قل ثلاث مراتب: مرتبة الإسم، ومرتبة الصفات، ومرتبة الأفعال.. وبالأفعال برزت السموات والأرض، ومن فيهن، إلى حيز المحسوس – فمرتبة الإسم مرتبة الإنسان الكامل.. ومرتبة الصفة مرتبة الإنسانة الكاملة، ومرتبة الفعل مرتبة الوجود الخارجي المحسوس.. فالوجود المحسوس صورة خارجية، لصورة داخلية، في النفس البشرية.. وهذه الصورة الداخلية هي، في المرأة، كما هي، في الرجل.. ولكنها، في المرأة، موجودة على صورة أكثر سذاجة منها، في الرجل، وبذلك فهي أقرب إلى (الصرافة) التي تنزلت منها (الذات) إلى مرتبة (الإسم) – مرتبة الإنسان الكامل – ومن ههنا جاء تغني الصوفية بسلمى، وليلى، ولبنى، وهم بذلك إنما يريدون إلى الكناية عن الذات الإلهية.. |
ويورد نفس الكلام في كتابه: الله نور السموات والأرض:
Quote: والله، من صرافة ذاته، تنزل لخلقه ليعرفوه في ثلاثة منازل، أو قل ثلاث مراتب: مرتبة الإسم، ومرتبة الصفات، ومرتبة الأفعال .. وبالأفعال برزت السموات والأرض، ومن فيهن، إلى حيز المحسوس – فمرتبة الإسم مرتبة الإنسان الكامل .. ومرتبة الصفة مرتبة الإنسانة الكاملة، ومرتبة الفعل مرتبة الوجود الخارجي المحسوس .. فالوجود المحسوس صورة خارجية، لصورة داخلية، في النفس البشرية .. وهذه الصورة الداخلية هي، في المرأة، كما هي، في الرجل .. ولكنها، في المرأة، موجودة على صورة أكثر سذاجة منها، في الرجل، وبذلك فهي أقرب إلى (الصرافة) التي تنزلت منها (الذات) إلى مرتبة (الإسم) – مرتبة الإنسان الكامل – ومن ههنا جاء تغني الصوفية بسلمى، وليلى، ولبنى، وهم بذلك إنما يريدون إلى الكناية عن الذات الإلهية .. |
وقد صدرت الطبعة الاولى من الكتابين في نفس الشهر : ربيع الثاني 1393 مايو 1973 ولم يشر الاستاذ في اي من الكتابين انه سبق له ان قال بهذا. و الله أعلم. المشاء
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . (Re: osama elkhawad)
|
العزيز الكاتب / أسامة الخواض . تحية واحتراماً .
نحن لم نزل في دفء ما تفضلت به من تحري حول مصطلح المُخاطبة الذكورية ، وهي تختلف عما يرد في اللغات الإنجليزية من تعبير ( مان ) ، فالمخاطبة العربية لها تمييز واضح .
بالفعل هنالك صيغة المُخاطب والمُخاطبة وهنالك محتوى للخطاب .
تحيتنا لك ونواصل .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محمود محمد طه في رؤى الأحلام . (Re: osama elkhawad)
|
الأخ العزيز أسامة،
تحية طيبة
أرجو أن تسمح لي بالتعليق على قولك التالي:
Quote: .و لقد حاول الاستاذ في البدء ان يقول بأن رسول الرسالة الثانية هو محمد "ص" من باب الخشية ،او التقية، كما تراءى لنا،لكنه عاد وافصح بشكل واضح انه ليس محمدا"ص" ،وانما رجل يأتي بالرسالة الثانية ،ومن الواضح الجلي انه الاستاذ محمود محمد طه. |
يؤسفني جدا أن أقول لك بأن ما تراءى لك ليس صحيحا.. أولا الأستاذ محمود لم يتراجع عما قال به من أن رسول الرسالة الأولى والثانية هو النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ولم يحدث أن قال بأن النبي محمد "ليس محمد صلى الله عليه وسلم" كما جرى قلمك.. ولكن الأمر يحتاج إلى فهم أظن أنه لم يتيسر لك.. ولو كان الأستاذ محمود قد تراجع عن القول بأن النبي محمد هو رسول الرسالة الأولى والثانية لكان قد مُسح من المقدمة الثالثة لكتاب الرسالة الثانية.. في الحقيقة هذا البوست يحتوي على وصلة تناولت فيها الرد على هذه المسألة ولا بأس من إعادة وضع الوصلات: كتاب الرسالة الثانية بشارة بعودة الإسلام من جديد!!! وهذا ما جاء في مقدمة الطبعة الثالثة لكتاب "الرسالة الثانية من الإسلام":
Quote: إن محمدا رسول الرسالة الأولى ، وهو رسول الرسالة الثانية .. وهو قد فصل الرسالة الأولى تفصيلا ، وأجمل الرسالة الثانية إجمالا ، ولا يقتضي تفصيلها إلا فهما جـديدا للقـرآن ، وهو ما يقوم عليه هذا الكتاب الذي بيـن يـدي القـراء .. إن هذا الكتاب يهدي الطريق ، ولكنه لا يمكن من نفسه إلا الذين يقبلون عليه بأذهان مفتوحة .. عند الله نلتمس التسديد ، ونجح المراد .. انه نعم المولى .. |
والرسالة الثانية من الإسلام هي من داخل القرآن ولذلك فإن النبي محمد صلى الله عليه وسلم هو رسولها في مستوى التبليغ إجمالا.. وهناك مستوى آخر من الرسالة لا تتطلب وحيا جديدا وإنما فهما للقرآن وهذا ما قال به الأستاذ محمود.. هنا المقدمة الرابعة.. http://alfikra.org/chapter_view_a.php?book_id=10&chapter_id=2 لمن أراد التحقق من المسألة..
وشكرا ياسر
| |
|
|
|
|
|
|
|