عندما كتبنا وأنتَ على سرير الاستشفاء ، لم نكُن نعلم حينها أن طريق الرحيل أقصر . إلى روحك الراحلة من فوق السحاب : إلى دوحتنا التي من فيء ظلالها علينا نجلس و نتسامر ونزهو . إلى شِعرك ( الوريف ) ونعمة مولانا الكُبرى حين تنزلت علينا، وامتطت فراشة ذهنك الوثاب شِعراً ولؤلؤاً وبشائر . هذا يوم ميعادك . رفرفت الروح ومدّت أجنحة تضرب الآفاق وهبت ريح سوداء من حُزننا عليك . ليت الأقدار بقدر التمني ، ولكن كتاب الفراق سيفٌ قاطع فصلنا عنك ، و حجب جسدك الذي كانت مطمورة في دنَّ خَمرته الكثير الذي ينتظر . لحِقت أنتَ بالجيل الذي رحل . السهم مكان السهم ، والحافر مكان الحافر وإن تنوعت السوابح : ( جمال محمد أحمد وعبد الله الطيب المجذوب ومحمد عُمر بشير ... ) جميعكُم كتبتُم لنا وثَقُلت موازينكُم وفاء لشعب يقرأ ، أو لشعب سوف يقرأ ، أو أن يُفسح له الكون من بعد الخيبة أن تكون له القدرة على القراءة الوثابة، ليعيد قاطرة وطن تهُمُ أن تخرج عجلاتها من القضبان إلى هاويات المجهول . بسم مولاك ، وحافظ روحك الهائمة ، و حافظ أرواحنا الراكضة في لهث الدُنيا ، نستسمحه أن يأمر أملاكه يغسلون بأنوار البهاء جسدك المجدول شِعراً و وعيا . لم تكُن الدنيا رحيمة بنا ، ولست أول الراحلين لتترُكنا ، وإنا لفراقك لمحزونون . فنحن نودع جرة مملوءة بذهب الشِعر إلى بحر الغياب .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة