عِشقٌ هادئ في مُنتصف العُمر .

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-02-2024, 10:16 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة عبدالله الشقليني(عبدالله الشقليني)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
04-10-2007, 04:56 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عِشقٌ هادئ في مُنتصف العُمر . (Re: عبدالله الشقليني)




    عِشقٌ هادئ في مُنتصف العُمر





    انزلق الشِعر من جيوب لُغة النثر ، وفرّت عصافير الهوى تُقلِّب الأمزِّجة من غُبار الكَدر إلى غيومِ النَّدى تتجمَّع في السماء تُخفي الشمس ، فيبدو لنا قُرصها رسماً من ضوء تحت عَباءة سحاب ساقته الريح .

    جاءت هي من بعد زمان تُعاتِب عاشقها عبر الهاتف النقال أنه لم يكُن هناك ساعة الانتظار ، فَرَدَّ عليها :

    ـ إنني أشاهدُكِ الآن صوتاً وصورة .



    حَزَم الدّم أمْرَه وتجمَّع أشتاتاً حمراء من خلف الوجنتين خجلاً. قال العاشق لنفسه :

    ـ ما أجملها شجرة عُمرٍ أينعت ولم تَزل بورقِها وثمارها ناهضة إلى السماء يرنو إليها المرء عن قُرب ويتجمَّل . تُظللكَ هيَّ بالرَياحين . رَجَّ العُمر عَجينها فَخَرجت يانعة وضّاحة تُسكِر الشَّاربين بغير شراب . هيَّ قِدر خُرافة ، به كل ما يتمنى المرء ليستطعِمْ ، وعلى نار عُمرٍ هادئة نَمَا ذِهنها فارد الجناح . جسدها رَسَمٌ ببنانِ نَحّاتٍ مُبدع .


    قالت تصف له يوم الانتظار في باحة القُدوم عند المطار :

    ـ كنتُ ذلك المساء أتقَّلب في حَيرة ، كيف نُدبر أن نلتقِ خِلسةً دون عِلم مَنْ مَعي ؟ . أنظرُ حولي وأتَفرَّس الأوجُه لعلي ألمحُ صورتكَ بين الغادِين أو أراكَ تتجوّل بيننا . تَوسطتُ مكاناً بين ابنتي وابني .جلسنا جميعاً نراقب القادمين من الوطن وأنا موزّعة الأهواء بين أن أراكَ و بين شوقي للقاء شقيقتي الكُبرى . كنتُ مُحاصرةً : أمٌ نذرت نفسها أن تكون صدراً لمن يغلبه البُكاء بسبب أحمال الدُنيا و غطاء تدفئة : هيَّ الأمومة التي قَبَض العُمر على عُنقها وأحاطها بهالة من نار . أنتَ تعلم أني امرأة مُطلَّقة بِرغبَتي و تعلم أن العُيون في كَوننا الاجتماعي تتَرقبني ترقُُّب الصيد عند المُنعطفات ومخابئ العُشب ألا أكون إلا تمثالاً أسقطه النَسيان أو جسداً بلا رَوح ! .


    قال باسماً :

    ـ كنتُ هناكَ ! .



    فَرَدَتْ الدهشة أثوابها من فاهٍ يكشف لآلئها والعينان اتسعتا لتأخذ من الضوء أكثر مما احتملهُ الجمال المبثوث . بَدَتْ غير مُصدِّقة وهي تقول :

    ـ أ صحيح كنتَ هُناك ... من أي المهابط ؟


    اتسعت الابتسامة وهو يقول :

    ـ نعم كنتُ هناك . رأيتُ أضواءكِ تنبعثُ من المخبوء تحت ثوب البنفسَج الداكِن البهي ، تملئين فراغ الأمكِّنة بالوَدَاعة . لبِستُ ساعَتها ما يُخفيني وتسلّلتُ قُرب جنبَكِ الأيسر ولمستُ طرفاً من ثوبكِ ولم تَلْحَظين وُجودي.



    ضحكَتْ وقالت :

    ـ أنتَ تُكذب !


    قال :

    ـ أرقَّ حديثٍ بينَ عاشِقَين ما احتَمَلَ أكثر من مَعْنى .كذبتُ أنني لم أَمسّ رداءكِ الفضفاض إلا بناظريَّ ولم أُكذب في كل الذي رَويت ، لكنني حضرت أفراح المكان بكِ . كنتُ أتجوَّل بضع أمتار عن صَلصالَكِ المُتحرِّك بالأنوثة والجمال .


    أطرقَتْ هيَّ تُفكِّر ، فقال لها يكَفكِف ثوب الحَيرة :

    ـ كيف حال ( سَامر ) ... ابنَكِ ؟ .شاهدته ذاك اليوم و قد نهض يبدو أكبر من عُمره . نظراته الخفيضة والمسروقة من الانتباه إليكِ ، فيها الكثير الذي لم أفهمه .



    قالت كأنها تهربُ من غرابة حبيبٍ يتحدث بلسان صدقٍ هوَّ أقرب للكَذب :

    ـ أ رأيته ؟


    قال مُبتسماً :

    ـ ألا تُصدقين أني كنتُ هناك !



    قالت :

    ـ قلبي يُصدِّقُكَ والبقية في حَيرة ... نعم ( سَامِر ) يعلمُ أنني قد أصبحتُ أماً وأباً بعد أن رحل والدهم من المسئولية إلى مكان بعيد ، وترك أبناءه لأسرَّة المَهاجِر الباردة . ( سَامِر ) في نظري طفلٌ رغم أنه في مُقتبل العُمر . نظرّته إليَّ من وراء شُرفاتٍ بعيدة في الذهن أو من وراء قَصص الأتْراب يبدو كأنه حارس من حُراس قبيلة رعوية من قبائل الوطن . حَمل من المسلك الموروث ما أوكل له الحفاظ على الرخو من فجوات الأنوثة التي يدلُف منها الغُزاة . أصبح رجل البيت الصغير ! . يعبأ بأمري كأم وكامرأة تحتاج سنداً أو قريناً ولكن نفسه تأبى أباً آخر . يرى هو أحياناً أنني لم أزل فاتنة أفوق منْ في عُمري من السيدات نضاراً وحيوية وجمالاً ، إذ أبدو كأني أخته الكُبرى !. ذهنه يتقلب حين يتفكَّر أنني أُم وامرأة اختلطا في عجينة واحدة ربما يرغب رجلٌ ما أن يصطادها لمسكن العُشرة ، أو أباً تأتي به الدُنيا ذات صدفة و ينـزِع الأمَ عن أبنائها لمخدعه . عندها يهتـزّ سقف الأمومة الذي يحمي من الجفاء ، و إن جاءت الدُنيا بمثل تلك الصُدفة ، فهي مِن السُنن التي تجُرّ في أذيالها الحُزن مخلوطاً بفرقعات الفرح . في ذلك اليوم التقى الأهل جميعاً بعد طول فراق . إنه يوم لم يكُن في الخاطر . جئتَ أنتَ كما تقول: حبيبٌ في الخيال ، تلصصتَ بين الجمهَرة و بين عاشقة تنتظركَ تتلفَّت من قلقٍ ومن خوف . لقيت شقيقتي من بعد زمان . ضامرة هي أتعبها مرض لا تعرف عنه كثير شيء . جاءتنا لُنضمِّد الأنفُس من جراحاتها. حالها : نصف إعياءٍ وشرود ذهن . حملت معها بطاقات وصوراً ضوئية وأوراقاً بها الكثير من تنجيم الأطباء عندنا في الوطن ! . يوم غريب الأهواء كمهرجان الغجر في أقاصيص القرى البعيدة ، اختلطت فيه أفراح الدهشة بالخوف و بتعب يُعشش في دواخل من يُفرِحون الناس .


    تلوّنت نفسه بألمٍ داخلي ، وقال :

    ـ ألف سلامة لتوأم الروح ، ألف سلامة .


    أطرق بُرهة وأكمل :

    ـ لقد كنتُ جواركِ ، أراكِ ولم تنتبهي . نَهَضَتْ أمام عينيكِ غيومٌ و أستار . لَمحتُكِ تتلهَفين للقاء الأُسرة ، لعل الهواء المُتجدد ينفُث خيراً على مقدم الواردين وتفتح ذكريات الطفولة نافذتها ، فعذاب القابضين جمر الوطن يحتاج من يُخفف عنهم وطأته الثقيلة على النفس . حقيبتي صغيرة لا تشبه حقائب القادمين من السفر . جلستُ أنا بعيداً أرقبُ وأتجمَّل بنافثات الضحك وأنتُم تتسامرون جميعاً . تتنسَمون مقدم الأحباء ببشائر الأضياف ، فصفاء السريرة وروح الانتظار في مهابط الدُنيا تمنح قدراً من الترقُب السعيد . فالبعيد الذي تُقربه الدُنيا بسفائن الريح ومطارات المُسافرين تسُر رؤيته وتُفرِحْ . تبتهِج الأنفُس وتجدُ لها مَخرجاً من لظى نار المهاجر .


    تكوّرت عيناها من الانتباه . أطرق هو بُرهة ثم استطرد :

    ـ لقد كنتُ جواركِ أراكِ في باحة القادمين ولم ترينني ! . جلستُ للقهوة الساخنة في مقاعد الهواة مع من يُتقنون جلوس الوحدة ، فلا مُستقبِل ولا أنيس . بعيداً قرب طاولة منـزوية تَسمَّرتُ إلى مقعدٍ يجعل مُشاهدتكِ نُـزهة من على البُعد . تجولت بناظريَّ أترصد الانتباه . قلبتُ سِفراً بين يديَّ يتحدث عن كيف تكون الكتابة عن التاريخ ، جئتُ به كي أُخفي شوقي إليكِ بالأعذار . تمهّلتُ في الباب الأول من السِفر ووقفتُ عند الرؤى وطرائق سرد التاريخ ومحاذير الانزلاق في الروايات و غَش المصادر. انتظرت أن أستفرد بلمحة أو نظرة عابرة تُنبِهكِ أنني أشهد الحضور كصحافي لا دور له في فعل أصحاب القرار . انتظرت كثيراً لعل هنالك مَخرجاً فلم يتيسر الأمر. بين ساعة الانتظار وبين حسرة أنكِ لم تُبصرينني ، نهض بيننا سياج من حصار الأقربين . التَفَّوا مَنْ حولكِ ببهجة ونضار فتهيبتُ أن أكسر الأُلفة بينكم وأنهضُ حاجزاً سميكاً بالتَكَلُّف .سيصبح ذاك اليوم تاريخاً مُعلّقاً في الأسقُف التي تعلو الأمكِنة العامَّة التي تموج بالبَشَر . تبخَّرت الجلسة الموعودة معكِ . كان أملي أن نكون وحدنا وأغسل نفسي من غُبار علقَ بها ونستطعم شريحةً من فاكهة الدُنيا بُرهة زمان...
    ( رغم الوِلاد والنَّاس ) .
    تبخر الحُلم في زحام الأضياف وصدى الأصوات والضجيج الذي يرتد عن الحوائط التي تُطل علينا. تسلَّلتُ عند خاتمة المطاف بخُطى كل واحدة تهزِم الأخرى ورحلت !.

    قالت تُغالب نفسها :

    ـ لا تبتئس . نلتقي اليوم إن شئت فقد فرغت مما يشغل . أنتَ تختار الزمان والمكان ..



    قاطعها تنهُده بصوتٍ مسموع فتوقف حديثها . استعاد تَنفسه الطبيعي قائلاً :

    ـ أريد أن أسمع صوتَكِ يُهدهِدني إلى أن يموت إرسال الهاتف . فبيننا بُرهة زمان قبل أن تُقلِع الطائرة لتعُد بي من حيثُ أتيتْ . لا وقت لنلتقي فأنتِ تعلمين عبودية العصر و قهره . في المرة القادمة أعدكِ أننا سنلتقي في سعةٍ و سنحتفل بطقس الحُرية ما وسعنا إلى ذلك من سبيل و سنُخيط معاً ثوباً جميلاً من أكذوُبة قديمة صنعناها لسامِر وأخته : مَنْ أنا ؟ و ما الذي بيننا ؟ .لم تعُد أكاذيب الأمس تُناسب .

    عبد الله الشقليني
    01/04/2007 م
                  

العنوان الكاتب Date
عِشقٌ هادئ في مُنتصف العُمر . عبدالله الشقليني04-10-07, 04:51 PM
  Re: عِشقٌ هادئ في مُنتصف العُمر . عبدالله الشقليني04-10-07, 04:56 PM
  Re: عِشقٌ هادئ في مُنتصف العُمر . عبدالله الشقليني04-10-07, 05:15 PM
  Re: عِشقٌ هادئ في مُنتصف العُمر . عبدالله الشقليني04-10-07, 06:27 PM
  Re: عِشقٌ هادئ في مُنتصف العُمر . REEL04-10-07, 07:13 PM
    Re: عِشقٌ هادئ في مُنتصف العُمر . عبدالله الشقليني04-11-07, 03:54 AM
      Re: عِشقٌ هادئ في مُنتصف العُمر . عبدالله الشقليني04-11-07, 04:04 PM
  Re: عِشقٌ هادئ في مُنتصف العُمر . عبدالله الشقليني04-12-07, 03:45 AM
  Re: عِشقٌ هادئ في مُنتصف العُمر . انعام عبد الحفيظ04-12-07, 11:56 AM
  Re: عِشقٌ هادئ في مُنتصف العُمر . عبدالله الشقليني04-13-07, 07:56 AM
    Re: عِشقٌ هادئ في مُنتصف العُمر . غادة عبدالعزيز خالد04-13-07, 01:28 PM
  Re: عِشقٌ هادئ في مُنتصف العُمر . عبدالله الشقليني04-13-07, 04:09 PM
  Re: عِشقٌ هادئ في مُنتصف العُمر . عبدالله الشقليني04-15-07, 06:15 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de