|
Re: من أجل تعليم صغار البقارة: قصة حياتى، ما المخرج من مأزق الأمية الطاحنة عند البقارة (Re: Biraima M Adam)
|
نواصل قراءة القصة لنرى معاناة صغار البقارة في مراحل سنيهم الأولى في سلم التعليم .. تحت عنوان:
التراث والبيئة (2): أثر البيئة في تعليم صغار البقارة؟ هل من رؤية لحل معضلة التعليم بريمة محمد أدم [email protected]
بسم الله الرحمن الرحيم لم تكن معضلة أبناء الرعاة تتمثل في الظروف البيئية القاهرة التى تواجههم حين قدومهم كطلبة أولى إبتدائى فحسب، بل تتمثل، أيضاً، في التراث الرعوى الذى يحملونه في دواخلهم ، ذلك التراث الذى يعتز بالمسار بأنه عز العرب، وأن أصحاب الجاه والسلطان هم المترحلون بيما الفقراء هم المستقرون يعنى أن التراث الرعوى أعمق من المفارقة بين المدنية والترحال كأنماط للعيش، بل أن النفسية الرعوة والحياة الأجتماعية الرعوية تعقلمت لتوافق مراحل المسار، فالأفراح: كالمصارعة، الأعراس، الطهور وألعاب النقارة والمردوم وغيرها عادة تكثر في فصلى الخريف عندما ينزل الرعاة إلي القوز أو في الصيف حينما يعودون إلى ديار إستقرارهم، وهذا الأرتباط الأجتماعى البيئى الذى يواكب مراحل الرعى يحرم طفل المدرسة البقارى من معايشة النظام الأجتماعى الرعوى الشعبى الذى تربى عليه مما يخلق شعور بالأهباط ضد رتابة الحياة في القرية، أضف إلي ذلك أن الرعوى الذى أعتاد علي السرحة في الفلوات النائية والسهول الواسعة المنبسطة والقيزان الخضراء والصيد وسط الأودية ذات الأشجار المتشابكة، كل ذلك جعل منه إنساناً أكثر تحرراً في سلوكه البشرى تجاه الأحساس بالزمن وأكثر إرتباطاً بالبيئة من الذين يسكنون القرى ويفضلون الأنغلاق أو التحول إلي حياة أشباه المدن نتيجة لأرتباط نمط حياتهم علي حياة المدن في المؤون التجارية والجرارات الزراعية وسلفيات الحصاد. لم أكن أعرف أن سفرى من شمال كردفان إلي جنوب كردفان ورحلة المشى من كادقلى حتى القرية التى قضينا فيها يوماً كاملاً سيراً علي الأقدام كانت أول مسمار في نعش حياتى الرعوية التى نتشات عليها، من الأن ربما أكون راعياً ولكن ليس من جنس أولائك الرعاة بعد اليوم. فإن حياة القرية هى مرحلة أولى نحو التحول إلي المدنية، فقد أفترقت علينا الطرق تماماً، فإى طريق يسلكه الطفل يحدد مستقبل حياته. ومع إنطباع الحياة البدوية في أذهان أبناء الرعاة، كالنقش علي الحجر، يجد صغار الرعاة أنفسهم بلا حولة ولا قوة منهم يلقون في مستنقع حياة ونمط بشرى أخر يجب عليهم تفهمه والتعقلم عليه والتعامل معه منذ نعومة أظافرهم، هذه المفارقات بين ما ألفوه وما هم قادمين عليه هى من أساسيات الرفض البقارى لحياة القرى، مما يجعل المرء يخلص أن فلسفة تعليم أبناء الرعاة فلسفة خاطئة من الأساس، فإن محاولة تقليل التصدع الثقافى في نمط حياتهم في مراحلهم الأول سوف يكون ذو عائد مهم في تعليم أبناء الرعاة، وإن الطريقة المثلى لتعليمهم تنبنى علي مواكبة التعليم لحياة الترحال في سنيهم الأولى، كأنشاء مدارس في أرض الخريف ومنازل الصيف وحينما يتخطون العمر الحرج يمكن إدارجهم في مدارس القرى. لم تكن ليلتى الأولى في القرية خالية من الهواجس، فقد إعتدت كطفل أن أستيقظ ليلاً وأوقظ والدتى ثم أخرج لقضاء حاجتى، فصحوت كعادتى، أنادى والدتى، فسمعت صوتاً غريباً، هو إبن عمى الأكبر، يقول عايز حاجة؟ فقد أفقت من حملى اليقظى، ووجدت نفسى أنوم مع أبن عمى الصغير في سنى في ناموسية كبيرة كانت لنا ستراً واقياً من البعوض، فأخذنى من يدى إلي خارج المنزل، وقد أعلمنى بما يجب أن أعمله كل مساء قبل دخول الناموسية، وليتذكر القارئ كل هذه المحن التى أواجها وأقرانى إننا أبناء سبعة أعوام، فقد تعلمت في هذه اللحظة وصاعداً أن أدخل بسرعة إلي الناموسية حتى لا تغتنم "تيران" الباعوض تلك اللحظات لتحشر نفسها عنوة معنا ونظل الليل كالنائم في العراء تعذبنا عذاب الحى حتى الصباح، وقد كان إبن عمى الأكبر كلما جاء وقت الأصيل تفقد أحوال ناموسيتنا حتى يتأكد من خلوها من الأخرام والباعوض، فقد أصبحت خبيراً في نصب الناموسية وكيفة الأعتناء بها حفاظاً علي دمى الذى يهدر كل يوم دون مبرر وأنا أحوج إليه من الباعوض الذى يمصه، فالأكل هنا لا رائحة ولا طعم له وليس به مادة غذائية تعوض فاقد الدم نتيجة عض الباعوض، فالجوع أفضل من تطييع الوقت في لوك من لا تريد لوكه، فكنت أفضل أكل العصيدة الحامضة بالماء من الزير مقابل أكل لواييك الصعيد وفي مخيلتى أن اللبن واللبن الحامض في القوز نسقية لبهائمنا أو نهدره في الأرض لأننا لم نجد ما يستغله لمنفعتة، كقول الشاعر تموت الأسود في الغاب جوعاً ولحم الضأن تأكله الكلاب، وهناك اللبن يهدر في الأرض وأطفال جنوب كردفان يموتون جوعاً. وفي الصباح أخذتنى مناظر القرية فقد إبتلعتها أعشاب السافنا الغنية التى تناطح رؤوس القطاطى ووجدت الطرقات مغلقة وضيقة لا يمر نفرين إلا وهم يتطاقشا كتفاً بكتف خوفاً من الرطوبة والشرى في الأعشاب، وكانت روائح روث الأدميين تفوح نتنه في كل مكان، فقد أصبحت الأعشاب هاجساً أو ستراً لقضاء الحاجة في تخوم حدود دائرة المنزل وهناك بعض ضعاف النفوس الذين يلقون بحاجتهم علي قارعة الطريق دون وازع دينى يزجرهم، وقد أصبحت الكوش والقاذورات في كل مكان، فقد طفح كيلى من الأحباط الذى أعانيه منذ خروجى من حضن أمى، فى تلك الأثناء لو وجدته طريقة للهرب لهربت دون رجعة. كان عمى معلا رحوماً وعطوفاً بى، فقد كان يجلسنى على مصلاته عند الغروب ويداعبنى قائلاً (وين أمك وين أبوك)، فكنت أقول له ها هو أبى وأضرب علي صدره وتلك هى أمى وأشير علي عمتى، فقد أشعرانى بأننى حقيقة أبنهم، فقد كان يصيبنى ما يصيب أبنهم الأصغر في سنى، فإن خيراً فخير وإن كان شراً فشر. فقد كانت معضلتى الأولى تربيتى في البادية، فإن أهل البادية لا يقبلون من أطفالهم الشكوى إذا تشاجروا مع أقرانهم دون أخذ حقهم بالمثل، وقد أحتفظت بذلك السلوك عند عمى ولكنه قد تفاقم بفقدى أمى، فما أن ضربنى طفلاً حتى أملأ ملابسه طيناً وروثاً وأفعل به مالم يفعله الحداد في الحديد، ومع ذلك يقف معى أبناء عمى، وقد تبين لى لاحقاً أن عمى حديث عهد بالأستقرار في القرية ولم تندثر بدوية أبناءه بعد وأن صلتهم بالقرية كالمسافر يستظل تحت شجرة ثم يغادرها، أى العودة إلي الرعى مرة أخرى، فقد كانت تلك أحلام الكثيرين من أهلنا الذين فقدوا ثروتهم وأستقروا مجبرين علي ظروف الصعيد القاهرة بسبب زوال بهائمهم آملين في العودة إلي حياة الرعى المقدسة، ولكن هيهات، فمن أستقر في القرية لن يعود إلي البادية أما لأستمراء حياة الراحة أو لعجزه الأقتصادى في شراء بهائم تمكنه من الترحال، فالكل مستقر علي مضض وهو كاره علي ما آلت عليه حاله، ففى بوادى البقارة أن المتجولون هم الأغنياء وأهل الجاه، أما المستقرون هم ذوى الحظ الأعثر والفقراء، فمن أنا؟ لا أدرى إنها بداية إستقرارى التى بدأت بعامى الدارسى الأول! هل أصير من فقراء القرية بعامل المدرسة؟ أم أظل بقارى مع إستقرارى؟ أم أصبح ضمن طبقة أخرى بخلاف السابقتين؟ طبقة الأفندية هى جسم أخر غريب في حياة الرعاة وهى هاجس أخر كهاجس الأستقرار، فإن المتعلمين من أبناء الرعاة هم أقل الشرائح ذات الصلة بحياة الرعى أو محاولة تطويره، فهم طبقة مترفعة عن النهج البقارى ولا تود أن تعرف نفسها به ويحاولون قطع أى علائق تربطهم به. وبعد يومين من قدومنا، أخذنا إلي المدرسة، سبب شقاءنا، هناك قابلت إبن عمى محمد وصاحبى عبدالله، فقد سكن محمد مع خاله، بينما سكن عبدالله مع جده لأبية، وكنت أنا وعبدالله في فصل واحد. كانت مبانى المدرسة عتيقة وبالنسبة لى جميلة، وبمرور الزمن بدأت تتآكل وظهر التدهور بائناً بفارق الزمن الذى رأيتها فيه والزمن اللاحق، فلم يأبه بها أحد حتى اليوم ولم يتم صيناتها منذ أن أسست. وسط المدرسة تستوطن ثلاثة شجرات ليّون، لم أعرف سر وجود هذه الشجرات إلا عندما يتشاجر الأطفال، حينها يأمر المدير الدنيكاوى سعيد سرور، من أميّز خلق الله الذين شهدتهم، الفراش عبدالله أبو رويس قائلاً له أقطع سوطين، يتسلق عبداللة إحد الشجرات كالقرد النسناس الأخضر في لمحة بصر فينزغ سيطاناً كسيطان العنج، إنها الطامة الكبرى، المدير سرور شخصية مميزة وقد ظلت ذكراه في قريتنا إلي يومنا هذا، فإذا بدأت المدرسة وإنتظم الطلاب لم يسمح لنا بإجازة حتى نهاية المقرر، لا يهمه في إدارة التعليم وقوانينها في شيئ، وهكذا تعلمنا منه الأجتهاد، كلنا، أساتذة وطلاب وعلينا إكمال المقرر إذا أردنا الأجازة في وقتها، فصارت مدرستنا تكمل مقرراتها في وقتها. كان عددنا من أبناء الرعاة حوالى الواحد والعشرين طفلاً ولكن ما أن حانت السنة الثانية حتى تقلص عددنا إلي النصف وكانت بيننا بقارية واحدة وهى أول من غادر في السنة الثانية. لم تكن مصائبنا البيئية ترتبط بفترة قدومنا في بداية العام الدارسى، بل نهاية العام الدارسى أسوء بكثير، وسوف نتاول هذه الفترة بشيئ من التفصيل في المقال القادم، وهكذا تجد البيئة وظروفها القاهرة هى سبب مباشر في الأمية الطاغية وسط الرعاة البقارة في غرب السودان.
نواصل في المقال القادم، من سلسلة التراث والبيئة من أجل فتح عيون القراء علي معاناة أبناء البقارة بجنوب كردفان من أجل التعليم.
بريمة محمد أدم. من أبناء الحوازمة بجنوب كردفان مقيم بالولايات المتحدة الأمريكية، واشنطن دى سى. 23 ديسمبر2005
| |
|
|
|
|
|
|
Re: من أجل تعليم صغار البقارة: قصة حياتى، ما المخرج من مأزق الأمية الطاحنة عند البقارة (Re: Shams eldin Alsanosi)
|
أخى و صديقى .....بريمة سلامات أعتقد أن المسألة لاتنفصل من بقية القضايا بالمنطقة بأى حال من الأحوال و لعلك قد لاحظت فى فترة الحرب عندما إشتد أوارها فى تسعينات القرن الماضى؛ وقف حال التعليم بصورة محزنة، كم هائل من أطفال بلادى هناك دخلوا ضمن تصنيف الفاقد التربوى، عليه بالإمكان طرح المسائل جميعها بشكل مترابط، و سأعود لك مجدداً. بالمناسبة لازلت فى إنتظارك هناك ، حتى نبدأ الحوار بالطريقة التى تختارها فوجودك فى مثل تلك الحوارات مهم للغاية، بإعتبار أنّك من المعنيين فمرحباً بك فى: أزمة جنوب كردفان ووهم القبائل العربية
ولك مودتى ؛؛
| |
|
|
|
|
|
|
Re: من أجل تعليم صغار البقارة: قصة حياتى، ما المخرج من مأزق الأمية الطاحنة عند البقارة (Re: عبدالرحمن عزّاز)
|
بريمة محمد أدم. من أبناء الحوازمة بجنوب كردفان مقيم بالولايات المتحدة الأمريكية، واشنطن دى سى. 23 ديسمبر2005
بس داير اصلح الامضاء ده بريمة محمد أدم. من أبناء الحوازمة بجنوب كردفان كوز وامنجي ومقيم في الولايات المتحدة بلجوء سياسي ذو علاقات قوية مع سفارة النظام في واشنطن له مهمة واحدة كان بعملها من ايام الجامعة والي اليوم الظهور بشكل معارضي من اجل بذر الفتنة والمساعدة في التدمير بالعربي كده شغل مخابرات بدا بالمحايدين واليوم بدارفور وكردفان واذا عدتم عدنا
| |
|
|
|
|
|
|
Re: من أجل تعليم صغار البقارة: قصة حياتى، ما المخرج من مأزق الأمية الطاحنة عند البقارة (Re: Shams eldin Alsanosi)
|
أخى شمس الدين خالص التحايا لرفع البوست ..
أخى عبدالرحمن لك التحية شكراً علي الدعوة الكريمة للحوار وسوف أشارككم في الوقت المناسب، بخصوص عدم تجزئة المشاكل ذلك عكس البحث العلمى لحقيقة الأشكالات التنموية، الصحيح في الأمر دراسة كل ظاهرة أو حالة علي حدها ثم محاولة إستنباط حلول جامعة. مشكلة تعليم الرعاة هى مشكلة تعتبر من أعضل مشاكل التعليم في السودان وقد فشل التخطيط التنموى فشلاً زريعاً في حلها كل الحلول التى وضعت تواكب حياة المستقرين، بخت الرضا فشل فى إيجاد وصفة لمعالجة قضية تعليم الرعاة وجاءت فكرة الأستاذ السيار في أوائل الثمانيات وماتت نتيجة لعدم وجود تمويل، وهكذا يظل الرعاة أخر من يتعلم في السودان، ولى مبحث أخر عن التنمية سوف أنشره عندما أجد الوقت لذلك لترى صعوبة تعليم الرعاة .. مودتى بريمة
| |
|
|
|
|
|
|
Re: من أجل تعليم صغار البقارة: قصة حياتى، ما المخرج من مأزق الأمية الطاحنة عند البقارة (Re: sudani)
|
الأخ دينق شكراً علي المرور
Quote: القلم ما بزيل بلم.
وانت يا بريمة اكبرمثال لذلك. ام شء في الانسان الوعي والفهم والحكمة. فأنت بريمة لا تملك ذلك.
دينق |
أختلف مع وجهة نظرك، كيف حكمت علي بالقلم لا يزيل بلم أو فاقد الوعى والفهم والحكمة، هل الوعى والفهم والحكمة تحددها أنت أم لك معيار أخر تحددها عليه .. إنها عين الحكمة أن نلفت نظر الشعب السودانى والمثقف والحكومة إلي الحالة المزرية التى يعانيها الرعاة، ما الخطأ في ذلك، وقد ظل الرعاة في الشمال الجغرافى المتعلم وهم تقتلهم الأمية الطاحنة بسبة تفوق 99% بالنسبة للرجال وتقارب 100% بالنسبة للنساء .. كيف ترى يمكن طرح الأشكال .. بريمة
| |
|
|
|
|
|
|
Re: من أجل تعليم صغار البقارة: قصة حياتى، ما المخرج من مأزق الأمية الطاحنة عند البقارة (Re: Biraima M Adam)
|
إبن حواء: سودانى
Quote: بس داير اصلح الامضاء ده بريمة محمد أدم. من أبناء الحوازمة بجنوب كردفان كوز وامنجي ومقيم في الولايات المتحدة بلجوء سياسي ذو علاقات قوية مع سفارة النظام في واشنطن له مهمة واحدة كان بعملها من ايام الجامعة والي اليوم الظهور بشكل معارضي من اجل بذر الفتنة والمساعدة في التدمير بالعربي كده شغل مخابرات بدا بالمحايدين واليوم بدارفور وكردفان واذا عدتم عدنا |
ممكن نعرف سر المساككه في ماذا؟ صدقنى منذ أن ظهر شخصك في بوستاتى لم أستفد منك حرف واحد فإذا أردت أن تكتب عن شخصى أفتح بوست خاص بذلك ولك الحرية فيما تقول، أرى أن مداخلتك إسفاف لا معنى له .. بريمة
| |
|
|
|
|
|
|
Re: من أجل تعليم صغار البقارة: قصة حياتى، ما المخرج من مأزق الأمية الطاحنة عند البقارة (Re: sudani)
|
نواصل سرد الرواية عن تعليم أبناء الرعاة التراث والبيئة (3): أثر البيئة في تعليم صغار البقارة؟ هل من رؤية لحل معضلة التعليم بريمة محمد أدم [email protected]
بسم الله الرحمن الرحيم تظل مشكلة تعليم أبناء الرعاة من المشاكل التى تعيق إستغلال القطاع الرعوى في السودان عامة، فإن الرعاة التقليديين يربون ثروتهم الحيوانية للتفاخر والتباهى بها وكسب الجاه والسلطان، فإن سماع قول الرجل يرتبط بحجم ثروته فقد قيل: (يتكلم الناس في المجالس ترتيبياً علي حسب حجم القطيع)، فإن كنت من الأغنياء فأنت ممن يسمعون كلمته مهما كان سوءها وتخبط خطابها، إما إن كنت من الفقراء فليس لك كلمة تسمع أو رأى يطاع، ولعل مغزى هذا الأرتباط غريب في بعض الوجوه ولكنه ينبى علي تراث أخر هو تراث الكرم والجود، وكما قيل الجود بالموجود، فإن الرعاة يكرمون الضيف بالذبائح، فإن جاء ضيف واحداً يستحق ديك أو خروف أما ما فوق الأثنين فيستحقون خروف أما أكثر من خمسة ضيوف فإن ضيافتهم ثوراً، ويتفاخر البقارة تفاخر صارخ في السابق بكرمهم أوقات الأحتفالات والملمات، فقد يخرج الرجل مسبحته ويضعها في عنق الحكامة متحدياً من يأتى ويحاسبه في عدد الزبائح التى قدمها كدليل لكرمه، فإذا وجد الخصم أن غريمه أستضاف قوماً ولم يذبح لهم أو ذبح لهم أقل مما يوجب العرف فإن ذلك يخصم من ذبائح خصمه، ومن يفوز بلقب الكرم تكن له مكانة عند القبيلة، كما هناك جوانب أخرى للكرم منها ما يسمى "صاحب الشايلة"، والشايلة هى البقرة الحلوب التى تعطى موقتاً للأسر الفقيرة في القرى والصعيد لحلب لبنها حتى يجف ضرعها ثم يعقبها بأخرى، وكذلك يوجد تراث "الزاملة"، والزاومل هى الحيونات التى تحمل عليها الأثقال وخصيصاً عند البقارة يقصد بها الثيران، وهى تعطى للأسر الرعوية التى قلت مواشيها حتى تواصل مسيرة الرعى المقدسة، وكذلك يوجد تراث "عجلة السمى"، فإذا سمى شخصاً أبنه عليك لزمك إعطاءه عجلة عمرها لا يقل عن سنه. وهكذا تجد التراث الرعوى يتداخل تداخل معقد ليخلق من الأغنياء وجاهات ورموز قبلية يلزم إتباع أراءها. إذن كيف يتعارض تعليم صغار البقارة مع هذا التراث الرعوى الرائع في مجال الكرم؟ هل يعتبر المتعلمون بخلاء؟ وكيف يتعارض التعليم مع سلم الجاه المزعوم فى الحياة الرعوية؟ أول مقاربة لفهم القارى تأتى أن الحياة الرعوية هى تنبى علي العيش الجماعى، فإن كبير الفريق وفي بعض الأحيان الشيخ هو المسؤول عن الفريق في مسائل التحدث مع الأخرين وتعطيد الرابطة التكافلية في الأفراح والأكراه، فإذا لم يكن هناك زعيم الفريق فينوب عنه الشخص الثانى في الرتبه حتى نصل إلي أصغر شخص من الذكور يكون هو المسؤول في غياب من هم أكبر منه سناً ويجب إتباع تعاليمه ويقوم بأستقبال الضيوف وأداء واجب الضيافة، كما أن الرعاة بحكم عادات الكرم لا يأكلون في منازلهم بمفردهم بل يذهبون إلي (الضرا) حيث يأكل كل رجال الفريق وأبناءهم في مكان واحد يتشاركون أى لقمة في العيش والمشرب. فحياة العيش الجماعى تخالف النزعة الأستقلالية الفردية التى يمليها التعليم، فالأنسان المتعلم بالنسبة لهم لا يسمع رأى الكبار بل يتصرف بما يمليه عليه وعيه، هذه النزعة الفردية تجعل المتعلمين غرباء وسط البيئات الرعوية مما يفقدهم مكانتهم الأجتماعية ومن ثم يفقدهم المقدرة علي التحكم في تطوير الرعاة والرعى وتصبح النظرة الغالبة عند الرعاة تجاه المتعلمين نظرة رمادية إن لم تكن غاتمه فهم يأتون بالغريب من العادات والتقاليد ويلوثون بيئتهم الثقافية البدوية، فبدل إستماع المتعلمين إلي الهداى والحكامة فإنهم يفضلون الأستماع إلي الفنان محمد وردى وصديق عباس وأبوعركى البخيت وعبدالقادر سالم وغيرهم من رموز الفن، مما يعنى أن المتعلمين من أبناء الرعاة يخلقون بيئة ثقافية جديدة تحاول إختزال البيئة الثقافية الرعوية. السؤال مادام الرعاة ينظرون إلي التعليم بهذا الفهم القاصر ما الذى جعل أولياء أمورنا أن يحشرونا في تلك البيئة الغريبه عليهم وعلي فهمهم للحياة؟. نظرة المستنيرين من الرعاة للتعليم إنه يسهل لهم التعامل مع الحكومة ويساعدهم في إيجاد كتبه (كاتبين) للعمد والمشياخ ويساعدهم فى التدقيق في أمور الضرائب (حتى لا تأكل الحكومة قروشهم) وبهذا الفهم يظل الكاتب في حدود التراث والحياة الرعوية وبهذا الفهم زج بنا في المدارس وتم أقحامنا في بيئات وعرة يكثر بها الذباب والباعوض ، فيتم أرجاء أبناء الرعاة في فصل الخريف عندما تفتح المدارس، كما يحاولون اللحاق بالظعائن بعد أن تقفل المدارس يشقون الوديان التى تغمرها المياه والأوحال ويقطعون مسافات بعيدة تغطيها الغابات الوعرة للحاق بفرقان الرعاة. ففى فصلنا الدارسى الأول كانت المدرسة بالنسبة لنا شيئ جديد يغاير روتين الحياة الرعوية: سرحة العجول أو الأبقار، حليب اللبن، المسار، قطع الأشجار لألف المنهك من الأبقار أو جر المياه من الأبار لسقى الحيونات، هناك نقلة نوعية في حياتنا إلي قضاء الوقت في أماكن مقفوله كالفصول بدل المرح والجرى طوال اليوم، كما بدأنا نحس بالزمن، تحديداً متى يعود الرعاة من القوز ومتى ينضج محصول الذرة الشامى (عيش الريف) والفول وغيرها. فذات يوم ونحن عائدون من المدرسة رأينا أول ظعينة تمر بالقرية فجرينا نحوها نقف علي قارئة الطريق كما كان يقف أبناء القرى بالنسبة لنا سابقاً، فكانت الظعينة بالنسبة لنا كالحلم، يحملون أمتعتهم وتعج مواشيهم وزواملهم وقد رأينا في تلك الظعينة أنفسنا وحياتنا التى فقدناها بدخول المدرسة، ولم تمض إلا أيام قلائل حتى حلت ظعينتا في جوار القرية لقضاء بعض الوقت، فقد جرينا من المدرسة إلي الفريق رأساً دون العودة إلي القرية، يحتضنى كل أنسان بشفقة ظاهرة، كانت روائح ثياب النساء العجائز المبخرات ببخور التيمان أو الشاف نشتمها كروائح باريسية عطرة، كنا ننوم في بيوت صغيرة مغطاة بالبروش وفي بعض الأحيان ننام تحت الشجرة وسط دور الأبقار، فكانت الأبقار تطرد عنا الذباب والباعوض ولكنها تكثر من الحركة وتتداوس الثيران وتكر (من الكرير) وتدن (من الدنين صوت الفحل) ومع كل ذلك ننام نوماً غرير العين هانيها، فحينما تقترب الثيران وفي غمرة معاركها الدواسية من عناقريبنا تنحرف عنها حتى لو علي مسافة قريبة وعلي النائم أن لا ينزل من عنقريبه في تلك اللحظات حتى لا تصطدم به الثيران وفي بعض الأحيان تقفز فوق العناقريب، ولم أدر في حياتى أن هناك من وطأه (فجغه) ثور بقدمه، وفي ذات مرة كسرت الثيران رجل عنقريب إبن عمى وهو نائم فخر به العنقريب ساجداً جوار النار فضحكنا من حاله، وفي بعض الأحيان يزورنا أهل القرية فيقضون ليلة بئيسة من حركة البهائم ودواس التيران، فيظلون الليل يهربون من عناقريبهم أمام الثيران المتقاتله ثم يعودون ولا ينعمون براحة أو نوم في حين نحن ننعم بنوماً هنيئاً. من حسنة حضور الظعائن فقد أنقشعت غشاوة الأعشاب التى تغطى القرية، فالبهائم قد هدت تلك الأعشاب بأقدامها بين يوم وليلة لتجعلها ترقد علي الأرض كالبساط المفروش فإنفك حصار القرية منها وقام أهل القرية بحرق الحشائش وبعد أيام قلائل أنفتح الأفق البعيد حيث يمكن رؤية مسافات بعيدة، كما تحسنت وجبتنا الغذائية وأهل القرية علي السواء، فظهرت اللحوم في الجزارات وبائعات اللبن يحمل لبنهم إلي القرية صباح مساء، يبادلن اللبن بالمحاصيل الزراعية كوسيلة لجمع المحصول للرعاة ، ولكن بتقلص الأعشاب في جوار القرية بدأت الضعائن ترحل إلي أماكن وعرة أخرى لرعى بهائمهم فيها وحانت فترة عودتى إلي منزل عمى مرة أخرى، فعدت إلي منزل عمى، كان الهدوء في منزل عمى أكثر ما يشعرنى بالوحشة ولكنه يحفظ كتبى وأقلامى، فكل منا له مكان يضع أو يعلق عليه شنطته المدرسية ولا يمسها أحد بسوء، أما في الفريق لقلة الكتب فإن الكبير والصغير يهمجم علي شنطتى بنهم يبحث فيها كالمودر عن شيئ لا أعرفه يخرجون كتبى وأقلامى ورسوماتى فتتمزق كتبى وتضيع أقلامى فأصبح ذلك السلوك البدوى يزعجنى، فقد بدأت مراحل تحولى. ظللت في خلال العامين الأولين أتجول كالرحال بين بيوت أعمامى، عماتى، أخوالى، خالاتى، جدى، أبناء أعمامى، ففى كل فترة دارسية أسكن مع أسرة أخرى، لا أدرى لماذا ظل والدى ينقلى من أسرة إلي أخرى، علماً أننى لم أشكو من أى أسرة سكنت معها لوالدى، لكن ربما لشيئ في نفس والدى علي غرار شيئ في نفس يعقوب، ربما عندما تطول إقامتى يقل الأهتمام بى أو رعاية حاجاتى وهكذا أصبحت أبناً لكل أسرة سكنت معها فتوسع محيطى الأسرى. فى فترة الصيف، نذهب في عطلة نهاية الأسبوع نقطع المسافات لنصل إلي فرقان الرعاة، فكانت رحلتى تبدأ من قرية كركراية، شمال شرق كادقلى، مكان المدرسة، متجهاً جنوباً، مروراً بالحجير، ثم قردود أبوالضيفة، ثم إلي بطحاء أبوسفيفة حيث يقضى الرعاة فترة الصيف يسقون بهائمهم من أبارها الضحلة ويرعون فلواتها النائية، كانت الرحلة تستغرق حوالى ثلاثة ساعات ونصف الساعة سيراً علي الأقدام وسط حشائش وغابات السافنا الغنية الغزيرة، فتقابلنا قطعان القرود وأسراب الدجاج البرى والغزلان وغيرها من الحيونات كالثعالب والكلاب البرية وفى أثناء المسير نجمع ثمار اللعلوب (الهجليج) والنبق والأرديب وصمغ الهشاب والطلح ونستخرج الجذور الأرضية كالفايو والدقن تيس، وعروق سير سير ونأكل أوراق الأشجار كالتبلدى ، وكان أكثر ما نخاف منه هم رعاة الأبل الذين يشتهرون بخطف الأطفال، أو هكذا إنطبع في إذهاننا، فمتى ما رأيناً قطيعاً من الأبل نهرب جرياً إلي الأمام حتى نصل إلي مكان الفرقان فنقضى عطلة ممتعة نستمتع فيها بشرب اللبن وأكل لحوم الصيد ونأخذ معنا قليل من النقود لقضاء حاجات المدرسة الأسبوعية. كانت من الفترات العصيبة في عامنا الدراسى هى نهايته، حيث تهطل أمطار السافنا الغنية وتكثر الأوحال ويبدأ الذباب والحشرات ماصة الدماء بالظهور بكثافة غير معهوده، وقتها يغادر الرعاة إجباراً بفعل الظروف البيئية إلي إتجاه القوز ويصبح صغار البقارة في المدارس وإمهاتهم في البادية في غم من بقاءهم في الصعيد. فى بداية الخريف يزرع الرعاة قليل من المحاصيل ويقومون بنتظيف الأعشاب منها، تصبح تلك المزارع شغل دائم بالنسبة لنا أبناءهم المستقرون في المدارس حيث نقوموا بحراستها من الحيونات وتنظيف أعشابها فى نهاية عطلة الأسبوع، فنصبح مزارعين ونحن صغار سن، أما بعد قفل المدارس عادة تكون الأمطار قد غمرت الأودية بالمياه، فنحمل أثقالنا علي ظهورنا نقطع الفيافى نغتفى أثر الرعاة من مرحلة إلي أخرى ومن منزلة إلي منزلة حتى نجدهم، كانت الخيران والمطر والأوحال والغابات المتشابكة يصعب شقها، ففى بعض الأحيان نعبر الأودية علي الحبال وفي أحيان أخرى نظل يوماً كاملاً أو ننام علي حافة الوادى حتى تهبط مياهه ليسهل عبورها . كان خور العفين بين القرية وكادقلى أو الوادى الأزيرق بين القرية وطريق الرعاة الذى يتجه نحو هبيلا تمثل معوقات لحركتنا إذا إردنا الذهاب إلي كادقلى من القرية أو عائدون عليها أو اللحاق بالظائعن أتجاه هبيلا ، يظل الناس علي حافتي الأودية يتجادعون الحديث والرغيف و(صرر) البلح حتى تهبط المياه وفي تلك الأثناء كانت جيوش البعوض الجرارة تهجم وتكر وتكثر من الطنين في أذاننا. وأكثر ما يؤكر حياتنا العكرة أصلاً حينما تشيل سحب داكنة في السماء وتهب رياحها الجنوبية موحية بمطر غزير، فيظهر البرق الذى يخطف البصر والصواعق الرعدية المدوية، حينها يختلط حابلنا بنابلنا، وفي لحظات نصبح كصغار الحمائم الذقب نرتجف من المياه والطين والمطر، تبتل ملابسنا وتجف علي أجسادنا ومازلنا لم نغادر مكاننا.
وهكذا يظل صغار البقارة في مجاهده مع التراث الرعوى والظروف البيئية القاهرة التى أرغمت أغلبهم لمغادرة الحقل التعلميى والركون إلي جبروت الظروف البيئية وحياة البادية. فإن تحسن التعليم، الذى ظل طوال قرون دون الحد الأدنى لرفع الوعى البقارى الثقافى والأجتماعى، ما زال دون المطلوب وحتى اليوم بل يصير إلي الأسوء بعامل الحروب التى تجتاح المنطقة والخوف الأمنى الذى أضاف بعداً أخراً لمعاناتنا مع الظروف البيئية.
نواصل في المقال القادم، من سلسلة التراث والبيئة من أجل فتح عيون القراء علي معاناة أبناء البقارة بجنوب كردفان من أجل التعليم.
بريمة محمد أدم. من أبناء الحوازمة بجنوب كردفان مقيم بالولايات المتحدة الأمريكية، واشنطن دى سى. 23 ديسمبر2005
| |
|
|
|
|
|
|
Re: من أجل تعليم صغار البقارة: قصة حياتى، ما المخرج من مأزق الأمية الطاحنة عند البقارة (Re: sudani)
|
برغم أنني نشأت نشأة جلابة كما يقولون حيث كان والدي يعمل بالتجارة بمدينة الأبيض إلا أنني تعلقت بحياة البدو مع حلهم وترحالهم وكنت أسعد كثيراً بمقدم الخريف وستات الدري كما كنا نقول كنت أحبهم حباً لا يجاريه حب، كنت أتمنى أن لو أنني كنت انتمي لهذه البيئة وتعلق هذا الحب معي حتى اللحظة ولم أكن أدرك ان الحياة حولهم قاسية بهذا الشكل ولكن لا شك ان حول هذه المعاناة نوع من المتعة. لقد عشت مع سردك بحق وحقيقة وكانني كنت معك معايشاً ماضيك العميق وتلكم الحياة اللطيفة القاسية البدوية وارفة الحنية والعطاء لا بد أن أشير لمعطيات أخطاء قد تكون مطبعية أو قد تكون بسبب عدم تحدثك للعربية لفترة طويلة وقد لاحظت ذلك خلال أمثلة كثيرة فحينما سافر أخي للدراسة بأحد الدول بأوربا، لاحظت أن أخطائه اللغوية قد كثرت مع العلم أن ذكائه الفائق وتدريسه لي بحكم أنني الأصغر منه سناً كان مميزاً في كل شئ ربما لهذه الأسباب، ولأهمية ما تكتب أستأذنك للإشارة لهذا الأخطاء وهي: قسط - قسطاً من الراحة وليس قصد - قصداً من الراحة. بالإهباط - بالإحباط أصح أولائك - أولئك هي الأصح التعقلم - التأقلم اصح قارئة الطريق - قارعة أصح يؤكر حياتنا - يعكر أصح
| |
|
|
|
|
|
|
Re: من أجل تعليم صغار البقارة: قصة حياتى، ما المخرج من مأزق الأمية الطاحنة عند البقارة (Re: A.Razek Althalib)
|
المناضل كوستاوي يعني صاحبك الامنجي كذب علي حكومة الولايات المتحدة لانه مضي في اورنيك اللجوء مايلي
I certify, under penalty of perjury under the laws of the United States of America, that this application and the evidence submitted with it are all true and correct. Title 18, United States Code, Section 1546, provides in part: ''Whoever knowingly makes under oath, or as permitted under penalty of perjury under Section 1746 of Title 28, of the
United States Code, knowingly subscribes as true, any false statement with respect to a material fact in any application,
يعني بالعربي كده ادلي بمعلومات خاطئة من اجل الحصول علي اقامة شرعية امانة ماوقع راجل
ياويحي لو متنا لقاتلت المقابر
| |
|
|
|
|
|
|
Re: من أجل تعليم صغار البقارة: قصة حياتى، ما المخرج من مأزق الأمية الطاحنة عند البقارة (Re: othman mohmmadien)
|
الأخ عثمان خالص التحايا شكراً يا أخى علي هذه الروح الطيبة وأتمنى أن تكون معنا وشكراً علي التصحيح سوف أخذ به وأتمنى أن تفيدنى في الصياغة جملةً وتوصيل المادة التى نرمى من وراءها ليس شخصى بل فتح عيون القراء علي المعاناة التى يمر بها الطفل البقارى .. كما إننى لاحظت إنك إستنتجت أن الحياة البدوية التى كنت تعتقد بإبنها جميلة ورائعة بدأت تشعر بأنها قاسية من خلال الرواية وذلك ليس قصدى، حقيقة الحياة في البادية متميزة في كثير من الوجوه وجميلة بصورة رائعة ولكن المفارقة أن ذلك الجمال وتلك الطبيعة هى التى تجذب أبناء الرعاة بعيداً عن حقل التعليم والأستقرار .. مودتى بريمة
| |
|
|
|
|
|
|
Re: من أجل تعليم صغار البقارة: قصة حياتى، ما المخرج من مأزق الأمية الطاحنة عند البقارة (Re: sudani)
|
أبن حواء: سودانى
Quote: انا داير اجابة محددة وهمي الاول كشفك انت وامثالك
|
شايف يا إبن حواء همك هو كشف بريمة .. هم كبير جد جد إن شاء الله ما تقدر .. ما عندك موضوع .. يا أخى أنا إنسان ملغوب علي أمره، أقرأ هذه القصة لتجد أن من كل مئة من أبناء البقارة يتعلم فرد واحد فقط حتى يكمل مرحلة الأساس وتشير تقديراتى أن هناك أقل من واحد في كل عشرة ألاف يدخل الجامعة .. تضامن معى من أجل كشف المأساة وإن كان لك خلاف سياسى أو شخصى ليس محله .. أفتح لك بوست فطفط فيه كل ذبالتك، هناك الكثير قبلك فعلوا .. أنت أبن حواء وإبن أخته وإبن خالته وإبن أخيه وإبن إبيه، ما تضحكوا يالقراء، أنا فقط أوريه من هو حتى يعرف قدر نفسه .. بريمة
| |
|
|
|
|
|
|
Re: من أجل تعليم صغار البقارة: قصة حياتى، ما المخرج من مأزق الأمية الطاحنة عند البقارة (Re: Biraima M Adam)
|
الاخ بريمة
ذكريات مريرة لكنها جميلة ,لقد نبشت فينا ذكريات قديمة جدا ,كان والدي يعمل معلما بالمرحلة الابتدائية وظللت متجولا معه طيلة فترة دراستي الابتدائية في قرى دارفور المختلفة مما منحني فرصة التعرف على حياة البدو ومعاناتهم
صدقني عزيزي بريمة رغما عن قساوة الحياة البدوية وصعوبتها الا أنها جميلة جدا وتحتوي على أشياء مهمة جدا نفقدها الأن مثلا اللبن الذي كنا نشربه كان خالصا جدا من الشوائب وصافيا لان المراعي كانت طبيعية ,أما الان حدث ولا حرج!!! علف الحيوانات اصبح عبارة عن سم يحتوي على مواد كيميائية كثيرة والمراعي الحديثة تسببت حتى في جنون البقر
اخيرا ارجو ان لا تلتفت الي هؤلاء الذين يطلقون الأتهامات جزافا وبدون اى دليل وارى فيما يقولونه وهم كبير ويكفينا بانك كتبت أسمك الحقيقي بالكامل ومكان تواجدك ولم تتخفي وراء أسم مستعار واشكرهم على دفعهم هذا البوست الي اعلى. كتاباتهم لا تغير ولا تأثر في الهدف من نشر هذا البوست
ولك الود والتقدير الدين عثمان محمد الدين ماليزيا
| |
|
|
|
|
|
|
Re: من أجل تعليم صغار البقارة: قصة حياتى، ما المخرج من مأزق الأمية الطاحنة عند البقارة (Re: aosman)
|
الأخ الدين عثمان لك التحية
Quote: ذكريات مريرة لكنها جميلة ,لقد نبشت فينا ذكريات قديمة جدا ,كان والدي يعمل معلما بالمرحلة الابتدائية وظللت متجولا معه طيلة فترة دراستي الابتدائية في قرى دارفور المختلفة مما منحني فرصة التعرف على حياة البدو ومعاناتهم
|
شكراً لك علي هذه الذكريات الجميلة عن البادية، فإن تلك المعاناة التى عشتها سابقاً اليوم تتضاعف بسبب الحروب والدمار الذى أصاب البادية وحولها إلي دمار في جيمع وجوه الحياة .. كل أبناء البادية اليوم فاقد تربوى .. أستوقفى تعبير (ذكريات مريرة ولكنها جملية) والتى تشبه التعبير السودانى (الحلو مر) .. وشكراً علي المؤازرة .. مودتى بريمة
| |
|
|
|
|
|
|
Re: من أجل تعليم صغار البقارة: قصة حياتى، ما المخرج من مأزق الأمية الطاحنة عند البقارة (Re: sudani)
|
هذا البريد الألكترونى وصلنى من البروفسر فرح حسن
Subject: A journey to Katcha أقتبس البروفسر من مقالى الأول الأتى: كانت الرحلة تستغرق يومين أو ثلاثة أيام بالعربة ثم ننهى اليوم الرابع سيراً علي الأقدام ، فقد كانت جنوب كردفان مغلقة تماماً بالأودية التى تخر مياهها والأمطار التى تهطل ليل نهار، ولم يكن هناك أى طرق مسفلته، فقد غادرنا من مدينة الأبنوية جوار كازقيل متجهين نحو الدبيات ثم الدلنج التى وصلناها بعد سته ساعات حتى أوشكت الشمس علي الغروب، وقد كان وادى الدلنج أول معضلتنا بعد خور شوشاية الذى ممرنا به بعد عناء ولكن بسلام، خور الدلنج كان يطفح بالمياه وليس به كبرى في ذلك الوقت وأراضية طينية لذبه، فقد تجمعت العربات تنتظر في صبر ممل أن تنزل مياهه إلي مستوى يسهل عبورها، ولكن كانت السحب التراكمية الضخمة التى تمخر عباب السماء لا تكل ولا تمل هضولاً طوال اليوم وتعبى في فروعة ورافده مياه طمي داكنة كلون السحاب أو أديم الأرض، حينها قد أخذت ناظرى ملامح الصعيد الوعرة من الغابات والأعشاب ومناظر أبناءه الضعاف منفوخى الكروش كالذى يصاب بداء الأستسغاء، فكنت أسأل عمى الحسب بريمة ببراءة الأطفال لماذا هؤلاء الأطفال هكذا!، وكنت لا أدرى بأن البعوض الذى ينتظرنى قد جفف منابع الدم في عروق أورديتهم وشرايينهم ووجبات الصعيد الخالية الدسم أفقرت دمهم، كل ذلك ينتظرنا دون وعى، يا إلهى. أستمرت رحلتنا حتى غابت الشمس ونذلنا لننام في قطاطى علي قارعة الطريق تمتلئ بجيوش البعوض الجراره التى تنظر عاثرى الحظ مثلى، فقد أوجعنا عضاً ولثعاً ، فجلست القرفضاء في ليل دهيم أترقب طنين الباعوض لأهشه عنى، ولم تطل حالتى الموحشة طويلاً حتى صحى أقرانى، وفعلا مثلى دون أن نتحدث إلي بعضنا، فقد أصابتنا غربه وحشة وكربة لم نعدها من قبل، كانت الأمطار تهضل متفرقة خفيفة ثم غزيرة، تأتى الحيوانات كالحمير والغنم تحاول أن تدخل كوخنا فيطردها رجل نائم جوار المدخل، وكنا نلتحف جولات بالية وذات روائح عتيقة تنم إنها كانت لكل مسافر مثلنا، فصحى عمى بعد أن أخذ قصداً مقدراً من الراحة مع صعوبة الأحوال، فصار يوقد ناراً من روث الحيوانات ليبعد عننا البعوض والهوام وهكذا ظللنا ليلتنا التى وودت إنقضاء أجلها بفارق صبرى حتى صاح آذان الصباح ينادى حى علي الصلاة في القرية المجاورة وصحى ركاب العربة وغادرت بنا تشق جبال الكرقل، الغلفان، كيقا تميرو، كيقا جرو، حجر الدليب، الكويك، تافيرا وغيرها حتى وصلنا مدينة كادقلى التى تحفها الجبال في شبه جزيرة مغلقة ومفتوحة إلي الأفق فقط من ناحية الشرق والجنوب الشرقى، ثم كتب هذا التعليق:
Dear Brima, It is really wonderful! This is the same route, which I covered in 1961, at the age of 18 to join -in as a teacher at Katcha intermediate school. The boys were from all the local tribes: Hawazma, Nuba, Umbaroro ETC.. At that time we replaced the christian mission who was in control of the school. Inspite of the terrible conditions, our boys successfully finished the school, many of them joined Khour Takat, later, I met many of them at Uof K. best regards, Dr. Hassan Farah
البروف فرح حسن لك التحية أعجبنى أن الرواية ذكرتك بعهد سابق ومشقة الأن تبدو إنها ذكريات سعيدة، مالفت إنتباهى أن تلاميذك أغلبهم يكملون تعليم الأساس، هذه حقيقة، ولكن في مقالاتى تحديداً أشير إلي أبناء الرعاة وليس أبناء البقارة المستقرين، المستقرون أحسن حالاً بكثير من الرعاة وعلى هذا لو أجريتم مسالة إحصائية للذين يتركون المدرسة تجد أغلبهم إن لم نقل كلهم من أبناء الرعاة .. ولك فائق مودى وتقديرى بريمة
| |
|
|
|
|
|
|
Re: من أجل تعليم صغار البقارة: قصة حياتى، ما المخرج من مأزق الأمية الطاحنة عند البقارة (Re: Biraima M Adam)
|
وهذا البريد الألكترونى من الأخ علي الطاهر:
Quote: الاخ بريمة يا حازمي يااصيل صدقني بك نفتخر وبك يعلو شأننا نحن من المداومين علي بوستاتك وخاصة البوست الذي نشرته عن معانة ابناء البقارة وارجوك ان لا تلتفت الي هؤلاء المارقين الذين يريدون تغيير مسارك امثال سوداني وما شابهه.وارجو الا تتوقف عن الكتابة ولك مودتى واحترامي ودمت زخرا لشعب البقارة اخوك ابو عبدالله |
أخى أبو عبدالله لك خالص التحية وشكراً علي الموازرة، سوف أواصل إن شاء الله .. خالص مودتى بريمة
| |
|
|
|
|
|
|
Re: من أجل تعليم صغار البقارة: قصة حياتى، ما المخرج من مأزق الأمية الطاحنة عند البقارة (Re: sudani)
|
السبب واضح هو كشف دورك الخفي كامنجي لنظام الخرطوم عندك وظيفة واحدة هي ان تظهر بانك معارض من اجل اثارة الفتن والتغلغل في وسط الناس يعني ك س اذكر حينما كنت انت في الجامعة قام الكيزان باطلاق اشاعة قوية بانك ما كوز لكن الكودار السرية للجنة السياسية في شمبات انذاك اجمعت علي انك كوز ومن هناك تم عمل الفائل لك هنا في امريكا جيت وعملت لجوء سياسي وداير تواصل في نفس الحكاية ونحن نعلم بل ونرصد اتصالاتك مع سفارة النظام بواشطون جمعتنا جامعة واحدة في يوم مالكن هذا لايعني شئ هو انه لنا حساب نسعي لتصفيته معاك انشاء الله يابو سيف العشر
قادم من بعيد الفارس الحلم ذو الحربة الذهبية
| |
|
|
|
|
|
|
Re: من أجل تعليم صغار البقارة: قصة حياتى، ما المخرج من مأزق الأمية الطاحنة عند البقارة (Re: Biraima M Adam)
|
السبب واضح هو كشف دورك الخفي كامنجي لنظام الخرطوم عندك وظيفة واحدة هي ان تظهر بانك معارض من اجل اثارة الفتن والتغلغل في وسط الناس يعني ك س اذكر حينما كنت انت في الجامعة قام الكيزان باطلاق اشاعة قوية بانك ما كوز لكن الكودار السرية للجنة السياسية في شمبات انذاك اجمعت علي انك كوز ومن هناك تم عمل الفائل لك هنا في امريكا جيت وعملت لجوء سياسي وداير تواصل في نفس الحكاية ونحن نعلم بل ونرصد اتصالاتك مع سفارة النظام بواشطون جمعتنا جامعة واحدة في يوم مالكن هذا لايعني شئ هو انه لنا حساب نسعي لتصفيته معاك انشاء الله يابو سيف العشر
قادم من بعيد الفارس الحلم ذو الحربة الذهبية
| |
|
|
|
|
|
|
Re: من أجل تعليم صغار البقارة: قصة حياتى، ما المخرج من مأزق الأمية الطاحنة عند البقارة (Re: sudani)
|
التراث والبيئة (6): أثر البيئة في تعليم صغار البقارة؟ هل من رؤية لحل معضلة التعليم بريمة محمد أدم [email protected] بسم الله الرحمن الرحيم
في الأفق البعيد ناحية الجنوب من قريتنا التى تقع شمال شرق كادقلى تتراءى جبال المورو التى أصبحت من أكثر البؤر المتلهبة خلال الحرب الأهلية، شعب المورو من الشعوب النوباوية التى تشتهر بالكرم مع بساطته والفروسية وحب القتال والعادات الأفريقية الشاذه، فشباب قبيلة المورو يتقاتلون بالعصى (دواس العصى) كنوع من الرياضة وقد تسقط أسنان البعض وتفقع عيون أخرين وقد تُأخذ زوجة الرجل عنوة من قبل الفارس إذا لم يستطع الزوج الدفاع زوجته الجميلة، أهل تلك الجبال يعتبرون المريسة كأس طيافتهم، فهم يقدمونها إلي كل زائر من باب حسن الضيافة حتى لو كان شيخاً يحمل كتبه وألواحه. أخذنى والدى في إجازة العام الدارسى الثانى إلي تلك الجبال، فقد لفت نظرى كثرة الخنازير التى تجوب طرقات القرية كغنم المسيد، فهناك الأسود والفاتح اللون والمزركش بالأبيض والأسود وهى تأكل كل ما تجده حتى روث الأدميين، فقد سمعت صوت الخنزير (ور ور ور) فقلت لوالدى إننى أسمع صوت تور يدن، فقال لا، قلت إذن ماذا؟ قال إنتظر، ظهر خنزير أسود اللون وضخم الجسم كالعجل، قلت لوالدى إنه الحلوف (الخنزير البرى) قال بل الخنزير، فكانت أول مرة أرى فيها الخنزير، فإخذنى والدى في قرب نهاية رحلتنا إلي مزارع صغيرة لتربية الخنزير كالغنم وزرنا أماكن زراعة قصب السكر، كان المورو يأكلون العصيدة الحامضة مصنوعة من العجين دون أن يضاف إليه دقيق في النار، فهم يضيفون العجين حتى تصير العصيدة متماسكة ثم يبردونها حتى تجمد ويأكلونها في الصيف بأضافة الماء وقليل من الملح والشطة ويأكل أغلب الشباب بمفرده، حيث تجهز لكل فرد عصيدته لوحده، على جوار قرى المورو تتراءى فرقان البقارة وقطعان الأبقار ترعى في ترع خضراء وتنتشر فى إمتدادات واسعة تعكس صورة بانورماتيه جميلة، ستات اللبن، يحمل جرادل وأوانى من الألمونيوم كالحلل والبساتل يفرغنا ما فيها من لبن ويبدلنه الفول السودانى، القرقا، الكُولم، الماريق وغيرها من الغلات النوباوية الخالصة، في مكان الجزارة يذبح الجزارون جميع أنواع الحيوانات بما فيها الخنازير والشوايات علي جوار الجزار، تطلب لحمتك الطازجه وتشويها علي الحال وفي نفس مكان الجزار، ما لفت نظرى أن المنطقة خالية من أثر التعليم أو وجود المدارس، وفي الصباح الباكر قام رجل مع أذان الصباح ينادى بصوت لم نعرفوا ماذا يريد وعند الشروق سأل والدى عن سره، فقال لنا شخص إنه يدعو إلي الله .. المدارس في جنوب كردفان نادرة وهى كذلك حتى اليوم، فإن أغلب المنطقة ترزخ تحت أمية طاغية، فإن أهل قريتنا لا يقلون أمية عن الذين رأيناهم في تلك الجبال ويعتبر التعليم من باب الرفاه في الحياة، فإن وجدت أى وظيفة أخرى فإن التعليم يحزف تماماً مدرستنا كانت هى الوحيدة وسط مجموعة قرى تحيط بها علي مسافات متباعدة يأتى الصغار في الصباح من كل صوب وفي كل يوم لتلقى العلم ثم يعودون عند المساء، وهم في طريق عودتهم يحفظون أيات القرأن والأناشيد المقررة، فهم منتشون بحضورهم في جماعات وعودتهم في أسراب الرحو، ففى الصباح ينتظرنا المدير سعيد سرور عند مدخل المدرسة التى تخلو من أى سور، يجلد كل متأخر بعد دقائق تأخيره، صوط لكل دقيقة. كان حضورى في اليوم الأول في العام الثانى متأخراً سبعة أيام، قد فعلها والدى عن قصد كما بدى لى عندما صرت كبيراً، وهى المرة الأولى التى يأخرنى فيها، فقد كان الطلاب يجمعون روث الحمير لكى يخلط مع المونة حتى تبنى به فصول العام الخامس والسادس، وقد كان مقرراً علي أى طالب جمع سبعة صفائح بعر حمير، تلك هى الأيام التى غبت فيها طوال دارستى في المدرسة الأبتدائية، وعندما رأى المدير طوال غيابى قرر جلدى عشرة جلدات مقابل كل صفيحة بعر حمير، فرض والدى وطلب أن يدفع الثمن غرامة بدل عن الجلد، لكن ذلك لم يشفع لى، فقد قرر المدير تخفيف الجلد إلي عشرين جلدة والدفع فوراً، فدفع والدى وأخذت جلداتى دون أى ذنب منى، ولكن من يقل للمدير سرور أنه علي خطأ؟ نواصل في المقال القادم، من سلسلة التراث والبيئة من أجل فتح عيون القراء علي معاناة أبناء البقارة بجنوب كردفان من أجل التعليم.
بريمة محمد أدم. من أبناء الحوازمة بجنوب كردفان مقيم بالولايات المتحدة الأمريكية، واشنطن دى سى 14 مارس 2006م
| |
|
|
|
|
|
|
Re: من أجل تعليم صغار البقارة: قصة حياتى، ما المخرج من مأزق الأمية الطاحنة عند البقارة (Re: Biraima M Adam)
|
سيرة العم محمد أسماعيل أم دقيلوه، تعكس دور الزعيم القبلى في التعليم سواء بالنسبة للطالب أو الأستاذ، العم محمد إسماعيل ساعد في تعليمنا بتشجيعنا وتشجيع الأساتذة للأستقرار في قريتنا، فأقرأوا هذه السيرة العطرة جنوب كردفان: العم محمد أسماعيل (أم دقيلوه) من رموز القيادات الشعبية لقبائل الحوازمة
بريمة محمد أدم/ واشنطن [email protected] بسم الله الرحمن الرحيم
في هذا المقال سوف نتطرق إلي تراث الحوازمة في شخص الراحل المقيم العم محمد أسماعيل محمد الملقب (أم دقيلوه)، إبن العمدة إسماعيل اللحمير، عمدة قبائل الحوازمة فرع قبيلة الجميعية. والعم محمد إسماعيل أم دقيلوه (تنطق أم دقيل لوه بضم اللام الأخيرة)، رحمة الله من رجال الحوازمة الذين يشار إليهم بالبنان، ما جلس مجلساً إلا حقق ما يريد وما أوفدته القبيلة في شأن رجال إلا جاء رابحاً، لديه أسلوب فريد في الدفاع عن قضاياه. دائماً يجلس منكفءاً إلي الأمام قليلاً في جلسته ومتكعاً علي عصاته الخيزرانية وإن لم تكن كذلك. يحب الجلوس علي كرسى يشبه كرسى المعاشات (كرسى خشب ملبس بقماش) ولا يجلس علي كرسيه أحد كبيراً أو صغيراً، شيخاً أو أمرأة، لا ندرى مهابةً له أو أحتراماً، ربما إنتزع هاتين الصفتين إنتزاعاً، فإذا جلس في مجلس حوار إستمع بملء إذنيه وأملى بصره في محاوره وما أن حانت اللحظة المناسبة حتى قفز واقفاً مقاطعاً محاوره بأن (حديثك وصل)، فأذا أصر المحاور إلي مواصلة الحديث قاطعة بكلمة (أجّع بتشديد الجيم ونطقها مهملة كانها بها ثلاثة نقطة) مقطباً جبينه ولافظاً يده بشده وفاتحاً فاه قليلاً حتى تبين ثناياه ثم يزيد (كثرة الحديث التى لا تفيد مضعية للوقت، قلنا حديثك وصل، أجلس دعنى نفيدك فيه، وإلا تركناك) ويصر العم أم دقيلوه حتى يلزم خصمه بالجلوس. وهنا تأتى حنكتة فهو (يتحين) فرصتة في خصمة فأن لم تأتى واصل الصمت والأستماع، فإذا إراد شخص من الحضور مقاطعت المتحدث أشار إليه بالصمت. فأذا وقف لم يجلس حتى يجلس محاوره، فأذا جلس ردد العم أم دقيلوه قول خصمه الذى يريد أن يبنى طرحه عليه، وهو يلقى حديثه بصوت جهور ينهى كل جملة بسؤال بسيط يجيب عليه خصمه بكلمة (صاح أو غلط)، ولا يتخطى نقطة حتى تأتيه الأجابة. وحواره يأتى بصورة متناسقة حتماً تقود إلي النتيجة التى يرجوها. فإذا (تأترس) محاوره سأل الحضور (من الصاح)، فإذا أشار الحضور في صالحه جلس. فالعم أم دقيلوه لا يقبل أحداً يقاطعه حتى ينهى حديثه وهو يتحدث بجد بائن في مهياه ونبرات صوته وتقاطيع وجهه وضيق حدق عينيه وإشارات يده. وقد ساعده في حنكته قبوله للحق دون تردد ومعرفته لتقديم الحلول الوسطية، يبدو أنه يدرس الأمر من أوله إلي أخره قبل الحوار فإذا كان الأمر لصالحه لم يتنازل حتى يكسب حواره أم إذا كان الحق ليس معه فسوف نرى في نطقة لاحقة كيف يتعامل العم مع هذا النوع من القضايا.
العم أم دقيلوه أول حازمى (علي حسب علمى البسيط) علم إبناءه من أكبرهم إلي أصغرهم، فمنهم خريجو جامعات، مشرفون تربويون، مهندسون، ضباط، فنيون، علماً أن البيئة التى حوله ظلمات بعضها فوق بعض من الجهل والأمية الطاغية. فكيف تثنى له أن يعرف قيمة العلم والمعرفة وهو رجل أمى ونشأ في بيئة جاهلة لا تعرف غير الرقص والغناء والطرب وتربية الأبقار ورعيها والتفاخر بها. وفوق كل ذلك كيف عرف فائدة تعليم البنات، ليجعل من بناته نموذجاً يهتذى به، فبقدر ما علم أبناءه علم بناته وحفيداته وربيباته. فقد كان ذو نظرة ثاقبه تتخطى زمانه.
وما أريد أن يلاحظه القارئ هو مقدرة العم أم دقيلوه علي جمع المتضادات التى من الصعب تآلفها، فهو يحب حياة القرية ولا يحب الرعى أو المدينة ولكنه إذا ذهب البندر تدثر بدثار العمد والمشايخ وتبدو على هيئته رجل مدينه من الطراز الأول في (أتوكيت) المدينة ومجاملاتها، فهو لا يتردد في الذهاب إلي مكتب المحافظ أو القاضى المقيم أو إعضاء المجلس، وإذا ذهب البادية جرى نحوه الصغار والنساء وأستقبله الكبار أستقبالاً حاراً فى كل مكان، فإينما جلس فإن مجلسه مجلس إعيان، تدور فيه إحاديث الساعة التى يبدى بها إهتماماً عظيماً. العم أم دقيلوه أنصارى متمسك بتراث الأنصار ولا يرى بديل لحزب الأمة في قيادة الدولة السودانية إلي بر الأمان. وفي قريته كركراية شمال شرق كادقلى، له أصحاب كثر، منهم المتعلمون، الأميون الجهلة، ذو الأهات والغرباء، ولكل فصيل من أصدقاءه له معهم حديث خاص يليق بمكانهم.
ولعل من طرائف ما حكى عن أنصارية العم محمد أسماعيل في صباه، إنه جاء ذات يوم عند الأصيل من مزرعته بعد يوم طويل من (معافرة) أعشاب السافنا الغنية الطويلة التى تفوق قامت الرجل طولاً –فوجد النساء يسرخن في منزله والطبل يطرق، فأوقف حماره عند الضرا (مكان الضيافة)، فسأل ماذا جرى للنساء، إن شاءالله عافيه؟ فقيل له أن زوجتك فلانه أصابها الزار. فنزل من حماره وأتجه مسرعاً نحو المنزل حتى صار تسعة ياردات أو يزيد قليلاً، ثم أرتكز كأنه يريد أن يرمى هدفاً، ثم صوب بندقيته (أب روحين) من خلال باب القطية. وحينما رأه أهل الضرا عرفوا أن الشمس سوف تغيب دون إحد النساء، فجروا نحوه بلهفة يتداركونه، لكنه قبل وصولهم فقد (رش) النساء بطلقتين حتى خرج الدخان من مؤخرة القطية. وقد ذكر الجد محمد شنتو (الملقب بيبى) أن الدخان والبارود خرج من مؤخرة القطية قبل أن يخرج النساء من جميع الأتجاهات طائشات دون هدى. وقد ذكر الحضور أن المريضة كانت أول القوم طلباً للنجاة فهى كالسهم أو أسرع. ولم يمهل القوم العم أم دقيلوه لكى يعبى بندقيته مرة أخرى، منهم من أنتزع الخزنة ومنهم من (عافره) في سلاحه. وركض القوم نحو المنزل بين الدهشة والأمل، فوجدوه غفراً من ساكنيه إلا البخور والأحذية وقبعات الزار المزركشه علي الأرض، فحمدوا الذى لا يحمد علي مكروه سواه. وحينما سألوه هل تريد قتل النساء، فقال قولته المشهور (لن يدخل الشيطان بيتى وأنا أنصارى). ومن حسنة جهاده ضد الشيطان أنه أخرج الزار من زوجته إلي الأبد وقد أخرجه من القرية عن بكرة أبيها، فضاربات الزار لا يهومن حول قريته ولا نساء القرية يتجرأن بأنهم مريضات بالزار ولو أعطيتهن ألوف مؤلفة.
يعتبر العم أم دقيلوه من القلائل الذين كسروا الحواجز القبلية، فقد تزوج من قبائل عدة وتربطه صلات قوية بكل قبائل المنطقة. وبحكم عدم إيمانه بالحواجز القبلية، فقد زوج بناته في خارج إطار القبيلة وأنتهج أبناءه الذكور منحى والدهم في الزواج في كثير من الأحيان. فإن قبائل الحوازمة عموماً أشتهرت بالزواج خارج أطارها القبلى حيث تجد القبلية تجمع كل ألوان الطيف القبلى في المنطقة.
بحكم تعليم أبناءه وتعدد قبائل زوجاته، قد إكتسب العم أم دقيلوه ثقافة البوادى والحضر، وأصبحت همومه وإهتماماته تختلف عن إهتمامات الرعاة تماماً، مع أنه ينسجم معهم في كل كبيرة وصغيرة. فقد تخلص من ثروته الرعوية مبكراً وحولها إلي تجارة مستقرة كانت مفتاح لخدمات المنطقة فيما بعد، فقد كان أبرز تجار قرية الشحيطة في شمال شرق كادقلى، التى صارت فيما بعد شبه مدينة وتوزعت إلي عدة قرى منها كركرية التى أتخذتها مقراً لسكنه. وقد ساعدته نشأته في منزل والده العمدة أسماعيل الأحمير، بتعلم شؤون المحاكم البلدية والأدرات الأهلية وتصريف شؤون الرعية ومداخل الحكومات وغيرها. وقد كان عازفاً عن تقلد المناصب القبلية أو الأدارية حتى قريباً، حينما أنتخبته المنطقة رئيساً لمجلسها الريفى. فقد جذب إستثمارات مهمة للقرى في مجال الزراعة، كأنشاء المشاريع الزراعية التجارية التى ساعدت أهل القري في إيجاد مصادر للعمالة في فترات الخريف حيث تنعدم السيولة النقدية وكان صوت قوى في المجلس في إستجلاب الجرارات الزراعية والتقاوى والسلفيات في موسم الزراعة والحصاد. كما ساعد في إستقرار الكفاءات الوافدة للمنطقة كالمدرسين، الممرضيين الطبيين وخبراء الزراعة، بتمليكهم قطع أراضى زارعية في محيط القرى مما حسن دخولهم ووفر لهم مصادر للعيش الكريم، فأستقروا طويلاً مما أنعكس إيجاباً علي تعليم الصغار في المراحل الأبتدائية.
ومع كبر مقامه وإتساع إهتماماته، إلا أن العم أم دقيلوه يمتاز ببساطة وسهولة في التعامل بصورة غير معهودة في شخصيات الحوازمة، يحبه الصغار والكبار مع مهابه وتقدير واضح لشخصه. وقد شهدت مريض الزهان، أبو سميك، الذى يهيم القرية ليل نهار دون هدف، إذا إشتدت حاجته (جاجته هى الصاعود والمريسه) ولم يجد من يسعفه جاء إليه، يجلس علي الأرض أمامه يسأله حاجته، ولعل العم أم دقيلوه بتمسكه بأنصاريته التى تحرم الخمر والصاعود لا يرضى حتى سؤالاً عن تلك المحرمات، وبمعرفته بمرض أبوسميك يبدأ معه في محاضرة طويلة عن حرمت الخمر ومضار الصعود وأبوسميك يستمع بكل أهتمام (ولعله الشخص الوحيد الذى يستعمع إليه أبوسميك بأهتمام) فيصر أبوسميك علي نقود المريسة والصاعود، ويصر العم أم دقبلوه علي حرمت هذه الأشياء دون أن يطرد أبوسميك. وحينما ييأس أبوسميك، يلتجأ إلي حوار أخر أن عمامته تمزقت وأن ملابسه وحزاءه قد بليت أو فردته سرقت، فهنا يدخل العم أم دقيلوه يده في جيبه مستلاً نقوداً يسلمها لأبى سميك محلفاً له بغليظ أيمانه أن لا يسكر بها. فيحلف أبوسميك. وفي المرة القادمة يأتى أبو سميك بملابسه البالية ويسأل مرة أخرى أنه يريد شراء ملابس، فيسأله عن النقود كيف صرفها فيقول دون تردد أنه أبتاع بها الصاعود (لأن خرمته كانت صعبة). فيضحك العم أم دقيلو معلقاً (مصيبتنا مع أبو سميك مصيبة) وقد شهدت الجنوبى تعريفه، رجل طويل القامة، أستقر في القرية، شبه عارى من الملابس، يستأجره العم أم دقيلوه في الحصاد فإذا إنتهى موسم الحصاد تحول الرجل لإيراد الماء (يحمل صفيحتين علي أكتافه في خشبة علي شكل الميزان) لأهل القهاوى (المقاهى). فإذا نضب مصدر رزقه من أهل القهاوى جاء إلي العم أم دقيلوه يسأله (أم دقيلوه ممكن تدينى قروج يعنى قروش) يسأله العم أم دقيلوه قروش شنو؟ فيقول (أنا عندو قرد) أى غرض. فيقول له (كن جيعان أمشى البيت للحره، زوحته الكبيرة، تعطيك أكل). فيقول تعريفه أكلت عند الحرة ولكن عاوز قروج شوية كده ولا يتجرأ بأن يقول أنه يريد الصاعود أو المريسة، ويظل في حواره حتى يفتر العم أم دقيلوه، فيقول له (عايز كم) فيقول حاجته ودائماً مبلغ في غاية التفاهة، فيعطيه له، ثم يضحك العم أم دقيلوه قائلاً (وجع الرأس في شنو). حينها يقوم تعريفه ممسكاً برأس العم أم دقيلو قائلاً (جكلاً، جكلاً، جكلاً) أى شكراً، شكراً شكراً، فيقول له العم أم دقيلوه ( خلاص، خلاص، أمشى قضى حاجتك). وكان إذا حضر أحمد لذاذ، رجل مريض بالجزام، لا يعافه، فأن كان أمامه طعام دعاه للأكل فيأكلان اليد باليد في إناء واحد ويونسه (يؤانسه) فترات طويلة ولا أدرى ما الذى يجمع بينهما، فنحن نخلى المكان فوراً ولا نأتى إلا لأيفاء طلبات العم أم دقيلوه من الملاح والشاى والقهوه.
ومن تجليات العم أم دقيلوه عندما يأتى أصحابه من القرى المجاورة (وهى قرى كثيرة وعلي مسافات متباعدة) ليلعبون لعبة (الضالة) في فترة أنقطاع العمل في وقت الصيف. فالبسمة ترتسم عريضة في شفاه الجميع –فاللعبة مرهونة بديك دجاج. وكانت أجودها عندما يأتى أهل قرية البخس (التى أبادها التمرد فيما بعد) فالأخوان موسى أبوساق وحسن أم جاكومة خبرة منقطعة النظير في اللعبة. فإذا حضروا وصاح المرحوم موسى بأعلي صوته، يحضر الجد محمد شنتو والخال حسن حماد (الدبيلوك) يحمل حقة صاعود ضخمة ينقرها نقرات ثم يفتحها قائلاً (السفه أخير من بنات كركراية كافة). فيقول له العم إم دقيلوه (ما أحترمت خالك يالدبيلوك) فيرد الخال حسن (ما أعظمك خال لكنها لزوم اللعبة). وحينما تنتهى اللعبة ويأتى أكل الديك، تلك هى اللحظة الوحيدة التى نأكل فيها كباراً وصغاراً في حضرة الضيوف. فيقول الجد بيبى (ناول جدك) وهنا أطمر يدى من بين اللحم والرز (الأرز) مستلاً فخزة الديك ثم أناولها جدى، فيرمقنى الخال حسن بنظرة حادة، فيضحك جدى قائلاً (سبقك ول بتى) فيضحك العم أم دقيلوه (الولد تربية جدو). وهكذا بفضل علاقات العم أم دقيلوه تظل القرية وضراه يموج ويعج بالضويف من جميع القرى، وتكثر الولائم، فيتحول صيفنا إلي خريف أخر لا نشعر فيه بزمهرير الشمس وهجيرها. ومن خلال تلك العلاقات الأجتماعية المعقدة يستطيع العم محمد إسماعيل أم دقيلوه تسيير دفة شؤون المناطق بسهولة ويسر وتحريك إتجاهها.
ويشتهر العم أم دقيلوه بأسلوب فريد في تشجيع طلاب المدارس، فإذا جاء كادقلى زار جميع أبناء القرية في المدارس المتوسطة والثانوية وينقل لنا أخبار الأهل وأمور ذات أهمية لا نرى إننا في مقامها، لكن هو أسلوبه في تدرينا علي المسؤوليه ويقوم بأعطاءنا النقود متى ما جاء. وأذكر زياراته لي في جامعة الخرطوم متى ما ظهرت مظاهرات وأحداث شغب في الجامعة ويتبادل الحديث مع أصحابى وزملائى ناصحاً وموصياً. وتختلف سفرياته من جنوب كردفان إلي الخرطوم من المسافرين الأخرين، ففى حين نرى في تلك الرحلة عذاب ومشقة السفر، بالنسبة له العكس، فرحلته طويلة يوم يومين مع أبناءه في الأبيض، يوم في كوستى أو ربك والجزيرة أبا، الحصيحيصا حتى يصل الخرطوم حيث يستقر أغلب وقته في منطقة الشجرة مع أبناءه.
ولعل أخر ما أتذكره للعم أم دقيلوه قبل وفاته، حله الجذرى لمعضلة نشأت في منطقة تلودى في أوائل التسعينيات، فقد أقتال إحد الأهل رجلاً في تلك المنطقة، وقد جاء الخبر في مدينة كادقلى وكان العم أم دقيلوه في زيارة أبناءه، فما كان منه إلا أن ركب العربة بمفرده قاصداً مدينة تلودى، فنزل عند أهل القتيل، وقال لهم إنى ولى القاتل (فلو ذبحتم في الساق قلنا حلال ، أى أنتم تأمروا ونحن نجيب، فإذا أرديتم الدية فأنا متكفلها لكم من قبيلتنا وأن أردتم أخذ الثأر فلا حوجة لكم بغيرى، فقد أتيتكم طائعاً فأفعلوا بى ماشئتم). فما كان من القوم إلا أجلوا حضوره وتنازلوا عن قضيتهم لصالح الدية، وقد ذبح لهم العم أم دقيلوه ثوراً لقضاء العزاء. فقد خلف العم محمد إسماعيل تراث قل أن يوصف أنه صفحات نصائعة لزعامات الحوازمة الشعبية، وإن كان هناك ما يوصف به أنه أول حازمى يمحو الأمية من أسرته وينشر نور العلم والمعرفة من خلال أبناءه وأحفاده، وظل علماً تتجه نحوه الأبصار عن إشتداد المهن ويطلبه ضعاف القوم وأصحاب الحاجات فهو الملتجأ. رحماك يالله.
نواصل تأريخ وتراث الحوازمة، وسوف نتطرق للمراسلات التى وصلتنا في قراءة تأريخ الحوازمة.
بريمة محمد أدم واشنطن دى سى، الولايات المتحدة الأمريكية. 24 مارس2005
| |
|
|
|
|
|
|
|