في ذكرى (الطيّب محمد الطيّب ) تشُد السماء تسونامي موجها الأزرق.

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-03-2024, 02:38 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الاول للعام 2010م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
12-29-2009, 12:11 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
في ذكرى (الطيّب محمد الطيّب ) تشُد السماء تسونامي موجها الأزرق.




    في ذكرى (الطيّب محمد الطيّب ) تشُد السماء تسونامي موجها الأزرق.



    رحل الطيِّب فرحلت مزرعةٌ من مزارع الوجدان

    في يوم غير ذي زرع من أيام فبراير عام 2007 من بعد الميلاد ، رحل عن دُنيانا الطيب محمد الطيب . غابت النسمة التي تربط المدائن بالأرياف . كان صديق أهلنا في الريف ، ما عرفنا إلا وجهه الصبوح وأريحيته الضاربة في أعماق الوطن و تاريخه . يصادقك وجهه وعطر حديثه ورياحينه التي ملأت ذواكرنا تطوَّف عليك وأنت تسمعه في البرامج التلفزيونية . يُقرب لنا البعيد ويُجمل لنا البلَور و يمحى الكآبة عن النفس . نبتَ هو من وطننا كسُنبلةٍ زاهية نعرف بها نحن أن الأرض من تحتنا تُحب فأس الزارع حين يفلَح ، والراعي حين يُسمِّد الروث الأرض لولادتها من بعد الغيث في المواسم . عَبر الطيب بخَطوه الأجيال والأزمان يربُط الحاضر بالتاريخ ، والأبناء بالأجداد ، ويُذكِّرنا من نستهم مدائنُنا وانشغلت عنهم ، وكانوا هُم عِمد اقتصاد الوطن من زراعة ورعي ، و كانوا هُم من غالب دافعي فواتير التعليم والصحة والخِدمات والتنمية منذ تاريخ ضارب في القدم ، دون مردود يُذكر.

    تجده يتوسط الأهل من كل بقاع أرضنا ، بجلبابه وعباءةٍ تُجمِّل المقام و عُمامةٍ على الرأس لفَّها كيفما اتفق ، فهو خِدن أهل الريف واتكاءة محاسنهم ، وباذل نثرهم وشعرهم وآدابهم ، والكاشف لكرمهم في المشارق والمغارب . بمجلسه تَحلو دروب القص وتتسلل الأغاني و"الدُوباي" والرجز و" المناحات" وغناء "الحكامات" وأساطير الرعاة في الفلوات . يدلُف فلكلور الشعب معه كالماء المنقوع من جِرار ( الغُبُش ) . تُحدِّق في نظرته ، تجده بين أهلِكَ لا يُميزه غير حلاوة حديثه . كل العواصف التي أخذت بتلابيب الوطن : أهله وحالهم ، أتراحهم ككِثبان الرمل ، وأفراحُهم ما نَدرت ، لم تُغير حال الرجل . أجبر المُختلفين أن يتبسطوا و يدنون عواطفهم لشجنها ليستمتعوا بعادات أهلنا في الأصقاع ، بألوانها الباذخة وغرائبها المُحببة .
    أمسك الطيب بقلادة سحرٍ كلما مسحها تفتحت له قلوب أهلنا في أصقاع السودان جميعاً. بهياً كان هو ، رحيماً بثقافات أهلنا المتعددة والمتنوعة . يقدمها على طبق مثقل بالحنين . بيده تُمطرُ الآفاق مطر الخير . له في كل وادٍ بيت يزور فيه الأهل ، وينتقي من الثقافات الدُرر التي تجعل من هذا الوطن ثرياً بتنوعه الثقافي ، وكان هو من سدنة هذا الثراء الفخم . لم يصبه الممل ولا الكلل ، ولم تُحبطه غرائب أهل السياسة وغلوهم وطلب القساة منهم محو التصالح بين الثقافات وبث الفرقة التي نحصُد الآن ثمرها المُر.

    حاضرٌ هو في كل مقام . انحنت له قامات التكريم ، ففضله هو السابق . كان من أفضل القيمين على عرض وتقديم التنوع الثقافي من الموروث . قريب من علوم الأنثروبولوجيا وصديق للفلكلور . انتمى للمؤسسات الأكاديمية متعاوناً ، أخذ منها حرفة التوثيق وصناعة المباحث ، وقدم لها كنوزه وحفره في الموروث الثقافي لأهلنا الطيبين . تقرب من زرعهم وشرب من حليب ضروع مواشيهم بما تيسر له من حضور . زار الخلاوي في معظم دول إفريقيا و آسيا ، وقدم الكثير من البرامج التلفزيونية والإذاعية ، ولا ندري هل تم حفظ المستندات رقمياً في مكتبة تلفزيون السودان بأم درمان أم ضاع كما ضاعت جواهر ، ليس من سبيل لإعادتها إلى الحياة . لدى الطيب أسفار كثيرة ومراجع أهمها " الإنداية " و " المسيد " .
    يحِق لأبناء موطني جميعاً أن يوقدوا طقس المناحة ، لعل النُفوس تطيب من ذكر طبيبها الصدوق . ما أقعدته حاجة ، ولم تترصده إلا المحبة للوطن وعشائره الذين تفرقوا في الوديان والصحارى والجبال والسفوح . هو من صعد إليهم وكشف مكانتهم العالية رغم ضيق ذات اليد .

    أللهُم أكرم مثواه وأرزقه من رزقك المَمدود و صرحك المنضود و نفائسك التي لا عينٌ رأت ولا أذنٌ سمعت ، ولا تَخاطرت على قلوبنا ، و من سلسبيل الجنان ينسكبُ شرابها الندي ،يُزهر قبره بُستاناً من بساتينها الفيحاء بإذنه مولاه .


    عبدالله الشقليني

    *

    (عدل بواسطة عبدالله الشقليني on 12-29-2009, 05:01 PM)

                  

12-29-2009, 03:55 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: في ذكرى (الطيّب محمد الطيّب ) تشُد السماء تسونامي موجها الأزرق. (Re: عبدالله الشقليني)




    في ذكرى (الطيّب محمد الطيّب ) تشُد السماء تسونامي موجها الأزرق (2)






    *

    (عدل بواسطة عبدالله الشقليني on 12-29-2009, 05:04 PM)

                  

12-29-2009, 04:10 PM

محمد عبدالرحمن
<aمحمد عبدالرحمن
تاريخ التسجيل: 03-15-2004
مجموع المشاركات: 9059

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: في ذكرى (الطيّب محمد الطيّب ) تشُد السماء تسونامي موجها الأزرق. (Re: عبدالله الشقليني)


    الطيب محمد الطيب

    مواليد المقرن ريفي الدامر
    حفظ القرآن بخلوة المقرن
    - الكتاب : اتبرا
    - الوسطى : اتبرا
    - دراسات خاصة وقراءات خاصة
    - عمل بجامعة الخرطوم وحدة ابحاث السودان .ثم وزارة الثقافة ثانيا كمدير مركز الفلكلور

    تكريم
    - وسام العلم الفضي عام 1970م
    - وسام العلم الذهبي من المكتبة القبطية
    - وسام المجلس القومي للبحوث
    - ماجستير فخري من جامعة الخرطوم 1982م
    - وسام العلم الذهبي في الدراسات الشعبية . جامعة الخرطوم
    - وسام السلام 1989م
    - وسام معهد الدراسات الاسيوية والافريقية

    النشاط الاعلامي
    - مقدم برنامج تلفزيوني ( صور شعبية ) 27 عاما متواصلة
    - مقدم برامج اذاعية لاكثر من 15 عام
    - كاتب صحفي منذ 1968م

    مؤلفاته
    - تاريخ قبيلة المناصير من ادبهم الشعبي بالاشتراك مع المرحوم عبد السلام سليمان سعد وعلي سعد علي مدير تنفيذي جنوب دارفور
    - تاريخ قبيلة البطاحين من ادبهم الشعبي
    - حياة الحمران من ادبهم
    - المرشد لجمع الفلكلور بالاشتراك مع د.مصطفى معبار مصطفى ومحمد عمر بشارة
    - الانداية "دراسة المجتمع السوداني من خلال الحانات الشعبية"
    - الدوباي "دراسة عن بحور الغناء الشعبي"
    - الشيخ فرح ود تكتوك دراسة لعصره واشعاره على عهد السلطنة الزرقاء 1504م -910هـ
    - المسيد

    النشاط الفكري
    - عضو اتحاد الادباء السودانية
    - مرشح عضو الاتحاد المؤرخين
    - عضو اتحاد الكتاب السودانيين
    - شارك في مؤتمرات في اروبا ، مصر ، الكويت ، الامارات ، الصومال وغيرها
    - شارك في عشرات المحاضرات بالجمعيات والاندية

    مؤلفات تحت الطبع
    - بيت البكاء
    - تاريخ المديح النبوي في السودان
    - الصعاليك العرب في السودان
    - الابل في السودان
                  

12-29-2009, 04:22 PM

محمد عبدالرحمن
<aمحمد عبدالرحمن
تاريخ التسجيل: 03-15-2004
مجموع المشاركات: 9059

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: في ذكرى (الطيّب محمد الطيّب ) تشُد السماء تسونامي موجها الأزرق. (Re: محمد عبدالرحمن)

    (1)

    شُوْيَم شدَّ قارحو.. تال البعجبو الراوي

    من وَشَل القِبيْل.. غاويها شهّل ناوى

    شاشتْ نفْسو شاقا.. قُرْب العقاب الضاوي

    بشويْش يا الشّبندي.. فُرْقَكْ بحرِّق وشاوي

    (2)

    نعلَّكْ ما حِرِدْ .. من حال وِلاد التابا

    تركوا السَّمْتة بتَّاً.. خمَّدوا التُّقّابة

    الليلة ام نفايل.. هانوها قصُّوا رقابا

    بعد العز قبيل ..عادْ عِدْمت الورتابة

    سِيْد الحق مقمَّح.. جَسَرَنْ عليهو ضِيابة

    البلد المِكُوْفِرْ سِيْدا.. مَكْتول عشوقا صبابة

    ركُّوها وبِقتْ ..مِتْل التكِنّها غابة

    زعلان فُتَّها.. أم حنّتْ عضاك لترابا
                  

12-29-2009, 04:59 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: في ذكرى (الطيّب محمد الطيّب ) تشُد السماء تسونامي موجها الأزرق. (Re: محمد عبدالرحمن)




    في ذكرى (الطيّب محمد الطيّب ) تشُد السماء تسونامي موجها الأزرق (3)



    الأكرم : محمد عبد الرحمن
    تحية طيبة لك وود كثير يلف كتابك الباهر عن تاريخ من أرخ لفرح ود تكتوك حلال المشبوك .

    " التوب العُشاري الباهي زيقو ...
    فرّاج الرُجال وقتين يضيقوا...

    عالي المقام: " الطيب محمد الطيب "

    نفتح وكل الأفاضل والفضليات بيت معمور من بيوت الطيب محمد الطيب ،
    علنا نفي هذا الجبل الشامخ بعض حقه علينا .

    (عدل بواسطة عبدالله الشقليني on 12-29-2009, 05:06 PM)
    (عدل بواسطة عبدالله الشقليني on 12-29-2009, 07:38 PM)

                  

12-29-2009, 06:30 PM

اسعد الريفى
<aاسعد الريفى
تاريخ التسجيل: 01-21-2007
مجموع المشاركات: 6925

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: في ذكرى (الطيّب محمد الطيّب ) تشُد السماء تسونامي موجها الأزرق. (Re: عبدالله الشقليني)

    الاخ عبدالله الشقليني
    تحياتى
    و هكذا قبل عامين رحل شيخ الطيبين
    رحمه الله
    لينساب مداد قلمك ، فما عدنا نملك منهم إلا الذكريات
    و لا يمنحنا إياها إلا أمثالك
    لك خالص ودى
                  

12-29-2009, 06:43 PM

اسعد الريفى
<aاسعد الريفى
تاريخ التسجيل: 01-21-2007
مجموع المشاركات: 6925

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: في ذكرى (الطيّب محمد الطيّب ) تشُد السماء تسونامي موجها الأزرق. (Re: اسعد الريفى)

    وفاة المؤرخ الشعبي السوداني الطيب محمد الطيب
    الخرطوم : اسماعيل ادم
    بعد صراع طويل مع المرض غيب الموت نهار أمس المؤرخ الشعبي السوداني والاعلامي الطيب محمد الطيب عن 67 عاما. وحمل جثمان الفقيد من داره في حي المهندسين بمدينة أم درمان الى مثواه الاخير في مقابر احمد شرفي شمال المدينة الآلاف من سكان العاصمة السودانية والمسؤولون وزعماء الاحزاب، يتقدمهم الرئيس عمر البشير.
    وامضى الفقيد الطيب، الذي يصفه المثقفون والاكاديميون بانه «الذاكرة الشعبية للسودانيين»، اسابيع في المستشفى العسكري بام درمان طريح سرير المرض، قبل ان يداهمه الموت. ويحمل الطيب مهارات عديدة في مجال التاريخ والبحوث ذات الصبغة الشعبية والتراثية والعمل الاعلامي والصحافي. وجاءت شهرته الاولى عبر برنامج اذاعي باسم «صور شعبية» يستضيف فيه المشاهير من قبائل السودان المختلفة حول موضوعات تتعلق بثقافات تلك القبائل، ليعمم ذات البرنامج في التلفزيون السوداني، ويستمر لأكثر من 30 عاما، ويجد قدرا واسعا من الاستماع والمشاهدة.
    وألف الطيب اكثر من 10 كتب في مجال التراث الشعبى والديني في السودان والدول المجاورة، كما كتب عشرات البحوث في تلك المجالات، ومن اشهر مؤلفاته كتاب «الإنداية» وتعني في التراث الشعبي الموروث مكان صناعة وبيع المشروبات الروحية المحلية في السودان، تناول فيه خفايا واسرار «الانداية» وتاريخها. كما الف كتاب «المسيد»، وهو مكان تحفيظ القرآن في السودان، وكلفه اعداد المادة طواف كل ارجاء السودان سيرا على الأقدام وعلى ظهور الحمير والجمال.
    وظلت الدولة السودانية على مر العهود تعتمد الطيب في تنقيح القضايا التراثية والشعبية وما يتعلق بالطرق الصوفية والروايات الشفهية من الاقاصيص التراثية والشعر والغناء من الأقاصي. وظل الطيب يكتب بانتظام في الصحافة السودانية مركزا على القضايا الشعبية والتراثية. ويعتبر من اهم كتاب مجلة «الحياة» (67 ـ 1970).


    عن الشرق الاوسط الاربعـاء 19 محـرم 1428 هـ 7 فبراير 2007 العدد 10298
                  

12-29-2009, 07:51 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: في ذكرى (الطيّب محمد الطيّب ) تشُد السماء تسونامي موجها الأزرق. (Re: اسعد الريفى)

    Quote:
    الاخ عبدالله الشقليني
    تحياتى
    و هكذا قبل عامين رحل شيخ الطيبين
    رحمه الله
    لينساب مداد قلمك ، فما عدنا نملك منهم إلا الذكريات
    و لا يمنحنا إياها إلا أمثالك
    لك خالص ودى



    تحيات زاكيات لأسعد الريفي ،
    فمن أبناء صروح الثقافة ينبت الحديث عن هذا الهرم ،
    قدم منتدى السودان الفكري بأبوظبي ندوة عن الفقيد ،
    سنقوم بتنضيد تلخيص لها ، أقامها قامتي الفلكلور :
    الدكتور إسماعيل الفحيل
    والبروفيسور محمد المهدي بُشرى


    وسنواصل


    *
                  

12-29-2009, 07:26 PM

جمال عنقرة

تاريخ التسجيل: 12-21-2009
مجموع المشاركات: 146

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: في ذكرى (الطيّب محمد الطيّب ) تشُد السماء تسونامي موجها الأزرق. (Re: عبدالله الشقليني)

    الراحل الطيب محمد الطيب كان قامة ثقافية سامقة أعطي لهذا الوطن الكثير.. أبسط ما نقدمه لذكراه أن نعيد طباعة ونشر بعض ما وثق لثقافة هذا الوطن
                  

12-29-2009, 10:08 PM

الوليد محمد الامين
<aالوليد محمد الامين
تاريخ التسجيل: 04-10-2003
مجموع المشاركات: 1447

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: في ذكرى (الطيّب محمد الطيّب ) تشُد السماء تسونامي موجها الأزرق. (Re: جمال عنقرة)

    الأستاذ عبدالله الشقليني

    التحيات النواضر

    له الرحمة الطيب محمد الطيب ،

    الرجل العارف بالله وبأهل السودان .
                  

01-03-2010, 02:39 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: في ذكرى (الطيّب محمد الطيّب ) تشُد السماء تسونامي موجها الأزرق. (Re: الوليد محمد الامين)

    Quote: الأستاذ عبدالله الشقليني

    التحيات النواضر

    له الرحمة الطيب محمد الطيب ،

    الرجل العارف بالله وبأهل السودان .


    الأكرم : الوليد محمد الأمين
    لك من الشكر أجزله وأنت تشترك معناإحياء
    ذكرى رجل من أبناء السودان البررة .
    حصص جل وقته للبحث وتدوين التراث . كان فأراً ينقب
    في كل شيء . أكسبه التنقيب ذاكرة موسوعية .

    قدم التراث على قوالب عصية إلا على أن تُفتَن بها .




                  

12-30-2009, 03:54 AM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: في ذكرى (الطيّب محمد الطيّب ) تشُد السماء تسونامي موجها الأزرق. (Re: جمال عنقرة)

    Quote: الراحل الطيب محمد الطيب كان قامة ثقافية سامقة أعطي لهذا الوطن الكثير.. أبسط ما نقدمه لذكراه أن نعيد طباعة ونشر بعض ما وثق لثقافة هذا الوطن


    الأكرم : جمال عنقرة
    تحية طيبة وحللت أهلاً ومرحباً بك
    في دوحة نحسبها ظليلة بسيرة الباهي زيقو " الطيب محمد الطيب "





    .
                  

12-30-2009, 05:06 AM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: في ذكرى (الطيّب محمد الطيّب ) تشُد السماء تسونامي موجها الأزرق. (Re: عبدالله الشقليني)




    في ذكرى :( الطيب محمد الطيب ) تشُد السماء تُسنامي موجها الأزرق (4)



    الإنداية

    إن سفر "الإنداية" للراحل " الطيب محمد الطيب" كان مدخلاً جسوراً وهو يتلمس الطريق وسط أشواك المجتمع الذي كانت له حياتين من تأثير الثقافات التي هاجرت للسودان . حياة تظهر بالطهر والاستقامة والعفاف ، وأخرى باطنة ، روادها منطلقون على سجاياهم ن يفتحون كوة إلى العقل الباطن.
    لقد انحدر الطيب من بيئة ونشأة دينية ، تستمسك بخلق الدين والتصوف ومسلك المجتمع فيه يقف في الحياة التي تنظر" الإنداية " بعين الريبة والتوجس ، إذ أن المسكرات هي التي يتم التوسل بها في تلك المنتديات ، فيها من الآداب والشعر و مبادئ الكرم والشهامة الشيء الكثير .
    قدم للطبعة الثانية عام 2004 م من " دار عزة " الراحل الدكتور " عون الشريف قاسم " وهو من طرف الحياة والمنهاج الذي يناقض حياة " الإنداية " ، وقد أوضح أن فيها نماذج من البشر تستحق الوقوف عندها من منظوره كمفكر ينتمي للفكر الإسلامي السُني . رأى في سفر "الطيب محمد الطيب" أبواباً مشرعة تدخلك إلى الكثير من آداب المجتمع وتراثه الفني والأدبي .

    درس عون الشريف قاسم النص وقدم له كباحث رأى فيه صوراً صادقة لجوانب من حياة أهل السودان و سارت إلى الاضمحلال من واقع المستجدات التي رأى فيها الدكتور عون " تطوراً " في حين أننا نراها هجمة شرسة من جانب الحياة المُحافظة في معظم شمال السودان وأن هنالك من أغلظ على الإنداية وأهلها ، وانتبذ مُخرجاتها لتضادها من الدين واثر ذلك الدين بطبعته السودانية على المجتمع وجاء عليها المكر السياسي وفرض قوانين سبتمبر عام 1983 م وما سبقها وتلاها من منع وحظر لأماكن الخمور البلدية وغيرها ، فتم تجفيف منابع الجانب الآخر من الحكاية الاجتماعية ومنعها قانون الدولة ، وسلط عليها من يقوم بملاحقة أهلها والقيمين عليها.وانتهى إلى غير رجعة ذلك التسامح بين الحياتين . جاءت ريح عاتية ومحت الطريق الذي يسلكه مرتادي الإنداية ليلاً وفي العطلات من بيوتهم إلى الأماكن البعيدة حيث المنتديات الشعبية ، وتراجعت إلى تاريخ منبوذ . وانتهى التصالح بين المجتمعات التي تآخت فيها الحياة الاجتماعية مع الدين ، ونهض الفكر الذي يدعو لتطبيق الشريعة في كل مناحي الحياة وانتهت المقولة الشعبية :
    ( دة برا ودة برا )

    ونواصل

    *

    (عدل بواسطة عبدالله الشقليني on 12-30-2009, 05:11 AM)
    (عدل بواسطة عبدالله الشقليني on 12-30-2009, 05:26 AM)

                  

12-30-2009, 05:23 AM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: في ذكرى (الطيّب محمد الطيّب ) تشُد السماء تسونامي موجها الأزرق (Re: عبدالله الشقليني)




    في ذكرى (الطيّب محمد الطيّب ) تشُد السماء تسونامي موجها الأزرق (5)




    الإنداية

    بوب " الطيب محمد الطيب " سفره في ثلاثة عشر فصلاً من بعد التقديم والمدخل والشكر ،
    الباب الأول : الإنداية ، المريسة
    الفصل الثاني : صناعة المريسة ، التسويق والإعلان ، البيع والحساب ، النصيحة ، التايات والشيخة
    الفصل الثالث : مروي ، سكر الفقراء ، مجلس اللوم ، يوم الفرح ، المريسة في المهدية ومجلس الإنداية .
    الفصل الرابع : مريسة الرباطاب
    الفصل الخامس : المناصير
    الفصل السادس : النوبة
    الفصل السابع : الجعليين ، سوق الدامر والفتوة .
    الفصل الثامن : مريسة العرب ، القعدة ، ملكة الجمال ويوم المريسة .
    الفصل التاسع : المريسة في كردفان ، الحَمَر، البقارة و البرامكة
    الفصل العاشر :المريسة في دارفور .
    الفصل الحادي عشر : الكيري
    الفصل الثاني عشر : شجار الشيخات والنبذ
    الفصل الثالث عشر : القوز ، سيد موسى ، نعم العنا ، التاية ، المريسة ، العسلية ، ماهو عارف ورقو المفارق ، برد اليل ، دوباي ، العديل والزين ،توبة ، راية الحانة ، الدرفس ، المريسة في رأي الشيخ ط فرح ود تكتوك "
    الخاتمة
    المصادر
    انتهى
    *
    ونواصل

    .

    (عدل بواسطة عبدالله الشقليني on 12-30-2009, 07:06 AM)

                  

12-30-2009, 07:48 AM

جمال عنقرة

تاريخ التسجيل: 12-21-2009
مجموع المشاركات: 146

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: في ذكرى (الطيّب محمد الطيّب ) تشُد السماء تسونامي موجها الأزرق (Re: عبدالله الشقليني)

    لقد فتحت أخي عبدالله باباً جميلاً ما أحوجنا إليه، باب الوفاء لأهل العطاء. وما أجمل عطاء الراحل المقيم الطيب محمد الطيب، نرجو أن يكون امتداد عطائه فضلاً عما أشرنا له من توثيق ونشر لإصداراته، وإعادة بث لبرامجه التي كان يقدمها في الوسائط الإعلامية المختلفة، أن يحذو حذوه أهل العلم والدراية بمجاله، مثل صديقنا الدكتور إبراهيم البزعي
                  

12-31-2009, 04:57 AM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: في ذكرى (الطيّب محمد الطيّب ) تشُد السماء تسونامي موجها الأزرق (Re: جمال عنقرة)




    في ذكرى (الطيّب محمد الطيّب ) تشُد السماء تسونامي موجها الأزرق (6)



    Quote:
    لقد فتحت أخي عبدالله باباً جميلاً ما أحوجنا إليه، باب الوفاء لأهل العطاء. وما أجمل عطاء الراحل المقيم الطيب محمد الطيب، نرجو أن يكون امتداد عطائه فضلاً عما أشرنا له من توثيق ونشر لإصداراته، وإعادة بث لبرامجه التي كان يقدمها في الوسائط الإعلامية المختلفة، أن يحذو حذوه أهل العلم والدراية بمجاله، مثل صديقنا الدكتور إبراهيم البزعي


    الأكرم : جمال عنقره
    لن نفي الأستاذ : ط الطيب محمد الطيب " حقه من التكريم ، وقد كرمته الدولة في كل زمان ، ليس من باب تكريم الرجل ن بل من باب أن التكريم للطيب جائزة يتسابق عليها
    القادة وذوي الشأن .لقد مرّ أمر عظيم على البلاد ن وتقلبت في الجفوة وغلو الأيديولوجيات فأثمر الحنظل من عدم التسامُح . فكان الطيب دواة ذلك الغلو . نهل من معين الوطن الثري ولقاح ثقافاته . بيّن عمقها الدفين وثراء كنوزها وطيبة الأهل . فقد كان للسودان وأهله جميعاً حضارات تكالبت عليها الأمم الغازية ، فقاوم أهلها ثم هاجر منهم من هاجر ، ومثالاً لذلك هجرة ط نوبة " الشمال إلى جنوب " كردفان " . وقد بينت آثار النوبة العلاقة بين نوبة الشمال ونوبة الجنوب ، وإلى التقاء اللغة مفتاح هذا التاريخ الذي طمره التراب ، وىن لنا ان نبحث فيه لنعرف أنفسنا .
    شكراً لك وأتمنى مساهمة الجميع في إحياء ذكرى هذا العملاق .


    ونواصل
    *
                  

12-31-2009, 12:06 PM

ابو جهينة
<aابو جهينة
تاريخ التسجيل: 05-20-2003
مجموع المشاركات: 22492

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: في ذكرى (الطيّب محمد الطيّب ) تشُد السماء تسونامي موجها الأزرق (Re: عبدالله الشقليني)

    عزيزنا الشقليني

    تحية و تقدير

    ألا رحم الله هذا الراحل المقيم في الوجدان
    جاورناه في بري اللاماب
    كنا لا نكل و لا نمل من ونسته الثرة
    كان صديقا لوالدي رحمهما الله جميعا
    كان يسأل والدي بلا توقف بينما هو يدلق عليه زخات من معلومات من كل أنحاء السودان


    حاضرٌ هو في كل مقام . انحنت له قامات التكريم ، ففضله هو السابق . كان من أفضل القيمين على عرض وتقديم التنوع الثقافي من الموروث . قريب من علوم الأنثروبولوجيا وصديق للفلكلور . انتمى للمؤسسات الأكاديمية متعاوناً ، أخذ منها حرفة التوثيق وصناعة المباحث ، وقدم لها كنوزه وحفره في الموروث الثقافي لأهلنا الطيبين . تقرب من زرعهم وشرب من حليب ضروع مواشيهم بما تيسر له من حضور . زار الخلاوي في معظم دول إفريقيا و آسيا ، وقدم الكثير من البرامج التلفزيونية والإذاعية ، ولا ندري هل تم حفظ المستندات رقمياً في مكتبة تلفزيون السودان بأم درمان أم ضاع كما ضاعت جواهر ، ليس من سبيل لإعادتها إلى الحياة . لدى الطيب أسفار كثيرة ومراجع أهمها " الإنداية " و " المسيد " .


    دمتم عبدالله
                  

01-04-2010, 08:56 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: في ذكرى (الطيّب محمد الطيّب ) تشُد السماء تسونامي موجها الأزرق (Re: ابو جهينة)

    Quote: عزيزنا الشقليني

    تحية و تقدير

    ألا رحم الله هذا الراحل المقيم في الوجدان
    جاورناه في بري اللاماب
    كنا لا نكل و لا نمل من ونسته الثرة
    كان صديقا لوالدي رحمهما الله جميعا
    كان يسأل والدي بلا توقف بينما هو يدلق عليه زخات من معلومات من كل أنحاء السودان


    الحبيب أبو جهينة
    كل سنة وأنت طيب

    يحق لمن قدم لشعوب السودان كل الخير ، خصماً من وقته الخاص ، وهو الذي باع
    كل الخاص وأمسك بالعام ، فصار في زمن من الأزمان : كنز سوداني يعتز به أهلنا
    في كل اصقاع السودان . يستحق هذا الباسق الشامخ كثير من التكريم وذلك
    ايسر ما نستطيع .
    شكراً لك ونأمل من الجميع أن يسهموا .



    *
                  

12-31-2009, 04:30 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: في ذكرى (الطيّب محمد الطيّب ) تشُد السماء تسونامي موجها الأزرق (Re: عبدالله الشقليني)

    ننقل من صحيفة الصحافة الألكترونية ملفاً عن الراحل الطيب محمد الطيب :


    http://74.125.153.132/search?q=cache:kSXvYc7wvUYJ:www.a...&hl=ar&ct=clnk&gl=ae


    Quote: جلسة مؤانسة مع أسرة الطيب محمد الطيب
    زوجته: أنا أول من يقرأ ما يكتب.. وناقده الأول!
    ما أن يذكر اسم الطيب محمد الطيب الا ويرد الى الذاكرة السودانية اسم برنامجه التلفزيوني الشهير: صور شعبية، الذي كان يقدمه في تلفزيون السودان طيلة عقدي السبعينيات والثمانينيات من القرن المنصرم. ولكن الذاكرة الثقافية العامة تحتفظ له في مكان ما بإبداعات باذخة في مجال التأليف الكتابي من شاكلة كتاب الإنداية، المسيد، الشيخ فرح ود تكتوك، وعشرات المقالات والبحوث والأوراق العلمية والمحاضرات الشفاهية في كثير من المنابر.
    في مايو الماضي رحل الرجل مخلفاً العديد من المشاريع الثقافية البحثية التي اكتملت ملامحها الأولية وتلك التي ما زالت في ذهنه يخطط لها بهدوئه ورزانته المعهودة إلا إن القدر شاء أن يفارق الطيب الحياة وفي ذهنه الوقاد العديد من المشروعات التي لم تكتمل، ولكن حسن الحظ وتصريفات الاقدار الطيبة ارادت الا يمضي الرجل الا وقد خلّف ثمرات من كده الذهني، فترك الطيب مجموعة من المخطوطات التي تنتظر دورها في ان تعانق احرفها ما كينات الطباعة الهدارات، لتخرج الى الناس علماً ينتفع به. من هذه المخطوطات: بيت البكا، ذاكرة قرية، والإبل في السودان.
    الآن وقد مضت شهور على رحيله منذ مايو الماضي، رأت (الصحافة) ان تسجل زيارة لأسرته بمنزلها العامر الكائن بحي المهندسين بام درمان، لتتعرّف أكثر على الراحل من زوايا اخرى غير معروفة للناس، ومن خلال حديث مباشر مع افراد اسرته فكانت الحصيلة وافرة، وكان اللقاء، على مائدة فطور رمضاني، عامر وحميم مع افراد الاسرة المكوّنة من زوجة الراحل الحاجة فاطمة ذا النون، وبناته اللائى تخرجن من الجامعات في مختلف التخصصات العلمية والادبية، اضافة لابن اخيه وزوج إحدى بناته العميد مأمون الطاهر بفرع القضاء العسكري.
    مرض البنات بدون سبب!
    تركنا الجميع يتداعى ويتحدث على سجيته في حضرة ذكرى الراحل الطيبة فكان حديثاً عفوياً وتلقائياً من القلب بدون تذويق او محسنات بديعية.. وكانت ضربة البداية مع زوجته الحاجة فاطمة ذا النون عمر التي بادرتنا بحديث حول اسفاره الكثيرة في شتى البقاع. تقول إن سفره الكثير الى شتى بقاع السودان كان كثيراً للدرجة التي تعودنا على غيابه وتعودنا ان يكون مسافرا. بناتو في البداية كانن بمرضن بدون سبب واضح ولمن نوديهن الطبيب يقول ما عندهن حاجة..
    * حاجة نفسية كدة!
    وتواصل: الطيب احياناً بكون مسافر سنة كاملة.. بعيد من البيت. لكن نحن اتعودنا على غيابه. وسبحان الله أنا هسي حاسة، بعد وفاته، زي الكأنو الطيب في سفر! ما مات زي المسافر في سفره وبجي بعد شوية.. حا يرجع قريب. سبحان الله!
    وتمضي الحاجة فاطمة مع الذكريات الى جانب آخر من الحديث لتذكر أنه: «في فترة كان بقدّم برنامج صور شعبية لايف وما كان في تسجيل في الفترة دي كان بقول لي شوفي البرنامج ووريني المشاكل والاخطاء وين. أقوم أشوف البرنامج وانقده ليه. صديقه عبدالوهاب موسى رحمه الله بقول ليه يا الطيب انت اكتر ناقد ليك منو؟ يقوم الطيب يقول ليه: فاطمة زوجتي دي! تضحك.
    بخصوص كتبه ومؤلفاته العديدة تقول إن لها ذكريات مع العديد من كتبه خصوصاً كتاب الإنداية الذي راجعته أكثر من أربع مرات عند الانتهاء من كتابته تقول زوجته: كنت أراجع معه كل ما يكتب، ولمّن عمل كتاب المسيد سافرت معاه إلى السعودية وهناك مشينا الخلاوى والمسايد في الرياض وجدة وغيرها ولكن لمن قرر يمشي اليمن لاكمال البحث عدت أنا إلى السودان لمتابعة أمور حياة بناتي في السودان فقد كانت الامتحانات على الأبواب.
    يفكر ويتكلّم
    تلتقط منى الطيب محمد الطيب- خريجة جامعة ام درمان الأهلية قسم ادارة الأعمال (متزوّجة) الحديث من فم امها مباشرة كأنما كانت تنتظر الفرصة للحديث عن والدها، فتبتدر الحديث وتصفه بأنه هادئ وليس اباً صعباً مثل الآباء الآخرين وهو يقتنع بسهولة ومهما كبرت المشكلة لا يهيج أو ينفعل وبهدوء يحاول فهم المشكلة ليحاول حلها.
    سألناها إن كان قد تدخّل في تحديد رغبتها بأن تدرس إدارة الأعمال فقالت: بالنسبة لي في الدراسة كانت رغبتي في البداية انو ادخل كلية الموسيقى فذهب معي إلى الكلية، بغرض التقديم، وكنت في تلك الفترة أهوى عزف عدد من الآلات من بينها الأورج والبيانو، إلا أنني غيّرت رأيي وعدلت عن دراسة الموسيقى وقررت أدرس إدارة الأعمال. فوافقني على الفور، ولم يعارض رغبتي فذهب معي ايضا الى الجامعة لأدرس في هذه الكلية التي تخرّجت منها.
    وتواصل الحديث منتقلة إلى جانب آخر: أسفاره كانت كتيرة في سنة ثلاثة وتسعين على ما اذكر كان غائباً عن البيت لمدة سنة كاملة.. لكن نحن اعتدنا على ذلك وليس ثمة تأثير سلبي لغيابه الكتير لأنه بمجرّد عودته إلى البيت يعوض هذا الغياب الطويل علينا بجو حميم ملئ بالعاطفة الأبوية والحنية.
    وتنتقل منى إلى جانب حميم في علاقتها مع أبيها: انا كنت صغيرة وكنت بنوم معاه في السرير، وفي تلك الفترة كنت مصابة بأزمة، فكان يساهر معاي وامي تكون نايمة ويذهب معي ليلا الى المستشفى، بينما الجميع نائمون. هذه الفترة لا يمكن نسيانها!
    ابي له نظرة بعيدة للأشياء وللمستقبل وله تصور، ما ومن طبيعته ان يفكر ويتكلم في آن معاً.
    شم الهدوم.. تعويض الغياب!
    نهلة الطيب ابنته الكبرى تستلم دفة الحديث من اختها منى:
    منذ أن دخلت المدرسة وبقيت مدركة للحاجات بلقاه دايما مسافر.. في حالة سفر دايمة، لدرجة اني لمن امشي لبنات صاحباتي في بيوتهم والقى ابوهم قاعد في البيت كنت بستغرب شديد! فقد توطن في ذهني انو الآباء دائما في سفر.. فكنت استغرب من كيف ابوهم قاعد في البيت!
    لمن يكون مسافر واشتاق ليه بقوم اشم هدومه او مخدته وبعد داك بكون مقتنعة خلاص. انا عندي اماكن كتيرة مرتبطة لي بالريحة ريحة القطر وهو داخل عطبرة مثلاً. ما كان عندي قصة اشيل صورة وكدة بشم الريحة وخلاص.
    سألتها إن كانت قد قرأت شيئاً من كتب ابوها فأجابت باندهاش يشوبه استنكار: طبعاً اكيد قريت كل كتبه، بالذات كتاب الإنداية. أما المقالات الكان بنشرها في الصحف فكنت بقراها منذ أن كنت في المرحلة الإبتدائية، وأثناء ما هو موصلني المدرسة، بطالبني اقرا ليه المقال، بصوت مسموع، وبعد داك بصحح لي نطقي وقرايتي.. قلت لها ما شعورك وانت ابنة الطيب محمد الطيب في تلك الفترة الباكرة من حياتك المدرسية؟ هل تحسست ابداً من ارتباط اسمك بشخص مشهور مثله؟ فأجابت على الفور، كأنها كانت تنتظر مثل هذا السؤال: أي مدرسة أمشيها بكون معروفة لما أقول اسمى كاملاً ومحل ما امشي في الجامعة او غيرها، لكن في بعض الاحيان كنت بقول اسمي ناقص مخصوص عشان ما يعرفوني باسم ابوي! لكن مع مرور الزمن بقت حاجة عادية. وعموماً كنت بحب الناس تعرفني انا لشخصي وما مرتبطة باسم مشهور، لكن هسي المسألة بقت عادية وشرف انو الزول يكون ابن للطيب.
    سألتها إن كانت قد سافرت معه في رحلة من رحلاته الكثيرة في السودان فقالت :
    سافرت معاه المغاوير غرب شندي، كان عندهم تصوير لبرنامج صور شعبية ودة في عام ستة وتمانين، اذكر كان تصوير لزواج على الطريقة التقليدية، وهو زواج عبد الحكم طيفور، كان فيه غناية اسمها حميرا بتغني بالشتم ومعاها واحد اسمو الدودو.. عرس زمان فيه جلد بالسوط بطان يعني. مشيناً طبعاً بحافلة التلفزيون ولم يكن وقتها الطريق مسفلتا وفي حتة كدة الحافلة اتعطلت ركبنا القطر لشندي ومن شندي بالبنطون وبعد داك ركبنا لوري وصلنا بعد معاناة شديدة، غايتو رحلة كانت قاسية شديد، وفي الرجعة رجعنا ببص نيسان. من ارهاق الرحلة الشديد رقدت في البيت اكتر من تلاتة أيام وسنوني كانت بتنزف دم! كانت رحلة شاقة جداً وما عارفة الوداني معاه شنو! لكنها، على أي حال، كانت تجربة مفيدة عرفت ناس أول مرة اشوفهم وشاهدت طريقة غريبة في العرس، اذكر اسم ام العريس اسم غريب شديد: الغتيم. لكنها مرا كانت ظريفة خلاص.
    بنونة وتميز الاسم:
    بنونة هذا الاسم الذي يدفع الى الذاكرة مباشرة اسم ابنة المك نمر مك الجعليين في شندي، هو اسم اختاره الطيب، بعناية خاصة ليكون اسما لاحدى بناته. وعندما جلست إليها للحديث عن والدها اكتفت بالقول إن حديث اخواتها يكفي، ففاجأتها بالقول: هل حبيتي اسمك دة؟ ولا العكس؟ فقالت مباشرة:
    حبيت اسمي لانو مميز وارتبط بالطيب وحبيتو أكتر حقيقة بعد ما مات! أنا بالنسبة لي كل شيء مرتبط به راسخ جداً جواي اصحابو مثلاً بعرفوني كلهم حتى الما شافني بعرف انو الطيب عندو بت اسمها: بنونة. علاقتي بيه من دون ناس البيت كانت مميزة جداً. كنا نتشاكل ونتصالح. مشاكلنا كانت يومياً في المصاريف والتوصيل إلى المدرسة والعشاء بالليل. فكنت عند موعد وجبة العشاء أقول لهم الليلة العشاء شنو؟ يقوم الطيب قول لي ساخراً: كستليتة! جيبوا الفول دة هنا! وهو نفسه ما كان بياكل كتير. كان بكتفي بالشيء الموجود في البيت رغيف وموية مثلاً بكتفي بيه،
    بتاع المسلسل زول فارغ
    سألتها إن كانت قد سافرت معه في أي رحلة فقالت: سافرت معاه البجراوية والمصورات وحجر العسل. كان عنده تصوير هناك لبرنامج صور شعبية. وكانت رحلة شاقة. مشينا شلال السبلوقة وكنت بحضر محاضراته كلها وقريت من كتبه المسيد والإنداية وبيت البكا.
    فقلت لها: هل تذكرين له موقفاً طريفاً فاندفعت الى القول: طبعاً بذكر ليه مواقف طريفة كتيرة في البيت مع مهيرة اختي بالذات في فترة الصباح الباكر وهي ماشة المدرسة وفي الوكت داك هو بكون عاوز يصلي الصبح، واذكر انو كان مهيرة تقوم تبخ ريحة قبل ما تمرق من البيت، وفي الأثناء دا بسمعو يقول ليها: يا بت ما تختي ريحة، تقوم تقول ليه: يا ابوي دا مزيل. يقوم يقول ليها: طيب ما تختي مزيل يا سيد مزيل. ومن اليوم داك سماها سيد مزيل. تضحك. ثم تواصل الحديث حول طبيعة والدها فتقول: هو طبيعتو تلقائية وعفوي وتصرفاته كلها كده. ونحن إزاء هذه العفوية نقوم نضحك. هو ما بقصد يضحك لكن دي طبيعتو: عفوي وتلقائي. من مواهبه التقليد ومحاكاة الناس. وبالنسبة للطيب أي زول بحضر المسلسل في التلفزيون دا زول سخيف وفارغ! هو كان بشوف الاخبار والكورة الجزيرة. الرادي ما كان بفارقه اطلاقاً كان بيستمع لتفسير القرآن الكريم للبروفيسور الراحل عبد الله الطيب.




    *
                  

01-02-2010, 07:18 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: في ذكرى (الطيّب محمد الطيّب ) تشُد السماء تسونامي موجها الأزرق (Re: عبدالله الشقليني)




    في ذكرى (الطيّب محمد الطيّب ) تشُد السماء تسونامي موجها الأزرق (7)



    كان " الطيب " ناثراً حلو الحديث . باحث له جاذبية أهلنا الأحباء من كبار السن . الذين يعرفون الدُنيا حق عرفانها . مشت قدماه حافية في سجادة التُراث ، فبسطت له الصدور حُضنها ، والنفوس محبتها ، فنزل منزلة لم تتيسر لمن سبقه . كان حفياً باللغة وبالأغنية وبالشعر وبالرقصات وبالمسيد وبالإنداية . وجمع ما لا تُحسن ألأيديولوجيات جمعه . فمشى بغُرة مُضيئة قربته لأهلنا في الأرياف . فسحرهم حلاوة حديثه .فهو من سلالة أهلنا الذين نشئوا تحت شجرة المتصوفة الظليلة وسيرتهم الطيبة بين الناس . فكان على وجهه وضاءتهم ، وفي مسلكه تسامحهم . وفي درب المعارف كان فرسه فارداً ، لم ينازعه مملكة التُراث باحث ، فغلبت كنوز معارفه المباحث .


    *
                  

01-05-2010, 00:25 AM

حمزه بابكر الكوبي
<aحمزه بابكر الكوبي
تاريخ التسجيل: 04-13-2009
مجموع المشاركات: 2121

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: في ذكرى (الطيّب محمد الطيّب ) تشُد السماء تسونامي موجها الأزرق (Re: عبدالله الشقليني)

    الحبيب عبدالله الشقليني كل عام وانت بخير ولك التحايا النواضر
    عودتنا دائما على الابداع والتوثيق لرموز السودان
    الطيب محمد الطيب بلاشك واحد من القامات الوطنيه التي افتقدناها
    قرأت له كتابين (المسيد - الاندايه) اضافه الي متابعاتي لبرنامجه
    صور شعبيه بالتلفزيون ....واصل في التوثيق ونحن متابعون
                  

01-05-2010, 06:43 AM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: في ذكرى (الطيّب محمد الطيّب ) تشُد السماء تسونامي موجها الأزرق (Re: حمزه بابكر الكوبي)

    Quote: الحبيب عبدالله الشقليني كل عام وانت بخير ولك التحايا النواضر
    عودتنا دائما على الابداع والتوثيق لرموز السودان
    الطيب محمد الطيب بلاشك واحد من القامات الوطنيه التي افتقدناها
    قرأت له كتابين (المسيد - الاندايه) اضافه الي متابعاتي لبرنامجه
    صور شعبيه بالتلفزيون ....واصل في التوثيق ونحن متابعون

    الأكرم " سمح القول " : الحبيب حمزة بابكر الكوبي

    في كل مفترق طرق ، نجد أن بين أيدينا أبطالا لم نكُن نعرفهم بالقدر الكافي . سخروا كل ما يملكون لخدمة وطنهم .
    تقلبوا في كل العصور ، كان همهم توثيق التراث . وكان سيدنا " الطيب " واحداً منهم . غلبهم أهل السلطان الذين اتخذوا من الوطن مطية لخدمة أهدافهم الصغيرة . فشعبنا أنجب مثل هذا العملاق ، وقدم لنا كل الخير ، ويبقى لنا السيرة والوفاء .
    تحية لك وأنت بيننا .
                  

01-06-2010, 12:00 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: في ذكرى (الطيّب محمد الطيّب ) تشُد السماء تسونامي موجها الأزرق (Re: عبدالله الشقليني)




    في ذكرى (الطيّب محمد الطيّب ) تشُد السماء تسونامي موجها الأزرق (8)



    الإنداية

    زار الأستاذ الطيب في العام 1967 م كبوشية باحثاً عن راوية ، وعلم أنه " في الإنداية " فحكى :
    وكدت أرجع عدة مرات وتغلبت على مشاعري وبعد نزاع طويل أعانني عليه فضولي الفطري ، واقتحمت الإنداية . التقيت بمحدثي فكان يتوسط الجماعة / منطلق الأسارير على غير العادة . روى لي الشيخ كل ما سألته بطلاقة وسماحة نفس . وزرت راوية آخر يدعى كمبال يسكن في قرية المكنية ، فعلمت أيضاً أنه قد ذهب الإنداية .
    كان هذا أول عهدي بالإنداية ثم طفقت أطوف على أقاليم السودان المختلفة بغرض جمع المواد " الفلكلورية " من أفواه الرواة مباشرة . وفي أكتوبر 1968 م زرت الجزيرة وسالت عن عم " رابح " وذكرت لي زوجته وبلهجة عادية أن عمك في الإنداية ، وذهبت ووجدته في الإنداية على أطراف المدينة ووجدته مع جماعة يشربون " المريسة " ويترنمون بالغناء ، واتفق أن ذهبت الكاملين بغية لقاء المطرب " ادفريني " وعلمت من أهله أنه يسكن في إنداية الحاجة . ودخلت عليه في الإنداية فوجدت مجلسه يضج بالصخب وكانوا يتعاورون ضرباً من الغناء الخشن .
    تلك نماذج من أن الأستاذ " الطيب محمد الطيب " كان يهدف أول أمره ملاحقة النماذج الفلكلورية ، ومن هنا بدأ الفضول وبدأ المبحث في الإنداية ، إذ هي مصدر من مصادر التراث الغني بالآداب والغناء والإنشاد والدوباي والأشعار مع الرقص وآداب القص والأحاجي .

    *
                  

01-07-2010, 11:20 AM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: في ذكرى (الطيّب محمد الطيّب ) تشُد السماء تسونامي موجها الأزرق (Re: عبدالله الشقليني)

    ونواصل
                  

01-10-2010, 07:44 AM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: في ذكرى (الطيّب محمد الطيّب ) تشُد السماء تسونامي موجها الأزرق (Re: عبدالله الشقليني)




    في ذكرى (الطيّب محمد الطيّب ) تشُد السماء تسونامي موجها الأزرق (9)


    الطيب والأمل في مراجعة التاريخ المُدون :

    راقبت حلقة أقامها الطيب محمد الطيب في مسقط رأس " الزبير باشا رحمه " . رغم اللقط الكثير والأقاصيص التي حيكت عن حياته ، حروبه في دارفور والجنوب ، وأنه قد كان المُرشح لسلطنة دار فور ، بل كانت حروبه في غرب السودان وجنوبه منذ أيام التركية . وكيف أن الخليفة عبدالله ود تورشين قد توسم فيه المهدوية قبل ما صار من المهدي والمهدية ، فرفضها مُعنفاً عبد الله ود تورشين .
    تجد الحلقة التلفزيونية تُظهر أن سيرته في قريته : كان شيخاً ورعاً ، وكان ينسخ القرآن وهو صائم ، وتلك من عادات أهل السودان الغربي . كانت هنالك سيدة عجوز ، عرف أن اسمها " الزبير " تيمناً بسيرة الزبير باشا .
    وطرح جملة رجاءات أن يقوم المؤرخون من دراسة التاريخ بإنصاف ، وتقييم كل سيرة الرجل ، وكل قصصه في الحياة وفي الحروب التي خاضها وفي الحياة الخفية التي لفت قصة حياته .



    *
                  

01-10-2010, 09:25 AM

maia

تاريخ التسجيل: 03-05-2002
مجموع المشاركات: 2613

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: في ذكرى (الطيّب محمد الطيّب ) تشُد السماء تسونامي موجها الأزرق (Re: عبدالله الشقليني)

    رحم الله الاستاذ الطيب محمد الطيب هذا الانسان السوداني الموغل في الانتماء لتفاصيل السودان الجميلة
    ما زال برنامج صور شعبية الذي شكل وجدان غالبية الشعب السوداني يعيش في الذاكرة بشكل جميل

    رحمه الله وما احوج شعبنا ان توثق لهؤلاء الناس الذين اثروا حياتهم
                  

01-12-2010, 06:09 AM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: في ذكرى (الطيّب محمد الطيّب ) تشُد السماء تسونامي موجها الأزرق (Re: maia)

    بنان الخير .. كتب هُنا

    تحية لكِ مياء
                  

01-12-2010, 01:08 PM

Mohamed Abdelgaleel
<aMohamed Abdelgaleel
تاريخ التسجيل: 07-05-2005
مجموع المشاركات: 10415

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: في ذكرى (الطيّب محمد الطيّب ) تشُد السماء تسونامي موجها الأزرق (Re: عبدالله الشقليني)

    رحم الله الأستاذ الطيب محمد الطيب
    وخضر قلمك يا أستاذ عبدالله الشقليني

    أتابع كل ما تكتب بفرح وفائدة كثيرة
    لا مقطوعة ولا ممنوعة
                  

03-13-2010, 03:34 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: في ذكرى (الطيّب محمد الطيّب ) تشُد السماء تسونامي موجها الأزرق (Re: عبدالله الشقليني)




    منتدى السودان الفكري في نادي السودان بأبوظبي
    يُحي ذكرى الطيب محمد الطيب في 23/ 03 / 07



    أفرد منتدى السودان الفكري مساء الجمعة 23/03 / 2007 م
    محاضرة عن فقيد الوطن الراحل ( الطيب محمد الطيب ) بالنادي السوداني الاجتماعي في أبو ظبي .
    استضاف المنتدى :
    1. الدكتور / إسماعيل علي الفحيل ( الباحث في علم الفلكلور )
    2. الدكتور / محمد المهدي بُشرى ( الباحث في علم الفلكلور )

    وأدار الجلسة مع التقديم :
    الأستاذ : آدم موسى محمد أحمد

    تناثر الطيب وتخلَّق بشراً ، وعلى القاعة الكُبرى بالنادي السوداني في أبو ظبي جلس الحضور جميعاً. من حول طاولة المنصة جلس الدكتور / محمد المهدي بُشرى ، والدكتور / إسماعيل علي الفحيل ، فقد رافقا المُحتفى به
    ( الطيب محمد الطيب ) زماناً خلال مشروع الراحل للتوثيق لثقافة أهل السودان .

    قدم للمُحاضرة التي اشتركا خُبزها الدسِم الأستاذ والباحث :

    آدم موسى محمد أحمد ، تحدث هو عن السيرة الذاتية للراحل الطيب محمد الطيب ، أصله ، أعماله وأسفاره التي كتب .

    تحدث الباحثان عن الطيب محمد الطيب ، إذ زاملاه العمل في مرحلة من مراحل حياته ، تحدثا عن شخصه وأعماله وأسفاره ورؤيته وهمومه من أجل ثقافة أهل السودان . تحدثا عن تفرد الطيب محمد الطيب في النهل من المنابع . كان الراحل طيباً حمل المحبة إبريقاً ، يُغتسل من سلسبيله من صحوته إلى منامه . غزا أهلنا غزو الخير في عُموم الأصقاع وانتـزع المحبة من مكنون مشاعرهم فأحبوه أينما حلَّ عليهم . صعد أعالي أبراجهم الثقافية التي لم نكُن نعرف : عاداتهم ، سيرهم وثقافتهم التي لم تُدونها الأسفار . كان صديقه الرحيل إلى المنابع ومُعاشرة الأهل والأحباب من جميع أطراف الوطن ، بل سافر خارج الوطن وطاف شمال إفريقيا و وسطها و غربها . طاف دولها واحدة إثر أخرى ، كاشفاً التُراب عن كنوز أهل وطننا ، ولمس منابع أنسابهم الثقافية وعروق كنوزها المدفونة والمنثورة . ترصد منشأها ، ورحيل الأوائل عندما كانت الأرض تتسع للجميع من أطراف الدنيا ، ثم كتب أسفاره واحداً يردُف شقيقه .

    نقل لنا الباحثان الوجه النيِّر الذي لا يعرفه الكثيرون منا عن الراحل الطيب محمد الطيب ، وسنعود لذلك إن تيسر .

    قدم المنتدى الفكري استهلالاً مكتوباً للأضياف الحضور مصحوباً بصورته
    المُنتقاة من الواجهة إلكترونية لمنتدى السودان الفكري :
    سودان اسبريت دوت كوم



    الرابط مدونة سودان رأي



    http://sudaniyat.org/archive3/showthread.php?t=5186



    *
                  

03-13-2010, 10:08 PM

Ahmed Abushouk

تاريخ التسجيل: 12-08-2005
مجموع المشاركات: 344

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: في ذكرى (الطيّب محمد الطيّب ) تشُد السماء تسونامي موجها الأزرق (Re: عبدالله الشقليني)

    الأستاذ الطيب محمد الطيب
    يا دوحةَ عطاءٍ ماكثٍ في الأرضِ بما ينفعُ الناسَ

    أحمد إبراهيم أبوشوك

    مضت سبع سنوات عجاف من عمر الألفية الثالثة، وكان حصادها خصماً على قائمة الأدباء والمبدعين في بلادي، إذ فقدَ السودان خلالها ثلة خيِّرة من سدنة تراثه الشعبي، أسهمت في جمع مفرداته، وتوثيقها، ودراستها، وعرضها على الأهلين مقروءةً ومسموعةً ومرئيةً. ومن أولئك النفر الخيِّر البروفسير عبد الله الطيب المجذوب الذي رحل عنا في التاسع عشر من يونيو 2003م، والبروفسير محمد إبراهيم أبوسليم الذي غيبه الردى في السابع من فبراير 2004م، والشاعر عمر الحسين محمد خير الذي مات كما مات الجاحظ وسط كتبه وأوراقه ومراجعه في الفاتح من يونيو 2005م، والعلامة البروفسير عون الشريف قاسم الذي شد عصا الترحال إلى دار الخلود في العشرين من يناير 2006م.
    وقبل أن تندمل جراحات الأدب الشعبي المكلوم وتكفكف دموع صوره الشعبية، ها نحن نودع الأستاذ الطيب محمد الطيب الذي كان هودجاً جامعاً لتراث الحضر والريف، وواسطة عقد بين الذين احترفوا دراسة التراث الشعبي صنعةً وبين أولئك الذين كانوا يروونه سليقةً. لقد حدثت وفاته في السادس من فبراير 2007م، أي في موسم حصاد الفول بقرية "أم غدي وزمان الهرج" في السودان كما يرى صديقه الدكتور عبد الله علي إبراهيم، حيث "أن العُصب المسلحة ظلت تأخذ بخناق الوطن، وأن الشركاء متماسكون الحِززّ في جوبا، أو مدلون بدلوهم بزخات الرصاص في أركان النقاش الجامعية، ورائحة السحت تزكم الأنوف وتكسر خاطر الناس." وفي هذا الزمن البخس توفي الأستاذ الطيب محمد الطيب، وكان الدكتور عبد الله علي إبراهيم يخشى أن يتحول رثاؤه إلى هامش في صراع السلطة بين الإنقاذ وخصومها، ولكن بفضل تقريضه وتقريض الأوفياء من أمثاله - وأذكر منهم مرتضى الغالي، ومنصور عبد الله المفتاح، وبكري الصائغ، والكيِّك، ورباح الصادق المهدي، وكمال الجزولي، وعصمت العالم، وحيدر المكاشفي، ومحمد محمد خير، ومحمد سعيد محمد الحسن، والقائمة تطول- تحول مأتم الأستاذ الطيب محمد الطيب وليالي عزائه في السودان وعبر الأثير إلى ساحة إطراء أدبي يتبارى فيها الذين عرفوه عن كثب، وأوفوا الكيل والميزان في سرد محاسنه، وأولئك الذين أعجبوا بأسهامه التراثي السابل، وأرادوا أن يسجلوا له كلمة عرفان تثمِّن عطاءه الماكث في الإرض بما ينفع الناس.

    الطيب ورحلة الكسب والعطاء:
    وُلِدَ الطيب في أسرة كان ديدنها الترحال في طلب العلم، حيث هاجر أصولها قديماً إلى قرية نوري بريفي مروي، تلك القرية التي كانت تعج بخلاوى القرآن وارتال طلاب العلم، واستقروا بها فترةً من الزمن، امتدت إلى ميلاد الجد الثاني للطيب، الفكي أحمد أبو القاسم من أم شايقية، وبعدها عادت الأسرة إلى وطنها الأم بالمقرن ريفي الدامر، حيث تزوج محمد الطيب حفيد الفكي أحمد أبو القاسم من حبوبة بنت علي محمد شبر من العكد الكبوشاب، وأنجب منها الطيب عام 1934م، وبعد ميلاد الطيب تواتر عقائق أخوته الصغار ذكوراً وإناثاً إلى أن بلغت ثلاث عشرة عقيقةً.

    بدأ الصبي الطيب حياته العلمية بخلوة المقرن حيث حَفِظ القرآن، وبعدها درس الكُتَّاب والوسطى في مدينة أتبرا (عطبرة)، إلا أن هذا القسط المتواضع من التعليم المدني لم يشجعه على ولوج حياة الأفندية في كنف الدولة وراتبها المحدود، بل جعله يؤثر العمل الحر تشاشاً (تاجراً) في سوق الدامر، وأحياناً مندوباً لأهل المقرن في مجلس ريفي شندي. وفي بيئة الدامر التي كانت حافلةً بتراث أهل السودان وتواصل البدو والحضر تفتقت قريحته على سماع المأثورات التراثية التي كانت تُروى سليقةً، ويتفنن الرواة في رسم صورها الجمالية حول نفرٍ من أعلام الفروسية أمثال عنترة بن شداد، وأبو زيد الهلالي، وطه الضرير، والطيب ود ضحوية، ويبالغون في سرد كرامات مشايخ الصوفية والأولياء الصالحين مدحاً وإنشاداً في حولية الشيخ المجذوب والمحافل المماثلة لها. في وسط هذا الزخم التراثي الزاخر بمآثر أهل السودان كان يتوهج نجم السيّدة فاطمة بنت فاطمة جدة الطيب من جهة أبيه، ويقول الطيب عنها: إنها كانت امرأة لها شخصيتها المميزة بين نساء قريتها، لأنه يُقال إن أهل أمها فقراء "يروبون الماء"، ومن ثم أضحت لها مكانةً اجتماعيةً كبيرةً وسط أهل المقرن وزوارهم، وكانت مسموعة الكلمة، نافذة الإشارة على الكبار والصغار. كان الناس يتحلَّقون حولها كل أمسية لسماع الأحاجي والقصص والحكايات المشوقة التي كانت ترويها بأسلوب درامي جذَّاب.
    في ذات النسق يوثق الطيب لمشاهد خاصة كان لها وقعها في نفسه وهو حاضر حضوراً مادياً ومعنوياً في حلقة جدته فاطمة بنت فاطمة، إذ يقول: "لا أنسى المواقف التي كانت تتطلب أن يؤدي البطل فيها مقطعاً غنائياً، كانت تتمهل وتتهدج في ترديد وترجيع الأغنية بصوتها الرنان، ومن ضمن حكايتها لنا قصة الشيخ فرح، وود أب زهانة، وكنا نحسب أن الشيخ مثل الغول، والسعلوة، والدكع، وفاطمة، والقصب الأحمر." (الشيخ فرح ود تكتوك حلال المشبوك، ص 19). وجميع هذه المصطلحات تصب في معين القصص الشعبية المعروفة في وسط السودان، والتي تُصنَّف ضمن قائمة الأحاجي السودانية التي وثق لها البروفسير عبد الله الطيب طيَّب الله ثراه.

    بفضل هذا الحضور التراثي في دامر المجذوب توطَّنت نفس الطيب محمد الطيب على حب الفلكلور، الذي دفعه إلى تطليق أشغاله الحرة ونذر نفسه وجهده وماله لجمع الأدب الشعبي. وفي هذا يقول الدكتور عبد الله علي إبراهيم: "وفجأة ظهر بيننا الطيب قاطع حبلو من الدامر ... لا أذكر أننا سألناه عن مسيرته التعليمية، ولست متأكداً إلى يوم المسلمين هذا كم استحصل الطيب من علم المدارس، وكان واضحاً أنه رجل نير ولكنه صفر اليدين من الشهادات... ولم يترك لنا الطيب باباً لمثل هذا السؤال فقد أخذنا مناً بمحفوظاته من التراث وبأدائه بصوت طربنا له، وسعى يوسف في أروقة الجامعة يطلب له وظيفةً لم تخطر على بال بيروقراطي، وهي وظيفة جامع فلكلور بأجر مُجمّد قيمته خمسون جنيهاً، وكان مرتب أي منا لا يتجاوز الستين. وقبلت به الجامعة، ووفرت له الشعبة عربة جيب 5خ 8731، ومسجلاً ألمانياً ماركة قرندوق، وسائقاً دنقلاوياً أنيساً هو السيّد حسن خير الله، ودفتر بنـزين صالح لملىء تنك العربة [أي خزان الوقود] أو شراء صفائح الوقود من أي طرف في السودان."

    هنا حزمةٌ من الأسئلة تطرح نفسها: مَنْ هم أولئك النفر الكريم الذين تحدث الأخ عبد الله علي إبراهيم عنهم بأريحية وتواضع جم؟ وما هي الشعبة التي جمعتهم بين ظهرانيها، وأهلَّتهم ليحترفوا صنعة التراث الشعبي وينعموا بصحبة الطيب محمد الطيب؟ الشعبة التي رمز الدكتور عبدالله إليها هي شعبة أبحاث السودان التي كانت قلباً نابضاً في كلية الآداب جامعة الخرطوم آنذاك. لقد أُسست شعبة أبحاث السودان عام 1964م، وكان هدفها الأساس جمع التراث السوداني وتوثيقه ودراسته، وخلف البروفسير يوسف فضل حسن الدكتور ج.ن. ساندرسون على رئاسة هذه الشعبة الناشئة، وظل يشرف على أمر تطويرها حقبةً من الزمن، حيث جلب إليها نفراً من طلاب التراث السوداني، بعد أن طوَّع لهم شروط التعيين الوظيفي بجامعة الخرطوم، معطياً الأولية للكفاءة المهنية والاستعداد الفلكلوري. وفي هذا يقول الدكتور عبد الله علي إبراهيم: "لم أكن أنا مثلاً ممن تنطبق عليهم شروط التعيين أكاديمياً بالجامعة. ولم يخطر ليوسف فضل تعييني خلال تلقي العلم على يديه في معادل درجة الشرف في التاريخ، ولكنه سمعني يوماً أتحدث عن الفلكلور بإذاعة أم درمان وسرعان ما عرض عليَّ أن انضم لشعبة أبحاث السودان... ومن جهة أخرى كان سيد حُريز في طريقه ليصبح محاضراً بشعبة الإنجليزي بالجامعة حتى قرأ يوسف رسالته عن طقوس الحياة والموت في السودان فالتمس من الجامعة تحويله إلى شعبة أبحاث السودان. وكذلك الحال مع أحمد عبد الرحيم الذي بدأ بالفلسفة، ثم كتب عن فلسفة الأخلاق عند النوبة النيمانق بالدلنج، فلم تتأخر عنه حفاوة يوسف." فالبروفسير يوسف فضل حسن والبروفسير سيد حامد حُرير والبروفسير أحمد عبد الرحيم نصر والدكتور مصطفى إبراهيم طه هم أولئك النفر الذين تحدث الدكتور عبد الله عنهم بأريحية وتواضع جم، وهم الذين قامت على أكتافهم شعبة أبحاث السودان، وهم الذين انضم إليهم الأستاذ الطيب محمد الطيب عام 1965م، وبذلك استطاعت شعبة أبحاث السودان، التي رُفعت في عام 1972م إلى معهد الدراسات الإفريقية والآسيوية، أن تجمع بين جوانحها كفاءة التأهيل المهني المكتسب من مؤسسات التعليم المدني وكفاءة التأهيل المهني المُنساب من أفواه حدأة التراث الشعبي ورواته.

    لا جدال أن تعيين الأستاذ الطيب في وظيفة جامع فلكلور كان نقلةً نوعيةً أحدثها عرفاء الفلكلور في شعبة أبحاث السودان، ومنها انطلق الطيب يجوب البلاد طولاً وعرضاً في تحقيق هوايته المفضلة وفي جمع تراث أهل السودان من صدور الحُفَّاظ والوثائق التاريخية. وأبلغ شاهد رحلاته الماكوكية في جمع تراث البطاحين ونسج خيوط سيرة الشيخ فرح ود تكتوك، وفي هذا يقول الأستاذ الطيب:
    "كلفتني شعبة أبحاث السودان سنة 1970م أن أعد كتاباً عن حياة البطاحين، وشرعت في جمع المعلومات الأولية عنهم، وحسب خطة شعبة أبحاث السودان ينبغي علي أن أطوف عليهم في أماكنهم، وبدأت بعاصمتهم أبو دليق وما حولها، ثم أبرق، وأب زليق، والمايقوما، والحاج يوسف، ثم زرت قراهم الواقعة شرق النيل الأزرق مثل ود ساقرته والفعج. ثم ذهبت إلى سنار، وجبل موية، والمناقل، ثم أربجي، والسديرة، وبقية أطراف الجزيرة المروية، وتسنى لي خلال هذه الرحلات التي دامت حوالي عشرة شهور جمع معلومات عن البطاحين كمجموعة، وكان كل مرة أسأل فيها الرواة والمحدثين عن أخبار أسلافهم يرتفع اسم الشيخ ود تكتوك شامخاً قوياً." (الشيخ فرح ود تكتوك حلال المشبوك، ص 20). فلا غرو أن هذا النص يعكس قدرة الأستاذ الطيب الخلاقة في جمع المعلومات التراثية، واسترساله في ربط جزئياتها، والشاهد أن الجمع بين التراث الشعبي لقبيلة البطاحين وسيرة الشيخ فرح ود تكتوك البطحاني قد حفزه لمواصلة بحث آخر عن سيرة الشيخ فرح وآثاره، في هذا يقول الطيب: "وزرت بعدئذٍ سنار وما حولها ست مرات، وفي كل مرة كنت أجد بعض المعلومات الجديدة عنه. وبعد أن حصلت على تلك الروايات الشفهية رحت أسأل عن بعض آثاره المحفوظة ولم يخيب أهل الفضل ظني. فوجدت بضع مخطوطات تحدثت عن سيرته ودونت أقواله، وكان أهمها مخطوط الشريف الهندي المسمي (تاج الزمان في تاريخ السودان)، باب تراجم الأولياء، وكذلك مخطوط الشيخ الحسن محمد طلحة بود ساقرته ناحية رفاعة، وأوراق فرح القاسم، كساب الجعلين، والأخير من أحفاد الشيخ فرح وأكثرهم حفظاً لمأثورات الشيخ، وبحوزته وثائق مهمة جداً أطلعني عليها مشكوراً." (الشيخ فرح ود تكتوك حلال المشبوك، ص 20-21).
    هذا هو الطيب جامع الفلكلور، وصاحب المنهج الفريد الذي وصفته المهندسة رباح الصادق المهدي بأنه: "خلطة غريبة، فلو وصفته بأنه مؤرخ محلي كما تصف مضابط التاريخ ... كذَّبك حسه النقدي من حين لآخر... ولو قلت أنه عالم أكاديمي لرد عليك أنه لا يتبع في نهجه الوسائل الأكاديمية المعهودة في التعامل مع المأثورات الشفهية مثلما فعل جان فانسينا في نهج التعامل مع المأثورات كتاريخ." ويعضد هذه الفرضَّية أيضاً قول الدكتور عبد الله علي إبراهيم الذي صحب الطيب في بعض رحلاته الميدانية بقوله: "لقد حسدته كثيراً متى كنا على سفر، أو زيارة، على تعرف الناس عليه بالفطرة، وإقبالهم عليه كشركاء في مشروعه، يسألونه عن الأنساب، أو صحة نطق اسم مدينة، أو مزارات ولي. وكنت استمع حواراتهم معه يديرونها على قدم المساواة. وكنت أنطوي منهم على صفويتي الحبيسة ولغتي الكاسدة. كان الطيب يعلم علم اليقين حب الناس له، بل ومناصرته له. لم يكن الطيب قادراً على ينجز أكثر صور شعبية لولا سخاء مشايخ وتجار وأحباب مولوا زياراته الميدانية لبقاعهم واحسنوا إليه. وهذه سنة في الإحسان إلى أهل المشروعات الثقافية، لم تقع لصاحب مشروع ثقافي حديث قبل الطيب. وكان الطيب غني بهذه الصحبة عن تكفف الدولة العادلة أو الظالمة."

    في ضوء هذه التزكيات الحاذقة نخلص إلى أن الطيب كان جامع فلكلور مدرب، وله إلمام واسع بتاريخ السودان وجغرافيته، وعلى قدر كبير من تفكيك طلاسم العادات والتقاليد واللجهات العامية، وفوق هذا وذاك كان يتمتع بحيويةٍ خلاقة، وحدس فني ذواق لا يخذله البتة، ولباقة جعلت الناس يتجاوبون معه، ويشاركونه في مشروعه التراثي، ويطلعونه على مكتنـزات تراثهم الشعبي التي تكنَّها صدورهم، وتحفظها وثائقهم الخاصة التي يحيطونها بهالة من القدسية. وقد أهلَّ هذا الرصيد الفني والمعرفي الطيب ليكون نسيج وحده، لم يكن مقلداً مجتراً، بل كان أصيلاً مبدعاً، تجاوز قيود الموروث وتقنيات الحداثة في منهجه البحثي، وفي تعامله الراقي مع مأثورات التراث السوداني. وبفضل عطائه السابل وحضوره الكثيف في ساحات العمل الفلكوري لم تعد صورة الفلكلور بعده كما كانت قبله، لأنه، كما يرى محمد محمد خير، كان مشروعاً ثقافياً "يتسع لاحتواء مليون ميل مربع من الدويبت، والشاشاي، والتُم التُم، والكمبلا والجابودي، وتراث الشلك، والنقارة، وأهازيج الحكَّامات، وطارات المديح، وأمثال دارفور الشعبية."

    برنامج صور شعبية:
    توسط الطيب هذا الكم الهائل من التراث ومأثوراته، ونثر منه صوراً شعبيةً لـمَّاحةً عرضها منجمةً عبر شاشة تلفزيون السودان البلورية، وكسب بعرضه لهذه الأنساق والأنماط التراثية تقدير الناس له، لأنه فتح بصائرهم، كما يقول إبراهيم عبد القيوم، إلى وطن "مشحون برصيد تاريخي عزيز وغالٍ، وإن إنسانه عظيم ومتفرد، وإن تاريخ هذا الإنسان يفرض أن يبذل من أجله الكثير من الجهد والوقت." وحسب رواية الكيك فإن علاقة الطيب بالإذاعة والتلفزيون يرجع تاريخها إلى برنامج "التراث السوداني" الذي كان يقدمه الأستاذ محجوب كرار رحمه الله عبر إذاعة أمدرمان، وفي إحدى حلقات برنامجه الشعبي استضاف الأستاذ الطيب محمد الطيب وقدمه إلى جمهور المستمعين السودانيين باعتباره علماً من أعلام السودان المهمومين بالوطن وثقافته وتراثه، وبعد ذلك ظل الطيب زبوناً معتمداً عند محجوب كرار، تواصلت لقاءاته، وتجدد عطاؤه، وانداحت دائرة مستمعيه، وما فتيء الطيب محفوفاً بحفاوة مستمعيه إلى أن أطل عليهم عبر شاشة برنامجه التلفزيوني الموسوم بـ: "صور شعبية". ومن خلال هذا البرامج استطاع الطيب أن يعرض صوراً شعبيةً حيةً، تعبر عن حياة الناس وأنساق تواصلهم الاجتماعي في كل بقاع السودان، بما في ذلك أفراحهم وأتراحهم دون كذب ولا رياء، وكانت هذه الصور تحمل قيماً روحيةً صادقةً، وفنوناً أدبيةً شعبيةً، وموسيقى ورقصاً، وطُرَفاً من أدبيات الحصاد وأهازيج الرعاة، ونماذج من أدوات الحكم والولاية، وفنيات الحِرَف التي يطلق المثقافتية عليها مجازاً الحِرَف الهامشية. وفي الوقت نفسه كانت هذه الصور الشعبية تحمل قيماً اجتماعيةً تسهم في خلق قوالب انفعالية وسلوكية تعين المجتمع على توثيق عُرى ترابطه وحل كثير من مشكلاته الآنية، وتساعد أيضاً في فهم العلل الكامنة وراء الأحداث التاريخية، والتشنجات الجهوية والفئوية المصاحبة لإفرازات القرارات السياسية في السودان.

    الطيب والسلطة:
    كان الطيب محمد الطيب أنصارياً قلباً وقالباً، ويتجلى هذا الانتماء السياسي-العقدي في لباسه الأنصاري، وفي صونه لبيعة الأنصار التي قطعها مع إمامهم وزعامتهم السياسية. وبالرغم من الإحن والشدائد التي ألمت بهذه الطائفة إلا أن الطيب "لم يبعهم بغالٍ أو مرتخصٍ لينال حظوة النظم الكارهة لهم"، بل ظل وفياً لبيعته، دون أن يخلط وفاءه الأنصاري برسالته التراثية التي كانت تسمو زهواً فوق هامات الانتماء السياسي، وتتجاوز فخراً تشنجات التعصب الديني، وترقى بماهيتها الوظيفة عن الشبهات العرقية، لأن جمهورها أهل السودان، ومادتها تراث أهل السودان. ويثمن الدكتور عبدالله علي إبراهيم هذا الموقف الفذ بقوله: "لم يرهن الطيب خير لبلدنا وثقافتنا على فضل الحكومات أو الدكتاتوريات ...، بل كان دخَّالاً خرَّاجاً في نصوص هذه الثقافة، يبلغها غلاباً. تقلبت بلدنا بين دكتاتوريات مديدة العمر ولم يعدم الطيب أبداً بصارة ليعمل بها أو بدونها لنيل مراده. ولم يترخص أبداً في أداء واجبه الثقافي... فكان شرفه كمثقف فوق الشبهات، وعلمه مما يمكث في الأرض."

    لم يكن غزل السلطة السياسية جزءاً من أدبيات الطيب وتطلعاته المشروعة، ولم تكن سلطة العمل الديواني هاجسه المنشود، بل كان ينبذها، لأنها من وجهة نظره مدعاةً للكسل وقتل الإبداع البشري وتجلياته. ويتبلور موقفه من سلطة العمل الديوانية في الرواية التالية للأستاذ بكري الصائغ: "علاقتي بالمرحوم الطيب محمد الطيب تعود إلى سنوات السبعينيات عندما كنا موظفين بوزارة الثقافة والإعلام... وأذكر قصة تقول أن السيَّد علي شمو قد قرر تعيين الطيب محمد الطيب مديراً لمصلحة الثقافة في ضوء عملية تغيرات هدف منها شمو تولي الكفاءات الوظائف العليا وإدارات المصالح. وما أن جاء خطاب الإخطار للمرحوم بتولي أعباء مصلحة الثقافة حتى رأينا المرحوم قد انزعج تماماً من هذا التعيين، وأبدى اعتراضه على تولي هذا المنصب، وسعى لمقابلة الوزير، واعتذر له عن الوظيفة الجديدة العالية المكانة، وكانت حجته أنها وظيفة مكتبية تقتل الإبداع، وتحرمه التجوال، والبحث والتقصي في مجاهل العادات والتقاليد السودانية، وإنها وظيفة مـُمِلة، ليس فيها أي إبداعات أو اكتشافات أدبية، طلَّق الطيب الوظيفة، وانطلق ينقب في مجاهل عالمه" المملوء بالكشوفات التراثية.

    نلحظ أيضاً أن الخصومة السياسية بين الأنصار والشيوعيين لم تقف عائقاً أمام عطاء الطيب وتطلعاته التراثية، فصديق عمره عبد الله علي إبراهيم كان من كوادر الرفاق النشطة، بيد أن اختلاف الرأي السياسي لم يفسد وداً استقام ميسمه بين الرجلين. وفي هذا يفصح الأستاذ كمال الجزولي بأن عبد الله علي إبراهيم قد قدمه هو وزميله شوقي عزالدين إلى الطيب محمد الطيب عام 1973م، ووقتها كان عبدالله مفرغاً لمسؤوليات العمل الثقافي للحزب الشيوعي، وشوقي عز الدين مفصولاً للتو من العمل بمعهد الموسيقي والمسرح. وفي هذا الظرف السياسي الحالك توثقت عُرى الصداقة بين الطيب والرفاق، ويقول الجزولي لسان حالهم: "كنا نقصد أحياناً داره ببري مع الأصدقاء، ونقضي الأمسيات في حوارات ساخنة حول هموم الثقافة، فكان يستقبلنا هاشاً باشاً، ويكرم وفادتنا غير هيَّاب ولا وَجِل من كوننا كنا مجموعة من الشباب (المدموغين) في الوسط الثقافي بالتمرد، أو حتى من كون صديقه عبد الله بالذات كان مختفياً ومطلوباً من الأجهزة الأمنية." وصداقته مع الرفاق لم تقف عند هذا الحد، بل بلغت شأواً أعظم من ذلك، حيث شخصت بعض شواهدها في صحبته لكمال الجزولي وشوقي عز الدين في إحدى رحلاته الميدانية لمسيد ود الفادني، ليثبت لهما أن مسرح "الرجل الواحد" لم يكن نبتاً حداثياً كما كانا يظنان، بل هو فن متجذر في أدبيات المسرح السوداني الشعبي قبل أن تعتدل قامته في مسارح الغرب والفرنجة. وفي مسيد ود الفادني استُقبل الرفاق في صحن المسجد، وأولم لهم السادة الفادنية بوليمة تكفي لعشرة أضعافهم في ساحة المسجد الرحبة، حيث جلس سيد المسرح الواحد حاج الصديق على أحد العناقريب الفارهة التي أُعدت لضيافة الأستاذ الطيب والوفد المصاحب له من الرفاق، ثم بعد ذلك بدأ حاج الصديق يعرض بعض القفشات المسرحية، والصور المغلوبة التي تجسد واقع الحياة في شوارع المدينة والقرية، وفي بيوت الأغنياء والفقراء، وواقع المزارع عندما يحل أجل سداد ديونه، وأحياناً يقلد لهم باقتدار وسلاسة بكاء الرضيع، وثغاء الماعز، وزمجرة مفتش الغيط المحتشد بسلطته، وسخط المزارع المغلوب على أمره، وزفات الحجيج المادحة إلى الأراضي المقدسة. كل هذه المشاهد ومثيلاتها كانت تعرض في مسيد ود الفادني، والرفاق وغيرهم من الحضور يموجون بالضحك، ضحكاً كالبكاء كما يقول كمال الجزولي، والطيب يختلصهم بنظرات مفادها أن مسرح الرجل الواحد لم يكن حكراً على المسارح الغربية، بل أن السودان يزخر بمثل هذه النماذج منذ أمد بعيد. وكانت تلك الليلة الفادنية حسب إفادات الرفاق تمثل "أعلى درجة من درجات الفرح يستطيع إنسان أن يهبها لإنسان."

    هذا هو الطيب المتسامح مع نفسه تسامحاً جعله يوطِّن لشرعية التواصل مع الآخر، وقد بلغ هذا التسامح ذروته عندما ألف كتاب "الإنداية" وأردفه بمصنف آخر عن "المسيد". فالإنداية هي دار المجون، كما تصفها الأستاذة رباح الصادق المهدي، والمسيد هو دار التُقى والصلاح، وبين الدارين بون شاسع. والإنداية كما قدم لها الطيب "من الأمور التي لا يصح الحديث عنها في عرف المجتمع السوداني إلا في مقام الذم، وهي من أجل ذلك لا تجاور سكناهم، بل تُقصى إلى أطراف القرى والمدن، وقد تضرب في الخلا، يطلق عليها في معظم الأحيان اسم "الجو". ولا يرتادها إلا طبقة خاصة لا تجد القبول عند غيرها من الناس." فالطيب أراد بهذا السفر الفريد في موضوعه أن يزيل هذه الغشاوة من أذهان الناس، ويعرض أدبيات الإنداية عرضاً موضوعياً باعتبارها مظهراً من مظاهر الحياة السودانية، لها سلبياتها وإيجابياتها، وينبغي أن يُعالج أمرها بطريقةٍ علميةٍ بعيداً عن التشنج والعواطف الدينية الجياشة. ويقول البروفيسور عون الشريف قاسم في تقديمه لكتاب الإنداية: "ولكنك بمجرد أن تتصفح الكتاب وتسبر غوره تجد لدهشتك أن المخبر غير المظهر. وسرعان ما يكتشف القارئ أن الإنداية التي يتحدثها عنها الكتاب ما هي إلا مظهر خاص من مظاهر الحياة السودانية، وهي ككل المؤسسات الاجتماعية لها نظامها الخاص وتقاليدها وقيمها التي يلتزم بها من يرتادونها ويذمون من يخرجها عليها، وبالبحث الميداني المتعمق الذي استغرق ست سنوات طاف فيها المؤلف على معظم أنحاء السودان فخرج بحصيلة من المعرفة ينقلها لك هذا الكتاب الرائع." وحقاً أن كتاب الإنداية كتاب رائع وجدير بالإطلاع، لأن الطيب أفلح في اختيار موضوعه، وفي تناوله لأدبيات الإنداية تناولاً علمياً دون أن يكون متأثراً بأدبيات المهدية التي ترى في الدخان حرمة، فما بالك والإنداية التي تعاقر فيها الخمر أم الكبائر جهاراً نهاراً.


    المرأة في قاموس الطيب الشعبي :
    لم يكن الطيب سادن ثقافة ذكورية، بل كان نصيراً للمرأة من خلال واقع تراثها الشعبي ومأثوراته المتنوعة، لذا فقد أفرد لها حيزاً مهولاً في إصداراته المطبوعة وصوره الشعبية ومحاضراته العامة. فنجده مثلاً يثمِّن دور النساء العابدات الراسخات في العلم أمثال: بتول بنت اليعقوباب، وفاطمة بنت جابر، وعائشة بنت أبودليق، ويوثق أيضاً لتاريخ المجاهدات اللائى كان لهن دور مشهود في ساحات الوغى والحروبات الضروس، وتأتي في مقدمة هؤلاء الشاعرة مهيرة بنت الملك عبود التي كانت تمجد قومها الشايقية، وتشحذ هممهم، وتحثهم على محاربة الأتراك الغزاة، ويتجلى هذا الموقف البطولي في المقاطع المأثورة التالية التي أنشدتها مهيرة في ذلك المقام:


    الليلة استعدوا وركبوا خيل الكر
    قدامن عقيدهم بالأغر دفر
    جنياتنا الأسود الليلة تتنتر
    يالباشا الغشيم قولى جدادك كَرْ

    وفي المهدية يوثق الطيب لمجاهدات الشاعرة بنت المكاوي التي كانت معجبة بشخصية الإمام المهدي في حربه ضد الأتراك، وكانت ترى في بسالة أنصاره عزة نفس ونكران ذات، لذا فقد أنشدتهم قائلةً:


    طبل العز ضرب هوينه في البرزَّة
    غير طبل أم كبان أنا ما بشوف عزَّه
    وإن طال الوبر واسيه بالجزَّة
    وإن ما عم نيل ما فرَّخت وزَّة

    ولم ينس الطيب دور الحكَّامات أمثال بنت مسيمس التي مدحت الزبير باشا ود رحمة عندما نُفي إلى جبل طارق بالمغرب قائلةً:

    في السودان قبيل ... ما بشبهوك بالناس
    يا جبل الدهب ... الصافي ماك نحاس
    بارود انتصارك ... في غمزة الكبَّاس
    خليت المجوس ... ألين من القرطاس


    وعلى ذات المنوال والنسق وثق الطيب للشاعرة بنونة بنت المك التي رثت أخاها عمارة رثاءً حزيناً ومؤلماً، لأنه كان مصاباً بداء الجدري الذي أقعده عن القتال وأماته متيةً لا تليق بالأبطال، لأن المصاب بالجدري لا يغسل جسده، بل يذرى عليها الرماد خوفاً من العدوى، وحول هذه الميتة "أم رماداً شح" تقول بنونة:

    ما دايرا لك الميتة ... أم رماداً شح
    دايراك يوم لقاء ... بدماك تتوشح
    الميت مسولب ... العجاج يكتح
    أحيَّا علي ... سيفو البسوي التَّح

    فلا جدال أن الحديث ذو شجون عن أدبيات النساء الوارد ذكرها في إصدارات الطيب وصوره الشعبية، لكن المقام لا يسمح بالإطالة، والشواهد المذكورة كفيلة بتأكيد صدقية الفرضية التي أشرنا إليها في مقدمة هذه الفقرة.

    الطيب في منـزلة بين المنـزلتين:
    بالرغم من هذا العطاء الثر، إلا أن الطيب قضى أيامه الأخيرة طريح الفراش بمستشفى السلاح الطبي بأمدرمان، حيث زارته جموع من الأصدقاء والمعجبين بفنه، ومن ضمن هؤلاء الأستاذ كمال الجزولي الذي وصف لحظاته الأخيرة بشيء من الحزن والأسى: "وكنت قد زرته أخر مرة بصحبة بعض الأصدقاء، إبان رقدته الأخيرة بالمستشفي العسكري، حسبناه للوهلة الأولى نائماً، فكدنا ننسحب بهدوء لولاء أن زوجته عاجلتنا بالتمر، قائلةً: "ليس نائماً، هو فقط على هذا الحال منذ أن جئنا به إلى هنا، ولكن رؤيتكم ستسعده." ثم يصف الجزولي واقع الحال بقوله: "فتح عينه ببطء، وبدأ كما ولو كان يهم بالكلام، سوى أنه طفق يُسرح نظراته الوادعة في وجوهنا ولا ينبس ببنت شفة، رغم إلحافنا في مشاغبته، وكم كان في زمانه ... منتجاً حاذقاً لبهار الإخوانيات اللاذع وعطرها النفاذ." ويصف هذا المشهد أيضاً الدكتور مرتضى الغالي في كلمته الحزينة التي سبقت وفاة الطيب، إذ يقول عنه: "وهو في منـزلة بين المنـزلتين، بين هجمة الداء الأولى العصيبة والغادرة وبين بطء الوصول إلى أطراف العافية والعودة إلى دنيا الناس، حيث إنه حالياً على تخوم الصحو والإفاقة والإغفال، ولا يعلم أحد (لا قدر الله) إمكان الانتكاسة التي يمكن أن تسترد بعضاً من مساحات الإبلال والشفاء، و[لكن نتمنى له] استرداد مقدرة النطق والسير على مناكب الحياة مرة أخرى، ليواصل ما بدأه من مشوار في إذكاء نيران المعرفة التي تخرج منه (دخاخين دخاخين) على رواية طبقات ود ضيف الله، لأنه يتكئ على رصيد ضخم يمتلئ به صدره وعقله."

    ثم ينتقل الدكتور مرتضى من هذا المشهد الحزين والطامع في رحمة الله إلى فقرة مهمة، أحسبها مناسبة في خاتمة هذه الرسالة العرفانية، إذ يقول: ومما يزيد قيمة رصيد الطيب المعرفي، "أنه يأتي في معظمه من باب المشاهدات، والسياحة، والمسوح الحقلية، والمعايشة الراصدة، والرحلات التي تضرب فيها أكباد المستحيل من أجل الوقوف على أثر، أو حجر، أو أمثولة، أو مسدار، أو طقس حياة، معيداً لنا في حياتنا المعاصرة نموذج العلماء الموسوعيين الذين يتتبعون حصاد المعرفة التي لا ترتادها قدم."
    فهذا هو الأستاذ العلامة الطيب محمد الطيب الذي فقدناه في السادس من فبراير عام 2007م، فإن الواجب الأدبي يحتم علينا، كما يقترح الأستاذ منصور عبدالله المفتاح، أن نجمع تراثه وآثاره الكاملة في قاعة تحمل اسمه، ويكون مقرها إما في دار الوثائق القومية، أو مصلحة الثقافة، أو متحف السودان القومي. وهناك أيضاً أربعة مؤلفات تحت الطبع يجب أن تخرج إلى دائرة الضوء، وتجد موقعها في المكتبة السودانية والعربية على حد سواء، وهي: بيت البكاء؛ وتاريخ المديح النبوي في السودان؛ والصعاليك العرب في السودان؛ والإبل في السودان.

    ألا رحم الله الطيب محمد الطيب رحمةً واسعةً بقدر ما أمتع، وآنس، وأعطى، وبذل، وأنفق من جهد ومال ووقت في سبيل الارتقاء بمسيرة التراث السوداني، وتطوير خدمات الأدب الشعبي، فلعمري لا أجد الكلمات المناسبة التي تفي استحقاقات رثائه، وجرد فاتورة عطائه الماكث في الأرض، ولكن أضعف الإيمان أن اختم هذه الكلمة بأبيات من أشعار ابن الوردي في الرثاء:

    سراجٌ في العلومِ أضاءَ دهراً على الدنيا لغيبته ظــلامُ
    تعطَّلت المكارمُ والمعــالي وماتَ العلمُ وارتفعَ الطغـامُ
                  

03-13-2010, 11:38 PM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: في ذكرى (الطيّب محمد الطيّب ) تشُد السماء تسونامي موجها الأزرق (Re: Ahmed Abushouk)

    الأستاذ الباشمهندس عبدالله الشقلينى السلام ورحمة الله عليك وأنت دوما تغوص فى مناجم
    التبر وتسكب عطر الحبر الزاكى عن من يستحق الإكرام والإجلال والتقدير وكيف لا وأنت
    تزيح الستار لتكشف عن سيرة رجل قدم لهذه الأمه أدق دقائق تراثها وفنونها وخط أروع
    المخطوطات فى ذلك أستاذنا وعالمنا الذى علمه الله لتقواه وورعه وملكه مفاتيح الإبداع
    المعرفى لتلك الفنون الباهره والساحره والقيمة العميقه التى تؤرخ للواقع الإجتماعى
    لهذه الأمة العريقة العتيقة المعطاءه وتدون لها من خلال فنونها وطقوسها وعاداتها
    فالطيب كما الأنبياء آمن برسالته وأداها بإخلاص. وأحمد لهذه الأمة الودود الولود أنها
    ولادة للعباقره والعلماء الأفذاذ فإن ذهب عنها عبدالله الطيب وأبوسليم والطيب محمد
    الطيب والمجذوب قام فيها الواثق والحبر وعبدالله على إبراهيم ويوسف فضل والشقلينى
    وأحمد أبوشوك وذلك الأبوشوك كلما أطالعه أطمئن على حراسة المعارف السودانيه وتدوينها
    وتنقيحها وتصحيحها ونشرها معافاة مبرأة فهو باحث فرد يعمل بهمة النحل وصبر النمل
    ودقة جن سليمان ليأتينا ببلقيس الحقائق المعرفيه ونبئها من سبئها فله التجله والإعزاز
    والإكرام فهو حاضر فى كل الأحواض والطبقات والشونات مشهلا كما الشنكيب الضوباع بكناجيل
    الشيل الثقيل. التحيه له ولك أستاذى الشقلينى ولكل من دون عن الطيب الطيب ولكل من
    عزاه والسلام للكل..............




    منصور
                  

03-14-2010, 11:21 AM

Abuelgassim Gor
<aAbuelgassim Gor
تاريخ التسجيل: 10-28-2006
مجموع المشاركات: 4630

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: في ذكرى (الطيّب محمد الطيّب ) تشُد السماء تسونامي موجها الأزرق (Re: munswor almophtah)

    يا بشامهندس
    هذا كلام رائع
    مليان ابداع ...وشجن وحزن
    لا يكتبه الا من استعمر الكلم
    شكرا
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de