|
فى ساحات فداء الحركة الشعبية
|
ظل الأعلام الموجه للأنظمة الديكتاتورية فى العالم الثالث , وعلى الدوام , يلعب دورا كاذبا ومضللا لا هدف له سوى تغييب عقول وقلوب الشعوب وسوقها كالأنعام فى الوجهة التى يُراد لها أن تسير فيها . وفى زمن الخلافات الداخلية والحروب الأهلية للدولة , مثل كل السناريوهات المختلفة التى تعج بها القارة الأفريقية , تغتصب السلطة الحاكمة الأعلام المرئي والمسموع والمقرؤ وتستخدمه لعرض وجهة نظرها وموقفها هى وحدها . لا يهم عندها كثيرا كمية المغالطات والأكاذيب التى تصيغها وتخرجها لتجرم بها من يخالفونها أو يحاربونها , إنما تفرض هذا الأمر فرضا على المواطن , فيجد هذا المسكين نفسه محاصرا بأرتال من الإدعاءآت والأكاذيب والتلفيقات التى تصب فى عينيه وأذنيه صباحا ومساء . ويصبح الأمر أخطر وأسواء ما يكون عندما يُستغل الدين ويُطوًع لغرض إثارة العامة وشحنهم وتحريضهم وتجييشهم لمحاربة هذا (العدو الوهمى) , والذى يصبح بين ليلة وضحاها كافرا ومارقا وزنديقا يجب إجتثاثه من الأرض وتخليص الأمة والدين منه . تماما كما فعلت حكومة الإنقاذ الإنقلابية فى تأجيجها وشنها للحرب الجهادية المقدسة ضد الحركة الشعبية فى جنوب السودان , حيث لعبت أجهزة الأعلام المختلفة , والتى تهيمن عليها السلطة الحاكمة , الدور الأساسى فى تأجيج عناصر الكراهية والحقد والعنصرية بين أبناء الوطن الواحد , وكان من أبرز هذه البرامج الحكومية الأعلامية وأكثرها فجورا فى هذا المضمار هو البرنامج التلفزيونى (فى ساحات الفدى) .
لعب هذا البرنامج الحكومي دورا تدميريا هائلا فى ضعضعة بنية المجتمع السودانى وتحطيم تماسكه وتعايشه . حيث أُعدت وأُخرجت وأُذيعت كل حلقاته من غير إى تبصر لنتائج أو رؤى مستقبلية لما قد ينتج عنه هذا الشحن العاطفى والدينى المتعمد فى إتجاه زرع الكراهية والحقد بين القوميات المختلفة داخل السودان , وخصوصا , لدى من أتخذتهم الدولة هدفا للأبادة والتشريد فى جنوب الوطن.
ولعلنى فى هذا المقام , لا أحتاج لسرد أو تبيين , ما هو معروف لدى الجميع , من أسباب ومدى وفداحة الظلم الذى وقع على الجنوب وشعبه فى ظل كل الحكومات الخرطومية المتعاقبة , والتى ظلت كذبا وتضليلا تُعًرف بأسم الحكومات (القومية) . ولكن , ما الذى كان بإمكان أهل الجنوب فعله لرفع هذا الظلم المزمن عن كاهلهم إن لم يكن برفع السلاح ؟؟.
ظل إغراقنا بالأعلام الحكومى الأوحد والمُضلل متواصلا , ولفترة طويلة جدا , ولم نكن نعرف إلا النذر القليل من أخبار الحركة الشعبية لتحرير السودان أو تفاصيل برنامجها أو رؤيتها أو أجندتها . فالثورة المعلوماتية , التى تُحيط الإنسان بتفاصيل كل ما يجد فى العالم , لم تكن بهذا الإنتشار من قبل .
والآن , وبعد نيفاشا , هل كان إعلام الحركة الشعبية لتحرير السودان أثناء حربها أو حروبها مع حكومة الخرطوم على شاكلة برنامج "فى ساحات الفداء " أم كان شيئا مغايرا ؟؟.
هذا ما سأحاول تسليط الضؤ عليه وتوثيقه فى هذا البوست .
.
|
|
|
|
|
|