نعى اليم ...... سودانيز اون لاين دوت كم تحتسب الزميل فتحي البحيري فى رحمه الله
وداعاً فتحي البحيري
|
|
 استهداف النوبيين ليس جديدا
|
استهداف النوبيين ليس جديدا
ما كتبه بالأمس اسحق فضل الله في جريدة (الأنباء) المعروفة بعلاقاتها الوثيقة بنظام الجبهة الإسلامية الحاكمة وجهاز أمنها، هو مواصلة لدعواته المتواصلة منذ سنوات لشن الحرب على جميع السودانيين الآخرين المناهضين للنظام وكل من لا ينتمون لحزبه.. يقيني انكم تذكرون مقالاته في جريدة [الوان] وغيرها حيث كان يدافع عن استمرار الحرب الأهلية، ويمجد الممارسات المنكرة للدفاع الشعبي في مناطق العمليات، وينادي بجعل [الدم ركب] دفاعا عن ما يسميه العقيدة. وتذكرون قولة حسن الترابي، عراب المظام آنذاك، عند زيارته عام 1991 لدنقلا حتى منطقة الترعة حيث أنهى زيارته دون التوجه لباقي المنطقة لأن (هذه المنطقة معادية لنا).
مخطط أمني:
من المهم أن ندرك بوعي كامل أن ما يكتبه اسحق فضل الله هو جزء من مخططات جهاز أمن النظام في مجال الإعلام، الذي تم تمويله لسنوات وتدريبهم عليه في أمريكا وبعض الدول الغربية إبان الحرب الباردة، قبل عقود سبقت انهيار الاتحاد السوفييتي.
هو المخطط الذي أوقف التنقيب الآثاري في منطقة المحس ومختلف أرجاء وسط السودان في الجزيرة وجنوب النيل الأزرق في بدايات حكمهم، ولم يتواصل إلا جزئيا بعد ذلك، وكان ذلك بسبب الضغوط الخارجية التي واجهها النظام آنذاك.
هو المخطط الذي جعلهم يضيقون الخناق على الصحف والصحفيين والكتاب بمختلف وسائل الترهيب والترغيب بعد احتكار أجهزة الإعلام المسموعة والمرئية، كما جعلهم يقومون بتصفية وزارة الإعلام عمليا بالتشريد الجماعي لمعظم العاملين فيها.
هو المخطط الذي يقوم جهاز الأمن بموجبه بتنفيذ موجهات إعلامية الغرض منها الترويج لسياسات النظام، وتضليل الراي العام داخليا وخارجيا حسب الظروف. وهذا مثال لقراراتهم حول أسلوب التعامل مع الإعلام نشرته الميدان كاملا في عدد يوليو2004:
فى الدولة الإرهابية
في يوليو 2004، أعد جهاز الأمن والمخابرات "الوطني" خطته للتعامل الإعلامي مع أحداث دار فور. وتم توزيعها بسرية تامة وبأرقام محددة على عناصره في التلفزيون والإذاعة وسونا، وفي عدد من الصحف، بعد وضع سيناريو متكامل لتمرير الخطة. وبدأ التنفيذ بالفعل. وللأسف الشديد، فان غالبية الصحف"تتعاون" وتشارك في جريمة نشر الأخبار المفبركة والمعلومات الأمنية المضللة التي أعدت في مطابخ الأمن.
و"مع ذلك" يبقى رهاننا على الأقلام الشريفة والصحف النظيفة – على قلتها – التي لا تكذب على القارئ، ولا تبيع ضميرها الصحفي الإعلامي. فيا أيها الصحفيون الشرفاء: لا تشاركوا في هذه الجريمة النكراء.
وها هي (الميدان) تنشر نص الوثيقة الأمنية، ليعلم الصحفيون والقراء الحقيقة، لا الكذب والتلفيق.
فالواقع هو أن لنوبيون مستهدفون بشكل غير مسبوق بواسطة نظام الإنقاذ منذ مجيئه.. وليس من الغريب إذن أن يتشكك في كل ما نفعله، بل يستهين بنا ويسخر منا، أمثال إسحاق فضل الله، الكوز الموالي للنظام الذي اضطهدنا وأفقرنا، وتسبب في انهيار الزراعة والصحة وتعليم أجيالنا القادمة، مما شرد أهلنا من موطننا العريق فتناقص عدد السكان في الولاية الشمالية ومحافظة حلفا بوتائر مخيفة حتى أمست المنطقة في مؤخرة السودان سكانا.
لذلك لن يغرنا محاولات النوبيين الموالين للنظام أمثال عبدالرحيم محمد حسين وسلاف صالح وفتحي خليل للتقرب مننا لكي يخلقوا لأنفسهم قاعدة سياسية وسط النوبيين الذين ساموهم مر العذاب وتجاهلوهم إبان فترة الزهو والاستعلاء الانقاذي.
غير أن النوبيين لن يسجدوا صاغرين لمحاولات استهدافهم والنيل منهم رغم كل هذا وقد تصدينا لهزيمة مخططاتهم بالفعل، لا القول فقط، وبأطيدا لهذا النهج اذكركم بما كتبته إصدارة التجمع النوبي [نبوكين] في العدد الثاني بتاريخ ديسمبر 1995 ص 8-9 في مقال بعنوان: وللنوبيين كلمة.. جاء فيه:
في إشارة واضحة للتجمع النوبى أوردت صحيفة "الأصالة" الصادرة صباح السبت 14 أكتوبر 1995 في صدر صفحتها الأولى وبعنوان بارز كخبر رئيسى، أنه قد تم الكشف عن محاولات لعقد تجمع عرقي جديد بالبلاد. (...... ويواصل المقال الرد):
نحن والسودان:
عن العرقية والعنصرية نقول أنه، ومنذ زمن بعيد، كان النوبيون من أكثر الفئات السودانية إسهاما في بناء الوطن وفق منظورٍ قومي جامع شمل كافة السودانيين باختلاف أعراقهم ومعتقداتهم وانتماءاتهم الفكرية. ولم يكن محمد احمد المهدى، الذى فجر ثورة في السودان لم تشهد لها المنطقة مثيلا لتحريره من الاستعمار التركى، إلا فتى نوبيا أتى من قلب بلاد النوبة.
ويسجل لنا التاريخ أن جمعية الاتحاد، واللواء الأبيض، ومؤتمر الخريجين، ثم الأحزاب السياسية المختلفة وهيئة شئون العمال التي نشأت بعد ذلك كان للنوبيين فيها دور فاعل، بل وقيادى.
ويسطر ذلك التاريخ بأحرف من نور مساهمات محي الدين جمال أبو سيف، وعبد الله خليل وإبراهيم احمد وعبد الرحمن عبد الرحيم الوسيلة ومحمد نور الدين في قيادة الحركة السياسية السودانية، كما يشهد بدور الحاج دهب عبد العزيز كأول سكرتير لهيئة شئون العمال بأتبرة، ويذكر التاريخ ضمن حداة الحركة الوطنية شاعرنا خليل فرح صاحب عزة، وشاعر نشيد المؤتمر محى الدين صابر. ويتواصل هذا العطاء في العمل العام فكريا وتنظيميا في مختلف الأحزاب والهيئات حتى اليوم: مثال ذلك أول سكرتير لمؤتمر الخريجين، ثم أول رئيس لاتحاد الكتاب السودانيين كان جمال محمد احمد. وفي الحركة النسائية كان للأصول النوبية دوراً مشهودا في شخصيات مثل حاجة كاشف وفاطمة أحمد إبراهيم وسعاد إبراهيم أحمد وغيرهن. هذا على سبيل المثال لا الحصر... فهل كل ذلك كان نشاطا عنصريا؟
هل كان نشاط اتحاد شمال السودان في مصر، المكون من أبناء وادي حلفا وسكود والمحس منذ أكثر من نصف قرن، ومبادرتهم للتضامن في عام 1948 مع الحركة الوطنية السودانية: أدبـيا بإرسال البرقيات للسكرتير الإدارى البريطانى، وماديا بإرسال الأموال دعما لأسر العمال المضربـين، عملا عنصريا؟
هل كان احتضان تـنظيمات الـنوبيين بمصر للسودانيين الوافدين للقاهرة ومساعدتهم في إيجاد أماكن للدراسة والسكن..الخ قاصرا على أبنائهم أم كان شاملا للجميع؟
يشهد التاريخ أن كل هذا أيضا من مآثر من حدث أن أسماهم الممثل البريطانى لحكومة السودان بالقاهرة في أحد تقاريره بمجموعة من البوابين والسفرجية والطباخين القادمين من منطقة وادي حلفا...
لنا أن نفخر بهذا التاريخ، وهذه المهن التي تشكل جزءاً منه، فهؤلاء البوابين والطباخين هم الذين حرصوا على التعليم حتى أن زهرة حسين عبد الله كانت أول امرأة سودانية تخرجت من كلية الطب بالجامعة المصرية عام 1933، وهى نوبية من قرية جمي؛ وأصبح الكثير من وكلاء الوزارات أو نوابهم في بداية عهد السلطة الوطنية في الخمسينات من النوبيين، فهل أرسوا دعائم إدارة وطنية راشدة أم أنهم كانوا عنصريين؟
نحن والتضحيات:
نتساءل.. يا من رميتـنا بالتفريط في تنمية منطقـتـنا:
* من غيرنا تم إجباره على التضحية بالأرض التي أقام فيها آلاف السنين لكى يقوم خزان الروصيرص وليزداد نصيب السودان من مياه النيل من أربعة إلى 18مليار متر مكعب؟
* من غيرنا تخلت عنه الدولة تماما واضطر إلى إدارة كل شئونه بنفسه فقامت جمعيتهم التعاونية الفريدة لإدارة التعليم والصحة بأبنائهم الذين استقالوا من الخدمة وبقوا معهم، كما وفروا الغذاء والكساء والمأوى لأنفسهم، وذلك لمجرد إصرارهم على البقاء بالقرب من أرضهم الغريقة جوار النهر الذى منحهم استقرارهم وحضارتهم عبر التاريخ؟
* من غيرنا شيد بجهوده وأمواله آخر الأمر بعد الغرق المساكن والمدارس ودور العبادة والأندية والزوايا وحتى السجن في مدينة وادي حلفا، في حين أن المنشآت الحكومية كالميناء ومحطة السكك الحديدية والمستشفي وحتى محطة تنقية مياه الشرب لم يكتمل تشييدها حتى اليوم؟
* من غيرنا حرمته السلطة الإقليمية عام 1978 بدعاوى دينية من مدرسة فنية كاملة عندما استجابت مدارس كمبونى، الموجودة في الكثير من أنحاء البلاد، ولبت ذلك النداء عام من هيئة حكومية ووافقت على إنشاء تلك المدرسة؟
* من غيرنا منعت السلطة عام 1990 قيام مشروعات اقتصادية وتعليمية وثقافية بأموال خاصة تقدم بها النوبيون مثل مدرسة داود عبداللطيف ومجمع إبراهيم أحمد ومكتبة طارق دهب ومشروع إنتاج وتصنيع البذور وذلك لخدمة أهلهم ومواطنيهم بل وقامت بتجميد جمعيتهم التعاونية العريقة ومنعها من العمل؟
* من غيرنا حرمته السلطة القائمة بدعوى السيادة من شريان حياته بوقف الملاحة مع مصر في حين أن حركة البضائع والبشر تسير إليها دون توقف من جميع الموانئ البرية والبحرية والجوية السودانية الأخرى دون أن بشملها القرار السيادى المفروض أن يسرى على كامل أرض السودان؟
* هل كُتِب علينا أن نكون وحدنا دائما الضحايا في العلاقات المصرية السودانية: نغرق في حالة الوفاق ثم نتعرض للإملاق والعطالة والجوع والمرض في حالة الخصام؟
كان الواجب على صحيفة "الأصالة" أن تبحث، وأن تتحرى بدقة للإجابة على مثل هذه التساؤلات. أليس من واجب الإعلامى أن يضع نصب عينيه ما يسميه الناطقون بالإنجليزية w) دبليو) وهى اختصار للحرف الأول من الكلمات التي تعنى: ماذا وأين ومتى ولماذا. لو فعلوا ذلك لكان موقفهم (في حالة الأمانة الصحفية والفكرية) مختلفا إذ لا يمكن أن تنحو باللائمة على الضحايا: الذين تتم الإشادة بوطنيتهم وتضحياتهم عند إغراقهم واقتلاعهم من جذورهم؛ ثم يتهمونهم بالعنصرية عند محاولاتهم لجمع الشمل ورص الصفوف للوقوف إلى جانب أهلهم لدرء ما ترتب على كل ذلك من مآسـى!
أليس من واجب الصحيفة أن نتساءل أولا: كيف ولماذا تقوم حكومة مسئولة بحرمان مواطنيها من مورد الرزق الوحيد المتاح لهم ثم تتوقع منهم وحدهم أن يبحثوا عن البديل؟! ولكن هل يتكلم من في فيه ماء؟ (انتهى الاقتباس)
غير أن الساحة النوبية أصبحت تمور بالحركة في ظل المتغيرات التي فرضت على النظام تنازلات متعددة، فلا مناص إذن من استثمار الظروف الحالية لمواصلة الاجتهاد وتصعيد العمل القاعدي المثابر لكي نجعل مستقبلنا مزدهرا، ليس فقط بسب تاريخنا القديم الباهر، وإنما لأننا نريد النضال من أجل الحاضر والمستقبل. فالتقدم والتطور لا يأتيان تلقائيا بل يتم إحداثهما بالعمل لتحقيق ما نصبو إليه من تنمية شاملة بمعناها الواسع في كل الشمالية لمصلحة الجميع.
ختاما نقول لأعدائنا إنا قادمون..
ولكم تحياتي، سعاد إبراهيم أحمد
الخميس9سبتمبر 2004
|
|
 
|
|
|
|
|
| |
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست