|
|
 أطفال الحرب في دارفور.....يتلاعبون بالسلاح عن الصحافة السودانية؟
|
نيالا:عارف الصاوي
سأل نجم فرقة الاصدقاء المسرحية فيصل احمد سعد الذي كان يقدم مسابقة للاطفال ضمن برنامج عافية دارفور، والذي تنظمه مجموعة عقد الجلاد في مدينتي الفاشر ونيالا هذه الايام احد الاصدقاء عن الزي الذي كان يرتديه الطفل وهو لبسة ضابط قائلا«هل انت شرطي ام ضابط في الجيش؟»فرد الطفل سريعا «لا ...انا بوليس »ثم سأل فيصل سؤاله ليحصل الطفل علي جائزة ان اجاب الاجابة الصحيحة «ماهي وظيفة البوليس؟ ودون تردد قال الطفل: بيضربوا الناس »، هنا استدرك فيصل ان عليه تصحيح المفهوم وبات يسترسل مع الطفل .........هل تعرف من هو البوليس ؟ اجاب الطفل دون ان يفقد ثقته في نفسه وعينه علي الجائزة التي سيحصل عليها في حال اجاب الاجابة الصحيحة «هم توربورا » وانتهي الحوار بمحاضرة من فيصل عن دور الشرطة وتصحيح مفهوم عملهم وكان الطفل يحدق في الجائزة غير آبه بما فهمه .
اذاً هم الاطفال يفهمون ما يريدون من سياق ما يحدث امامهم ، ففتحت هذه الحادثة لمعرفة طريقة تفكير اطفال يولودون في عمق الازمة ، فقبل هذه الحادثة كنا نري ونحن نتجول في يوم العيد بمدينة الفاشر مشهد الاطفال وهم يتلاعبون بمسدسات مزيفة ويرتدون ازياء عسكرية كجزء من ثقافة الحصول علي القوة المترسخة منذ وقت طويل في المجتمع ، لكن الوضع هنا مختلف فالحرب غير انها دمرت الحياة واحرقت القري ووطنت بصورة او اخري ثقافة العنف فانها ايضا خلقت جيلها من الاطفال الجدد او الجنود القادمين الي المعركة بشراسة ، انهم مجموعة من القصر الذين اما اصبحوا جنودا ملتحقين باي من الجيوش المنتشرة في دارفور او هي كما يقول استاذ بدوبة في نيالا والذي يعمل في العمل الطوعي ان ثقافة المجتمع المحلي في دارفور فيها تنشئة الاطفال علي الفروسية وخلق استعداد نفسي للدفاع عن مصالح القبيلة او العشيرة ، لكن منذ العام 2003 حينما صعد مجموعة من المغامرون الي الجبل لم يدرك اهل دارفور ان الاطفال لن يجدوا في كل تراث دارفور غير تكتيكات المعركة واستعدادهم للقتال وقتما تيسر لهم ذلك.
وكانت الفرصة المناسبة حينما علم الناس في دارفور ان مجموعة من المسلحين لا يتجاوز عددهم ال20 شخصا بدأوا عمليات تدريب علي سفح الجبل ، فهرعوا بسهولة اليهم لتبدأ معركة في دارفور ليس فيها رجل يتجاوز الاربعين من عمره .
ومنذ مايو الماضي سنحت الفرصة لاهل دارفور ان ينظروا الي الجنود الملثمين الذين جاءوا ضمن اتفاقية ابوجا للسلام ، انهم اطفال يطلقون شعورهم علي طريقة «البوب »ويلفون شالات صفراء او خضراء علي رؤوسهم ، وعندما سألت قائدا ميدانيا في جيش تحرير السودان يدعي عصام عن سر هذه الشالات قال ان جنودهم يركبون في عربات لاندكروزر مفتوحة من الامام وفي الغالب تحمل هذه العربات دوشكات ومدافع وجنود وهي تتحرك بسرعة كبيرة لانها تقاتل في ارض صحراوية مكشوفة للعدو وبالتالي فان وظيفة هذه الشالات هي لتخفف من حدة صوت الرصاص كهدف رئيسي غير ان عليها شعار حركتهم ، اصبحت هذه هي سمة الجنود هنا، لكن المواطنين في نيالا والفاشر ايضا تفاجأوا بمنظر شباب في مقتبل العمر يحملون الرشاشات فاطلقوا عليهم التوربورا في حين انهم يسمون انفسهم باصرار «جيش تحرير السودان» وعلي كل فان الذي حدث بحسب ضابط في الجيش السوداني ، رفض الحديث باسمه لانه غير مصرح له بذلك ، اضطرت مجموعة كبيرة من الاطفال اما اللحاق بالمعسكرات او الانضمام الي جيوش متحركة تجوب ارجاء دارفور فتأسست جيوش من الاطفال والقاصرين هم في ميدان المعركة او في اسوأ الاحوال هم الان يشعرون بضرورة لعب دور في تأمين المدن هؤلاء الاطفال وجدوا حيلا كثيرة للانضمام الي الجيوش وهي اصلا منتشرة في دارفور فاما اطفال علي متن الجياد ويعرفون باسم الجنجويد او انهم اطفال علي متن البيكب ويعرفون باسم التوربورا وبين هؤلاء واولئك هناك البشمرقة وقوات الدفاع الشعبي والذين تجندوا في الجيش بدواعي استراتيجيات شتي سواء للجيش او اهدافهم هم انفسهم.
فاول امس حينما كان زيدان ابراهيم يغني في حفلة جماهيرية بمسرح نيالا حدثت احداث شغب خلف المسرح فهرع الجميع الي مكان العنف كنا نراهم من علي السياج او يقفزون من فوقه عبارة عن اطفال وبسهولة كنا نري «طبنجات تتدلي من جيوبهم وهم يرتدون الزي الملكي » ودون حاجة الي تعقيد الموقف فان الشرطة لن تفعل شيئا الي ان تهدئ انفعالات الناس وعندما سألت مساعد شرطة كان يصدر تعليماته الي الجنود المنتشرين لتنظيم الحفل بان يهدأوا ولا يضطروا الي استخدام القوة عندما يمكن ان ينتهي به هذا العنف فاجاب بسرعة «انهم اطفال مسلحون ولا يأبهون ان انتهت الاحداث الي مجزرة » فاعدت النظر اليهم مرة اخري ، كان من علي البعد طفل لا يتجاوز الثالثة عشرة من عمره يرتدي ثياب الكشافة ويحمل عصا في يده وبنشاط وهمة انهال علي الناس ضربا بمساعدة اخرين من اطفال الكشافة.
وفي اول ايام العيد كنت قد رأيت مجموعة من الاطفال يحملون مسدسات مزيفة ويتراشقون بها وهي مليئة بالماء ويرتدون ازياء عسكرية متخلين بكامل ارادتهم عن الازياء المدنية الانيقة ، ومعظمهم يتوقون لان يصبحوا جنودا في اي من الجيوش القوية في دارفور ، وبحسب المنظمات العاملة في دارفور مثل اليونسيف فانه منذ العام 2004 قد احدثت الحرب فجوات كبيرة في ارغام الاطفال علي حمل السلاح بدلا من النزوح لالاف الكيلو مترات نحو المعسكرات فقد قدرت منظمة العفو الدولية ان حوالي 7000 ارغموا علي الفرار من قراهم في العام 2004 حول منطقة زالنجي وهم في الغالب اما انهم انضموا الي الجيوش المعارضة او قتلوا بواسطة مليشيات، ومنذ العام 2004 وحتي الان فان الناظر الي الخريطة الديموغرافية في دارفور يدرك ان الابطال الجدد هم حملة السلاح من الاطفال ، فاثناء عودتنا من المنزل امس في ساعة متأخرة بنيالا اوقفنا جنود في نقطة تفتيش داخل المدينة ، كان الجندي الذي تحدث معنا لا يتجاوز عمره 17 عاما وهو مدجج بالسلاح ويقوم بدوره باعتداد واضح ، مما جعلنا نتحدث كثيرا عن انتشار ثقافة الجندية في هذا المجتمع المحلي الذي تسوده الفوضي ولم يخرج بعد من حالة الحرب.
لكن هل يستمر الوضع هكذا والاطفال هم حملة السلاح الي وقت طويل؟
|
|
 
|
|
|
|
الرفاعي عبدالعاطي حجر
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست