|
حنين القماري - بقلم عدنان زاهر
|
القمري بدل مواقفه رغماً عن ميلي الي الشعر التقليدي فأني احتفي بنظمنا الشعري العامي لما فيه من اصالة وعذوبة فطرية في مفرداته , وفي ابيات الاخ الاديب بشري الفاضل في البوست المعنون (القمري بدل مواقفه) مصداق لما ذكرت , وعلي الصعيد الشخصي فأنني أعجب الي درجة الحب بهذا الطائر الجميل الرشيق الوديع القمري , واستدعي البوست الي ذاكرتي نصاً أدبياً أحسبه رائعاً عن القماري كتبه شقيقي عدنان زاهر ونشرته مجلة (حضارة السودان ) في عام 2003 وعنوانه (حنين القماري) , وآمل ان يشاركني القارئ متعة قراءة هذا النص الادبي.
حنين القماري
هل تصدقين أحس بأنني قد اصبحت عاجزاً عن الفعل , عاطل المواهب وغير مفيد لنفسي او للآخرين . صار يتملكني ذلك النوع من الاحساس الذي ينبئك بأنك خواء وغير مؤهل لرحلة الخلق والتعبير . الافكار البكر تتسرب من بين ثنايا العقل والقلب , الخيال يروض بأناة معلم متجهم القسمات , حتي الكلمات تيبست ما بين مسافات الابداع وتهاوي القلم الشبق علي هوامش الدفاتر المنسية . هل يمكن ان تتلاشي هكذا كل الاشياء الجميلة و الرائعة !؟ وهل يصدق ان تكوني قد حزمت معك , سناني , لغتي , عقلي وقلبي المجهد!؟؟ أعرف ان طبعك الرقيق يرفض كل تلك الغلظة في التعامل وانك تعلمين كم هو قلبي مرهق وعليل ! أود أن أحكي لك عن حادث وقع لي في لحيظات الصبا الباكر وصار يلازمني ويتكرر أمامي بصورة يومية ثم يظل منطبقا بذاكرتي فترة طويلة لا يود مبارحتها . في تلك السنوات طرية الايقاع , وعندما كنا أكثر غفلة وسذاجة في تناول الاشياء اصطدت في احدي المرات (بنبلتي) احدي القماري اللاهية في خريف كان ماهلاً ذلك العام , وكانت قمرية مهيبة الحسن بريشها المتداخل الالوان والاشكال وبرفقتها قمرية اخري في مثل جمالها وخيلائها فرت بجلدها مذعورة امام عدواني الاغتيالي الفجائي , والمباغت غير المبرر . كنت احيانا حينما يأتي بي الدرب الي ذلك المكان أجد القمرية الاخري التي فرت بجلدها تتجول مندهشة وحائرة , وعندما تشاهدني تنطلق طائرة في الفضاء الفسيح في سرعة وفزع وهي وجلة . حينها أخبرني أحد رفاق الطفولة أنها زوج القمرية التي قمت أنا بأصطيادها واغتيالها غيلة وتلصصاً . الان بعد كل السنوات المنسرقة من العمر كم أحس بالاسي والندم وبقسوتي الاولي تجاه تلك القمرية المهيبة الحسن وأنا أحث الخطي وجلاً مندهشاً في قاهرة المعز باحثاً عنك .
|
|
|
|
|
|