|
Re: البحث عن صندوقنا الأســود !! • السودان : المنارة أم الجسـر ؟! حلقة جديدة سيرة الصحافة والسي (Re: د.عبد المطلب صديق)
|
من أين جاء هؤلاء و المقصود بهؤلاء سلطة الإنغاذ أو المؤتمر الوطني الحاكم اليوم في بلادنا و هي تعبير عن استهجان و رفض الممارسات التي مارسها النظام طوال العشرين عاما السابقة و التي لا تمت لقيم و أخلاقيات شعبنا بصلة مثل القتل العمد ، التصفيات ، الإعدامات، السجون و المعتقلات و بيوت الأشباح ، النهب و السلب ، و إشاعة قيم الكسب الحرام و التسابق من أجل المال و الثراء الفاحش ، إزلال الناس و إفقارهم و إنتهاك حرماتهم و أعراضهم و فضحهم و تعذيبهم و تشريدهم و تجويعهم و تحريضهم و بذر بذور الفتن بينهم ، و استغلال حاجة الناس الفقراء و إفسادهم و غيرها من القيم الغريبة علي عادات شعبنا و تقاليده و عاداته التي لا تحصي و لا تعد و التي استشرت خلال سنوات الحكم المشؤوم و فيما يلي النص الأصلي لصرخة كاتبنا و أديبنا الراحل الطيب صالح عظم الله أجره و طيب ثراه منقولة عن منتديات رماة الحدق ،،، و بجانب أنها صرخة احتجاج و استهجان و استنكار لكنها أيضا لوحة فنية و إبداع أدبي رصين من ابداعات أديبنا الراحل المتشبع و المتشرب بقيم شعبنا و أخلاقياته و التي عكسها في كل كتاباته الأدبية و كذلك في سلوكه و دماثة خلقه و حسن معشره فقد كان بحق سفيرا أصيلا و مشرفا لكل السودانيين ،،، لذلك فإن أدب الطيب صالح يمكن أن يصنف أيضا ضمن الأدب الملتزم المرتبط بقضايا الناس و أحوالهم و المعبر عنها في صورة لوحات و إبداعات فنية ،، دومة ود حامد،، بندر شاه ،، نخلة تحت الجدول و غيرها من اللوحات المنشورة و غير المنشورة
Quote: من أين أتى هؤلاء؟ - الطيب صالح
السماء ما تزال صافية فوق أرض السودان أم أنّهم حجبوها بالأكاذيب ؟ هل مطار الخرطوم ما يزال يمتلئ بالنّازحين ؟ يريدون الهرب الى أيّ مكان ، فذلك البلد الواسع لم يعد يتّسع لهم . كأنّي بهم ينتظرون منذ تركتهم في ذلك اليوم عام ثمانية وثمانين . يُعلَن عن قيام الطائرات ولا تقوم . لا أحد يكلّمهم . لا أحد يهمّه أمرهم . هل ما زالوا يتحدّثون عن الرخاء والناس جوعى ؟ وعن الأمن والناس في ذُعر ؟ وعن صلاح الأحوال والبلد خراب ؟ الخرطوم الجميلة مثل طفلة يُنِيمونها عُنوةً ويغلقون عليها الباب ، تنام منذ العاشرة ، تنام باكية في ثيابها البالية ، لا حركة في الطرقات . لا أضواء من نوافذ البيوت . لا فرحٌ في القلوب . لا ضحك في الحناجر . لا ماء ، لا خُبز ، لاسُكّر ، لا بنزين ، لا دواء . الأمن مستتب كما يهدأ الموتى . نهر النيل الصبور يسير سيره الحكيم ، ويعزف لحنه القديم " السادة " الجدد لايسمعون ولا يفهمون . يظنّون أنّهم وجدوا مفاتيح المستقبل . يعرفون الحلول . موقنون من كل شيئ . يزحمون شاشات التلفزيون ومكرفونات الإذاعة . يقولون كلاماً ميِّتاً في بلدٍ حيٍّ في حقيقته ولكنّهم يريدون قتله حتى يستتب الأم مِن أين جاء هؤلاء النّاس ؟ أما أرضعتهم الأمّهات والعمّات والخالات ؟ أما أصغوا للرياح تهبُّ من الشمال والجنوب ؟ أما رأوا بروق الصعيد تشيل وتحط ؟ أما شافوا القمح ينمو في الحقول وسبائط التمر مثقلة فوق هامات النخيل؟ أما سمعوا مدائح حاج الماحي وود سعد ، وأغاني سرور وخليل فرح وحسن عطية والكابلي و المصطفى ؟ أما قرأوا شعر العباس والمجذوب ؟ أما سمعوا الأصوات القديمة وأحسُّوا الأشواق القديمة ، ألا يحبّون الوطن كما نحبّه ؟ إذاً لماذا يحبّونه وكأنّهم يكرهونه ويعملون على إعماره وكأنّهم مسخّرون لخرابه ؟ أجلس هنا بين قوم أحرار في بلد حرٍّ ، أحسّ البرد في عظامي واليوم ليس بارداً . أنتمي الى أمّة مقهورة ودولة تافهة . أنظر إليهم يكرِّمون رجالهم ونساءهم وهم أحياء ، ولو كان أمثال هؤلاء عندنا لقتلوهم أو سجنوهم أو شرّدوهم في الآفاق . من الذي يبني لك المستقبل يا هداك الله وأنت تذبح الخيل وتُبقي العربات ، وتُميت الأرض وتُحيي الآفات ؟ هل حرائر النساء من " سودري " و " حمرة الوز " و " حمرة الشيخ " ما زلن يتسولنّ في شوارع الخرطوم ؟ هل ما زال أهل الجنوب ينزحون الى الشمال وأهل الشمال يهربون الى أي بلد يقبلهم ؟ هل أسعار الدولار ما تزال في صعود وأقدار الناس في هبوط ؟ أما زالوا يحلمون أن يُقيموا على جثّة السودان المسكين خلافة إسلامية سودانية يبايعها أهل مصر وبلاد الشام والمغرب واليمن والعراق وبلاد جزيرة العرب ؟ من أين جاء هؤلاء الناس ؟ بل - مَن هؤلاء الناس ؟
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|