ساهمت النزوعات الثقافية الفطرية في مناخ إجتماعي محفز علي تدشين مستقبله الفكري نشأ في أسرة من الطبقة الوسطي لأبوين غير متدينين ..بل أن والده كان فناناً يرسم ويوفر له فنه دخل جيد لإعاشة الأسرة لكنه أفلس بعد إختراع التصوير الفوتغرافي توفي والده فتولي بعد ذلك جده لأمه العناية به. علي النقيض من والده كان جده لأمه حاخاماً يهودياً يحرص علي إفشاء جو تديني في الأسرة وعلاي أفرادهاوذلك لم يجد هوي في نفس الصبي ولكنه لم يتمرد علي جده. كتب ستيفن غلاديوت – في الملحق الأدبي للتايمز عن تلك البيئة ( كان مناخ منزل العائلة فنياً فوق كل شيء. وعندما كانت النقود التي يجنيها والده من رسم الوجوه تعوزه، كما كان الحال غالباً، كان والده يحول البيت إلى ورشة لصناعة الأقمشة. وقد أنتج كلاود نفسه عدة تصميمات. وكانت الموسيقى بدورها حاضراً أساسياً، وكانت مصدراً لافتخار العائلة الكبير، حتى أن جد والده الذي يتحدر من منطقة ألساس، كان مديراً لفرقة أوركسترا ملكية للرقص في عهد الملك لويس فيليب، وقد ترعرع كلاود الصغير وهي يحفظ أوفينباخ عن ظهر قلب). منذ مراحل الدراسة الثانوية في عشرينات القرن الماضي بدأ ستراوس مسيرته مع القراءة والبحث حتي اكتشف الفكر الماركسي فنشط في منظمات العمل اليساري حتي انتخب أميناً عاماً للطلاب الإشتراكيين وبعدها عضواً في التيار التقدمي الإشتراكي الفرنسي. شجعت الماركسية شتراوس علي إدمان البحث فدرس الحقوق ثم تم قبوله في السوربون ودرس الفلسفة ثم دراسات خاصة في علم النفس وعمل بعدها معلماً في مونت دي مارسون وكل ذلك لم يبلغ الثالثة والعشرون بعد (يا حليلنا نحن) أفادته دراسته لعلم النفس مع عالم النفس جورج دوماس في السوربون. حيث رشحه دوماس والذي عمل على تأسيس (جامعة ساو باولو) لعلمه برغبة شتراوس في دراسة علم الإجتماع. إلي الإنضمام عام 1934 إلي بعثة فرنسية من الأساتذة للالتحاق بالجامعة أستاذاً لعلم الاجتماع في الجامعة. وافق شتراوس رغم أنه أمهل بضع ساعات لإتخاذ قراره . في ساوباولو بدأ شتراوس في تطوير إهتمامه بالتوسع في العناية بعلوم الإنسان لا سيما الإثنولوجيا واُثنوغرافيا والتان كانت البحوث فيهما حديثة نسبياً ومرتبطة بأهداف وتمويل إستعماري. بدأ أولاً بصفة إسبوعية الاختلاط بمجتمعات منعزلة هندية ساعيا ً لدراسة ثقافاتها في مهمة صعبة وصف عدم قدرته علي الإلمام بلغة هذه الجماعات البدائية بأنك تتعامل مع الفرد كصورة في المرآة تستطيع لمسها ولا تفهمها إستفاد آنذاك من إتجاه روبرت لوي الآنثروبولوجي الإمريكي العملي في تطبيق نطرياته عن هذه المجتمعات لكنه ركز علي جهده الخاص في دراسة هده المجتمعات لا سيما وأن مرجعيته الآيديولوجية تقف بالضد من النزعة العنصرية التي تقوم عليها حتي تلك اللحظة الدراسات الآنثروبولوجية في مقاربتها لهذه المجتمعات التي تدني من الشأن الثقافي للآخر. ولعمري قد نفهم من هذا المنطلق إستياء الآنثروبولوجي السوداني د.عبدالله علي إبراهيم من نفس النزعة عند هارولد ماكمايكل الباينة في سفره (تاريخ العرب في السودان، 1922) والقس الأنجليكاني ترمنقهام في كتابه عن الاسلام في السودان (1949). في الإذدراء بالاصل الإفريقي في الهجنة السودانية وإذدراء الإسطورة في مرجعية النسابة والتي تملك أكثر من وضيفة بغض النظر عن صدقية النسب من عدم صدقيته. طورت فيما بعد خاصة خلال الاربعينات عندما حبز ستراوس الذهاب لإميركا بدلاً عن الرجوع لفرنسا أثناء الإستعار النازي لقاءاته مع جاكبسون وسوسير منهجاً بحثياً مثل إنقلاباً حقيقياً في دراساته القادمة تعرف ستراوس علي علم اللسانيات البنيوية والذي توصل عند تطبيقها علي الظواهرالثقافية الإجتماعية إلي آلية النماذج التفسيرية. هذه الآلية التي لاحظت أن عبدالوهاب المسيري يرحمه الله قد تبناها في دراساته للظاهرة الصهيونية أيضاً أمدت ستراوس بالمعايير المناسبة لدراسة وتحليل الظواهر الثقافية في هذه المجتمعات الموسومة بالبدائية. توصل ستراوس عبر منهجيته الجديدة والتي عرفت باسم الآنثروبولوجية البنيوية إلي تفسيرات للأساطير والظواهر الإجتماعية الثقافية في المجتمعات التي درسها علي الأرض إلي نتائج مفادها أن الإنسان هو الإنسان من حيث إستعدادته الطبيعية الفطرية وانتاجاته الثقافية في كل المجتمعات كتب عن توافر نفس الظاهرة في كل المجتمعات لكنها علي تمظهرات مختلفة. قارن بين ممارسات لا حضارية في المجتمعات الغربية مثل تكبيل الفرد المصاب بالجنون بالأغلال أو إعدامه. في الوقت الذي كانت المجتمعات الموصوفة بالبدائية توفر لهم إحترام وعناية بالغين وأساليب علاجية ناجعة في كثير من الأحيان كان يدرس هذه الظواهر وفق معيار قيمي واحد يطبق علي الظاهرة المشتركة نوعياًعلي جميع الثقافات بعد ذلك شن ستراوس هجوم علي الفكر الذي يذدري المجتمعات الموصوفة بالبدائية بسبب شكل مساكنها أو أدوات عيشها وثقافاتها التي تقوم علي ذلك مشيراً أن هذه المجتمعات تمتلك قيماً إحتماعية وثقافية إيجابية بدرجةلم تستوعبها الدراسات الإناسية السابقة لخلل في مناهجها. وكانت له نزاعات مع اليونسكو التي لم يرضي تعاونه معها الكثيرون من أنصاره بسبب إرتباطاتها الإمبريالية المبطنة لكن كانت له مواقف إيجابية ضد الكثير من توجهات اليونسكو وصلت لدرجة أن قاطعها ولم تعد العلاقة إلا قبل عدة أعوام كان يعارض نهج التواصل بين الشعوب الذي تستنه اليونسكو بحجة أنه قد يغير في ثقافات هذه المجتمعات الموصوفة بالبدائية في محاولة تمدينها وبالتالي تهديد ثقافاتها بالتحديث الذي يجدد كل شيئ في المدن الكبري بسرعة وبصورة سيئة. وأيضاً لم يتفق مع رأيه الكثيرون وسنتعرض لاحقاً للكثير من ذلك...
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
Sinnary
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست