ما هو دور الاسلاميين في ثورة اكتوبر

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-04-2024, 10:46 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الرابع للعام 2009م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
10-22-2009, 11:21 AM

khaleel
<akhaleel
تاريخ التسجيل: 02-16-2002
مجموع المشاركات: 30134

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
ما هو دور الاسلاميين في ثورة اكتوبر

    افيدونا للتاريخ

    حيث اننا لم نولد ايام ثورة اكتوبر

    هل هم من فجر ثورة اكتوبر
                  

10-22-2009, 11:49 AM

khaleel
<akhaleel
تاريخ التسجيل: 02-16-2002
مجموع المشاركات: 30134

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ما هو دور الاسلاميين في ثورة اكتوبر (Re: khaleel)

    مجحوب عروة


    محجوب عروة
    بشروق شمس يوم 21 اكتوبر يوم الخميس الماضى يكون قد مر علي ثورة اكتوبر الشعبية في السودان اربعون عاما بالتمام والكمال .
    وعليه نفترض ان تكون هذه التجربة قد بلغت سن الرشد ومن حقنا بل واجبنا ان نقيّم هذه التجربة الفريدة في العالم الثالث بقدر كبير من التجرد والموضوعية بعد ان اخذت حقها من الانفعالية والعصبية الفكرية والسياسية .. ذلك انه كلما تباعدت السنين عن احداث اكتوبر كلما اعطتنا المزيد من الوقت للتأمل في اسبابها واحداثها ومآلاتها.. عظاتها وعبرها .
    ولمن فاته معرفة لصيقة بثورة 21 اكتوبر 1964 من الاجيال السودانية الجديدة التى لم تحضرها يتعين عليّ ان أذكر-باختصار- اسباب ووقائع تلك الثورة التي انطبقت عليها تلك الطرفة السياسية الشهيرة : اكتوبر أشعلها الأخوان المسلمون والشيوعيون بجامعة الخرطوم وغنى لها الشيوعيون وورثتهما الاحزاب السودانية حزبا الامة والاتحادى...
    واسباب اكتوبر وأحداثها معروفة فهي حركة سياسية قوية ضد حكم 17 نوفمبر العسكري تفاعلت عبر ست سنوات منذ نهاية الخمسينيات وتفجرت وانطلقت من داخلية البركس بجامعة الخرطوم اثر تطورات سياسية مثيرة طيلة سنوات الحكم العسكرى شاركت فيها كل الأحزاب السياسية والنقابات والأتحادات على رأسها اتحاد الجامعة واستشهد فيها الطالب احمد القرشى وآخرون وتوالت الاحداث والمظاهرات الصاخبة فى اليوم التالي عقب الصلاة على الجنازة في وسط الخرطوم ضد النظام العسكري طالبوا فيها بزوال الحكم العسكرى وشارك كل اهل السودان فى كل الأقاليم لدرجة ان اهل كسلا تحركوا بقطار شهير وزحفوا نحو الخرطوم و استجاب الرئيس عبود تحت ضغط ضباط الجيش والمظاهرات الشعبية والاضرابات فقرر حل المجلس العسكري ومجلس الوزراء خاصة بعد ان جاءته الاخبار بان كل الأحزاب السياسية والهيئات والنقابات التى تحالفت تحت اسم ( جبهة الهيئات) التقت في قبة الامام المهدي وقبلها فى منزل الدكتور أحمد الأمين عبد الرحمن وحضرها بعض ضباط الجيش واعلنوا العصيان المدني حتى سقوط النظام و استجاب الرجل الطيب الفريق ابراهيم عبود لرغبة الشعب حقنا للدماء خاصة بعد ان سقط شهداء امام ساحة القصر الجمهوري برصاص بعض ضباط وجنود الجيش وأدرك عبود أن عددا كبير من ضباط الجيش يساندون الثورة الشعبية..
    هذا باختصار شديد ماحدث وقد كتب عنها كثيرون كل من وجهة نظره فاكتوبر هى ثورة كل الشعب السودانى ولا تستطيع جهة واحدة ادعاء احتكارها.
    اما نتائج ثورة اكتوبر فكثيرة اهمها قيام حكومة قومية برئاسة الأستاذ سر الختم الخليفة قوامها الاحزاب السياسية والنقابات والهيئات التي اشعلت الثورة وسندتها بالعصيان المدني ثم قيام انتخابات عامة في البلاد بعد اشهر قليلة فاز فيها الحزبان الأتحادى والأمة بشكل رئيسى ودخل الشيوعيون والأخوان البرلمان. ولعل من اهم انجازات حكومة اكتوبر برئآسة سر الختم الخليفة هو مؤتمر المائدة المستديرة التي استجاب لها قادة التمرد الجنوبي وعادوا للبلاد وكذلك بقية الاحزاب السودانية الشمالية والجنوبية والتي انبثقت منها لجنة الاثني عشر وبقي في البلاد بعض قادة التمرد مثل السيد وليم دينق الذى قاد حزب سانو (قتل فى هجوم غادر) ورجع منهم الذين كانوا يطالبون بالانفصال وعاد التمرد من جديد أشد ضراوة حيث لم تستطيع القوي السياسية التي استمرت بلجنة الاثني عشر ان تضع نهاية سعيدة لمشكلة الجنوب رغم تطورها للجنة كل الاحزاب فاللجنة القومية للدستور التي وضعت مشروع دستور 1968 حتى جاء انقلاب 25 مايو1969 فوضع نهاية للتطور السياسي والدستوري الطبيعى السلمى وادخل البلاد من جديد فى دوامة العنف والدورة السياسية الخبيثة حتي اليوم .
    مايهمنا الان هو الاجابة علي السؤال موضع هذا المقال: هل ثورة اكتوبر بعد تجربة الاربعين عاما هى نعمة ام نقمة سياسية؟ ثم ماهي الدروس المستفادة منها لحاضر ولمستقبل السودان ؟ ماهي ايجابياتها وماهي سلبياتها ؟ وادعوا كل المفكرين للاجابة عن هذه الاسئلة لعلها تنير لنا طريق المخاطر من أجمل مستقبل افضل.
    من الصعب الاجابة علي السؤال الاساسي بشكل قاطع فمن المؤكد ان الرأي العام السوداني منقسم الي فريقين اساسيين يقول احدهما ان ثورة اكتوبر 1964 ونتائجها كانت وبالا علي السودان ويقول الفريق الآخر انها كانت ثورة شعب وتجربة سودانية فريدة لها ايجابياتها الكبري على التجارب الأنسانية مثل الثورة الفرنسية وغيرها التى اسهمت بقدر وافر فى تكريس حقوق الأنسان وشعارات فذة مثل الحرية والأخاء والمساواة والعدالة وحكم القانون والتبادل السلمى للسلطة بديلا عن ما سبقها من تسلط الحكم المستبد الفاسد وسجن الباستيل الرهيب.
    حجج الفريق الاول ترتكز علي ان ثورة اكتوبر اطاحت بنظام انجز الكثير على الصعيد الاقتصادي من مشاريع شتي في الزراعة والصناعة والسكك الحديدية والتوسع في التعليم العام وفي السياسة الخارجية المتوازنة بين الشرق والغرب وفي تطوير القوات المسلحة والقوات النظامية .
    اما انصار الفريق الآخر فيقولون صحيح ان نظام 17 نوفمبر انجز اقتصاديا ولكنه عجز ان ينجز سياسيا ويؤسس لنظام حكم مستقر بل فاقم مشكلة الجنوب بنهجه العسكري البحت الصارم تجاه هذه القضية الشائكة والسياسة المعقدة مما كرس المزيد من ازمة الثقة بين الشمال والجنوب ودفع البلاد الى مزيد من الصراع المحموم حول السلطة وكان سيكون نظاما ناجحا لو توازن ذلك التطور الأقتصادى مع التطور السياسى ولكن طبيعة النظام العسكرى لم تدرك ذلك فحدث الأحتقان السياسى وأدى الى ثورة عارمة ضده واستمرت مشكلة الجنوب بآثارها السالبة والمرهقة للميزانية العامة ومن ثم المواطن السودانى دافع الضرائب وممول الميزانية.
    ان النظرة العلمية الفاحصة والتحليل الموضوعي يستوجب ان ننظر الي ثورة اكتوبر علي انها تجربة سودانية محضة لها ايجابياتها و سلبياتها فهي ليست شرا محضا ولاخيرا محضا ويتعين علينا ان نتجرد وننظر كيف يمكن ان نستفيد منها و من تجاربنا السابقة حتي نؤسس لمستقبلنا على ضوء تجارب الانظمة السابقة جميعا ديمقراطية وغير دمقراطية ليبرالية أوشمولية مدنية أوعسكرية.. تقليدية أم يسارية أو إسلامية... فمن المؤكد أن كل تلك التجارب منها المفيد ومنها عكس ذلك.. فيها إيجابياتها وفيها سلبياتها والمطلوب هو أن نتجرد ونحدد ما هو الإيجابي فنستفيد منه وما هوالسلبي فنتجنبه. هذا إذا أردنا الخير والسلامة والأستقرار و النماء، أما إذا تخندق كل واحد منا في خندقه الفكري والسياسي وسلكنا نفس سلوك الماضي في التعصب والمكايدة الفكرية والسياسية فلن تنفع أكتوبر ولن تنفع غيرها حتى الإستقلال نفسه الذي صار بسبب الإحباط مدعاه للسخرية منه حتى كادت ان تصح تلك الطرفة التى قالها زعيم حزب تقدم السودان العم (ازرق) الذي كان يدعو الى تأخير استقلال السودان عشرون عاما أخرى نتعلم خلالها من الأنجليز ادارة البلاد وممارسة الديمقراطية بشكل أفضل وكذلك حل مشكلة التى أوجدوها هم ..!! وعندما نافس الزعيم الأزهرى فى الأنتخابات حصل على اربعين صوتا فقط وقال قولته المشهورة ( الحمد الله أن في السودان اربعين رجلا عاقلا ).
    الصحيح هوالقول أن ثورة اكتوبر هي نعمة ونقمة فى آن واحد.. وبالعبقرية السودانية المنتجة هي ( حلومر ) السياسة السودانية... هي نعمة لانها اكدت ان اهل السودان يرفضون الحكم المتسلط غير الديمقراطي الذي رفض حل مشكلة الجنوب بالحوار والوسائل السلمية .. هي نعمة لانها تجربة سودانية خالصة وفريدة لتاكيدها الرفض لتهميش الرأي الآخر مهما كان من مبررات الحكم الدكتاتوري لانه برفض المشاركة الواسعة في صنع القرار الوطني لا نتجنب المزالق ولان من اهم ضرورات الحكم هو بالأقناع والأقتناع و التفاعل الحر عبر عملية الشورى الحقيقية الواسعة والملزمة وآليات النظام الديمقراطى الذي يكرس حكم القانون وقدرا اكبر من الشفافية والعدالة والمساواة فى التوزيع العادل للسلطة.. وثورة أكتوبر نعمة لانها كرست الشعور الوطني وأعطت دفعة جديدة لعملية البناء القومى بما افرزته من تفاعل واسع بين كافة مكونات النسيج الاجتماعي السوداني رغم ماصاحب ذلك من خلافات في الراي وبروز المنظمات الاقليمية التي تطالب بالعدالة والمساواة فى السلطة والثروة وهذا حقها..
    وفي الجانب الاخر ابرزت ثورة اكتوبر سلبيات عديدة وأخطاء فادحة في الممارسة السياسية اولها محاولات البعض لأستغلالها ضد مخالفيهم والأستفراد بالحكم لمآرب سياسية محلية واقليمية ودولية تمثل ذلك في حكومة اكتوبر الاولي حتي تحالفت القوى السياسية التقليدية واعادت التوازن في الحكومة .
    من اكثر اخطاء ثورة اكثوبر أيضا تلك الشعارات والقرارات فيما سميت (التطهير واجب وطنى) في الخدمة المدنية بسبب المكايدات والاجندة السياسية الخفية للبعض مما افقد الخدمة المدنية كثيرا من الكفاءات ومن ثم بدأ مسلسل ( التطهير ) والفصل من الخدمة منذ ذلك الوقت تحت ماسمي ( الاحالة للصالح العام ) وما هو كذلك انه هو الا لصالح بعض القوى السياسية والتطلعات الشخصية والسياسية البحتة، ومنذ ذلك الحين وحتي اليوم ضربت الخدمة المدنية في اعز ما تملك وما اشتهرت به منذ الأستقلال الا وهو ( حيدة الخدمة المدنية ) وكفاءتها.
    ومن اخطاء اكتوبر 1964 ذلك الشعار الذي ظلت آثاره السالبة حتي اليوم ( الا وهو تصفية الادارة الاهلية والذي طبق عام 1970 فانفرط ذلك النسيج الأجتماعى والدور الايجابي للادارة الاهلية في السودان حفظا للأمن وكفاءة في الادارة المحلية وضبطاً للنسيج الأجتماعى وها هى احداث دارفور تعطى مثلا صارخا لذلك..
    ومن اخطاء ثورة اكتوبر ذلك الصراع العنيف والمكايدة السياسية بين فصائل اليسار السوداني المختلفة والحركة الاسلامية التي ادت الي دق اول مسمار في نعش الديمقراطية بحل الحزب الشيوعي مما دفع قبائل اليسار في اللجوء الي القوات المسلحة واستخدامها في الصراع الفكرى والسياسى واحلال العنف (بالأنقلاب) محل التطوير السياسي الدستوري فكانت مايو 1969 وتكرر نفس الشئ للأسلاميين فى 30 يونيو 1989وهكذا استمرت الدورة الخبيثة في السودان حتي اليوم...
    ومن اثار ثورة اكتوبر السالبة دخول السودان في دوامة الصراع الفكرى والسياسى الاقليمي واالدولي فمثلا الدعوه للمصادرة والتأميم كاحد الحلول الاقتصادية وقطع العلاقات مع المانيا الاتحادية والأعتراف بالمانيا الشرقية وغيرها وغيرها من شعارات وأفكار يسارية ويمينية والتى طبقت كلها بتلك الطريقة العشوائية وبدوافع المكايدة السياسية ليس الا والتى أورثتنا المأزق الحالى ولاندرى كيف نخرج منه حتى أصبح كل من يريد تحقيق مصلحة اقليمية أو عالمية يحشر أنفه فى قضايا السودان ...الجنوب ودارفور والشرق وهلمجرا.
    ومن سلبيات التجربة ذلك التعجل الغريب للاحزاب السياسية في اجراء الانتخابات عقب أكتوبر (وهو ما حدث ايضا عقب انتفاضة رجب ابريل 1985) فجاءت الاحزاب مستعجلة للسلطة دون ان تستعد لها او ترتب أحوالها وتضع برامجها فكثر الفشل والانشقاقات الحزبية من أجل النفوذ والسيطرة والحكم والمصالح الآنية لا مصلحة الوطن ...
    باختصار ثورة اكتوبر 1964 لها محاسنها وانجازاتها ولعل اهمها ذلك الاسلوب الفريد الذي طبقه الشعب السوداني في رفض الحكومات المتسلطة فكررها في انتفاضة رجب ابريل 1985ومستعد لتطبيقها اذا تكررت نفس الظروف أو حدث احتقان سياسى.. وكنت قد ناقشت بعض اركان حكم نوفمبر بعد ثورة اكتوبر وقلت لهم لو أحدثتم اجراءات سياسية وتطورات دستورية متقدمة مثل ما فعلتم فى الاقتصاد السوداني والتعليم لما حدث احتقان سياسي ولما قامت ثورة اكتوبر أصلا..















                  

10-22-2009, 12:06 PM

khaleel
<akhaleel
تاريخ التسجيل: 02-16-2002
مجموع المشاركات: 30134

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ما هو دور الاسلاميين في ثورة اكتوبر (Re: khaleel)

    وراي اخر منقول
    ربما لم يكن من الدقة بمكان وصف التغيير الذي حدث في 21 أكتوبر 1964 بالمفردة "ثورة." وذلك لأن هذا المفهوم يتضمن منجزات ونهضة تحدث نتيجة التغيير الإجتماعي والسياسي والثقافي والعلمي, كالثورات الفرنسية والبلشفية والصينية والميجي اليابانية. ولا تعني الثورة مجرد تغيير حاكم أو نظام مع ركود المجتمع, أو الحفاظ علي العلاقات التي كانت سائدة خلال الحكم الذي سبقه. بيد أن هذا لا يعني التقليل من شأن أكتوبر, التي كانت حدثاً فريداً أثار إهتمام العالم - بما فيه الغربي - في حِقبة كان فيها العديد من دول العالم الثالث مستعمرة. وأكدت ثورة اكتوبر عِشق الشعب السوداني للحرية, وإشمئزازه من حُكم الطغاة والإستبداد بكل أشكاله ومُسمياته.

    بدلاُ عن سرد تفاصيل كيف, ولماذا حدثت الثورة, وكيف تُوجِت بالنجاح, يُحاول هذا المقال تغطية المسيرة السياسية بعد الثورة. وذلك لأن الحصيلة الناتجة عن التغيير ربما كانت أهم من التغيير, كالمبني الذي هو الجزء المرئي من الأساس والأهم.

    شهدت الديمقراطية التي أعقبت ثورة أكتوبر - في البداية - تطوراً عن التي سبقتها, لأنه تمّ إلغاء مجلس الشيوخ, وتخفيض عمر المقترعين من واحد وعشرين إلي ثمانة عشر عاما. كما حصلت المرأة علي حق الإقتراع والترشيح لأول مرة, وكانت فاطمة أحمد أبراهيم أول إمراة برلمانية في الشرق الأوسط. وبعكس الإنتخابات السابقة, فقد بدأ نفوذ القوي التقليدية في الضعف, حيث ظهرت في الساحة السياسية قوي حديثة ممثلة في الحزب الشيوعي والأخوان المسلمين. بالإضافة إلي ظهور الحركات الإقليمية المطلبية, كمؤتمر البجا, وإتحاد جبال النوبة الذي حصل علي تسعة مقاعد.

    وشهدت تلك الفترة أيضاً نفوذ وشعبية الحزب الشيوعي بحكم وجوده الفاعل في النقابات, التي كانت عنصراُ أساسياً في نجاح الثورة, وتمثلّ هذا النفوذ في في حصوله علي أحد عشر نائباً. أثار ذلك غِيرة الأخوان المسلمين, فاستثمروا, وفي رواية, إختلقوا تلك الحادثة بإثارة حملة إعلامية وسياسية ضخمة, حشدوا فيها المشاعر الدينية لحل الحزب الشيوعي. وتمكنوا من جر العناصر اليمينية في الحزبين الكبيرين لإجازة تشريع حله. وتمّ حله, ومصادرة ممتلكاته, وطرد نوابه من الجمعية التأسيسة في 1965. ولم يكترث الحزبان الكبيران لمبدأ فصل السلطات وإحترام قرار المحكمة العليا, الذي قضي بعدم دستورية ذلك التشريع, مما أثار سخط السلطة القضائية التي فقدت هيبتها ومكانتها.

    وفي تلك الحقبة, بدأ الصادق المهدي مسيرته السياسية بإقصاء محمد أحمد المحجوب من رئاسة الوزارة عند إكماله الثلاثين. أدي ذلك لإنقسام حزب الأمة إلي جناحين أحدهما برئاسته, والثاني بقيادة عمه الإمام الهادي المهدي. وكان سبب الإنقسام أن المهدي إعتقد بضخ دماء شابة في الحزب, وبفصل السلطة السياسية من سلطة الامامة اللتان يجمعهما حاليا. وقد ساهم إنقسام حزب الأمة في عدم إستقرار تلك الفترة لأنه تسبب في تعدد الإئتلافات, الأولي بين جناح الإمام الهادي والحزب الوطني الإتحادي, والثانية بين جناح الصادق والإتحادي, والثالثة بين جناح الإمام والإتحادي الديمقراطي. ودعا حزب الأمة إلي جمهورية رئاسية بدلاً عن النظام البرلماني. وبمبادرة من الصادق المهدي, تمّ إلغاء دوائر الخريجيين في إنتخابات 1968.

    وتمّ خلال الفترة الديمقراطية الثانية دمج حزب الشعب الديمقراطي مع الوطن الإتحادي وكونا الحزب الإتحادي الديمقراطي في نهاية 1967, رغم إعتراض عدد من قادة الوطني الإتحادي. ولو لم يتم هذا الدمج بين هذين الحزبين, لتطوّر الوطني الإتحادي إلي حزب يمثل الوسط الحقيقي, ويعمل علي نمو قوي الوسط ويسار الوسط كحزب المؤتمر الهندي, الذي ظلّ عاملاً اساسياً في إستقرار الهند السياسي والإجتماعي منذ إستقلالها عام 1947.

    وقد أدي دمج الشعب الديمقراطي مع الوطني الإتحادي إلي ميل الإتحادي الديمقراطي إلي اليمين وتقاربه مع الأخوان المسلمين, مما أضرّ بالحزب وبالنظام السياسي. كما أدي إلي تحجيم العناصر التي تميل إلي العلمانية أوالتحول الإجتماعي في الحزب الإتحادي الجديد. ورغم أن وجود حزبين كبيرين يتبادلان الحكم والمعارضة يؤدي إلي إستقرار الديمقراطية - كما أثبتت التجارب - إلا أن وجود حزبين كبيرين لا يختلفان في التوجه الإجتماعي يكاد أن يكون غير ذي مغزي.

    وفي عام 1968, إقترح الأخوان المسلمون دستوراً إسلامياً تقول المادة الثالثة منه بأن الإسلام هو دين الدولة الرسمي, مما يعني إقصاء الأديان الأخري. وقد نسفت هذه المادة أهم بند في مقررات لجنة الإثني عشر لحل مشكلة الجنوب وهي حرية الأديان, رغم أن الأخوان قد وقّعوا علي توصيات تلك اللجنة. وإقترحت المادتان 123 و115 بأن الإسلام هو المصدر الرئيسي للتشريع, ومراجعة القوانين التي تتعارض مع الشريعة. وتحالف جناح الصادق المهدي مع الأخوان المسلمين في هذا المشروع, وركب الركب العناصر الإتحادية ذات التوجًه الإسلامي.

    كما إقترح الأخوان المسلمون مادة تحرِّم الإلحاد في بلد به قبائل لا تعرف الله. ولما إتضح لهم أنها غير كافية لإزالة الشيوعية, إقترحوا مادة تنص علي تحريم الشيوعية تحديداً. وخِلاف أنها ضد الحقوق المدنية والدستورية, فهي مادة سخيفة, لأن الشيوعية فكر يتواجد في الذهن, مما يعني عدم إمكانية تحريمه. ولم يكن هدف حسن الترابي من تحريم الشيوعية إنطلاقاً من الحرص علي الإسلام أوالتوحيد, بل لأن الحزب الشيوعي أصبح منافساً له وسط القوي الحديثة. وكان من البدهي أن ينسحب ممثلو الجنوب من لجنة الدستور بعد طرح الدستور الإسلامي.

    ويمكن تلخيص عدم الإستقرار السياسي بعد ثورة أكتوبر في تعدد الإئتلافات, وعدم النجاح في وضع دستور دائم, والزج بمشروع الدستور الإسلامي, الذي أدي لإقصاء الجنوبيين والعلمانيين, وحل الحزب الشيوعي, مما مهّد لإنقلاب مايو 1969.

    ولا تعني تلك الإخفاقات سؤ النظام الديمقراطي, أو عدم ملائمته للسودان, أو أن يكون مبرراً للإنقلابات العسكرية والأنظمة الشمولية. وذلك لأن رسوخ الممارسة الديمقراطية البريطانية مثلاً, قد جاء بعد قرون بدأت في القرن الثاني عشر. كما أن طبيعة الشعب السوداني تأنف من الحكم الشمولي المتسلط كما أثبت التأريخ. وربما كان أكبر عامل أضرّ بالديمقراطية هو عدم إكمال أي جمعية تأسيسة لدورتها, مما أدي لعدم منح الناخِب فُرصة لتغيير أو تمديد تفويضه لنوابه.

    ورغم عدم الإستقرار السياسي فقد تمّت بعض الإنجازات. وتتمثل تلك الإنجازات في توسع السكة حديد الذي شمل خط الرهد - نيالا, والرهد - بابنوسة, وبابنوسة - واو. كما تمّ تعديل الشراكة في مشروع الجزيرة من 40 في المائة للمزارع و60 في المائة للحكومة, لتصبح 40 في المائة للمزارع و40 في المائة للحكومة و20 في المائة للضمان الإجتماعي.

    تمّ أيضاً تطوير الشرطة وتطوير وتوسيع التعليم العالي بإنشاء جامعة أم درمان الإسلامية ومعهد الموسيقي والمسرح, ومضاعفة البِعثات والمِنح الدراسية للخارج. وقد تمت إجازة مشروع الأقمار الصناعية الذي بادر به الوزير محمد عبدالجواد, وتوسيع الصناعات التحويلية, وتطوير سودانير وتحديث وتوسيع أسطولها. بدأت أيضاً مشاريع الإعاشة في تمبول وغزالة جاوزت وجبال النوبة. وقد إستحدث الشريف حسين الهندي بند العطالة, وهو مفهوم متقدم جداً في العالم الثالث في ذاك الزمان.

    وبعكس كل الأنظمة التي تعاقبت منذ مايو 1969, فقد إتسمت السياسة الخارجية في تلك الفترة بالتوازن رغم وجود الحرب الباردة. ونأت تلك السياسة عن الأحلاف أوالإرتماء في أحضان أي من القوي العظمي أو الإقليمية. وبعكس نظام المُحافظين الجُدد الحالي, لم تُفرّط تلك الحقبة في التراب السوداني. وكانت القيادة حاسمة عندما حشدت الجيش في الجزء الشمالي الشرقي, بعد أن أمر جمال عبدالناصر بتحريك القوات المصرية صوب حلايب, مما أدي إلي تراجعها إلي العمق المصري.

    وكان من المتوقع, ومن الطبيعي, أن تستفيد الأحزاب من إخفاقات التجربة الديمقراطية الثانية بعد إزاحة نظام جعفر النميري. إلا أن هذا لم يحدث, بحيث كانت الديمقراطية الثالثة أسوأ من التي سبقتها لعدة أسباب. أولها: هيمنة الميرغني علي الإتحادي الديمقراطي بعد وفاة الأب المؤسس للجمهورية والحزب, إسماعيل الأزهري والكاريزمي الشريف حسين الهندي. أدّت تلك الهيمنة إلي عدم ممارسة الديمقراطية في داخل الحزب - لغياب المؤسسة - مما أدي إلي ضعفه وتشرزمه. ثانيها: كان الإئتلاف أحياناً ينفض بسبب وزير سعي لكشف الفساد كيوسف أبو حريرة. لم يؤدِ ذلك إلي فض الإئتلاف فقط, بل إلي طمع رئيس الوزراء أن يحصل علي سلطات فوق الدستورية بتفويض برلماني, كأنما الأُمم, حينما تواجهها "الأزمات", تحلها بمزيد من الفردية بدلاً عن الجماعية والشوري.

    ثالثها: سمح رئيس الوزراء للفئة التي قوّضت الديمقراطية الثانية, وأضرّت بالوحدة الوطنية, وبالنظام المصرفي والإقتصادي وتحويله إلي طفيلي - خلال زواج مصلحتها مع النميري - أن تساهم في الحكم, كأن سيادته لم يدرِ سبب إنتفاض الشعب في أبريل. رابعها: عدم تحلي بعض الحزبيين بالمسئولية, منها ذكر أحد وزراء حزب الأمة: "البلد حقتنا ونحنا أسيادها" كأنها ضيعة مسجّلة بإسمه. ونصرالدين الهادي, القيادي في حزب الأمة الذي ضُبط في حوزته يورانيوم - ثروة قومية - فقال إنه لا تُوجد مادة دستورية تمنع حيازة اليورانيوم! خامسها: تصاعد الحرب في الجنوب بعد مشاركة الجبهة الإسلامية في الحكم. سادسها: بدلاً عن تبني سياسة خارجية متوازنة مؤسسة علي المصالح, كان الخلاف يدب حول هل يتقارب السودان أكثر مع مصر أم مع إيران وليبيا.

    لذا كان حتمياً أن يعود السودان يوم 30 يونيو1989 إلي أسوأ مما كان عليه يوم 24 مايو 1969, وأكثر سُوءاً مما كان عليه يوم 20 أكتوبر 1964, عندما أتي المُحافظون الجُدد, الذين خصهم الله بعناية منه "لإنقاذ السودان", وإقامة "المشروع الحضاري" و"تطبيق شرع الله." وقد نجحوا نجاحاً باهراً في تحقيق كل هذه الأهداف في فترة قياسية هي عقدين فقط, بحيث أن التأريخ سيخلّدهم بأحرف من نور.

    بيد أنّ القوي السياسية الوحيدة التي إستفادت من التجارب هي القوي الجنوبية. وذلك لأنها تعلمت من الإستهتار بها, ومن نقض العهود, وعدم الوفاء بالوعود. لذا فقد تقدّمت - بعد هزيمة الجيش الحكومي - بأعلي سقف من المطالب وحصلت عليها بضمانات دولية. وهي أعلي مطالب تحصل عليها حركة إقليمية علي نطاق العالم: المشاركة في السلطة المركزية والثروة, وحكم إقليمي مكّنها من بناء مؤسسات دولتها بما فيها الجيش, ثُمّ الإنفصال إن شاءت.

    ومع أن هذه فرضية غير متوقعة, ففي حالة فوز نفس الأحزاب والقيادات في الإنتخابات القادمة, فستكرر نفس الممارسات - كما برهنت التجارب - رغم الإنشاء والبلاغة التي سمعناها مؤخراً, خاصة في مؤتمر جوبا. وذلك لإنفصالها عن قضايا الشعب وهمومه الأساسية, وتطلعاته المشروعة, وعدم عملها علي ترسيخ الديمقراطية, فبدلاً عن تطورها ونموها, كانت الثالثة أسوأ من الثانية, وكانت الثانية أسوأ من الأولي.
                  

10-22-2009, 12:09 PM

khaleel
<akhaleel
تاريخ التسجيل: 02-16-2002
مجموع المشاركات: 30134

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ما هو دور الاسلاميين في ثورة اكتوبر (Re: khaleel)

    وراي ثالث ايضا منقول






    ونحن نستشرف أياماً ناصعة من أيام السودان الذهبية ، في الحادي والعشرين من أكتوبر ، تسترجع الذاكرة ، بل تستعيد على سراج خافت الضوء ،عبراً ودروسا ، تتنزل حية مع الذكرى التي بلغت سيخوختها ولمّا تزل بعض شفرات أسرارها في رحم الغيب . لا نسأل من هم الذين عايشوا نبض الشارع الغاضب في تلكم الأيام ، وجلّ من كانوا على وعي بتفاصيل تلك الملحمة ، هم الآن في سنوات المغادرة الأخيرة ، وإن نشطت أجسام البعض منهم ، إلا أن الذاكرة التي لا نجنح - نحن السودانيون- لتنزيلها وتوثيقها على الورق ، قد انحدرت بالكثيرين منهم ، إلى غيبةٍ قهرية وأفولٍ حتمي . أنظر حولي لأرى مَن مِن الذين عاشوا التجربة ، بأدق تفاصيلها ، زخمها ونبضها وأوارها ، قد سجل وقائعها على الورق، تسسجيلاً وتوثيقاً ورصدا ..؟ مَن مِن الذين كانوا مؤثرين أو ممن شاركوا في الفعل الذي أحدث ذلك التغيير التاريخي في مسيرة السودان ، قد كتب مذكراته أو سجل يومياته ،عن ذلك الحدث التاريخي الهام في تاريخ البلاد..؟ للأسف فإن الإجابة لن تسرّ الكثيرين ..ثم ها نحن في لحظة التاريخ الفاصلة ، نواجه ذلك السؤال الشيكسبيري عن وطنٍ يكون أو لا يكون ..!



    ( 2 )



    لفت نظري كتاب في جريدة ، تصدره "الأحداث" في نسخة محلية نادرة ، لسيرة ثورة السودان في أكتوبر 1964 ، تستحضر ذكراها الخامسة والأربعين ، وهي الانتفاضة الشعبية التي أنهت سلطة المجلس العسكري الذي حكم السودان من 1958 إلى 1964، تحت قيادة الراحل الفريق ابراهيم عبود. ليس كتابا من تأليف سوداني ، بل هو ترجمة عربية لما خطه المؤلف الأمريكي، البروفسور تومسون كلايف الذي كان مدرساً بكلية القانون في جامعة الخرطوم وعايش بشخصه أحداث 21 أكتوبر 1964 في الخرطوم ، وكان الشاهد الأجنبي الذي رصد يوماً بيوم ، أدق التفاصيل التي وقعت تلكم الأيام . ترجم الكتاب صديقنا البروفسور بدرالدين حامد الهاشمي ، وهو لمن لا يعرفونه عالم متخصص في الصيدلة وله من المقالات العلمية الرصينة في المجلات والحوليات العلمية في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة ، ما لفت الأنظار وترك صدى قويا في الأوساط العلمية . ولبدرالدين نحني القامة احتراما لالتفاتته المبكرة لهذا السفر النادر عن تفاصيل ما حدث في أكتوبر 1964 في الخرطوم ،والعمل على ترجمته وهو الذي تشغله هموم الوطن وتفاصيل تاريخه ، بذات القدر الذي يولي به بحوثه العلمية من اهتمام وحرص . يأسى صديقنا بدر الدين كون تلك الوقائع التاريخية الهامة ، لم يسجلها قلم سوداني، عايشها ومشى بقدميه على جمرها ، على ذات النحو الذي رصدها به ذلك الأمريكي النابه فسدّ نقصاً ، أعجب حتى الآن كيف فات على مؤرخينا أن يقوموا باكماله . يقول بروفسور بدر الدين أنه لم يصادف في المكتبة السودانية غير كتاب وحيد أصدره الحزب الشيوعي السوداني عن "ثورة أكتوبر" في عام 1965 .ذلك سفر تحكمت فيه بالطبع أحادية التحليل وعكس وجهة نظر الحزب الشيوعي عن الذي جرى .غاب المؤرخ الذي كان عليه أن ينظر بموضوعية في ذلك السفر ويضاهيه بما يجتمع عنده من وثائق أخرى ، فيكون "كتاب التاريخ" مكتمـلا . ولا بد من التنويه بالجهد الذي وثق به الأخ الكبير عبد المنعم خليفة خوجلي ومن ذاكرته تلك الأيام الخالدات ، ونشرها حلقات متتالية على صفحات الصحف وأيضاً في موقع "سودان راي" الالكتروني، هذه الأيام التي تصادف ذكرى ثورة 21أكتوبر1964 .



    ( 3 )



    أسترجع من ذاكرة الصبا طرفاً مما شهدته أو سمعته أو قرأته ،عن وقائع أكتوبر 1964 في الخرطوم ، غير أني أرى من الضروري على المؤرخ الموضوعي ، أن ينظر ويحلل ، لِمَ وقعت تلك الأحداث ولمَ انهار الحكم العسكري الذي عرفناه بحكم انقلاب 17 نوفمبر 1958، وما هي التطورات التي مهدت لانهياره ، وقادت إلى ما نعرف من تداعيات لاحقة. لا أريد أن أقحم نفسي في سيرة ثورة أكتوبر فلست متخصصا في التاريخ وإن كنت دبلوماسيا أقترب اقترابا ممكنا من الموضوع ، غير أني أترك للقراء ، خاصة أولئك الذين سمعوا عن ثورة أكتوبر السودانية ، ولم يعايشوا زخمها وحرارة أيامها ، أن يصحبوا صديقنا الهاشمي في ترجمته الرصينة لما كتب ذلك الأمريكي عنها.

    لعل من أهمّ أسباب ضعف الحكم العسكري الذي قاده الفريق الراحل عبود لستة أعوام ، هو عجز النظام عن إدارة أزمة النزاع الدائر في جنوب السودان ، بل كان مسماها هو "حركة التمرد في الجنوب" ،وأقصى تتطلعات الحركة هي للفدرلة لا للإنفصال . وكانت مشاركة أبناء الجنوب ضعيفة وشكلية ، ولم يكن المستعمر الذي خرج في 1956 يتحمس لتشجيع نخب الجنوب لينخرطوا فعليا في إطار سودان واحد متحد . ظلمت سياسة السودنة أبناء الجنوب . صار وجودهم الديكوري ، كأن يلحق أحد أبرز قياداتهم بمجلس السيادة ، أمراً لا يسمن ولا يغني ولا يؤثر في الإحساس بمظلومية الشمال وضعف استجابته لمتطلبات جنوب البلاد، وذلك ما وصفه منصور – صادق الوصف - في كتابه آنف الذكر ، بأنه محض "تبلد سياسـي" .

    وللمراقب البعيد عن تطور الأحداث ، أن يعجب كل العجب كون انقلاب 17 نوفمبر1958، قد وقع بعد أعوام ثلاث من أحداث توريت (1955) التي أشعلت فتيل القتال الذي دار في الجنوب ، وإذ ينظر المراقب ، فإنه لا يرى في المجلس العسكري الذي حكم البلاد طيلة تلك الفترة من وجود لمسئول أو ضابط كبير من أبناء الاقليم الجنوبي ، مشاركا في المجلس العسكري من 1958 إلى 1964 ولو بشكل صوري ، أو مشاركا في منصب وزاري فاعل في المجلس الذي قاد ورأسه الفريق الراحل عبود . لا يعود – في ظني- ذلك الغياب أو التغييب ، إلى عدم وجود صفوة من أبناء الجنوب في أوساط القوات النظامية أو ساحات العمل السياسي العام الأخرى . كان الرجل الذي قاد التمرد في جنوب السودان قد تخرج ضابطا في الكلية الحربية التي كان مقرها أم درمان ، في ذات المكان الذي يشغله المستشفى العسكري حالياً قبالة النيل الأبيض ، ولكنه لم يكن الضابط الوحيد من جنوب السودان. ذلك الرجل هو الفريق جوزيف لاقو المقيم الآن في الخرطوم ، أمد الله في أيامه ، والذي كان الطرف الأساسي مع الرئيس نميري قائد انقلاب مايو 1969 في انجاز اتفاق السلام الذي أوقف نزيف الحرب في الجنوب عام1972، وشغل ثاني أعلى منصب سيادي في البلاد ، ولأول مرة في تاريخها .



    ( 4 )

    إذا ، لا انقلاب الراحل عبود ولا الانقلابات الصغيرة التي وقعت إبان حكمه ، قد ضمت عناصر من أبناء جنوب السودان . لم نسمع عن "جنوبي" شارك في حركة الضابط المرحوم علي حامد أو حركة شنان أو حركة محي الدين أحمد عبد الله . ذلك في الخمسينات من القرن الماضي ، ولكن لو نظرنا في تركيبة انقلاب مايو 1969 والذي قاده الراحل جعفر النميري ، فإن المجلس العسكري الذي نفذ الانقلاب ، لم يكن يضم أيّ عسكريٍّ من أبناء جنوب البلاد ، وإن ضم التشكيل الوزاري بعض الرموز البارزة منه ، مثل الراحل جوزيف قرنق والسيد ابيل ألير ، أمد الله في أيامه وزادنا نفعا بحكمته وشجاعته .

    فيما لو جاز لنا أن نستنتج كيف كان شكل العلاقة بين أبناء الشمال وأبناء الجنوب في أوساط القوات النظامية ، على ضوء ما ذكرت ، فإن السمة الغالبة على هذه العلاقة هي ضعف الثقة أو غيابها ، تلك التي خلفت مرارات تراكمت على مر السنين ، سواءا السنين التي شهدت الهدوء الذي أعقب اتفاقية أديس أبابا وأوقف نزيف الحرب خلالها منذ 1972 وحتى 1983، أو سنوات الاقتتال المر فيما تلى من أعوام امتدت حتى عام 2005 ، حين وقع الراحل جون قرنق اتفاق السلام الشامل مع نائب الرئيس السوداني علي ع.م.طه ، فوصلت البلاد إلى حقبة مفصلية في تاريخها ، يكون السودان بعدها بلداً واحداً أو لا يكون ، ذلكم هو السؤال الشيكسبيري الذي يحوم فوق سمائها بنذر وخيمة وخطرة .

    لم تتهدم جسور الثقة في سنوات الثمانينات أو التسعينات ، على أيام الحركة الشعبية لتحرير السودان ، بل يعود تاريخ انهيارات الجسور إلى سنوات ما قبل الاستقلال ، وهي لم تكن جسورا بذلك المدلول ، بل كانت حبالاً واهنة لم تصمد بعد سنوات الوعي الذي شهدته البلاد على صعيد أطرافها وهوامشها ، فتهرأت وصار إحياؤها ضرباً من المغامرات الصعبة ، لايرى معها في المستقبل المنظور من أمل في نفق حالك الظلام ، وأفق يبعد كلما اقتربنا منه. سمى أبيل ألير هذه السمة في نظم الحكم في شمال السودان في مؤلفه الشهير ، أنه نوع من استدامة نقض العهود وضعف الالتزام بالمواثيق . ولقد أسهب المفكر السياسي د.منصور خالد في كتابه " السودان:أهوال الحرب وطموحات السلام: قصة بلدين" : دار تراث -2003، في تبيان بعض هذا الذي أحكيه لك .



    ( 5 )

    على قول دكتور حسن عابدين ، لقد وصلنا إلى خيارات صعبة ، يرى بعدها الأكاديمي الدبلوماسي في حديثه لمحرر صحيفة "الأحداث" بتاريخ 15 الجاري ، أن الأنسب للبلاد أن تستبكر استفتاء شعبها للبقاء في وطن واحد أو الانفصال بين الشمال والجنوب ، وذلك قبل الانتخابات القومية ، لابعدها . وللرجل حجته وهو الدارس المتعمق في تاريخ القارة وتاريخ السودان ، والذي عاصر طرفاً من تطوراته ومآلاته ، كما شارك فيه بقدر. لا يرى الدكتور عابدين من جدوى لانتخابات قومية تسبق مآلاً سيفضي بالبلاد إلى الانقسام والانفصال . لنا أن نجني ما بذرنا . قول راجح ولكن القداسة التي عليها اتفاق السلام الشامل لن تفتح كوة للمراجعة ، ولن تساعد د. عابدين فيما ذهب إليه.

    كان سهلاً على جيل الحركة الوطنية وجيل البناء الوطني الذي جاء بعده ، أن يتجاهل ثم لا يلتفت لممسكات الوحدة بوعي وإدراك يحمي التراب الواحد من ويلات التشتت والانفصال . يحضرني ما حكاه دكتور منصور خالد ، بأسىً مر في كتابه الجامع "قصة بلدين" ، عن اسكات صوت جنوبي في برلمان الاستقلال أراد اقتراح بالانجليزية لغة تتداول في جنوب السودان، فردّوه بأن السودان بلد عربي !(صفحة 664 من الكتاب ) .

    أما ونحن في هذه الوقفة المفصلية المصيرية ، فإن التاريخ لن يقول كلمته ليحاكم هذا الجيل الممسك بملفات المصير الآن ، ولكن لعل من الانصاف أن نقرّ أن الأجيال على مرّ عقود ما قبل الاستقلال وما بعده ، كلها تتحمل قدراً كبيراً وقد يكون متساوياً من المسئولية ، إذ مثلما أبنّا ، فإنّ الجسور قد تهرأت منذ عقود ، وأن استعادة ما فني لأصعب وأشق ، وبناء ما تهدم بفعل جيل ، دونه جهد أجيال ليستقيم ويشمخ ، وأن المصائر لا يديرها فرد مهما بلغ به شأو السلطان وانتحال الكاريزمية ، أو يتحكم فيها تيار سياسي ، مبلغ ما بلغ من الشمولية ، بل هي الأجيال تتوالى جهودها بذلاً مستداماً ، لبناء وطنٍ متماسك الجوانب والأطراف ، تتشابك فيه عناصر هويته بعظم تنوعها ، وتنطق ألسنة أقوامه بوجدان واحد برغم اختلاف عقائدها وثقافاتها. تصلي بلسان وتغني بلسان ،على قول الشاعر الفحل عبد الحي في ملحمته السنار ية . .



    )) بدوىٌ أنتَ ؟

    لا ،

    مِنْ بِلادِ الزّنجِ ؟

    لا،

    أنا مِنكُمُ ، تائِهٌ

    عادَ يُغني بلسَان

    ويُصلّى بلسَان . . ))



    يبقى التحدي الكبير ماثلاً والسؤال المصيري يلتف حول أقدارنا ، وننظر ملياً فلا تتضح صياغة حاضرة تجيب على ذلك السؤال الشيكسبيري ..



    الخرطوم – 17 أكتوبر 2009



                  

10-22-2009, 12:13 PM

د.محمد حسن
<aد.محمد حسن
تاريخ التسجيل: 09-06-2006
مجموع المشاركات: 15194

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ما هو دور الاسلاميين في ثورة اكتوبر (Re: khaleel)
                  

10-22-2009, 01:41 PM

احمد خليل
<aاحمد خليل
تاريخ التسجيل: 08-11-2009
مجموع المشاركات: 531

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ما هو دور الاسلاميين في ثورة اكتوبر (Re: د.محمد حسن)

    تحياتى
    وجيه هذا السؤال فعليه (ياما) بنت الجبهة الاسلامية مواقف !!!
    لقد لمس (عروه) اطراف الآجابه وهو (يتراقص) بين الحقيقة (والهوى) الذى يضعف مع واقعه (الاليم) تلك مأساة يعيشها بعض الاسلامويين!!
    حسن الترابى الراس (الكبيره) للحركة الاسلاميه كان فى بعثته الدراسيه ووصل قبل شهرين من اندلاع الثوره والتى كانت (تمور) وسط الشارع لسنوات خلت جعلت من الجنوب منفى لقيادات مؤسسات المجتمع المدنى تحوطا لما قد يكون!!!اتباع الشيخ فى ذلك الوقت العصى التواصل السريع !!كانوا مثل (الحواريين) لا يحركون شيئا بدون اذن الشيخ !!!
    الثانية ان شعارات الشارع (المنبع) الحقيقى للثوره لم تشتمل شيئا ولو من قريب لشعارات (الاسلاميين) التى ارهقنا بها فيما بعد!!!وفى ذات الوقت كانت شعارات اليسار وبعض رموزها فى خضم الأحداث!!كان لليسار تنظيم قوى ومتماسك ويعمل للتغيير!!والاسلاميون فى محنتهم التنظيمية الفطيره !!!
    ثالثا كان من الطبيعى ان يكون لليسار مقعدهم المتقدم داخل (مسرح) الانجاز!!!
    الشيخ الشاطر لم يجد مفرا الا ان (يتزوج (المنفعة) السياسيه ليغطى عجزه ويلتحق بالركب!!!
    الاسلاميون يكرهون الاستقلال وكذلك اكتوبر لأنهم كانوا بعيدين عن (اعظم) انجازين للانسان السودانى المعاصر!!!
                  

10-22-2009, 08:02 PM

عمر علي حسن

تاريخ التسجيل: 09-26-2009
مجموع المشاركات: 3170

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ما هو دور الاسلاميين في ثورة اكتوبر (Re: احمد خليل)

    أكتب وقد أثارني البوست السابق لأحمد خليل وفيه حقيقة كبري لمن يريد الحقيقة ، وهي أن اليسار السوداني كان أعمق تاثيراً في تحريك الشارع السوداني ضد حكم الرئيس الراحل إبراهيم عبود ، وأن دور الإسلاميين لم يخرج عن وجودهم وسط دائرة المثقفين الواسعة دون تأثير مباشر في صنع الاحداث. وربما كان لقيام الدكتور الترابي بخطف المايكرفون من يد القاضي الذي كان يرافق قوات الطوارئ بميدان عبدالمنعم ساعة جنازة القرشي ليصدر لها الاوامر القانونية بتفريق الجمع ، وقيام الدكتور باستخدام ذلك المايكروفون في الهتاف "قاتل ٌقاتل ياعبود .. خائن خائن يا عبود" لما علم الناس بوجودٍ يُذكر للإسلاميين في تلك الهبة العارمة. وكان للدكتور الترابي ، والصدفة التي جعلته قريبا من القاضي ، أن تم الفصل بين القاضي والقوة وتعذر ابلاغهم بأي تعليمات بتفريق الموكب..

    ولسرد التاريخ من موقع معايشة ، فقد كنت أنا الضابط بوزارة الداخلية ليلة الندوة وقد سجلت بخط يدي في دفتر الاحوال كل صغيرة وكبيرة من أحداث ذلك اليوم الذي أحسبه أهم الايام في تاريخ السودان .. وقد تابعتُ بوصفي المسئول عن السجلات السرية للامن العام ، وبصفتي أحد الضباط بالقسم المخصوص الذي كان مكلفاً بمكافحة النشاط الهدام تطوُّر الأحداث في إتجاه مقاومة الحكم العسكري ، وحسن إستغلال اليسار لقضية الجنوب في إشعال المقاومة الشعبية ، وإدارة المقاومة من خلال التنظيمات النقابية والمهنية ومن بينها إتحاد طلاب جامعة الخرطوم وإتحاد أساتذتها الموثران بقوة في تجميع المثقفين في صعيد داريهما وجعلهما قِبلة تتهيب القوات الحكومية مسهما بسوء.

    لذلك تم في نهار الندوة إغراق دار إتحاد الطلاب بالمياه لمنع الندوة فتم تحويلها للبركس ، وأمرني اللواء ابارو بإبلاغ المقدم عبدالله عبد السخي بإستخدام الغاز المسيل للدموع إذا بدأت الندوة وسحبْ قواته لأن تأثير الغاز سيمنع المشاركة ، سواء بالخطابة أو بمجرد البقاء في المكان .

    وجاء بعد قليل اللواء المرحوم أحمد رضا فريد ، وزير الداخلية بالانابة ، ودار بينه وبين اللواء ابارو جدلاً طلب في نهايته اللواء أحمد رضا فريد بأن تُفرَّق الندوة بالقوة ولو أدي ذلك لاستخدام الرصاص .. فطلب منه اللواء ابارو أن يُسجل ذلك بدفتر الاحوال ، فكتب ذلك بقلم أحمر ووقَّع عليه وقام اللواء ابارو بسحب الدفتر من تحت يدي وأغلقه في خزنة مكتبه ، ثم وجهني بالتشديد علي المقدم عبدالله عبد السخي أن يتقيد بالتعليمات السابقة وأن يعود بقواته بعد إستخدام الغاز إلي معسكرها غرب البركس ، وأن أنسي ماحدث أمامي من تعليمات.

    قمتُ بنقل توجيهات اللواء ابارو باللاسلكي للملازم عبد الإله الملك المكلف بمراقبة الندوة لإبلاغها للمقدم عبدالله عبدالسخي بالبركس ولكن عبدالإله وجد أن المقدم قد ذهب مع الضابط المرافق له للمعسكر لإحضار قنابل الغاز وأن مجموعة من الجنود ظلت تحرس الموقع وأن الطلبة بدأوا في قذفهم بالزجاج الفارغ من الطوابق العليا لداخليات البركس. وأفادني بعد قليل أنه يسمع أصوات طلقات رصاص. جاء المقدم عبدالله وسحب قواته لمعسكرها ، وبدأ الطلاب يوقفون السيارات بشارع الطابية وجاءت المعلومات بأن طالباً توفي وآخرين إثنين بحالةٍ خطرة .. وأصبح الطريق بين البركس ومستشفي الخرطوم منطقة ذُعر وتسابق بين الطلاب نحو المستشفي ، ثم أصبحت منطقة المستشفي والمشرحة منطقة تجمُّع وإعتصام طلابي .. وعمَّ أرجاء العاصمة توتر وغضب تلقائي كان المحرك والوقود لما تلي من أحداث .. وعُلم أن إسم الطالب القتيل هو أحمد القرشي طه وأن حالة الاخرين مستقرة ، ولكن أحدهما توفي لاحقاً وهو الطالب بابكر حسن عبد الحفيظ.

    شهدتُ بعد ذلك التجمع بميدان عبدالمنعم ، ومواكب الجنازة إلي مسقط رأس الشهيد القرشي بالقراصة بالنيل الأبيض ، ثم حركة الشارع بالخرطوم وموكب القضائية وتابعت قطار الدعم محطة محطة من كسلا الي الباقير ، وكنت أتلقي التقارير عن كل التحركات والإجتماعات التي تمت بدار الأساتذة وقبة الإمام المهدي ، وكنت حاضراً خلف الرئيس عبود عندما أعترضه العقيد محمد الباقر أحمد وهو نازل من مكتبه وفي منتصف سلالم القيادة وقال له (معاليك وبعدين؟) فرد عليه الرئيس عبود (أسمع ألاذاعة يا باقر - نحن ما حنموِّت الناس عشان نحكمهم .. وانا الصباح كلمتك تفهِّم الضباط بأن القرار جاهز وكنا منتظرين رد من الجماعة) - يقصد بـ "رد الجماعة" - رد قادة الأحزاب الذي بموجبه تم الإتفاق على عدم محاكمة المجلس العسكري

    وفي الاذاعة أُذيع حل المجلس الأعلي للقوات المسلحة وبقي عبود لمنع الفراغ الدستوري حتي تم إختيار وتكليف الراحل الأستاذ سرالختم الخليفة الحسن رئيساً للوزراء لصفته الحيادية وخدمته الطويلة بالجنوب التي جعلته واحداً من أكثر الملمين بالمشكلة ومفاتيح حلها في ذلك الوقت ..

    وانا بما عشتهُ مباشرةً ، أشهد لليسار السوداني بأنه هو الأطول باعاً في تقويض النظام العسكري وفي تحريك الشارع السوداني وفي إدارة الثورة بفعالية وجرأة وبسالة لم تتوفر لغيرهم. وإن أحزاب الأُمة والإتحادي قامت بدورها في النضال كمحرك أصيل لجذوته ، وكان الإمام الصديق المهدي والزعيم الأزهري أشد أثراً وضراوة في محاربة الحكم العسكري ، وأن مشكلة الجنوب والسماح بتناولها في المنابر كانت المدخل للمثقفين للظهور كقوة مؤثرة ، وأن ذكاء اليساريين وخبرتهم في تحريك النقابات والشارع قد قادهم لإدارة المعركة بجرأة هي التي صنعت اكتوبر.

    أما اكتوبر فهي ثورة شعبية لا ريب .. هدفت الي إسقاط الحكم العسكري فأسقطته وشارك فيها الشعب كله بمافيه القوات المسلحة والنظامية دون فرز لواحد من أبناء السودان ، ولئن ظهرت جبهة الهيئات والأحزاب كأب شرعي للثورة فان ذلك كان من مقتضيات القيادة وضرورات التعامل مع الأحداث بمايمنع إهدار الجهد وإضاعة الهدف.

    أما أنها اوقفت عجلة التنمية وأكسبت البناء السياسي السوداني وهناً وهشاشة ، فهذا من ردود أفعال الثورات وقد نتج ناتج مماثل عن الثورة الفرنسية القريبة الملامح من ثورة اكتوبر ..

    وأما أنها اطلقت عقال الديموقراطية وكرست الحرية كمبدأ أبدي في وجدان الشعب السوداني ، فإن هذا سيبقي سرنا حتي وإن فشل الحكام في أن يحققوا طموحنا أو سعوا مجتمعين وفرادي علي شق وحدة الشعب كوسيلة لإطالة حكمهم والقبض علي سدة الحكم ، فلابد للحاكم مهما طغي ان يتذكر فيخشي.

    وأقول ختاماً ، أنها اعظم ثورة في تاريخ البشرية وإن الحركة الإسلامية لم يكن لها دوراً مؤثراً فيها وأن اليساريين بقدر ما أجادوا فيها بقدر ما أسهموا في تقويضها بتعجل النتائج والقفز غير المتبصر لتحقيق رؤاهم دون أخذ رؤي الاخرين وطموحاتهم في الإعتبار .. ثم ساهمت كل الأحزاب بعد ذلك في مايو وابريل ويونيو تباعاً..

    إحتفوا باكتوبر واستحيو شعارها الاعظم الحرية ووحدة الصف والمصير
                  

10-23-2009, 01:16 PM

احمد خليل
<aاحمد خليل
تاريخ التسجيل: 08-11-2009
مجموع المشاركات: 531

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ما هو دور الاسلاميين في ثورة اكتوبر (Re: عمر علي حسن)

    لا فض فوك ايها الرجل
    كنت اراها بعين الصغار وانا فى قلب الحدث !!!وما قلت الا الحقيقة مجردا!!!لأمثالك (نقلع العمامة) تحية فى زمن الزيف والخداع !!!!
    تحباتى
                  

10-24-2009, 00:06 AM

Elbagir Osman
<aElbagir Osman
تاريخ التسجيل: 07-22-2003
مجموع المشاركات: 21469

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ما هو دور الاسلاميين في ثورة اكتوبر (Re: احمد خليل)

    هل كاتب الشهادة أعلاه هو العضو عمر علي حسن

    وهو ضابط الشرطة الذي شارك في الأحداث

    أم هو ناقلها عن شخص آخر من مصدر لم يذكر


    إن كانت الأولى

    فهي من أقيم ما نشر في هذ المنبر من وثائق


    الباقر موسى
                  

10-24-2009, 05:22 PM

عمر علي حسن

تاريخ التسجيل: 09-26-2009
مجموع المشاركات: 3170

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ما هو دور الاسلاميين في ثورة اكتوبر (Re: Elbagir Osman)

    نعم أخي أنا اللواء م عمر علي حسن وقد كنت برتبة النقيب خلال ثورة أكتوبر 1964 وكنت الضابط العظيم ليلة الثورة وحدثت التفاصيل التي ذكرتها إما امامي مباشرة أو بالتلقي المباشر بجهاز الراديو من أفواه الضباط المكلفين بمتابعة ألموقف الامني. من الناحية الاخري فقد كنت مسئولا عن مكتب السجلات السرية وفيه تصب كل تقارير الامن من داخل الخرطوم وبقية انحاء السودان وتلخص لترفع للجهات العليا بما فيها رأس الدولة وهذا هو سبب وجودي في ذلك اليوم الاخير لحكم المجلس الاعلي للقوات المسلحة خلف الرئيس عبود عند لقائه بالراحل اللواء محمد الباقر أحمد وكان وقتها عقيدا .

    أن في صدري الكثير من تفصيلات الاحداث الي عايشتها مباشرة وكمراقب محائد وكضابط تمت تربيته علي عدم الخلط بين عمله وميوله وقد أمتنعت عن الجدل حول رواية الاحدلث فالعاقل في بلادنا لا يجادل السياسيين فيما ينسبون لانفسهم او أحزابهم لأن أقرب ما بلسانهم وصف المعارضين لرايهم ورميهم بالنعوت التي (تلزق) بالانسان ولايستطيع تكذيبها ولعلك رأيت ان كل زعماء السودان وصموا بالخيانة والفساد ولم ينج منهم أحد .. وقد وجدت الكثير مما نشر عن أكتوبر وغيره غير بعيد عن تزييف التاريخ وأن الكثير من تاريخ السودان الحديث يحتاج لاعادة أستكتاب للاحياء ممن عاصروه قبل أن يسبق الموت في الوصول اليهم.

    لم أجد فيما كنب عن اكتوبر أقرب للحقيقة من كتاب البوفسير كلايف وليته يؤخذ كوثيقة محايدة ويقوم البعض بدعمه بالمزيد من الحقائق من أفواه الاحياء ومن أرشيف الصحف بدار الوثائق المركزية وسحلات وكالة أنباء السودان ..

    لك الشكر والتقدير وليحفظ الله السودان وإرثه العظيم ..
                  

10-24-2009, 10:55 PM

احمد خليل
<aاحمد خليل
تاريخ التسجيل: 08-11-2009
مجموع المشاركات: 531

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ما هو دور الاسلاميين في ثورة اكتوبر (Re: عمر علي حسن)

    ياسعادة اللواء انا التقيت كلايف وقد وصل الخرطوم صبيحة الحادى والعشرين والتى كان فيها فى انتظار سيارته المشحونة من بورتسودان!!!وقد وجدت فى مداخلتك صدقا بينا ولحسن صادف استنتاجاتى فقد كنا صغارا لكنا وبحكم السكن وجدنا انفسن فى قلب العاصفة,,اتمنى لك طول العمر والعمل على كتابة مذكراتك والتى اتوقعها مثيرة وبلا مجامله !!!فانت مثلنا تؤمن بهذا الشعب الأبى الذى (يدقس) احيانا ويغفو مثل المارد ويصحى مثله ايضا!!!
    احمد خليل (kofi )
                  

10-25-2009, 10:14 PM

ABDALLAH ABDALLAH
<aABDALLAH ABDALLAH
تاريخ التسجيل: 08-26-2007
مجموع المشاركات: 7628

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ما هو دور الاسلاميين في ثورة اكتوبر (Re: احمد خليل)

    Quote: أما اكتوبر فهي ثورة شعبية لا ريب .. هدفت الي إسقاط الحكم العسكري فأسقطته وشارك فيها الشعب كله بمافيه القوات المسلحة والنظامية دون فرز لواحد من أبناء السودان ، ولئن ظهرت جبهة الهيئات والأحزاب كأب شرعي للثورة فان ذلك كان من مقتضيات القيادة وضرورات التعامل مع الأحداث بمايمنع إهدار الجهد وإضاعة الهدف.

    أما أنها اوقفت عجلة التنمية وأكسبت البناء السياسي السوداني وهناً وهشاشة ، فهذا من ردود أفعال الثورات وقد نتج ناتج مماثل عن الثورة الفرنسية القريبة الملامح من ثورة اكتوبر ..

    وأما أنها اطلقت عقال الديموقراطية وكرست الحرية كمبدأ أبدي في وجدان الشعب السوداني ، فإن هذا سيبقي سرنا حتي وإن فشل الحكام في أن يحققوا طموحنا أو سعوا مجتمعين وفرادي علي شق وحدة الشعب كوسيلة لإطالة حكمهم والقبض علي سدة الحكم ، فلابد للحاكم مهما طغي ان يتذكر فيخشي.




    الاخ خـليل...تحـياتـى

    ومرحب باللواء معاش عمـر عـلى حـسـن معنا فـى هـذا الـمنبر الـحـر.

    ونشـكر الاخ بكرى ابوبكـر لضمـه لـمثل هـذه العناصـر الفاعلـه والـمؤثره
    لسـودانيزاون لاين.

    عـندما قـامت ثورة اكتوبر 1964 كنت طالب بالسـنه الثالثه بمدرسـة
    وادى سـيدنا الثانويه, وكطلبه شـاركنا فـى احـداثها,واسـتشـهد امام
    القصر زميلنا فـى الفصـل احـمـد عـثمان سـعد,والذى احـزنتنا وفاته.

    مـا كتبه اللواء معاش عـمـر عـلى حـسـن هـنا ,اعـتبره ادق توثـيق مـن
    مـصـدر عـايش وقـائع ثـورة اكـتوبر...فلـه مـنا التحـيه.

    (عدل بواسطة ABDALLAH ABDALLAH on 10-25-2009, 10:35 PM)

                  

10-26-2009, 04:59 PM

khaleel
<akhaleel
تاريخ التسجيل: 02-16-2002
مجموع المشاركات: 30134

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ما هو دور الاسلاميين في ثورة اكتوبر (Re: ABDALLAH ABDALLAH)
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de