(*)
ثلاتون عاماً قضيتها بكنفها , لم أعرف سواها أحداً , .. (أمي) , .. تلك المرأة السبعينية (الضريرة) , و(المقعدة) أيضاً , .. أنا وهي نعيش وحدنا معاً , .. تنقلنا في صراعنا مع الحياة ولقمة العيش , بأحياء عدة , بين وسط العاصمة وأطرافها , حتى أستطعت تأمين بيتنا الخاص , بيتي أنا ,
و(أمي) ..!
(*)
سألتها ذات مساء : أين أبي ؟ ولماذا ليس لي إخوة وأخوات , زملائي وأصدقائي جميعهم لهم إخوة وأخوات ؟
أجابتني : قسمتك ياولدي ..! أحسست أن هذه الكلمة تحوي ظلماً ما ..! (قسمتي) , ولماذا أنا؟
(*)
لم تكن حياتنا معاً تأخذ شكل (العادية) , وحدتنا لم تكن (عادية) , تضحيتها من أجلي , وتضحياتي لأجلها أيضاً , لم تكن (عادية) , عاشت لي وعشت لها , ربتني صغيراً , كنت حياتها , وكانت لا تفارقني أبداً , علمتني , هذبتني , ناضلت من أجلي , حتى أقعدها المرض , وذهب ببصرها , والآن دوري , (أمي) تنتظر .. (رد الجميل) ..!!
(*)
كنت عاذفاً عن الزواج لأجلها, (أمي) تحتاجني , الآن نتبادل الأدوار فقد عادت طفلة , لا تملك من أمر نفسها شيئاً , تحتاجني , حين (أغسلها ) بيدي , وحين أطعمها , وحين أنقلها من مكان لآخر , كانت تبتسم وتغمم بكلمات لم أفهما , حتى طلبت مني يوماً , أن أتزوج , خفت أن تأتي (إحداهن) لتشاركنا حياتنا , تكسر هذه العزلة التي أضحت (حياةً) حفت أن تأتي إحداهن , ولاتعي ماذا تعني هذه المرأة بالنسبة لي , خفت عليها من من ستكون (نصفي الآخر) , وأنا في الأصل و(أمي) ,
(نصفاً واحداً) لم تجزءه هي , ولن أفعلها أنا ..!!
(*)
وجدتها (أمي) , (امي) هي التي أحبتها قبل أن أحبها أنا , فأحببتها , كانت تزورها كل صباح , أعانتني برعاية (أمي) , وشاركتنا هم (عزلتنا) ,
قالت (أمي) : تزوجها ..! ركضت أطلبها وكانت (خطبة) قصيرة جداً..!!
(*)
قالوا عني: (لقيط) وأنها ليست (أمي) , (أمي) ليست (أمي) , هكذا ببساطة , برروا رفضهم لي , بعد ثلاثون عاماً , أتى آخرون ليقولوا لي : أنت (لقيط) وأن هذه المرأة التي وهبتك حياتها, ووهبتها حياتك ,
ليست (أمي) ..!!
|
|