|
Re: ما بين نظرية التطور وخلق الانسان، اين هي الحقيقة؟ (Re: ماجد معالى)
|
في مقالته التي تحمل عنوان، " الدارونيّة كنظريّة للكينونات المتناهية "، يتأمل مارسيل فيبر موضوعة المكانة النظرية للفرصة – أو الامكانيّة – والجبريّة في نظرية الارتقاء عند دارون. وسؤاله المحوري هو: " هل يستخدم البيولوجيّون مفهوم الاحتماليّة لأنها عناصر إدراكيّة متناهية أو لأن الصيرورة الارتقائيّة احتماليّة أساساً؟ " يجيب فيبر، بعد أن يراجع السياقات الارتقائيّة المختلفة، التي تظهر فيها الفرصة والاحتماليّة، وبعد تخمين نقدي للأوصاف الذرائعيّة ( ألكس روزنبرغ ) والواقعيّة ( روبرت براندسن وسكوت كارسن ) المتعلّقة بالطبيعة الإحصائيّة لنظريّة الارتقاء يقترح من ثم بديلاً من عندياته، يستند على أساس من المعرفة الحاضرة. إن موقفه الأخير في مسألة الجبريّة مقابل اللاجبريّة في الارتقاء هو بالتالي لا أدري. وإذا ما أخذنا بعين الاعتبار لا موثوقيته الأساسيّة، فإن أي وصف للطبيعة الإحصائيّة لنظريّة الارتقاء هو غير كامل بحد ذاته. ولا يمكن لأي تقص ميتافيزيكي إضافي أن يكون مفيداً هنا. فقط الكشوفات التجريبيّة يمكن أن تدفع بنا إلى الأمام في هذه المسألة. بافتراض الجبريّة، علينا الاعتراف أن الطبيعة الإحصائيّة لنظريّة الارتقاء هي انعكاس لحدودنا الإدراكيّة. لكن هذا لا يديننا بالذرائعيّة لأن هنالك تفسيرات موضوعيّة ممكنة للإحتماليّة تنسجم مع الجبريّة. في نهاية المطاف، نظريّة الارتقاء تكشف الطبيعة المتناهية للإدراك البشري في استخدام مفاهيم مثل فرصة واحتماليّة، لكننا لا نعرف بدقة المعني بتلك المفاهيم. بحث ليس أقل أهمية مما سبق، هو ذلك المتعلّّق بموضع الإنسان في المنظور الداروني. يبرز هنا عالم الاجتماع والبيولوجيا، ريتشارد د. ألكسندر. يتحدّث الكسندر مطولاً عن إمكانيّة التفسير البيولوجي لسمات بشريّة على نحو مستفرد، خاصة الفن. فإذا كانت سمات بشريّة مثل السلوك الفني مستفردة في العالم الحي فإن هذا لا يعني أنه ليس لها تفسير بيولوجي ممكن أيضاً. ومنذ دارون فالتفسير البيولوجي تعريفاً هو تفسير اصطفائي. لكن هل من الممكن فعلاً أن النجاح التوالدي، الشيء الأوحد الذي يهم في الارتقاء، هو المبدأ الأوحد الذي تقوم على أساسه كل أنماط السلوك التي تدهش بتعدديتها وغريبة بما لا ينتهي الذي يميّز فردانيّة النوع البشري؟ هل ثمة ارتباط فعلاً بين تحريض توالدي أساسي وبين الكاتدرائيّات ذات السحر الثقافي التي ولدت عبر التاريخ البشري، يسأل ألكسندر. إنه يفكّر على هذا النحو قطعاً. إن ما يحاول إظهاره في تحليله التفصيلي هو أن كلّ الآليّات الانتقائيّة الاجتماعيّة الارتقائيّة، بما في ذلك ما يسمّى بالاصطفاء النيبوتستيك nepotistic [ تعامل تفضيلي أو انحيازي ] والاصطفاء التبادلي والمشترك، ربما تكون " آخر مجموعة هامة من الآليّات المطلوبة لربط سمات معقدة لظواهر ثقافيّة، مثل الفنون، بحياة قائمة على الانتخاب الارتقائي عبر تفضيل النجاح التوالدي ". وألكسندر يعتقد أن المشكلة بالنسبة للتفسير الاجتماعي البيولوجي ليست افتقاد آليّات ممكنة لمقاربة سلوكاتنا الخاصّة بل تجاهل كيفيّة استخدام تلك الآليّات. يهاجم الباحث الأمريكي لنّي موس ما يسمّيه " بالدارونيّة السوقيّة "، وهي نوع من الدارونيّة يصف نوعاً من اللوغاريتميّة الجينيّة – منطق المضاعف ( نتذكر داوكينز ودينيت ) – كأساس للديناميّة الارتقائيّة في حين تنكر أي توسّط للعضويات ذاتها، تماماً كما اعتاد الماركسيون السوقيّون إنكار أهميّة الفعل الفرداني لصالح " القوانين الحديديّة " للماديّة الدياليكتيكيّة مفترضين جدلاً تحكّم مسار التاريخ. ووفقاً للدارونيّة السوقيّة، تحدث عمليتا الارتقاء المركزيّتان، التبدّل والاصطفاء، باستقلاليّة تامة عن العضويّة. ويعتقد أن الجينات وحدها تتصرّف كعناصر فاعلة، في حين تظهر العضويّات كوسائل حمل منفعلة تصوغها الجينات والبيئة ( داوكينز ). يظهر موس أن هذه النظرة التي تدور في محور الجينات غير صحيحة. وحين يفعل موس ذلك، فإنه يقدّم لنا تمييزاً مفيداً للغاية بين نوعين من الجينات، يلعب كل نوع منهما دوراً تفسيريّاً يختلف بالكامل عن النوع الآخر. إن الجين P هو " جين لـ X " ويشير إلى ما يدعوه موس " متنبئ فينوتايب phenotype [ أية سمة قابلة لأن تكون ملحوظة في العضويّة ]". P يرمز إلى " من يؤمن بالتخلّق السبقي [ نظريّة تقول إن كل أعضاء الجنين موجودة مسبقاً في الجرثومة ] لكن بمعنى " كما لو أن "، كما لو انه مسئول، كلّ بذاته، عن إنتاج بعض سمات الفينوتايب X. مثال لهذا هو " الجين المسئول عن العيون الزرقاء "، التي بالطبع لا تتواجد بمعنى معطي عينين زرقاوين مستقلّ بذاته بل فقط كمتتالية دقيقة مطلوبة في الطريق البيوكيميائيّة التي تقود إلى إنتاج العيون البنيّة. إن غياب جين العيون الزرقاء P هذا، المشفّر من أجل صبغي محدد، ينتج عيوناً زرقاء. لكن الجينات D هي متتاليّات جزيئيّة خاصّة تعمل كمصدر تطوّري لكنها غير نهائيّة فيما يخص الفينوتايب. تستخدم D في التفاسير التخلقيّة التعاقبيّة [ نظريّة تقول إن الجنين يتكوّن بسلسلة من التشكّلات المتعاقبة ]، أي، في وصف الطرق البيوكيميائيّة المعقّدة التي تقود إلى الفينوتايب. ويتابع موس ليظهر أن " معنى " التحولات في الـ DNA ليس محدداً بمتتاليّة الـDNA بحد ذاتها بل بالقوة الكامنة للتطوّر التكيّفي في العضويّة، وهو ما يعني، في نهاية الأمر، أن العضويّة ذاتها، لا الجينات، هي التي تحتل " كرسي القيادة الارتقائي". يتحدّث الفيلسوف الألماني بيرنت غرايفرات عن أثر الدارونيّة على تفكيرنا في مسائل الأخلاق والمعياريّة. ويرى غرايفرات أنه في حين يمكن للبيولوجيا الارتقائيّة أن تفسّر السلوك البشري، فهذا لا يعني أنها تبرّر أيضاً ذلك السلوك. هنالك فرق جوهري بين التفسير والتبرير. نحن لا نستطيع أن نتابع من " يكون " إلى " يجب " دون تسويغ إضافي، أي، إذا كان علينا تجنّب ما يدعى " بالمغالطة الطبيعانيّة ". لكن إذا كانت التبريرات قائمة على " البديهيات الأساسيّة "، كما يقول جون رولز، لماذا على تلك البديهيّات أن تكون، في التحليل الأخير، نوعاً من " المشاعر " تسببه الصيرورات الارتقائيّة وهو قابل لأن يفسّر بالتالي عبر البيولوجيا الارتقائيّة؟ إذا أمكن لنا أن نظهر أن ميولنا الأخلاقيّة هي إلى حد ما مشتقة من تركيبة شعوريّة تطورت بالاصطفاء الطبيعي، فلهذا حتماً نتائجه بالنسبة للوضعيّة الأخلاقيّة الخاصّة بها، كما يقول غرايفرات، مستشهداً بجفري مورفي. يستمر الباحث في الحديث عن الدارونيّة أخلاقيّاً فيشير إلى أن الرؤيا الدارونيّة التي تؤكّد على الاستمراريّة بين الإنسان والحيوان يمكن أن تغيّر علاقتنا بالحيوان إلى الأفضل. فإذا كنّا نفكّر بالألم، أو بالقدرة على الإحساس عموماً، كعنصر ذي علاقة بالأخلاق، لماذا ننكر إذاً هذه الصفة الأخلاقيّة على الحيوانات؟ لم لا " نوسّع دائرة " اهتماماتنا الأخلاقيّة على هذا الأساس
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
ما بين نظرية التطور وخلق الانسان، اين هي الحقيقة؟ | Shihab Karrar | 04-10-09, 08:12 AM |
Re: ما بين نظرية التطور وخلق الانسان، اين هي الحقيقة؟ | محمد عثمان الحاج | 04-10-09, 04:56 PM |
Re: ما بين نظرية التطور وخلق الانسان، اين هي الحقيقة؟ | Shihab Karrar | 04-10-09, 06:41 PM |
Re: ما بين نظرية التطور وخلق الانسان، اين هي الحقيقة؟ | HAYDER GASIM | 04-10-09, 06:50 PM |
Re: ما بين نظرية التطور وخلق الانسان، اين هي الحقيقة؟ | malik_aljack | 04-10-09, 07:22 PM |
Re: ما بين نظرية التطور وخلق الانسان، اين هي الحقيقة؟ | Badreldin Ahmed Musa | 04-10-09, 09:26 PM |
Re: ما بين نظرية التطور وخلق الانسان، اين هي الحقيقة؟ | Seif Elyazal Burae | 04-10-09, 09:29 PM |
Re: ما بين نظرية التطور وخلق الانسان، اين هي الحقيقة؟ | Badreldin Ahmed Musa | 04-10-09, 09:50 PM |
Re: ما بين نظرية التطور وخلق الانسان، اين هي الحقيقة؟ | كمال حسن | 04-10-09, 10:18 PM |
Re: ما بين نظرية التطور وخلق الانسان، اين هي الحقيقة؟ | Badreldin Ahmed Musa | 04-10-09, 11:10 PM |
Re: ما بين نظرية التطور وخلق الانسان، اين هي الحقيقة؟ | Badreldin Ahmed Musa | 04-10-09, 11:36 PM |
Re: ما بين نظرية التطور وخلق الانسان، اين هي الحقيقة؟ | Badreldin Ahmed Musa | 04-10-09, 11:42 PM |
Re: ما بين نظرية التطور وخلق الانسان، اين هي الحقيقة؟ | Badreldin Ahmed Musa | 04-10-09, 11:47 PM |
Re: ما بين نظرية التطور وخلق الانسان، اين هي الحقيقة؟ | Badreldin Ahmed Musa | 04-10-09, 11:50 PM |
Re: ما بين نظرية التطور وخلق الانسان، اين هي الحقيقة؟ | Badreldin Ahmed Musa | 04-10-09, 11:56 PM |
Re: ما بين نظرية التطور وخلق الانسان، اين هي الحقيقة؟ | جمال المنصوري | 04-11-09, 05:33 AM |
Re: ما بين نظرية التطور وخلق الانسان، اين هي الحقيقة؟ | Shihab Karrar | 04-11-09, 07:42 AM |
Re: ما بين نظرية التطور وخلق الانسان، اين هي الحقيقة؟ | HAIDER ALZAIN | 07-04-09, 10:34 AM |
Re: ما بين نظرية التطور وخلق الانسان، اين هي الحقيقة؟ | malik_aljack | 07-14-09, 08:23 PM |
Re: ما بين نظرية التطور وخلق الانسان، اين هي الحقيقة؟ | جمال المنصوري | 07-15-09, 04:43 AM |
Re: ما بين نظرية التطور وخلق الانسان، اين هي الحقيقة؟ | حيدر حسن ميرغني | 07-15-09, 05:09 AM |
Re: ما بين نظرية التطور وخلق الانسان، اين هي الحقيقة؟ | Shihab Karrar | 09-22-09, 10:53 AM |
Re: ما بين نظرية التطور وخلق الانسان، اين هي الحقيقة؟ | Shihab Karrar | 09-22-09, 10:55 AM |
Re: ما بين نظرية التطور وخلق الانسان، اين هي الحقيقة؟ | النذير حجازي | 09-22-09, 11:50 AM |
Re: ما بين نظرية التطور وخلق الانسان، اين هي الحقيقة؟ | Shihab Karrar | 09-22-09, 12:50 PM |
Re: ما بين نظرية التطور وخلق الانسان، اين هي الحقيقة؟ | النذير حجازي | 09-22-09, 01:03 PM |
Re: ما بين نظرية التطور وخلق الانسان، اين هي الحقيقة؟ | Shihab Karrar | 09-22-09, 01:16 PM |
Re: ما بين نظرية التطور وخلق الانسان، اين هي الحقيقة؟ | هشام آدم | 09-22-09, 02:10 PM |
Re: ما بين نظرية التطور وخلق الانسان، اين هي الحقيقة؟ | ماجد معالى | 09-22-09, 07:54 PM |
Re: ما بين نظرية التطور وخلق الانسان، اين هي الحقيقة؟ | ماجد معالى | 09-22-09, 07:55 PM |
Re: ما بين نظرية التطور وخلق الانسان، اين هي الحقيقة؟ | ماجد معالى | 09-22-09, 07:57 PM |
Re: ما بين نظرية التطور وخلق الانسان، اين هي الحقيقة؟ | ماجد معالى | 09-22-09, 07:59 PM |
Re: ما بين نظرية التطور وخلق الانسان، اين هي الحقيقة؟ | ماجد معالى | 09-22-09, 08:00 PM |
Re: ما بين نظرية التطور وخلق الانسان، اين هي الحقيقة؟ | Shihab Karrar | 09-22-09, 10:35 PM |
Re: ما بين نظرية التطور وخلق الانسان، اين هي الحقيقة؟ | هشام آدم | 09-22-09, 11:15 PM |
Re: ما بين نظرية التطور وخلق الانسان، اين هي الحقيقة؟ | Shihab Karrar | 09-23-09, 07:47 AM |
الحقيقة بعيدة .... | Hani Arabi Mohamed | 09-23-09, 09:42 AM |
Re: الحقيقة بعيدة .... | هشام آدم | 09-23-09, 09:54 AM |
Re: الحقيقة بعيدة .... | جمال المنصوري | 09-23-09, 10:35 AM |
Re: الحقيقة بعيدة .... | ماجد معالى | 09-23-09, 12:14 PM |
Re: الحقيقة بعيدة .... | النذير حجازي | 09-24-09, 08:05 AM |
Re: الحقيقة بعيدة .... | النذير حجازي | 09-24-09, 08:09 AM |
|
|
|