الخاتم عدلان وتاكتيكات فعالةلاسقاط نظام الجبهة الاسلامية

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 03-19-2024, 04:22 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة الراحل الاستاذ الخاتم عدلان(Khatim)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
11-07-2005, 06:14 PM

عبدالوهاب همت
<aعبدالوهاب همت
تاريخ التسجيل: 12-27-2002
مجموع المشاركات: 851

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الخاتم عدلان وتاكتيكات فعالةلاسقاط نظام الجبهة الاسلامية

    الدراسة ادناة كتبها الراحل المقيم الخاتم عدلان لاسباب مختلفة لم يتم تداولها في اروقة الحزب الشيوعي بل وان احد قادة الحزب قال(ابعدوا هذا الكالوت).. استعير قولك يا خاتم واقول طبت حيا وميتا ياخاتم
    تكتيكات فعالة للنضال ضد السلطة الديكتاتورية من أجل إسقاطها


    (أ) مقدمة لا بد منها:

    النضال ضد السلطة الديكتاتورية الحاكمة في بلادنا وهزيمتها واسقاطها يتطلب ان تكون فصائل المعارضة السودانية متفقة حول قضايا أساسية يصعب الانتصار بدون الاتفاق حولها. هذا القضايا الأساسية هي التالية:
    1. تحليل واضح لطبيعة السلطة والمصالح التي تمثلها، والفلسفة التي تتبناها والبرنامج السياسي الذي تطرحه.
    2. بديل متكامل للسلطة، سياسي، اقتصادي، اجتماعي، يستجيب لقطاعات الجماهير، يقدم حلولا لقضاياها الأساسية، يلهمها ويفجر طاقاتها.
    3. تحديد واضح لكيفية منازلة السلطة، ودور محدد لكل فصيل من فصائل المعارضة مما يجعل النضال يتصاعد خطوة إثر خطوة حتى النصر النهائي.
    4. قيادة رفيعة المستوى، عالية الكفاءة ، شجاعة ومستقيمة وملهمة تقود نضال الشعب، وتتقدم صفوفه وتبصره بمزالق الطريق، وتمكنه من الاستفادة من جميع الفرص المتاحة، وتغطي كل جبهات النشاط السياسية والاعلامية ، المالية والعسكرية وتزلزل بنيان السلطة حتى ينهار.
    5. حشد الحلفاء الاقليميين والعالميين، الذين يساندون نضال الشعب السوداني من مواقع المصالح المشتركة والرؤى السياسية المتوافقة.

    الاتفاق حول هذه القضايا هام لإن معارضة سلطة واسقاطها ليست عملا عشوائيا للصدف العمياء، او التصورات المبهمة او الرغبات الذاتية الفاقدة للأساس، بل هو عمل جاد يتطلب الدراسة والتحليل ويستند الى التخطيط الواعي الدقيق ويرصد المتغيرات ويحدد الاستجابات التي تقتضيها. ولم يعد هذا التصور وقفا على مدرسة فلسفية بعينها، بل هو امر تتفق عليه وتنادي به العلوم الاجتماعية والسياسية والعسكرية فتحديد طبيعة العدو وتوجهاته ونقاط ضعفه وقوته، ومعرفته معرفة تفصيلية هي أمور لازمة لهزيمته.

    هذه الاعتبارات هي التي حدت بكاتب هذه السطور ليكتب في سبتمبر 1990 أي قبل ثلاثين شهرا من الان ورقة بنفس عنوان هذه الورقة ويتقدم بها الى قيادة حزبه لتتبناها وتنشرها ولكن أسبابا كثيرة، لا يفيد احدا الخوض فيها حاليا، حالت دون ذلك، وما حال دون صدورها كوثيقة حزبية، حال ايضا دون صدورها كرأي شخصي. ان أضرارا كبيرة قد ترتبت على عدم نشر تصور متكامل للنضال ضد السلطة، ونحن باستجابتنا لإارث وتقاليد تكبل المبادرة الشخصية نتحمل جزءا من هذه المسئولية.

    وبالطبع لم تكن الامور دائما هكذا، بل بالعكس تماما كان الحزب الشيوعي السوداني يبادر دائما بفضح الحكومات الدكتاتورية، ويحدد طبيعتها الطبقية وتوجهاتها السياسية، ويتوصل بمنتهى الوضوح الى التكتيكات التي يراها ملائمة لاسقاطها، هذه ما حدث إبان دكتاتورية عبود وإبان دكتاتورية نميري. وقد كانت تحليلاته وتكتيكاته منشورة للجماهير ومعلومة للقاصي والداني، ومعلومة على وجه الخصوص بالنسبة للسلطة التي يتم النضال ضدها. وقد كان هذا يحدث بناء على مفهوم محدد، هو ان الخط السياسي ليس خاضعا للتأمين أو الإخفاء. لان التأمين والعمل السري كله ليس سوى وسيلة لتوصيل الخط السياسي الى الجماهير بوضوح وجراءة وشجاعة، وتصميم فذ على القتال. والكلام "المغطغط وفاضي" لم يكن في يوم من الايام لغة من لغاتنا. وإننا إذ نعيد كتابة هذه الورقة، باعتبار كامل للمستجدات التي طرأت منذ كتابتها لأاول مرة، إنما نواصل ذلك التقليد العظيم من تقاليد الحزب الشيوعي.

    (ب) كيف استولت الجبهة الاسلامية على السلطة؟

    سؤال تفادته كل أطراف المعارضة حتى الان، هل لأن أوان تقييم انقلاب الجبهة لم يحن بعد؟ هذا مرفوض بالنسبة للسياسين حتى ولو كان مقبولا بالنسبة للمؤرخين. هل لإن قوى المعارضة لديها تصورات مختلفة حول ذلك الانقلاب، وهي تريد حاليا ان تركز على ما يجمعها وليس على ما يفرقها، منطق مرفوض هو الاخر وذلك للاسباب التالية:-

    1. الكيفية التي انتصرت بها الجبهة الاسلامية لها علاقة وطيدة جدا بالكيفية التي ستهزم عن طريقها، فالوصول الى سر الانتصار يلقي اضواء كاشفة على نقاط الضعف.
    2. تحليل الكيفية التي اقتلعت بها الديمقراطية له علاقة مباشرة باستنباط الوسائل الكفيلة بترسيخها بعد استعادتها.
    3. العلاقة بين أطراف المعارضة ليست بالهشاشة التي ينسفها الاختلاف حول أي امر من الامور مهما عظم شأنه. وبما هي معارضة ديمقراطية فانها تؤمن بشرعية الخلاف، وحق النقد، لا باعتبارها مناهج مرغوبة في حد ذاتها فحسب، بل باعتبارها وسائل مجربة للوصول الى التفاهم والاتفاق القائمين على الصدق والصراحة. وبناء على هذه الاعتبارات سنطرح تصورنا للكيفية التي مكنت الجبهة الاسلامية من الاستيلاء على السلطة السياسية صبيحة الثلاثين من يونيو 1989 .

    لقد كان انقلاب الجبهة (سرا) مكشوفا معلوما للجميع ويمكن لجميع قادة المعارضة الحاليين، وقادة الجيش في ذلك الزمان ان يدلوا بمعلومات مذهلة في هذا الصدد. فقد وصلتهم بلاغات مباشرة من مصادرهم الموثوقة بأن الجبهة الاسلامية تعد لانقلاب، وانها وصلت في ذلك الى مراحل متقدمة لم تنحصر فقط في تحديد قادة الانقلاب وخطة الاستيلاء على السلطة بل وصلت الى درجة تحديد ساعة الصفر.

    وعلى المستوى الشعبي اقام الدكتور حسن الترابي اربعة لقاءات جماهيرية في أماكن مختلفة من العاصمة كان موضوعها الاساسي "نعي الديمقراطية" وكانت نصوص خطبه الداعية الى قلب نظام الحكم منشورة على صفحات جميع الصحف التابعة للجبهة الاسلامية، وهذا يعني ان الجبهة أعدت لانقلابها عسكريا ومهدت له جماهيريا، دون ان تخفى شيئا ودون ان تخشى احدا . وقد فعلت ذلك رغم الضآلة المزرية للقوات التي كانت بحوزتها. والأسباب التي دفعت الجبهة إلى تنفيذ انقلابها والتصرف باستهانة شديدة بكل القوى السياسية وبالحكومة تحديدا هي في نظرنا التالية:-




    1. الغربة التي شعرت بها الجماهير ازاء الحكومات المتعاقبة للاستاذ الصادق المهدي تلك الحكومات التي تميزت بالفشل في التصدي لقضايا الشعب الأساسية، فتفاقمت الأزمة الاقتصادية والمعيشية وأحاطت بالحكومة تهم قوية بالفساد وسوء التصرف وضعف القرار وقضاء الوقت في البحث عن التحالفات الجديدة، وتدبيج الخطب والتوهان في التصورات النظرية وحتى الاجراءات التي اعقبت انتفاضة ديسمبر 1988 لم تفلح في انهاء هذه الغربة بين الشعب والسلطة لإنه لم تترتب عليها أية خطوات عملية ذات شأن.
    2. سير الاحداث في اتجاه معاد للجبهة الاسلامية، ومهدد لمصالحها الاقتصادية ومواقعها السياسية، وتمثل ذلك في اقصائها عن السلطة بعد انتفاضة ديسمبر ومذكرة القوات المسلحة، وفي نجاح الجهود التي اشتركت فيها كل القوى السياسية باستثنائها هي نفسها – والتي جعلت السلام قاب قوسين او ادنى، وذلك بفضل المبادرة السودانية للسلام في نوفمبر 1988 وما اتصل بها من جهود وخطوات عملية حددت يوم 4 يوليو 1989 كموعد لتجميد القانون الجنائي ويوم 18 سبتمبر كموعد لانعقاد المؤتمر الدستوري. وقد استنتجت الجبهة أن هذه الاحداث هي حلقات في سلسلة متصلة ترمي الى إقصائها عن المسرح السياسي ووضعها على الرف لأمد غير محدود. وهذا ما لا يمكن ان تقبله الجبهة الاسلامية دون مقاومة.
    3. وقد ساعد الجبهة على الإقدام على الفعل إلمامها الدقيق باسرار الحياة السياسية وتوازانات القوى ويمكن القول ان الصورة التي كانت تملكها للمسرح لاسياسي كانت اكثر دقة ووضوحا مما كان يملكه أي حزب بما في ذلك الحزبان الكبيران. وليس موضوعا للجدل والمغالطة انها استطاعت ان تزرع ممثلين لها على اعلى المستويات القيادية في ذينك الحزبين وقد تمكنت من خلال هذه المعرفة ان تتوصل الى استنتاج واثق بان أيا من هذين الحزبين لن يتمكن من مقاومة وردع محاولتها للاستيلاء على السلطة كما كانت تعرف كذلك ان الاحزاب الاخرى وخاصة الحزب الشيوعي السوداني والقوى الموقعة على ميثاق الدفاع عن الديمقراطية، لا تملك من القوة العسكرية قدرا كافيا لضرب مخططها وقد لمست هذه الحقيقة من خلال عملها في الجيش بعد المصالحة مع النميري سواء عن طريق كورسات المعهد الاسلامي الافريقي، وحسابات بنك فيصل الاسلامي وتسهيلاته ومشاريع دعم القوات المسلحة بعد الانتفاضة أو العمل السياسي المباشر الذي أكسبها مواقع لم تكن تحلم بها، وجعل صحيفتها الرسمية الراية توزع على كل الوحدات بصورة مكشوفة وكأنها صحيفة القوات المسلحة، وقد سهل عملها وسط الجيش الانسحاب الاستراتيجي الذي نفذه الحزب الشيوعي من العمل وسط القوات المسلحة، كرد فعل غير معلن على انقلاب 19 يوليو 1971 والذي كان من نتائجه تجفيف وجود الحزب بفعل مغادرة الضباط لصفوفه بعد أن شعروا انهم مطالبون بالدخول في بيات شتوي سياسي غير معلوم المدى، وبفعل الإحجام عن تجنيد أي ضباط أو جنود جدد، وبفعل إهمال الدخول في الكلية الحربية، بالإضافة الى وجود خط سياسي معاد للقوات المسلحة بدون تمييز. وقد ساعد كل ذلك على خلق جو مثالي لعمل الجبهة الاسلامية التي تحررت من الخوف في غياب المنافس القوي والعيون الراصدة.
    4. خلقت مذكرة القوات المسلحة في فبراير 1989 جوا انقلابيا خيم على الحياة السياسية طوال الشهور الخمسة التي سبقت الانقلاب، وقد كانت قيادة الجيش تعتقد انها مسيطرة تماما على الأمور، وان الجو الانقلابي هو النار الهادئة التي تنضج عليها ثمرة السلطة فتتناولها وتلتهمها في هدوء وقد كانت حساباتها خاطئة وخطرة. ومن المفارقات الأليمة ان الجبهة الاسلامية التي كانت مذكرة الجيش وتكتيكاته موجهة ضدها، تمكنت من الاستفادة من ذلك الجو، ملحقة الهزيمة باعدائها العسكريين والمدنيين حاصدة من الثمار ما زرعه الاخرون من اعدائها.

    كل هذه العوامل والأسباب هي التي مكنت الجبهة الاسلامية من قلب الموائد على الجميع وتنفيذ انقلابها بقوة لا تفوق الثلاثمائة جندي بعضهم مدنيون في ملابس عسكرية. ولم تواجه الجبهة أي مقاومة تذكر في تنفيذ ذلك الانقلاب.

    ولعل ابرز الدروس في نجاح انقلاب الجبهة هو ان مسألة حماية الديمقراطية لم تؤخذ مأخذ الجد. لا من قبل القوى السياسية حكومة ومعارضة، ولا من قبل قادة الجيش الذين أدوا القسم على حماية النظام الدستوري. إن حرص الشعب على حماية الديمقراطية المعبر عنه في ميثاق الدفاع عن الديمقراطية لم يعامل بمسئولية ولم يتحول الى خطط محددة وقوة معدة لمواجهة كل طارئ . إن الحكومة بالذات لم تحسن التصرف فيما اؤتمنت عليه من المسئولية. وقد ادى الحبل السري الذي كان يربط ربطا قويا بين جناح من اجنحة الحزب الحاكم وبين الجبهة الاسلامية ، الى تخدير ذلك الحزب وإيهامه بأن الجبهة الاسلامية مهما غالت في عدائها فانها لن تفكر في قلب نظام الحكم. وفي حين كان احدة قادة ذلك الجناح واحد وزرائه البارزين يفاوض قادة الحزب الاخر لإقناعهم بحل حكومة الجبهة الوطنية المتحدة واشراك الجبهة الاسلامية في الحكم من جديد، كان قادة الجبهة يضعون اللمسات الاخيرة لمخطط انفرادهم بالسلطة كلها، بما فيها كرسي ذلك الوزير.

    إن المعلومات التي توفرت حول الانقلاب المكشوف كانت كافية تماما لسحقه في المهد، ولكن شلل الإرداة الذي أصاب السلطة في كل شئ ، كان قد عطل مقدرتها على الدفاع عن نفسها. وهذه حقيقة أليمة ومؤسفة، ودرس يجب ان لا ينساه احد.

    لقد قال الاستاذ الصادق المهدي في مخاطبته للفريق عمر البشير في مذكرة رفعها اليه بعد الانقلاب بعد بأيام " لقد نشأت في البلاد مواجهة بيننا ومعنا الشرعية وبينكم ومعكم القوة" وقد عبر ذلك تعبيرا موجزا وبليغا، عن حقيقة ان الشرعية كانت تعوزها القوة، وأن الديقراطية كانت تعوزها ادوات الحماية وواصل السيد رئيس الوزراء السابق ليقول في نفس المذكرة انه اختفى ليتبين حقيقة الحركة التي استولت على السلطة، فإن كانت تدبيرا اجنبيا وجبت المقاومة، وان كانت عملا سودانيا امكن السعي لايجاد مخرج سليم للبلاد. وهذا في الحقيقة منطق عجيب فأي مبدأ هذا الذي يستند اليه رئيس الوزراء؟ وأي دستور هذا الذي ينص على عدم مقاومة الانقلابات عندما تكون سودانية، ومقاومتها فقط عندما تكون أجنبية؟ وهل هذه بالفعل كانت مفاهيم " المنتخب الأول" عن حماية الديمقراطية؟ إن السيد رئيس الوزراء السابق رجل قوي الحجة، وما أوقعه في هذا المنطق الشديد الاعوجاج هو ضعف النظام الديمقراطي الذي كان يمثله، وعجزه عن حماية نفسه أمام أي خطر.

    (ج) الطبيعة الطبقية للسلطة والمصالح التي تمثلها:-

    إن السلطة الحالية هي سلطة شريحة طبقية، ضيقة ومحدودة، وهي على وجه التحديد الرأسمالية الطفيلية الاسلامية وهي شريحة مغلقة امام الاخرين وخاصة في قممها العليا, وبما أنها طفيلية فإن القانون الاساسي الذي يحكم نشاطها الاقتصادي هو النهب وهو نهب لا يتقيد بقانون، او باعتبارات وطنية أو واعز أخلاقي، نهب للقطاع العام ، وللجماهير الكادحة، وللثروةالقومية وللرأسماليين الاخرين من خارج صفوفها. إن الأنشطة المفضلة بالنسبة لها هي أنشطة التداول والمضاربة، مما يفقر الانتاج المادي ويبدد كل فرص التنمية.

    لقد أثبتت سياسات السلطة الاقتصادية خلال السنوات الماضية انها لاتعترف بالحدود عندما يتعلق الأمر بتخريب الاقتصاد الوطني فسياساتها في مجالات الزراعة والصناعة، والتجارة والخدمات أوصلت البلاد الى مرحلة الانهيار الشامل والكارثة القومية، التي تدفع جماهير الشعب ثمنها غاليا حاليا، والتي تنبئ بأفاق كالحة ومستقبل حالك الظلام.

    وقد اعتقد البعض ولبعض الوقت ان اتجاه السلطة الى التوسع في الزراعة بلطف، ربما يلغي طبيعتها الطفيلية، ولكن السلطة لم تكن بطيئة في تزويدهم بالأدلة القاطعة على ان قانون النهب يعبر عن نفسه في مجال الزراعة بصورة أكثر فظاظة وقسوة مما يحدث في المجالات الاخرى، فصيغة السلم اتضح انها أكثر بشاعة من كل صور "الشيل" التي عرفها المزارعون في تاريخهم، تضاف اليها الضرائب العالية والخرافية ثم الزكاة التي تؤخذ دونما اعتبار للنصاب، أي أنها تؤخذ من الاغنياء والفقراء على السواء مما يخرجها تماما من صفتها الاسلامية المعروفة. وقد أدت كل هذه الممارسات الفظة إلى تحويل المزارعين الى أقنان يخدمون الدولة، وجعلتهم يحجمون عن زراعة لا يزيد نصيبهم منها في جميع الأحوال عن الكفاف كما أن السياسات الزراعية بتركيزها على القمح والذرة قد حرمتهم من المحاصيل النقدية مثل القطن مما أضعف قواهم الشرائية بصورة مزرية وجعل كل السلع الصناعية في غير متناول أيديهم.

    لقد كان التوسع الزراعي في جزء كبير منه رد فعل ايديولوجي على اهتمام العالم الغربي بالوضع الغذائي في السودان، أي أنه لم يكن توسعا زراعيا رشيدا املته المصالح الوطنية أو الاعتبارات الاقتصادية والتنموية، بل كان هم السلطة الأول والأخير هو أن تقوم بدور السمسار الوطني فتشتري المحاصيل بأبخس الاثمان من المنتجين وتبيعها بأسعار فاحشة للمستهلكين، مستغلة كليهما، ومفقرة لهما معا إفقارا شديدا جعل الحياة جحيما لا يطاق، وقد ترتب على ذلك انتشار الجوع على جميع السكان مع إبقائه في مستوى دون حد المجاعة. وبهذا تكون السلطة قد نجحت في استبدال الموت السريع وبمئات الالاف ، بالموت البطئ.

    أهملت السلطة الصناعة إهمالا يكاد أن يكون تاما كما رفعت يديها عن الخدمات الاساسية من تعليم وصحة ومواصلات وكهرباء ومياه .. الخ. في نفس الوقت الذي فرضت فيه الضرائب الفادحة على كل نشاط اقتصادي أو خدمي، وقد أصبحت هذه الخدمات الاساسية في غير متناول الأغلبية الساحقة من أبناء الشعب، وتحولت الى امتياز يقتصر على الاغنياء. وعن طريق السياسات المتقلبة والهوجاء انخفضت قيمة العملة الوطنية انخفاضا كبيرا وسريعا مما اطلق العنان لغول التضخم والغلاء فالتهم دخول العاملين التي لم تطرأ عليها سوى زيادات ضئيلة تكاد لا تذكر. وقد حدث ذلك في نفس الوقت الذي شردت فيه عشرات الالاف من العاملين بمختلف فئاتهم وأسلمتهم هم وأسرهم الى الفقر وشظف العيش. واضح إذن أن الاقتصاد قد توجه توجها طفيليا مدمرا، وصارت أوجه الصرف الأساسية هي التالية:
    1. تمويل الحرب التي اتسعت وصارت باهظة التكلفة لزيادة احتياجات السلطة من الأسلحة والذخائر وغلاء أسعارها وارتفاع تكلفة النقل الذي اعتمد بصورة متزايدة على النقل الجوي، وتكوين جيش جديد من قوات الدفاع الشعبي التي تقدم لها الاغراءات الضخمة بالإضافة الى المبالغ الكبيرة التي تدفع كرشاوى للمنشقين عن الحركة الشعبية، ومخصصات الخبراء الاجانب ايرانيين وغيرهم.

    2. حماية السلطة بإنشاء اجهزة امنية لم يشهد السودان مثيلا لها من قبل، تعتمد لها الميزانيات المفتوحة غير الخاضعة للرقابة، وينال افرادها أعلى المرتبات في كل جهاز الدولة، ويتسم نشاطها بالدخول في مؤامرات عديدة باهظة التكاليف داخل البلاد وخارجها.

    3. الماكينة الدعائية الرهيبة المتمثلة في المؤتمرات والاحتفالات والمناسبات التي لا يحصيها العد، والصرف البذخي على اللجان والهيئات والمنظمات التي تضطلع بهذا النشاط الدعائي الذي تمارسه السلطة آناء الليل وأطراف النهار مسببة للناس ارهاقا شديدا، ومعرضة لهم لوطأة ثقيلة، معتقدة أن أنجح الحلول للمشالكل هي الحلول الدعائية المكرورة، والتي لا علاقة لها بالواقع ولا نصيب لها من الصحة.

    4. الصرف على المنظمات الارهابية في كل االعالم العربي، وبعض الأقطار الافريقية، بغرض تصدير "الثورة الاسلامية" بزعزعة استقرار هذه النظم وضرب مواردها الاقتصادية، وإرهابها، وإسقاطها في نهاية الامر. إن المؤتمر الاسلامي تحت قيادة الشيخ حسن الترابي هو الذي يضطلع مباشرة بهذه الاعمال وتدبير وقيادة هذه المؤامرات. ويدفع السودان على فقره وإملاقه الأموال ويهرب الأسلحة إلى الحركات الاصولية خاصة في مصر والجزائر وتونس والاردن ويوغندا والصومال واريتريا واثيوبيا وغيرها، وتمارس ايران من خلاله دورها التخريبي.

    لقد صار النشاط الاقتصادي على يدي الجبهة الاسلامية القومية نشاطا حزبيا صارخا، فقد اصبح تجار الجبهة ورجال أعمالها ومنتسبوها هم وحدهم المستحقون للصفقات والتسهيلات والتمويل. ليس لهم من مؤهل أو رخصة سوى انتمائهم الحزبي والسياسي. وقد عطلت كل الاجراءات الرشيدة التي توصلت اليها الدول في تنظيم النشاط الاقتصادي، ودمر تدميرا الكثيرون من ذوي المنشأت والقدرات الصناعية والمالية، ومن ذوي الخبرة العريقة والعلاقات العالمية، فقط لكونهم لا ينتمون إلى الجبهة الاسلامية القومية وضربت على نشاط الدولة الاقتصادي السرية التامة حتى يكون احتكارا خالصا للقلة المحظوظة التي شكلت نفسها في صورة مافيا، لا حكومة. وقد صارت كل الممارسات الاقتصادية الفاسدة، والتي كانوا ينتقدونها باصوات المفوضين الإلهيين على العدالة، صارت ممارسات قانونية. وبدلا من محاربة الفساد فإنهم قد أفسدوا القانون.

    ومع كل هذا التقنين للفساد، فإن فضائح اقتصادية ضخمة قد انكشفت وهزت المجتمع السوداني مثل قضية المستثمر الاردني التي تورطت فيها قيادة الجبهة الاسلامية. وممارسات علي الحاج، وفيصل مراد في مجال الاستثمار، والترابي وعل عثمان اللذين يقدمان سنويا كشفا بكبار تجار الجبهة لإعفائهم من الضرائب، ثم اعمال الفساد في القوات المسلحة التي يقوم بها عبدالرحيم محمد حسين، وكمال علي مختار من صفقات مشبوهة للأسلحة والذخائر ومن رشاوى بالملايين لضباط الجبهة الاسلامية دون علم إخوانهم.

    هذا كله يعني ان هذه الشريحة الطبقية الضيقة والمغلقة، تتناقض مصالحها بصورة جذرية مع مصالح كل المجتمع، تتناقض مصالحها مع الكادحين من المزارعين والعمال والمثقفين ومستخدمي الدولة، ومع كل فئات البرجوازية الصغيرة، ومع الرأسمالية الوطنية المرتبطة بالإنتاج الصناعي والزراعي والخدمي, ولا يزيل هذا التناقض سوى هزيمتها هزيمة ساحقة، فأنتصارها هي على المجتمع ليس سوى امر عارض وعابر.

    إن هذا التناقض هو الذي يدفع الجماهير بصورة لا مرد لها، الى اصطدام بالسلطة في معارك بالغة الشراسة لانها تتعلق بالحياة والموت، وهو الأساس الذي ينبني عليه تحالف شعبي بالغ الاتساع. هذا التحالف الواسع قادر تماما على حسم المعركة لصالحه فاتحا الطريق من جديد لتطور البلاد وتنميتها، ويساعد في تكوين هذا التحالف وتقويته الاستعلاء والصلف والوقاحة التي تتميز بها الطفيلية الحاكمة، والثروات الهائلة التي استحوذت عليها، والتي تحول جزء كبيرا منها إلى البنوك الاجنبية باستمرار، وأنماط الاستهلاك المستفزة التي تخوض فيها دون خوف او خفاء ودون ذوق او حس ، دون اهتمام بمظاهر الشظف والإملاق التي طالت الملايين من الناس، الذين كانوا في الامس أعزاء فأذلتهم الجبهة الاسلامية وداست أنوفهم بالرغام، وقذفت بهم وأسرهم وأطفالهم الى براثن الحاجة والعوز لتصهر منهم العظام. كما يساعد على توسيع وترسيخ هذا التحالف، الخشونة والفظاظة التي ازاحت بها الجبهة كل منافسيها، ومصادرة أموال وممتلكات معارضيها والاعتباط الذي يباشر به الجبهويون صعودهم على أشلاء الآخرين وبناء امبراطورياتهم وجناتهم الارضية على جثثهم. كل هذا يقود بصورة أكيدة الى صدام تتقيأ فيه الجبهة الاسلامية كل ما ابتلعته متجاوزة كل مقدراتها على الهضم.

    (د) الأركان الأساسية لايديولوجية السلطة:-

    في بناء نظامها السياسي، وتنفيذ برانمجها الاقتصادي، وفي صياغة اسلوب الحياة الذي تفرضه فرضا على شعب السودان، تستند السلطة الى ايديولوجيا الإسلام السياسي والهوس الديني، وبدون المعرفة العميقة للأركان الأساسية لهذه الايديولوحيا لا يمكن للمرء ان يستوعب الأبعاد الكاملة لما يمكن ان تلحقه هذه السلطة بشعبنا ووطننا، وها نحن نطرح أمام القارئ ما نعتبره جوهر هذه الايدلوجيا:
    (1) تحقيق الحاكمية الإلهية :-
    تتحقق الحاكمية الإلهية عن طريق تطبيق "شرع الله" وتنزيل المعاني والقيم الربانية الى الأرض، وإقامة الدولة الدينية الممثلة للخير المطلق والعدالة الشاملة والتي تنقذ البلاد بل البشريه كلها من النظم الوضعية القاصرة والجائرة التي تقودها في دورب الظلام وتوردها موارد الهلاك.
    وإذا كان الامر يتعلق فعلا بتحقيق الحاكمية الإلهية، بديلا عن الحكم البشري السائد في عالم اليوم، فإن ملايين المسلمين والمؤمنين عموما لن يترددوا في الاختيار بين نظام يتألق في كماله الإلهي، وآخر يتواري وينزوي في نقائصه البشرية، وهذا هو ما يدعيه دعاة الدولة الدينية، وهو إدعاء بعيد عن الحقيقة والصواب بعد السماء عن الارض، وذلك للأسباب التالية:
    (أ) لا يمكن أن يتوقف تحقيق الحاكمية الالهية على مصائر جماعة سياسية يمكن ان تستولي على السلطة، ويمكن أن تفقدها، لأنها في هذه الحالة تصبح حاكمية محدودة، ومتقطعة، وليست مطلقة ومستمرة أي تصبح حاكمية بشرية.
    (ب) النظام السياسي والاقتصادي والاجتماعي الذي يقيمه دعاة الحاكمية الالهية، او يقيمه غيرهم، ليس سوى تصدي لمشاكل بشرية، مستجدة ومتطورة، حلولها مستجدة ومتطورة هي الاخرى، لأن الحلول لاحقة للمشاكل ولم نسمع بحلول ظهرت قبل ظهور مشاكلها، فالادعاء بوجود حلول قديمة لمشاكل مستجدة هو ادعاء باطل.
    (ج) القرآن ليس كتابا في السياسة والاقتصاد ولا القانون. ومن بين ستة الاف آية وردت بين دفتيه هناك ثمانون اية فقط تختص بالتشريع، أي واحد وثلث في المائة من جميع آياته. وهذا يعني بما لا يدع مجالا للشك ان القرآن ترك أمور التشريع ومن باب أولى ، السياسة والاقتصاد للبشر يصرفون شئونهم كيفما يشاءون، بينما انصرف هو الى غرس القيم الاخلاقية، وتهذيب النفوس، والانتصار على نوازعها الشريرة والارتقاء بالمسلك الانساني وإقامته على قواعد العدل والاحسان والرفق والتكافل والرحمة، ويستطيع البشر أن يستلهموا هذه القيم الرفيعة وفق ظروفهم وطاقاتهم واحتياجاتهم في كل لحظة من لحظات الزمان، وكل منعطف من منعطفات التاريخ، وسيتمكنون عن طريق هذا الاستلهام، المتجدد، ان يحققوا جوهر رسالة القرأن.
    (د) حتى التشريعات التي أشرنا اليها جاءت مجملة تترك للتقدير الانساني مجالا واسعا للتصرف، يعطيها في نهاية الامر مسحة انسانية مؤكدة، فهو مثلا قد حلل البيع وحرم الربا، ولكنه لم يحدد معنى قاطعا لأي منهما، مما يمكن المسلم الورع من الدعوة والنضال لإنشاء نظام اقتصادي عادل ينصف الكادحين والمنتجين، ولكنه في نفس الوقت يسمح لسماسرة الجبهة الاسلامية الانخراط في ممارسات اقتصادية أشد وطأة على الناس من جميع انواع الربا الذي عرفه المجتمع الجاهلي والذي حرمه القرأن. وبالنسبة للحدود فإن حد السرقة لم يوضح نصابه، كما أنه لا يطال سارقي الأموال العامة، مما يحصر تطبيقه في الفقراء، وشرب الخمر لم تحدد له عقوبة وجريمة الزنا لا يمكن اثباتها إسلاميا في عالم اليوم، كما تحيط بكل هذه الحدود شبهات تدرأ تطبيقها، وفوق كل ذلك فإن الإسلام ليس عقوبات توقع واطرافا تقطع ودماء تسيل، ولا يمكن للجسم الاجتماعي أن يقوم على العقوبات وحدها.
    (ه) لا يمكن لدعاة الحاكمية الإلهية ان يشرعوا في تحقيقها دون إصباغ الصفات الإلهية على أنفسهم، دون وضع أنفسهم موضع النبي وسرقة الخطاب الموجه اليه بالأصالة، دون قراءة النص القرآني خارج سياقه التاريخي، دون أن يكتشفوا لكل آية سببا جديدا للنزول.
    (و) إن دعوة الحاكمية الإلهية، لا جديدة ولا إسلامية، فهي امتداد لنظريات الحق الإلهي التي نادى بها الفراعنة المصريون، والقياصرة والأباطرة الرومان واستخدموها في المصادرة الكاملة لحقوق رعاياهم، وفي تحرير طغيانهم من جميع القيود. لقد زعم الفراعنة أنهم آلهة وزعم يوليوس قيصر أنه صار ربا فتم قتله، ويدعي أباطرة اليابان انهم أبناء الشمس وهكذا، وعندما أطلق الخوارج قولتهم الشهيرة " لا حكم إلا لله" في وجه علي قال لهم أنها كلمة حق أريد بها باطل، ثم حولها معاوية وأبو جعفر المنصور نظرية متكاملة في الحكم ، تصبح افعال الحاكم بمقتضاها أفعالا لله، ومعارضتها معارضة للإرادة الإلهية، وهذا هو جوهر هذه الدعوة قديما وحديثا.
    إن كل هذه الحقائق والأسباب تفضح دعوة الحاكمية الإلهية باعتبارها حاكمية بشرية مفتونة بذاتها لدرجة المرض، وليس لها من هدف سوى تبرير الطغيان، وإلباس المصالح الدنيوية لباس الدين، وتحصينها ضد كل هجوم. إنها دعوة تعمد الى إحراج الضمير الانساني ليكف عن معارضتها وتستفيد من اطمئنان الناس للمفاهيم المصاغة صياغة دينية، ومن بطئهم ومماحكتهم في اكتشاف خطلها، وهذا يضيف الى اتساع رقعة انتشارها، وعمق تأثيرها وطول عمرها، مما يجعلها عملة نادرة بحق.

    لقد تواضعت الانسانية في هذا العصر على المناهج الديمقراطية في حل القضايا الاجتماعية وفي التداول السلمي للسلطة. وهذا هو جوهر الحضارة التي نتفيأ ظلالها اليوم. ولكن دعاة الحاكمية الإلهية يغتصبون السلطة ويجردون خصومهم من جميع الحقوق، ويستخدمون كل الأساليب في قمعهم وإخضاعهم. وبذلك فأنهم يتجهون توجها بربريا معاديا للإنسان ومناوئا للحضارة، ومعاكسا للتاريخ ، مما يدخل شعوبهم في لجج جديدة من الدماء المسفوحة، والأطراف المبتورة، والكوارث العصية الحلول. وهم يفعلون ذلك لإنهم يعتقدون أن ما يتوهمونه من سمو وسماوية غاياتهم، لا يتأثر مطلقا بانحطاط ونذالة وسائلهم.


    (2) نظام الحزب الواحد:-
    يرتبط تحقيق الحاكمية الإلهية بإقامة نظام الحزب الواحد، والذي أشار إليه سيد قطب بالعبارات التالية:
    " إن هناك حزبا واحدا لله لا يتعدد وأحزابا اخرى كلها للشيطان وللطاغوت" وبالنسبة لهذا الحزب لا مجال لاعتبارات القلة والكثرة، أو مقولات الأقلية والأغلبية فلو أن حزب الله كان من الضآلة بحيث يعد على أصابع اليدين لما منعه ذلك من أن يكون ممثلا للحق المطلق، ولو أن أحزاب الشيطان كانت من الكثرة بحيث تمثل أغلبية الشعب لما منعها ذلك من ان تكون مستودعا للشر المطلق. إن التعددية سمة عصرنا قد أصبحت صفة من صفات الشيطان وفي اللحظة التي تلصق فيها الصفة الشيطانية بأغلبية الشعب، فإن قمعه يصبح مرادفا لاداء الواجب الديني، ولذلك فإن مقولة "حزب الله" هي المدخل الواسع لقمع الشامل، لكل التكوينات الأخرى والأحزاب المعارضة، إنها تصريح إلهي بتفتيت الشعب وتشتيت الجماعات، بأقسى الأسااليب وأغلظها. وهي المعادل المعاصر لغزو القبائل البربرية للحضارات القديمة وما يصاحب ذلك من تدمير للقوى المنتجة وتحطيم للمنجزات العلمية والثقافية، وارتداد المسيرة البشرية أحقابا الى الوراء.

    ونحن نعرف بالطبع وجه الحاجة البشرية إلى الأحزاب. نعرف كيف يتوسل بها المقهورون للتعبير عن حقوقهم والنضال من أجلها، ونعرف كيف يستخدمها القاهرون لتخليد هيمنتهم وحماية امتيازاتهم. لكن دعاة حزب الله لا يتوقفون لحظة ليوضحوا لنا ماهو وجه الحاجة الإلهية للأحزاب، ونحن نعني الأحزاب بمعناها الحقيقي وليس المجازي؟..

    (3) الإمامـــة:-
    ينصب عن طريق البيعة المقصورة على المسلمين إمام يكون ظلا لله على الارض، ومبعوثا للعناية الإلهية، صلاحياته مطلقة، فهو ليس مسئولا أمام الشعب بل أمام الله. وهنا أيضا نصطدم بهذا الخلط الماكر للأوراق. فهولاء الوكلاء عن الله، يريدون أن يوهموننا بأنهم يختارون المسئولية امام الله بدلا من المسئولية أمام الشعب ويتناسون في غمرة الخبث والمكر أن المسئولية أمام الله ليست اختيارية، وليس في وسعهم ان يجعلوها كذلك، وليس في وسعهم أن يكونوا مسئولين أمام الله أو لا يكونوا. المسئولية أمام الشعب لا تقابلها المسئولية أمام الله، بل تقابلها اللامسئولية وتجاهل إرادة الشعب، وفرض مصالح وتصورات القلة الحاكمة عليه، أي يقابلها الطغيان وهذا هو الذي يختارونه.

    وسنبرهن على أن هذه الإمامة لا علاقة لها بأي تفويض الهي بتجربة السلطة الراهنة. فعندما نفذت الجبهة الاسلامية انقلابها عينت قائده، الإمام المزعوم، حسب الأقدمية العسكرية، وليس وفق الاختصاص الإلهي. وقد بويع هذا الرجل في تجمعات هازلة بفضل رتبته العسكرية وليس بفضل تفويضه الإلهي. حينها كان الإمام الحقيقي يقبع في السجن منتشيا بألاعيبه التي أصابت في بلادنا نجاحا لا تصيبه في البلاد الاخرى إلا الخطط الجدية والمشروعات الرصينة. وبعد خروجه من السجن جعل هو وبطانته في القيادة التنفيذية للجبهة الاسلامية، ومن خلال مجالس الظل، يحركون الخيوط ، ويرسمون لأشباه الحكام، بمن فيهم الإمام المزعوم، كل حركة من حركاتهم . جاء فقهاء الأمس بإمامة المفضول، وجاء قادة الجبهة الاسلامية بإمامة الأرجوز، فما أبعد كل ذلك عن الأساليب الإلهية.

    إن نظرية الإمامة، المستعارة من الشيعة، لا تؤسس مسئولية الحكام أمام الله ، فتلك مسئولية لا تحتاج لتأسيس، بل تؤسس حق الطغاة في ألا يكونوا مسئولين أمام شعوبهم، وتنتزع حق الشعوب في اختيار حكامهم.

    (4) الشوري:-
    دعاة الحاكمية الإلهية لا يرفضون الديمقراطية كنظام للحكم لإنها غربية، بل يرفضونها لأنها واضحة. تطور الديمقراطية خلال القرون والحقب، وبفضل اكثر العقول خصوبة واستنارة، حررها من كل لبس أو غموض حول تحديدها للشعب كمصدر للسلطات، ونصها على الحقوق الأساسية للإنسان وإحاطتها بسياج منيع من الضمانات وتقييدها الصارم لسلطات الحكام وسد أبواب الطغيان في وجوههم، وتيسيرها للتداول السلمي للسلطة، كأبرز سمات الحضارة المعاصرة.

    إنهم ينادون بالشورى ، ليس لأنها إسلامية، بل لأنها غامضة تفسرها الفرق والأحزاب وفق أهوائها ومصالحها، ولا تتفق حول أي وجه من وجوهها، هل هي إلزامية ام إعلامية بالنسبة للحكام؟ هل يمارسها ممثلون ينتخبهم الشعب، أم تنابلة يعينهم السلطان؟ هل تقوم على أساس الانتماء الديني أم على المواطنة؟ هل تتولى فيها النساء الحكم والمسئولية والقضاء أم تقتصر على الرجال وحدهم؟
    وقبل كل ذلك وبعده هل تؤسس السلطة على الانقلاب العسكري أم على صناديق الانتخابات؟

    كل هذه الأاسئلة تعطي مختلف الفرق أجوبة متناقضة عليها، مع ادعائها جميعا أن ما تقدمه هو الإسلام الحق والمنهج المقدس. وبالنسبة إلى السلطة الحاكمة في السودان، فالشورى ليست فلسفة أو منهجا لتأسيس الحكم، فالحكم قد أسسه الانقلاب العسكري صبيحة الثلاثين من يونيو 1989م بل هي حيل وأصباغ وبراقع يرجى أن تعطي السلطة شرعية تفتقدها.
    وقد تمثلت الأساليب (الشورية) التي اعتمدتها السلطة في التعيين بديلا عن الانتخابات واقتصرت على المؤيدين، وتميزت "المؤسسات" التى أقامتها بانعدام الصلاحيات وشكلية التفويض، ولم تتعد فى مباشرة أعمالها تسجيل المواقف المؤيدة للسلطة ، والخطب المادحة لرؤوسها و"قائدها" .

    (5) القضاء الإسلامى :-
    القضاء الإسلامى هو سوط الحاكم وهراوته، مبدأه القمع والتأديب وتلقين الدروس وإبلاغ رسالة الارهاب. أما تحقيق العدالة، ورد المظالم ، وصون الحقوق ، فليست من أهدافه . المؤهل الحقيقى للقاضى "الإسلامي" هو مقدرته على التخريج الدينى لرغبات الحاكم التى يكون عالما بها صراحة أو ضمنا. لقد عرف الشعب السودانى مثالا لذلك القاضى فى محاكم الطوارئ على أيام نميرى، وفى المحاكم العسكرية فى عهد البشير. إن الجرائم التى تستدعيها أسماء حاج نور والمكاشفي طه الكباشي على أيام الطوارئ وأسماء سيد كنه ومحمد علي الخنجر في المحاكم العسكرية الميدانية التي أقامتها السلطة الراهنة، لأبلغ من عشرات الكتب في الدلالة على الطوية الإجرامية، والنوازع الحاقدة، والتكوين النفسي المنحرف لاؤلئك الذين أطلق عليها لفظ القضاة الإسلاميين.

    وفي مقابل ذلك تقضي القوانين الوضعية العظيمة والرائعة، لإنها وضعية أي إنسانية، والتي تكشف صعود الانسان علي سلم الكرامة والإعزاز، فتحفظ الحقوق وتضع الضمانات، وتواصل ارتقاءها مع ارتقاء الانسان، واتساع مملكة الحرية، تصحح اخطاءها وتتخطى نقائصها، دون حرج ودون ادعاء. ويتوفر على تطبيقها أفراد أفذاذ أعدهم المجتمع إعدادا خاصا، وشهدت لهم سيرهم الشخصية بالاستقامة والتجرد والعدالة، وزادتهم الممارسة حكمة وسداد رأي. وقد تألقت اسماؤهم في سماء القضاء السوداني، وشادوا بناء راسخا للعدالة. لقد كانت ازاحتهم أمرا لا مفر منه لإعداد المسرح لظهور القاضي "الاسلامي" وتحويل القضاء الى مأساة ومهزلة، وإلى إجرام منفلت تحميه الدولة، يفتك بالشعب ولا يتعامل مع المتهم إلا كوسيط لنشر الذعر بين الجميع.

    (6) النقاء الديني والعرقي والثقافي:-
    إن تعدد الأديان والثقافات في بلادنا يثير الغضب المهووس لدى دعاة الدولة الدينية ويهزم مخططاتهم، ولذلك فهم يتبنون صراحة وضمنا نظريات النقاء العنصري والثقافي، يستعدون لتحقيقها عن طريق سحق الأديان والثقافات غير الإسلامية، والقضاء على "الجيوب المسيحية والوثنية" حتى تكون دولتهم اسلامية خالصة. إن مواصلة الحرب في الجنوب والغرب، والمجازر وأعمال الإبادة التي شملت عشرات الآلاف، وعمليات التطهير العرقي التي تؤدي الى تهجير قوميات بكاملها واقتلاعها من أرض عاشت فيها آلاف من السنين يحقيق هذه النظريات التي إن تميزت بالتبسيط والسذاجة فإنها تفرض بالقوة والعنف والارهاب.

    ويتصل بمفهوم النقاء الديني والعرقي والثقافي، اتصالا جوهريا، تحوير مفهوم الوطن ليصبح وطنا "اسلاميا" يمنح حق المواطنة فيه إلى كل افراد الجماعات الإرهابية الإسلامية، وتنطلق من أراضيه كل مخططات العدوان على الأقطار والأوطان الأخرى باعتبارها دارا للحرب يتوجب فتحها وإقامة الحكومة الاسلامية على أراضيها. وتحقيقا لهذه الأحلام الامبراطورية يتم تدريب الآلاف من مواطني هذه الدول، على التخريب والنسف والاغتيال، وغيرها من اعمال الإرهاب وتعد الخطط للإنقضاض على النظم الحاكمة فيها وإقامة الامبراطورية الاسلامية على اعتاب القرن الحادي والعشرين.

    (7) السياسة عبادة:-
    لا يتوقف استغلال الدين على الجوانب السياسية المباشرة، بل يمتد ليشمل الجوانب الاخلاقية، وقد بلور دعاة الدولة الدينية والحكم الإلهي مقولات معينة تمكنهم من هذا الاستغلال من اهمها ما يلي:
    - السياسة، والحكم والنشاط الاقتصادي كلها عبادات.
    - قبول حكم الجبهة بمثابة استثمار القوي الامين.
    - مادام القرآن الكريم يحرم انتهاك حقوق الانسان فإن اتهام الدولة الاسلامية بهذا الانتهاك باطل من أساسه.

    وليس هذا سوى استمرار للخلط الماكر للأوراق. فالسياسة والحكم والمعاملات الاقتصادية ليست عبادات، بل هي مناهج لإدارة شئون البشر وعلاقات متشابكة بينهم، تقبل أن تكون خيرة وأن تكون شريرة، أن تكون صحيحة وخاطئة، كما يستطيع المؤمن المنخرط فيها أن يتوخى القيم الدينية ويستطيع أن يتجاهلها ويسلك سلوكا منافيا لها كليا ثم يلجأ للاستغفار.

    ولو اننا سألنا المنافقين في الجبهة الاسلامية هل السياسة التي تمارسها المعارضة من أجل اسقاط حكومتهم نوعا من العبادة، فإن إجابتهم من كل بد ستكون لا. ولو أننا سألنا جماهير شعبنا حول الممارسات السياسية لهذه السلطة وفيها الكذب والتأمر، والقتل والاغتيال والتعذيب والارهاب هل هي عبادات؟ لما ترددوا في الإجابة بالنفي، وقل مثل ذلك في السياسات الاقتصادية من فرض للضرائب الباهظة، ونهب المحاصيل الزراعية، وتخبط في السياسات النقدية. وقل مثله في المسلك الاقتصادي الشخصي لقادة الجبهة مثل علي الحاج وبدر الدين طه والطيب النص، وعلي عثمان والترابي والذين تجئ كل ممارساتهم الاقتصادية منافية للقيم الدينية، وبعيدة بعدا كاملا عن العبادات. اننا لا نستطيع ان نهاجم شخصا يتعبد، وإذا كانت السياسة والحكم والاقتصاد عبادات فمعنى ذلك ان يواجه الناس كل ما يلقونه من الطغيان والظلم بالصمت والقبول، وهيهات .

    وربما لا توجد مقولة دينية تفضح ممارسات دعاة الدولة الدينية مثل مقولة "القوي الامين".. فقد انصب جهدهم كله في أن يكونوا أقويا جسدا وتنظيما مهملين المعاني الأعمق للقوة مثل مقاومة الإغراء والتقشف وتحري العدل حتى ولو على حساب النفس. وفي نفس الوقت فإنهم في توخيهم للقوة بمعناها ذلك قد ضحوا تماما بالامانة فهم كذابون لا يشق لهم غبار متآمرون لا يردعهم وازع، ملفقون وفجار تجاه خصومهم.. فهم إذن ليسوا اقوياء ولا أمناء، وبالإضافة إلى ذلك فإن احدا لم يستأجرهم بل اغتصبوا السلطة اغتصابا وألهبوا ظهور الناس بالسياط.

    ويستمر الخلط الماكر للأوراق. يتهمهم الناس بارتكاب المجازر في جوبا وجبال النوبة، فيردون بنصوص من القرآن تحرم القتل. ونعتقد ان هذا النوع من الحجاج قد اصبح مفضوحا تماما.

    ( ايديولوجيا معادية للانسان كافرة بالحضارة:-
    أوضحنا فيما سبق أن دعاة الدولة الدينية والحاكمية الإلهية لا يبنون دولة السماء بل يقيمون دولة أرضية معادية للانسان.
    فأيديولوجيتهم تقوم في واقع الأمر على الاستهانة بالإنسان، قيمة وحياة ومصيرا وهي لا ترى الإنسان، بما هو إنسان، وبغض النظر عن دينه وعرقه وجنسه وفكره، كائنا جديرا بالاحترام والإعزاز والكرامة، وأن له حقوقا غير قابلة للمصادرة بأية تبريرات بما في ذلك التبريرات الدينية. الإنسان بالنسبة لهم هو المسلم، والمسلم هو عضو حزبهم وعضو حزبهم خاضع لنظام صارم من التراتب يحدد لكل منهم قيمته. إنهم يسبغون على أنفسهم رفعة ترتقي بهم الى مصاف الآلهة، وتحولهم الى عصبة تحتكر الحق والخير وإلى ربانيين يتبوؤن مكانهم فوق رؤوس الآخرين. هذا التطاول الإلهي ليس في واقع الأمر سوى قصور إنساني فادح، فهو لا يؤسس فلسفة فوق – انسانية بل يؤسس فلسفة تحت- انســـــــانية، Sub-human تتقاصر عن قدر الإنسان، وتفشل في بلوغ شأوه أو التحليق مع عقله وخياله، إنها تفضح الفقر الإنساني لأصحابها.

    إنهم ينطلقون من الوصاية على الشعب وقولبة كل أوجه الحياة وفق تصورات الجبهة الاسلامية، القاصرة والشائهة، ويفقرون الحياة المادية والروحية، العامة والخاصة، ويعتقلون المجتمع في أقبية من الحلال والحرام والطيب والخبيث تحددها الطغمة الحاكمة التي لا تتواني عن إيجاد ترخيص أخلاقي واسع لخاصتها يجعلهم يتعاطون في السر كل ما يحرمونه على الاخرين في العلن ويفعلون ذلك في تواطؤ عصبوي ذميم ومنافق.

    يعزلون الشعب عن منجزات الحضارة المعاصرة بدعوى أنها حضارة مادية، ويغرقون في الممارسات المبتذلة، مما يعني أنهم لا يرفضون القيم المادية للحضارة، بل قيمها الروحية المتمثلة في الديمقراطية والحرية وحقوق الانسان،، يرفضون أوروبا المعاصرة ، الديمقراطية، ويختارون أوروبا القرون الوسطى حيث الطغيان والظلم وفساد الحكم ومحاكم التفتيش ونظريات الحكم الإلهي، يعترفون بأن الاسلام لا يعرف السلطة الكنسية ويشرعون في بنائها.

    إننا بالفعل إزاء أسلوب شامل للحياة يمثل للملايين أسلوبا شاملا للموت. ووطأة هذا الأسلوب تقع على كل المجتمع وخاصة كادحيه وفقرائه، وعلى أطفاله الذين تتم صياغتهم على مثال الإنسان ذي البعد الواحد، الذي جفت جميع منابعه، ومحقت جميع ملكاته سوى تلك التي يشترك فيها مع الببغاوات، وتصطدم به فئات الشباب إذ يمثل النقيض لطاقاتها الحيوية والمتفجرة وشغفها بالحرية والطلاقة، وقدرتها على الخلق والابداع وتعلقها بالتجريب والحداثة، وتطلعها الطموح نحو المستقبل وتصطدم به الشابات والنساء واللائي يدفعن، رويدا رويدا، إلى ركن قصي من المجتمع ويجردن تجريدا قبيحا من إنسانيتهن وتقع ويلاته على الأقليات القومية والدينية التي تخير بين فقدان الهوية أوفقدان الحياة.
    كل هذا يوضح أن مواجهة هذا النظام وهزيمته ليست فقط شأنا من شئون السياسة، بل من شئون المجتمع، والانتصار عليه ليس اقل من انتصار للحياة.

    (هـ) برنامج السلطة ونظامها السياسي:-
    برنامج السلطة ونظامها السياسي يمثل الترجمة العملية لمنطلقاتها الايديولوجية، والأداة المتعددة الوظائف والأشكال لخدمة مصالحها الاقتصادية وإرضاء نزعات أصحابها للتسلط والطغيان. وبرنامج السلطة السياسي يقوم اساسا على آلة ضخمة للقمع والإرهاب وآلة ضخمة للدعاية والأكاذيب. فمنذ انقلابها صبيحة الثلاثين من يونيو 1989م باشرت الجبهة الاسلامية مخططا للتنكيل بخصومها السياسيين وهم مجمل الأحزاب والنقابات وجماهير الشعب لم تشهد البلاد مثيلا له من قبل، من حيث الاتساع والشراسة فأطاحت بالمؤسسات الديمقراطية وحلت الأحزاب والنقابات وشردت عشرات الآلاف، وانشأت آلة رهيبة للتعذيب الوحشي الذي تعرض له المئات ووصل الى درجة الاغتيال. كما سرحت الاف الضباط من الجيش والبوليس والسجون، وأعدمت العشرات من الضباط في محاكمات صورية لم يتوفر فيها أي قدر من العدالة، كما أعدمت المئات من ضباط الصف والجنود دون محاكمات، ودون اعلان دفنتهم في المقابر المجهولة, وواصلت الحرب في الجنوب والغرب ونفذت المذابح الفظيعة في جوبا وغيرها من المدن وفي هيبان وغيرها من القرى والأرياف.
    وخلال ما يقرب من الأربعة سنوات تبلورت الأساليب والسياسات القمعية للسلطة مما يمكن إجماله في يلي:
    (1) السيوف الدامية والرماح الراعفة:
    ما الحكم بالنسبة للجبهة الاسلامية إلا سيوافا دامية ورماحا مغروسة في الظهور، فاحتراف النهب يؤدي بالضرورة الى احتراف القمع، وقادة الجبهة يضعون أمامهم كل إرث الطغيان المتراكم عبر الأجيال والحقب، كما يضعون أمامهم على وجه الخصوص تجربة الثورة الإيرانية التي ما انتصرت إلا من خلال القمع الشرس، الواسع النطاق، الذي لا يعرف التردد. وليس غريبا أن ينصب جهد السلطة الأساسي في بناء القمع وإعداد الجيش العقائدى، والآلة الحزبية لممارسة البطش والتنكيل بوتائر تظل ترتفع باطراد. وهي تحرص حرصا دونه الموت على أن تكون مقدراتها على القمع أكبر من مقدرات الجماهير على المقاومة والتصدي للهجوم. ولا يفهم إلا في هذا الإطار إنشاء اجهزة متعددة للقمع وتزداد منعة هذه الأجهزة من خلال التدريب المستمر، والعام والتخصصي، داخل وخارج البلاد. وهي تكثف جو الإرهاب بفرض حالة الطوارئ، ومنع التجوال وأعمال الفتك والتعذيب. يسود من خلال جميع وسائل الاعلام، وطوال ساعات البث، جو من الاستنفار والتعبئة يوحي بأن حقائق الحرب والموت هي الحقائق الأساسية بالنسبة لشعب السودان.

    (2) اجتثاث الشيوعية والعلمانية واغلاق ابواب الثورة:-
    باسم اجتثاث الشيوعية والعلمانية تتم تصفية كل العناصر المعارضة والوطنية والمستقيمة من الخدمة المدنية في حملات متواترة، حتى تصبح الخدمة المدنية في يد العناصر الجبهوية بالكامل، ويصبح من المستحيل بالتالي تنفيذ الاضراب السياسي العام والعصيان المدني الذي يطيح بالحكومات في بلادنا. ولم تكتف بذلك بل أعدت السيناريوهات التفصيلية لمختلف أنواع المواجهة مع الجماهير مثل الإاضرابات، تجمعات المواقع الثابتة، مظاهرات الأحياء ومعارك الشوارع وغيرها. إنها لا تريد أن تترك حيزا للمفاجأة، لأنها تعلم أكثر من الجميع أن أثر المفاجأة يمكن أن يكون صاعقا ومدمرا، كما إنها قامت بطرد آلاف الضباط من القوات النظامية بقصد تحويلها الى أجهزة عقائدية تأتمر بأمر الجبهة الاسلامية وتبتعد عن الانحياز إلى الشعب، وتنفذ سياسة الفتح والغزو وبناء الامبراطورية الاسلامية التي يحلم بها الجبهويون.

    إن السلطة لا تعبأ مطلقا بإرسال هذه الأعداد الغفيرة إلى البطالة المؤكدة مع انفلات سوق العمل داخليا وتشبعه خارجيا، كما لا تعبأ بالهدر الاجرامي للمقدرات والمؤهلات العالية المتوفرة لهذه القوة، ولا بالآلاف المؤلفة من الأسر التي تعتمد حياتها على هذه الوظائف والدخول، ولا تكتفي بالتشريد بل تردفه بالملاحقة والاعتقال والتعذيب. وقد ترتب على ذلك تدني في الأداء لم يسبق له مثيل، وساد الجهل والإدعاء. كما أن الجو الخانق، والضرورة القاهرة أجبرت ملايين السودانيين والسودانيات، وجلهم من الشباب وفيهم حملة الإجازات العلمية الرفيعة، إلى الاغتراب عن بلادهم والذهاب إلى الأقطار والمدن الأجنبية ومزاولة أدنى الأعمال والتعرض لأقسى الإهانات، ومكابدة العوز والجوع والضياع والغربة. وما يصاحب ذلك من انهيارات وضحايا.

    (3) النظام السياسي : لا جن ولابشر، لا انثى ولا ذكر
    تزعم الجبهة الاسلامية أن النظام السياسي الذي ترسي دعائمه لا يقوم على نظام الحزب الواحد، ولا على نظام التعدد الحزبي. إنه نظام سياسي وكفى! وهذا يسمح لها بالاسترسال في تعداد مساوئ نظام الحزب الواحد باعتباره نظاما شموليا، كما يسمح لها بكيل التهم والإهانات على نظام التعدد الحزبي باعتباره نظاما لتفتيت الوحدة الوطنية وشل ارادة الشعب. وتتوهم أنها بذلك تنجز عملية نفاق ماكرة وتسحب البساط من تحت أقدام اعدائها. ولكنها في واقع الأمر تحمل الحجج ما لا تطيق، وتضع على ظهر دابتها أحمالا تقصم ظهرها. فالسلطة الحالية هي سلطة الجبهة الإسلامية، قادة الجبهة البارزون كلهم في السلطة، الرايات المرفوعة راياتهم، الشعارات شعاراتهم والبرنامج برنامجهم، والجبهة كما يعلم الجميع حزب واحد، وهو أكثر شمولية من أي حزب اخر لأنه يحتكر حقيقة الأرض والسماء. وحتى لو صدقنا أن الجبهة الاسلامية إختفت من الوجود وابتلعتها مياه السياسة كما ابتلعت مياه المحيط قارة اطلانطا الأسطورية، فإن النظام يبقى مع ذلك نظاما شموليا واحدا. فهو يحل الأحزاب الأخرى ويطاردها ويقمع الرأي الاخر، ويغلق جميع الخيارات، كما أنه يلغي الشعب، كهوية أصلية مستقلة، لا تذوب في النظام السياسي، بل تقيمه وتقومه وتزيله. وهذا يمثل ارتدادا إلى عهود سابقة للفكر السياسي المعاصر، حيث لم تتوطد بعد مفاهيم سيادة الشعب، وكينونته الأعلى من جميع النظم السياسية وصيرورته مصدرا لجميع السلطات، كما لم يتوطد مفهوم "المجتمع المدني" واستقلاله عن الدولة.

    النظام السياسي الجبهوي هو نظام رئاسي يقوم على نظام المرشح الواحد لرئاسة الجمهورية، الفائز مسبقا وبالضرورة وذلك لأن الترشيح يقتضي ان ينال المرشح 60% من أصوات أعضاء مؤتمره الأساسي و 60% من أصوات كل المؤتمرات الوطنية على مستوى القطر و 60% من أصوات المؤتمر الوطني. وبالطبع ليس في إمكان أكثر من مرشح واحد نيل هذه النسبة، فما هي الشمولية إن تكن هذه؟ وعلى مستوى اللجان الشعبية لا يسمح بتقديم اية قائمة غير تلك التي تقدمها الايادي الخفية، وتضمن لها الفوز، وبالإجماع، بل إن الجبهة ألغت عمليا نظام الانتخابات في النقابات والأندية الرياضية والاتحادات الطلابية، واعتمدت نظام التعيين المسمى الوفاق. ويكفي أن مجلسها الوطني معين بكليته.
    وتحاول الجبهة أن توهمنا بأن نظامها السياسي يبدأ من القاعدة إلى القمة بينما العكس هو الصحيح، فالقمة التي تم الاستيلاء عليها بالقوة العسكرية هي التي يبدأ منها كل شئ وينتهي عندها. كما تحاول أن توهمنا بأن النظام الإداري القائم عى تشطير الاقاليم وتوليد المحافظات الغرض منه توزيع السلطة وبثها أفقيا، بينما الغرض الحقيقي منه هو إحكام قبضة النظام على رقاب المواطنين وخيرات الوطن، بإنشاء بيروقراطية متضخمة من مصاصي الدماء الجبهويين. خلاصة الأمر أننا إزاء نظام شمولي، يقوم على نظام الحزب الواحد مهما أنكره اصحابه. وإذا كان التاريخ قد أحال النظام الشمولي إلى مزبتله، فإن شعبنا قادر على تنفيذ حكم التاريخ.

    (و) الحركة الجماهيرية في مواجهة السلطة:-
    المصالح الاقتصادية الطفيلية الضيقة، الايديولوجيا الاستعلائية المحقرة للانسان، البرنامج السياسي الشمولي في زمن المد الديمقراطي المتفجر والمنداح، كل هذا يجعل التناقض بين هذه السلطة وجماهير الشعب تناقضا غير قابل للحل إلا بذهابها، وقد وقفت ضد السلطة بالفعل أوسع معارضة في تاريخ البلاد ممثلة في الاحزاب والنقابات والمجموعات العديدة داخل القوات المسلحة والنظامية ومجموعات المسرحين، والحركة الشعبية لتحرير السودان. كما إن جماهير الشعب وبفعل الأزمات الخانقة والمعاناة التي تفوق الوصف، هي مستودع ضخم قابل للانفجار.

    لقد توحدت هذه القوى في التجمع الوطني الديمقراطي وحول ميثاقه. واستطاعت أن تحدد في الميثاق الوجهة العامة للنضال ضد السلطة، والوسائل التي يمكن اعتمادها في هذا النضال، كما حددت الدعائم الأساسية للنظام الانتقالي، والملامح العامة للنظام الديمقراطي الذي سيعقب الفترة الانتقالية. وقد نص الميثاق على تصعيد النضال الشعبي ، خطوة إثر خطوة لهزيمة السلطة والإطاحة بها عن طريق الإضراب السياسي والعصيان المدني والانتفاضة الشعبية التي توفر لها كل وسائل الحماية.

    وبعد توقيع الميثاق وفي إطار التجمع الوطني خاضت الجماهير معارك باسلة من أهمها إضراب الأطباء في نوفمبر 1989م والإضرابات التي صاحبته، وملاحم الشرف والبطولة في جامعات الخرطوم والجزيرة والقاهرة وجامعة السودان والجامعة الاهلية وغيرها ومظاهرات وانتفاضات المدن في عطبرة والأبيض والقضارف والفاشر والخرطوم والمحاولات المسلحة للاستيلاء على السلطة في ابريل 1990 واغسطس1991 واعمال التمرد الأخرى داخل الجيش.

    وفي مواجهة كل هذه المعارك لم تتردد السلطة مطلقا في إطلاق الرصاص وممارسة العنف والقتل والاعدام والاغتيال. فوضح لكل ذي عينين أن تلك المعارك لم تكن متكافئة. وأن حماية النضال الشعبي في وجه عنف السلطة المنفلت أصبح ضرورة لايمكن الالتفاف حولها. وقد طرح هذا الواقع على جدول الأعمال، وأمام كل القوى، تحديد التكتيكات الفعالة لمنازلة السلطة، الكفيلة برد عنفها وزلزلة كيانها وإسقاطها في النهاية، وبدون تحديد هذه التكتيكات لن تخرج الجماهير من حالة الوجوم والحيرة والخوف الناتجة عن وضع جماهير عزلاء تواجه سلطة مدججة بالسلاح حتى أسنانها.

    (ز) اهم تكتيكات المعارضة هي وحدتها:-
    إن من المتفق عليه أن اهم تكتيكات المعارضة هو وحدتها. وقد تجسدت هذه الوحدة في التجمع الوطني الديمقراطي الذي أصبح منبرا وطنيا جامعا لكل أطراف المعارضة، وإطارا صالحا لكل نضالات الشعب، وأرضية صلبة لوحدة البلاد وتماسكها. ويعتبر إنشاء التجمع عملا سياسيا ضخما، وإنجازا يجب أن نعض عليه بالنواجز ليس ذلك فحسب، بل يجب على كل القوى المكونة للتجمع أن تسعى لتطويره والارتقاء بأدائه حتى يضطلع بدوره الخطير في قيادة النضال الوطني. ومتطلبات ذلك هي التالية في نظرنا:-
    (1) قيادة رفيعة المستوى عالية الكفاءة: تعمل بروح وطني جماعي وتنطلق من المصلحة الوطنية والمكاسب الجماعية كمعايير لكل تصرفاتها وتنأى عن الروح الحزبية الضيقة وفرض الزعامة الفردية. وهذا يتطلب علاقة أوثق بين كل أطراف التجمع، ويتطلب حل التناقض بين المشاركة الديمقراطية لكل أطرافه في كل نشاطاته، وبين تأمين العمل ضد ضربات السلطة.
    (2) وجود التجمع وجودا ملموسا بين الناس عن طريق لجانه القاعدية التي تضم ممثلي الأحزاب والشخصيات الوطنية والنقابية وتلعب دور القائد والموجه للجماهير في نضالها، وتستوعب مبادرات الجماهير، وتلحق بها عندما تتخطاها. لا تحتكر العمل بل تنظمه وتنسق بين أطرافه المختلفة.
    (3) وجود اعلامي مكثف يفضح السلطة ويكشف اكاذيبها ويعري فشلها، ويدين افعالها الإجرامية . يطرح خطط المعارضة ويدعو لبرنامجها السياسي ويلخص تجارب النضاال الجماهيري.
    (4) درجة عالية من التنسيق بين التجمع في الداخل وفروعه وقياداته في الخارج. وهذا يتطلب إنشاء علاقة وطيدة وأشكال مرنة وديمقراطية تجعل التفاعل بين الداخل والخارج مثمرا ومنتجا إلى أقصى مدى. إن العمل الخارجي لا يخضع للسرية المفروضة على الداخل وما يتبعها من سمات الصعود والهبوط والتراجع والانقطاع، ويمكنه بالتلي أن يتطور ويتصاعد باستمرار. إن إخضاع العمل الخارجي للوتائر البطيئة التي يتميز بها عمل الداخل يمكن ان يكون ضارا جدا، ولكن لا يقل ضررا عنه ترك العمل الخارجي دون أية ضوابط وتأثيرات وتوجيهات يمارسها الداخل. إن العلاقة المثلى بين الداخل والخارج تتطلب ما يلي:
    الاتفاق على أن قيادة التجمع موجودة بالداخل وذلك لأن الشعب السوداني المطلوب قيادته بالداخل، وكذلك السلطة المراد إسقاطها وميدان المعركة الأساسي. ولا يقلل من اهمية الاتفاق وجود قيادات وطنية ذات وزن كبير بالخارج، فهي تستطيع ان تمارس دورا كبيرا في دفع العمل الخارجي ومساعدة العمل بالداخل.
    إعطاء العمل الخارجي تفويضا عاليا لتنفيذ خطط متفق عليها ديمقراطيا في مؤتمرات واجتماعات تضم قيادات المجالين. وتجديد هذه الخطط دوريا واعطاء ممثلي الخارج حقهم كاملا في صياغة البرامج بالداخل من خلال نفس المؤتمرات والاجتماعات.
    يمثل العمل الإعلامي وخاصة البث الاذاعي، هما دائما وأولوية مطلقة، بالنسبة لقيادة التجمع بالخارج ويزودهم التجمع بالداخل بإمداد متصل من المعلومات والتحليلات والمقالات ، نشرا لمعارك الجماهير وفضحا لأزمات السلطة.
    يكون التجمع صلات قوية بالسودانيين المغتربين ويربطهم بوطنهم، ويعمل على حل مشكلاتهم، ويبتدع الأشكال المناسبة لاشتراكهم في المعركة الوطنية وانخراطهم في صفوف المعارضة، وتفجير الامكانيات الضخمة المتوفرة لديهم وتسخيرها لمصلحة المعارضة ككل في الداخل والخارج.
    إن كل ذلك يوضح الافاق الرحبة المفتوحة للعمل الخارجي مما يجعله جناحا قويا دافعا لحركة الشعب.
    (5) معالجة الخلل المتمثل في وحدة سياسية وتشرذم عسكري، باعتبار أن التشرذم العسكري يمكن أن يهزم الوحدة السياسية ذاتها. وبالفعل، فقد عمدت بعض القوىإلى اتخاذ ميثاق التجمع غطاء لمحاولاتها الاستيلاء على السلطة والانفراد بها زاعمة أنها تنوي تنفيذ الميثاق نيابة عن القوى الأخرى، ناسية أن العمل الجماهي هو جوهر الميثاق. وقد كانت محاولتا ابريل 1990 وأغسطس 1991 ، محاولتين من هذا القبيل . ولذلك فإن لم الشتات العسكري بأمانة وشرف يوحد الارادة ويرتقي بالأداء والانجازات، ويقشع جو الشك والترقب والغموض الذي يولده وجود قوى متفقة سياسيا وتحجم في نفس الوقت عن كشف قواها ونواياها للاخرين وتفضل توجيه ضربات منفردة غالبا ما تكون طائشة، على الضربة القوية المتحدة. إن وجود القيادة الشرعية للقوات المسلحة ومشاركتها في قيادة عمل التجمع يساعد على تحقيق هذه الغاية.

    (ح) الانقلاب العسكري كتكتيك للإطاحة بالسلطة:-
    في إطار وحدتها تطرح قوى التجمع تكتيكات مختلفة للإطاحة بالسلطة، يجب مناقشتها والاتفاق حولها. ونبادر بالقول أن وحدة التجمع الوطني لا تعني عدم شرعية الاختلاف، بل تعني إيجاد آليات مرنة لحل الخلافات واكتشاف القواسم المشتركة، وترك الباب مفتوحا للاتفاق في الغد حول أمر يختلف عليه اليوم.

    ومن بين هذه التكتيكات الانقلاب العسكري، فثمة من يقول أن الإطاحة بهذه السلطة ليست ممكنة إلا عن طريق الانقلاب. ومن نافلة القول أن الداعين للانقلاب هم أساسا من العسكريين سواء كانوا داخل القوات المسلحة أو خارجها. ونحن لا نريد أن نحكم بخطأ التفكير الانقلابي من حيث المبدأ لإن ذلك لن يوفر لنا أرضية مشتركة مع اؤلئك الذين يفضلونه من حيث المبدأ. إننا سنناقشه مناقشة براغماتية صرفة، توازن بين أضراره وفوائده، ومكانه بين الفشل والنجاح، ومقدرته على استعادة الديمقراطية، وعلى ضوء هذه المناقشة نحدد موقفنا.
    ما دام دعاة الانقلاب العسكري هم أساسا رجال أفعال، فإنهم لا يتحدثون كثيرا عن تفضيلهم له على كل الأساليب والتكتيكات الأخرى ونعتقد أن أسبابهم هي التالية:-
    - أنه يضع السلطة في اأديهم ويمكنهم من فرض تصوراتهم لحل المشكلة الوطنية.
    - أنه يتلاءم مع تعليمهم الأكاديمي وتدريبهم المهني والفني وخبراتهم الحياتية.
    - طريق قصير إلى السلطة – يجنبهم المواجهة المهلكة والامتحانات الأخلاقية المتمثلة في اقتتال اخوة السلاح.
    - ملائم لطبيعة المؤسسة العسكرية نفسها، إذ ما عليك إلا ان تطيح بالقمة حتى تتحول القاعدة كلها الى صفك.

    هذه الأسباب تقوم كلها على فرضية أن فرص نجاح الانقلاب أكبربصورة حاسمة من فرص فشله، فهل هذه الفرضية مبررة؟ نحن لا نعتبرها كذلك مطلقا. فقد جرت حتى الآن ثلاث محاولات على الأقل، كان نصيبها جميعا الفشل. وكانت نسبة الفشل في أي منها أكبر من سابقاتها، وذلك لأن كل محاولة فاشلة هي بمثابة لطمة قاسية لقوى المعارضة داخل الجيش، مما يضعف هذه القوى إضعافا شديدا في وقت تجف فيه منابعها، بينما تصبح مواقع السلطة أقوى وأمتن، وما قلنا عن المحاولات السابقة يصح بصورة أكبر على المحاولات القادمة. إن العوامل التالية يجب أخذها بعين الاعتبار:-
    1. تغيرت تركيبة الجيش من خلال الفصل والتشريد والإعدام، ومال ميزان القوى لصالح الجبهة الاسلامية التي شتت اعدائها وأحكمت قبضتها.
    2. تملك الجبهة داخل الجيش جهاز استخباريا قويا يقلل من فرص كتمان التحرك في كل مراحله ويعرضه للكشف والسحق. ويزيد من أهمية هذا العامل أن الذين ينفذون الانقلاب بعضهم من الضباط العاملين وبعضهم من المسرحين، ولكنهم يبحثون عن سند شعبي لتحركهم ويحتاجون لمن "يحرك لهم الشارع" وهذا يوسع دائرة العالمين بالانقلاب ويجعل كتمانه من رابع المستحيلات. وقد كانت هذه هي حالة جميع المحاولات التي جرت، وغالبا ما تكون هي حالة المحاولات التي ستجري.
    3. وجود القيادة الشرعية بالخارج، بعيدة عن مسرح العمليات، وقيامها مع ذلك بدور قيادي في كل تحرك، يمثل نقطة ضعف قاتلة تقضي على أي امل بالنجاح. وفي تجارب الماضي عبرة لمن يعتبر.
    4. الانقلاب العسكري يحصر العمل الحاسم في مجموعة محدودة جدا بالقياس لكل قوى المعارضة، وهذه التجزئة للقوى خاطئة ومضرة، وتنذر بنزاعات عنيفة في حالة النجاح في الاستيلاء على السلطة، وهو نجاح بعيد المنال على كل حال.

    هذه الاعتبارات توضح أن الانقلاب العسكري يمكن أن يكون وسيلة فادحة الثمن في مواجهة السلطة ويمكن أن يكون مصدرا لضربات موجعة تلحق بالمعارضة. إننا على هذا الأساس نستبعده كتكتيك ملائم لاسقاط السلطة، دون ان نستبعد الدور المتعاظم الأهمية والحاسم الذي يمكن ان تقوم به القيادة الشرعية والقوات النظامية بوسائل اخرى وطرق مختلفة.

    (ط) الجهاد المدني، أي المخرج السلمي للسلطة:-
    الجهاد المدني كوسيلة لاسقاط السلطة طرحه مؤخرا بالداخل الأستاذ الصادق المهدي في مقالة لقيت نشرا واسعا بالداخل والخارج، وقد أشارت المقالة صراحة الى استبعاد العنف في مواجهة السلطة وقد فعلت ذلك لأسباب ثلاثة هي التالية.
    1. بعض القوى الدولية تريد تحجيم المسلمين ومحاربة تيارات النهضة الإسلامية التي عمت كثير من البلاد بدفعهم الى الاقتتال الذاتي.

    2. في السودان شحنات من الاستقطاب الديني والعرقي تدعمها فوارق اجتماعية واسعة، وأطراف هذا الاستقطاب إما مسلحة اصلا، أو قادرة على جلب السلاح، مما يجعل أي اقتتال بينها أمرا مهلكا يمزق السودان تمزقا يفوق او يماثل ما حدث في لبنان والصومال والبلقان.
    3. لم يعد العنف وحده هو وسيلة التغيير في عالم اليوم، فأساليب الجهاد المدني من طرح للرأى الاخر، ومن عزل سياسي ودبلوماسي ومن عصيان مدني، يمكن ان تحقق هذا الهدف. فحكومات القهر لم تعد قادرة على عزل شعوبها والتسلط عليها في غفلة من العالم. وهذا طرح هام، ومدخل جديد لتحديد تكتيكاتنا في مواجهة السلطة بمزيد من الدقة والوضوح، وبالطبع فإن قوى المعارضة لن تمانع مطلقا إذا كان بالمستطاع إسقاط السلطة سلميا ودون إراقة دماء، فصون الحياة البشرية وتجنب ويلات الحرب الأهلية ومآسي الاقتتال الداخلي تمثل اهدافا لا تقل اهمية أو نبلا من إسقاط حكومة قاهرة. هذا شئ متفق عليه وهو الذي دفع الأستاذ الصادق المهدي لإطلاق دعوته للجهاد المدني. وهذا الدعوة تقوم كما هو واضح على افتراض أن السلطة ستستسلم في وجه إجماع شعبي سلمي يطالبها بالتنحي، ونحن نعتقد أن هذا الافتراض ليس له ما يبرره، بل إن لدينا من الشواهد الماثلة ما يدحضه تماما:-
    - فهذه السلطة لن تفاجأ بالاجماع الشعبي ضدها كما حدث لدكتاتورية عبود او النميري، ولا يملك الاجماع الشعبي بالنسبة لها أية قوة معنوية أو أخلاقية تجبرها على التنحي. فهي استولت على السلطة ضد الاجماع الشعبي، وهي تلوذ بايديولوجية استعلائية تحتقر الشعب.
    - وقائع مواجهتها العنيفة لكل تحرك محدود، تثبت بما لا يدع مجالا للشك أنها ستواجه التحركات المطالبة بذهابها بعنف وعداء ألد وستغرق حركة الجماهير في الدماء، وهذا يا يعني ان الجماهير ستفقد آلاف الضحايا في المعارك المحدودة، أما عندما تصل إلى العصيان المدني فإنها ستجد المجزرة الكبرى في انتظارها. الشواهد على ذلك هي مواجهة السلطة لإضراب الاطباء، ومحاولة ابريل 1990 العسكرية، واحداث جامعة الخرطوم والجزيرة، ومجزرة جوبا 1992 ومذبحة هيبان في نفس العام.

    واهم إذن من يتصور أن السلطة لن تفعل نفس الشئ وأكثر عندما يهدد وجودها. وإذا شاع هذا الوهم في وسط الجماهير فتلك هي الكارثة المحققة.

    وإذا رجعنا إلى الأسباب التي يسوقها الأستاذ المهدي في دعوته للجهاد المدني نجد فيها خلطا للأوراق لا يفيد احدا، فهو يصور المواجهة مع السلطة باعتبارها قتالا بين المسلمين، واستجابة لمخطط أجنبي، ولكن الشعب في حقيقة الأمر لا يقاتل حكومة مسلمة بل حكومة دكتاتورية فاشية، فاشلة في حل أي مشكلة من مشكلاته، ولا يقاتل حكاما مسلمين بل حكاما طغاة قاهرين اغتصبوا السلطة، ومادام إسلام هؤلاء الحكام لم يحضهم على الطغيان والقهر والاغتصاب، بل حضتهم عليه مصالحهم وتكوينهم النفسي والذهني، ومادام لم يعصمهم من كل ذلك لإنهم لا يتخذون منه سوى وسيلة لنيل مآربهم ومطامعهم، فأن الإسلام برئ تماما مما يفعلون، وهو ليس طرفا في النزاع، فالنزاع سياسي، وليس نزاعا دينيا، ولا يتعرض للخطر بخوضه إسلام الحكام أو المحكومين. إن الأستاذ الصادق المهدي قد صاغ بنفسه أبلغ الحجج وأقواها في أن هذا الحكم لا علاقة له بالاسلام ولا ندري لماذا تراجع عن موقفه ذاك.

    ثم ان الإايحاء بأن مقاتلة السلطة تعني تفجير كل البراكين الاجتماعية والدينية والعرقية، هو الآخر إدعاء خاطئ فالجهاد ضد السلطة يعني في الواقع توحد كل فئات الشعب ضد فئة باغية أبت أن تثوب إلى رشدها وتخضع للإجماع الشعبي، وهزيمة هذه السلطة ستفتح الباب واسعا لرأب الصدوع ونزع الفتائل وإبطال القنابل الموقوتة. إن الوضع الذي يجب أن يخشاه اهل السودان هو هذا الوضع القائم فعلا. فالسلطة الحالية تستخدم جهاز الدولة وموارد الوطن ووسائل الاعلام، كما تخلق المؤامرات وتشعل الفتن لتفجير براكين الصراع الديني والعرقي، وتوسيع شروخ البناء الاجتماعي ونسف أسس الوحدة الوطنية، لتصرف اطراف الحركة الشعبية عن مواجهتها.

    وثمة سؤال: هل ما تزال الجبهة الاسلامية القومية أحد تيارات الصحوة الاسلامية كما يوحي الاستاذ الصادق المهدي؟ إن الإجابة على هذا السؤال هامة جدا لمستقبل نضالنا. ونحن نعتقد ان الجبهة ستكون ، كما كانت دائما وكما هي الآن العقبة الكؤود أمام عودة الديمقراطية واستمراها، أمام تطور البلاد ونهضتها الحضارية. وسيكون انتصارنا على الجبهة واقفا على كف عفريت إن لم نحطم قوتها الاقتصادية وجبروتها العسكري وفعاليتها السياسية، اما إذا تركناها وشأنها باعتبارها تيارا من تيارات الصحوة الاسلامية فستكون حليمة قد عادت إلى اغانيها القديمة ولن يحصد الشعب سوى الهشيم.

    (ي) الانتفاضة الشعبية ، سبل الوصول ووسائل الحماية:
    إننا مع الميثاق نطرح الانتفاضة الشعبية باعتبارها الأداة المناسبة للإطاحة بالسلطة الراهنة وقد حدد الميثاق ضرورة توفير كل وسائل الحماية لتلك الانتفاضة. ولكنه لم يحدد بالطبع كيفية تلك الحماية أو وسائلها وقد حان الآوان للقيام بذلك الواجب السياسي.

    إن السياسة هي علم الرصد الدقيق للمتغيرات الاجتماعية والسياسية والإلمام بدقائق توازن القوى، وتحديد الأهداف ومعالم الطريق على هدى كل ذلك، وقد طرأت على الساحة الوطنية منذ مجئ هذه السلطة متغيرات أساسية، اشرنا اليها أعلاه، ويهمنا منها على وجه الخصوص ما يلي:
    - غيرت السلطة تغييرا جوهريا تركيبة الخدمة المدنية وطبيعة جهاز الدولة، شردت عشرات الآلاف وما تزال تفعل، استولت على قمم الخدمة المدنية وتغلغلت تدريجيا في قاعدتها وتعمل على تدجين تلك القاعدة بمختلف الوسائل والأساليب، وعلى رأسها العنف والارهاب والتعذيب.
    - غيرت السلطة طبيعة الجيش، وتتسع قاعدة نفوذها خاصة وسط صغار الضباط الذين تنتقيهم إنتقاء من بين عناصرها وتعمل بجد وصبر على تغيير طبيعة الشرطة في نفس الاتجاه وكذلك بالنسبة لقوة السجون.
    - أنشأت السلطة جهازا قويا للأمن تحت إمرته إمكانيات هائلة وهو يكتظ بالعناصر الفاشية المعبأة بالعداء للشعب، والمعدة خصيصا للمواجهات الدموية معه. واستطاعت أن تلحق بهذا الجهاز قوة احتياطي كبيرة متمثلة في قوات الدفاع الشعبي والشرطة الشعبية واللجان الشعبية، بل ألحقت بهذا الجهاز في واقع الامر كل عضو من اعضاء الجبهة الاسلامية من الخفير إلى الوزير ومن الطالب حتى البروفيسور.
    هذه متغيرات أساسية تجعل الصيغة التي انتصرت بها ثورة اكتوبر 1964. وانتفاضة ابريل 1985 صيغة غير قابلة للتكرار ويسهل على كل من يرى ويعي أن يتبين بمنتهى الوضوح أن الطرق السلمية إلى الانتفاضة قد أغلقتها هذه السلطة الفاشية بكلتا يديها، وببنادقها ومدافعها وهذه حقيقة غير قابلة للف حولها أو الدوران. إنها حقيقة تفقأ العين، فإما أن تكون الجماهير قادرة على مواجهة السلطة بنفس أسلحتها، وتحشد في وجهها قوى لا قبل لها بمواجهتها، وإما أن تستسلم استسلاما يعتبر الموت أفضل منه، لإن الثمن الذي ستدفعه في هذه الحالة أيضا سيكون فادحا. وهذا لا يعني أن المواجهة المسلحة ستكون هي الشكل الوحيد للمواجهة مع السلطة، ولكنه يعني توفر القدرة والإمكانية والمعرفة للرد على عنف السلطة بعنف أشد وتقليم أظافرها تدريجيا تمهيدا لقصم ظهرها.

    إن نضال الشعب السوداني سيظل، كما كان دائما نضالا جماهيريا واسعا، ذا أهداف ديمقراطية عميقة:-
    - صون حقوق الانسان الأساسية المنصوص عليها في المواثيق والاتفاقات الدولية والدفاع باستماتة في وجه الخرق الفظ والمتواصل الذي تتعرض له من هذه السلطة الباطشة وتعبئة أوسع حركة جماهيرية حول هذه الحقوق، وجذب التأييد والتضامن الدولي الذي يصل إلى مستوى الاجراءات العقابية الملموسة، الاقتصادية والسياسية والدبلوماسية ضد السلطة.
    - إيقاف الحرب الدائرة في جنوب السودان وغربه، وما يصاحبها من مذابح ومجاعات، وخراب ودمار،وإهدار للموارد البشرية والمادية، وما يتصل بها من اضطهاد ديني وتفرقة قومية، وتطهير عرقي، وإجبار السلطة على قبول السلام بمختلف الضغوط وعلى رأسها فرض حظر شامل على السلاح والامدادت العسكرية التي تتلقاها، بالإضافة إلى الاجراءات الضرورية التي تصون الحياة الإنسانية، وتمنع ابادة قوميات بكاملها، وتضمن وصول القوت إلى المواطنين في مناطق العمليات والاتفاق على هذه الاجراءات من خلال الامم المتحدة.
    - النضال ضد تدهور الحياة، وشظف العيش وغول الغلاء ومن أجل توفير السلع الاساسية من خبز ودواء وكساء، وتوفير الخدمات الأساسية من تعليم وصحة ومواصلات، وحل أزمات الطاقة والكهرباء والمياه التي اصبحت أزمات مقيمة ومتفاقمة.
    - النضال ضد كل مممارسات وسياسات النظام الشمولي، وما تتسم به من تخلف وبربرية، ومن تعصب ذميم واستعلاء اجوف، ومن استهانة بالانسان واسترخاص لقدره، ورفض أسلوب الحياة الذي يسعى لفرضه فرضا على شعب السودان.
    - الارتقاء بهذا النضال خطوة إثر خطوة للوصول إلى المواجهة الشاملة مع النظام وهزيمته وإسقاطه.

    وفي أثناء نضاله هذا ، الديمقراطي الواسع، سيواصل الشعب ويطور الأشكال التاريخية العريقة التي لجأ إليها في منازلة الدكتاتوريات السابقة. والمتمثلة في العريضة والإضراب والاحتلال والاعتصام والاحتجاج والتظاهر، وعندما يتمكن من خلال نضاله الذاتي، ومن خلال الضغوط الدولية المتعاظمة التي يتعرض لها النظام، من انتزاع حيز للعمل القانوني، والتحرك السلمي، والنشاط العلني المكشوف، فإنه لن يتردد مطلقا في استغلاله وتوسيعه، وإجبار السلطة على مزيد من التنازلات ولكنه يعلم في نفس الوقت أن مثل تلك التنازلات محدودة، ويمكن التراجع عنها في كل لحظة وهي لا تعبر بأي حال من الأحوال عن تغيير جوهري في طبيعة السلطة وتعطشها للدماء، وتحفزها للغدر والتآمر.

    وما دام الأمر كذلك فإن الشعب، وقيادته السياسية، وعند كل تحرك ومعركة، مطالبون بوضع الحماية الفعالة على رأس الأولويات، مطالبون باعتماد أشكال في الرد على عنف السلطة لم يكونوا لجأوا اليها من قبل، بل كانوا يتفادونها تماما. وبالإضافة إلى حق الدفاع المشروع عن النفس هناك واجب لجم عدوانية السلطة، وردع عناصرها المجرمة، وتعليمها عن طريق البيان بالعمل، أن كل جرائمها ستكون مدفوعة الثمن.

    الحماية التي تخرج هنا عن مفهومها التقليدي الذي يقصر السلاح على الجيش أو الذي يكتفي بتدريب قوات يتم استدعاؤها للمعركة الأخيرة والفاصلة. فما دامت هذه المعركة الفاصلة غير محددة التاريخ سلفا، كما هو الحال بالنسبة لموعد كل انتفاضة فإن هذه القوات يمكن ان تكون قد تآكلت، أو غادر أفرادها البلاد، أو غيروا مواقعهم داخل السودان، أو اصابهم الإعياء والفتور وتغشى بعضهم الموت، أو ببساطة نسوا ما تدربوا عليه، وحينها سيكون موقف القيادة التي تقوم باستدعائهم موقفا لا تحسد عليه أبدا.

    الحماية ترافق النضال الشعبي كظله، ودرعا واقيا وسنانا مركبا في قناته وسيفا مسلطا على رقاب أعدائه. وهي تبدأ بالأشكال البسيطة التي في متناول الشعب، وتتطور باستمرار لتسد الفجوة الفاغرة بين سلطة مسلحة حتى التخمة، وجماهير عزلاء حتى الغفلة. إن سير الجماهير في هذا الطريق كفيل بردم هذه الفجوة بفضل الإمكانيات المادية التي سيفجرها النضال الشعبي، وبفضل الخبرة والتجربة، وبفضل تعدد أطراف المعارضة ووسائلها، وبفضل تآكل السلطة وتفاقم أزمتها وتناقص طاقاتها غير القابلة للتجديد، وبفضل دخول جماهير جديدة باستمرار إلى ميدان المعركة، وتعدد مسارح المواحهة التي تصيب السلطة بالدوار، وتضعها أمام الواقع المستحيل المتمثل في إصرار سلطة معزولة ومحاصرة على مواجهة شعب مقاتل منتفض، في بلد شاسع كالسودان.

    وكما يخضع النضال الشعبي لقانون التراكم تخضع الحماية ايضا لنفس القانون. فعندما يتحول نضال الشعب من الدفاع إلى الهجوم الشامل، ستتحول الحماية هي الأخرى إلى الهجوم، والاقتحام والتدمير، لإلحاق الهزيمة وفرض الاستسلام، واستلام السلطة، وتأسيس النظام الديمقراطي الجديد.. القادم هذه المرة ليبقى.

    الحماية عمل شعبي ممتد بامتداد حركة الشعب، متنوع بتنوعها، وهي ضرورة تصل إليها الجماهير من خلال نضالها ذاته، ومن خلال اصطدامها بعدو حاقد وشرس. وهذا لا يعني أن نترك كل فرد وشأنه ليتعلم من تجربته الشخصية، فهذا هو الطريقة الأكيد إلى الهزيمة، فشعور الناس حاليا بأن كل واحد منهم يواجه السلطة وحده، وخاصة عندما يقع في قبضتها، هو السبب في ضعف المقاومة الشعبية النسبي، مع إن معاناة الشعب قد بلغت حدا يفوق الوصف ولم يحدث أن صبر الشعب على مثلها من قبل. والحركة الشعبية ليست افواها تصيح ولا أرجلا تركض في الشوارع، إنها أفكار تتحول من الرؤوس وتنضج بنار التأمل، ووعي حارق بالمشاكل والأازمات، واستجابة طوعية لمشاريع الحلول الجذرية التي تفحر آمالا وتستصرخ الناس للنضال من أجلها. إن دور القيادة السياسية هو كسب العقول والقلوب، وتوجيه الممارسة العملية، وتبصير الناس بمخاطر الطريق ليعدوا لمواجهتها. بهذا المعنى تصبح إشاعة الوعي بضرورة الحماية الفعالة قضية سياسية من الدرجة الأولى تطرح على الحركة الشعبية على كل مستوياتها باللغة المفهومة لديها ويتم تطويرها في معمعان المعارك. وسيكون هذا نشاطا عالي المردود، يستلهم تراث الشعب النضالي، ويفجر إمكانياته الهائلة ويفسح مجالا واسعا لروحه الخلاقة.

    ولا ينحصر دور القيادة في ذلك، بل يتعداه إلى بذل الجهود المضنية وتوفير الإمكانيات الكافية، والتضحية بالنفس والنفيس، من أجل بناء قوة ضاربة تواجه السلطة من خلفها ومن فوقها ومن بين يديها، وتنازلها في جميع الميادين، ونعتقد أن معارضة بإتساع وتنوع المعارضة السودانية قادرة على ذلك تماما.

    (ك) معارضة واسعة وأدوار متعددة :-
    التصور الذي قدمناه للانتفاضة يستدعي جميع قوى المعارضة استدعاء قويا ملحا لتلعب أدوارا كلها حاسمة في هزيمة هذه السلطة.
    (1) يلعب التجمع الوطني، بجناحيه الحزبي والنقابي، وبقيادته للعمل الخارجي دوره الأساسي والمعقد في قيادة الحركة الشعبية وفق ما حددناه في جزء سابق من هذه الورقة.
    (2) تلعب القيادة الشرعية دورها في بناء النواه الصلبة للجيش الوطني، وتلملم شمل الضباط والجنود المسرحين، وتخلق الصلات مع المجموعات المعارضة داخل القوات النظامية، وتنسق بينها وتشترك في حماية نضال الجماهير بالأشكال المناسبة الكفيلة بتزويد الشعب بالمعرفة الفنية والخبرة القتالية، وتوجه الضربات الموجعة للمواقع الحيوية الخاصة بالسلطة ردا على عنفها وعقابا على جرائمها، وتقليما لأظافرها. وسيساعد في كل ذلك إيجادها لموطئ قدم داخل الوطن تمارس منه نشاطها وتعمل على توسيعه باستمرار، كما تمارس منه كل اطراف المعارضة تلك الاعمال التي لا يمكن القيام بها في كنف السلطة.
    ويمكن للقيادة الشرعية أن تطلب دورا حاسما في توحيد الشتات العسكري لقوى المعارضة، مما يضع تحت إمرتها قوى جبارة، وسيؤدي ذلك إلى تجاوز القصور التاريخي الذي ظل يعتري نضال الشعب السوداني، والمتمثل في عمل عسكري يستبعد الجماهير، وعمل جماهيري مستقل عن الجيش. إن التيارين يلتقيان هنا ويمتزجان، ويكونان نهرا عميقا لا تستطيع قوة أن تحول بينه وبين المصب.
    (3) تستفيد الحركة الشعبية لتحرير السودان من ازمات السلطة وضعفها، والضغوط الواقعة عليها، لتحقيق السلام في جنوب البلاد وغربها، مما يخلص ثلث الشعب من ويلات الحرب، ومخاطر الابادة والمجاعة والأوبئة ويقلص وجود السلطة، ويحبط مشاريعها الشريرة، ويهزم مخططا أساسيا من مخططاتها. كما إنه يحقق هدفا عزيزا من أهداف الحركة السياسية السودانية إنعقد حوله إجماعها. إن تحقيق السلام يمثل هزيمة حقيقية للسلطة، ويفتح المجال لإنشاء أطر ديمقراطية في كل الأماكن التي ينحسر عنها ظلها. وهذا يساعد المعارضة ككل، ويضع السلطة في قفص الاتهام عندما تنكشف جرائمها المنكرة التي ارتكبتها في هذه الأماكن وتتم المطالبة، وطنيا وعالميا، بمحاكمة المجرمين وتعويض الضحايا. ويمكن لبعض المخاوف أن تتولد من أن نهاية الحرب في الجنوب تعني تحويل عدوانية السلطة إلى أماكن أخرى، مع الإيحاء بأنها ستكون عدوانية أكثر كثافة لأنها تمارس في رقعة أقل، ونحن نقول أن شعبنا في الجنوب والغرب قد دفع ضريبته الوطنية كاملة ومن حقه أن ينعم الآن ببعض الامن، خاصة وهو مهدد بخطر الإبادة، ونحن واثقون أنه في هذه الحالة سيقدم مساعدات لا تقدر لأطراف المعارضة الأخرى . كما أن ابناء هذه القوميات سيلعبون دورهم كاملا من مواقعهم في مختلف مدن السودان، وعلى كل درجات السلم الاجتماعي. مع ذلك فإن إمكانية استمرار الحرب تبقى امكانية مفتوحة نتيجة لما قلناه حول طبيعة السلطة.
    (4) تستطيع المعارضة بكل فصائلها أن تستفيد إلى أقصى حد من العزلة العالمية الخانقة المحيطة بالسلطة، ومن سياستها العدوانية الحمقاء الموجهة لكل دول الجوار، ولكثير من الدول العربية والافريقية. وتستطيع أن تحول الرفض العالمي والإدانة الدولية شبه الإجماعية من كل هيئات الأمم المتحدة إلى مساعدات ملموسة، مادية ومعنوية لصالح نضال الشعب السوداني. وتستطيع أن تستثمر النزوع العالمي نحو الديمقراطية وصياغة حقوق الانسان للتعجيل بنهاية هذه السلطة التي يجلب كل يوم جديد من أيامها كارثة أكبر من سابقاتها، وتمثل كل لحظة من لحظات بقائها عبئا لا قبل للشعب باحتماله.

    (ل) خاتمة قضيتان:-
    نختتم هذه الورقة بطرح قضيتين نراهما هامتين جدا:
    القضية الاولى : هل الحركة السياسية السودانية بأشكالها الماثلة مؤهلة للإطاحة بالسلطة وإعادة
    الديمقراطية؟
    القضية الثانية: هل العودة إلى الديمقراطية هي عودة بسيطة الى الأوضاع التي كانت سائدة قبل
    الثلاثين من يونيو 1989؟

    هاتان القضيتان تثاران باستمرار وسط دوائر مختلفة من الشعب، والإجابة عليهما تزيد كثيرا من فعالية المعارضة وتزيل كثير من البلابل والتحفظات لدى اقسام من ابناء شعبنا.

    (1) لقد أوضحنا ان التجمع الوطني الديمقراطي يمثل صيغة ملائمة وفعالة لوحدة قوى المعارضة السودانية، ويستوعب كل فصائلها، ويفسح لها جميعا مجالا غير محدود للفعالية السياسية والعسكرية. وفي إطار التجمع ومن داخله تلعب القوى الحديثة، الممثلة في المثقفين والمنتجين من عمال ومزارعين، وفي الرأسماليين الوطنيين، وفي الطلاب والشباب والنساء، دورا حاسما في الإطاحة بالسلطة وفي ارساء دعائم النظام الديمقراطي وترسيخ قاعدته.

    هذه القوى الحديثة، أو بالأحرى الأقسام النشطة سياسيا وسطها، يسودها التشرذم السياسي، وتعزلها الانتماءات الحلقية والعقائدية الضيقة التي تقلل من وزنها الوطني، وتمنع تحولها الى قوة ذات شأن، سواء في النضال ضد السلطة أو بعد سقوطها. إن فرصة تاريخية نادرة تلوح في الأفق لتوحيد هذه القوى ذات المصالح والرؤى المنسجمة، في تنظيم سياسي واحد، ليس هو بطبيعة الحال، أيا من التنظيمات القائمة حاليا. إنه تنظيم جديد يقوم على الديمقراطية والعدالة الاجتماعية، ويملك برنامجا واضحا يتصدى لقضايا شعبنا الأساسية بالحلول العملية، الواقعية الملموسة، ويسمح بالتعددية الايدويولوجية الرحبةة، ويعتمد الديمقراطية الواسعة في تكوينه الداخلي، ويحفظ للأقلية داخله حقوقها كاملة في التعبير، الداخلي والجماهيري، وفي الدعاية لمواقفها ومرشحيها.

    إن قيام مثل هذا التنظيم يمكن أن يكون هو الحل لعقم المعادلة السياسية في السودان التي تتراوح بين مؤسسات ديمقراطية خاوية وشكلية، ونظام عسكري، دكتاتوري وعاجز. فتوحيد القوى الحديثة، تنظيما وارادة وعملا، هو الكفيل باعطاء الديمقراطية محتواها الحقيقي، وهوالكفيل بجذب قوى واسعة إلى المعترك السياسي الذي تهجره حاليا وتزهد فيه لانها لاتجد تنظيما يعبر عنها وعن مصالحها. وهذه الدعوة نطرحها ونشعر أنها في خواطر الكثيرين، وتتخلق في أحشاء الحركة الجماهيرية ، مؤذنة بمخاض قريب ومبشرة بصبح الميلاد.

    (2) يعبر الكثيرون عن أن العودة الى الديمقراطية يجب ألا تكون رجوعا للأوضاع التي كانت سائدة قبل انقلاب 30 يونيو1989م . ولعل الخوف من مثل هذه النتيجة هو الذي يمنع هؤلاء من الانخطرط في صفوف المعارضة. وهذه مخاوف حقيقية لأن العودة إلى مؤسسات ديمقراطية خاوية تنصب سلطة عاجزة عن التصدي لمشاكل الوطن، وتسخر موارده الشحيحة لخدمة القلة الحاكمة، لا يمكن أن تثير حماس احد. وقد كان تفادى مثل هذا الوضع هما اساسيا من هموم واضعي الميثاق، فاتفقوا على تكوين حكم انتقالي من الأحزاب والنقابات والقوات النظامية يستمر خمس سنوات، يشرف على قيام المؤتمر الدستوري الذي يتصدى لقضايا الأقليات القومية وحقوقها في الحكم الذاتي أو تقرير المصير، وتوزيع السلطة والثروة، ووجهة التنمية وعلاقة الدين بالدولة، وقضية الجيش الوطني والمؤسسات القومية. إن حل هذه المسائل يرسخ الديمقراطية ويعمق روح الوفاق الوطني والتفاهم، كما أن فترة الانتقال تسمح بإجراء إصلاح جذري في الحياة السياسية وفي مؤسسات الحكم، ويأتي على رأس ذلك صياغة قانون للانتخابات يعكس خصوصيات التكوين السياسي والاجتماعي للسودان، ويعطي القوى الحديثة، رائدة التغيير وأداة التطور، وزنا مؤثرا ومستحقا، والحكم بعد ذلك للشعب، يعبر عنه من خلال صناديق الاقتراع في انتخابات حرة نزيهة، يلتزم الجميع بنتائجها.

    وثمة خطر واقعي يجب تفاديه بكل الوسائل، هو خطر الحرب الأهلية بين القوى التي كانت حتى الأمس موحدة ومتفقة وواقعية. هذا الخطر تطرحه تجربة كثير من الشعوب والدول الأفريقية خاصة، التي انتصرت أحزابها وفصائلها على عدو مشترك لتجد نفسها متورطة في نزاعات داخلية مهلكة.

    إن وعي الحركة السياسية السودانية ليس كافيا وحده ليجنبها مثل هذا المصير، فلابد أن يتجسد هذا الوعي في مؤسسات ومواثيق ملزمة للجميع. إن المحاولات للتنصل من الميثاق، والتنكر للتجمع هي محاولات خطيرة بالفعل، علما بأن كل قوة وحزب يمكنه أن يتقدم بأية اقتراحات لتعديل الميثاق، أو تغيير تركيب التجمع، ولن تعدم هذه القوى الوسائل المرنة لتجاوز الخلافات.

    ويساعد في تجنب الحرب الاهلية ، وفي ترسيخ الديمقراطية، إلحاق هزيمة ساحقة بالجبهة الاسلامية، لا تؤدي فقط الى إزاحتها عن الحكم، بل تقضي في نفس الوقت على احتمالات زعزعتها لاحقا للنظام الديمقراطي، وقيادتها لمعارضة مسلحة ضده. وهو احتمال وارد تماما إذا سادت روح التهاون والغفلة، أو انتصرت الأوهام بأن الجبهة يمكن كسبها لصالح الديمقراطية، أو تغلبت الأطماع بوراثتها، أموالا وقوة عسكرية وكوادر بشرية. إن هزيمة الجبهة يجب أن تكون ماحقة. ومن أجل تحقيق هذه الغاية فلتتحد الجهود وتأتلف القلوب وتتشابك الايادي.

    انتهي
    ابريل1993
                  

11-07-2005, 09:22 PM

Mohamed Elgadi

تاريخ التسجيل: 08-16-2004
مجموع المشاركات: 2861

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الخاتم عدلان وتاكتيكات فعالةلاسقاط نظام الجبهة الاسلامية (Re: عبدالوهاب همت)

    Thanks ustaz/عبدالوهاب همت for sharing with us this important document...
    I wonder if it's possible to send it in a WORD File (I have technical problem in printing out any Arabic document from this Board...
    I would love, with your permission, posting this article on http://Khatimadlan.blogspsot.com

    this site/Blog was created when Khatim was alive...

    Mohamed Elgadi
    Philadlephia, PA
    USA

    [email protected]
    [email protected]
                  

11-09-2005, 02:49 AM

Amjad ibrahim
<aAmjad ibrahim
تاريخ التسجيل: 12-24-2002
مجموع المشاركات: 2930

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الخاتم عدلان وتاكتيكات فعالةلاسقاط نظام الجبهة الاسلامية (Re: عبدالوهاب همت)

    up
                  

11-09-2005, 07:46 AM

Elawad Eltayeb
<aElawad Eltayeb
تاريخ التسجيل: 09-01-2004
مجموع المشاركات: 5318

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الخاتم عدلان وتاكتيكات فعالةلاسقاط نظام الجبهة الاسلامية (Re: Amjad ibrahim)

    للفقيد الخاتم عدلان الرحمة.

    نرفع هذا الموضوع ونضيف له هذه السطور المتواضعة:

    إستمر الجبهجية في الحكم للأسباب التالية:-

    1- رفعهم شعار الدين الإسلامي: وقد اتضح لاحقاً صدق التسمية التي أطلقها عليهم الشارع بأنهم (تجار دين) مما أدي لإنتفاء مصداقيتهم وخروج كثير من قواعدهم وإنقسامهم على بعضهم.

    2- طبق الجبهجية (بروتوكولات حكماء صهيون) على السودانيين بأشد مما طبقها الصهاينة على الفلسطينيين. وهي تدعو للحصول على المال والسلطة والإعلام بطريق الغاية تبرر الوسيلة:

    (أ) السلطة: وقد حصل الجبهجية على السلطة بالإنقلاب العسكري الدموي على النظام الديمقراطي المنتحب:

    (ب) المال: ثم قاموا بتجريد الأغنياء من ممتلكاتهم وهجروهم وأعدموا من أعدموا، ثم أدخلوا كل الثروة داخل المصارف (تغيير العملة) ليتم حصرها ثم متابعتها وتحويلها لكوادرهم بواسطة استغلال السلطة والإرهاب والقوانين التعسفية وقوانين إحتكار السوق والإنتهازية وتفشي الرشوة والفساد والمحسوبية. ولذلك تجد أن السجون مليئة بالأشراف والحرامية على مراكز السلطة.

    (ج) الإعلام: أما الإعلام فقد تحكموا فيه تماماً فصارت كل الصحف في عهدهم هي مجر مطبلاتية. أما الصحف المعارضة فكان مصيرها الإيقاف واعتقال عامليها. أما صحف النظام فهي تجد كل الدعم (ومن ذلك الإعلانات الحكومية) وتسهيلات السفر والمراسلين وتكريم كتابها وتلميعهم الخ.


    قتل روح المعارضة:

    ولضمان استمرار هذا الوضع فإن السر يكون في قتل روح المعارضة وضمان الولاء القسري للجميع. ولذلك فقد عملوا الآتي:-

    1- فصل كل المعارضين من الجيش. وتعيين وترقية كوادرهم. وإرسال المعارضين العسكريين لمناطق العمليات وتصفيتهم إذا اقتضى الأمر.

    2- خلق جيش بديل (الدفاع الشعبي) والخدمة الإلزامية لتخليق كوادر جديده وغسل دماغ الشباب. وإرسال المعارضين من الطلاب والخدمة المدنية لمناطق العمليات وتصفيتهم إذا اقتضى الأمر.

    3- إعدام الإنقلابيين بطريقة ترهب من يفكر في أي معارضة ( مثال: إعدام 28 ضابط في عيد رمضان)

    4- تجفيف مصادر شرارة النضال والمظاهرات وذلك بتغيير دوام المدارس وكسر تجمعات الطلبة التقليدية. قفل الأسواق ا لرئيسية في العاصمة وتغيير أماكن تجمعات المواصلات لأماكن نائية بحيث يصعب اتصال طلبة المدارس والجامعات بهذه الأسواق. كسر شوكة جامعات النضال المشهورة وتغيير كوادرها وخلق جامعات بديلة (ثورة التعليم) وتشريد الكوادر المعارضة من التدريس.

    5- الخدمة العمة والمدنية والقطاع الخاص: ربط الحصول على الوظيفة العامة والمدنية أو البقاء فيها بالولاء للنظام. إعتقال وتشريد وفصل الكوادر المعارضة.


    أسباب بيئية مناسبة:

    1- ضعف الأحزاب البديلة وعدم جديتها في تحمل مسئولية البلد وإنصرافها لتحقيق مآرب ضيقة خالفت المصلحة العامة.

    2- بناء الأحزاب البديلة بقاء كيانها على الولاء الديني التقليدي أكثر من تفعيل ذلك بالفكر ونشر العلم والثقافة وتفعيل الديمقراطية داخليا وخارجيا.

    3- إستغلال النزعة الصوفية لدى الشخصية السودانية في التسامح والزهد والصمت وحسن النوايا.

    4- ترضية المعارضين بالسلاح حتى لو أدى الأمر لمشاركتهم في إقتسام السلطة والثروة ومن ثم إدخالهم في شبكة الفساد.

    هذا هو فهمي للأمر:-

    المخرج:

    الأمل هو في خلق كيان جديد ليس له ولاء لقوى خارجية أو ارتباط بمصالح خارجية، ينبع من داخل السودان، يجمع قوى الوسط والقوى المحبة للسلام. يرفع شعار المحاسبة والعدالة والديمقراطية والحرية الشخصية ويترك للإنسان حرية المعتقد الديني. يستفيد هذا الكيان من الوضع السياسي المواتي. ويغير مفهوم العمل السياسي من أفقه الضيق ومصالحة الفردية والحزبية الأضيق لأفق ارحب يضم الآخر ويستوعب الوطن.

    كذلك الحرص على دعم تنظيمات العمل المدني وتقويتها بكل ما نملك من الوسائل. ومحاربة الجهل والفقر والجريمة.

    نشر الفضيلة وتعلية قيم الشرف والنزاهة والوطنية.

    والعزة للسودان.


    العوض أحمد الطيب
    الرياض
                  

11-09-2005, 10:49 AM

عبدالعزيز حسن على

تاريخ التسجيل: 05-02-2005
مجموع المشاركات: 1078

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الخاتم عدلان وتاكتيكات فعالةلاسقاط نظام الجبهة الاسلامية (Re: Amjad ibrahim)

    الاصدقاء الاعزاء عبدالوهاب همت ، امجد ابراهيم

    كل سنة وانتم طيبين

    أثمن جهودكم المقدرة مع اخرين فى حفظ وتوثيق تراث الاستاذ الخاتم عدلان

    عزيزي عبدالوهاب همت ذكرت فى تقديمك لورقة تاكتيكات فعالةلاسقاط نظام الجبهة الاسلامية

    Quote: الدراسة ادناة كتبها الراحل المقيم الخاتم عدلان لاسباب مختلفة لم يتم تداولها في اروقة الحزب الشيوعي بل وان احد قادة الحزب قال(ابعدوا هذا الكالوت)..


    ما ذكرته يا عزيزى غير صحيح جملة وتفصيلاً

    فهذه الدراسة القيمة نشرت بالمجلة الداخلية للحزب ( الشيوعى ) العدد 158 الصادر اغسطس 1993 باسم احمد الهادي ( ولفائدة غير الناطقين بها فكل المساهمات تنشر باسماء حركية لظروف التأمين)

    اتمنى وبما عرف عنك من استقامة فكرية ان اقرا لك اعتذار
    لمن ازعجهم اتهامك اعلاه و

    للحقيقة التى اثق انها مبتغاك و

    لمصلحة الثقة والتعاون المشترك بين كل القوي الديمقراطية من
    اجل سودان نكسر فيه هذه الحلقة الشريرة
    و
    كل التقدير
    عبدالعزيز
                  

11-09-2005, 11:11 AM

عمر ادريس محمد
<aعمر ادريس محمد
تاريخ التسجيل: 03-27-2005
مجموع المشاركات: 6787

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الخاتم عدلان وتاكتيكات فعالةلاسقاط نظام الجبهة الاسلامية (Re: عبدالوهاب همت)

    الدراسة ادناة كتبها الراحل المقيم الخاتم عدلان لاسباب مختلفة لم يتم تداولها في اروقة الحزب الشيوعي بل وان احد قادة الحزب قال(ابعدوا هذا الكالوت)..


    الاخ

    عبد الوهاب همت

    بالاضافه الى ماذكره عبد العزيز ...الاستاذ المرحوم الخاتم كان أسمه الحركى فى الحزب

    الشيوعى (مصطفى)

    ارجو تصحيح المعلومه



    مع خالص التحيه
                  

11-09-2005, 02:05 PM

عبدالوهاب همت
<aعبدالوهاب همت
تاريخ التسجيل: 12-27-2002
مجموع المشاركات: 851

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الخاتم عدلان وتاكتيكات فعالةلاسقاط نظام الجبهة الاسلامية (Re: عبدالوهاب همت)

    الاخ عبدالعزيز تحيتي واحترامي
    ارجو ان اوضح لك الاتي ان ورقة ان اوان التغيير وكانت تحمل الرقم 157 قد نشرت في اوائل 1994 وربما تكون ملما بما دار حولها قبل النشر.. اما تاكتيكات فعالة لاسقاط نظام الجبهة الاسلامية فلم تنشر في التاريخ الذي ذكرته..واذا اردت يمكن ان احيلك للشخص الذي اشرف على امر طباعة اوان التغيير في القاهرة...اسفله لقاء نشر مع الخاتم عدلان في جريدة الاضواء
    (يؤكد الخاتم عدلان ان وضعه داخل السكرتارية لم يكن يسمح له بقيادة الاصلاح من الداخل ويقول: حتى لا يكون الكلام على عواهنه سأعطيك هنا مثالاً فقد قمت بكتابة ورقة حول مواجهة السلطة حددت فيها طبيعة السلطة وتحديد اساليب معينة لمواجهتها ووافقت عليها سكرتارية اللجنة المركزية بالاجماع، وعند خروج نقد من المعتقل أرسلت اليه الورقة وقام نقد بالرد بوريقة صغيرة يقول فيها نقد: «أعيد اليكم هذا «الكالوت» من الواضح ان الورقة كتبت قبل فترة وتحتاج الى اعادة صياغة» ويوضح الخاتم عدلان قائلاً: ان نقد وصف الورقة بالكاوت بمعنى انها خطرة والشئ الثانى ان نقد اعتبر ان الورقة تحتاج الى اعادة صياغة جذرية دون ان يحدد النقاط المرشحة لاعادة الصياغة. ويقول الخاتم ان السكرتارية تفهمت هذه اللغة الايحائية مباشرة وطرحت المسألة للحوار فى الاجتماع القادم ورفضتها بالاجماع الذي وافقت به عليها. وهذا يعطى صورة ـ في إعتقاد الخاتم ـ عن أى سكرتارية وأى هيئات كنا نعمل بها ويعرف بطبيعة الاصلاح الجارية حالياً وهو اصلاح رجل واحد).
                  

11-10-2005, 00:18 AM

عمر ادريس محمد
<aعمر ادريس محمد
تاريخ التسجيل: 03-27-2005
مجموع المشاركات: 6787

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الخاتم عدلان وتاكتيكات فعالةلاسقاط نظام الجبهة الاسلامية (Re: عبدالوهاب همت)

    عندما علقت سريعا على موضوع هذا البوست كنت اعتقد ان كاتبه عفوا او نتيجة خطأ ما ( رغم غرابته)قام بانزال الدراسه من وثيقه حزبيه لايملك حق التصرف فيها,ولكن يبدو ان الامر فى حقيقته خصوصا بعد رده على الاخ عبد العزيز البعيد كل البعد عن تبيان أصل الوثيقه وكاتبها هو تعدى صارخ مع سبق الاصرار والترصد على تاريخ مكتوب وموثق ويعرف تفاصيله الكثيرون من اعضاء هذا المنبر....وهذ حالة تستدعى التعامل مع الموضوع بجديه وتوضيح كل الحقائق لأن من لم تردعه الى الصواب منظومة قيمه واخلاقه قعطعا سيردعه القانون .

    نشرة هذه الدراسه قبل أكثر من عشره سنوات تحديدا فى الشيوعى العدد158**أغسطس**1993م**الثمن 40 جنيها ...... ومعها مواد اخرى لكاتب أخر ( سأ قوم بأنزال الوثيقه كامله) بعد موافقة الحزب, كان وقتها الاستاذ المرحوم الخاتم عضوا فى الحزب الشيوعى وهذا يعنى ان كل مساهماته تعبر عن العقل الجماعى للحزب ولاتعتبر ملكا خاص له طالما ظلت وثائق حزبيه, و نشرها يتطلب إذن موثق وموافقة مصحوبه بكل الضمانات حتى لايتم التلاعب بمحتوياتها لخدمة اهداف لاتمت للحقيقه والمسؤوليه الوطنيه بصله.
    أما الامر الاكثر غرابه اعتبار الوثيقه عمل مقدس ليس بمحتواها..... فقط لأن كاتبها هو المرحوم الخاتم .....ولو كان بيننا لقال .....هذا الوثيقه تتحدث عن ظروف مختلفه فكريا وسياسيا رغم صحة بعض الاستنتاجات والمطلوب مضاعفة الجهد لتقييم الواقع الجديد ...هذا ان لم يقل لكاتب البوست ومحاولات اخرى تجرى فى نفس الاتجاه عليكم ابتداع ادبكم ومساهماتكم , وإاضافاتكم خصوصا جميعكم متعلم بما يكفى ليعبر عن عصره ومشكلاته .

    كنت اعتقد ان السعى الحثيث للمنقسمين عن الحزب الشيوعى لوراثة أدبه وجهده قد خفت نتيجة الفشل المتواصل لهذا الطريق الفاشل .....ولكن يبدو ان صمت الحزب وعضويته (احتراما للشعب) يغرى بالاستمرار فى نشر الاكاذيب والتلفيقات التى لا تخدم قضية التقدم والديمقراطيه فى بلادنا .

    ملحوظه

    الأسم الحركى للاستاذ المرحوم الخاتم عدلان فى الحزب الشيوعى وحتى خروجه هو مصطفى وليس احمد الهادى

    لزم التنويه

    (عدل بواسطة عمر ادريس محمد on 11-10-2005, 00:22 AM)

                  

11-10-2005, 02:41 AM

Marouf Sanad
<aMarouf Sanad
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 4835

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الخاتم عدلان وتاكتيكات فعالةلاسقاط نظام الجبهة الاسلامية (Re: عمر ادريس محمد)

    الاخ العزيز عمر ادريس


    لا ارى مبرراً لغضبتك هذي , فهذه التكتيكات الفعاله التي نشرت هنا هي لاسقاط نظام الجبهه الاسلامية كما أوضحت الورقة .
                  

11-10-2005, 03:23 AM

عبدالوهاب همت
<aعبدالوهاب همت
تاريخ التسجيل: 12-27-2002
مجموع المشاركات: 851

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الخاتم عدلان وتاكتيكات فعالةلاسقاط نظام الجبهة الاسلامية (Re: عبدالوهاب همت)

    الاخ عمر ادريس
    سلامي واحترامي
    ارجو ان اوضح لك ان هناك خطأ حدث مني وانا اتحمل نتيجتة وهو ان هناك جملة لم اقم بكتابتها بعد..لم يتم تداولها في اروقة الحزب الشيوعي بالشكل المطلوب مع وثيقة اخرى .. واذكر ان الدراسة كانت مرفقةمع دراسة اخرى لااذكر كتبها.. وارجو ان اكون قد اوضحت ..وهذا ما يتوجب الاعتذار من جانبي لان الخطا لايعالج الا بالتصحيح والاعتذار...
    اما التاريخ الذي اوردته باعتباره تاريخا لنشر الوثيقةفهو غير صحيح على الاطلاق فهل ستقبل ان تعتذر عن ذلك ؟ هذا متروك لك ....نعم الاسم الحركي للمرحوم الخاتم كان مصطفى طه...
    اما حديثك عن المنقسمين وورثة الحزب الشيوعي تعليق عليه
                  

11-10-2005, 10:16 AM

عبدالعزيز حسن على

تاريخ التسجيل: 05-02-2005
مجموع المشاركات: 1078

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الخاتم عدلان وتاكتيكات فعالةلاسقاط نظام الجبهة الاسلامية (Re: عبدالوهاب همت)

    الصديق عبدالوهاب همت
    قناعاتى الشخصية ان جهود كل القوي الديمقراطية يجب ان تصب فى مواجهة ازمات السودان وهى كثيرة ولكن يجب توافر حدود من الثقة والمصداقية وما مانع بالطبع من بعض النيران الصديقة طالما انه توضح لنا بعض العيوب التى تحتاج الى اصلاح لان معركة القوي الديمقراطية كبيرة

    لبناء هذه الثقة لا اعتقد ان فكرة هذا البوست من الاساس كتبت بحس وطنى إنما كان المقصود هو تجريم الحزب الشيوعى وقادته امام الشعب السودانى وهذا مسلسل طويل بدا

    بالتكرار على ان الحزب الشيوعى كان يعلم بالانقلاب ولم يقم بما يستجوب مقاومته وافشاله

    ثم

    ثم ان الحزب قاوم اى محاولة من دخله لاسقاط هذا النظام ولو اراد الحزب اسقاطه لفعل بتطبيق هذه الوثيقة الهامة ( الفعالة لاسقاط نظام الجبهة الاسلامية)


    والنتيجة ان هذا حزب يجب ان يذهب الى مزبلة التاريخ تشيعه اللعنات والمجد والمستقبل للقوي الجديدة

    ولكي لا القى الكلام على هوانه نبدا حيث انتهت بردك على الاخ عمر ادريس

    Quote: ارجو ان اوضح لك ان هناك خطأ حدث مني وانا اتحمل نتيجتة وهو ان هناك جملة لم اقم بكتابتها بعد..لم يتم تداولها في اروقة الحزب الشيوعي بالشكل المطلوب مع وثيقة اخرى


    هذا يا عزيزى ليس خطأ انما هو سبق الاصرار والترصد راجع

    Quote: الدراسة ادناة كتبها الراحل المقيم الخاتم عدلان لاسباب مختلفة لم يتم تداولها في اروقة الحزب الشيوعي
    غبدالوهاب همت


    أين الخطا فى اعلاه هذا كلام واضح كالشمس هذه الوثيقة كتبت ورفضت بالتالى لم يتم تدوالها بل ان احد قادة الحزب
    Quote: الدراسة ادناة كتبها الراحل المقيم الخاتم عدلان لاسباب مختلفة لم يتم تداولها في اروقة الحزب الشيوعي بل وان احد قادة الحزب قال(ابعدوا هذا الكالوت)..


    ثم فى موضوع اخر يستشهد عبدالوهاب همت بحوار من الاستاذ الخاتم قال عن نفس الواقعة
                  

11-10-2005, 10:41 AM

عبدالعزيز حسن على

تاريخ التسجيل: 05-02-2005
مجموع المشاركات: 1078

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الخاتم عدلان وتاكتيكات فعالةلاسقاط نظام الجبهة الاسلامية (Re: عبدالعزيز حسن على)

    Quote: وعند خروج نقد من المعتقل أرسلت اليه الورقة وقام نقد بالرد بوريقة صغيرة يقول فيها نقد: «أعيد اليكم هذا «الكالوت»



    وا ذا افترضنا صحة هذا اللقاء وان الصحفى كان اميناً ونشر كل ماقاله الخاتم بدون تحوير نجد أنه من الواضح انك لم تكن اميناً بالاستشهاد بكلام الاستاذ الخاتم وقمت بتحويره ليخدم مخططك من هذا البوست

    فالخاتم بقول على لسان نقد أعيد اليكم هذا «الكالوت
    وانت تقول (ابعدوا هذا الكالوت)..

    وهذا هو سبق الاصرار والترصد كانما تقول الابعاد يعنى الرفض وعدم نشرها

    ولاننا ناس طيبين ( وبنعيش حياتنا بالنية السليمة كما قال اللحو) وضحنا لك ان هذه الورقة الهامة نشرت وطالبنا فقط بالاعتذار ( لان الخطا لايعالج الا بالتصحيح والاعتذار)

    لكن قمت بمحاولة التشكيك فى المعلومة متفادياً الاعتذار

    Quote: ارجو ان اوضح لك الاتي ان ورقة ان اوان التغيير وكانت تحمل الرقم 157 قد نشرت في اوائل 1994 وربما تكون ملما بما دار حولها قبل النشر.. اما تاكتيكات فعالة لاسقاط نظام الجبهة الاسلامية فلم تنشر في التاريخ الذي ذكرته..واذا اردت يمكن ان احيلك للشخص الذي اشرف على امر طباعة اوان التغيير في القاهرة


    هذا يسمى محاولة الالتفاف على الحقيقة فنحن هنا لا نتحدث عن اوان التغير و 157 نحن نتحث عن ورقة معينة اجزمت انت انها رفضت ولم تنشر واوضحت لك انها نشرت بالعدد والتاريخ ربما اكون اخطات فى التاريخ لكن المضمون ان هذه الورقة نشرت ثم وفى محاولة منك لحل كل الموضوع بضربة واحدة اوضحت انك نسيت جملة( انا بعرف زول ينسى حرف ينسى كلمة لكن اول مرة اسمع بزول ينسى جملة

    Quote: ارجو ان اوضح لك ان هناك خطأ حدث مني وانا اتحمل نتيجتة وهو ان هناك جملة لم اقم بكتابتها بعد..لم يتم تداولها في اروقة الحزب الشيوعي بالشكل المطلوب مع وثيقة اخرى ..



    ما زلت عند قناعاتى بانك مطالب بالاعتذار اضعف الايمان لقراء هذا البورد والذين ملكتهم معلومات غير صحيحة
                  

11-10-2005, 11:41 AM

عبدالوهاب همت
<aعبدالوهاب همت
تاريخ التسجيل: 12-27-2002
مجموع المشاركات: 851

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الخاتم عدلان وتاكتيكات فعالةلاسقاط نظام الجبهة الاسلامية (Re: عبدالوهاب همت)

    الاخ عبدالعزيز
    سلامي واحترامي
    اكرر اعتذاري
                  

11-10-2005, 12:00 PM

عبدالعزيز حسن على

تاريخ التسجيل: 05-02-2005
مجموع المشاركات: 1078

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الخاتم عدلان وتاكتيكات فعالةلاسقاط نظام الجبهة الاسلامية (Re: عبدالوهاب همت)

    العزيز عبدالوهاب همت

    اشكرك على الاعتذار وياها المحرية منك

    كل التقدير
    عبدالعزيز
                  

11-10-2005, 03:46 PM

Marouf Sanad
<aMarouf Sanad
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 4835

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الخاتم عدلان وتاكتيكات فعالةلاسقاط نظام الجبهة الاسلامية (Re: عبدالعزيز حسن على)

    Quote: تستفيد الحركة الشعبية لتحرير السودان من ازمات السلطة وضعفها، والضغوط الواقعة عليها، لتحقيق السلام في جنوب البلاد وغربها، مما يخلص ثلث الشعب من ويلات الحرب، ومخاطر الابادة والمجاعة والأوبئة ويقلص وجود السلطة، ويحبط مشاريعها الشريرة، ويهزم مخططا أساسيا من مخططاتها. كما إنه يحقق هدفا عزيزا من أهداف الحركة السياسية السودانية إنعقد حوله إجماعها. إن تحقيق السلام يمثل هزيمة حقيقية للسلطة، ويفتح المجال لإنشاء أطر ديمقراطية في كل الأماكن التي ينحسر عنها ظلها. وهذا يساعد المعارضة ككل، ويضع السلطة في قفص الاتهام عندما تنكشف جرائمها المنكرة التي ارتكبتها في هذه الأماكن وتتم المطالبة، وطنيا وعالميا، بمحاكمة المجرمين وتعويض الضحايا. ويمكن لبعض المخاوف أن تتولد من أن نهاية الحرب في الجنوب تعني تحويل عدوانية السلطة إلى أماكن أخرى، مع الإيحاء بأنها ستكون عدوانية أكثر كثافة لأنها تمارس في رقعة أقل، ونحن نقول أن شعبنا في الجنوب والغرب قد دفع ضريبته الوطنية كاملة ومن حقه أن ينعم الآن ببعض الامن، خاصة وهو مهدد بخطر الإبادة، ونحن واثقون أنه في هذه الحالة سيقدم مساعدات لا تقدر لأطراف المعارضة الأخرى . كما أن ابناء هذه القوميات سيلعبون دورهم كاملا من مواقعهم في مختلف مدن السودان، وعلى كل درجات السلم الاجتماعي. مع ذلك فإن إمكانية استمرار الحرب تبقى امكانية مفتوحة نتيجة لما قلناه حول طبيعة السلطة.


    هذه الفقره من الوثيقة ورغم بعد الحقبة الزمنية التي كتبت فيها الا انها والى حد بعيد تصف الواقع الذي افرزته ظروف ما بعد اتفاقية السلام التي نعيشها اليوم , ويبقى سؤال كيف يمكننا ان نستفيد من هذا الواقع (كقوى وطنية موحدة ) حتي نتمكن من هزيمة المؤتمر الوطني , هذا هو السؤال الذي لم تتمكن القوى الوطنية من الاجابة عليه حتى الان , رغم توفر الكثير من الشروط التي تجعل من أمر الوحده أمراً ملحاً في هذه المرحلة من تاريخ شعبنا .

    (عدل بواسطة Marouf Sanad on 11-10-2005, 04:04 PM)

                  

11-10-2005, 10:21 PM

رؤوف جميل

تاريخ التسجيل: 08-08-2005
مجموع المشاركات: 1870

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الخاتم عدلان وتاكتيكات فعالةلاسقاط نظام الجبهة الاسلامية (Re: Marouf Sanad)

    تمام التمام وموقف تثنى علية يا عبد الوهاب والشكر للاخ معروف لمداخلاتة المفيدة ولمعرفتة التامة بقضايا المرحلة وحسب علمى ان الاخ معروف يعرف الكثير عن حوارات الاخ المرحوم الخاتم مع الرفاق القدامى واصدقاتة فى اخر زيارة لة لامريكا فهلا وتق لنا دلك ,
    لى طلب عزيزى ان تنشر المقال الدى كتبة الخاتم فى الشرق الاوسط وتحدث فية الاحزاب السودانية ووجة نقدة للحزب الشيوعى لعدم قدرتة لاستيعاب الكمبات الماهولة من الديمقراطيين تم رغبتة للاتجاة للعمل المدنى وهو مقال نشرتة الشرق الاوسط فى عام 2003
    وقبل الحوار معة هنا فى هدا المنبر
                  

11-11-2005, 00:22 AM

Kostawi
<aKostawi
تاريخ التسجيل: 02-04-2002
مجموع المشاركات: 39979

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الخاتم عدلان وتاكتيكات فعالةلاسقاط نظام الجبهة الاسلامية (Re: رؤوف جميل)

    Quote: رغم توفر الكثير من الشروط التي تجعل من أمر الوحده أمراً ملحاً في هذه المرحلة من تاريخ شعبنا .



    ده هو المحك

    It is time for a Broad National Movement
    to save the unity of Sudan



    The Unity of Sudan
    The Unity of Sudan
    The Unity of Sudan


    فرز الكيمان واجب وطني

    أضرب رأسك يا يسارنا العريض
    إتحدوا عليكم الله

    It is about time
    It is about time
    It is about time



    and
    It is about time
                  

11-11-2005, 00:23 AM

عمر ادريس محمد
<aعمر ادريس محمد
تاريخ التسجيل: 03-27-2005
مجموع المشاركات: 6787

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الخاتم عدلان وتاكتيكات فعالةلاسقاط نظام الجبهة الاسلامية (Re: عبدالوهاب همت)

    اما التاريخ الذي اوردته باعتباره تاريخا لنشر الوثيقةفهو غير صحيح على الاطلاق فهل ستقبل ان تعتذر عن ذلك ؟

    الاخ
    العزيز
    عبد الوهاب همت

    ماكتبته ليس من الذاكره ....الوثيقه امامى والتاريخ الذى اوردته صحيح على الاطلاق , ولحسن الحظ -ان كان ذلك مهما - الوثيقه نفسها موجوده مع عدد من الزملاء فى هذا المنبر .

    شكرا على المراجعه والاعتزار

    الاخ

    العزيز

    معروف

    اعترضت على نشر جزء من وثيقه داخليه تخص الحزب الشيوعى دون ذكر المصدر مع معلومات غير صحيحه عن الكاتب كما هو موضح فى الردود اعلاه .......ويبقى الاهم دائما هو ضرورة الاختلاف بشرف واستقامه واعطاء كل ذى حقا حقه لأن ذلك ضمن ترتيبات اخرى يؤدى الى تقارب القوى السياسيه ويفتح المجال واسعا للعمل المشترك , خصوصا بين قوى ديمقراطيه مثل الحزب الشيوعى وحركة حق تظل اختلافاتها الفكريه والسياسيه ثانويه امام التحديات الكبرى التى تواجه الوطن .

    على كل حال

    الود محفوظ لكم جميعا

    ومعزره لشبهة الغضب فى كلماتى

    (عدل بواسطة عمر ادريس محمد on 11-11-2005, 00:24 AM)

                  

11-11-2005, 12:11 PM

Marouf Sanad
<aMarouf Sanad
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 4835

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الخاتم عدلان وتاكتيكات فعالةلاسقاط نظام الجبهة الاسلامية (Re: عمر ادريس محمد)

    Quote: اعترضت على نشر جزء من وثيقه داخليه تخص الحزب الشيوعى دون ذكر المصدر مع معلومات غير صحيحه عن الكاتب كما هو موضح فى الردود اعلاه .......ويبقى الاهم دائما هو ضرورة الاختلاف بشرف واستقامه واعطاء كل ذى حقا حقه لأن ذلك ضمن ترتيبات اخرى يؤدى الى تقارب القوى السياسيه ويفتح المجال واسعا للعمل المشترك , خصوصا بين قوى ديمقراطيه مثل الحزب الشيوعى وحركة حق تظل اختلافاتها الفكريه والسياسيه ثانويه امام التحديات الكبرى التى تواجه الوطن .




    الاخ العزيز عمر ادريس

    كيف صحتك

    (نحن كشعب سوداني كثيراً ما نتحدث عن اشياء لا نعرفها ) التعبير أخذته من سياق مقولة شفاهية رددها الخاتم عدلان في أكثر من مكان .
    واظن ان نشر هذه الوثائق هو خطوة في اتجاه ان يلم الناس بحقائق لم تكن مبسوطة لهم ومن ثمة يكونوا آرائهم عن معرفة حقيقية بل ويطوروها بالنقاش الذي يمكن أن يجعل من هذه الأفكار واقعاً ماثلاً بدلاً من تظل حبيسة 157 -158 وتتحول لمجرد أرقام في سلسلة .
    لا أعرف مدى صحة أن هذه الافكار هي ملك للخاتم عدلان أو للحزب الشيوعي ولكن أعرف ان القصد منها كان الخير العام وهو حقنا جميعاً , واذا كان الرجل نفسه قد غادر الحرب لشيوعي فلا أظن ان هنالك امكانية لأن تعتقل أفكاره هناك .

    ودام الود بيننا
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de