كتب الكاتب الفاتح جبرا المتوفرة بمعرض الدوحة
|
Re: هل المؤتمر الوطنى السوداني بيتعامل مع إسرائيل بصورة غير رسمية (Re: يحي ابن عوف)
|
التدخل الإسرائيلي في جنوب السودان بدأت الاتّصالات بين إسرائيل وحركة التمرّد في جنوب السودان في العام 1963. فمذ ذاك العام وحتى العام 1972، اجتمع كثير من القادة والناشطين السودانيّين الجنوبيّين إلى مسؤولين إسرائيليين في السفارات الإسرائيلية في أوغندا وإثيوبيا وتشاد والكونغو وكينيا[21]. وقد تعزّزت هذه الاتّصالات والعلاقات وتعمّقت خلال حرب الاستنزاف بين مصر وإسرائيل. لا تزال الملفات المتعلّقة بالتدخّل الإسرائيلي في جنوب السودان في تلك المرحلة محكمة الإغلاق في الأرشيف الإسرائيلي، ولكن جوزيف لاغو، قائد حركة "أنيانيا" التي قادت حركة التمرّد في جنوب السودان في تلك الفترة، كشف في مقابلة له مع صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، النّقاب عن خلفيات التدخّل الإسرائيلي وبداياته وأبعاده في دعم التمرّد في جنوب السودان في تلك الفترة[22]. ويتّضح من هذه المقابلة أنّ جوزيف لاغو اجتمع في بداية العام 1969 إلى سفير إسرائيل في كمبالا وسلّمه رسالة إلى رئيس الحكومة الإسرائيلية حينئذ ليفي أشكول. وشدّد جوزيف لاغو في رسالته على المصالح المشتركة بين إسرائيل وحركة التمرّد في جنوب السودان وفي مقدّمتها "الحرب ضدّ العرب". وعلى أرضيّة المصالح المشتركة، طلب جوزيف لاغو في رسالته مساعدة عسكرية من إسرائيل إلى حركة "أنيانيا". وأشار إلى أنه إذا أمدّت إسرائيل حركة "أنيانيا" بالسّلاح فإنها ستشنّ الحرب ضدّ الجيش السوداني وستعمل على مشاغلته وإزعاجه، الأمر الذي يؤدّي إلى منعه من دعم مصر والدول العربية الأخرى في حربها ضدّ إسرائيل. ولكن رئيس الحكومة الإسرائيليّة ليفي أشكول توفّي في شباط/ فبراير 1969 قبل أن يستلم رسالة جوزيف لاغو؛ وحلّت محلّه غولدا مئير التي قامت بدورها بدعوة جوزيف لاغو إلى زيارة إسرائيل. لبّى جوزيف لاغو الدعوة، وخلال زيارته إسرائيل اجتمع إلى غولدا مئير في مكتبها في القدس، وإلى مسؤولين إسرائيليين آخرين، وزار عدداً من القواعد العسكرية الإسرائيلية، واتّفق مع المسؤولين الإسرائيليين على صفقة تقوم إسرائيل بموجبها بتزويد حركة "أنيانيا" بالأسلحة وبتدريب مقاتلي الحركة عسكرياً في إسرائيل، كان أبرزهم جون غرنغ الذي أصبح لاحقاً قائداً للجبهة الشعبية لتحرير السودان. وبعد هذه الزيارة بفترة وجيزة، شرعت إسرائيل في تزويد حركة "أنيانيا" بأنواع مختلفة من الأسلحة على متن طائرات نقل إسرائيليّة، قامت بإيصالها إلى مدينة جوبا في جنوب السودان من طريق أوغندا. وشملت هذه الشّحنات أسلحة كثيرة ومتنوّعة من بينها المدفعيّة والصواريخ المضادّة للدّبابات وأسلحة رشاشة وأسلحة خفيفة، وهي أسلحة كانت إسرائيل قد غنمتها من الجيوش العربيّة في حرب 1967. وأشار جوزيف لاغو في مقابلة مع صحيفة "هآرتس" إلى أنّ إسرائيل لم تزوّد حركة "أنيانيا" بأسلحة مصنوعة في إسرائيل أو أسلحة غربيّة حديثة، كي لا يتمّ كشف مساعدتها لتمرّد جنوب السودان. ومع بداية وصول شحنات الأسلحة الإسرائيلية إلى جنوب السودان، وصل أيضاً مستشارون عسكريّون إسرائيليون وانضمّوا إلى قواعد المتمرّدين. وذكر جوزيف لاغو أنّ السّلاح الذي حصلت عليه حركة "أنيانيا" من إسرائيل غيّر موازين القوى وعزّز مكانة الحركة، وبات يحسب حسابها في الصّراع. استمرّت إسرائيل في تزويد حركة أنيانيا بالسلاح، برحلات جوية من أوغندا إلى جنوب السودان حتى العام 1972. وفي ذلك العام، غيّر رئيس أوغندا عيدي أمين سياسته المساندة لإسرائيل وقطع علاقات بلاده معها وأغلق سفارتها في كمبالا وطرد جميع الإسرائيليين من أوغندا، بمن فيهم كثير من المستشارين العسكريين. وأدّى ذلك إلى وقف إسرائيل استعمال أوغندا طريقاً لتزويد حركة التمرّد في جنوب السودان بالسّلاح. وكانت هناك طريق أخرى أمام إسرائيل، وهي نقْل الأسلحة جواً بطائرات تمرّ في الأجواء الإثيوبية ومن ثمّ إلى كينيا ومنها إلى جنوب السودان، بيْد أنّ هذه الطريق كانت أكثر تكلفة وخطراً. وجاء توقيع الحكومة السودانية في سنة 1972 مع حركة التمرّد في جنوب السودان اتفاقيّة أديس أبابا ليوقف بموجبها التمرّد في جنوب السودان. وفي أعقاب هذه الاتّفاقية أسرع جوزيف لاغو إلى العاصمة الكينية نيروبي لشرح الوضع الجديد للإسرائيليين الذين أزعجتهم اتّفاقية السلام ووقف التمرد[23]. إسرائيل وجعفر النميري وعدنان خاشقجي يشير يعقوب نمرودي، الذي شغل مراتبَ عليا في جهاز المخابرات الإسرائيلية (الموساد)، في مذكّراته إلى أنّ رجل الأعمال السعودي عدنان خاشقجي كان "عنواناً لكلّ إسرائيلي أو يهودي يبحث عن طرق للعالم العربي"[24]. ويتّضح من هذه المذكّرات أنّ عدنان خاشقجي كان له شأنٌ أساسي في إقامة العلاقات بين إسرائيل والرئيس السوداني جعفر النميري. ومن المفيد إلقاء الضّوء، ولو باقتضاب، على طبيعة علاقات عدنان خاشقجي بإسرائيل. ويكشف يعقوب نمرودي في مذكّراته النّقاب عن أنّ عدنان خاشقجي أقام علاقاتٍ كثيرة ومتشعّبة مع كثير من الإسرائيليّين واليهود الأميركيين. وكان من بين الإسرائيليين الذين أقام عدنان خاشقجي علاقات متينة بهم دافيد كيمحي خلال الفترة التي شغل فيها كيمحي منصب رئيس مركز جهاز الموساد في باريس، و "تطوّرت العلاقات بين الاثنين وتوطّدت وسادت بينهما صداقة حقيقية"[25]. في منتصف عقد السّبعينيات من القرن الماضي توجّه يعقوب نمرودي إلى الجنرال الإسرائيلي (المتقاعد) رحبعام زئيفي الذي كان قد أنهى لتوّه مهماته كمستشار في شؤون "الإرهاب" لرئيس الحكومة الإسرائيلية يتسحاق رابين، للعمل مع عدنان خاشقجي في مهمات أمنيّة وحراسة. استجاب رحبعام زئيفي لطلب يعقوب نمرودي وتمكّن خلال فترة وجيزة من كسب ثقة عدنان خاشقجي. وقام رحبعام زئيفي بإدارة مزرعة عدنان خاشقجي المترامية الأطراف في كينيا، ووظّف أكثر من أربعين إسرائيلياً في تشغيل المزرعة وحراستها. وعهد عدنان خاشقجي إلى رحبعام زئيفي أيضاً بمهمة الحفاظ على أمْن يخته الفاخر، وكلّفه بوضع أجهزة رقابة وتنصّت في اليخت كي يكون في إمكان عدنان خاشقجي مراقبة ضيوفه رفيعي المستوى من العرب وغير العرب، بشكل مباشر[26]. وبطبيعة الحال كانت إسرائيل تشاركه في أشرطة الرقابة والتنصّت هذه. أقام عدنان خاشقجي علاقاتٍ وطيدةً برئيس السودان جعفر النميري منذ سبعينيات القرن الماضي. وفي أواخر السبعينيات أخبر خاشقجي صديقه وشريكه في كثير من المشاريع الاقتصادية والصفقات التجارية يعقوب نمرودي، أنّ وضع الرئيس السوداني جعفر النميري في داخل السودان خطير ويثير القلق، وأنّ "الأميركيين لا يقدّمون له المساعدة المرجوّة، والسعوديون يصدّونه. وكان كل ما تمكّن الأميركيون من استخلاصه من السعوديّين هو تمويلهم شراء طائرات أف-5 التي كانت حاجة النميري إليها أقلّ من جميع الأمور الأخرى؛ جميع خطط التنمية الاقتصاديّة الكبيرة لا تنفذ. وعلاوة على ذلك، ينبغي الاهتمام فوراً بحصول النميري على فريق أمْني أميركي يستقرّ في الخرطوم، لحفظ أمنه الشّخصي، مثلما أرسلت الولايات المتّحدة اثنين وأربعين شخصاً إلى القاهرة لحراسة أنور السادات ونظامه"[27]. وذكر يعقوب نمرودي أنّ عدنان خاشقجي من أجل مساعدة جعفر النميري والسودان، نظم في العام 1979 "زيارة لأصدقائه وشركائه الإسرائيليين إلى الخرطوم". فقد دعا عدنان خاشقجي خمسة إسرائيليّين من مخضرمي الأجهزة الأمنيّة الإسرائيلية إلى الخرطوم للقاء جعفر النميري هم: يعقوب نمرودي ودافيد كيمحي وآل شفايمر ورحافيه فاردي وهانك غرينسبان. وفوْر وصولهم إلى الخرطوم من نيروبي، اجتمعوا إلى الرئيس السوداني جعفر النميري. وأشار يعقوب نمرودي في مذكّراته إلى أنّ الهدف من هذه الزيارة كان إقامة علاقات اقتصاديّة بين إسرائيل والسودان. ووصف يعقوب نمرودي شعوره هو وشعور زملائه عند اجتماعهم إلى النميري بقوله: "كنّا وكأننا في حلم. كان من الصعب أن نصدّق أننا في السودان، في قصر أحد الحكام العرب المعروفين الذي كان يكرّر ترحابه بنا ويقدّم لنا الطعام، ويحدّثنا ويحضّنا على القيام بمشاريعَ مشتركة معه". وأضاف أنّ جعفر النميري أخبر ضيوفه الإسرائيليين بحاجته إلى المساعدة لتطوير اقتصاد بلاده، وأنه طلب إقامة علاقات اقتصادية مع إسرائيل بشكل دائم[28]. اجتماع النميري ويغآل يدين بعد عودة يعقوب نمرودي والوفد المرافق له إلى إسرائيل من الاجتماع إلى جعفر النميري، بادرت إسرائيل إلى عقد اجتماع رسمي وسرّي بين نائب رئيس الحكومة الإسرائيلية يغآل يدين ورئيس السودان جعفر النميري. وفعلاً عقد هذا الاجتماع بين النميري ويدين في نيويورك، وجرى في جوّ ودّي، وتم فيه وضع الأسس للتعاون بين إسرائيل والسودان في المستقبل[29]. اجتماع النميري وشارون
ونواصل
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
هل المؤتمر الوطنى السوداني بيتعامل مع إسرائيل بصورة غير رسمية | يحي ابن عوف | 04-28-12, 10:38 AM |
Re: هل المؤتمر الوطنى السوداني بيتعامل مع إسرائيل بصورة غير رسمية | يحي ابن عوف | 04-28-12, 11:39 AM |
Re: هل المؤتمر الوطنى السوداني بيتعامل مع إسرائيل بصورة غير رسمية | بدر الدين اسحاق احمد | 04-28-12, 01:39 PM |
Re: هل المؤتمر الوطنى السوداني بيتعامل مع إسرائيل بصورة غير رسمية | يحي ابن عوف | 04-28-12, 07:50 PM |
Re: هل المؤتمر الوطنى السوداني بيتعامل مع إسرائيل بصورة غير رسمية | يحي ابن عوف | 04-28-12, 08:31 PM |
Re: هل المؤتمر الوطنى السوداني بيتعامل مع إسرائيل بصورة غير رسمية | يحي ابن عوف | 04-28-12, 08:40 PM |
Re: هل المؤتمر الوطنى السوداني بيتعامل مع إسرائيل بصورة غير رسمية | يحي ابن عوف | 04-28-12, 09:06 PM |
Re: هل المؤتمر الوطنى السوداني بيتعامل مع إسرائيل بصورة غير رسمية | يحي ابن عوف | 04-29-12, 09:44 AM |
Re: هل المؤتمر الوطنى السوداني بيتعامل مع إسرائيل بصورة غير رسمية | يحي ابن عوف | 04-29-12, 09:55 AM |
Re: هل المؤتمر الوطنى السوداني بيتعامل مع إسرائيل بصورة غير رسمية | يحي ابن عوف | 04-29-12, 10:34 AM |
Re: هل المؤتمر الوطنى السوداني بيتعامل مع إسرائيل بصورة غير رسمية | يحي ابن عوف | 04-29-12, 10:45 AM |
Re: هل المؤتمر الوطنى السوداني بيتعامل مع إسرائيل بصورة غير رسمية | يحي ابن عوف | 04-29-12, 11:34 AM |
Re: هل المؤتمر الوطنى السوداني بيتعامل مع إسرائيل بصورة غير رسمية | يحي ابن عوف | 04-29-12, 08:34 PM |
Re: هل المؤتمر الوطنى السوداني بيتعامل مع إسرائيل بصورة غير رسمية | يحي ابن عوف | 04-29-12, 09:11 PM |
Re: هل المؤتمر الوطنى السوداني بيتعامل مع إسرائيل بصورة غير رسمية | يحي ابن عوف | 04-30-12, 07:48 AM |
Re: هل المؤتمر الوطنى السوداني بيتعامل مع إسرائيل بصورة غير رسمية | يحي ابن عوف | 04-30-12, 09:01 AM |
|
|
|