ياناس سودانيزاونلاين افتوني لوسمحتوا من هو الأديب او اديبة ؟

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-03-2024, 05:29 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة يحي ابن عوف(يحي ابن عوف)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
12-09-2011, 09:49 PM

يحي ابن عوف
<aيحي ابن عوف
تاريخ التسجيل: 05-25-2002
مجموع المشاركات: 6335

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ياناس سودانيزاونلاين افتوني لوسمحتوا من هو الأديب او اديبة ؟ (Re: يحي ابن عوف)

    Quote: ثقافة الذوق :

    يبدو أن هناك شيئا واحدا يمكن أن يميزها هو ما يسمى "الذوق"، وإذا ما أردنا أن نميز ثقافة الكاتب الأديب، بأنواعه الثلاثة المذكورة سابقا، عن غيرها من أنواع الثقافات الأخرى، كالثقافة العلمية، أي ثقافة العلماء بحصر المعنى، أو ثقافة رجال الاقتصاد أو السياسة، أو ثقافة الفيلسوف، فإننا يمكن أن نسميها"ثقافة الذوق" ولا مانع، بعد ذلك من أن تجتمع لديه، أو تطلب منه، كل أنواع الثقافة المذكورة سابقا: ثقافة الكاتب الأساسية والضرورية، هي ثقافة الذوق! ـ 2 ـ وبطيعة الحال، فإن الفنان، بحصر معناه كذلك، يشترك مع كاتبنا الأديب في هذه الثقافة،لكنه لا ينتمي إليها ولا يمارسها كما يمارسها كاتبنا، أعني بواسطة اللسان: بواسطة هذه اللغة يرتبط الكاتب الأديب مع أنواع أخرى من الكتاب ،إلا أنه عن طريقها يختلف عن الفنان، فالفنان، ولو في المسرح وفي السينما، لا يعتمد على اللسان اعتمادا كاملا وليس هو عالمه الوحيد. الأديب يستعمل اللغة،وتستعمله اللغة، بواسطة الذوق .
    لذلك سبق أن قلنا إن الأدب هو فن التعبير عن الذوق بواسطة اللسان، أي لغة المجتمع الذي ينتمي إليه الكاتب، بحيث يكون، مثلا، ما نسميه "الأدب المغربي"هو مختلف الفنون التي تعبر عن الذوق في المغرب، إنتاجا وترويجا، بواسطة لسان، أو ألسنة، أهل المغرب، على أن نفهم عبارة "فن"،في هذه الجملة، بمعناه الأولي، أي التقنية، التي نقصد بها الوسيلة الموصلة إلى غاية معنية، غاية مادية أو معنوية، وهي تقريبا ما كان يسميه القدماء بالصنعة، لكي لا تختلط لدينا بالمعنى الآخر للفن، كما في عبارة الفنون الجميلة، مثل الرسم والموسيقى، التي تستعمل " لغات" أخرى غير اللسان، لأن هذه الأخيرة بدورها تعبير عن الذوق، فما المقصود إذن بالذوق، والحال هذه؟ وبعبارة أخرى ، إنه لا مانع من أن نتحدث، منذ الآن ، عن الأديب والفنان، بصورة إجمالية، من خلال انتمائهما إلى نفس الثقافة،"ثقافة الذوق،"شريطة ألا ننسى الحدود بينهما، عندما يتطلب الأمر ذلك، ليس فقط بين الأديب والفنان، ولكن كذلك بين الأديب والأديب، فالشاعر ليس هو السارد ولا هو منظر الأدب ، كما أن النحات ليس هو الموسيقى ولا هو الممثل أو الرسام ، مثلا ولكن ثقافتهما، الأساسية مشتركة، ذات هدف واحد ومصدر واحد، أعني الذوق،كيفما كانت الاختلافات بينهم، تلك الاختلافات الموجود مثلها لدى العلماء كذلك إذ ليست العلوم المسماة "إنسانة" هي تلك المسماة "العلوم الحق"، والفروق كثيرة بين فروع كل واحدة منهما أيضا، بمعنى أن البيولوجيا، مثلا، ليست هي الفيزياء ولا الفيزياء، التي هي الصياغة الرياضية للعالم، في أبسط معانيها، هي الرياضيات ذاتها. ومن الآن، فصاعدا، يمكن أن نقصر"ثقافة الذوق" على الكاتب الأديب أو نجعلها تشمل الفنان، كما نشاء! غير أني ، من أجل بساطة ووضوح هذا البحث، سأركز حديثي عن هذا الذي أسميناه الكاتب الأديب ، أي عن الذوق في الأدب،موقتا، الأمر الذي لن يمنعني، و أنا أتكلم عن الذوق، من التفكير في الأديب وفي الفنان معا ، حين أستعمل كلمة"فن"، خاصة، التي يحلو للبعض أن يصف بها الأدب كذلك!

    · في معنى الذوق :

    قد نحتاج ، في تعريفنا للذوق ، وبالتالي لثقافة الذوق ، إلى أن نأخذ بعين الاعتبار ثلاثة أوجه أو مستويات للذوق وإلى أن نميز بينها : الذوق كحاسة- الذوق كملكة-الذوق كمنهج أو تفكير.سأكتفي بالمستويين الأولين لأنهما يفيان بالغرض الذي أتوخاه ـ 3 ـ:

    ا- الذوق كحاسة، مما يسمى"الحواس الخمس"لدى الإنسان والحيوان، على حد سواء، والحواس، كما يقال، خمس في العرف: البصر،والسمع، والشم،والذوق، واللمس، وهي كذلك ما يسمى ب"الحواس الظاهرة:، أي تلك التي مهمتها جعل الكائن الحي يدرك ما يطرأ على جسمه من تغيرات أو تأثيرات ، وهو يواجه أشياء العالم المحيط به ، أي انه تنشأ عن هذه الحواس قدرة إدراك عامة، هي التي نسميها الحس، وهو ، أي الحس، يرتبط كذلك بكل حاسة فيصير معناه الإدراك بإحدى الحواس الخمس، على أن نفهم من الإدراك المعرفة المرتبطة بهذه الحواس الخمس، فنحن نقول "المدارك الخمس"، بمعنى الحواس الخمس، كما نقول الإدراك السمعي، أو البصري، أي المرتبط بالسمع أو البصر، ما دام إدراكا مباشرا، أي يتم مباشرة بواسطة الحاسة التي يرتبط بها. إذن الذوق، على هذا المستوى اللغوي، والعلمي، حس، إدراك حسي بواسطته نتعرف على طعم الأشياء. و"الطعم، أو الأطعمة، ليس أكثر مما يدركه الذوق من طعام وشراب، كالحلاوة والمرارة والحموضة وما بينهما". نحن نعرف كذلك، أو يمكن أن نلاحظ بسهولة، وكما هو واضح في هذه الجملة، أنه يتعلق بما يؤكل ويشرب، بخصائص الطعام والشراب، كالحلو والمر والحامض وما بينها من خواص أخرى.وبعبارة أوضح إن الأمر يتعلق بخصائص الطعام والشراب كما يتعرف عليها الفم، خاصة بواسطة اللسان، إذن مركز الذوق، كما هو معلوم، هو الفم، بالخصوص اللسان.

    بقي أن نلاحظ أن الإنسان، على هذا المستوى، لا يختلف كثيرا عن الحيوان، لو أنه ظل مجر حيوان،وأن الذوق ، بواسطة اللسان، اللسان العضو، يلعب تقريبا نفس الدور سواء عند الإنسان أو الحيوان: إنه يجعلنا ندرك بعض الخصائص الحسية للأطعمة ويجعلنا، بالتالي،نصنف هذه الأطعمة ، نرتبها حسب معايير حسية معنية، وكذلك نفعل ، الحيوان ونحن ، بواسطة بقية الحواس الأخرى، وبمعايير حسية معينة، مع خصائص حسية أخرى .ومعنى هذا أن الذوق، مع المدارك الأخرى، وباعتباره إدراكا حسيا وتصنيفا أوليا للأشياء، أي لعلاقاتنا الحسية والمباشرة مع المحيط، هو المصدر الأساسي للذة والألم، التي نتعرف عليها بواسطة تلك الحواس، لكل ما نستطيب ونستقبح! يحتاج الأمر إلى دراسة عميقة وشاملة، قد تكون كذلك طريفة، لمعرفة كيف أصبحت بعض الحواس تنوب عن الأخرى وتختصرها في استقباح واستحسان خصائص الأشياء، أعني السمع والبصر واللسان ، غير أن الأطرف من ذلك هو أن نبحث في الكيفية التي أدت إلى أن أصبح الذوق ينوب عن كل هذه الحواس مجتمعة، الظاهرة منها أو الباطنية، أي الحسية والمعنوية ، بمعنى كيف أعطت اللغة، أو الثقافة، هذه المهمة، مهمة التعبير عما نستحسن ونستقبح، للذوق وحده: كيف يرتبط اللسان، اللغة، باللسان، الفم! إنني لا أعني بهذا، ومن باب التمثيل والتبسيط ، كيف صار اللسان، بمعناه الأصلي، أداتنا لتخزين العالم وتقطيعه فقط، ولا كيف أصبح الفم، باللسان أو بدونه، مركزا للتعبير عن أعمق وأوثق ما في الإنسان، كما هو الشأن ، من باب التمثيل كذلك، بالنسبة لبعض الحركات البسيطة التي يقوم بها الإنسان، مثل القبلة التي نختصر بواسطتها كل وجداننا ونصنف عن طريقها الناس إلى نصفين :أولائك الذين نقبلهم وأولئك الذين لا يستحقون، أو لا يجوز بشأنهم التقبيل، فان مادة "قبل"، في القواميس، لتحيلنا على عالم بأكمله، فيه القبل، القصد ،والقبل، ضد دبر، والقبل، الطاقة ، والقبلة،اللثمة، والقبلة، الجهة، والقبلة، لدفع العين وجلب المحبة ، والقبول، الرضي والميل، والقبيل، الجيل والجماعة والأتباع، والقبيلة ، الجماعة ممن ينتسبون إلى أب أو جد واحد، الخ…عالم متكامل من علاقات الترابط والقربى والتكافل والانسجام كلها تمر عبر علاقات بالفم وتترجم بواسطته، وكان الفم مرادف للدم هاهنا أو لشيء شبيه بالطوطم!

    ولكن ما علينا من هذا ولنتركه إلى القبيلة والحيوان وتراجمة الأشواق والمحبة فما يهمنا فيه غير الاستحسان والاستقباح، أي ما فيه من علاقة مع الذوق الذي يعنينا الآن في علاقته مع الأدب، بصفته خاصة، ومع الفن، بصفة عامة، وبعبارة أخرى، إن ما نسميه الذوق، على هذا المستوى الأخير، وكيفما كانت علاقته بالمستوى الأول، الطبيعي، قد أصبح يعني شيئا آخر تماما، هو ما نسميه الذوق في علاقته بالفن أو الذوق كملكة جمالية، وليس فقط كحاسة، وينبغي، من الآن فصاعدا، ألا نفهم الذوق، في هذا البحث، بغير هذا المعنى، فما هو الذوق على هذا المستوى؟

    .الذوق كملكة جمالية

    الذوق كملكة، وليس كمجرد حاسة، من إنتاج الثقافة، لا الحيوانية، كيفما كانت علاقته مع هذه الحيوانية، أعني أنه شيء يخص الإنسان وحده، ولا يشترك فيه مع الحيوان، على عكس ما عليه الأمر في الذوق كحاسة. فالذوق، على هذا المستوى، هو الملكة، أو القدرة الخاصة، التي يملكها الإنسان، لإنتاج الجمال أو تلقيه، لخلقه أو تذوقه، للاستحسان أو الاستقباح، بدون تغليب لأي عنصر خارجي، مثل الأخلاق! موضوع الذوق، ومادته، وقصده الجمال، فما هو الجمال؟

    مفهوم الجمال:

    يمكن أن نختصر الجواب فنقول: الجمال هو كل ما ينتجه الإنسان، أو فقط يطلبه، خارج دائرة المنفعة أو الغرض، بمعنى كل شيء يخلق، أو يراد، لذاته، بدون أن يكون الهدف منه تلبية حاجة، من تلك الحاجات الأولية لدينا، كالمنفعة المادية، أو الاقتصادية ( لاستهلاك) أو ما هو ضروري للمحافظة على النوع والبقاء( الأكل والشرب والجنس) أو المصالح الاجتماعية( الوجاهة والجاه) أو الاستهلاكية ( الدعاية والإشهار) وغيرها من المنافع، والمصالح، سواء كانت فطرية أو مكتسبة بفضل الحضارة والتقدم. إن أبسط أنواع التعبير عن هذا المفهوم للجمال، أو أولى تجلياته، في التاريخ البشري، هي تلك الأشياء، أو الوظائف، التي أضافها الإنسان إلى الحاجة، أو الضرورة، كل ما هو " زائد" أو فائض، من منظور تلك الحاجة أو الضرورة، مثل النقوش والرسوم، والأشكال، التي نضيفها إلى الأواني، مثلا، والملابس، والبيوت، طبخ الطعام وتقديمه بأشكال معينة، فهذه الأشياء ليست مرتبطة، ضرورة، بالغرض، أو الحاجة، ليست إلزامية للوظائف الأصلية، أو الأولية، ولا لتحقيقها وإشباعها، الخ...كما أننا عندما نغير هذه الوظيفة الأصلية، كأن نجعل من إناء حليب مزهرية، نكون في مجال جمال، نظيف إلى ذلك الإناء وظيفة جمالية. ولقد استطاع الإنسان أن يخطو الخطوة الحاسمة في خلق الجمال، والتمتع به، عندما بدأ ينتج أشياء خالية تماما، أو تكاد، وعلى الأقل من ناحية القصد والنية، من تلك الأغراض والحاجات، للزينة فقط، لمتعة البصر أو السمع، للتذوق وحده. فلقد نشأ الفن والأدب لغاية جديدة، وبملكة حولت عن وظيفتها الأولية، كحاسة، أي بواسطة الذوق: إنتاج المتعة والاستمتاع، كما تتجلى في النصوص الأدبية، بدءا بالأسطورة، وفي مختلف الفنون الأخرى، من عمارة، ونحت، وموسيقى، ورسم، وغيرها. وإن كانت الكثير من هذه الفنون قد اقترنت بالدين، أو حوربت من طرفه، فبسبب هذا الجمال ذاته، بسبب سحره وفتنته، حيت قد يضاهي الجليل، موضوع الدين، وقد يلتقي ويتعاون معه، ولكن، وفي جميع الأحوال، لا يخرج، في أصليته، عن التوجه، من الذوق وإليه، من دون طلب غرض أو حاجة! هكذا نشأ الفن، في الأصل، والأدب على الخصوص، إرضاء لحاجات إضافية، زائدة عن الحاجات الأولية، نشأ كصنعة، قد تمارس مع صناعات أخرى، مرتبطة بأغراض أو منافع، أو كصناعة تمارس وحدها، بحيت نستطيع أن نميزها كصناعة مختلفة، فريدة، ومستقلة، فنقول: هذا شعر، هذا رسم، هذا غناء، أو رقص، الخ...ولا ينبغي أن ننسى أن حتى الشعراء، مثلا، الذين كانوا يوظفون شعرهم في المديح أو غير كانوا، في نفس الوقت، يتنافسون حول من يكتب أجمل قصيدة! والأمر الأساسي، من هذه الزاوية، أي زاوية ثقافة الأديب، أو الفنان، هو هذه الصنعة نفسها التي لا يمكن أن تتعلم خارج " المعمل"، أو " المختبر"، الخاص بها، فأنا لا أستطيع تعلم الرقص، البالي أو الفلامنكو، مثلا، كفن قائم الذات، ويتطلب إتقانا كبيرا، إلا في " مدرسة" هذا الفن، أو في " مختبره"، ولا أحد اليوم بمقدوره أن يكتسب مهارة فن تشكيلي، خارج " المتحف" ،أو فن الموسيقى، خارج" المعهد"، أي بدون أن يكتسب تلك الصنعة من أهلها، وأن "يتتلمذ" عليهم، بشكل مباشر أو غير مباشر، إلى أن يصبح قادرا على الاستقلال عنهم، أهلا لممارسة " المهنة" بما يكفي من المهارة والحذق والخبرة، بحيت يصبح واحدا منهم، من صناع الذوق!

    حينئذ يصبح الذوق لدى المرء ثقافته الخاصة، وعيه وخبرته ومهارته، لكنه لا يكتسبه إلا من ثقافة الذوق، أي من أهل الصنعة وإنتاجهم، ولو أن التلمذة المباشرة على "معلم" بعينه ليست ضرورية، فالمهم هو اكتساب الذوق كثقافة ومهارة أو خبرة من "المدرسة"، بمعناها الواسع، أي بالمعنى الذي نستطيع به القول عن المتحف مثلا إنه مدرسة. ولذلك فإن ثقافة الذوق لدي الكاتب الأديب بدوره لا يمكن أن تأتيه من خارج هذه "المدرسة "، مدرسة النصوص الأدبية، وليس بمقدور ناقد أو شاعر أو سارد أن يكون كاتبا أديبا حقا خارج هذه المدرسة، سيكون أي شيء إلا كاتبا أديبا لأن ثقافة الذوق تنقصه، الثقافة الأولية، أو الضرورية، غائبة من تكوينه ولا يمكن لأي علم، من علوم الأدب أو غيرها، أن يعوض هذا النقص ليجعل منه كاتبا أديبا، كما لو أن بإمكاني أن أقرأ نظرية، في الرواية مثلا، لأكون قادرا على كتابة رواية أو ليصبح في إمكاني أن أكتب نقدا أدبيا عن الرواية من غير أن أكون قارئا للرواية! وقد يعتبر البعض أن هذا الكلام كله، إذا صح شيء منه، لا يصح إلا على الكاتب، بمعنى الشاعر والسارد، في هذا السياق، ولا علاقة له بالناقد أو الدارس لأن النقد أصبح علما ولأن العديد من العلوم قد أصبح يمد الناقد بما يشاء من وسائل المقاربة والدراسة، والكثير منها شامل ومحيط ودقيق يوفر لصاحبه ما يكفي من دراية ومهارة لا يمكن أن يصمد في وجهها أي نص أدبي كيفما كان إلى درجة أن كاتب هذه الكلمات قد يبدو، من هذه الناحية، تقليديا ومتخلفا عن الوقت. والواقع أن كلامنا هذا قد يهم الكاتب الناقد أكثر مما يهم الكاتب الأديب، السارد أو الشارع، لأسباب قد تعمل عناصر كثيرة على إخفائها في الوقت الراهن على ثقافتنا التي تجري بكل ما لديها من طاقة من لأجل الانخراط في الحداثة ،فهما وتوظيفا:

    -الأديب، بفعل صنعته أو طبعه، ميال أكثر إلى قراءة النصوص الأدبية، ومنطلقه الأساسي هو أن يخرج منها، من معطف النوع الذي يكتب فيه ، وإن كانت الموضة، أو المهنة ، تهدده بغير ذلك، بينما الناقد ميال أكثر إلى قراءة العلوم وما يستجد فيها، بسبب طبيعة ممارسته التي تتطلب نوعا من الإقناع العلمي !

    -لا يمكن أن يلوم أحد أديبا لأنه لا يعرف آخر ما استجد في العلوم، ولا حتى في النوع أو الجنس الذي يكتب فيه، بينما يستحيل أن نتصور ناقدا يكتب عن الشعر، مثلا، وهو لا يعرف منه إلا ما قل ودل!

    -إن الذوق ليس فقط ملكة لإنتاج الجميل وتذوقه، ولكن لفهمه، وإلا فلنتصور "عالما سينمائيا" يكتب عن السينما وهو لم يشاهد أهم الأفلام السينمائية،تسمية "العالم" نفسها ستكون مفارقة أو دعابة! بهذا المعنى يمكن القول إن الذوق، بالإضافة إلى كونه حاسة وملكة، منهج كذلك، أي رؤية للكون، هو منهج الناقد، حيث ترتبط تلك الرؤية بإجراءات وأدوات، هو بصيرة الكاتب، كما هو بصيرة المتلقي، هو الأساس، والباقي كله ينضاف إليه ليكمله ويقويه، وليس لينوب عنه أو يهمشه!

    ـ في كل نوع أدبي، أو فني، شيء من " العلم"، لا بمعنى الصنعة، والرؤية، و المنهج، الذي أشرنا إليه من قبل، ولكن بالمعنى " المبتذل"، أي ذل العلم الذي يبرع فيه صانعو المستنسخات، مثل بعض كتاب Les best sellers وبعض كتاب الرواية البوليسية أو " صحافة القلب"، أو " الرصيف"، والعديد من صناع الأغاني وكلماتها، وفئة لا بأس بها من " منظري الكلام"، غير أن هذه " العلوم"، أو " الصنائع" خالية من الإبداع، وأبعد ما تكون عنه، كما يمكن تعريفه في أبسط صوره: إنتاج شيء جديد، نسبيا، أي جميل، مما هو موجود أو سائد!

    وعلى كل حال، يكفينا من كل ما سبق القول، و من باب الخلاصة أو التذكير، إن الأدب هو حرفة التعبير عن الذوق، وصناعته، عن طريق اللسان، بينما الفنون الأخرى كل واحد منها يعبر عنه، أو يصنعه، عن طريق لغته الخاصة، لكنها جميعها، الفنون و الآداب، تلتقي في مهمة صناعة الذوق هذه التي لا تطلب، على الأقل كهدف أول، سوى إنتاج الجميل! من هنا أهمية اللغة، في هذا الموضوع: كيف تستغل اللغة في الأدب، وفي كل فن من فنونه، لتعبر عن الذوق وتنتج الجمال، هل تظل وظيفتها هي التواصل، وكيف ترتب الوظائف الأخرى، الجمالية والتعبيرية؟ كيف نعبر عن الذوق نحن هنا في المغرب وكيف نطوره عن طريق هذه اللغة والأدب؟ أية لغة نستعمل، أو ينبغي أن نستعمل، أية مستويات لغوية وأية سجلات؟ الخ...ـ 3 ـ يحتاج الأمر إلى دراسات أخرى، فلنعد الآن إلى السؤال الذي توخينا توضيحه في بداية هذا البحث: من هو الكاتب، ذلك الذي نسميه كذلك الأديب، بصفة عامة، أو نخصصه فنقول الشاعر أ و الروائي أو الناقد؟إنه كل من يساهم، عن طريق لسان ثقافته، في التعبير عن الذوق وإنتاج الجمال، سواء كان دارسا، ناقدا، أو ساردا، أو شاعرا! أما الأدب فهو صناعة الذوق عن طريق اللسان ذاته!

    ونحن عندما نقول إن ثقافة الأديب، الأساسية والضرورية، هي ثقافة الذوق لا نعني أكثر من أنه يستمد، رؤيته، وبصيرته، أو حدسه، وصنعته من هذه الثقافة وأنه، كيفما كانت أهمية المجالات الثقافية الأخرى، فإنها لا يمكن أن تكون إلا مساعدة بينما لا يستطيع أن يلج عالم الجمال إلا من ثقافة الذوق وصناعته، وهذه من الصعوبة، والدقة الحرفية، بحيث يصعب عليه، إلا في ما ندر، أن يتقن أكثر من نوع منها!

    ومعنى ذلك أننا لا نخرجه لا من دائرة " الثقافة النضالية"، التي هي ثقافة السياسيين والنقابيين، بحصر المعنى، ولا من " ثقافة الوعي"، التي يشترك فيها مع الكثيرين، ولا من " ثقافة الأخلاق والالتزام"، التي تجب عليه كمواطن، و لا نحكم على هذه أو تلك بالدونية أو اللاجدوى، فإننا لا نقوم بتحليل أخلاقي، أو ديني، أو قيمي، ولكن نسعى إلى تمييز الوظائف بعضها عن بعض حتى لو كانت متداخلة أو قابلة للتداخل فيما بينها!

    وهكذا فإن الأديب، وكأي صانع آخر، لا يمكنه أن ينسى صنعته، وخصوصياتها، أو يعوضها، أو يبرر عيوبها من خارجها، ونحن، في هذه الحالة، لا نطلب من أديب ، أو ننتظر منه، أكثر مما ننتظره من موسيقي، أو نحات، أو رسام، أو مصور ، ولا أكثر مما نطلبه من عداء، أو لاعب كرة قدم، أو من نجار، أو بناء: المهارة والإتقان في العمل الغاص به، ويمكنه، مع هذا العمل، إذا شاء، أو استطاع، أن يمارس كل ما يريد من الأعمال الأخرى بإتقان ومهارة أو بدونهما!

    لهذا نؤكد، في النهاية، على أن كاتب الأدب أديب، سواء كان ساردا أو شاعرا أو دارسا، وأن الأدب هو صناعة الذوق، وأن الذوق ينتج الجمال، وأن ذلك يتم، بداهة، في الأدب، بواسطة اللسان، لسان ثقافة الكاتب!

                  

العنوان الكاتب Date
ياناس سودانيزاونلاين افتوني لوسمحتوا من هو الأديب او اديبة ؟ يحي ابن عوف12-03-11, 03:24 AM
  Re: ياناس سودانيزاونلاين افتوني لوسمحتوا من هو الأديب او اديبة ؟ يحي ابن عوف12-03-11, 06:01 AM
    Re: ياناس سودانيزاونلاين افتوني لوسمحتوا من هو الأديب او اديبة ؟ محمد البشرى الخضر12-03-11, 07:44 AM
      Re: ياناس سودانيزاونلاين افتوني لوسمحتوا من هو الأديب او اديبة ؟ يحي ابن عوف12-03-11, 08:05 AM
        Re: ياناس سودانيزاونلاين افتوني لوسمحتوا من هو الأديب او اديبة ؟ ابو جهينة12-03-11, 08:17 AM
          Re: ياناس سودانيزاونلاين افتوني لوسمحتوا من هو الأديب او اديبة ؟ يحي ابن عوف12-03-11, 09:31 AM
            Re: ياناس سودانيزاونلاين افتوني لوسمحتوا من هو الأديب او اديبة ؟ طارق جبريل12-03-11, 12:53 PM
              Re: ياناس سودانيزاونلاين افتوني لوسمحتوا من هو الأديب او اديبة ؟ يحي ابن عوف12-03-11, 09:26 PM
            Re: ياناس سودانيزاونلاين افتوني لوسمحتوا من هو الأديب او اديبة ؟ يحي ابن عوف12-03-11, 08:14 PM
              Re: ياناس سودانيزاونلاين افتوني لوسمحتوا من هو الأديب او اديبة ؟ اسماء الجنيد12-03-11, 09:44 PM
                Re: ياناس سودانيزاونلاين افتوني لوسمحتوا من هو الأديب او اديبة ؟ يحي ابن عوف12-03-11, 10:26 PM
                  Re: ياناس سودانيزاونلاين افتوني لوسمحتوا من هو الأديب او اديبة ؟ اسماء الجنيد12-03-11, 11:57 PM
                    Re: ياناس سودانيزاونلاين افتوني لوسمحتوا من هو الأديب او اديبة ؟ Safa Fagiri12-04-11, 07:29 AM
                      Re: ياناس سودانيزاونلاين افتوني لوسمحتوا من هو الأديب او اديبة ؟ يحي ابن عوف12-04-11, 10:06 AM
                        Re: ياناس سودانيزاونلاين افتوني لوسمحتوا من هو الأديب او اديبة ؟ يحي ابن عوف12-04-11, 10:51 AM
                          Re: ياناس سودانيزاونلاين افتوني لوسمحتوا من هو الأديب او اديبة ؟ صلاح أبودية12-04-11, 12:04 PM
                            Re: ياناس سودانيزاونلاين افتوني لوسمحتوا من هو الأديب او اديبة ؟ عزام حسن فرح12-04-11, 02:13 PM
                              Re: ياناس سودانيزاونلاين افتوني لوسمحتوا من هو الأديب او اديبة ؟ يحي ابن عوف12-04-11, 09:54 PM
                                Re: ياناس سودانيزاونلاين افتوني لوسمحتوا من هو الأديب او اديبة ؟ يحي ابن عوف12-04-11, 10:05 PM
                                  Re: ياناس سودانيزاونلاين افتوني لوسمحتوا من هو الأديب او اديبة ؟ يحي ابن عوف12-05-11, 06:27 AM
                                    Re: ياناس سودانيزاونلاين افتوني لوسمحتوا من هو الأديب او اديبة ؟ يحي ابن عوف12-09-11, 09:39 PM
                                      Re: ياناس سودانيزاونلاين افتوني لوسمحتوا من هو الأديب او اديبة ؟ يحي ابن عوف12-09-11, 09:49 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de