|
Re: اليوم الاربعاء14مارس صدرت ظلال التبلدي جريدة الخرطوم حافلة بالكثير من المواضيع والأخبار (Re: ghariba)
|
Quote: الحمرة أم سرايح
الحمرة هي قرية تقع جنوب كادقلي عاصمة ولاية جنوب كردفان .تبعد عنها حوالي 17 كيلومتر. إن منطقة جنوب كردفان تحمل بين طياتها الكثير من المتناقضات . الحمرة تقطنها قبيلة الرواوقة إحدي قبائل الحوازمة , كمنطقة مصيف للرعاة ومخرف لمن يزاول الزراعة منهم . تصاهرت هذه القبيلة مع من حولها من قبائل جبال النوبة وتعايشت علي مر العصور بموجب أحلاف وتعهدات بين زعماء القبائل , وأصبحت نموذج حي يعكس التلاقح الثقافي والتصاهر الأثني بل وهنالك بطن من بطون الرواوقة يقال لهم أولاد نوبة. فقبائل الرواوقة اشتهرت بفن الصراع ( المصارعة ) الذي هو في الأساس من موروث قبائل النوبة , وأخذ عنهم النوبة حياة الرعي المتجول إذ ينزحون في موسم الخريف حتي تخوم شمال كردفان خاصة قبائل المورو وأخذوا من العادات النقارة وإيقاعاتها المختلفة باختلاف الحدث فهنالك إيقاع للفرح وآخر للفزعة وهكذا دواليك .وأخذ الحوازمة أسماء النوبة وسموا كوكو وتية وبالمثل سمي النوبة أبنائهم تاور والصديق . كانت منطقة آمنة بحق وحقيقة نعبرها ونحن راجلون ( في موسم الأمطار ) إذ تتقطع بنا الطرق , قادمون من مدينة تلودي او ذاهبون إليها ولا نحمل في أيادينا سوي عصي قد لا تقوي حتي علي هش الغنم . وعلي طول الطريق كنا نمر بقبائل متنوعة من النوبة مثل : كرنقو المساكين ,المساكين الطوال والقصار ,المورو ,طجو, عطورو , تيرة وهذا علي سبيل المثال . وكنا لا نحمل زوادة ولا هما علي مأكل او مأوي فمتي غابت الشمس في أي حلة كان عشانا ومأوانا . كان ذلك حتي أوائل الثمانينات . ولا أحد كان يتصور أن يتعكر هذا التصاهر والرابط الإجتماعي الذي كان سائدا . والواقع الآن يقول أن قبائل الحوازمة علي وجه الخصوص وجميع القبائل الغير نوبية بجنوب كردفان أصبحوا بين المطرقة والسندان , فلن يغفر لهم وإن انخرط أبنائهم في المؤتمر الوطني وقد كان , ولن يغفر لهم وإن استجاروا بالرمضاء من النار وذلك بانخراطهم في الحركة وقد كان فما الحل ؟ . المسألة اليوم في اعتقادي أكبر من الانتماء لهذا الحزب او ذاك .هذه الحركة أو تلك , وإنما هي اليوم نتاج طبيعي لصراع خفي تلعب فيه القوي الدولية نصيب الأسد وعواملها في هذه اللعبة هي الأثنية والمعتقد التي جسدتها حكومة الإنقاذ وجعلت المناخ خصبا لتزكية نار الفتنة . ونحن كمثقفين من أبناء تلك المنطقة نوبة كنا او غير نوبة ,لا نبرئ أنفسنا من المساهمة علي زيادة الفجوة والسبب أننا نرجو النجاة ولم ا نسلك مسالكها. اشتعلت الحرب الأهلية فكان وقودها أبناء المنطقة من الجهتين ,وضعت الحرب أوزارها ولكن ما بالنفوس كامن ولم نتحرك قيد أنملة لراب الصدع, بل أصبحنا مكان استقطاب بين هذا وذاك . ينطبق علينا المثل " جيتك يا عبد المعين تعين لقيتك يا عبد المعين تعان" فقبل الحديث عن قيام جسم كردفاني مطلبيا كان او غيره كان الأحري بنا أن نعكف علي إذابة الجليد علي غرار جلد الذات وتقريب الفجوة بالتمسك بوجهات النظر المتقاربة وإزالة الشوائب مما تباعدت رؤاهم , ودراسة أوجه التباين بين شمال كردفان وجنوبها ,فالكل ينشد السلام والإستقرار والعدل , والكل يحن لتلك الأيام الآمنة. معذرة قد يكون حديثي هذا بمثابة نثر ولكن لا زال الوقت أمامنا . نري اليوم غياب تام لأخواننا النوبة عن أي منبر يناقش قضايا كل كردفان شمالها وجنوبها معا .فلا أحد يمنعنا أن نقيم مؤتمرا جامعا لجميع ابناء كردفان شمالها وجنوبها في الداخل بأي شكل كان وباختلاف ألوانهم ما دام الهدف السامي هو أمان واستقرار كردفان . يناقش فيه مستقبل المنطقة ومكانتها بين سطور الأتفاقيات التي ابرمت . فما الأفضل أن تكون كردفان متوحدة قوية وتزايد في نيل مطالبها أي الطرفين يحقق لها العدالة؟ . أم الركون للإستقطاب بين جحا وأخيه ومساميرهما المغروزة بجنوب كردفان ؟ أكاد اسمع أنين جنوب كردفان بين تيار يري في الحركة منفذ ومخرج من حياة الذل والهوان وآخر يري أن المؤتمر الوطني أقرب. فالحركة بجنوب كردفان عبارة عن طرورة تتجاذبها أمواج إثنية وعقدية من جناح مسيحي يري فى الأنفصال رحمة وجناح غير مسيحي اكتفي بما ذاقه من ذل من الحركة أثناء الحرب وبعدها . وهذا الشاطر وذاك المشطور فما الطازج ؟ والحال هكذا و أنتم أبناء كردفان منهمكون بمن كاد ونسيتم من يكيد . وعلنا بأقلامنا المتجردة نسهم وهذا أضعف الأيمان . وإليك هذه القصاصة : "كان العالم الجليل طاووس رضي الله عنه يعمل كاتبا لأبي جعفر المنصور الخليفة العباسي , وذات يوم قال له أبو جعفر المنصور : ناولني هذه الدواة (المحبرة) يا طاووس لأكتب بها . فقال طاووس : خذها أنت بيدك فقال ابو جعفر المنصور : ولم لا تناولني إياها ؟. قال طاووس : يا ابا جعفر أخشي أن أناولك إياها فتكتب شيئا تظلم به أحد عباد الله فأكون شريكا لك في العذاب يوم القيامة. أنظر كيف كان الصحابة رضي الله عنهم يخافون حتي من الكتابة خشية أن تظلم أحدا. بينما نحن اليوم إن طلب تاور بندقية من سيد أحمد أو حمزة أخو العباس أعطياه ومعها الذخيرة وهما يعلمان أن تاور ليس في رحلة صيد أو نزهة .
حسن أبراهيم حسين - الرياض
|
|
|
|
|
|
|