|
اضغاث السنسميليا5 ..تاريخ العنف
|
أضغاث السنسميليا( 5) تأريخ العنف
جلس ابى فى مقعده الثابت ورائى ،و انا فى تسارعى اكيد مؤامرة الموت للمارة و السائقين من حولى ، مندفعا بسيارة من الغضب و الرعب متخطيا الأشارات و الخطوط المنمقة التى تؤطر الأسفلت و تحشده بهيئة العدالة العمياء، امرأتى فى المقعد الذى يلينى الى اليمين و ذاكرتى الوسطى ، تنظرنى فى تحد سافر و غضب ،عيناها مثبتتان على جانب وجهى الأيمن تتحدران على مسارب الدمع فيه ، تنظرانى بتحد يستنفر دمائى..قطرة..قطرة ، تحد و لؤم يستفزنى و ينكأ فى قلبى جراح القمر و الجوهرة الميتة الملقاة على سطحه... التقت عيناى و ابى فى المرآة التى تواجهنى ، غمزنى ...اصفعها...تقول ابتسامته الماكرة ، هممت بها..و همت بى ، رايت و انا فى مغامرتى المجنونة ، يدى تطوح فى الهواء ، و كلمة نابية تتبعها تقف بعناد على مشارف شفتى تهم بالأنزلاق و السقوط فى متاهة العجزو الأفلاس ... صعد( اوباما) امام حشود سجناء الأمل مثل خيط من الدهشة المتبرجة ، توقف هنيهة و صمت فى سكوته ، تأمل وجهى فى صمته الباهت .. ابتدر حيرتى ، و سكوتى و غضبى و نزقى ، غمزنى بعينه اليسرى فى بطء سينمائى ....ابى لماذا تخليت عنا؟؟؟؟ ابتسم ، اشاح بوجهه المنتصر فأحتقن وجودى بهدير العواطف و عصف الأبواق ، من خلفى و من امامى و من حولى ، ارتبكت ( آمنه) فى دواخلى و علت وجهها حمرة الشفق و الرأفة ، و الحنان فألقمتنى ثديها البكر و أحتوتنى فى أطواء ثوبها ، ثوبها الذى تنفست رائحة روحى فى مظانه ، قامت تدثرنى و انا ذائب فى اغشاءة النبأ الطيب ، تمسح فى رفقها جبينى الذى تفصد بعرق الوحى ، تسبل غطاءها على مهجتى تذود عنى لظى الهاجرة و افواج جائح الذباب ، و انا اهوى فى مزالق النعاس و مدارج الصمت و كلمة نابية واحدة فى حيرتها تهم بالسقوط من على شفتى على جوهرة القمر الميتة. 2 كان دمعا من الكحول يتصاعد من عينى لينتفى فى الفراغ ، دمع زجاجى رقيق ، له هيئة الموسى ووقع انسحابها على حواف العيون ، يجف قبل ان يتحدر على صفحة وجهى اليمنى . على حافة السرير استلقى و اختنا الصغرى قابضة على امنياتها البالية ، مستسلمة الى اقدار الكرى ووحشة الظنون ، و انا انظر من فرجة فى الثوب ، الثوب الذى يعبق برائحتها ، رائحة امى و ملامحها الحفية ، ساكنا ارقب شبحين فى الظلمة ، شبح يوشك على ابتلاع الآخر ، تتواتر الأشباح فى الظلمة ،رايتها تغو ص فى دمعها اللزج المتحدر من اتون حصارها الأبدى ، تهمس رعبها البائن همسا يوشك قلبى المتسارع ان ينقبض من حرقته و بؤسه و عجز حيلته ، يوشك ان ينفطر من بؤسى و عجزى و انهزامى ..كنت اشهد لهاث الكون و انكفاءه ..كم وددت حينها الأختباء فى شجرة القمرالمضىء مثل جوهرة ميتة مثبتة فى فراغ جمجمة ( ميدوسا).. همس يلاحقنى ، همس كائن جريح، يسيل منها غصبا ، تغطى فمها بيديها فكأنما تخاف من فتنة الحزن ان تتيقظ ، سرى الخوف و تصاعد مثل دخان و تلاشى قبل ان يقشعر جلدى ، التوى لسانى بتوسل عليل لم بتجاوز حدود خاطرة عابرة ، ثم ادركنى النعاس ، و استحكمت على اجفانى مزاليجه العصية فأضحت الرؤية فى صلابة الرصاص و ثقله ، تردد صدى الصفعة و كلمة نابية فى اثرها ، حوم الصدى حول اهدابى المنطفئة برهة قبل ان اخلد الى مشهد الوقر الذى استباح اذنى و استقر على عصبى مثل جوهرة ميتة. انجلت الظلمة و انا غائب فى فضاء امنيات اختنا البالية ، صحوت على صوت بسملة و حوقلة و دعاء هامس من التبكيت ، و توسل ذليل مكابر و بكاء ، بكاء يحمل فى اطواءه التراب، بكاء من دمع الكحول و الأثير و الجواهر الميتة.
3
جلس ابى و الكوب ممتلىء بالشاى الى نهده ، ينشد فى سكون ، لا تملأ الدلو وغرض فيها ... فإن دون ملئها يكفيها ، جلس ابى يؤثر فى حبال ( العنقريب) و امنيات اختنا البالية ، و المساء يقترب حثيثا بظلاله الرطبة ، هبت على وجهه اغنية نافذة موحشة ، اغنية تشبه أغنيات ( آمنة) و هى تتعثر فى دمعها اللزج ، اغنية يخشاها ابى حتى تحجب عنه وهج الصحو العاثر و القلق ، برزت عروق عنقه و تضخمت ، فعض على شفته السفلى من مرارة فكان كانما يعض عل حنظلة ، اعتكرت عيناه , فصر صوت الحبال تحت عزم قبضته ، و صرخت امنيات اختنا البالية من يأس و حرقة ، نبت جدى من تحت التراب المبلل بماء الوضوء , و صفع جدتى على وجهها ، قامت تعد الشاى فما امتلأ الكوب الى نهده ، غطت فاها بيدها و سكنت الى اكفانها، اشتد اوار الغناء فهمت امرأتى بالرحيل الى مفازة الجحيم و هممت أنا بالزحف فوق الحصى الساخن الى ( آمنة) ، انسد الأفق فى وجهى ووجهها ..توتر الحبل و تقمص الوجود هيئة جوهرة ميتة..و قال ابى... لماذا تخليت عنا؟؟
تاج السر الملك
|
|
|
|
|
|
|
|
|