|
Re: ذكـرى الرسـول العـربـي ... ميشـيل عفلـق (Re: حسين يوسف احمد)
|
الاسلام تجربة واستعداد دائم :
ايها السادة :
إن حركة الاسلام المتمثلة فى حياة الرسول الكريم ليست بالنسبة الى العرب حادثاً تاريخياً فحسب، تفسر بالزمان والمكان، وبالاسباب والنتائج، بل انها لعمقها وعنفها واتساعها ترتبط أرتباطاً مباشراً بحياة العرب المطلقة، اي انها صورة صادقة ورمزكامل خالد لطبيعة النفس العربية وممكناتها الغنية واتجاهها الأصيل فيصح لذلك اعتبارها ممكنة التجدد دوماً في روحها. لا في شكلها وحروفها. فالاسلام هو الهزة الحيويه التي تحرك كامن القوى في الامة العربية فتجيش بالحياة الحارة، جارفة سدود التقليد وقيود الإصطلاح. مرجعة اتصالها مرة جديدة بمعاني الكون العميقة، ويأخذها العجب والحماسة فتنشىء تعبر عن اعجابها وحماستها بالفاظ جديدة واعمال مجيدة، ولا تعود من نشوتها قادرة على التزام حدودها الذاتية، فتفيض على الأمم الأخرى فكراً وعملاً، وتبلغ هكذا الشمول. فالعرب عرفوا بواسطة هذه التجربة الأخلاقية العصيبة كيف يتمردون على واقعهم وينقسمون على انفسهم، في سبيل تجاوزها الى مرحلة يحققون بها وحدة عليا، وبلوا فيها نفوسهم ليستكشفوا ا ممكناتها ويعززوا فضائلها. وكل ما اثمر الاسلام فيما بعد من فتوح وحضارات انما كان فى حالة البذور فى السنوات العشرين الاولى من البعثة، فقبل ان يفتح العرب الأرض فتحوا انفسهم وسبروا اغوارها وخبروا دخائلها، وقبل ان يحكموا الامم حكموا ذواتهم وسيطروا على شهواتهم وملكوا ارادتهم. ولم تكن العلوم التى انشأوها والفنون التي ابدعوها والعمران الذى رفعوه، الا تحقيقا ماديا جزئيا قاصرا لحلم قوي كلي عاشوه فى تلك السنوات بكل جوارحهم والا رجعا خافتا لصدى ذلك الصوت السماوي الذى سمعوه وظلا باهتا لتلك الرؤى الساحرة التي لمحوها يوم كانت الملائكة تحارب في صفوفهم، والجنة تلمع من بين سيوفهم.
هذه التجربة ليست حادثا تاريخيا يذكر للعبرة والفخر، بل هي استعداد دائم في الامة العربية - اذا فهم الاسلام على حقيقته- لكي تهب في كل وقت تسيطر فيه المادة على الروح، والمظهر على الجوهر، فتنقسم على نفسها لتصل الى الوحدة العليا والانسجام السليم، وهى تجربة لتقوية اخلاقها كلما لانت وتعميق نفوسها كلما طفت على السطح، تتكرر فها ملحمة الاسلام البطولية بكل فصولها من تبشير واضطهاد وهجرة وحرب، ونصر وفشل، الى ان تختم بالظفر النهائي للحق والإيمان.
نـواصـل >>>
|
|
|
|
|
|
|
������� ��������� � ������ �������� �� ������� ������ ������� �� ������
�������
�� ���� �������� ����� ������ ����� ������ �� ������� ��� ���� �� ���� ���� ��� ������
|
� Copyright 2001-02
Sudanese
Online All rights
reserved.
|
|