|
كلمة الإمام الصادق المهدي رئيس حزب الأمة القومي في الجلسة الافتتاحية لمؤتمر جوبا
|
بسم الله الرحمن الرحيم
كلمة الإمام الصادق المهدي رئيس حزب الأمة القومي
في الجلسة الافتتاحية لمؤتمر جوبا
26- 29 سبتمبر 2009م
أخي الرئيس
أخواني وأخواتي. أبنائي وبناتي المؤتمرين في جوبا عاصمة السودان الجنوبية.
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته مثلما هي تحية الإسلام فإنها كذلك دعوة عيسى عليه السلام المجد لله في الأعالي وعلى الأرض السلام وبالناس المسرة. أحييكم في هذا العرس الوطني. وأشكر الحركة الشعبية لتحرير السودان أن دعت إليه كل القوى السياسية السودانية دون استثناء. إن هذا المؤتمر يمثل استجابة لأشواق وطنية طالما عبّرنا عنها لإيماننا القاطع أن قضايا السودان المصيرية تمهد لحلها الاتفاقيات الثنائية ولكنها وحدها غير كافية بل لا يجدي مع تلك القضايا إلا التراضي الوطني الذي يملك أهل السودان قرارهم في قضايا بلادهم المصيرية. إن للشعب السوداني عبقرية سياسية تجلّت عبر محطات بارزة في التاريخ الحديث. أذكر منها:
• أنه حقق استقلالاً كامل السيادة عبر ديمقراطية كاملة الدسم. استقلالا لم تصحبه هندسة بشرية لاستيعاب التنوع. وديمقراطية فاتها استصحاب التوازن. عيبان أشعلا الحروب الأهلية واستغلهما مغامرون انقلابيون فأقاموا نظماً أطاحت بمحاسن الديمقراطية وزادت من الإخفاق في التعامل مع التنوع والتوازن.
• ولكن هذا الشعب العبقري المعطون بحب الحرية والديمقراطية والسلام انتفض في حدثين تاريخيين، في 1964م وفي 1985م لاسترداد الديمقراطية ولإيجاد حلول سياسية للحروب الأهلية.
• وفي كوكادام في 1986م تضامنت القوى الحية في المجتمع لوضع خريطة طريق نحو السلام.
• وفي أسمرا في 1995م صمم شعبنا على تحقيق السلام العادل الشامل والتحول الديمقراطي الكامل وأفرد جناحيه المدني والعسكري لتحقيق ذلك. فكانت النتيجة تخلي النظام الحاكم عن نسخته الأولى الإقصائية لتبني نسخة ثانية أكثر اعترافاً بالآخر فكانت النتيجة اتفاقية سلام 2005م التي وضعت حداً للحرب الأهلية وبرمجت للتحول الديمقراطي.
• النظام الذي استولى على السلطة في نسخته الأولى في 1989م تحول في 2005م لنسخة ثانية. ومهما تمنّعت بعض العناصر السياسية يرجى الآن أن يساهم هذا البرلمان الشعبي في تحقيق نسخة ثالثة تحدث بإرادة جماعية تحولا نوعيا نحو السلام العادل الشامل والتحول الديمقراطي الكامل.
أمران يحولان دون العمل على تحقيق الأجندة الوطنية بالأساليب غير الدستورية المجربة في أكتوبر وأبريل هما:
الأول: الجسم السياسي السوداني الآن موبوء بفصائل مسلحة وتدخلات عبر الحدود مما ينذر بالتمزق الوطني في حالة التناوب غير السلمي في السلطة.
الثاني: وجود طريق دستوري للتحول الديمقراطي إذا توافرت الإرادة السياسية.
إن الدرس المستفاد في أمر اتفاقية السلام هو التأسيس على إيجابياتها والتصدي لعيوبها وعثرات تطبيقها عبر منبر قومي.
كذلك أزمة دارفور التي تراوح مكانها في طريق مسدود ولا سبيل لحلها بالتفاوض الثنائي بالوساطات الأجنبية. بل المطلوب هو إعلان مبادئ يستجيب لمطالب الإقليم المشروعة والدعوة لملتقى يجمع كافة مكونات دارفور السياسية، والمسلحة، والمدنية، والقبلية. نحن نقدر الدور الدولي الذي يقوم به الأشقاء والأصدقاء لمساعدتنا في كافة المجالات ولكن دورهم ينبغي أن يكون للتسهيل والمراقبة للفعل القومي. الساحة السودانية اليوم مأزومة في قضايا مصيرية وكلها تقف في طريق مسدود وتعاني من احتباس سياسي رهيب لا يمكن تجاوزه بالأماني ولا بالمقايضات والمساومات الثنائية بل بهندسة سياسية قومية لا تعزل حزباً ولا تياراً بل تعزل مواقف الضرار الوطني الثلاثة وهي: رفض الوحدة الوطنية، ورفض السلام العادل، ورفض التحول الديمقراطي. ومع كل التردي الملموس والذي أتعبنا وأتعب العالم معنا فإن المناخ السياسي المتاح الآن فريد لا مثيل له في عالمينا العربي والأفريقي. إنه تفرد أورث بلادنا تعددية سياسية وحرية نسبية مكنت من هذا البرلمان الشعبي الحر الذي لا شك سوف يشهد نقاشاً حراً وجاداً بهدف إبرام اتفاق حول قضايا البلاد المصيرية للمساهمة في إخراج البلاد من حالة الشلل وتمكين القوى السياسية من الإمساك بزمام المبادرة للخلاص الوطني. إن القوى المجتمعة هنا تمثل إرادة الاستقلال وتمثل العقول المفكرة والكوادر المدبرة لمحطات الإنجاز الوطني الحديث أي ثورة أكتوبر 1964 وانتفاضة رجب/ أبريل 1985 والرافدة لللبنات التي نسجت منها اتفاقية السلام. إنها مجموعة تمثل رأس المال الفكري السياسي والنضالي الوطني. مجموعة معنية بالانتصار للسودان لا للانشغال بمراشقات الأحزاب. استلهاما لعبقرية شعبنا، واستثماراً لهذا المناخ الحر، فإننا قد تدارسنا كافة القضايا المصيرية المحدقة بالبلاد وفيما يلي نقدم لكم اجتهادنا لدراسته بالجدية اللازمة ونعدكم بدراسة اجتهاداتكم لكي يخرج عرس السودان في جوبا بميثاق وطني وآلية مشتركة للتعبئة والمتابعة والتنفيذ حتى تنعم بلادنا بالسلام العادل الشامل والتحول الديمقراطي الكامل. وحتى نخط بذلك طريقا قدوة لبلاد كثيرة يوشك الاستقطاب الكامن أن يفكك عراها وهو يتمدد في جسمها كالسرطان
|
|
|
|
|
|