|
Re: حق التنقل أو السفر ومنعه دستوريا وقانونا (Re: wadalzain)
|
الدستور السودانى لعام 2005
لم يخلو الدستور السودانى من مواد تحدد او تحض على احترام الحرية ولقد فصل ذلك فى الباب الثانى من الدستور ( وثيقة الحقوق )
المادة 29 تقول ( لكل شخص الحق فى الحرية وألأمان ولا يجوز اخضاع أحد للقبض أو الحبس ولا يجوز حرمانه من حريته أو تقييدها ألا لأسباب ووفقا لآجراءات يحددها القانون )
المادة 32 - 1 تقول ( تكفل الدولة للرجال والنساء الحق المتساوى فى التمتع بكل الحقوق المدنية والسياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية . المادة 32 – 2 ( تقر الدولة حقوق المرأة من خلال التمييز الايجابى المادة 34 ( يكون لأى شخص تتخذ ضده اجراءات مدنية او جنائية الحق فى سماع عادل وعلنى أمام محكمة علنية مختصة وفقا للاجراءات التى يحددها القانون .
وفى خصوص السفر والتنقل جاءت المادة 42 لتقول الآتى :
( لكل مواطن الحق فى حرية التنقل وحرية اختيار مكان اقامته الا لأسباب تقتضيها الصحة العامة أو السلامة وفقا لما ينظمه القانون ) ( لكل مواطن الحق فى مغادرة البلاد وفقا لما ينظمه القانون وله حق العودة )
المادة 48 من الدستور تقول ( مع مراعاة المادة 211 من هذا الدستور لا يجوز الانتقاص من الحقوق والحريات المنصوص عليها فى هذه الوثيقة وتصون المحكمة الدستورية والمحاكم المختصة الاخرى هذه الوثيقة وتحميها وتطبقها وتراقب مفوضية حقوق الانسان تطبيقها فى الدولة وفقا للمادة 142 من هذا الدستور )
والجدير بالذكر أن المادة 211 المذكورة فى النص عاليه تختص بالتدابير فى حالة الطوارىء والمادة 142 تختص بأنشاء مفوضية حقوق الانسان .
هذه بعض النصوص من الدستور جئت بها فى سياق المناسبة .
يلاحظ القارىء انه فى ذيل كل نص مادة من المواد اعلاه هناك عبارة واحدة ترد دائما لكن بصورة مختلفة فتارة تكون ( وفقا لاجراءات يحددها القانون ) او ( وفقا لما ينظمه القانون )
هناك مبادىء اعتنقتها الدول التى تحترم مواطنيها وحقوقهم كما اعتنقتها محاكمها الدستورية التى تفسر الدستور والقانون ن منها
- لا يجوز للدولة القانونية أن تنزل بالحماية التى توفرها لحقوق مواطنيها وحرياتهم بوجه عام
- ان خضوع الدولة للقانون يعنى عدم اخلال تشريعاتها بالحقوق التى يعتبر التسليم بها فى الدول الديمقراطية مفترضا اوليا لقيام الدولة القانونية وضمانة اساسية لصون حقوق الانسان وكرامته وشخصيته المتكاملة
وبذلك الفهم يجب أن تنظر محاكمنا للحقوق والحريات المضمنة فى هذا الدستور وكما جاء فى نص المادة 48 لايجب الانتقاص من الحقوق والحريات المنصوص عليها ومن هنا يجب ان ننظر لأى اجراءات يحددها القانون او وفقا لما ينظمه القانون وأن اى قانون او تشريع من المفترض أن ينظم كيفية ممارسة الحق او الحرية لا أن يقيده أو يمنعه وكما قال جان جاك روسو فى عقده الاجتماعى ( ان هذا التنازل من قبل الافراد للجاكم يجب الا يؤدى لفقد الحرية بل انه بقصد تنميتها عن طريق الحماية الاجتماعية وبقصد المحافظة عليها بحالة متكاملة وبرغم ذلك فأن الافراد يظلون متمتعين بحرياتهم )
القيود الموضوعة فى ذيل المواد المختصة بالحقوق تحتاج الى محاكم عادية ومحكمة دستورية لتفسر هذه القيود التى ربما توضع فى شكل قوانين موضوعية او اجرائية والقاضى الذى يفسر عليه ان يتقيد بكشف حقيقة محتوى القوانين بارادة المشرع فى تحقيق فاعلية العدالة او ضمان الحرية الشخصية وغيرها من حقوق الانسان المتعلقة بها فالمعروف ان نصوص القانون تظل صامتة جامدة حتى يتدخل القاضى لتقرير المعانى الصحيحة التى اراد القانون التعبير عنها ولهذا يقال لا قانون بلا قاض والقضاة الحقيقيون هم الحراس الطبيعيون لحقوق الفرد ويمارس القضاء حمايته للحرية بكفالة الضمانات التى يقررها القانون لحمايتها فى مواجهة ضد خطر التعسف او التحكم ، والحماية القانونية للحرية لا تكون بمجرد اصدار القوانين وانما بالتعرف على مبادئها وتطبيقها وهو ما لا يتحقق الا بسلطة قضائية مستقلة كل الاستقلال عن غيرها من سلطات الدولة وقد صدر عن المؤتمر العالمى لاستقلال القضاء الذى عقد بمونتريال بكندا عام 1983 اعلان عالمى لاستقلال القضاء أكد على موجهات محددة لاستقلال القضاء .
قرأت فى هذا المنبر رأيا للاستاذ الكريم والقدير سالم احمد سالم يرى فيه بأن يرفع للمحكمة الدستورية السودانية طعن بشأن بطلان نص المادة 152 وعدم دستوريتها لالغاءها او ما شابه ذلك ، الا اننى مع الاحترام اتفق معه فى ان هذا الطلب صحيح من ناحية وغير عملى من ناحية اخرى ، صحيح من حيث ان المحكمة الدستورية هى الجهة المناط بها عدم قانونية النصوص القانونية وغير عملى لأسباب منها : الرقابة القضائية تعتبر من الوظائف الفنية القضائية ينهض بها قضاة متخصصون قادرون على كفالة الرقابة على القوانين وهى وظيفة ابداعية ابعد بكثير من الوظائف القضائية التقليدية التى يغلب عليها عنصر التفسير والتطبيق وخدمة القوانين بل ان تفسير القضاء الدستورى للدستور يتم بمنهج جد مختلف عن منهج تفسير القوانين . وهو ما يفتقر له قضاة المحكمة الدستورية السودانية كليا
استقلال القضاء يعتبر ركنا اساسيا فى مبدأ الشرعية وخاصة فى المحاكم العليا واستقلال القضاء يعنى تحرر سلطته من اى تدخل من جانب السلطتين التشريعية والتنفيذية . وهذا ما يفتقر له قضاتنا ومحكمتهم الدستورية
ولقد ذكر الاستاذ الدكتور امين مكى مدنى فى ندوة بالدوحة اقامتها رابطة القانونيين بالدوحة ، ذكر وقائع يندى لها الجبين عن هذه المحكمة منها نموذج الطعن بعدم دستورية قانون الارهاب الذى يحاكم به منسوبوا العدل والمساواة حيث اصدرت المحكمة حكما ينضح بعدم الحياد ، وفيه الرأى السياسى كان واضحا ، كما ذكر أن هناك طعون بعدم الدستورية امام المحمة لها اكثر من سنتين لم تبت فيها حتى الآن .
ولقد ذكر الاستاذ الدكتور احمد عثمان عمر ( عضو هذا المنبر ) فى مؤلفه أثر التشريعات الاسلامية فى النظام القانونى السودانى عن القيود على الحقوق وكمثال حق التقاضى موردا ما قاله الاستاذ عبدالباقى حامد الجزولى فى دراسته عن المساواة امام القانون كحق دستورى ( اخضاع الحق للقانون مطلقا دون تمييز يجعله امرا دون ضابط ويستحيل الطعن فيه بعدم الدستورية وقد كان مشروع دستور 1998 الذى اعدته لجنة الدستور قد نص على ان القانون المعنى هو القانون المعقول والعادى وهذا من شانه أن يخضع القوانين للتقييم الموضوعى ن لذلك استخدم مشروع الدستور الفاظا اكثر وضوحا ومعلروفة فى فقه الدستور مثل الوسائل أو التدابير القانونيه السليمة )
يقول دكتور احمد عثمان عمر ( والوضوح وعدم الغموض الغرض منها عدم تعميم القيود والسماح للمشرع بأفراغ الحق من مضمونه بدعوى تنظيمه ، اذ ليس للمشرع أن ينقص حق التقاضى( مثلا ) او ينقضه تحت ستار تنظيم هذا الحق والاكان تشريعه مشوبا بعيب الانحراف فى استعمال السلطة التشريعية )
|
|
|
|
|
|
|
|
|