|
Re: البيت السوداني!!... (Re: عبدالغني كرم الله)
|
(..)
البيت، نور، ونار!!..
من قال هذا؟.. (إن البيت هو المكان الوحيد الذي يقبل فيه الكائن البشري)، لا .. لا .. يظهر إن الناس لا تتشابه، قد تكون كتبت في حال ومضة شعرية، تلك الحالات العابرة النادرة، التي تأتي بلا موعد، ويكون سلامها وداعاً، وتترك انطباعا موقتاً، جميلاً وحميماً بالأحياء والأشياء التي تحيط بنا,...
فاليوم هو الأربعاء،18 مايو، الساعة الثانية ظهراً، والمكان محطة أبو جنزير، والمناسبة هي القيامة اليومية، حيث تصب أنهار وجداول البشر في هذا الميدان الغصير، المكتظ، لاصطياد مقعد شاغر، ينقلهم من رمضاء الميدان إلى نار المنازل، المتوثبة بسؤال لماذا ولم ومتى، وليه؟، وقد هدت حيلهم ساعات عمل طويلة ومملة وشحيحة الثمر، تمخض الفيل، فولد فأراً، بل ناموسة، بل جرثومة ضيئلة لا ترى بعين المايكروسكوب العوراء، وهذا الوصف الأخير، أقربهم شبهاً، وصلة دم، برواتب الموظفين والعمال والشحاذين والحرامية، اللذين يشكلون هذا الحشر اليومي.
فرغم حرارة المحطة، وندرة الحافلات، والحمام القسري بماء مالح، ساخن ينبع من كل خلايا الجسد، لم يحثني لشوق الوصول للدار، من اتقى الرمضاء بالنار، فأحمد وفاطمة وخلود يريدون حلوى وعجلة، والزوجة (سعاد) تريد فستان، وجدران المنزل تريد جيرا ابيضاً غالياً، والبراد يريد شاي ولبنا، والراديو يريد أن يكسر صمته، فيعوي ويصوت بأخبار هذا الكوكب الحزين، ثلاثة حجارة بطارية فقط، قادرة على بث الروح فيه، كي يصرخ ويغني ويثرثر، والمروحة، لم تلف وتدور، وتولول، كعادتها فوق سماء الغرفة، بل استقرت ساكنة هادية، ربع كيلو واط، يطرد عن ظهرها خيم ومساكن ومراعي الذباب، فخمسة عشرة عاماً من اللف والدوران، وفي مكان واحد، مثل حال عامل يدعى يوسف الحاج، كانت كافية لكي تصرخ وتولول وتستغيث في أيامها الأخيرة، مثل تسع ذوات بشرية تسكن الدار، وهل يستغيث غريق بغريق، ومع هذا دخلت البيت الساعة الخامسة، وبيدي كتاب (فيزياء الصف الثاني ثانوي)، استطاع راتبي، وبمعجزة، أن يشتريه لأماني حاج سعد...من الكتب المفروشة على أرضية المسجد الكبير.
الحياة لا تعرف الرياضيات، أبلد طفل في مدرسة الحسناب الإبتدائية، بمقدوره أن يصيغ معادلة متساوية الطرفين، ولكن أن يضع المجتمع، بتراثه واخلاقه، رواتب لعمال لا تكفي لسد الرمق، فالمعادلة مختلة، وقاتلة، ومذلة، فهذه بلادة كبيرة، لما يسمى الحياة، وبأن الحياة بليدة، ويتحتم أن نخصص لها مدرسين خصوصين، كي تعيد صياغة المسألة بصورة إنسانية، وعلمية فتصير المعادلة كالآتي: الراتب (يساوي) = المنصرفات، وكفى الله عقل (حاج سعد) وقلبه التوتر والسرحان والجنون والانحراف والتملق والكذب، ألقاه في اليم مكتوفاً من الأيدي، وقال له إياك .. إياك أن تبتل بالماء.
أتسكع، وأثمن وأهتم، وأتعاطف مع كل الأشياء، وتسترقني الأشياء التافهة، والحقيرة، والمنسية، لوجه الشبة بيننا، الحصى، الظلال، خربشة الحوائط، وجوه البشر، سحب السماء، تجاعيد سيقان الشجر، غريزة الجوع، (لا أود دفع فاتورة الكهرباء، حتى لا تزعج المروحة أسراب الذباب على ظهرها)، عذر أقبح من الذنب، ولكني أراه كافيا، ومنطقياً، في دوامة الجنون الكبير، فالأرض تفتك ببنيها، (زلازل تسونامي) لماذا لا تكفي الرواتب حاجة الموظف؟، من الذي قرر الرواتب، مات مشكورا، كارل ماركس، ومات مشكورا بوذا، ومات مشكورا كل حالم كبير أو صغير، بالمدينة الفاضلة، ظلت المأسأة كما هي، صورة طبق الأصل لما يجري في الغابة، القوى يأكل الضعيف، ولا تغرنكم الموسقى المتسللة من القاعات، ولا ملكات الجمال، فبني أدم يأكل مثل سائر الحيوانات، الجرير والموز والنعاج والبقر، مفترس إبن مفترس، بل يأكل عرق اخوته، ويستمتع بعرقهم، وتلبس زوجاتهم مالذ وطاب، على حساب صغار الموظفين، بل على حساب غفير المدرسة الابتدائية (حاج سعد) والذي اتشرف بأن أكونه، فأنا أحرس مؤسسة ضخمة، كتب وفصول وأدراج، وكراسي وملاعب، وقبل ذلك أحرس أطفال صغار، وهم مشروع ملاك جميل، أو ذئاب مفترسة، حسب المنهاج والتربية والبيئة، التي ستملأ عقولهم وقلوبهم ووجدانهم، ، فلا حول ولا قوة ولا حياة لمن تنادي،
بعد قليل، سوف انزل من الحافلة، إلى لجنة تحقيق، دولية.. ولكن لها العذر، فالراتب لا يكفي، من وضع الراتب، وليه، ومن يعدله، وكيف، يجب ان اهتم بالسياسة، يجب ان اكون سياسي، بلى... فالأمر شخصي، وذاتي، يخصني انا، وجيش عظيم من الفقراء، ظللنا لقرون بعيدين عن مركز القرار، عن قلب القرار، الذي يخصنا نحن، وليس هم.. بلى، يجب التغيير، والتغيير الجذري، لحالتي، وحالتهم..
.. يتبع.. ...
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
البيت السوداني!!... | عبدالغني كرم الله | 08-10-09, 07:44 AM |
Re: البيت السوداني!!... | عبدالغني كرم الله | 08-10-09, 07:52 AM |
Re: البيت السوداني!!... | عبدالغني كرم الله | 08-10-09, 08:01 AM |
Re: البيت السوداني!!... | عبدالغني كرم الله | 08-10-09, 08:22 AM |
Re: البيت السوداني!!... | محمد الجزولي | 08-10-09, 10:05 AM |
Re: البيت السوداني!!... | فيصل محمد خليل | 08-10-09, 10:47 AM |
Re: البيت السوداني!!... | صلاح أبودية | 08-10-09, 11:03 AM |
Re: البيت السوداني!!... | عبدالغني كرم الله | 08-12-09, 07:40 AM |
Re: البيت السوداني!!... | عبدالغني كرم الله | 08-12-09, 06:42 AM |
Re: البيت السوداني!!... | Emad Abdulla | 08-10-09, 11:35 AM |
Re: البيت السوداني!!... | صلاح أبودية | 08-10-09, 11:55 AM |
Re: البيت السوداني!!... | عمر عبد الله فضل المولى | 08-10-09, 02:11 PM |
Re: البيت السوداني!!... | عبدالغني كرم الله | 08-10-09, 05:36 PM |
Re: البيت السوداني!!... | عبدالغني كرم الله | 08-10-09, 07:37 PM |
Re: البيت السوداني!!... | محمد الطيب يوسف | 08-10-09, 08:18 PM |
Re: البيت السوداني!!... | عبدالغني كرم الله | 08-11-09, 05:39 AM |
Re: البيت السوداني!!... | mohmmed said ahmed | 08-11-09, 06:23 AM |
Re: البيت السوداني!!... | lana mahdi | 08-11-09, 06:46 AM |
Re: البيت السوداني!!... | Mohamed Abdelgaleel | 08-11-09, 07:04 AM |
Re: البيت السوداني!!... | عبدالغني كرم الله | 08-11-09, 08:09 AM |
Re: البيت السوداني!!... | عبدالغني كرم الله | 08-11-09, 08:10 AM |
Re: البيت السوداني!!... | عبدالغني كرم الله | 08-11-09, 08:52 AM |
Re: البيت السوداني!!... | عبدالغني كرم الله | 08-11-09, 09:34 PM |
Re: البيت السوداني!!... | Elkalakla_sanga3at | 08-11-09, 10:34 PM |
Re: البيت السوداني!!... | عبدالغني كرم الله | 08-13-09, 11:18 AM |
Re: البيت السوداني!!... | مامون أحمد إبراهيم | 08-11-09, 10:44 PM |
Re: البيت السوداني!!... | عبدالغني كرم الله | 08-12-09, 06:32 AM |
Re: البيت السوداني!!... | عبدالغني كرم الله | 08-13-09, 10:41 PM |
Re: البيت السوداني!!... | عبدالغني كرم الله | 08-13-09, 09:45 AM |
Re: البيت السوداني!!... | عبدالغني كرم الله | 08-13-09, 07:00 AM |
Re: البيت السوداني!!... | عبدالغني كرم الله | 08-12-09, 04:24 PM |
Re: البيت السوداني!!... | عبدالغني كرم الله | 08-12-09, 09:09 AM |
Re: البيت السوداني!!... | عبدالغني كرم الله | 08-13-09, 07:44 AM |
|
|
|