|
عودة مشينة للگرباج السوداني : (Re: مؤيد شريف)
|
عودة مشينة للگرباج السوداني ابراهيم سعدةماذا كانت ترتدي السيدة السودانية »لبني الحسين« عندما ألقي القبض عليها في الخرطوم وأقتيدت لمواجهة تهمة خطيرة تزعم أنها » ترتدي ملابس غير محتشمة؟!«. الصورة التي تناقلتها وكالات الأنباء، ونشرتها، وعرضتها، صحف وقنوات تليفزيونية كثر.. ظهرت فيها الصحفية السودانية ترتدي بنطلوناً واسعاً وفضفاضاً، و وشاحا تقليديا يخفي شعر رأسها وجانباً من وجهها، كما يغطي معظم ملابسها، ولا أعرف ماذا كان ينقص هذا الزي ـ من وسائل الإخفاء والغطاء ـ حتي يحظي ببصمة المشرّع السوداني بأنه الزي : »كامل الأوصاف والاحتشام؟!«. ثقة الصحفية السودانية »لبني أحمد الحسين« ـ التي تعمل في المكتب الإعلامي التابع للأمم المتحدة بالخرطوم ـ في أنها سيدة »محتشمة«: مظهراً ولبساً، شجعها علي انتهاز هذه الفرصة لتكشف أمام العالم ما تعانيه المرأة السودانية ـ في هذه الأيام ـ من اضطهاد، وتشكيك، وحرمان من أبسط حقوقها في أن تختار ما ترتديه من ملابس! وفي تصريحاتها مع الشبكة الإخبارية الأمريكية ـCNN ـ قالت السيدة السودانية لبني الحسين أنها تنازلت عن حصانتها الدولية ـ كونها موظفة في الأمم المتحدة ـ لأنها تريد أن تجري محاكمتها كمواطنة عادية تنتهك حقوقها الأساسية بمثل هذه البساطة المتناهية في تخلفها، واستبدادها! ولم يكن ما أعلنته »لبني الحسين« مجرد تهديد في الهواء، وإنما أعجبني ما قرأته عن أنها »أرسلت آلاف الدعوات إلي نشطاء دوليين ، وسودانيين، لحضور محاكمتها ـ في الرابع من سبتمبرالقادم ـ ليس من أجل كسب تعاطفهم في محنتها، وإنما أملاً ـ فقط ـ في قيام هؤلاء بالضغط علي النظام الحاكم السوداني لتجميد ـ أو إلغاء ـ المادة 152من قانون العقوبات التي استخدمها غُلاة المتطرفين لمحاكمة الفتيات والسيدات السودانيات اللآتي تحاكمن وتعاقبن بالجلد لمجرد أن المحقق ـ أو القاضي ـ رأي، أو اعتقد، أو ظن، أو تخيل، أنهن ظهرن في الطريق العام بملابس »غير محتشمة«! ولم تتوقف شجاعة، وبسالة، الصحفية السودانية لبني الحسين عند هذا الحد، وإنما ضاعفتها بمصارحتها الـ ـ CNN ـ بأنها ترغب في أن يتم توقيع عقوبة الجلد عليها علناً ـ حتي 40جلدة ـ لتثبت للعالم كله، وأولهم الشعب السوداني، أن هذه المادة التي أقحمت علي القانون، تخالف الدستور وتتجاوز الحريات، ومن شأنها تكريس العقوبة علي فتيات أخريات! وأعجبني ـ أيضاً ـ ماقاله المحامي السوداني:»نبيل أديب« لـ CNN منتقداً المادة التي ستحاكم موكلته »لبني الحسين« بموجبها، واصفاً تلك المادة بأنها:» مخزية«، و»مثيرة للجدل«، و »تتضمن كثيرا من الانتهاكات«، ويجب علي الحكومة السودانية أن تسارع بوقف العمل بها«. وكان الأمين العام للأمم المتحدة ـ »بان كي مون« ـ قد حذر النظام الحاكم السوداني بأنه سيتخذ كل الإجراءات الضرورية لتوفير الحماية القانونية، والإنسانية، والحضارية ـ لموظفة مكتب الأمم المتحدة في الخرطوم، ومنع تعرضها للخطر، منتهزاً هذه الفرصة الحزينة، والمخجلة ـ للعرب بصفة خاصة، وللمسلمين بصفة عامة ـ لإبداء وجهة نظره، ونظر المجتمع الدولي الذي يمثله كأمين عام له، في عقوبة الجلد بالسوط ـ الكرباج السوداني الشهير ـ قائلاً إنها: » ضد كل المعايير الدولية لحقوق الإنسان«. وإذا كانت الأغلبية الصامتة من الرأي العام العربي ـ خاصة النساء منها ـ تقف إلي جانب الموقف الشجاع، والمشرّف، للصحفية السودانية ـ »لبني أحمد الحسين« ـ فإن الأقلية الزاعقة تندد بهذا الموقف، وتهلل في الوقت نفسه لمن سارع إلي إلقاء القبض علي »لبني الحسين« لأنها ـ كما قال، وكتب، ممثلو تلك الأقلية الصارخة ـ »تحدت العادات والتقاليد الإسلامية، فكشفت عما كان يجب تغطيته، وأظهرت وجهها كاملاً، ونصف شعر رأسها، إلي جانب البنطلون الذي .. والذي.. والذي.. إلي آخر ما يحدثه البنطلون النسائي في مشاعر، وأحاسيس، غرائز، المهللين لإدانة »لبني« والمتلهفين علي جلدها، وربما رجمها.. في حال فشل الكرباج السوداني ـ من وجهة نظر الزاعقين، المتطرفين ـ في قمعها، وإضعافها، وإذلالها! .. يا نساء السودان: قلوب الدنيا كلها معكم.
اخبار اليوم الأربعاء 12 من أغسطس سنة 2009م - 21 من شعبان سنة 1430هـ - العدد 17884
|
|
|
|
|
|