|
ماذا ننتظر من قضاء رئيسه لا يميز بين الفصل بين السلطات والفصل بين توأمين سياميين
|
الكستور : نوع من القماش
حين انتهى اتفاق الشريكين في نيفاشا الى انشاء مفوضية للقضاء ، كان من المنتظر ان تسهم تلك الخطوة في انهاء ( اطول ) فترة انهيار اصابت السطة القضائية في تاريخ السودان الحديث ، ولكن سرعانما تبخرت تلك الآمال حين قبلت الحركة الشعبية – بدراية او دون دراية – باستمرار اوضاع السلطة القضائية كما هي دون تغيير كما سيأتي تفصيل ذلك فيما بعد .
الواقع ان الانهيار التام لاحوال القضاء قد بدأ بعد مرور اقل من شهرين على استلام فتية الانقاذ للسطة في يونيو 1989 ، وذلك حين قام مجلس قيادة الثورة باصدار قرار جمهوري باحالة 67 قاضيا الى الصالح العام من مختلف الدرجات ، ثم توالت كشوفات الاحالة للصالح العام مما دعى معظم القضاة الآخرين ممن لم تشملهم تلك الكشوفات الى تقديم استقالاتهم – كانت اشهرها الاستقالة التي تقدم بها القاضي الشجاع عبدالقادر محمد احمد والتي انتهت به الى الاعتقال لفترة طويلة بسجن كوبر – وقد كانت النتيجة فقدان القضاء السوداني لمعظم كوادره التي توارثت الخبرة والتقاليد القضائية جيلا عن جيل . وفي مقدمة ( المعاني ) التي توارثتها تلك الاجيال المتعاقبة للقضاة هي الحرص على استقلال القضاء وضمان عدم تدخل السلطتين التنفيذية والتشريعية في شئونه .
وقد كان اضراب القضاة الشهير في العام 1983 اصدق دليل على ادراك قضاة السودان لمعنى استقلال القضاء ، ذلك ، حين تقدم جميع قضاة السودان – عدا ستة من القضاة تخاذلوا فجاء عقابهم على يد النميري نفسه قبل زملائهم وذلك حين قرر احالتهم لوظائف غير قضائية وذكر للمقربين منه – اي النميري – انهم متخاذلون وجبناء ولايصلحون للعمل القضائي – وكان القضاة قد تقدموا باستقالات جماعية احتجاجا على قيام الرئيس الاسبق جعفر النميري باحالة 17 قاض الى التقاعد ( اعضاء لجنة القضاة ) بتوصية من رئيس القضاء في ذلك الوقت صلاح الدين شبيكة ( رحمه الله ) ورغم تعرض القضاة الى الاعتقال والتنكيل بواسطة جهاز امن الدولة ، الا انهم صمدوا في مجابهة النظام الحاكم بدعم من نقابة المحامين التي كان يقودها مولانا ميرغني النصري ( اطال الله عمره ) حتى تراجع النميري عن قراره ، لتنتج تلك الازمة جيلا ترسخت لديه تلك المعاني ، وما كان ليدرك ذلك الجيل ان اياما حالكة في انتظاره لتعصف بالقضاء والقضاة على حد سواء .
في المقابل قامت سلطة الانقلاب بتعيين كوادر الاسلاميين من المغتربين بالسعودية وابوظبي وغيرها من دول المهجر في مناصب قضائية فضلا عن فتحها الباب لتعيين اعداد كبيرة من شباب الاسلاميين ، لينشأ قضاء جديد بالكامل يستلهم تقاليده من ( اللاشيئ ) .
نواصل
|
|
|
|
|
|