قمر حلتنــا (قصة)

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-27-2024, 04:24 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثالث للعام 2009م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
06-15-2009, 11:21 AM

محمد يوسف الزين
<aمحمد يوسف الزين
تاريخ التسجيل: 02-08-2008
مجموع المشاركات: 1968

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: قمر حلتنــا (قصة) (Re: محمد يوسف الزين)

    -3 ، 4-

    من بين كل ليالي اللاوعي الشتوية لم اختر الا تلك الليلة لأرمي حماقتي عليها..نهايات حتمية لنفس ظامئة تهفو الى لمس اطراف الجنة ، كان سقوطاً اختيارياً في شلالات الاحتياجات التي يعدو لها قلب مكلوم بلا توقف..لانثى في أول عصور احتياجاتنا البدائية كانت اعصاراً ، كانت حسرة عندما تنطق اسمي في خيالي بطريقتها الخاصة ، توقٌ محموم لجملة ما في يوم ما في مناسبة ما افهم بها أني انا المختار.. الى أي ابتسامة ما تستطيع أن تختزل كل رائع وجميل اعرفه في دنياي ، لأي ضوء يمكن يصلني من القمر عنوان حسرتي الأولى والنهائية، الى كل الكلمات التي ولدت صامتة وظلت ممتدة تتشتت في الفراغ ثم تعود بالألم ، اليك ايها القوام الأخاذ وثوبك الجميل اليك ياعيون قتلتنا كلنا ولم تجد الا الارض تحتنا لتصادقها ، ماذا في ارض الشارع من جديد حين تنظرين اليه بلا ملل وتقتصرين فيه كل عالمك منذ خروجك من باب المنزل الى أن يخفيك باب آخر؟!..ماذا في شوارع حلتنا تحتنا غير التراب والاحجار وبعض الحفر وماء الغسيل واعقاب السجائر؟ الى كل قوانين الحياء في الدنيا لقد ظلمتيني بقسوة ، الى كل سنين عقدك الثاني التي لم تعلمك بعض خبث النساء حين تعرفين وكأنك لا تعرفين غير اسفلنا.. كم هي محظوظة هذه الأمتار الذي ندوسها باقدامنا...الى كل الصدى الموصول..الى...
    ليلة حمقاء والصمت الرهيب يقتل الشابين الذين يجلسان في عربة جيب وأمامهما بضعة زجاجات حليب فارغة ، كلاهما يحفظ قصة الاخر منذ زمن ولا احد يجرؤ بأن يحكي ، لقد استثنوا من كل المغامرات هذه المغامرة الملغومة ، حين كانت قصتهما واحدة..متطابقة بصورة مذهلة حينما اخذهم اعصار ورماهم بعيداً هنا في مقاعد عربة جيب مركونة على الشارع الاسفلت ، بنفس السذاجة وحماقة بقايا العمر الأول التقطوا العدوى ، عدوى الاعاصير والاعين والحواجب المقرونة ،
    بلا رأفة اجتاحتهم الحمى بنفس هذيانها المقيت ، لم تحاول صداقتهم أن تترفق بهم حين خانتهم ، وصارت الحجة الوحيدة التي لا يعرفون غيرها وصدقوها ( أن امجد صديقنا وجارنا وابن حلتنا وكذلك اشقاءها الثمانية)، وان القمر درة مصانة بأمر مدينتنا الفاضلة ، حدث هذا منذ أمد سحيق نعم..قبل أن تولد فينا خصال النفاق التسع وتسعون بأعوام طويلة......
    ولكن في تلك الليلة الحمقاء من ليالي اللاوعي الشتوية فتح احدنا جراح الآخر ولكن للسخرية وجد نفسه هو الذي ينزف ، فتألم..وحاول امعاناً في الحماقة أن يداوي كل الجراح بالكي و الملح وكل الاعشاب المرة.


    كان "عادل حمودة" الشاعر والمبجل بين اولاد حلتنا من الاجيال التي تسبقنا ، عادل حمودة الشاعر الشاب المشهور الذي تجاوز الثلاثين يسكن في نهاية شارعنا..كنا نستعجب حين نرى اسمه في الصحف وحينما يطل علينا في بعض سهرات التلفزيون وكنا نراه فنستغرب لأن مشاهير حلتنا الذين يتوزعون بين الغناء وكرة القدم يمتلكون السيارات ومشغلات السي دي ذات السماعات الكبيرة وكل المقتنيات التي كانت تندر في بيوت حلتنا..حينما كان "عادل حمودة" يقف في كل مرة في الشارع لتلميع حذاءه من الغبار وهندامه المتواضع الذي يبرز بعض الاناقة مع حرصه على ادخال قميصه في سرواله بطريقة رشيقة ، كنا لانفهم هذه المعادلة..الشهرة والفقر ، كانت هيئته الأنيقة تلك لا تنطبق مع هيئة ضيوفه الدائمين والذين عرَفتهم فيما بعد بالمريدين والذين كانوا يأتون بسراويلهم الجينز وشعورهم التي لم يراها مشط ولا حلاق منذ مدة طويلة في فوضى مقصودة كان من المفترض أن تعبر لنا عن شئ ما..تماماً كدراويش المسيد الذي كان في قريتنا ، عندما كان يسهر عادل حمودة في "العريشة" المجلدة بالحصير أمام منزل صابر الميكانيكي حيث يلتقي ومريديه بصابر المكانيكي وكانت خلطتهم تتكون بأن يعزف صابر الميكانيكي العود ويغني "عبده قيجي" وينطق عادل حمودة شعره ويتداخل مريديه باحاديث المثقفاتية حسب ما كنت اصنفها وبعض "الونسة" والقهقهة ، كانت تحكم هذه الجلسة النخبوية قوانين الكأس التي تدور منذ وصولها عن طريق ستيفن الذي يعمل في ورشة صابر ومعها "المـزّة" ، كان صابر الميكانيكي رجل في اربعينات عمره ينحسر شعر رأسه ليكشف عن رأس مقعرة بطريقة عجيبة ولم يكن متزوجاً ويسكن هو وأمه العجوز ذات الاصول الغجرية وحدهما في المنزل ، ويشاركه صديقه ونديمه قيجي رفيق الكأس والغناء والذي يشاركه عقده الخامس والعزوبية ، وكانا اصحاب افضال على الناس أو ما ذكروه عنهم.. ، صابر بورشة الميكانيكا والزيوت لا يأخذ قرشاً ممن يقصدونه من أهالي حلتنا وهو اكثر من يدعمون فريق الكرة في الحي الذي يلعب في الدرجة السنية الاصغر وهو اكثر من يدفع في "الكشف" في مناسبات الافراح والمآتم وغير هذا هو في حاله يعيش في عالمه الخاص والموزع بين الورشة المفتوحة على الشارع الكبير جوار حلواني عم حسن وبقالة عبده قيجي الفنان الكبيرة والذي كانت خزانته أمامه تحتوي على دفاتر الديون الاجلة الكبيرة وبعض النقود رغم هذا تمتلأ ادراج البقالة بكل شئ..قيجي وقد حكوا عنه في تاريخ حلتنا في أزمان الحضارات التي سادت ثم بادت أنه كان فناناً مطلوباً في حفلات الاعراس والطهور والذي تركه بعد أن لاحقه والده الصول بعد حبسه في المنزل وجلده في الشارع ويقال أن قيجي هرب من المنزل وتزوج فتاة اثيوبية انجبت له ولداً ولكنه عاد بعد ان توفي والده وفتح هذه البقالة الكبيرة على الشارع.
    كنت في ذلك النهار أقف أمام "دكان يعقوب" المجاور لمنزلنا وأنا البس سروال قصير قص من عند الركبة ، أحمل في يدي زجاجة بيبسي أبى أحدهم في حلتنا الا وأن اشربها بعد أن اشترى لنفسه ولصديقه مثلها كأحد عاداتنا ، كنت أقف وفي يدي الأخرى كتاب ضخم كنت ارجعه الى "هيثم ليمونة" قبل أن يكتشف أخوه الأكبر أننا سطونا على احدى مقتنيات مكتبته وقد كان شقيق هيثم الأكبر شريراً عنيفاً فيما يخص مكتبته ، وكنت قد مللته وانشغلت عنه بالامس بمشوار اركبني المواصلات وباقي النهار كنا في "نفير بناء" في منزل "حسام" تدافع اليه كل "العطالة" وضحايا الشهادة السودانية من اولاد حلتنا ، حين وقف "عادل حمودة" وهتف فيني وهو ينظر الى الكتاب الذي أحمله..
    - "المراهق"؟! ياخ دستوفسكي دا عجيب
    بحلقت في عادل حمودة وقلت
    - والله غايتو انا شايفو لا عجيب ولا حاجة

    - معناتا ما قريتو؟
    غاظني تفكيري في نتيجة النقاش الحتمية والذي هزمت فيه قبل أن يبدأ..
    - أقول ليك حاجة؟ شعرك دا زاتو ما سمح ، قصايدك البتفهما براك دي ما شايف فيها حاجة سمحة..
    ضحك حمودة وبدل أن يرد علي فتح حقيبته التي يحملها وناولني كتاب صغير..
    - "دا ديواني الاخير أقراهو"
    ثم أخذ مني الكتاب الذي قدمه لي قبل لحظات بسرعة ثم أسنده على حقيبته وشخبط على صفحته الأولى قبل أن يرجعه لي..
    اقرأ يا صديقي
    ويهمني رأيك جداً..
    عادل حمودة ،،،،

    تناولت غدائي في ذلك النهار الذي اهداني فيه الشاعر احدى دواوينه مع أفراد عائلتي ، اغلقت باب الغرفة علي وادعيت النوم قبل أن يأتي والدي ويسألني عن اجراءات التسجيل في الجامعة والتي لم اذهب لاكمالها بعد ان استفقت متأخراً بعد سهرة مع أحمد انتهت قبل أذان الفجر.
    فتحت الكتاب وقرأت..

    عنقريبنا من قمنا في راكوبة..
    من زمن رفاقنا في الحبِسْ
    عمراً يشاقي فينا ونشاقيهو..
    يلاوينا ونلاويهو..
    يقطع فينا من امسْْ
    عماراتاً شواهق تطرد من رواكيبنا الشمِسْ

    "الزول دا وهم ولا شنو؟ هسي دا شعر!"

    استعدلت مزاجي الشعري بقيلولة جميلة قبل أن اذهب الى "الدافوري" وأكملت الكتاب الصغير والمغلف بطريقة جميلة ، راجعت الاهداء المخصص لي والممهور باسم شاعر حلتنا الشهير واكملت القصائد..
    ياحنينة يامجنونة
    يا حكايتنا الدفينة
    اجيك انا ولا وين؟
    ...................
    ...................

    "ما بطال.."


    في المساء وفي تلك الليلة التي ارتكبنا فيها حماقتنا أنا وأحمد في السيارة الجيب كنت أمر بجوار "عريشة" صابر المكانيكي وسمعت غناءهم وسمرهم..قررت أن ادخل محرابهم واناقش عادل حمودة في ديوانه..
    كانت المجموعة التي تعيش في عالمها الخاص فرغوا لتوهم من التهام صينية عامرة موضوعة أمامهم تحتوي على مالذ وطاب من الشواء والكوارع في تلك الليلة الباردة..ويبدو أن عبده قيجي كان اكثرهم انتشاء وبعد ان امتلئت بطونهم تناول صابر العود ثم..
    الذكرياااااااااااااا اه اه اه ااااا ات صاااااااادقة وجميلة
    مهما تجافينا نقول حلي ي ي ي ي ي ي ل حليلها

    تجاذبتني الجلسة التي كنت فيها غريباً بدون حضور ، كأني أنا والكراسي البلاستك وأطباق الكوارع والشية الفارغة وكأن لا فارق بيننا ، اعطى كل الحضور يقظتهم لعود صابر المكانيكي وقيجي البقال الذي يملأ رئتيه بهواء يناير البارد وهو يمد في اهات الأغنية..
    خرجت من ذلك المكان قاصداً منزل أحمد في تلك الليلة العجيبة التي حدث فيها ما حدث في العربة الجيب المركونة أمام منزل أحمد.

    يا الفي الشروق ليك شوقنا طال
    يا الفي الغروب هاك لحني قال
    قال..
                  

العنوان الكاتب Date
قمر حلتنــا (قصة) محمد يوسف الزين06-15-09, 10:35 AM
  Re: قمر حلتنــا (قصة) محمد يوسف الزين06-15-09, 10:43 AM
    Re: قمر حلتنــا (قصة) محمد يوسف الزين06-15-09, 11:21 AM
      Re: قمر حلتنــا (قصة) محمد يوسف الزين06-15-09, 01:20 PM
      Re: قمر حلتنــا (قصة) محمد يوسف الزين06-15-09, 03:17 PM
        Re: قمر حلتنــا (قصة) محمد يوسف الزين06-17-09, 11:08 AM
          Re: قمر حلتنــا (قصة) محمد يوسف الزين06-17-09, 01:29 PM
            Re: قمر حلتنــا (قصة) حمور زيادة06-18-09, 05:51 AM
              Re: قمر حلتنــا (قصة) Emad Abdulla06-18-09, 06:31 AM
                Re: قمر حلتنــا (قصة) محمد يوسف الزين06-18-09, 10:44 AM
              Re: قمر حلتنــا (قصة) محمد يوسف الزين06-18-09, 10:29 AM
  Re: قمر حلتنــا (قصة) محمد يوسف الزين06-28-09, 02:47 PM
    Re: قمر حلتنــا (قصة) محمد يوسف الزين07-01-09, 08:52 AM
      Re: قمر حلتنــا (قصة) محمد يوسف الزين07-12-09, 08:03 AM
        Re: قمر حلتنــا (قصة) محمد يوسف الزين08-04-09, 02:35 PM
          Re: قمر حلتنــا (قصة) محمد الطيب يوسف08-06-09, 05:38 AM
  Re: قمر حلتنــا (قصة) محمد يوسف الزين09-30-09, 09:20 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de