مع الراحل الماغوط ..حوار...وشهادات

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-02-2024, 06:00 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة مطر قادم محمد(مطر قادم)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
04-13-2006, 03:50 PM

مطر قادم
<aمطر قادم
تاريخ التسجيل: 01-08-2005
مجموع المشاركات: 3879

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مع الراحل الماغوط ..حوار...وشهادات (Re: مطر قادم)

    مقاطع من اشعاره
    * * *

    «مع تغريد البلابل وزقزقة العصافير

    أناشدك الله يا أبي:

    دع جمع الحطب والمعلومات عني

    وتعال لملم حطامي من الشوارع

    قبل أن تطمرني الريح

    أو يبعثرني الكنّاسون

    هذا القلم سيقودني إلى حتفي

    لم يترك سجناً إلا وقادني إليه

    ولا رصيفاً إلا ومرغني عليه«

    ------------------------
    «ياعتبتي السمراء المشوهة،

    لقد ماتوا جميعا أهلي وأحبابي

    ماتوا على مداخل القرى

    وأصابعهم مفروشة

    كالشوك في الريح

    لكني سأعود ذات ليلة

    ومن غلاصيمي

    يفور دم النرجس والياسمين«

    ----------------------
    عباس بيضون

    ساعة مع محمد الماغوط




    محمد الماغوط



    لا اذكر اول من قال لي بأن محمد الماغوط لا يتحرك من بيته وانه لضخامة ما صار اليه لا يستطيع ان يشيل جسده. قال انه يشرب نبيذا مخلوطا بالجِن وانه يعرض على طاولته اصنافا كثيرة من القناني الفارغة. ولا يتوقف مع امراضه عن الشرب والتدخين. لم اكن رأيت محمد الماغوط منذ زمن بعيد، كان حينها ممددا على كنبته يعاني الديسك، لكن فكرة ان يحبس نفسه بين قنانيه الفارغة كانت بالنسبة لي ذات نهايات درامية، كانت تستدعي هاملت ولودفيغ فيسكونتي وحتى طيار سكورسيزي المتأخر، وهم يتحررون من انفسهم وحيواتهم ويمنحونها بلا حساب لنوع من الانتحار الآلي اللاواعي او حتى الجنون الارادي. تحت وطأة صور كهذه. تهيبت كثيرا لقاء الماغوط. لم اعرف ماذا يمكنني ان افعل مع شخص حسم امره على هذا النحو، كان كل جدل وكل كلام بالتأكيد خلف ظهره، ولم يكن ممكنا ولا حتى اخلاقيا ان اشده من تلابييه لينظر الى الوراء او حتى ليسمعني.

    في حفل ذكرى ممدوح عدوان رأيت الماغوط على الشاشة، وهو يلقي كلمته في ممدوح. كانت فكرة تصويره ذكية بلا شك لكنها مخيفة. انها تعكس غيابا من نوع آخر، ليس موقتا ولا عرضيا على الاقل؛ غيابا اشبه بأن يكون طبيعة او حتى مصيرا. كان التصوير اعلانا عن وجود مهدد، او وجود معلق، بدا الماغوط في اول الشريط من وراء باب او ساتر كأنه في مكان لا تبلغه الكاميرا، في داخل خاص، بدا وجهه وجسده ثقيلين ومتعسرين. ثمة صعوبة هنا تطغى على كل تعبير، قام بحركة قبل ان يبدأ القراءة، ربما اطفأ سيجارته وهو يتطلع من وراء عبوسه ونظارتيه السميكتين. بدأ يقرأ لكن الحشرجة ابتلعت احيانا نصه، كان علينا ان نصيخ جيدا جدا لنلتقط الكلمات. نجحنا في ان نسمع لكن الحشرجة ظلت التي في ذاكرتنا وكأنها الهدير الذي يسبق مرور طائرة. بدت الحشرجة تقريبا الصوت الطبيعي لتلك الهيئة المقطّبة، سجينة مكان ما او حتى سجينة شيء ما.

    في الليلة ذاتها أسرّ لنا محمد ملص ان الشريط ممنتج. قال هذا على كأس، وفي عتمة الحانة جعل تصريحه الامور اصعب. كان هناك فوق ذلك كذب التقنية، الصاق ووصل. في ذلك كله ما يوحي ان في الأمر تركيب حياة.

    حين تمت دعوتنا الى زيارة الماغوط تلبكت، لكنني جلست مع جودت فخر الدين وسيد محمود وعبلة الرويني في الجيب وقفزنا في النهار العاصف. صعدنا طابقا واحدا بحسب سيد محمود تكرر ثلاث مرات. مررنا مسرعين في الكوريدور. كانت تنتظرنا على الباب صبية سلمنا عليها من دون ان نتبادل معها كلمة او ننظر اليها. تركناها تستقبل غيرنا واسرعنا في الكوريدور. ها هو محمد الماغوط فارشا جسده على كنبة وقبالته محمود درويش مضغوطا في طرف كنبة اخرى. ايام طويلة انقضت، عشرون سنة تقريبا، لم يتغير. كان فقط في صورة مكبرة، كل ما فيه بالكبير. بدا ذلك اكثر من ان يكون حقيقيا. كان موجودا وكأنه عملاق نفسه. عيناه. عيناه الكبيرتان المسلطتان النافرتان في العادة غدتا هائلتين. كان من الصعب معرفة إذا كانتا بهذا الحجم تملكان النظرة ذاتها، كان وجهه بملامحه المتضخمة اقل هماً مما بدا في شريط ملص، بدا ان "الصحة" طردت كل هم. بلا تجاعيد بدا وجه محمد الماغوط معفيا من العمر، بل معفيا من الوقت، ان لم نقل معفيا من الحاضر، كأنه صار، هكذا، شيئا من الحكاية او شيئا من السحر. كان بعيدا بهذه الصفة وكأنه في غير لحظتنا وغير نورنا، لم تكن امامه القناني الفارغة التي سمعنا بها، ربما بالغوا في ذلك. ربما شالوها من امامه لكنهم لم يشيلوا صينية الطعام الصغيرة الملأى التي ظهر في طرفها كرواسان في كيس بلاستيك. هل استعد لهذه الزيارة المزمعة سلفا. إذا كان استعد فإنه لم يهتم بأن يبدل ثيابه. بقي يرتدي ثلاث كنزات بارزة من تحت بعضها البعض بأي الوان واي نسق، أشبه في ذلك بمسني الضيعة الذين يكافحون البرد بكل ما في خزائنهم. لم يلق بالا بالطبع لسروال بجامته. كان مفلوشا على كنبته في تلك الصالة الضيقة نسبيا والتي يتقارب جداراها المليئان بلوحات اصلية نصفها، نصفها تقريبا بورتريهات متعددة الاحجام لمحمد الماغوط نفسه. البورتريهات التي تقدمه في اعمار مختلفة. من اوائل الشباب حتى الكهولة، وبدت شريطا صامتا لحياة محمد الماغوط وشهودا صامتين عليها.

    مسرورا كان محمد الماغوط بزيارة ضيوف ذكرى عدوان. كان في هذا تكريم قبله بامتنان وقطر صوته حفاوة بالقادمين. كان هناك في داخل الغرفة درويش وحجازي وفخر الدين وبزيع وسيد محمود وعبلة الرويني وشبان سوريون بالاضافة الى وزير الثقافة محمود السيد.

    لم يقل الماغوط كلمة ترحيب لكنه لم يحتج الى ذلك. بدت في وجهه. شاء فقط ان يكلم ضيوفه، اختار ان يبدأ من مطارح حميمة ومجربة. قال انه جاء الى الادب بغير استعداد، لم يحلم بأن يكون اديبا، لولا المصادفة لكان تزوج بابنة عمه وبقي في بلدته. يسره كما اظن ان يقدم نفسه على هذا النحو، ان يبدو وكأنه لم يتقصد شيئا، او انه اكثر فرادة من ان يأخذ شيئا بجد. حياته الطريق. هو ملك التسكع وطفل الحرية، والمصادفات تتكفل بكل شيء. احب ان يروي مجددا قصته عن دخوله الحزب القومي الاجتماعي، حكاية لا تخطئ ابدا وقعها. روى كيف وجد مكتبه اقرب الى بيته وكيف اغراه موقد المكتب بأن يدخل ليتدفأ. "لم اقرأ شيئا من ادبيات الحزب"، يصر ولا تعرف عندئذ اذا كان يتنصل من ادبيات الحزب ام من القراءة بجملتها، وتتساءل اذا لم تكن تلك الحكاية الذائعة عن فطرية الماغوط وبساطة ثقافته من صنعه ايضا. قال انه يكتب كل يوم ويملأ دفاتره بقصائد ستظهر بعد ذلك.

    بدا أفضل بكثير مما رأيناه في شريط محمد ملص، كان هذا مجلبة لمزاح حول نظرة ملص ونواياه. انتبه الماغوط الى كلامنا عن ملص لكن فاتته النكتة التي فيه، ظن ان المقصود هو بطء ملص المشهود وقال معلقا انه يفضل ملص لفيلم عنه، لأن فيلما كهذا لن يقيض له ان يراه وربما لن يقيض له ان يرى النور. رفع رأسه وقال لمحمود درويش انه كتب قصيدة عنه، طلب منه محمود ان يقرأها لكنه رفض ولم يلح درويش. نظر الى أحمد حجازي وقال انه احب قصيدته لاعب السيرك. قال ان خالدة سعيد نصحته بقراءتها، كأنه بذلك يحافظ على صورته الفطرية ويتجنب ان يظهر محترف قراءة. قال انه يكتب باستمرار. وضع كتابه الاخير الضخم "شرق عدن، غرب الله" على الطاولة واشار الى انه افضل ما كتبه في حياته. "اكتب للبسطاء والعاديين وهذا الكتاب كذلك". اذا كان هناك كتّاب كثر يفضلون ان يقولوا ان كتابهم الاخير احسن ما ابدعوه، في إلحاح نرجسي على شباب موهبتهم وفنهم، فإن الذين يفكرون في ان محمد الماغوط تراجع باطراد عن مستوى كتبه الاربعة الاولى انصرفوا عن التفكير في ان ما يعانيه ازمة كتابية. سمع حجازي الماغوط يقرأ عنوان كتابه "شرق عدن" بفتح الدال. كانت هذه مناسبة للتفوق على الماغوط لغويا، سأله حجازي اذا كان يقصد عدن المدينة او عدن الجنة القرآنية، استنتج أنه لا بد يعني الجنة ما دام العنوان يحوي ايضا "غرب الله". والمناسبة هنا هي بالتأكيد بين عدن الجنة والله، اذا كانت عدن الجنة فلا بد من انها "عَدْن" بتسكين الدال. استمع الماغوط لكنه عاند في تغيير لفظه، انها عدن الجنة لكنها بالفتح وستبقى بالفتح. كانت هذه مناسبة عصيان صغيرة، قال انه يعرف اللغة جيدا، قرأ القرآن وكاد يحفظه. لكنه لدى نشر كتبه في بيروت كان لا يتسامح في تصحيح اي شيء فيها ويصر على ان يحتفظ بكامل اخطائه اللغوية والمعنوية والابداعية "لم يكن الفطري هينا في مواجهة المتضلعين والمعلمين".

    سأله حجازي اذا كان يكتب سيرته. قال انه لا يهتم بها، يعنيه دائما الحاضر الذي هو فيه، كان هذا جوابا يقلب كل تكهناتنا.

    قال ان امل دنقل حفظ "الفرح ليس مهنتي" كاملا. كانت هذه مناسبة للحديث عن حافظة دنقل وشعره. وجد من ذكر "لا تصالح". قال درويش انه لا يفضلها ويؤثر عليها ديوان دنقل الاخير "الغرقة رقم 7". أثنى حجازي على رأي درويش لكنه قال ان شعر "العهد الثاني" ايضا رفيع ويزاوج بين "اللغة المقدسة" واليومية، كنا ايضا وبسرعة امام قراءة اخرى لأمل دنقل.

    في استطراد بلا مناسبة واضحة قال الماغوط انه تلقى من السياب رسالة من 18 ورقة كبيرة حبر على وجهيها مديحا مطولا لعبد الكريم قاسم. قال متأسفا انه فقد هذه الرسالة ولم ادر فيمَ الاسف. أهو لغياب رسالة من صديق او فقدان وثيقة في محاكمته.

    فجأة قال الماغوط انه يريد ان يقرأ قصيدته عن محمود درويش. فتح على صفحة دفتر وقرأ شيئا عن اشجار يمكن ان تغدو قاسية. افلتت في مواضع في القصيدة ايقاعات قديمة من شعره. كانت القصيدة قصيرة. سمعناها بدون تعليق تقريبا. كان هذا احترامنا العميق للشاعر الذي تربينا على قصائده.

    حديث من حجازي عن شعر الماغوط والسخرية العميقة الصادقة في شعره. يدخل شابان يقول المفوه بهما انهما لم يستطيعا صبرا عن اللحاق بهذه "النخبة من ادبائنا الكبار" وانهما يستميحاننا عذرا في اقتحام هذه الجلسة واقتطاع بعضها لبث اذاعي. قالا ان الماغوط وافق فلم يجد حجازي ولا درويش بدا من الموافقة. بدا الحديث مع الماغوط اقرب الى المناكدة. يجيب الماغوط وكأنه فقط يقطع دابر السؤال. اجوبة سريعة تتصنع الضيق "ماذا تحس بعد ان يغادرك الاساتذة" "انهم معي لا يغادرونني، معي حين اشرب وحين اكتب، معي على الكأس والطاولة وحتى في التواليت". "استاذ اخشى ان نكون ازعجناك" يصرفه الماغوط بلا هوادة "نعم ازعجتموني". انتقل الميكرو الى حجازي. سؤال عن الماغوط وشعره. اشاد بما فيه من سخرية ضرورية لكل شعر رفيع، وفجأة سؤال يقطع الجو تماما "هل انت هنا لتأبين مبكر للماغوط". وقف السؤال في الجو. بقي مسلطا هنيهة كبيرة، كان صدوره من الشاب المبالغ في تهذيبه غريبا للغاية. بدا نوعا من دوي صامت، من فضيحة معلقة. كان وقاحة صرفا، هل كان استعراضا، ام انها علبة باندورا انفتحت في اعماقنا. هل خفنا من السؤال لهذا السبب ام تحررنا منه فجأة. اجاب حجازي بأن الموت حق، لعل الشاب شعر بالورطة فغطاها بالهرب الى الامام. سأل درويش عن موته ايضا واستغرب درويش "ما لك تحمل تابوتا". قال الماغوط ان الموت فرح. قلل الجواب من الجنائزية التي صارت اليها الجلسة. الموت فرح. الموت حق.. كان واضحا ان الجلسة انتهت، وان على كل منا ان يتساير قليلا مع الشبح الذي خرج من داخله. (عن السفير).

                  

العنوان الكاتب Date
مع الراحل الماغوط ..حوار...وشهادات مطر قادم04-09-06, 03:15 PM
  Re: مع الراحل الماغوط ..حوار...وشهادات مطر قادم04-09-06, 03:37 PM
  Re: مع الراحل الماغوط ..حوار...وشهادات مطر قادم04-13-06, 03:50 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de