(يا اولاد .. الفطور جاهز).... نداء أمي الصباحي!!

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-27-2024, 03:15 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة عبدالغني كرم الله بشير(عبدالغني كرم الله بشير)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
12-11-2006, 04:34 AM

عبدالغني كرم الله بشير
<aعبدالغني كرم الله بشير
تاريخ التسجيل: 12-06-2005
مجموع المشاركات: 1082

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
(يا اولاد .. الفطور جاهز).... نداء أمي الصباحي!!

    ***
    طفولة ...!! (الفصل ؟؟)
    ***

    صبيحة الغد، امتحان الجغرافيا...

    أمرت أمي، أخواتي الصغار بالخروج من الأوضة، والغناء في حوش الدار، لعرس وهمي، وعلى طبل من جالون شل، والعروس سارة، والعريس هبة، بمقدور أخواتي ان تتزوج البنت بنتا، وتلد بعد دقائق من العرس فارسا، لا يشق له غبار...

    غرفتي بعيدة عن سعال حبوبتي، وقريبة من أوضة اختي الكبرى (حديثة الولادة)، والتي اختزل وليدها كل اللغات في البكاء فقط، سوى كان جائعا، ام عطش، أو يريد الغطاء، أو حتى فرحاً وعلى أمومة أختي ترجمتها كما ينبغي، وبسرعة البرق، فهو لم يتعلم الصبر بعد، كأمي، وكالإله في السماء!!

    خرست الدار بأوامر أمي، أمي تحلم بدكتور بهي الطلعة، ولكن لم يخرس نباح الكلاب ونهيق الحمير، وطيف آمنة، وهو أخطرهم جميعا، ونقاط الزير، والذي يثير كنه الوقت، بإيقاعه الموزون، مستغلا عتمة الليل، وسكونه..

    وضعت امي فانوس الزيت وسط الغرفة، ألسنة اللهب تتراقص مع النسيم الواهن، والذي يدخل من النافذة، وكأنه يتكاسل من الذهاب لباب الحوش البعيد، مثلي، رغم جبروتها، وقدرتها على إلتهام حقل قمح كامل، كما فعلت في عام تعيس لمخزن خالي دفع الله، تستلم للنسيم رغم حرارتها القبيحة، ومع هذا لم ينفر منها النسيم، كم تنفر أناملي حين تحرقني على غرة، ويظل مهيمنا عليها، لا يريد أن يقتلها، يتلاعب بها كغزال ولبوة، وهي راضية، ويظهر هذا في رقصها المستسلم، ومعهما يرقص ظلي على الحائط الطيني الخشن، تمتد أنفي حتى الركن، بل تنحني مع الركن، وكأنها تريد أن تشم أي تمرة مخفية، أو طحنية، ومع هذا لم أحس بألم، من تمطط أنفي على حائطنا الطنيني، ولم تفارقني أرنبة أنفي، ولكن فانوسنا الزيتي مهجساً بهذه الرسومات السريالية...

    تتموج الظلال على صفحة كتاب الجغرافيا، كنت راقد في السرير، هذه عادتي في القراءة، أمواج من ضوء تتموج على صفحة الكتاب، وبين السطور، نار ونور، كما يلد عصب الحيوانات الموسيقى، ضوء شاحب، يحاكي ضوء القمر، جعل غرفتي كمعابد الهنود، مناخ ديني عميق، خلقه نور الفانوس الزيتي، خوف لذيذ، أشبه بخوف الراهب من غرائزه النائمة، كل الاشياء تتحرك، في ظلالها على حائط الاوضة، وعلى ارضيتها الترابية، ظلال علبة السكر، وبرطمانية الزيت، والراديو، وترسم اشكال غريبة، لم تحلم بها مخيلة بيكاسو العذبة..

    الصحفة 63 من كتاب الجغرافيا، بلا غلاف، متآكل الأطراف، مزخرفة صفحاته ببقايا طعام، وزيت وطحنية، وشعيرية جافة، علقت كالدودة، الصحفة الأخرى مطوية، وممسك الكتاب بيدي اليسرى، واليمنى تحت رأسي، يبدأ الكتاب من الصحفة (17)، وينتهي في الصحفة (113)، والصحفة 17 تتخذ شكل المثلث، كل سطورها ناقصة، ماعدا الأخير، أما الأول فيبدأ بحرف واحد، (ك)، والسطر قبل الأخير ينقصه حرف واحد، أطراف الكتاب منفوشة، حين اضعه على المخدة يبدو كهرم مقلوب، ولكني دائما ما اضعه تحت المخدة، خوف ان تلتهم معزتنا الجائعة، القلوب والاسهم التي تخترقها، تملأ اغلب صفحاته، واسماء ثلث فتيات الحلة مدونة عليه، لست انا المجرم، وإن اضفت اسم (آمنة)، في وسط القلب، والسهم يخترقه، وثلاث دمعات حارة، ورب الكعبة،خفت أن تثقب صفحات الكتاب كلها، ولكني خير خلف لخير سلف، بل هناك اسماء فتيات مكتوبة بصورة طفولية، وفيهن من تزوجن، وانجبن، وتطلقن..

    (خريطة نهر النيل، المنبع إلى المصب)، نهر النيل، قريتي تنام وتصحو وتلعب وتبكي وتفرح على ضفافه، يبدو كخيط رهيف، يتعرج من أسفل الصحفة حتى أعلاها، حسب حبه للوهاد، وخوفة من الجبال والتلال، ليس بمقدوره أن يتسلق الجبال كالقرود، ولا أن يطير كالصقور، ولكنه يحبو مثل (سعد ابن اختي الصغير، المزعج)، والمدن الكبيرة تبدو عبارة نقاط سوداء (جوبا.. ملكال.. كوستي... الخرطوم.. عطبرة ...دنقلا ، مدني)، لا أثر لقريتي، أحسست بإضهاد ما، وبغرور يحتضر، وبخوف من السماء، أهي أيضاً.

    حين خرج النيل من يوغندا، هل كان يعرف جهته، قاصدا أهله مثلاً؟، أما كان يتسكع كمتشرد، جاعلاً من المشي وسيلة وغاية، كالشعراء، هل كان يعلم؟ أو يحس بحدسه المرهف، بأنه سوف يلتقي بشقيقه النيل الأزرق في مقرن الخرطوم، أم كانت مفاجأة سعيدة، جعلتهما يلتحمان في حضن سرمدي، يجري يسارا، ثم يعود، يمنا ثم يعود، يبحث عن شئ نفيس ضائع، ذهب أم قبر ولي أم شجرة سماوية، كي يقيل فيها، ويروي جذورها السعيدة، هل كان يدرك بأن الخرطوم ومروي ستشيد على ضفافه، وحقل خالي دفع الله يروى منه، وعباس أبن خالي، سوف يغرق فيه، وأدريس يتوضأ منه، نعمة ونقمة، حين يثور، يبدو كثور، لم يقتل، كملاك الموت، عاقلا، بل مبشر بالجنة، بل يعيش فيها، من الذي قتل عباس، النهر أم ملاك الموت، أم هما شيئاً واحد، هل خرج ملاك الموت، الساكن في الجنة إلى الأرض كي يغرق عباس، وجاء للارض، فارق جنته، أم الجنة بداخله، تبدو لي، أن الجنة بداخله، لأنه خالد فيها أبدا، نعم ملاك الموت عاقل، وحكيم، ورحيم، ولهذا يسكن الجنة...حتى تلك التي بداخله، إنه رحيم، رغم تلوثه بالدماء، وإلا لما سكن الجنة، خالدا فيها أبدا..

    *****

    النيل يخرجني عن مذاكرتي، ويجعلني احب الشعر، أكثر من كل الاشياء، أمي حريصة علي، وأنا حريص على غريزتي، أود أن أطير، وأحلق، وأدخل المقابر، وأتلكم مع العصافير، وأنام مع جذور الاشجار، وأمي تريدني مجرد دكتور، محاط بمرضى، وتملأ أذنيّ العطاس والانين والسعال.

    صوت الجالون، بل الطبل يخرجني من عالمي الداخلي، كعادته كل مساء، يعلو صوت الجالون، الطبل الحديدي، فقد خرج الفارس، من خيال أخواتي، كي يلعب معهن، ولهذا خلقنه، الخيال مغرض، يتصارعن في الزواج به، سارة وهبة ورشا، يخرج صوت الفارس من فم رشا:

    اريد الزواج من سارة!!

    تغضب هبه، وتضرب وجه الفارس، وجه رشا، فيبدأ العراك والصراخ، حقيقة لا مجاز، فتصرخ أمي، من وراء الحجرات:

    اسكتوا يابنات، مدثر بذاكر!!!

    ويبدأ العرس الوهمي مرة أخرى، ويعلو صوت الجالون الحديدي، وهذه المرة الغناء من اجل الغناء، أنهن اعضاء بارزات في مدرسة (الفن للفن)..

    تصرخ امي، وتعصي اخواتي، بل لايسمعن صراخها مع ضجة وهرج العرس اليومي، وللحق، لا أحد يخاف من أمي، وخاصة أخواتي، وأنا.

    اسكتو يابنات...

    أمي لا تعرف، أن طيف آمنة بداخلي، أعلى وأغلى وأحلى، من أصوات اخواتي، العاريات، الجائعات أغلب الاوقات، النائحات، في فرحهن، حياة متمسكة بقشة القوت، كي لا تنقرض كالديناصورات، كثقافة شفوية عظمى، ابتلعها فم الزمن، ذلك الماحي العظيم...

    فجأة، يخرس المكان، تنتهي اليقظة ويبدأ النوم عند أخواتي، بلا نزاع، كحائط كبير، ابيض واسود، وخط مستقيم يفصل بينها، بين اليقظة والنوم، وكأن اليقظة احذت حقها كاملاً، وآن للجسد أن ينام، كما يطفئ النور، هكذا تتلاشى اليقظة، كالنور، ويعم ظلام النوم، بل ضياء النوم، فتغرق اخواتي في نوم هنئ، في فسحة الحوش، على اديم الارض، وظل الجالون واقفا، بعد ان فقد روحه، كان طبلا، يوزع وينفخ الموسيقى في جسد الدار الفاترة، تصل ايقاعاته إلى الفئران والدجاج والماعز، فتحس بأنس، ويقشعر جلدها له..

    لم يعد سوى جالون، مطفق، مهترئ، بردت اطرافه، من فراق ايدي اخواتي الغضة، والتي تنفخ فيه الروح كالمسيح، بل أنضر، وأخضر..

    بيوتنا، نبتت كالنيم من الأرض!!

    النهر يجري من أسفل الصفة إلى اعلاها، حفر مجرى طويل، بلا طورية أو كوريك، كم قوية رقة الماء، ألم تقتل رقة عبلة، عضلات عنتر، لا أثر للتراب على ضفافه، هل ألتهم التراب؟ أم جرى به في بطنه، كحامل، وألقى به في البحر القصي، هل زحف نحو الخرطوم كي يطوقها، الخرطوم لم تكن، حين كان، (اين كانت)، اقشعر جلدي، حين محى الخرطوم وقريتي من الذاكرة، وتخيل مكانها غابات كثيفة، وكان النيل يجري لوحده بينها، ياله من زمن، يمحو ويثبت، منذ بدء الزمان، كالارقام، لا نهاية له، ولا بداية، وبينهم يمد نهر الزمن قامته..

    ****

    توقظنا الشمس، بعد ان ايقظ الديك، أمي في عتمة الليل، أن كانت حقا قد نامت، وللحق، لم أرى امي نائمة، كنت انام وهي صاحية، واصحو وهي صاحية، بل كثيرا ما كنت اصحو، في منتصف الليل، كي اتبول، فاسمع صوتها (أولع ليك الفانوس)، فأرفض، لأني أعرف طريقي بالذاكرة، وخلال عتمة الليل، تبدأ وردية البول، فتصحو اختاي، رشا، ثم سارة، حتى صياح الديك، كنت اتمنى أن اسبق امي في اليقظة، أصحو قبلها، ولكن هل (يسبق الغزال قرنيه)؟

    ***

    تخرج اختي رشا من الدولاب، وأخرج انا من تحت العنقريب، ، والنسيم المحمل برائحة الجرجير من النافذة، حين نسمع صوت أمي:

    (الفطور جاهز)...

    ويخرج صوت مونتي كارلو من باب البرندة، حيث خالي، خالفا كرعيه، وتهتز سبحته، كما أرها كل يوم، وأنا ألعب تحت العنقريب، ذو السقف ، المنسوج من الحبال المتداخلة كشبك جميل.
                  

12-11-2006, 04:58 AM

سامى عبد الوهاب مكى
<aسامى عبد الوهاب مكى
تاريخ التسجيل: 01-06-2005
مجموع المشاركات: 4971

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: (يا اولاد .. الفطور جاهز).... نداء أمي الصباحي!! (Re: عبدالغني كرم الله بشير)

    ****

    لوحة
                  

12-12-2006, 01:59 AM

عبدالغني كرم الله بشير
<aعبدالغني كرم الله بشير
تاريخ التسجيل: 12-06-2005
مجموع المشاركات: 1082

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: (يا اولاد .. الفطور جاهز).... نداء أمي الصباحي!! (Re: سامى عبد الوهاب مكى)

    عزيزي وأخي سامي...

    اكتب هذه الايام عن الطفولة، قبل أن تفلت من الذاكرة، ولأن مسرح الاحداث تغير جذريا، فالثلاجة احتلت مكان الزير، والدش مكان الحبوبة والخالات (في الحكي والسرد)، واللمبة مكان القمرة، والعربة بل والرقشة مكان الحمير، و(كابو)، مكان الحليب الطارج من الضرع، جرى هذا التغير في القرى، وفي قريتنا بالخصوص، على ضفاف النيل الازرق، واحتلت الحافلات السريعة مكان البص (بت فورد)، والزلط مكان الشوارع الترابية الملتوية، و التي تحج بك لامضبان والعيلفون وابقرون، وتلف وتلف، أكثر من ساعتين كل تصل الخرطوم، واليوم في نصف ساعة، بل أقل، وانت مستمتع بمصطفى سيد احمد تصل للخرطوم،
    كتبت عدة فصول، وعدة مشاهد عن الطفولة، عن الاسواق الشعبية، عن حلق الذكر، عن الفطور، عن الحقول، عن السباحة في النيل، عن صوت المكشاشة، وعن رحلة (البص الطويلة للخرطوم)، وهي تبعد 37 كيلو فقط عن الخرطوم، وعن (سوق امضبان، هذا السوق الغريب، العجيب، المثير)، يجمع امشاك ومريدين ودراويش، وباعة، حقا مثير..
    وكي امسك بتلكم الذكريات، قبل أن تلفت من الذاكرة، وقبل أن تمحى الصور القديمة من الوجود، فلذكرى جوى وشجن خاص، طروب ولذيذ، رغم المعاناة، والتعب..
                  

12-11-2006, 05:09 AM

ابو عثمان
<aابو عثمان
تاريخ التسجيل: 12-15-2002
مجموع المشاركات: 1389

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: (يا اولاد .. الفطور جاهز).... نداء أمي الصباحي!! (Re: عبدالغني كرم الله بشير)

    Quote: وضعت امي فانوس الزيت وسط الغرفة، ألسنة اللهب تتراقص مع النسيم الواهن، والذي يدخل من النافذة، وكأنه يتكاسل من الذهاب لباب الحوش البعيد، مثلي، رغم جبروتها، وقدرتها على إلتهام حقل قمح كامل، كما فعلت في عام تعيس لمخزن خالي دفع الله، تستلم للنسيم رغم حرارتها القبيحة، ومع هذا لم ينفر منها النسيم، كم تنفر أناملي حين تحرقني على غرة، ويظل مهيمنا عليها، لا يريد أن يقتلها، يتلاعب بها كغزال ولبوة، وهي راضية، ويظهر هذا في رقصها المستسلم، ومعهما يرقص ظلي على الحائط الطيني الخشن، تمتد أنفي حتى الركن، بل تنحني مع الركن، وكأنها تريد أن تشم أي تمرة مخفية، أو طحنية، ومع هذا لم أحس بألم، من تمطط أنفي على حائطنا الطنيني، ولم تفارقني أرنبة أنفي، ولكن فانوسنا الزيتي مهجساً بهذه الرسومات السريالية...



    لقد ارجعتني بهذا التصوير الرائع الي ايامأ" جميلة انقضت من عمري وتسربت من بين اصابعي- كنا نسمي هذا الفانوس اللمبه ام ضنيب- اياما" كانت تسودها البهجة والحبور والصدق النبيل

    تحياتي وفي انتظار المزيد
                  

12-11-2006, 10:11 AM

hanadi yousif
<ahanadi yousif
تاريخ التسجيل: 06-03-2005
مجموع المشاركات: 2743

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: (يا اولاد .. الفطور جاهز).... نداء أمي الصباحي!! (Re: ابو عثمان)

    سرد جميل وممتع ومفردات كانها تحتفل بنا يجبرني السرد وياخذني بعيدا لزكريات حميمة كانها لوحة تخصك بكل ما جاء فيها او كأنك واحد من ابطال القصة او كأن القصة مكتوبة عن حياتك وحياة الناس حولك
    او عايزة اقول انو عمل مبدع يجيد سرد واقعي لحياة ناس يخصونا.
    *بلدي حبلى بالمبدعين وانا اطلع الان على سردك الجميل ورواية الخريف ياتي مع صفاء لاحمد المك اجد نفسي مليانة بفرح مغرور لان ببلدي رغم العتمة منتجين ومبدعين
                  

12-13-2006, 02:32 AM

عبدالغني كرم الله بشير
<aعبدالغني كرم الله بشير
تاريخ التسجيل: 12-06-2005
مجموع المشاركات: 1082

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: (يا اولاد .. الفطور جاهز).... نداء أمي الصباحي!! (Re: hanadi yousif)

    العزيزة هنادي...

    لكم الود، في شتاءات المتوسط، حيث نجيب، وخيري شلبي، ويحي حقي...
    للسودان حكاوي، قديمة، وعميقة، وحكيمة، من طبقات ودضيف، إلى فاطمة السمحة، إلى كلية غردون، وصبية صغار، صاغوا وجه الوطن بالفداء والمعرفة والإيثار...
    لنا وطن جميل، اصابه صدأ، ولكن يظل جوهره عميقا، عصيا، أنه وطن (محمود، وعبدالخالق، والطيب صالح، وودبدر، وأناس بسطاء، وأقوياء، وحكاوي تتجاوز المألوف والعادي، فالتصوف في بلادي فجر قدرات الإنسان غير المحدودة، وكأنهم درسوا الباراسيكولوجي قبل الغرب والشرق، (فالإنسان معجزة ماثلة)...

    لوطني حكاوي، وحكاوي، الاطفال يسوقون الرقشة، ويعولون أسر، ويسجلون الاهداف بكرة شراب، ومع هذا يتجاوز فرحهم (زيدان ورونالدينو)، فالفرح في (القلب ا لنقي)...

    احداثيات وطني غريبة، صاغته الإدارة المختفية في إطلاقها بشكل غريب، زخرفته بشتى السحن، والامشاك، وفتنته، وجرت بأديمه حكاوي عصية الفهم، والتفسير...

    ولكن لبلادي عقول كبيرة، عقول صافية..
    ولكن لبلادي عزائم قوية، لا تقهر..
    ولبلادي فجر، أغر، ضاحك باسم، نرى هذا في وجوه البسطاء، في ميدان ابوجنيز، وفي ا لاغاني الشعبية، وفي صيوانات العزاء..

    بلادي خاصة، وطريه، ولعوب...

    ستضحك غدا.. ضحكة كبرى، يسمعها العالم، (وأخرج للملأ في ثوب عرسي، وابسم (بعد ما طال عبسى)

    عزيزتي هنادي،
    يحلو الحديث معك، فالفاكهة الطازجة، تسيل لعاب الخواطر، والتأمل...

    لك المحبة، والتقدير، والامتنان، أيتها النحلة، المليئة بالنشاط، والعسل، والترقب..
                  

12-12-2006, 07:07 AM

عبدالغني كرم الله بشير
<aعبدالغني كرم الله بشير
تاريخ التسجيل: 12-06-2005
مجموع المشاركات: 1082

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: (يا اولاد .. الفطور جاهز).... نداء أمي الصباحي!! (Re: ابو عثمان)

    عزيزي ابو عثمان

    كيفنكم، لك الحب والتوفيق...
    أود تذكر الطفولة، استدرجها بالكتابة، فما أجملها، وما أنضرها،، انها دهشة كبرى، لعالم وليد

    عالم رخو، في يد الطفل، الشجرة، الألوان، السحب، الروائح، الأمل، الإله، اسئلة تملأ عقول الأطفال دوما...

    وكل الإجابات، تظل باهته، وكل الحروف تصير عاجزة..
    الطفولة... أنها فرحة بالحياة، بالحياة كلها...
    أنها جنة!!!!!

    لك حبي، وامتناني
                  

12-12-2006, 02:34 AM

Nana


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: (يا اولاد .. الفطور جاهز).... نداء أمي الصباحي!! (Re: عبدالغني كرم الله بشير)

    يا سلام يا غني

    سرد ممتع وجميل ،، يأخذنا إليه طواعية

    حيث الحياة تنبض بالصدق والبساطة في الزمن الجميل

    حروفك يا غني شكلت لوحة فنيه ،، اكاداجزم اني رأيت رشا

    وسارة ،، وكأني على مسمع من نداء الوالدة لفطور الصباح

    حتى تيقنت اني عايشت كل الاحداث ، بل واكثر من ذلك احسست بالإشباع

    وكأني التهمت كل الفطور المعد في تلك البقعة النقية

    اخي غني سلمت
                  

12-14-2006, 01:33 AM

عبدالغني كرم الله بشير
<aعبدالغني كرم الله بشير
تاريخ التسجيل: 12-06-2005
مجموع المشاركات: 1082

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: (يا اولاد .. الفطور جاهز).... نداء أمي الصباحي!! (Re: Nana)

    العزيزة نانا...

    لا حد للدهشة، والتعجب من الكون الماثل، إنه يزخرف وجهه كل ثانية، بل أقل، واقل، واقل، تلك سنته، ملول من التكرار، والأعادة، يجري دوما نحو كامل، خلق الزمن لهذه المهمة، وكذا المكان، للأطفال قدرة على تذوق المشاهد المتجددة دوما، ليس للطفولة سن، سقراط كان طفلا، واليسوع، ومحمد، أعمارهم قصيرة، أمام أبد يمد طرفيه للإطلاق، في الماضي والحاضر...

    للطفولة سحر، وحلم كبير، الاطفال يحدقون للمستقبل بعيون مستبشرة، يتطلعون لأمل كبير، سعداء بالقمر، وبالنهار، وبالزهور، وبالحكاوي، والحشائش...وبالأسرة، وبالألوان، وبكل ... شئ...

    إينما ما تولي، فثمه وجه جميل، وجديد، وغامض، وعصى، ومفرح..

    ليس للحلم حدود.... يمد جناحه بعيدا، بعيدا، كي يطير لجنة بعيدة، وقريبة جدا..

    الاطفال... الاطفال.. ضجة الحياة، وخمر الكون..

    عميق شكري، لك ايتها الاصيلة،

    مع امتناني واحترامي الكبير،،،
                  

12-12-2006, 02:53 AM

محمد أبوالعزائم أبوالريش
<aمحمد أبوالعزائم أبوالريش
تاريخ التسجيل: 08-30-2006
مجموع المشاركات: 14617

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: (يا اولاد .. الفطور جاهز).... نداء أمي الصباحي!! (Re: عبدالغني كرم الله بشير)

    يا سلام عليك يا جميل

    الصورة موجودة في كل قرية .. وفي كل بيت .. وإنت وضعتها في لوحة زاهية .. جميلة .. ممتعة

    يديك العافية
                  

12-14-2006, 02:59 AM

عبدالغني كرم الله بشير
<aعبدالغني كرم الله بشير
تاريخ التسجيل: 12-06-2005
مجموع المشاركات: 1082

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: (يا اولاد .. الفطور جاهز).... نداء أمي الصباحي!! (Re: محمد أبوالعزائم أبوالريش)

    Quote: الصورة موجودة في كل قرية .. وفي كل بيت .. وإنت وضعتها في لوحة زاهية .. جميلة .. ممتعة

    عزيزي ابو العزائم...


    حقا.. (ان قصة الفرد البشري، هي قصة الإنسانية جمعاء)...في كل قرية، في كل بيت، في كل فرد..

    قلب، وعقل، وغرائز، وتحديات، أنها قصة الإنسان على البسيطة، بالامس واليوم..

    وبيني وبينك، الايام دي احداث الطفولة، ووقائعها ماثلة امامي، مشاهد حية، اشم واتذوق رائحة التراب، والمطرة، ورائحة البطانية، ورائحة اللحاف، وهم حصة التسميع، وصوت المكشاشة الصباحي، والقفز الممتع في سرير (اليآي).....

    كنت اركب حصاني (وهو خرطوش أضعه بين أرجلي النحيفة، المشققة،)، ثم اركض للعب، أو للدكان، أو للطاحونة..

    كنت جني، وجن (السفنجة) فبطن رجلي، تحب اديم الارض (ومستعدة لتحديات الشوك والحصى وعلب الصلصلة)...

    ... لك الحب، والتقدير..
                  

12-12-2006, 01:14 PM

منى أحمد

تاريخ التسجيل: 01-27-2006
مجموع المشاركات: 362

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: (يا اولاد .. الفطور جاهز).... نداء أمي الصباحي!! (Re: عبدالغني كرم الله بشير)

    أستاذناالقاص الفذ
    عبد الغني كرم الله بشير

    لو تدري كيف و كم رافقتك !
    و حين عدنا كل على طريقته
    داهمتني دفقة العذاب الشهيرة تلك
    التى تعقب قراءة النصوص الجميلة
    التى تمسك بتلابيبنا!
    عشاق القراءة يعرفونها جيداً
    كتبت عنها بإسهاب قبل هذا
    و لمن لم يصل إليها بعد
    هى ذلك المزيج المتناغم من
    الخدر اللذيذ و التحديق ببلاهة
    في الفراغ أمامك لفترة قد تطول أو تقصر
    الأمر مرهون بتفاعلاتك الدخلية !!
    دفقة العذاب تلك يتلاشى تأججها تدريجيا
    و يخفت يوما بعد يوم إلى أن تصبح
    مجردقطعة صغيرة مطرزة و جميلة
    في قماش الذاكرة الناعم
    نعود إلى استنهاضها
    كلما سنحن لذلك سانجة!

    أشكرك على النص الخلاب
    و على دفقة العذاب
    و أتمنى أن تكمل
    فلا زال للنص نفس ممتد

    مودتي
                  

12-12-2006, 06:09 PM

Abu Eltayeb

تاريخ التسجيل: 06-01-2003
مجموع المشاركات: 2200

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: (يا اولاد .. الفطور جاهز).... نداء أمي الصباحي!! (Re: منى أحمد)

    فوق الفوق
    يا صديقى الرقيق ,
    إلى أن نستفيق من
    حالة الإستلاب والحكى الخلاب !

    مامون
                  

12-13-2006, 02:06 AM

Abu Eltayeb

تاريخ التسجيل: 06-01-2003
مجموع المشاركات: 2200

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: (يا اولاد .. الفطور جاهز).... نداء أمي الصباحي!! (Re: Abu Eltayeb)

    واصل يا عبدالغنى ,
    أها وفطرتو بى شنو؟!
    ما شميناو عديل
    الفطور ده !
    وشمينا رائحة
    عبير الأم الما بتغبانا!!!

    مامون
                  

12-14-2006, 07:18 AM

عبدالغني كرم الله بشير
<aعبدالغني كرم الله بشير
تاريخ التسجيل: 12-06-2005
مجموع المشاركات: 1082

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: (يا اولاد .. الفطور جاهز).... نداء أمي الصباحي!! (Re: Abu Eltayeb)

    Quote: أها وفطرتو بى شنو؟!
    ما شميناو عديل
    الفطور ده !
    وشمينا رائحة
    عبير الأم الما بتغبانا!!!


    عزيزي مامون، كيفك (اليوم لم اسمع صوتك تب... المانع خير!!!

    بخصوص الفطور، هناك (فصل كامل)، عن الفطور... منذا ان تضع امي الصينة، وترفع يديها المباركة، ولن تسمع كشكشة قويشات ذهبية (فكل الاشياء الثمينة داخل امي)، وإلى أن تلعب رشا وهبة ببقايا الطعام فهن من أنصار (نأكل لنعيش، لنفكر، لنركض لنفرح)...

    عزيزي مامون، للعلم، هذه رواية طويلة، عن الطفولة، وفيها عدة فصول، (هذا الفصل الثامن منها)، وطبعا متردد في نشرها كلها، بسودانيزاونلاين، (لأنو للناشرين قيود، وشروط، ودكتاتورية)...

    لك الحب، والشوق والمحبة
                  

12-13-2006, 04:30 AM

عبدالغني كرم الله بشير
<aعبدالغني كرم الله بشير
تاريخ التسجيل: 12-06-2005
مجموع المشاركات: 1082

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: (يا اولاد .. الفطور جاهز).... نداء أمي الصباحي!! (Re: منى أحمد)

    Quote: عشاق القراءة يعرفونها جيداً
    كتبت عنها بإسهاب قبل هذا
    و لمن لم يصل إليها بعد
    هى ذلك المزيج المتناغم من
    الخدر اللذيذ و التحديق ببلاهة
    في الفراغ أمامك لفترة قد تطول أو تقصر
    الأمر مرهون بتفاعلاتك الدخلية !!
    دفقة العذاب تلك يتلاشى تأججها تدريجيا
    و يخفت يوما بعد يوم إلى أن تصبح
    مجردقطعة صغيرة مطرزة و جميلة
    في قماش الذاكرة الناعم
    نعود إلى استنهاضها
    كلما سنحن لذلك سانجة!



    العزيزة، والمبدعة، منى !!!

    كم تمتعت بوصفك لمتعة (القراءة)، هذا الاكسير الغريب، كم احب القراءة، سريري محاط بقلاع كتب، حين اخلو إلى كتاب، وانسحب من كل العوالم حولي (حتى الرعد، بل القنابل التي تخرج من شاشات التلفزيون، لا اسمعها، ففي طلوع البدر ما يغنيك عن زحل، للقراءة نبض خاص، تنتظم ضربات القلب، وتنزعج، حسب النص ومناخاته، للقراءة سحر، وفنون، تفتح نوافذ في الذات، تمس كينونة الفرد، تلامس وحدته القاسية، تخاطبه كملك، تثير فيه اشجان والحان وذكريات واحلام، تزخرف احشائه، كم أحب القراءة، حقا، كم احبها،، بل اغوص كسمة في نهر النص، وكانني مسحور، ويمارس النص علي سلطته، سواء كان حديثا ام قديم، فلسفي ام تاريخي، أبكي لفتاة فقيرة، وامسح دموعي من حرب انقضت منذ ألف عام، أحس بدون كيشوت، واحس بالعجوز سانتياغو، حين بصق على البحر (خانه البحر، وسمك القرش)، ما اعظم قصص همنجواي واخوته، وقصص العبقري الروحي (هيرمان هيسه)، هذا الالماني المزعج للروح، كالمسيح..

    اختي مني، (دفرتيني)، بكلماتك الثمان، العماق، لمناخات القراءة، (يالله)، منذ الطفولة، ودنيا ميكي ماوس، والشياطين والالغاز، ثم اجاثا كريستي، الفريد هتشكوك، ثم ألف ليلي، ثم .. ثم، بورخيس، وكافكا.. وغينوا اتيشيبي، (ومضى عهد الراحة)..

    مالك، أيتها المنى.. وللحق، لي تجارب شخصية مع القراءة، فهي تملأني بالغبطة، وبالشجاعة، اذكر في شتاء من شتاءات الدوحة، كنت متوتر، لا أدري السبب (وما أكثر هذه المنغصات في دنيا اليوم)، وكنت اتجول في معرض الدوحة الدولي لكتاب، واشتريت مجلد للعبقري الروسي (تشيخوف)، فحضرت للغرفة، محزونا، وأخرجت المجلد، وغصت في البطانية، وكانت القصة عن طفل، يتيم، يرسل خطاباته لجده في مدينة أخرى، والقصة مجرد خطاب، ااااااااااااااه، مجرد خطاب طفولي، برئ، حزين، بكيت وبكيت وبيكت، له، ولتشيخوف، وللدنيا، وأطرف ما في القصة، بل ما في الفجعية ان الجوابات لا تصل للجد لأن الطفل يلقيها في صندوق مهمل، (في انتظار جدود..
    القراءة فكر، ورحيل، وامتحان للوعي، وللذوق وللفهم..

    في الشتاءات، تدخل في البطانية، ثم تسرح مع (موسم الهجرة)، ومع (ثرثرة فوق النيل)، وتلكم الشكوك العذبة في العوامة التاريخيه..

    للقراءة شجون.. والحان، وقارب ينقلك لضفاف بعيدة .... في ذاتك...

    القراءة ملح، وحليب، وعسل، ..
                  

12-13-2006, 04:39 AM

Alia awadelkareem

تاريخ التسجيل: 01-25-2004
مجموع المشاركات: 2099

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: (يا اولاد .. الفطور جاهز).... نداء أمي الصباحي!! (Re: عبدالغني كرم الله بشير)

    Quote: القراءة ملح، وحليب، وعسل، ..


    تسجل حضور

    ووعد متابعه

    وصرة دهشه

    محبتي لكل هذا البهاء الذي يغمر بهو هذا المكان

    وتحيه لكاتبنا عبد الغني

    محبتي

    عاليه
                  

12-13-2006, 05:45 AM

كمال علي الزين
<aكمال علي الزين
تاريخ التسجيل: 11-14-2006
مجموع المشاركات: 13386

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: (يا اولاد .. الفطور جاهز).... نداء أمي الصباحي!! (Re: Alia awadelkareem)

    عبد الغني ..

    أجمل الكلمات ماتخرج , من ركن المحبة , في مخزن الذاكرة ,

    وأصدقها أيضاً ..

    عبدالغني ..

    ذلك المحب ..

    القلق ..

    بشويش ..

    حزاري ..

    فقد سبقك همنجواي ..

    إلى الإنتحار ..

    كما سبقك غيره ..

    إلى الجنون ..

    فتذود ..

    من المحبة ..

    وإنزل إلى مستوى فهمنا ..

    وتلطخ قليلاً ..

    بوسخ الدنيا ..

    وقبح نفسك ..

    ببعض الكراهية ..

    علك تنجو ..

    من هذه وتلك ..



    محبتي ياصاح ..
                  

12-17-2006, 10:36 AM

عبدالغني كرم الله بشير
<aعبدالغني كرم الله بشير
تاريخ التسجيل: 12-06-2005
مجموع المشاركات: 1082

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: (يا اولاد .. الفطور جاهز).... نداء أمي الصباحي!! (Re: كمال علي الزين)

    عزيزي كمال..

    العالم آسن، لا شك، فلم كرتون، تقسيم الثروة مضحك، وتقسم السلطة أضحك منه، والرأي العام، بسلطته المخفية، يقتل ويبيد ويشوه الفطرة السوية، (كل المساجين، والمرضى النفسيين، نتاج تربية، ومناخ ووضع اقتصادي وروحي فاسد، ومضر، ومؤذي)، هل يجنى من الشوك العنب؟ ، حتى المناخ، كشر عن انيابه، على قاعدة الموت مع الجماعة عيد، (دكتاتورية الأغلبية)، فأرسل الرياح الصرصر، والفيضانات، والطبيعة (فمن شابه أباه ما ظلم)، ، اسفرت عن وجه جديد، أنها تحاكي الساسة، فهاهي تفيض، وتجوض وتزلزل، وتمطر، كي تشارك في (كعكة الإرهاب والفساد..والكباب!!)... عالم مضحك، مسرحية واقعية، تجاوزت عبث دون كيشوت، وسارتر، وبيكيت..
    عالم لا يستحق سوى الرثاء، والتهكم، والشفقة..

    الواحد يطلع كرسي، ويتفرج على مسرحية يومية، طولها 24 ساعة، وتجري على مسرح كبير، هو الارض، وأبطالها الجميع، والخونة حزمة صغيرة، والمظاليم هم الجميع، حتى الخونة هم مظاليم، وقعوا في متاهة النفس السفلى، (الجوع، حذاء بمليون للفنانة ......، اغنية فديوكليب لنانسي عجرم تكلف 100 ألف دولار، ملاييين تموت بفقر الدم، سخف،، سخف، لاعب كرة بملايين، وفتاة من دارفور تجلب الماء على بعد عشرة كيلو متر، إحراق كتاب قصصي في الصين، وأسرة من سبعة أطفال في حواشي الخرطوم تعيش تحت شجرة، وقناة الجزيزة تستضيف (مفكرين استراتجيين، لا يرون أبعد من أنوفهم)، طوبى للعميان، ألم يقل المسيح (قادة عميان يقودون شعب أعمى)، فماذا ينتظرهم غير الحفر والمطبات)... العقول صدئت، ومغرضة، ومتعصبة، تفكر بجينات قرون اوسطية، وطاق الاناء بالماء، التفاسير قديمة، واسطورية، وتستغل من خلال نفوس مريضة، أو خائفة، أو طامعة..
    عادت الغابة، والهجمية، والفساد، كعادت
    فمتى العقول الحرة، التي لا تهرج، متى يهتز القلب الإنساني كله، لفطرته المنسية، منذ ملايين السنوات... متى؟ ويعود السؤال القديم، القوي، الثري (من لا يعرف من أين أتى، لا يعرف إلي أين يسير!!!)....
    هل نرجع بالعقل، أم النقل، أم بمعطيات الحواس، أم بالتجريب، أم بالحلم والحدس، أم بالجميع.. بالذاكرة، أم بالخيال.. (كل يدعى وصل بليلى، وليلى لا تقر لهم ذلك)...

    الجاذبية الارضية، والمرض، فساد الخيال، وقيود الطبيعة، ومناهج الدراسة، والشح، تضافرت على الكائن الإنساني، أعزل، يبازر ويحارب، كدون كيشوت، في طواحين الهواء، أصابه الهذيان، من ثقل ما رأى، وما شاف، وما أحس..

    عالم لا يستحق سوى الرثاء.. سوى السخرية، سوى التهكم..كيف نعالج الشرخ، في الذات الإنسانية، وفي واقع ماثل، ثقيل، صارت الكتابة هروب، وأحيانا طريق لسبر الذات، وأحيانا معول، وسلاح لمواجهة موتى، موتى، في سبات عميق، متى نصحو؟ لست أدري، حتى الرعد لا يزعج أهل الكهف، في كهف الانانية، والضلال، والتقزز....

    عالم مضحك..
    أسير...
    مقيد..
    مكبل.. وآسن..

    ولكن...
    تظل هناك بذرة، كامنة، كعباد الشمس، ستصحو، حين تشرق شمس الفكر، شمس العدالة الكونية، فالعقل القديم، يتراءى للعقول الكبيرى، وستشعل القبس، وتضئ المعتم من خبايا الإنسان، خبايا الإطلاق، خبايا المعجزة الماثلة، ستصحو الحواس كلها، وستصفوا، وستعربد في ملكوت الجمال، والبهاء والألق.
    شمس المحبة، والصفاء والتجرد....
    (مجتمع جديد أو الكارثة)، كما يقول زكي نجيب محمود، أو هذا أو الطوفان (نبوءة محمود الكبرى)، أو مقولة المتهكم الشاعر الكبير (أعن هذا يسار إلى الطعان)، ولكنهم لم يروا (هذا)، فمالوا إلى الطعان..
    عزيزي كمال...
    كيفك...
    قلنا فلتذكر الطفولة، تلك الومضة التي اشتعلت في الجسد، تلك الفرحة التي وئدت بفعل الزمن، تلك الحيرة المباركة في تحسس الاشياء والاعجاب بها وتذوقها، تلك الحماسة الفطرية للحياة، للجمال، للكون... ولكن ضلت الطفولة طريقها، ماتت بسوء الظن، وسوء التربية، وسوء تنظيم المجتمع..
    منهاج المدارس مضللة، منهاج الفكر مضللة...

    حجب أنوار، وحجب ظلمات.. وطائر الهدد (يتجاوز الحواس، والغرائز)، نحو شمسه الكبرى، كم ارهق فريد الدين العطار نفسه، وحلق مع طيوره، حواسه، تطلعاته...كي يصل إلى (النبع في داخلي، ينبع مني)...

    يخلق الله الليل، ونخلق الفانوس، صدى لأغنية قديمة، كم يقول الشيرازي.. ألم يقول (يونج)، بأن في الطفولة (قبس مقدس)، علينا ان نحافظ عليه حتى النهاية، قبس للذات الانسانية، كي لا نسس (قبس الطفولة، وتطلعها نحو الإطلاق، نحو حقيقتها)...

    محبتي... وتقديري...
                  

12-14-2006, 04:55 AM

عبدالغني كرم الله بشير
<aعبدالغني كرم الله بشير
تاريخ التسجيل: 12-06-2005
مجموع المشاركات: 1082

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: (يا اولاد .. الفطور جاهز).... نداء أمي الصباحي!! (Re: Alia awadelkareem)

    عالية... المبدعة.. والعاشقة، بصدق، لتراب الوطن وسحبه، وغده المأمول..

    كم سعيد،
    ... بل فرح، بزيارتك، المليئة بالطيبة، والثراء..
    حقا، سعيد...

    لك التقدير، والامتنان، والمحبة..
                  

12-14-2006, 06:11 AM

خضر حسين خليل
<aخضر حسين خليل
تاريخ التسجيل: 12-18-2003
مجموع المشاركات: 15087

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: (يا اولاد .. الفطور جاهز).... نداء أمي الصباحي!! (Re: عبدالغني كرم الله بشير)

    جميل هذا السرد نتابعك بشغف

    ود ومحبة وتقدير

    خضر
                  

12-19-2006, 06:14 AM

عبدالغني كرم الله بشير
<aعبدالغني كرم الله بشير
تاريخ التسجيل: 12-06-2005
مجموع المشاركات: 1082

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: (يا اولاد .. الفطور جاهز).... نداء أمي الصباحي!! (Re: خضر حسين خليل)

    عزيزي خضر..

    في صباحات الخرطوم، وهي تنهض بعد ليل طويل، سكرت فيه، وتأوهت، ورقصت، وتنسكت، كعادتها القديمة، ومسحت عن جسدهابقايا الأرق، وبقايا الدلكة، وبقايا الهم والغم، وبقايا حكايات لم تنتهي، واجمتاعات للتربص، وأخرى للعلاج، وثالثة للكيد، كعادتها أ يضا..

    تنزع الشمس ملاءة العتمة، التي غطت الجريف والحاج يوسف وحلة كوكو والمنشية وبري ومايو، وام بدة، ملاءة مطرزة بالنجوم،مارست اشتراكية محببة، لشعب ينوء حملة بالكثير من الهموم والغموم والجنون، فرشتها بفطرة كاملة، كي تدس تحتها المنشية والاطراف المنسية... كي تحكي اسطورة الخرطوم وجنونها، واستدراجها للشعب بسيط من قراه ومدنه البعيدة، كي يذل، ويقهر، ويناضل..

    كل.. صباح وانت بخير...

    لكم الحب، والتقدير،،،

    عزيزي خضر..
    قلنا نجتر احداث الطفولة ووقائعها، وشقاوتها، وطلاوتها، معا...
                  

12-19-2006, 07:16 AM

بدر الدين الأمير
<aبدر الدين الأمير
تاريخ التسجيل: 09-28-2005
مجموع المشاركات: 22959

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: (يا اولاد .. الفطور جاهز).... نداء أمي الصباحي!! (Re: عبدالغني كرم الله بشير)

    الغنى بروح السرد والكريم بتعبدنا لنصوصه

    كم وكم قسوت عليا بعنوان هذا البوست

    وأنا الاكثر تمردا ولا مبالاه بين اخوتى

    الآن أسمع رنين ذلك الصوت ولا ادرى كيف أعتزر لها



    تنهدات : عبدالغنى بهذا النص تضع أمام عينى شريط

    سنمائى للنشأة والتكوين( يا أولاد تعالوا أفطروا)
                  

12-19-2006, 07:57 AM

garjah
<agarjah
تاريخ التسجيل: 05-04-2002
مجموع المشاركات: 4702

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: (يا اولاد .. الفطور جاهز).... نداء أمي الصباحي!! (Re: بدر الدين الأمير)

    الحبيب الاديب

    عبدالغني

    قراتها للمرة الثانية مستبشرا بها هذا الصباح

    لقد نقلتنا اخي لاجواء الطفولة الجميلة

    فهذه الاحداث متشابهة في حياة كل طفل سوداني ولكن الفرق في اسلوبك الشيّق الذي نقلتنا به لتلك الاجواء


    حفظك الله اخي
                  

12-21-2006, 08:01 AM

عبدالغني كرم الله بشير
<aعبدالغني كرم الله بشير
تاريخ التسجيل: 12-06-2005
مجموع المشاركات: 1082

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: (يا اولاد .. الفطور جاهز).... نداء أمي الصباحي!! (Re: garjah)

    عزيزي الجميل garjah


    صباح ملئ بشقاوة الاطفال، وصراخهم، وفوقهم سحب، تغير جسمها الرخو من شقاوة النسيم..

    للطفولة ألق لا يموت، خالدين فيا ابدا، نصنع من الطين حيوانات ترفس، وتنهق، وتثغو، بأيدينا وارجلنا، روحان حللنا بدنا... نجلس امام الكانون، في شتاءات البلد، كي نتدفأ وكي نشرب الشاي، عصفورين بحجر واحد..وكي نرى بطولة الأم ماثلة، وهي ترعى خرافها الصغار، لغد مجهول، وبتجرد اسطوري، وبأمومة، تسعد الكون، والخيال بتذوقها واجترارها..

    أمهات.. غريبات، ماهي الأمومة؟؟ فطرة أم واقع، أم رسالة، أم جنة ماثلة... أم مشاعر غريزية طبختها يد الدهر بمهارة وعبقرية فريدة... ياله من إحساس (امومة)، ليته يملأ الاكثير، كي تكف السيوف عن عنتها، وخربشتها، فقرها...

    الأم؟!! حتى الجاذبية الارضية سرقت نكتهتها، فضمت المجرة كويكباتها، في حجرها، في صدرها، وتركتهم يدرون ويحولقون حولها، كالاطفال، كالدراويش...

    للكون سر، انه يمضي له، يمطي برجل المكان ورجل الزمان له، كي نيفخ الروح ببطء وحرص واتقان على الشجر والقمر والشعر والحكايات..

    (وطن النجوم، حدق!! اتعرف من أنا)...

    الطفولة لا تنتهي، فهي كالظل لا تدفن، وكالهواء لا يقبض، وكسزيف لا تيأس... ولا علاقها لها بالاعمال.. لن تدخلوا الجنة، حتى تعودوا اطفالا..
                  

12-20-2006, 10:17 AM

عبدالغني كرم الله بشير
<aعبدالغني كرم الله بشير
تاريخ التسجيل: 12-06-2005
مجموع المشاركات: 1082

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: (يا اولاد .. الفطور جاهز).... نداء أمي الصباحي!! (Re: بدر الدين الأمير)

    عزيزي واخي الجميل، البدر...

    شتاءات الدوحة، تحلو بكم..

    الطفولة في اربجي، تلكم المدينة القرية، حبلى بالغرائب والعجائب، !!

    يالها من طفولة على ضفاف النيل الازرق، وفي الحقول، وفي السباحة...

    الواحد يكون جاري يسجل هدف، في مرمى مكون من طوبة وحجر، وبكرة (شراب أخي الكبير عبد العزيز)، فجأة تسمع : ياولد تعال امشي الطاحونة...

    كان الدرج في المدرسة، مليئ بالكرايس، والموسكيت، والالغاز، والطباشير المسروقة.. ونصلق عليه جدول الحصص، وكم نفرح حين نجد الحصص خمسة بس، يعني بعد الفسحة بيييييييييييييييييييييوت

    شقاوة.. ودهشة، ونظرة لمستقبل مجهول، بعييييييييييييييييييييييييييييييييييييد...

    يأولاد الفطور جاهز..... فيسيل اللعاب... وتتحول الصينة إلى لعب، نعلب الصحن، وبالسلطة، ونقاذف بالكسرة والرغيف والجرير... والأم (لا تضج ولا تثور)، مثلنا حين نبني، فتهدمها الرياح، والبحر..

    النشاءة، والتكوين، كما قلت، تترك أثارها وبصماتها على الجميع..
                  

12-21-2006, 06:00 PM

مي أبوقصيصه

تاريخ التسجيل: 11-14-2006
مجموع المشاركات: 123

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: (يا اولاد .. الفطور جاهز).... نداء أمي الصباحي!! (Re: عبدالغني كرم الله بشير)

    Quote: يأولاد الفطور جاهز..... فيسيل اللعاب... وتتحول الصينة إلى لعب، نعلب الصحن، وبالسلطة، ونقاذف بالكسرة والرغيف والجرير... والأم (لا تضج ولا تثور)


    أخي عبد الغني

    أما لأجل ذلك جعلت الجنة تحت أقدام الأمهات ؟

    أشكرك على تداخلك القيم معي في الـ( مرثية لأبي) .

    تقبل تحيات أخي من الدوحة محمد عبد العظيم
                  

12-24-2006, 07:26 AM

عبدالغني كرم الله بشير
<aعبدالغني كرم الله بشير
تاريخ التسجيل: 12-06-2005
مجموع المشاركات: 1082

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: (يا اولاد .. الفطور جاهز).... نداء أمي الصباحي!! (Re: مي أبوقصيصه)

    الأخت العزيزة مي ابوقصيصة

    سلام وتقدير،،،

    عميق شكري، للبوست عن والدكم الحنون، السعيد، في فردوسه المطلق، فقد احسست بالوفاء، بالجمال، وبالحنان، وذاك هو ثالوث الإنسان الحقيقي،، بالله انت اخت محمد الإنسان، الفنان، تحياتي وشوقي..
    ولأني نشأت في حرم (الآم)، فقد عجز قلمي، وخيالي، عن الإحاطة بها، هي فردوس ماثل، حنان مطلق، تشعر معه بكيانك، بذاتك... الأم تجلي غريب للحب والجمالي الإلهي...

    لا حد للأم... على الإطلاق... حين اذكر نظراتها، شكلها، تعبها، إخلاصها، وبتجرد عظيم، وتضحيات كبيرة، تسهر، وتجوع، وتعمل وهي مريضة، لا شي يحول دونها وإسعاد أطفالها، أنها كنز، كنز حقيقي..

    ولك التقدير والامتنان...
    سلام سلام سلام...
                  

12-25-2006, 06:28 AM

عبدالغني كرم الله بشير
<aعبدالغني كرم الله بشير
تاريخ التسجيل: 12-06-2005
مجموع المشاركات: 1082

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: (يا اولاد .. الفطور جاهز).... نداء أمي الصباحي!! (Re: عبدالغني كرم الله بشير)


    طفولة..!! (الدجاجة أقوى من الأسد)!!


    "هدف .. هدف جميل"

    هكذا صاحت أمي من بنبرها القصير، وكأنه يحن للأرض مثل قبر أبي، حين رأتني وأنا أركل برجلي بصلة بين قوائم حمالة الزير، وقد ارتطمت الكرة النباتية باحد القوائم ثم استقرت في حفرة الدخان وهي تبكي بدموعها الحارة من جرح تسببت فيه قائمة حمالة الزير الحادة.

    كانت حفرة الدخان تحت عنقريب جدتي، فأنحنيت لاستخراج كرتي النباتية، وفجأة نسيت هدفي تماماً، حين وجدت الأرض تحت العنقريب مبلولة من تسلل نقاط الزير، أنني أعشق الطين، الحمير والغنم والاسد والفيل والدجاج يخرجون من الطين بفعل أناملي، ثم أذهب لأرعى بهذا القطيع في ساحة الدار، الجميع يأكل الحشائش، معدة أسدي تتقبل ذلك، وتبدو الحصاتان، واللتان تمثلان عينيه حزينتين وسارحتين، مثل عيون الفتيات العاشقات في بلدي، حجم الفيل أصغر من المعزة، لم يكن يلد أو يتكاثر أو يموت، كنت أظنه كذلك، مثل المعزة، ومثلي، كما ان قرونه كانت مستقيمة، هكذا قدر عودا الكبريت شكل قرنيه.

    كانت أمي تنظر إلى بعطف كبير، ليس لأنني صغير ويتيم، ولكن لأنني قبيح ومرهف وفقير، وأمي تحس بأن هذا الثالوث قادر على صلبي فوق أعمدته القوية قبل سن الثلاثين، ولكن أمي لم تلاحظ بأن فطرتي خلقت الأسد مثل ضابط في ملابس مدنية، وبأن فمه يبدو في وداعة مناقير العصافير، وكأن المسيح قد نزل بأطراف أصابعي، ليته فاح بكفي وجوارحي، " لا تخافي عليه، هكذا قالت حبوبتي لأمي، فهو يتابع نقاط الزير لمدة أربعة ساعات بفرح غامر" كانت قطرات الماء تسقط من قعر الزير عارية تماماً، لم تلف كفناً حول عورتها، مم تخاف، فسيرتها كسريرتها، ماسية القشرة واللب، تلمع مثل خلد الإله، وقد حفرت برشاقتها بركة صغيرة، بركة تفتح فمها وهي مغمضة شفتيها لتلتهم نقاط الزير، محدثة دوياً حنوناً ومنضبطاً كدقات الساعة، بل كشهيق أنفاس "آمنة" وهي تقرأ " جين إير"، بل أكثر عمقاً وتسامحاً وغموضاً، من أنفاس تلك الصغيرة الولهة.

    وأحيانا تترصد "أم اللول" العطشى "لقب دجاجتنا" الكريات في صبر دؤوب حتى تلم جسدها المائي من قعر الزير، ثم تلتهمها بمنقارها في منتصف السماء، السماء القصيرة والتي لم تطفو فيها سحب بيضاء والتي تفصل بين قعر الزير ذي اللون الأخضر اللزج وبين الأرض، كصقر ينشب مخالبه على عصفور غرير، أنها أضأل أمطار في الكون، تسقط من قعر الزير، وبنقطة يتيمة طوال اليوم بلا رعد أو برق أو ملل، سوى ذلك الدوي الحنون، والذي يثير في الدار الساكنة غموض كنه الوقت.

    تتقاتل حيواناتي، تكسر الدجاجة رجل الأسد، ويلتوي عنق الجمل من قمزة منقار الديك، لم ألصقه كما ينبغي، تنتصر قوى خائرة، بموازين فطرتي العذراء كنت أرى الوجود، أنصر أصدقائي، وأهزم أعدائي، يولي الأسد الأدبار أمام العنزة، كما نولي الأدبار من "عجوبة الخربت سوبا" الشرسة "لقب نطلقه على كلبة ضالة" حين تحرمنا من الاقتراب من غابة أشجار الموسكيت، وحين يصيبني الملل تحت ظل البرميل المتقاصر، أدمجهم في كتلة طينية واحدة، مثلما كانوا فيها، قبل أن تخرجهم أناملي من تحت عنقريب حبوبتي، وفي قفزة تطورية، نحو الأسفل، صنعت منهم لوري بدفورد، يحمل على ظهره بطيخاً أسوداً، لم أجد في الدار سوى بعر الغنم ليمثل دور البطيخ، ثم أصيح بزفير طويل،، كما لو أن اللوري يمر عبر خور رملي عميق، كان صوتي يصل لأمي، فتسأل الله أن يخرج اللوري من الخور الرملي قبل أن يبح صوتي.

    ***

    البصلة، أرتجف قلبها حين شعرت بأنه لم يعد لها أي وجود بذهني، ماتت بداء النسيان، ، سقطت في حفرة الفناء المطلقة، بلا ذكر أو صدى، أو بعث جديد.
    ***

    ولم تمض سوى ساعة فقط، حتى استحال اللوري إلى كتلة طين وقد لصقتها على جحر في جدار دارنا، أين الجمل والمعزة واللوري والدجاجة والفيل، ذابت ملامحهم مثل بخور في هواء، وبعد أسبوع، لن يستطيع أمهر ملاك سماوي في تحسس ملامحهم في تلك الطينة، والتي جفت وأتخذت لون الحائط تماماُ، حتى يحاسبهم على ما اقترفوه من هفوات، فأحدي البعرات كانت مالحة وهي تمثل دور البطيخ، والفيل كان ساخطاً على القدر، حين كسرت الدجاجة رجله الضخمة.
    ***
    وفي تلك السويعة، توقف لوري البطيخ بالسوق، ومثل الأهرامات رصصت البطيخ:
    يفتح الله ... هكذا قلت لأبن العمدة
    خذ هذي هديه ...(لحليمة العمياء، واحمد الكسيح)..
    هذا جسدي وهذا دمي، قرباناً لبسمتكم الغالية.
    أنفض السوق، وقد تدحرجت حبات البطيخ السوداء إلى الجيوب الخاوية والمعدمة.. كالماء ينسكب إلى الوهاد الواطئة بفعل غريزته العادلة.

    ***

    حين أمر على مقبرة أبي عند ضفة النيل، أتذكر قطعة الطين، صارت جزء لا يتجزء من الحائط، أين صوت ثغاء المعزة، وخرطوم الفيل، تبددت سحناتهم في تلك الكتلة، مثل نغمات مزمار داؤد الشجية، وقد أطفأها الوهن السرمدي إلى نغمات ساكنة وصامتة ببطن هذه السماء الهائلة.

    هل هذه الأرض كانت في غابر الأزمان عروساً طينية جميلة ؟ ، مل خالقها فكورها بقبضته القوية حتى نز الماء بداخلها في شكل محيطات وأنهار!!، كنت أحدق في الجبال، أنها لا محال نهد العروس، وقد هده الزمن، وجعدته تباريح الانتظار، كنت أسير بمهل في الصحراء الذهبية، بطن العروس المباركة والتي تموجت بموسيقى الرياح بانحناءات مثيرة، يقشعر لمرآها الجسد بوخز الضآلة العظمى، أمام أفق مجهول المصير، كنت أرى جمال العروس الفاتن مخفياً في كتلة الأرض، وهذه الأشجار شعرها، اخضرت بماء الحنين، وخرير الماء لاشك هو همسها لتخرج من هذا القبر الكروي الضخم، الأرض بذرة شجرة عظيمة ضمرت بجوف السماء، وسرتها، هذه المخلوقات التي تخرج من بطنها، من بشر وحجر ونبات، كي يحثوا اليدين الساحرتين كي تعيد خلقها، عروساً كاملة، تملأ بجمالها حنايا الوجود المطلق....كنت أسير ببطء، حتى لا أوذي هذا الجسد النائم في قيلولته الابدية، كنت أسمع نحيبها حين يحفر بنو آدم على جسدها القنوات والجدوال، لقد شلخوها بدمامتهم.. لقد آن لهم أن يتذكروا بأنهم مثلها، في غنى عن كل شئ.

    ***

    عاش الحمار ساعة كاملة تحت ظل البرميل الصغير، بلا جهاز عصبي أو هضمي أو تناسلي، وحمل على ظهره أمنة إلى الطاحونة والترعة، بل أردفتني خلفها حين ذهبت للنهر عبر الغابة، وقد غبطني أصحابي على استوائي على عرش المملكة، وحيداً ويتيماً كالإلهً !!

    ***

    إن متعة خلقه تساوي كفة الكون، كنت متوحداً مع انحناءاته، يفتح الله، لن أبيع حماري.

    ساعة كاملة وأنا أحاول أن أمسك ظل شجرة جيراننا، كانت تتلاعب كعيني حكم التنس في دارنا، كنت أضع الطوبة على الظل المشاغب حتى لا يغطي تمثال آمنة اللين في فسحة الدار، كنت أريد جفافه بأسرع ما يكون، حتى أخيط له فستاناً ذهبياً من طاقية ورثتها عن أبي، كان الفستان في ذهني يحيط بجسدها الفاتن كإحاطة ضوء الشمعة بطيف جنينها بأعماقي.

    ***

    وأنا أزخرف بطن الحمار، كنت أغرق في متعة توحد حواسي، كنت أنفخ روحي في تفاصيل بطنه وذيله ونهيقه، كنت أضع رأسي على الأرض حتى أرى بطنه ورجليه الخلفيتان، كانتا رخوتين، ولكنهما قادرتان على حملي خلف آمنة، وعلى حمل بضاعة عشة العمياء إلى طرف السوق بلا مقابل، وعلى استباق حمارة طه القوية، وقد فوجئت بأن عينيه، ذكيتان وحزينتان كعيني آمنة، متى غافلني طيفها وسرى لرأس حماري الطيني؟!!

    ***
    لم أمسك بالظل، ظل حراً من قيودي، طاف بقلبي إحساس لا يوصف، ولا ينطق ولا يسمى، أهناك حقاً مخلوقات لايمكن الإمساك بها.

    كالبصلة، لم يعد لي وجود بخلد آمنة، بعد أن تلاعبت بحواسي جميعاً، وهاأنذا اسقط سهوا من ذاكرتها المباركة .....

    لم أتحمل شكوى البطيخ من خداعي له، لأني قدمته كبشاً لسكاكين حادة، وقد تصور بأنني سمعت أنينه من قيود جذوره، وأبحت له حرية التجوال، فهي تقيده وتمده بالحياة، كآمنة، كان سعيداً حين أمتطى ظهر اللوري الطيني، وكأن جذوره قد تراخت وسمحت له بالطواف في فجاج الأرض، ولم يدر بخلده بأنه لم يكن غاية، بل وسيلة، يلتذ بها بنو آدم من على ظهر موائدهم.

    موسيقى الكمان، التي تتسلل كأشعة الغروب من أوتاره البتول، هي الشبيهة اليتيم، والخجول لطيف آمنة.

    القطرات متكورة مع ذاتها، وكأنها في قبلة صمدية مع صفائها المكتنز، تلمع مثل "جمال طيفي" حين يمر كسرب القطا بخلد آمنة، وحين أمتلئ بآمنة، تسجد لي الكراسي والعصافير، وأرى رأس أبي متوهجاً على عنقه، مخموراً بالأسماء الحسنى، وكأن الموت لم يكن، سوى أكذوبة حواس محدودة.

    ***
    نهيق حماري الطيني ينبعث من فمي بلا هوان أو أنين، وهذا الكون المترامي الأطراف، كالبطيخة، مكتنز بالسكر والهشاشة والإحساس والمذاق الطيب.

    ***
    القباب كنهدي آمنة، تطعن ستارة السماء لإخفائها وجه الحبيب السرمدي.
    ***

    إنه أبله، أنظري إليه وهو ينظر لأكوام الشمام الصفراء، وكأن الشمام يبعث أغنية كل هذا الوقت، أو ينفث أفيون يشمه بعينيه المسمرتين عليه منذ الفجر، ثم يضربها بكفه الغضة، فيسمع صوتاً مكتنزاً بالروح، صوت الشمام كقلوب العشاق، لا فجوات فيه، سوى للغيرة والجوى، صوت الإمتلاء، الإمتلاء بالحياة.

    ***

    "الحمار تعبان، هسع دي جاء من الطاحونة"
    هكذا قالت أمي لجارتنا سعاد، حين طلبت الحمار لجلب شوال بصل من السوق، سمع حماري هذه الرحمة العظيمة، وكنت قد خبأته تحت علبة أناناس، فانتفخت شعيراته كأشواك أبي القنفذ، أمناً وطرباً وإعتداداً.

    لم يكن في دارنا سوى أمي، وحبوبتي وأنا فقط، فقيض الله لنا هذه المخلوقات الطينية الصغيرة، حتى تملأ سكونه بالثغاء والنهيق والحفيف والنباح وقضاء حوائج المنسيين.

    رائحة الفرن، والترعة، ونقاط الزير، وحائط خالي، وفضية أمي المليئة بالصحون والكبابي وزحف السحب البطئ على رأس السماء، والنعاس الخفيف قبيل النوم، تبدو شيئاً واحداً، كقطرة عسل في لساني، وعيني، وقلبي، حين أرى آمنة وهي منحنية تكنس فسحة دارهم، ركوع في صلاة لا أتمنى لها الختام، كان نهدها وهي منحنية كقطرة الماء البلوري في قعر الزير، إلا أنه ظل ممسكاً بغصن الصدر الحنون، مثل نبوءة سماوية، بخلت على أرضي الجائعة للنور، كان يتموج مع حركة المكشاشة كموج البركة الصغيرة حين تنتمي لها قطرتها العائدة.
    ***
    كانت الزغاريد تملأ ساحة القرية، الاجسام عارية في خيالي، كقطرات الماء في قعر الزير، وقد تهيأت للإنفصال عن ملكوتها، إنه زواج آمنة، طارت الحمامة من يدي، لقفص أخر، جاش بصدري كل ما يعتمل بقلوب البنات والرجال والشيوخ والكلاب والاطفال والملائكة والمساجين والخائفين، كان بكاء أمي، يعبر عن حزني، قالت كل جوارحها لي " بأن كل النبؤات لم تشف الفطرة من مرضها العضال وبأن الفكر هو الذي يصوغ الحياة، وليس الشعور الدافئ الأصيل بقلبك"، بكيت كالعرق من كل جسدي، كانت أصوات الزغاريد الملوثة بالإغاني تسير ببطء في النسيم، كالسلحفاة، تتباطأ في الوصول إلى أذان الحوائط والأبقار والمئذنة والنهر المتضامنة معي، أحسست بأن كل ذرات الأرض محتاجة إلى نبض قلبي، حتى تحس بفداحة الجرح، ثم تنام وديعة بعد أن طهرتها دموع النحيب الغزير من كل رجس.

    لم أرسل الوادعين ؟!! ولم لم يعلم كل إناس مشربهم بعد !!
    ثمة غبار يعلو النبع الخفي !! ولو تدفق لعربدت الإنس والجن.
    ***
    يبدو ظل الحمار وقد مالت الشمس للغروب، وكأنه جبل يمسك بيده صحناً لاستجداء المارة، وقد جلست ثلاث نملات محملات بحبة قمح ثقيلة في ظل الصحن، وكأنهن ما جاد به القدر لهذا الجبل الجائع، ولم يكن الصحن سوى ظل الحمار المشوه بأشعة الغروب المائلة.
    ***
    هب نسيم من قبل النهر، تلاعب شعر آمنة بوجهي، صار الجو خمراً، أرتوت منه البيوت والحقول والسحب، توضأ وجهي بتلك الأشعة السوداء، كما يداعب الظل الأرض، تذوق وجهي طعم الحرير المنفوش بمشط النسيم، أحس حماري بوجيفي، فاتسقت القلوب الثلاثة بوجد صمدي، فاتسقت ايقاعات حوافر الحمار مع نبض قلبي وشهيق آمنة ...
    ***
    أن الظل لا يعبر عن الحقيقة، فلقد توحد جسدي مع آمنة في ظل الغروب المائل، لا شئ يفرق بيننا، حتى الموت، لا يقدر على فك ظلي الذائب بظلها.
    ***
    كانت جثتي طافية فوق أرجلي، تمركزت قوى عجيبة بداخلي، كنت قادراً على استدعاء السمك من النهر حتى يمسد ظهري، وحتى يستنشق أنيني الذائب في موج الهواء، ثم يلد لؤلؤة، ومنقاراً أخبئ فيه بصيرتي، حتى تحلق بعيدا عن هذا الوجود العاري من الخمر، والذي لم يرتشف ولو جرعة صغيرة من غريزة الحياة المخبأة بسويدائه.

    يبدو أنه استغني عن اصدقائه، إنه يتكلم مع المعزة بحنان بالغ، يزخرف الحمار ببساطة، زخارف ساذجة، مدعاة للسكينة، وكأن الماضي والمستقبل لم يخطرا على ذهن الخالق.

    كانت آمنة وعريسها ينظران مذعورين من ثقب الشباك إلى الكلب الطيني الصغير وهو ينبح طوال الليل، كلب مخلوق من طين بول الحمار، نباحه كالنهيق، أرسلته كي ينبح حتى الصبح في دار آمنة، حتى لا يقربها أحد غيري، كان صوت نباحه يصلني، مثل قائد جيش يترنم بأناشيد النصر على فلول الخونة، كان نباحه جداراً كبيراُ بين شفتي آمنة وبعلها الكاذب.

    قال لي الكلب بأني سأتزوجها في البرزخ، وبأن جسدي لم يستو بنار العشق بعد، إلا بعد الموتة الأولى، هناك لك ما تشاء من الأسماء.

    كنت أهدد آمنة، وبأني سأطفئ وجودها للأبد، إذا لم تتزوجني، وسيكون مصيرها، مثل شخوص في حلم سعيد، ستذهب أدراج الرياح مع يقظة النائم، وبأنني قادر على مسخها في كتلة الطين، مثل المعزة والفيل والدجاجة.
    يدي مسيرة، لا حول لي، وبأصابع يدي العشرة ضغطت على كتلة الطين، على التمثال العاق، والذي تنكر لخالقه وأرتمى في حضن غير حضني، أحلته إلى كتلة طين حزينة !!! ثم ضغطت عليه برجلي، فأتخذت ملامح آمنة شكل باطن قدمي، حتى بصمات أصبعي الكبير تموجت من خلال رأسها المهروس، فبكيت بكاءاً مراً وأنا ألم جثمانها الملتصق بباطن قدمي والأرض، فذهبت لدفنها في حفرة الدخان، وفجأة نسيت جثمانها الطيني ملقي عند حافة حفرة الدخان، حين وجدت بصلة ملقية بداخلها، تئن من شرخ ببطنها، ما الذي ألقى بها هنا؟!، غرزت بها عيدان جافة من سنابل القمح، كي تبدو نعامة، وقد أرخيت ذيلها حتى يساعد رجليها على الوقوف.
    عادت آمنة في يقظتي، تجسدت تماثيل رغبات ذاتي المبهمة، وبذات الدوي الحنون، حين تلهتم البركة أعضائها الراجعة، ترنم الكون بعذب اللحون، وصار كل الوجود، قلب يجيش بأطايب الشعور، وزاهي الرؤى.
    ***
    لم أتذكر إطلاقاً، بأن البصلة، كانت في يوم من الأيام، كرتي النباتية الحبيبة.
                  

12-25-2006, 06:57 AM

Masoud

تاريخ التسجيل: 08-11-2005
مجموع المشاركات: 1623

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: (يا اولاد .. الفطور جاهز).... نداء أمي الصباحي!! (Re: عبدالغني كرم الله بشير)

    السيدالنابلسي:
    لا أظن أن أسمك صدفة اذ لا صدف...شكرا على هذا الهدير الشاكر المادح جمال ما يليك من لوحة الوجود المربكة...نستمتع معك وأنت تحصي لنا مفردات غرقك في تفاصيل الحب النيلي الخالد....من الجنة و اليها نهرك يا سمي المحب...هل سيأخذنا معه لنكمل بقية حكاويك علي ضفافه الأخرى التي هناك؟ امين...
                  

12-25-2006, 10:14 AM

عبدالغني كرم الله بشير
<aعبدالغني كرم الله بشير
تاريخ التسجيل: 12-06-2005
مجموع المشاركات: 1082

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: (يا اولاد .. الفطور جاهز).... نداء أمي الصباحي!! (Re: Masoud)

    الاستاذ الجميل..مسعود،

    لقد رأيتك مرة واحدة، بمدينة الدوحة، كنت مع (عبد الله عثمان ونزيهة)، كانت قصيرة جدا، وصالونكم كان يوحي بإرهاصات السفر، ملئ بالكتب والكراتين،

    كم حزنت، بالرغم من انها المرة الأولى (ولعنت بداخلي سقم المسافات، هذا الغول المعاصر، والذي يبعد الانف عن الصندل، والقمر عن النافذة، والرعشة عن الريشة)!!

    حزنت، لأني تمنيت معرفتكم، والركض في سموات عقل جميل، ورح مغردة...

    كان اللقاء سريعا، جدا، ولكن ترك أثر قوي، ومؤثر في نفسي...

    وكل عام وانتم بخير وصحة وعافية..
                  

12-25-2006, 07:00 AM

نادر

تاريخ التسجيل: 11-27-2002
مجموع المشاركات: 3427

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: (يا اولاد .. الفطور جاهز).... نداء أمي الصباحي!! (Re: عبدالغني كرم الله بشير)

    أطربتني وتطربني كل يوم يا عبد الغني وأستحي أن أدخل وأكتب كلمات عجاف في حق هذا النور المبين، تصوير ينقل المشهد للقارئ بحلاوة لا يضاهيهاإلا أنفاس كلماتك الدافئة الحميمة هذه ... تحياتي وتحيات مريم ومحمود لك ولأم آمنة وآمنة وجميع الأهل ...
                  

12-26-2006, 06:32 AM

عبدالغني كرم الله بشير
<aعبدالغني كرم الله بشير
تاريخ التسجيل: 12-06-2005
مجموع المشاركات: 1082

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: (يا اولاد .. الفطور جاهز).... نداء أمي الصباحي!! (Re: نادر)

    أخي، وصديقي وحبيبي نادر،

    كيفنكم، والله شوق بحر، وكيف الحال، لا تزال في الخاطر،جلستك في الكرسي الشرقي، طلاوة حديثك، والله مشتاقين، ولكن غول المسافات يبعد الاحبة، نسأل الله ان يجمع شتات الاخوة والاسر، وكيف اخبار الاسرة، (مريم ومحمود)، حفظكم الله ورعاكم، واسعدكم، واسعد بكم.. والله لانزال نذكر د. أحمد، هذا الشخص الفريد، كم أحبه، وادمنه، إنه ملح الأرض، عرفنا أو لم نعرف...

    سلام لمحمود (الكبير،هههه صار محمود الكبير)، ولمحمود الصغير....

    وكل عام وانتم بخير، بعيد ا لأضحى ، وعيد الميلاد المجيد.. وأسال ألله لكم، ولي ولنا بالأمن والسملام وتجليات الجمال..

    والله يانادر مشتاقين... لا أزال اذكر حديثك عن الادب، وعن بشرى الفاضل، وعن وعن.. في تلكم الجلسة السريعة.......

    سلام سلام سلام
                  

01-07-2007, 11:38 AM

عبدالغني كرم الله بشير
<aعبدالغني كرم الله بشير
تاريخ التسجيل: 12-06-2005
مجموع المشاركات: 1082

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: (يا اولاد .. الفطور جاهز).... نداء أمي الصباحي!! (Re: عبدالغني كرم الله بشير)


    نص كتب باللهجة الشعبية، لغة الحياة اليومية، كرد لبوست الاستاذ الجميل (السني) ود دفع الله.!!

    شقاوة، وبس!!!

    (1)

    أول شي، كنت راكب لي حصان، ولافي البيت كلو، حصان من خرطوش موية مقدود، ثم يستحيل الخرطوش إلى سيارة، تيت تيت تييييييييييييييييييييت!! ثم احيله كموسى إلي ثعبان، كي اسك به اختي محاسن، وهي قابضة بيديها على حلاوة لكوم، وقد صنعت شنب من السكر حول فمها السعيد بالحلوى، ثم أقفز بالشباك إلى الشارع، فالوقت ثمين، لا يمكن ان نضيعه حتى أصل للباب البعيد، وما اوسع حيشاننا، وما أنضرها... فأثار الموج الترابي الساكن، بفعل المقشاشة، يزينها حتى الاركان القصية!!
    وداخل الزريبة، والتي هي جزء لا يتجزأ من البيت، من القصيدة، عوالمنا المفضلة، حيث المعزة، والدجاجة، والنعجة، والشتلات... لي فيها ما أشاء، ، جنة ماثلة.. فالنعجة خلقها الله كي أتزحلق بذنبها الطويل، والمعزة كي أركب فوق ظهرها، والدجاجة كي أسكها !! أما الوظائف والغايات الأخرى، فلا رغبة لي فيها معرفتها.. مد كراعك قدر لحافك..!!

    وحين تضع امي الصينية، للفطور، نواصل اللعب، وهل يأبق الطفل من ملك نفسه، نتقاذف بالطعاطم، ثم ارفع اللقمة عالية، من فوقي، ثم تهوي نحو فمي، أو جضومي، أو حتى رقبتي، لا شي يهم، وأمي (لا تضج ولا تثور)، نأكل ونلعب، عصفوران بحجر واحد، برمية نبلة واحدة، ثم أدس شطة لأختي محاسن، كي تبكي ... وتضحك معا، كل شي ممكن تحت سقف بيتنا، جنتنا.....

    ولا أدري إلى الأن، لم كنت بحب المشي بالخلف، وراء وراء، حين ارسل لملاح من ناس عشة، جارتنا، كنت أمشي وراء وراء، حتى أصل، ويتحول الصحن إلى دركسون، وفمي إلى بوري يصيح في شارع خالي، وملي بالناس في خيالي!!...

    وللحق لم يتعبني شي، كتصور نهاية السماء، ونهاية الأرض، وتصور (الله)، كنت أخاف من الذهاب إلى الأفق، بعد نهاية المشروع، كي لا أسقط من هاوية الارض (المربعة)، وهناك قد انزلق ، وتدفعني محاسن، لأني هربت باللقة الأخيرة ونحن نأكل في البيض، وأقع في هاوية لا حد لها، مطلقة، وكنت اتصور إن أطفال من العصر العباسي، وابناء أمي حواء لا تزال تهوي في بئر لا قرار له.. أما تصور الله، فقد كنت اتصور انه كبير، أكبر من الجمل، وأكبر من البيت، واكبر من البحر، ثم يجري خيالي لأكبر، فأجد مساحة أخرى، ثم أكبر، وأجد مساحة أخرى، وهكذا، حتى أخاف من تصوري، ثم اتغطى بالملاءة، والتهم بعض البلحات التي خبأتها تحت كيس المخدة، وأنسى موضوع الإطلاق، مع حلاوة البلح، أما الغطاء، فليس بسبب الحر، بل، كي لا تسمع محاسن صوت ضروسي السعيدة بهرس بالبلح الجاف،...

    (مرت دقيقة).. هكذا كنت أقول لأختي، كنا نحاول معرفة (فترة الدقيقة)، بدون النظر للساعة، نحددها بالعد الداخلي، وثم صرنا نحددها بالصمت، ونصيح معا (دقيقة)، وأحيانا نقول لخالي دفع الله شوفنا بعرف الدقيقة، وهو ينظر في ساعته المشققة، وحين نصيح (دقيقة)، يصيح خالي متعجبا، (الله يلعنكم يالشواطين).!!...

    حين ارسلتني امي لجلب الزيت، لعمل بيض بالطوة، واعطتني الجركانة الصغيرة، كانت جركانة عصير، ثم تحولت للزيت، زي الجرائد، حين تتحول إلى ضلفة النملية، جريت بالجركانة، وكنت اضربها بكوع رجلي، وهي تحدث صوت احبه، كما احب كل الاصوات، بلا فرز، سوى صوت حصة التسميع (كالعادة)، فجريت للدكان، وفي عودتي مررت بالخور، والكبرى، فنزلت كي امر تحت الماسورة الكبيرة، كما تمر الماء، وليس كما يمر الناس فوق الجسر، وفجأة أطلقت ساقاي للريح، حين طاردتني كلبة والدة يادوب، أما الزيت، والجركانة فعلمها عند الله، وحين حكيت الحكاية لأمي، لم تسألني عن الزيت والجركانة، فقد أكتفت بفرحة شديدة (من سلامتي من الكلب)، وهكذا حالها مع كل شقاوتي، تركز اهتامها على (صحتي وسلامتي)، وبس!!

    وللجركانة، ونسيانها حكايات وحكايات، مرة صارت الجركانة، قائمة لمعلب الكرة، حين لم نجد طوبة للقائم الاخر، ونسيت كعادتي الزيت، والطوة والملاح، ففطلوع البدر ما يغنيك عن زحل، ثم إن اللعب أهم من الأكل والشراب (و للحق أنا اتناول الطعام كي ألعب)، يعني حلينا مشكلة (نأكل لنعيش أم نعيش لنأكل)، بل نعيش لنعلب، ونطير، ونغني، ونحلق... كما تشاء غرائزنا، ورغباتنا المتواصلة..

    ولم اتذكر بأني مرسل للزيت إلا حين ارتطمت كرة الشراب (وبالأدق شراب استاذ فائز) بالقائم، بالجركانة..

    (2)

    الدكان لا يبعد عن البيت سوى 250 متر، ولكني أتأخر أكثر من نصف ساعة، أحيانا بكون بحاكي في السلحفاة، وأكثر الأحيان، بكون جاري جري، ولكن بل لا بد أن اقفز أي برميل اقابله، وأنط أي حفرة، وأشوت أي بعرة وعلبة صلة، وأركب أي خرف يقابلني، حتى ولو كان اتجاهه عكس غايتي، وللحق غايتي اللعب، هي الأولى والأهم، يعني بشمي الدكان وبجي، زي مكنة سنجر، وفمي مرة ينبح، ومرة يثغو، ومرة يدوس بوري شديد من بقرة مرت أمامه، ممكن اتجاوزه بيسر، ولكني كنت اسوق قندراني ضخم وخلفي ترلة مقطروة ملاينة طوب من الكمائن، لبناء غرفة آمنة...

    مرة كنت عند ناس خالي، رسلوني عشان أجيب فحم، والبرد شديد، وخرجت منهم الساعة التاسعة، وهي متأخرة جدا في عوالم القرى، وكعادتي النبيلة، التلصص، كي اتعرف على عالم خلق قبلي، بملاييين السنوات، ومطلوب مني أن أتعرف عليه، كي أعرف بأن النار تحرق، والماء يروي، والنط من الراكوبة قد يؤدي إلى الهلاك ، فوجدت باب العرسان (هبة وأحمد)، يتسلل من ضوء اللبمة منه بشقوق صغيرة، فذهبت ، وأغمضت عيني اليسرى، وفتحت اليمنى، أكبر ما يكون، أنظر لهم، وحين ذهبت لأمي قلت (شفتي يايمة هبه واحمد نايمين عريانين، قليلين أدب مش؟..

    فقالت أمي، أيوة..

    وواصلت وضوء العشاء، سعيدة بعودتي، بعد غيبة استمرت ثلاث ساعات كاملة..

    وأيضاً، كانت فرحة امي كبيرة، وأنا ادخل أسجل هدف، ببصلة فاسدة، وكان الميدان هو حمالة الزير، وللحق اعترنتي نشوة لا توصف، وقد ارتطمت كرتي النباتية بأحدى قوائم الحمالة، وتدجرت ببطء تحت العنقريب..
    (قوووووون) هكذا صاح الجمهور، وهو أمي (فقط)، وللحق ما أوسعها، وأكثرها...

    من قال إن الأسد يلتهم الخراف؟، كنت ألعب بالطين في فسحة الحواش، تحت ظل البرميل، وقد صنعت غزالة، وأسد وخروف ودجاجة، وتركتهم يرعوا مع بعض، كان الاسد يرعى العشب مثلهم، بل يخاف من الدجاجة، إنها عوالمي، وغرائزي، التي تصيغ هذا القطيع، بيدي، لا بيد القدر ومعاييره...

    ولكن ، وللحق، أتعبني الفيل، لم أجد له قرون، فتشت البيت كلو، فلم أجد سوى عودي كبريت... فقال خالي (أول مرة اشوف فيل انيابو عدييييييييييييلة، مش مقوسة)..

    وحين اصابني ملل، وقد تقاصر ظل البرميل، عجنتهم مع بعض، وصنعت منهم (لوري طوب)، حتى داورن، سوف يتعجب من هذه الردة (التطورية)، إن يتحول (أسد ودجاجة إلى... لوري طوب)، ولكني ركبت اللوري، كي أجلب طوب لبناء غرفة لأمنة (لم اكن اتصور بأن رعشة الحب تأتي مبكرة جدا، بل جدا جدا)... بل قبل الميلاد!!

    الخرطوش المقدود (حصاني السابق،.... بل واللاحق)، تحول إلى خرطوش حقيقي، حين هم خالي بضربي، لأنني كسرت الزير، وللحق لم أكن أنوي ضرب الزير، ولكني كنت اريد قذف الكانون، ويدي لم تطاوعني، (التمارين تقلل دماء المعركة)، فذهب الحجر للزير، وقد كنت غاضب من الحجر، ووبخته كثيرا، لأنه لم يضيع رغبتي!!

    عوير، أهبل، شين، هكذا خاطبت الحجر، الذي كسر الزير... (أوعى الموية تزلقك)، هكذا خاطبتي أمني وانا ألعب بماء الزير المسكور...

    إنها شقاوية، وبس!!
                  

02-05-2007, 06:36 PM

garjah
<agarjah
تاريخ التسجيل: 05-04-2002
مجموع المشاركات: 4702

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: (يا اولاد .. الفطور جاهز).... نداء أمي الصباحي!! (Re: عبدالغني كرم الله بشير)

    خيط يستحق أن نقرأه أكثر من مرة
                  

02-06-2007, 08:51 AM

عبدالغني كرم الله بشير
<aعبدالغني كرم الله بشير
تاريخ التسجيل: 12-06-2005
مجموع المشاركات: 1082

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: (يا اولاد .. الفطور جاهز).... نداء أمي الصباحي!! (Re: garjah)


    في الطريق إلى المدرسة!!

    خرجت حزينا، كعادتي، عصفور ربطت اجنحته، ومنقاره، ونسى التحليق، نفست عن كبتي العظيم في علبة صلصة مطفقة، ركلتها برجلي، بين حجرين شبه متلاصقين، سجلت هدف بارع، أحسست بزهو ما، لاشي بسيط في هذه الدنيا، القنبلة الذرية تخرج من رحم ذرة اليورانيوم الحقيرة، غرقت في هذه النشوة العظمى، كما تغرق صورة بيتنا مقلوبة على بركة صغيرة، وعكرة بفعل أرجلي!!..

    (أهتز بيتنا، في البركة الصغيرة "وفي الواقع أسوا، حين تمرض أمي"، اهتز بابنا الأزرق، ومد جضومه حتى نهاية الحائط، وتراقص الحائط معه دون أن يقع، ضحكت على صورة بيتنا في البركة، ومض خاطري بفستان أمي الوحيد وهو يرقص مع النسيم، كبيتنا، على حبل الغسيل)!!

    إنه قلبي الصغير، جنة بلا حدود، ولكن الزمن لاينام ولا يجلس ولا يتعب، يمضي دوما، يسافر للشباب والرجولة والكهولة، يبعد الجميع، رغم أنفهم، عن موطئ حيرتهم،... يجري، بلا أرجل، أو لون، مخفيا نفسه، كخاطئ ذكي، حتى الأسود القوية تموت، كالفراشات!!.. بسكينه، اللامرئية، الحادة!!.

    مررت بحوش خالي الصديق، قفزت بالسور، الباب يبعد عني 6 امتار، قد يؤخرني كثيرا، صوت ارتطامي ازعج نعجتهم، وثلاث معزات، كل الحيوانات تحب نفسها، وتدافع عنها بالإنياب والقرون والمخالب (الحياة حلوة حلوة حلوة، لدى العقرب والذباب والسلحفاة) نظرت لأثار وضوء خالي الصديق، خلق خريطة تشبه قارة استراليا، كما تبدو لي في كتاب الجغرافيا، حتى الخليج الذي تقع عليه مدينة "سيدني" رسمه الوضوء بدقة واتقان، وهناك نملات سعيدات وهن يشربن من قارة استراليا،.. كم كريمة صلاة خالي، تمتد بركاتها لأفاق يجلها خالي!!.

    انحرفت عن طريقي، كي أدوس علبة سجائر برنجي، ثم مضيت، ورجعت مرة أخرى لعلبة البرنجي، اخرجت القصديرة منها، كل الاشياء ثمينة، أدخلتها في شنطتي المصنوعة من الدمورية، والمزخرفة بنقط من الحبر (فرحة البعد عن استعمال قلم الرصاص والاستيكة)، وعفصت علبة البرنجي بيدي، وكورتها، ثم ركلتها برجلي فوق حيطة الزريبة القصير، سمعت صوت دجاجات مرعوبة من دوي قنبلة علبة البرنجي.

    التراب حنون، ليس كالزلط، يترك الأثار كما هي، أثار لستك البص، مخالب دجاجات خالي ، مركوب خالي، كلها منحوته على وجه كما هي، حتى الحركة الدائبة للدكان، تركت مجري، كخور صغير... التراب اقرب للرخاوة، للروح، لقلب أمي، ويديها، وعرقها!!.

    مررت بشجرة كبرى، (جدي سعد غير قادر على رؤيتها، وبالامس كان قادرا على تسلقها كالقرد)، والآن حتى صوت العصافير الصباحي لا يصل لأذنيه.. وهو نائم تحتها، لا يسمع جدي حاليا، سوى صدى الأيام السالفة، دوما يحكي عنها... حين كان يسمع، ويرى، ويتسلق الشجرة، ويرنو بعيدا، في جنة الغروب!!.

    تذكرت صوت علبة الصلصة، فرت عدة صراصير، وطار عصفور من الشجرة، فسقطت عدة أوراق من الشجرة، سقطت بصورة حلزونية، وورقة سقط وكأنها تقلد يد أمي وهي تعوس الكسرة، كل الاوراق سقطت بصورة تختلف عن الأخرى، رغم ان الهواء هو الهواء، والاوراق هي الاوراق، وورقة بدت وكأنها قارب، وهي تسبح في بحر الهواء، وكأنها نسيت السقوط، ثم تهوي مرة أخرى، وهي تترنح يمينا، وشمالا.. ياترى كيف سمعت الصراصير صوت العلبة؟، كالرعد، وكذا الحمير؟، وضعت يداي حول اذني كي اقلد اذن الحمير، وكيف تسمع الصوت، سمعت وشوشة غريبة، أنها صوت النسيم، حتى النسيم له صوت في اذن الحمير، وجرى خيالي للملائكة والتي تجلس على كتفي، كيف كان صوت الصلصة بأذنها، وأي تعبير ارتسم على وجهها الجميل؟!!...

    نظرت لكتفي الايمن، حيث تجلس الملائكة، ورأيت عظام التركوة، وبدأت اهز كتفي، سمعت ضحكات خالي الصديق، وهو يجهز حماره للذهاب للنهر، (بترقص يالملعون بكتفك)، توقف كتفي برهة، ثم عاد لحركته وعيني تحاول تصور حال الملاك الجالس عليه، وكيف يكتب في هذا الوضع المهتز (حسناتي وسيئاتي)!!..

    تخليت شكله، حين كنت اتدحرج بالبرميل، وأكاد اسقط على وجهي، أو ظهري، ضحكت من أعماق قلبي، كم للخواطر من حكايات، وشغب، تحكيها النفس للنفس، وفي العراء،!!.. وبصمت لا يسمعه سواك..

    سوف أهز كتفي كي لا تكتب الملائكة خواطري عن الناظر، وأبنته (متناقضة جدا، خاطري عن الناظر، وخاطري عن ابنته)، العشق يبدأ مبكراً جدا، فرويد لا يتصوره، إنه قبل الميلاد، وليس في الطفولة، ما يقوله جدي افلاطون حق، عالم المثل، نومض فرحا، وأعرف أنها هي، بمجرد نظرة أولى، إنها هي، التي قابلتها هناك، قبل مملكة الليل والنهار، والجاذبية الارضية، وألم الجوعََ.. وفراق أمي، وأخواتي!!..

    (ما أروع الخواطر!!.. لا يسمعها أحد سواك، كيف خلقت؟ صوت من لا صوت، وصورة واضحة في ظلمة الذهن!!..)

    خرجت من الباب الأخر لحوش خالي، والمواجه لفسحة كبيرة، ميدان الكورة، يخلو من اللعيبة، والكرة، ليت الإله اكتفى بخلق اللعب واللهو فقط، وترك الباقي، دخلت بين العارضتين، وأنا أحدق في الحفرة التي خلقتها أرجل حارس المرمى، ( مدثر مسكين يلعب بيديه، ويقع على الارض، بلا نجيلة، ولا جوينتي يحفظ يديه)، ومع هذا لم أراه ويديه مسورة بالجبس، (الله يحفظه هكذا تقول له أمه، الحجاب يتراقص على صدره، وهو وحيد أمه، كثير الحلوى والنبق، لا يخلو جيبه منها أبداً)، وقد اختارت له والدته هذه الوظيفة، "حارس مرمى" كي يكون قريبا من البيت، فالقوائم لصق دارهم، وتخاف عليه ايضاً من ضربات الجزاء، (أصلها قون قون، خليها تخش)، وهي المرأة الوحيدة التي تراقب المباراة، وتدخل الميدان أكثر من رجل الراية، كي ترى ابنها، وتزجر أي محاولة خشنة معه.. وخاصة من العملاق (هارون)، فتى الطابونة!!

    وصلت لنصف الملعب، دائرة محفورة، وفي قلبها حفرة، يوضع عليها الكفر، نظرت للجناح اليمين، وظيفتي المحببة، (اليوم السبت، طافت هاله من حزن حولي، تذكرت الطابور، وجولة الناظر الصباحية، نظرت لأظافري، "كيف يطول الشعر والاظافر، كل يوم أرى أظافري وقد طالت، وللحق لم أسمع صوت الظفر وهو يخرج من اصبعي، ولم أحس بألم، غريبة، مجرد شوكة صغيرة تؤذني، وظفر كبير يخرج بهدوء وصمت، يسير ببط، كالظل ، حقا، التغيير البطئ لا يؤذي) تجاوزت خط 18، في طريقي للمدرسة، وليس لهدف يتهلل له جمهور غفير من البسطاء والخيلان والاعمام، وحين وصلت للمرمى، قفزت، ومعي شنطتي، وقصديرة علبة البرنجي، كي ألامس العارضة، ولم اوفق، أحسست بهوان (مدثر أقصر مني)، لا نفع لي في حراسة المرمى، الجناح اليمين يكفي.

    نظرت خلفي، كم تبدو القوائم والعارضة كبيرة، سوف ارسل الكرة عالية ومن بعيد هذه العصرية (حين نلتقي مع حي العرب)،، عرجت يمينا، فقد واجهني منزل حاج علي السالم، لا أدري كيف تختار هذه القرية خريطتها، فهي تحب التعرج والانحناء، وكأنها تقلد جنون الموج، بل تقلد رسومات السحب، والتي تبدو منبعجة، وأسيرة لتهور الرياح.

    مررت بزقاق ضيق، مليئ بالطوب والاكياس والبعر والفحم، سرت بحذر، فخلف هذه الجدار المبني من الطوب ينام (فوجي)، كلب مسعور، مررت بالحفير، تسلقت هضبتها جاريا، لا أدري لم؟، صدري يعلو ويهبط، رأيت يميني، شي يلمع، وحين حفرت برجلي اليمنى وأنا واقف، وجدتها قعر كباية شاي مكسورة، تحطم حلمي بأمتلاك حلق ذهب (وشراء ميكي ماوس ومصباح علاء الدين السحري)!! وبلح، وحلوى ونبق!!.

    مررت بالبيارة، آه، لو لا جرس الطابور لتسلقت السلم للأعلى، إلى الصهريج المنقط كحمار الوحش، في غياب آدم، صاحب البيارة، ومن هناك رأيت النيل شرق القرية، ورأيت بيت (أمنة ....)، وأذنت الله أكبر الله أكبر، الله أكبر، في وقت لا علاقة له بالصلاة، ولكن لم اسمع صوت يأتي من هذا الارتفاع سوى الأذان، والرعد يأتي من مكان أبعد ذلك، مجموعة أكياس معلقة على السلك الشائك لسور البيارة، خضراء وزرقاء وبيضاء، ومنتفخة بهواء الصباح، وتصنع صوت لا يقلد، عشرة مرات حاولت تقليده، حتى امتلأت شفتاي باللعاب من انتفاخ جضومي بالهواء ومحاولة اخراجه كصوت الأكياس!!..

    مررت ببابور البيارة، (محمد سعد، محمد سعد، محمد سعد)، هكذا كان يقول صوت البيارة،(تعال تعال تعال، نمشي الشمال، بديك ريال)، وكان يردد معي هذا الكلام ايضا، واجهني نهر من تسلل مياة البيارة، وجدت جسر من طوبات اربع، وببطء وحنكة كنت اضع أرجلي عليها، كيف يرقص الناس على الحبل؟، كدت أقع واصبح موضع تنكيت من (الشلة الموقرة) جماع وهاشم والطيب وعادل!!.

    وجدت كلبة نائمة على بعد 100 متر، قذفتها بحجر، قامت مخلوعة وهي تجري، وتنظر خلفها، إلي، واصلت ركلي لمجموعة من الاحجار وعلب الصلصة، مسجلا رقما قياسيا في الاهداف، أكثر من أيتو، ورونالدينو معاً، فالفرح هو الفرح، سواء كان في قلب رونالدينو، أو قلب طفل يسعى لمدرسته، والهدف هو الهدف.

    تذكرت اليوم مباراتنا مع (حي العرب)، امتعضت لبطء الزمن (متين تجي الحصة السابعة)، كي يدق جرس الخلاص، لم تقرع الأجراس، للحرية والانطلاق نحو البيوت، دخلت حوش مصطفى، شربت من زيرهم، ورشيت باقي الكوز على غنماية نائمة، نظرت لي بحزن، خرجت من بابهم الخلفي، وقبله تمرجحت براكوبتهم، ومعي شنطتني، وقصديرة علبة البرنجي.

    دخلت المسيد، سور ضخم، له باب جنوبي واخر شمالي، وثالث شرقي ورابع غربي، جريت بشدة فوق السور، شنطتي في الخلف تضربني، وكأنها تحثني على لحاق الطابور، كدت اسقط خمس مرات، وفي السادسة، انزلقت بي طوبة، مسحت الجرح بلعابي، ومسحت الخط الذي خلقته الطوبه على مدى رجلي اليسار، عدة خلاوي على شمالي، ينام فيها الدروايش، غرف بلا نور أو فراش او طربيزة، مجرد رملة حمراء ناعمة... وباردةـ (ولدوك عاري وحافي وباكي)، لا يردد حمدان الدرويش سوى هذه الكلمة!! لكل من يقابلهم، ولنفسه أكثر!!.

    مررت بناس سعاد، بت خالي، لاتزال تولع في الكانون (الحلبي تعال اشرب شاي)، تأخيري اليومي حرمني من شراب شاي سعاد، ومن الصعود بالسلم لرأس البيارة، لم أشكر سعاد، ولم اتكلم معها، ( لا ارضى كلمة حلبي)، مضيت في طريقي، وهذا هو تصرفي ا ليومي معها، أنظر لها بطرف عيني ثم أمضي في طريقي، إلى حتفي، فقد لاحت من البعد سقوف الزنزانات، سقوف الفصول البيغضة....

    ثم واجتهني الفسحة الأخيرة، فسحة لا تملك أي شكل، تشبه البيضة، كقطعة كسرة، راقبت السحب وهي ترسم فيلاً ابيضا، وبرجل امامية واحدة، ثم تحول الفيل من تلقاء نفسه إلى ثعبان طويل، ياله من حاوي، وهاهو يتقطع إلى كرات قدم بيضاء، تعثرت في إطار سيارة مدفون في ركن دكان سعيد، (أنعل ابوك)، ثم ركلت الإطار ركلتين، ومضيت وصدري يعلو ويهبط، ونفسي متقطع، وأنا أنظر خلفي للإطار المدفون، كما نظر الكلب إلي!!.

    (دكان يخلو من كل شي، فلا بلح أو حلوى في رفوفه المغبرة)!!.

    التقيت بسعد، وجماع، وعلي، والحاج، والطيب، ومدثر، وحسن، ونحن في طريقنا للمدرسة، (والله الله الليلة نديكم عشرة صفر)، (والله لو لعبنا بدون حارس مرمى ما تغلبونا)...

    وصلنا لباب المدرسة، صراخ وهرج كبير، لم ينقطع بغته إلا مع رنة الجرس الأولى، فسكن الهم عشرات القلوب، الموعودة بحصص طويلة، وبتسميع قصائد، وجداول ضرب، وحل مسائل، وكتابة كل ما يكتب في السبورة، السوداء...

    (...........)

    ثم رن جرس الحصة الأخيرة!! قد يكون الصمت بحجم القرية، أو المدرسة، ومجرد صياح ديك، أو رنه جرس تبدده كله، لا حول ولا قوة للصمت، رن الجرس، منتصرا على السجن اليومي..

    والآن الوقت، بيدي لا بيد عمرو.. هنا الوقت لي، كقطعة طين، أخلق منها نعجة، أو لوري، أو نعامة، إن شئت، "لمن تقرع الأجراس"، كي تلطق المساجين من الفصول إلى جنون خيالهم ورغباتهم، (وقت العمل يمتلكك، ووقت الفراغ تمتلكه)...وقت الفراغ تمتلكه، يالها من ثروة!!..

    وقت الفراغ الآن بجيبي، كحلوى كبيرة، أغلى ثروة بيدي، لو لا هذه الثروة غير المرئية، لما كتب الشعراء، ورسم الناس، وتجلوا على ضفاف النيل، الفراغ هو اللوحة البيضاء امامك، التي ترسم فيها ما تريد، حتى الاستحالة يمكنك ان ترسمها بريشتك، لو لا الفراغ لما كان غار حراء، و15 عاما، من التأمل، والتحنث، والدهشة، والجمال!!..

    خرجنا من المدرسة، وأيدينا وقلوبنا وجيوبنا مليئة بالفراغ....

    ما أحلى الفراغ... كي أحلق، وأطير، واجري، وأعكر البركة الصغيرة امام البيارة بأرجلي!!

    كي أكون نفسي!!.
    ***

    ما أروع الفراغ..!! ...

    أخرجت قصديرة علبة البرنجي، وبدت أناملي في صياغة إشكال عديدة، حلق، ثم ساعة، وقميص، وبنطلون، أشكال لا تنتهي أبدا، كروعة الشعر!!.
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de