"لوطنة العالم"

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-01-2024, 02:40 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة حليمة محمد عبد الرحمن(حليمة محمد عبد الرحمن)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
01-26-2007, 09:12 PM

محمد النعمان
<aمحمد النعمان
تاريخ التسجيل: 09-04-2004
مجموع المشاركات: 465

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: "لوطنة العالم" (Re: ابو جهينة)

    الأعزاء حليمة والمتداخلون / ات ، تحياتي.

    لا أجد في الموقف الأخلاقوي الذي أدان لغة عنوان البوست ، بما يزعم لها من بذاءة ، أية جدية تستحق الجدال لأن ذلك الموقف قائم ببساطة على حساسية لا يمكن تغيير معاييرها المعقدة عبر هذا البوست.
    النقطة المهمة التي تم تناولها في هذا الخصوص هي تلك التي نجحت الأخت عزاز شامي في تعريتها بجدارة ضمن سجالها مع الأخ سبيل والتي تمثلت في دحض وجه الإعتراض القائم على إنتقائية ذكورية عرجاء تذهب، وفقاً لتقسيم الكلام جندرياً ، إلى أن اللغة تفقد "طهرها" الدلالي لو تداولتها إمرأة.
    مع ذلك لدي إعتراض جذري على العنوان الذي أجده معبراً عن ذعر ذاتي وترهيب للآخر على نحو يتطابق في جوهره مع تكتيكات القمع السلطوي المعروفة والتي عادة ما تمهد لبطشها اللاحق بمثل هذه الحيل النفسية. لقد استعرض البوست تاريخ وبعض أحوال اللواطيين بنجاح كبير ولكنه عملياً إكتفى ، فيما يتعلق بمواجهة ما يعتبره خطراً ماحقاً ، بالتأليب على مواثيق حقوق الإنسان وبتفتيش القوانين الوطنية. بمعنى آخر ، ينطلق البوست من تضخيم الظاهرة التي يعالجها بإعتبارها كارثة محدقة بالعالم كله ولكنه ، في معرض مجابهته لهذه "الفعلنة" المزعومة لم يجد (من بين الوسائل الثقافية والإجتماعية والعلمية) غير الخطاب القانوني ليستخدمه إيجاباً أو سلباً. إن سبب هذا القصور ، الذي يستعدي السلطة عبر ركونه غير المبدئي للقانون ، يكمن في الإكتفاء بالهاجس الأخلاقي وحده كمنطلق بحث وبالوازع الأخلاقي وحده كسلاح مواجهة وبالمعيار الأخلاقي وحده كأداة تفسير لهذه "الظاهرة" الشائكة.

    إن عبارة "لوطنة العالم" والتي تبناها هذا البوست عبر ترجمة ذكورية قاصرة ، تفيد معنى الفعلنة (مثل السودنة) وبذلك فإن مدلولها اللغوي يشير إلى سيرورة من المفترض أن يخضع بموجبها عنصر ما إلى هوية أخرى أجنبية عنه.
    إذا سايرنا فرضية "فعلنة" العالم كما يقترحها علينا عنوان هذا البوست فأنه سيكون من شأن هذه "العملية" أن تتخذ أحد الوجهين التاليين:

    أولاً: أن يكون المقصود بـ "لوطنة العالم" هو تلك العملية التحويلية "القيامية" التي سيترتب عليها أن يصير العالم بمجمله لواطياً.
    رغم شمول هذه العملية العملاقة ، التي يفترض حدوثها عنوان البوست أو يروّعنا بزعم إجرائها ، إلا أن النقاش يهمل الإشارة المنضبطة إلى ماهية الجهة التي تقف على تنفيذها. هذا الإهمال ، وهو إهمال متواطئ أيديولوجياً ، يترك وقوع هذا التحويل الشامل مرهوناً بأحد إحتمالين:
    أما أن يكون اللواطيون قد حازوا قدراً من "السلطة" يمكنهم الآن من فرض أو تمرير حقيقتهم الجنسية حتى تصبح هي حقيقة غيرهم ، أو أن تكون هناك "جهة ما" غير لواطية ولكنها مع ذلك تعمل على تحويل العالم وفقاً لتلك الحقيقة.
    من الواضح أن عمليات الفرض أو التمرير المفترضة آنفاً ستكون خاضعة بدورها لسؤال مركزي آخر:
    هل اللواط حقيقة بيولوجية أم هو واقعة ثقافية أم أنه مزيج مركب من كل ذلك؟
    أهمية هذا السؤال تكمن في أن إجابته ستحدد طبيعة "الوسائط" التي ستعتمد عليها عملية التحويل المفترضة كما أن هذه الإجابة نفسها ستمنحنا القدرة على المصادرة حيال إذا ما كانت هذه العملية ممكنة في الاصل. بمعنى آخر ، إذا كان اللواط هو في الواقع حقيقة بيولوجية (كما تذهب إلى ذلك غالب الدراسات العلمية) فهذا يعني بالضرورة أن العالم سوف لن يصبح لواطياً عبر وسائل الإعلام مثلاً وبذلك يكون رهاب "العدوى" ليس له ما يبرره. إذا صحت هذه الفرضية فإنه يترتب عليها أن نقول إن هاجس هذا البوست لا يتعلق في حقيقته بحماية توجهات الأطفال الجنسية ولكنه بالأحرى يعبر عن حروب الكبار في محاولتهم إحتكار الرأسمال الأخلاقي في عالم بالغ التعدد والتغاير.

    ثانياً: أن تكون "اللوطنة" التي يقصدها عنوان البوست إنما هي ، في إفتراض بديل ، عملية تحويل لرؤية الناس للعالم بحيث تتطابق تلك الرؤية مع رؤية اللواطي له.
    هذه القراءة لعملية "الفعلنة" التي يفترضها عنوان البوست ستتركنا مع أحد إحتمالين:
    أن يرى الناس (كلهم) للعالم وللعلاقات التي تشكله من خلال عين اللواطي ودون أن يتخلوا عن "نقائهم" الجنسوي بالضرورة. من الواضح أن هذا أمر يتعذر حدوثه لأنه يحاول القيام على فصل التجربة عن رؤية العالم.
    أو من جهة أخرى ، أن يكون المقصود بـ "لوطنة" العالم هو ذلك الجهد الفكري والنفسي الذي سيكون من شأنه أن يمكن اللواطيين (هم وحدهم لا غيرهم من الناس) من النظر إلى العالم وفقاً لحقيقتهم الجنسية الخاصة.
    هذه الفرضية الأخيرة تعني أن عملية "لوطنة العالم" إنما تستهدف تحويل وعي اللواطيين أنفسهم بالعالم لا تحويل الحقيقة الجنسية لغيرهم من الناس. وبهذا تصبح عملية "اللوطنة" مشروعاً خاصاً ضد الإستلاب يشبه في جوهره قول السوداني مثلاً: يجب أن ننظر للعالم وفقاً لحقيقة أننا سودانيون. من الواضح أن سودنة الرؤية هذه لا تسعى إلى سودنة الإسكيمو مثلاً ولكنها ستقتصر على ذوي الإنتماء التاريخي للسودان.

    إمعان النظر في هذه القراءات الممكنة ، والتي يفرضها علينا المدلول اللغوي لعنوان البوست ، ستساعدنا على تأسيس مدخل عقلاني لمعالجة ما يسعى البوست لمعالجته. فالفحص المتمهل يكشف أن العنوان بصيغته الراهنة إنما ينطلق من إسطورة ومن وجدان مغلوب أكثر مما يتأسس على حقيقة وفكرة صلدة. قد تتمتع عبارة "لوطنة العالم" بجمال وحشي وسحر آثم ولكن إستخدامها على نحو جزافي يقلل من فرص الإنتقال بموضوعة اللواط من منطقة التابو والرهاب المرضي إلى رحاب الفكر وموضوعاته.
    إذا سمحنا للمقاربة النظرية بأن تنطلق من نفس المصدر الذي تنطلق منه عادةً كل الصرخات الأخلاقية التي تمهد نفسياً للقمع التشريعي (بما في ذلك قمع النساء والأقليات مثلاً) فإن هذا المدلول التهويلي المذعور لعنوان البوست سينتهي بنا إلى لا شئ. ستظل رؤيتنا للظاهرة ولمعالجتها منحصرة في إطار الإخلاق وبذلك تتساوى "الحلول" عملياً في فعاليتها ومشروعيتها معاً طالما أنها ستظل محكومة في آخر المطاف بالنسبية الأخلاقية.
    داخل مثل هذه الرؤية يصبح التشريع القانوني هو محل الإستهداف وليس الأسس المادية التي تتولد عنها ظاهرة إجتماعية بعينها. بمعنى آخر ، يبدو الإشكال في نظر أصحاب هذه الرؤية متمثلاً في القانون الذي "يشرعن" حقوقاً "ترتبت" على اللواط وليس اللواط نفسه "كظاهرة إجتماعية" سابقة لشرعنة الحق. وخطل هذا الموقف واضح في أن إلغاء التشريعات المانحة للحق أو حتى استخدام غيرها كأداة قوة سالبة (مثل تجريم اللواط ومعاقبة اللواطيين) سوف تبقي في النهاية على اللواط نفسه دون مساس بينما يلحق نكال الدولة بأفراد محدودين. بالطبع سيقع التواطؤ لاحقاً على إستغلال تجارب هؤلاء الأفراد ضمن التمارين التربوية لأيديولوجيا "العبرة" التي لا تعمل في حقيقتها على "تحويل" قيمة المجتمع بقدر ما تعمل على تلبيس المعنى البدائي لإنتقامه.
    وهذا ما دفع بي لكتابة هذه المداخلة.

    كلنا يعلم أن اللواطيين وعبر التاريخ البشري قد تعرضوا لأنواع متعددة من القهر القانوني والقمع الإجتماعي والإدانة الأخلاقية ولكن ظلت "الظاهرة" نفسها مستشرية داخل كل المجتمعات دون إستثناء وعلى درجات متفاوتة من العلن أو التكتم. يجدر بنا في هذا المقام أن نتنبه للإختلاف الواضح ما بين طبيعة مهمتين يختلط أمرهما داخل هذا البوست حين تبناهما معاً: الأولى تتمثل في "مهمة قانونية" محورها القمع المؤسسي للواطيين كشريحة إجتماعية قد تكون حازت قبولاً نسبياً داخل ثقافات محددة ولم يبق لها سوى المطالبة بالمساواة إزاء أمور إحتكر تنظيمها الدين. أما الثانية فهي "مهمة إجتماعية" ذات دوافع إخلاقية تتمثل في "تطهير" الفضاء المجتمعي من "دنس" اللواط بغض النظر عن درجة "المقبولية" التي إستطاع اللواطيون تحقيقها داخل ثقافة محددة وبغض النظر عن ماهية اللواط وطبيعته.
    لقد عولت مشاريع كثيرة يقوم جوهرها على الوصاية الأخلاقية على إستخدام القانون كأداة تحويل إجتماعي ولكنها فشلت فشلاً ذريعاّ رغم بطشها المفرط. إن تجربة الإسلاميين في السودان من ألفها إلى يائها إنما تقف شاهداً على بوار هذه الإستراتيجية الأخلاقية التي تقحم مؤسسات الدولة فيما لا تصلح له في الأصل.
    طرح هذا الفرق للتفكير يمكننا من الوقوف على مزالق التأليب ضد المواثيق الدولية لحقوق الإنسان بإعتبارها خطراً على هويات ثقافية مخصوصة. إن الصرخة الأخلاقية ضد هذه المواثيق ، وهي مواثيق لا يمكن تقطيعها إلى "طلبيات" إنتقائية ، ستعمل في النهاية على دعم القوى التي تجهد في التخلص من كافة بنود تلك المواثيق بما في ذلك حقي الخاص وحقك في التعبير عن قناعاتنا الفكرية. وهي فوق ذلك إستهداف لظلّ الفيل ، كما يقول المثل.

    إن اللواطيين تنتجهم شروط أخرى ليس من بينها التنصيص القانوني على أن للإنسان نفس الحقوق المتساوية بغض النظر عن جنسه أو توجهه الجنسي وغيرها من الوقائع الإجتماعية المتعارف عليها. هذه النظرة الحقوقية التي تبدو "رياضية" لفرط بدهيتها العقلانية هي ضمان صارم للتمتع بحزمة متضامة من الحقوق وبذلك سيفضي أي إلتفاف على تكاملها بالضرورة إلى إنهيار منطق وفلسفة الحق كلها.
    إن خطاب حقوق الإنسان لا يشجع اللواط ولا يقمعه. هذه بديهة قانونية.
    إنه ببساطة يصوغ مبدأ عقلانياً عاماً يتمثل في تكافؤ الناس (بما هم ناس) في الحقوق التي يرتبها القانون الأممي على الدولة. وبذلك فإنه يساوي في الحق الإنساني بين المرأة والرجل ، الفقير والغني ، الطفل والراشد ، اللواطي وغير اللواطي ، الأسود والأبيض ، المعاق والصحيح بدنياً ، العلماني والديني ... إلخ
    إن إلزام الدولة بحماية وترقية حقوق الأفراد والجماعات كما نصت عليها المواثيق الأممية ، وذلك على قدم المساواة ، لم يفلح في تحويل العالم إلى جنة علمانية بعد وذلك لأن العالم لا يتأهل لذلك عبر هذا الإعتراف الحقوقي وحده وبمعزل عن شروط الإجتماع. وعلى جانب آخر ، من الواضح أيضاً أن نجاح مجتمعاتنا في تحقيق المساواة بين الجنسين - مثلاً - أو فشلها في ذلك يرتبط بعوامل أخرى ليس من بينها ذلك التنصيص المذكور ضمن المواثيق.
    هذه ملاحظة مهمة جداً.
    خطاب حقوق الإنسان هو حزمة مبادئ تلزم الدولة بإحقاق حق أو الكف عن إعاقة نيله أو تحقيقه. إنه لا يتوجه بهذا الإلزام لأفراد أو لجماعات لأنه ببساطة يفاصل ما بين المجتمع من جهة والدولة كمؤسسة قانونية من جهة أخرى. وعليه فالخطاب لا يصادر حق الفرد أو الجماعة في إختيار ما يشاؤون بشرط ألا تكون الدولة أداة يقع إستخدامها (داخل صراع هذه الخيارات) لتحقيق مشيئة فرد أو جماعة بعينها. يجب أن تظل الدولة خاضعة لمبدأ المساواة بين رعاياها على إختلافهم وتباينهم. وبما أن المواثيق الأممية قد كفلت للفرد و الأسرة و المجتمع الحق الكامل في صياغة تصورهم للعالم وممارسة ما يترتب على ذلك التصور من قيم ، فإن المحصلة الإجتماعية "المتحققة" لتلك الخيارات يجب أن تكون محل حماية الدولة وذلك من خلال إعمال مبدأ المساواة بين الناس في الحقوق.

    لتوضيح هذه النقطة دعونا نفحص هذا المثال: مبادئ حقوق الإنسان تمنع الدولة من التدخل عبر إستخدام القانون لتحديد نوعية المواليد داخل مجتمع ما حتى وإن أصبح الإمتثال لمثل هذا الأمر ميسورأً علمياً. الأفراد والأسرة هم من يتمتع بمثل ذلك الحق نظرياً وسيمارسونه بالطبع وفقاً لشروط ودوافع متباينة ، بينها الأخلاقي وغير الأخلاقي ، التقدمي والرجعي ، العادل والظالم والعلمي والأسطوري ... إلخ. هناك عوامل كثيرة ، ليس من بينها القانون ، ستحسم عملية خضوع فرد محدد لخيار محدد بينها البيولوجي والثفافي ، الطبقي والقومي والمعرفي والأيديولوجي ... إلخ.
    مهمة الدولة والقانون (والتي تبدأ بعد أن تتم عملية الإختيار المذكورة) هي أن تعامل المواليد الذين أنتجتهم الخيارات المجتمعية ، بغض النظر عن جنسهم ، على وجه التساوي في الحقوق.
    هذه هي المعادلة العقلانية التي ينهض عليها خطاب الحق الإنساني.
    تطبيق هذه المعادلة على موضوع هذا البوست ستقودنا إلى النتيجة التالية: من وجهة النظر الحقوقية فإن القانون لا يملك القدرة على ضبط التوجهات الجنسية لأفراد مجتمع ما فتلك عملية تتحكم فيها عوامل أخرى تقع خارج دائرته. مع ذلك فإن على الدولة أن تعامل نتيجة هذه العملية وفقاً لمبدأ المساواة في الحقوق. المغزى العملي لهذا الموقف يعني أن للفرد وللأسرة وللمجتمع الحق في صياغة حيواتهم بما لا يتعارض ومبادئ القانون الديمقراطي والتي تنظم العلاقات البينية فيما بينهم كما تضمن لهم الحق في أن يستعينوا نحو ذلك بكافة الوسائل المشروعة عقلاً.
    عليه ، إذا أنتجت تلك الصياغة مجتمعاً خالياً من اللواطيين أو من الأبناء "غير الشرعيين" أو من المتحدثين بلغة ثانية أو من حاملي السحنات المغايرة أو من الفقراء أو من المعاقين بدنياً ... إلخ ، فستصبح مبادئ حقوق الإنسان تجريداً عقلانياً لا وظيفة له لأن المجتمع يكون بذلك قد تجاوز حاجته لها. أما إذا لم يفلح مجتمع ما في إنجاز مثل هذا "النقاء" الذي يزعمه أو يستهدف تحقيقه بعض الناس فإن على الدولة أن تلتزم مبدأ المساواة في علاقتها بالأفراد كما أنتجهم ذلك المجتمع بالفعل لا كما يحلم بهم. من جهة أخرى ، يكون على الدولة أيضاً ألا تصادر حق ذلك المجتمع في أن يوالي المحاولة لتجسيم تصوره لذاته بشرط أوحد هو أن تقتصر وسائل ذلك التجسيم على ما هو مشروع قانوناً فلا يكون هناك غصب أو قهر أو تعدي أو إستعلاء أو غيره من معاني التسلط وعلى وجه الخصوص ما قد يكون من شأنه أن يستخدم الدولة نفسها كأداة حرب.

    هذا هو دفاعي القانوني عن خطاب الحق الإنساني والذي هو محصلة منطقية لنظر عقلاني يمركز الإنسان ويجله على الإطلاق كما يلزم الدولة بواجبات محددة للتعبير عن ذلك الإجلال. وأرجو صادقاً أن تجدوا فيه ما يثري نقاشكم.

    أما من الجهة الأخرى ، فيبدو لي أن الذعر الذي عبر عنه هذا البوست إنما يرتكز على نتائج العولمة في مستواها الإعلامي ولكنه ولدوافعه الأخلاقية لم يجد غير القانون محوراً لتفكيره. فتدفق الخبر والصورة على نحو حر ومفارق يطرح تحدياً غير مسبوق أمام الجماعات التي تستهلك منتوج غيرها ولا تتحكم في معايير سوق التبادل الثقافي.
    ففي هذا القرن الذي تتسارع فيه سيرورات العولمة لتجرف أمامها بنى إجتماعية وثقافية وإقتصادية تمتعت بعزلات تاريخية نسبية لفترات طويلة ليس هناك ضمانة ضد التغول الثقافي والإستبداد السياسي والإستغلال الإقتصادي أكثر نجاعة من خطاب حقوق الإنسان. مصلحتنا الإستراتيجية ، كعالم جنوبي ، تكمن في الدفاع عن هذا الخطاب لا في الهجوم المتهافت عليه. هذا ما ينبغي علينا تذكره على الدوام.
    لربما ساهم الوعي الدارج لحقوق الإنسان ، بإعتبارها هي الحقوق المدنية والسياسية وحدها ، في ترسيخ القلق بأنها ستكون مجرد مفردة محايدة ، إن لم تكن متواطئة ، داخل مشروع العولمة المفهوم كمشروع غربي للهيمنة. ينبغي علينا التنبه إلى أن خطاب حقوق الإنسان ينطوي أيضاً على الحقوق الإقتصادية والإجتماعية والثقافية التي تنظم حقوق الجماعات كما تعمل في الوقت نفسه على كفكفة غلواء العولمة المتوحشة. بمعنى آخر ، إن من الممكن أن تصبح العولمة ، تحت بطش الآلة العسكرية وسطوة القوة الإقتصادية ، عملية أميركية بالكامل ولكن هذا الإستحواذ الأحادي لا يمكن تصور وقوعه على خطاب الحق الإنساني.
    تتمثل المفارقة الراهنة في أن مواثيق حقوق الإنسان تعطي الأب أو الأم ، منفردين أو مجتمعين ، مطلق الحق في تربية الأطفال بالكيفية المناسبة لهما ووفقاً للمعايير الثقافية والإخلاقية التي تناسبهما إلا أن سيرورات العولمة من جهة أخرى تتلازم لتجعل من ممارسة هذا الحق أمراً شاقاً إذا ما أختيرت ممارسته لترسيخ خصوصية محددة. أمام هذه المفارقة ليس أمامنا سوى أن نفكر على نحو مختلف وذلك لترتيب أوضاعنا وفقاً لشروط العولمة المحتومة. ربما تمثلت أولى خطوات الإتجاه الصحيح في إعادة التعريف الشاملة لمفهوم "تربية" الأطفال وذلك بغرض تحويلها إلى عملية تدريب واعية وقائمة هي بدورها على قيم الحقوق وإحترامها وقادرة على ممارسة الخيار الخاص. ومن المؤكد أن تلك الخطوات ينبغي لها أن تشمل ما هو إقتصادي تنموي وما هو ثقافي نقدي وهي ، من قبل ومن بعد ، لن تملك أية أهلية للإنجاز إن لم تقم على العقل وقيمه الحديثة.
    ولكم جميعاً إحترامي وتقديري ،

    نعمان

    (عدل بواسطة محمد النعمان on 01-27-2007, 05:44 AM)

                  

العنوان الكاتب Date
"لوطنة العالم" حليمة محمد عبد الرحمن12-10-06, 07:24 AM
  Re: "لوطنة العالم" حليمة محمد عبد الرحمن12-10-06, 07:36 AM
    Re: "لوطنة العالم" حليمة محمد عبد الرحمن12-10-06, 07:39 AM
      Re: "لوطنة العالم" عبد العزيز الكمبالى12-25-06, 01:32 PM
    Re: "لوطنة العالم" Mohamed E. Seliaman12-10-06, 07:47 AM
    Re: "لوطنة العالم" عزاز شامي01-30-07, 11:04 AM
  Re: "لوطنة العالم" عبد اللطيف بكري أحمد12-10-06, 08:18 AM
  Re: "لوطنة العالم" ناذر محمد الخليفة12-10-06, 08:41 AM
    Re: "لوطنة العالم" محمد البشرى الخضر12-10-06, 08:58 AM
      Re: "لوطنة العالم" ابو جهينة12-10-06, 09:23 AM
  Re: "لوطنة العالم" Mandingoo12-10-06, 09:56 AM
    Re: "لوطنة العالم" mamkouna12-12-06, 04:03 AM
    Re: "لوطنة العالم" حليمة محمد عبد الرحمن12-22-06, 07:20 AM
  Re: "لوطنة العالم" عبد المنعم سليمان12-10-06, 11:46 AM
    Re: "لوطنة العالم" Anwar Osman12-12-06, 08:16 AM
  Re: "لوطنة العالم" ناذر محمد الخليفة12-10-06, 12:49 PM
  Re: "لوطنة العالم" Omer Abdalla12-10-06, 02:25 PM
    Re: "لوطنة العالم" حليمة محمد عبد الرحمن12-22-06, 07:39 AM
  Re: "لوطنة العالم" ناذر محمد الخليفة12-10-06, 03:04 PM
  Re: "لوطنة العالم" عمر الفاروق12-10-06, 03:11 PM
    Re: "لوطنة العالم" عبدالكريم الامين احمد12-10-06, 03:55 PM
      Re: "لوطنة العالم" نجوان12-10-06, 04:21 PM
      Re: "لوطنة العالم" معتصم الطاهر12-10-06, 04:22 PM
        Re: "لوطنة العالم" Mohamed E. Seliaman12-11-06, 01:55 AM
          Re: "لوطنة العالم" حيدر حسن ميرغني12-11-06, 02:10 AM
        Re: "لوطنة العالم" rummana12-11-06, 02:31 AM
          Re: "لوطنة العالم" nazar hussien12-11-06, 03:23 AM
            Re: "لوطنة العالم" حليمة محمد عبد الرحمن12-11-06, 03:53 AM
            Re: "لوطنة العالم" mulhim12-11-06, 03:55 AM
              Re: "لوطنة العالم" حليمة محمد عبد الرحمن12-11-06, 07:11 AM
                Re: "لوطنة العالم" Munir12-12-06, 05:21 AM
          Re: "لوطنة العالم" حليمة محمد عبد الرحمن12-22-06, 08:17 AM
        Re: "لوطنة العالم" حليمة محمد عبد الرحمن12-22-06, 07:26 AM
  Re: "لوطنة العالم" ناذر محمد الخليفة12-11-06, 07:35 AM
  Re: "لوطنة العالم" عبد المنعم سليمان12-11-06, 07:50 AM
  Re: "لوطنة العالم" Mandingoo12-11-06, 08:17 AM
    Re: "لوطنة العالم" نجوان12-11-06, 08:50 AM
    Re: "لوطنة العالم" mulhim12-11-06, 10:05 AM
    Re: "لوطنة العالم" حليمة محمد عبد الرحمن12-22-06, 09:28 AM
  Re: "لوطنة العالم" ناذر محمد الخليفة12-11-06, 08:50 AM
  Re: "لوطنة العالم" Samau'al Abusin12-11-06, 09:15 AM
    Re: "لوطنة العالم" Mandingoo12-11-06, 10:35 AM
    Re: "لوطنة العالم" حليمة محمد عبد الرحمن12-22-06, 09:14 AM
  Re: "لوطنة العالم" Omer Abdalla12-11-06, 12:18 PM
    Re: "لوطنة العالم" Mohamed E. Seliaman12-11-06, 12:43 PM
      Re: "لوطنة العالم" Mohamed E. Seliaman12-11-06, 12:53 PM
        Re: "لوطنة العالم" هشام هباني12-11-06, 01:01 PM
  Re: "لوطنة العالم" Bashasha12-11-06, 01:04 PM
  Re: "لوطنة العالم" mamkouna12-12-06, 04:11 AM
    Re: "لوطنة العالم" محمد حسن العمدة12-12-06, 04:38 AM
      Re: "لوطنة العالم" rummana12-12-06, 06:43 AM
        Re: "لوطنة العالم" rummana12-12-06, 06:50 AM
        Re: "لوطنة العالم" حليمة محمد عبد الرحمن12-12-06, 07:09 AM
  Re: "لوطنة العالم" Mohammed Elhaj12-12-06, 08:21 AM
  Re: "لوطنة العالم" Mandingoo12-12-06, 10:01 AM
  Re: "لوطنة العالم" abubakr12-12-06, 12:54 PM
    Re: "لوطنة العالم" حليمة محمد عبد الرحمن12-22-06, 09:39 AM
  Re: "لوطنة العالم" Bashasha12-12-06, 01:31 PM
    Re: "لوطنة العالم" وضاح12-12-06, 01:49 PM
      Re: "لوطنة العالم" حليمة محمد عبد الرحمن12-22-06, 09:21 AM
    Re: "لوطنة العالم" حليمة محمد عبد الرحمن12-13-06, 05:42 AM
    Re: "لوطنة العالم" rummana12-13-06, 06:21 AM
  Re: "لوطنة العالم" Adel Sameer Tawfiq12-12-06, 03:41 PM
    Re: "لوطنة العالم" حليمة محمد عبد الرحمن12-22-06, 08:55 PM
  Re: "لوطنة العالم" Mohammed Elhaj12-13-06, 01:38 AM
    Re: "لوطنة العالم" حليمة محمد عبد الرحمن12-13-06, 06:11 AM
      Re: "لوطنة العالم" حليمة محمد عبد الرحمن12-17-06, 09:08 AM
        Re: "لوطنة العالم" محمد عثمان الحاج12-17-06, 10:10 AM
          Re: "لوطنة العالم" حليمة محمد عبد الرحمن12-18-06, 09:56 PM
  Re: "لوطنة العالم" Mohammed Elhaj12-18-06, 04:17 PM
    Re: "لوطنة العالم" حليمة محمد عبد الرحمن12-18-06, 09:31 PM
  Re: "لوطنة العالم" khalid abuahmed12-18-06, 05:54 PM
    Re: "لوطنة العالم" حليمة محمد عبد الرحمن12-18-06, 07:04 PM
      Re: "لوطنة العالم" حليمة محمد عبد الرحمن12-19-06, 07:29 AM
        Re: "لوطنة العالم" ترهاقا12-19-06, 08:14 AM
          Re: "لوطنة العالم" حليمة محمد عبد الرحمن12-19-06, 09:48 AM
        Re: "لوطنة العالم" حليمة محمد عبد الرحمن12-22-06, 08:57 PM
  Re: "لوطنة العالم" عزاز شامي12-19-06, 06:37 PM
    Re: "لوطنة العالم" حليمة محمد عبد الرحمن12-22-06, 09:35 PM
  Re: "لوطنة العالم" أبو ساندرا12-19-06, 08:47 PM
    Re: "لوطنة العالم" حليمة محمد عبد الرحمن12-20-06, 03:10 PM
      Re: "لوطنة العالم" حبيب نورة12-20-06, 10:16 PM
  Re: "لوطنة العالم" أبو ساندرا12-20-06, 10:22 PM
    Re: "لوطنة العالم" عبدالكريم الامين احمد12-20-06, 10:34 PM
  Re: "لوطنة العالم" عبد المطلب خضر عبد المطلب12-21-06, 01:34 AM
    Re: "لوطنة العالم" عبد المطلب خضر عبد المطلب12-21-06, 01:47 AM
      Re: "لوطنة العالم" حليمة محمد عبد الرحمن12-21-06, 10:36 AM
      Re: "لوطنة العالم" حليمة محمد عبد الرحمن12-21-06, 10:41 AM
      Re: "لوطنة العالم" حليمة محمد عبد الرحمن12-23-06, 08:00 AM
  Re: "لوطنة العالم" الجيلى أحمد12-22-06, 11:18 PM
    Re: "لوطنة العالم" حليمة محمد عبد الرحمن12-23-06, 10:10 AM
    Re: "لوطنة العالم" محمد عبدالقادر سبيل12-23-06, 10:47 AM
      Re: "لوطنة العالم" حليمة محمد عبد الرحمن12-23-06, 11:42 AM
        Re: "لوطنة العالم" محمد عبدالقادر سبيل12-24-06, 08:44 AM
          Re: "لوطنة العالم" حليمة محمد عبد الرحمن12-24-06, 09:33 AM
            Re: "لوطنة العالم" حليمة محمد عبد الرحمن12-24-06, 11:04 AM
              Re: "لوطنة العالم" محمد عثمان الحاج12-24-06, 11:20 AM
                Re: "لوطنة العالم" محمد عبدالقادر سبيل12-24-06, 12:05 PM
                Re: "لوطنة العالم" حليمة محمد عبد الرحمن12-24-06, 10:28 PM
  Re: "لوطنة العالم" عبد المطلب خضر عبد المطلب12-24-06, 08:16 PM
    Re: "لوطنة العالم" حليمة محمد عبد الرحمن12-24-06, 08:35 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de