مقال: هوان الكتابة!! (1-6)..

كتب الكاتب الفاتح جبرا المتوفرة بمعرض الدوحة
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-12-2024, 04:10 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثاني للعام 2009م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
06-19-2009, 11:22 AM

عبدالغني كرم الله
<aعبدالغني كرم الله
تاريخ التسجيل: 07-25-2008
مجموع المشاركات: 1323

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
مقال: هوان الكتابة!! (1-6)..


    شأن ذاتي!!

    هوان الكتابة!!..
    (1-6)




    في البدء:
    كنت متخوفا، من كتابة مقال أسبوعي، لا املك تجربة شخصية في الكتابة المنتظمة، أكتب حين أحس بجوع للتعبير، وخفت من أن أتصنع الكتابة، أو أنجر من ذهني، حين يجف البئر، والكتابة دوما تكون شيئاً من اللاشعور والشعور، مزيج من العاطفة والفكر، معا، في نسيج مطبوخ بتأني، وصبر، كما تنبت الزهرة، ينبت النص في تربة الخواطر، بوقت لا يتعجل أو يبطئ، توخيا لسرعة غامضة، أبتكرتها الطبيعة، لميلاد طفل، أو إزهار نبت، إو نضج ثمر، والزيادة كالنقصان، ولكن لكل قاعدة استثناء، وللحق شعرت بهوان داخلي عميق، أدخلتني فيه تجربة الكتابة، فالكتابة فعل، وأي فعل؟ مسكونة بالمخاطرة، والمغامرة، وكشف الوجه الحقيقي للنفس البشرية، والتي تواريه، عفوا، وقصدا فليتني، أصف هواني الذاتي، وأن كنت لا أعول على اللغة، فهي مخلوق ضعيف، أمام تعبير الإنسان عن نفسه، فالرقص تعبير، مثل الطرب، والجنس، والجوع، والدهش، والضحك، والألم، والموت، وهذه، يقضيها الأنسان دون أن يتفوه بكلمة، واحدة، بل مجرد تعبير جسدي، يستغنى الإنسان فيه عن اللغة، هذا المخلوق الذكي، المحدث!!


    (1)

    الطريق، من الدار، للسوق، أو للمدرسة، أو للجرف عند النهر، يمضي كشاعر عجوز، فضولي، وليس كطلقة بندقية، لا تلوي على شئ، كأنها قلم رصاص يحك طرف مسطرة خفية، ليصل بين نقطتين، هو يتلوى كخيط بخور، ومزاج قلب عجوز يصرخ "يا إلهي، ويركع، حين يرى حصى ملساء صغيرة، تحرس نبته سعدة من الرياح !!..

    كما ينحدر الطريق، ويعلو، وكأن عصى موسى ضربت بحرا هائجا، عاتي الأمواج، فاستحال أرضا، في لمح البصر، هكذا شارعنا..

    يمضي الشارع جنوبا، نحو النهر، ثم يغير رأيه فجأة، وبعد ستة أمتار فقط، نحو الغرب، ثم يغفل راجعا للشمال، كأنه تذكر شيئا ثمينا، ثم يمضي نحو الجنوب، وكأن الشئ الذي تذكره غير مجدي، بعد أن قيمه في ثوان ...

    أحيانا، أحس بأننا لو حفرنا نصف متر، لظهر حوت ضخم، كان في طريقه للسطح حين هوت عصى موسى على اليم، وكثيرا ما أكون نائما، ويهتز العنقريب تحتي، فأصرخ مرعوبا، رجع لأصله، بحرا هائجا، وفقد السحر مفعوله، ولكن أمي، دوما، توقظني من براثن الكابوس، من براثن حواس لا تعي ما حولها، واهنة في النوم واليقظة، دوما تتشابه عليها الأشياء، والأحياء...

    شكل درانا غير معروف، مربع، مستطيل، بيضاوي، لا علاقة له بهذه الأشكال، اللغة العربية لاتملك صفة لهذا الشكل على الإطلاق، لو وضعت حبة فاصوليا بيضاء، أو حتى صفراء، ولكن بعد أن تجف، على ورقة كراس بيضاء، ثم مررت فحمة على حوافها، فقد رسمت بيتنا، ماعدا الباب، فهو خط مستقيم صغير في حدبة الفاصوليا، أما بيت خالي، غرب بيتنا، فلا يشبه أي شكل، لا فاصوليا، ولا برتقال، ولا عجوز، يشبه نفسه، فقط، كأنه ارهق اللغة، فتركته وشأنه، تركته للعين، فمن رأى عرف، مثل عشرات الطعوم، لا تدرك، سوى بلغة اللسان، ومن ذاق عرف، واللغة؟!! رحم الله أمرء عرف قدر نفسه، ما اسم طعم التراب، طعم الطباشير، طعم القبلة، فعلا، رحم الله رجلا، عرف قدر نفسه!!..

    أما ما يقر في عقل الرائي لبيت خالي، إن كان لابد من لغة للفكر، أو صفة، للصور بالذهن، أو المشاعر في القلب، فهذا امر، نسبي، وذاتي، قد يشبه بيت خالي شكل سحابة رأيتها في طفولتك، واستيقظت ذكراها برؤية بيت خالي، وقد تشبه لك خريطة بول طفل، وقد تشبه زخرفة على ثوب نسائي، رأيته ثوان، وأنت عابر سبيل، هكذا تتشكل الصور في الذهن، كل إنسان على هواه..

    ما يهمني هو الشاعر العجوز، والذي هو شارعنا، والذي كثيرا ما تعبره كارو بتول، وفجأة يخرج حوت من الباطن ويبتلعها، ولكنها، تظهر بعد قليل، وقد أخفاها المنحدر، الموج الترابي، وبرئت عصا موسى، من هلاوس قدرية، تبرق بلا حول، أو قوة، بقعر النفس..

    تختار الشوارع طريقها بنفسها، قد تعجبها شجرة، فتعرج لها، بل هناك شارع بدأ هزيلا، وملتويا، ثم ضاق، وضاق، وكأنه يتعمد حرمان الأبقار والحمير فقط، من عبوره، ثم يتسع، حتى آوى قبة ابوشملة بداخله، ثم رجع هزيلا، كما بدا، ولو رأيته من مئذنة الجامع، لبدأ لك مثل حليمة حين تكون حاملا، فرجليها نحاف، وبطنها ضخم، ورأسها صغير، يتوج رقبة زراف طويلة، كأنها نامت على جنبها، ومرر جحا، ابنها الشقي، قلم الرصاص عليها، رسم كوركي للشارع،..

    أحيانا، يلتقي شارع من الشرق، بأخيه من الشمال الشرقي، وأخر من الجنوب الشرقي، ثم يجلسا معا، في فسحه صغيرة، وينسون مشوارهما، تحت شجرة النيم، التي تجلس عليها السرة، ونعمات، لبيع الدكوة، والشمار، كإنهما أحسا بأهمية ملتقى الطرق لتلكم الأرامل، فألقايا عصى الترحال، ووسعا صدرهما معا، كي تفرش شولات الخيش، وفوقها خضار بسيط، طازج، لا تزال جذوره ترجف، وتحتضر، كأرجل ذجاجة مذبوحة!!..

    ومع هذا، كل الاغنام، والابقار، والخراف، تأتي في ظلمة العشاء وحدها، وتصل لمراحها، وذرايبها في كل البيوت..

    بل لو رأيت بقرة سعاد، وهي تحت ضوء رتينة دكان علي ود السالم، وهي تسير بولهه، وعجلة من أمرها، كي ترضع عجولها، وهي تعرج من شارع لآخر، ثم فسحة تفتح على سبع طرق متضاربة، متاهة تربك البوصلة، وهي تمشي بثقة العارف، حتى ترضع عجلها، وتجتر على جنبها السعدة والبرسيم، فلو رأيتها غدا في أحدى فصول المدرسة، وهي ترفع قرونها، لتجاوب أحد اسئلة الجغرافيا، لما تعجبت لذلك، فغريزتها تبز فضول سفن ماجلان، ونوق بن بطوطة، وأسماك السلمون..

    ولو، دفعك الفضول، كعادته، لتسلق شجرة النيم الضخمة، نهاية القرية، وقبالة البحر، بعد أن تضع رجليك على البرميل الازرق، الملئ بجاز بابور الشمة، ثم تقفز، من فرع لفرع، حتى تصل لفرعك المفضل، والذي يبدو كشعبة، أو سرج ناقة، نسيت المشي، وتخلصت من ثلاث أرجل، لرجل واحدة، ونظرت تحتك للبرميل، فلن تجد سوى صاج ازرق، دائري، والبقرة الواقفة تحتك، تبدو مثل فروة صلاة، بقرون..

    ولو نظرت بعيدا، بين فرجات الغصون الراقصة، وأيت قطعان الماعز، والخراف والابقار، وهي تسعى سويا للقرية، تهز رؤسها يمنة ويسرى، حتى تصل جسر الترعة، ثم تمضي كل واحدة لداراها، في شفق المغيب، سرب نحو الغرب، وأخر للشمال، كأنها نهر تفرع، ستحس بحنين فطري، يلمع في خاطرك بحس دافئ، لأرض ميعاد فيك، وفي الخراف، والارض، والقلوب، حوافر ، واجنحة ، وخياشيم اسماك، تسعى، بحنين كامن، مثلك تماما، لوطن ماهل، حنون، في أعقاب الزمان، يظهر نسغ، ويخفي إنساق، كالشجرة التي تتسلقها، الكل يعرف طريقه في الظلمة، أو النور، كما يعرف ألم الشوكة طريقه للقلب،..

    قد تشغلك اوراق شجرة النيم، وثمارها الصغيرة، الجميلة، المرة، وبداخلها بذور سوداء، غافية، يؤمن قلبها بفكرة الخلود، يالها من جلجامش بابلي، صغير، ومكور، هب أنها وقعت في التراب، وأسرجت ظهر الرياح، لدار أخرى، وبعد عام أمطرت، وأصابها حنين الخلود، فهاهي تتذكر شكل أسلافها، كلهم، وطعهم، وسحناتهم، مثلك، هل تكتب، كي تتذكر نفسك، وحيواتك، مثل هذه البذرة المغمورة؟..

    هاأنت تخرج، كرسيك، في فسحة بلا هوية، أو شكل، وتفكر في الزمن، وتحس به، كما يحس العاري بالماء الدافي، كيف خطى خطوته الأولى؟.. وأين كان؟ ثم تذكر الماضي، والمستقبل، وتحس بأن نهر الزمن لايتجزأ، ممسك ببعضه، موجة إثر أخرى، كالنيل تماما، ولكن أين يمسك الماضي بالحاضر، وأين يمسك الحاضر بالمستقبل؟...

    بغته، خرجت من هواجسي على صوت زحف كائن عظيم، ، وأنا أرى الطريق أمامي، وقد تململ، من رقدته الطويلة، هز سلسلته الفقرية، كما يهز الحمار ظهره، والقتى على جانبيه بعض المارة، والحمير واوراق الشجر، ومضى نحو النهر، ومعه كل طرق القرية، ثعابين سمراء، ضخمة تغرق رويدا، رويدا في النهر، وتركت القرية بلا طرق، سوى البحث عن جذور، كالأشجار، غائرة في الذات والخيال والذاكرة، تغني عن السعي!!...


    ...


    ....
    يتبع!!..
    ..

    (عدل بواسطة عبدالغني كرم الله on 06-19-2009, 11:57 AM)
    (عدل بواسطة عبدالغني كرم الله on 06-21-2009, 06:21 AM)
    (عدل بواسطة عبدالغني كرم الله on 06-21-2009, 06:23 AM)
    (عدل بواسطة عبدالغني كرم الله on 06-21-2009, 10:25 AM)

                  

العنوان الكاتب Date
مقال: هوان الكتابة!! (1-6).. عبدالغني كرم الله06-19-09, 11:22 AM
  Re: مقال: هوان الكتابة!! (1-6).. rosemen osman06-19-09, 11:40 AM
    Re: مقال: هوان الكتابة!! (1-6).. ريهان الريح الشاذلي06-19-09, 04:40 PM
  Re: مقال: هوان الكتابة!! (1-6).. عزاز شامي06-19-09, 05:52 PM
    Re: مقال: هوان الكتابة!! (1-6).. حامد محمد حامد06-19-09, 06:13 PM
      Re: مقال: هوان الكتابة!! (1-6).. عمر عبد الله فضل المولى06-19-09, 06:23 PM
        Re: مقال: هوان الكتابة!! (1-6).. محمد حيدر المشرف06-19-09, 08:04 PM
          Re: مقال: هوان الكتابة!! (1-6).. عبدالغني كرم الله06-20-09, 02:34 PM
            Re: مقال: هوان الكتابة!! (1-6).. عبدالغني كرم الله06-20-09, 03:51 PM
              Re: مقال: هوان الكتابة!! (1-6).. عبدالغني كرم الله06-20-09, 06:36 PM
          Re: مقال: هوان الكتابة!! (1-6).. عبدالغني كرم الله06-21-09, 06:27 AM
        Re: مقال: هوان الكتابة!! (1-6).. عبدالغني كرم الله06-21-09, 06:46 AM
      Re: مقال: هوان الكتابة!! (1-6).. عبدالغني كرم الله06-20-09, 06:46 PM
        Re: مقال: هوان الكتابة!! (1-6).. محمد أبوالعزائم أبوالريش06-20-09, 08:02 PM
          Re: مقال: هوان الكتابة!! (1-6).. Adil Isaac06-20-09, 09:45 PM
            Re: مقال: هوان الكتابة!! (1-6).. محمد حيدر المشرف06-21-09, 06:42 AM
              Re: مقال: هوان الكتابة!! (1-6).. عبدالله داش06-21-09, 09:14 AM
                Re: مقال: هوان الكتابة!! (1-6).. عبدالغني كرم الله06-22-09, 10:10 AM
              Re: مقال: هوان الكتابة!! (1-6).. عبدالغني كرم الله06-21-09, 10:33 AM
            Re: مقال: هوان الكتابة!! (1-6).. عبدالغني كرم الله06-22-09, 07:56 AM
          Re: مقال: هوان الكتابة!! (1-6).. عبدالغني كرم الله06-21-09, 08:43 AM
            Re: مقال: هوان الكتابة!! (1-6).. ناهد بشير الطيب06-21-09, 10:41 AM
              Re: مقال: هوان الكتابة!! (1-6).. عبدالغني كرم الله06-23-09, 05:33 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de