نحو عصر حوارات حقة - عن منبر الحرية - مقال جميل جدير بالقراءة

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-02-2024, 00:40 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثاني للعام 2009م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
05-07-2009, 07:11 AM

khalid abuahmed
<akhalid abuahmed
تاريخ التسجيل: 10-25-2005
مجموع المشاركات: 3123

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
نحو عصر حوارات حقة - عن منبر الحرية - مقال جميل جدير بالقراءة

    نحو عصر حوارات حقة

    بقلم الدكتور محمد الدعمي*

    ثمة مفارقة تستحق عناء التأمل المتأني تنطلق من عنوان "عصر الحوارات" الذي فضل عدد من المفكرين إطلاقه على عصرنا الجاري، استذكارا لعناوين أخرى من نوع حوار الشمال/الجنوب، الشرق/الغرب، الدول الصناعية/الدول النامية أو "النايمة". وإذا كانت جميع هذه الحوارات تصب في هدف واحد، وهو بلوغ عالم مزدهر تسوده قيم السلام والمحبة واحترام الإنسان لأخيه الإنسان بغض النظر عن العقيدة واللون، الأصل والفصل، إلخ. أما المفارقة، فإنها تتجلى في أن هذا يمكن أن يسمى "عصر الحوارات الدامية" كذلك، إذ آثر الإنسان، كما يبدو، أن ينزف، سوية مع أخيه الإنسان، دماً على طريق حوار تشوبه النيات المبيتة والضغائن القديمة والأهداف المتعاكسة.

    ضمن هذا السياق المؤسف الذي نلاحظه حال متابعة أية نشرة للأخبار، يأتي الحديث عن حوار الأديان، وهو حديث طيب بقدر تعلق الأمر بأهدافه السامية التي تتبلور في رؤيا إنسان "معولم" قادر على أن يحيا مع سواه من البشر دون ملاحظة الفروقات الدينية أو المذهبية، كدافع للعداء أو للإرهاب والجريمة. ومع هذه الرؤيا السامية ينبغي أن نباشر عدداً من الأسئلة المهمة، ومنها: (1) ما معنى حوار الأديان، وماهي الأديان التي ينبغي أن تدخل الحوار الآن؟؛ (2) من يحاور من؟؛ (3) ما الهدف النهائي لمثل هذا الحوار؟

    إن أول ما يقفز إلى رأس المتأمل في مثل هذه الأسئلة هو أن مثل هذا الحوار ينبغي أن يقوده رجال الدين الذين يمثلون كل معتقد أو نظام روحي. وللمرء أن يتوقع أن مائدة حوار، إذا ما فرشت اليوم، ستكون مثالاً للمحبة والتعايش والأواصر المشتركة، خاصة إذا ما عقدها كبار رجال الدين من أديان متنوعة. وقد حدث مثل هذا النشاط عبر التاريخ، كما هي عليه الحال في "برلمان الأديان" الذي عقد في مدينة شيكاغو في القرن التاسع عشر، على هامش معرض شيكاغو التجاري، إذ تمكن المضيفون الأمريكان من استقدام عدد من رجال الأديان الكبرى من آسيا وأفريقيا وأوربا للجلوس سوية وللقيام بمناظرات دينية أمام الجمهور الأميركي حين كانت الولايات المتحدة لم تزل جمهورية فتية ترنو لأن ترى "العالم القديم" بمنظور "العالم الجديد" المتعالِ. كما أن حواراً آخر شبيها قد حدث في نفس القرن بين الطوائف الإسلامية، برعاية وتنظيم الوالي العثماني في بغداد، وقد سمي الاجتماع بـ"مؤتمر النجف" الشهير الذي أرخ له العلامة الراحل الأستاذ علي الوردي في أحد مجلدات (لمحات اجتماعية من تاريخ العراق الحديث). ولكن يبقى السؤال قائماً: هل تمكنت هذه الأنشطة من تجاوز تفاهمات رجال الدين (على جلال قدرهم) كي تشيع مفاهيم المحبة والتعاون بين سواد الناس من أتباع الأديان المختلفة؟

    إن أية قراءة متأنية للعقائد الأساس لجميع الأديان الكبرى في العالم ستقودنا إلى حقيقة لا غبار عليها، وهي أن جميع الأديان تدعو إلى التسامح والمحبة والتعايش في جوهرها. إلاّ أن الاختلاف يأتي من الجهلة الذين يركبهم شبح التعصب والعصبية درجة الانجراف في تيار الكراهية و الضغينة. لذا يكون حوار رجال الدين فيما بينهم حواراً محدود الجدوى بقدر تعلق الأمر بتعميم دلالاته ومعانيه على أتباع المعتقدات المختلفة. إن المشكلة لا تكمن في رجال الدين الراسخين في العلم، ولكنها تكمن في الجهل وفي شعور كل فرد بأنه هو لوحده ينتمي إلى الفئة غير الضالة أو الفئة الناجية، بعونه تعالى.

    إن أهم مسببات التنافس الديني الذي غالباً ما يؤججه أفراد غير متدينين (وهذه المفارقة تستحق المعاينة كذلك) هو أن اغلب الأديان الكبرى في العالم هي أديان تبشيرية، أي أنها أديان مفتوحة لكسب المزيد من الأتباع والمؤمنين. وهكذا يكون التنافس عنيفاً، ليس بين الأديان، وإنما بين الأتباع الأقل إستنارة، من أجل الإنسان.

    وللمرء أن يدعي بأن أجواء التقدم والرفاهية تحت هيمنة مركز سلطة قوي كافية لجعل الناس يؤمنون بأنهم إنما ينتمون لأديان مختلفة وأن مفاهيم التعايش والتضامن الاجتماعي ممكنة الاحتضان ضمن حركة المجتمع الشاملة. هذا ما حدث في التاريخ دون حوارات بين رجال الدين، ودون الحاجة إلى بيانات وتفاهمات وبلاغات مشتركة يمضي عليها ممثلو الأديان المتنوعة. وعلينا الاعتراف في هذا السياق أن عصراً ذهبياً للتنوع والتعايش الديني كان قد تحقق في بغداد العباسية عبر العصر الوسيط، إذ أجتمع في هذه المدينة الكوزموبوليتان أتباع مختلف الأديان تحت مظلة الإسلام المتسامح، باحثين عن لقمة العيش وعن فرص التفوق والإبداع، بالرغم من أن غير المسلمين كان يتوجب عليهم ارتداء ملابس خاصة تفرقهم عن عامة المسلمين. وقد كان "بيت الحكمة" العباسي أنموذجاً لهذا التعايش، إذ أنه كان يضج باليهود والمسيحيين وحتى الزرادشتيين والمجوس والهندوس من مترجمين وأطباء وعلماء وفلكيين تحت خيمة الخليفة العباسي المأمون الذي كان يهدف من وراء توظيفهم الإفادة من علوم الأعاجم وغيبيات الجميع على طريق بناء واحدة من أرقى حضارات التاريخ، الحضارة العربية الإسلامية، وهي الحضارة التي حفظت لأوربا تراثها الكلاسيكي الإغريقي عبر التعريب، إذ عادت أمهات الكتب الإغريقية والرومانية إلى أوربا عبر الأندلس وجزيرة صقلية بواسطة المسلمين العرب لتطلق عصري الأنوار والنهضة في أوربا.

    أما الآن، فإننا نلاحظ ثمة يقظة للتعصب الديني والفرقي والفئوي، وهي من نتائج التنافسات السياسية التي تقود دوماً إلى سيادة قانون "فرق تسد" Divide and Rule الذي غالباً ما يستعمله المتنفذون والمهيمنون، إما على المستوى الكوني أو المحلي، من أجل فرض سيادتهم وإدامة سيطرتهم على المجتمعات من خلال توظيف التعامي المتعصب للتنافس بين الإنسان والإنسان، المعتقد والمعتقد. إنه عصر يقظة الولاءات الصغيرة والمجهرية التي تبقي القوي قوياً والضعيف ضعيفاً إلى ما لا نهاية.

    --------------------------------
    هذا المقال هو منشور بالتعاون مع مشروع منبر الحرية www.minbaralhurriyya.org

    * أ.د. محمد الدعمي أستاذ محاضر في جامعة ولاية أريزونا
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de