الامام الصادق المهدي في الميزان

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-07-2024, 02:14 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثاني للعام 2009م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
04-17-2009, 02:32 PM

عمر عبد الله فضل المولى
<aعمر عبد الله فضل المولى
تاريخ التسجيل: 04-13-2009
مجموع المشاركات: 12113

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الامام الصادق المهدي في الميزان

    د. يسين سليمان [email protected]

    *كثُر الهجوم على الإمام الصادق المهدي في الصحف الموالية للحكومة في السودان هذه الأيام فرأيت أن أقدم محاولة لتقييم تجربة الإمام الصادق متحرياً الموضوعية ، بقدر الإمكان ،خصوصاً وأنا لم أتشرف بمقابلة الإمام الصادق بعد وإن كنت قد قرأت معظم مطبوعا ته من كتب وبحوث ومقالات وحوارات ، واستمتعت كثيراً بمشاهدته على القنوات الفضائية العربية وعليه فإنني أدعي معرفة الرجل معرفة تمكنني من تقييمه موضوعياً حسب كتاباته ومقولاته ومواقفه وتاريخه المعروف ،ورحم الله الإمام الشافعي حين قال تكلم لأعرفك، وأقرر بأنني لا أدعي شرف الإنتماء لحزب الأمة
    أو إلى طائفة الأنصار العريقة مع اعتزازي ومعزتي لتلك الطائفة التي حررت بلادي من نير الإستعمار التركي المصري والتي أقامت أعظم دولة إسلامية في القرن التاسع عشر .
    *ولكيما أكون موضوعياً فقد رأيت تقسيم هذه المحاولة إلى قسمين: الأول يناقش سلبيات الإمام الصادق في نظر خصومه والحلقة الثانية سوف أفردها لإيجابيات الرجل حتى يتمكن القاري ْالكريم من المقارنة الهادئة والموضوعية والمتأنية ويصوت إما للرجل وإما عليه وفقاً للحيثيات الواردة.
    وقبل أن نبدأ بمناقشة السلبيات أود أن أؤكد أن الإمام الصادق إسم على مسمى فهو حقاً وفعلاً وعملاً الصادق الصديق .... صادق مع نفسه ومع شعبه وإذا كان لي الحق في وصف الإمام في كلمات كما يحلو له دوماً تلخيص المواقف في كلمات تسير عليها الركبان .. ففي كلمة واحدة يمكننا أن نطلق على الإمام الصادق صفة الأستاذ وفي كلمتين الأستاذ العاشق وفي ثلاثة كلمات الأستاذ العاشق الإنسان وفي أربعة الأستاذ العاشق الإنسان الرمز ، وفي خمسة الأستاذ العاشق الإنسان الرمز المهذب ، وفي ستة الأستاذ العاشق الإنسان الرمز المهذب والمعذب .
    نعم هو أستاذ بمعرفته الموسوعية المتعمقة والمتنوعة في شتى ضروب العلم والمعرفة والفلسفة والسياسة والإقتصاد والأدب والفن والرياضة والشعر وأدب الفكاهة .
    فهو مفكر شامل بمعنى ما تحوي هذه الكلمة من معاني ومفكر متجدد ومجدد وأصيل يفسر القرآن والسنة المشرفة بروح العصر ومتطلباته دونما تناقض مع الأصل الثابت . ولشموليته وإتساع ماعونه الفكري يستحق كلمة الأستاذ عن جدارة .وقد سمعت من أحد المقربين أن الإمام في أسفاره يحمل خمسين كيلو جراماً ، أكثر ثلاثين منها كتب ومراجع وأقل من عشرين متعلقات شخصية وهو المعروف عنه الأناقة والجمال في الملبس والمظهر . وهذا يبرهن أنه في حالة درس مستمر في حله وترحاله مما يؤكد سعة إطلاعه وتبحره وموسوعيته وأحقيته بلقب الأستاذ.
    ثم هو عاشق ولهان بل هائم بالحب لمحبوبته (السودان) وأهله الشرفاء وهذه خاصية يعترف له بها حتى ألد الأعداء خصومة .
    وهو إنسان بوفائه الأسطوري لأصدقائه وزملاء كفاحه وبتواضعه وأدبه الجم وبساطته المتناهية ووقوفه مع الضعيف ومساندته للمسكين وصفحه عن ، وغفرانه لمن يسيء إليه فهو نخلة سامقة تمطر ثماراً ورطباً على من يرميها بالحجارة . وهو بحر يسيل رقة وعزوبة وحلاوة في إنسانية تحبب إليك بني الإنسان قاطبة .
    وهو رمز مهم وساطع يرمز لكل ما هو جميل في الشخصية السودانية ولكل ما هو أصيل في الوطن . وفي ذات الوقت تجده أسدٌ هصور في مواجهة الطغاة ، فهو رمز للإنسان السوداني المتسامح والمسامح ،المتصالح مع نفسه ومع غيره من البشر والذي يمكن أن يتحول إلى (تسونامي كاسح ) إذا ساورتك نفسك بمس أو خدش كرامته :
    هينٌ تستخفه بسمة الطفل قويٌ يصارع الأجيالا
    وهو مهذب بل التهذيب يمشي على قدمين ، فقد علمه جده الإمام عبد الرحمن المهدي ووالده الإمام الصديق فأحسنا تعليمه وتربيته وهذباه فأحسنا تهذيبه ، لا عجب فهو سليل بيت هو التهذيب ذاته فكيف لا يكون مهذباً بالفطرة .
    وللأسف فقد تعذب الإمام في رحلة حياته أيما تعذيب وإنتاشته سهاماً من أقرب الناس إليه ، هؤلاء الناس رباهم الإمام وأمضى عمره في تعليمهم فنون الرماية .وأمضى سنيناً عدداً رهن سجون الطغاة ومنافيهم .وهو معذب لأن أهله يقاسون لأربعة عقود مرارة الحكم الشمولي الباغي والظالم .ومعذب لأن أهله في دارفور وشرق السودان مشردون مطاردون في خيام اللجوء وهو معذب لأن أهله في عموم السودان يعانون شظف العيش والفقر والمرض .......نعم إنه معذب لعذاب شعبه لأنه منه وإليه وفيه .
    وبعد هذه المقدمة أدلف لتناول المسالب التي اتهموا بها الرجل حتى نقيمه تقييماً موضوعياً بعيداً عن العاطفة وأهوائها . وألخص سلبيات الإمام في أحدى عشر إتهام أحللها واحدة تلو الأخرى وأحاول تفنيدها أو تثبيتها حسب مقتضيات الحال .
    الإتهام الأول : تتهمه الصحف الموالية للحكومة بعدم تأييده لإتفاقية السلام ومناورته لعقد مؤتمر دستوري هدفه الأساسي تقويض الإتفاقية وإعادة توزيع أنصبة السلطة لينال وحزبه قسطاً أكبر من الذي حددته الإتفاقية . هذا هو الإتهام الأول .
    وقد رد الإمام عليه بأنه وحزبه يؤيدون إتفاقية يناير لأنها أوقفت الحرب وهو الهدف الذي تلتقي عليه جميع قوى السودان . ولكنه أبان أن الإتفاقية كأي جهد بشري بها مواطن قصور وبنود ضبابية تقتضي التوضيح والتعديل والتصحيح وتوجب التصديق من جميع فئات الشعب السوداني . ومن النقاط الضبابية حقاً أن الإتفاقية لم تحدد موعداً قاطعاً للإنتخابات العامة خلال الفترة الإنتقالية وقد إقترح الإمام عقد مؤتمر جامع لكافة القوى السياسية والمدنية بإعتباره السبيل الوحيد لتحويل الإتفاقية من ثنائية معيبة إلى قومية ملزمة للجميع وعادلة مما يضمن إستمراريتها
    .والمؤتمر القومي سوف يعالج مشكلة دارفور وشرق السودان في نفس الوقت وبذلك نضمن سلاماً شاملاً وعادلا ًو قومياً ، وبمشاركة كافة أقاليم السودان والتي إما متضررة من الحرب أو من الفقر وبذلك نضمن إستمرارية إتفاقية السلام ونحقق سوداناً يسع جميع أهله في أمن ورخاء . ولكن للأسف رفضت الحكومة فكرة المؤتمر لأسباب واهية لا تستقيم منطقاً ولا تقف على ساقين،
    الإتهام الثاني يشير إلى تعنت الإمام ورفض حزبه للمشاركة في أعمال مفوضية الدستور الإنتقالي ، مما يحول دون مشاركة حزبه في الإنتخابات القادمة بمنصوص الدستور الإنتقالي ، ويمضي هذا الإتهام إلى آخر الشوط فيتهم الإمام بأنه لا يؤيد إتفاقية السلام والتي سوف يُبنى الدستور الإنتقالي على أساسها . هذا هو ملخص الإتهام وهو إتهام جد خطير .
    وأرُدُ هنا بأن الإمام لم يعلن رفضه لإتفاقية السلام بل أعلن موافقته عليها لكنه ، وهذا هو المهم ، رفض الآلية التي تجعل صياغة وإجازة الدستور الإنتقالي مضمونة بأغلبية ميكانيكية للحكومة والحركة مقدارها ثمانون بالمائة في مفوضية الدستور ، وهي نسبة أكبر من الثلثين ،في حين أن القوى الأخرى شمالية وجنوبية ممثلة بنسبة عشرين بالمائة فقط مما يؤكد أنها سوف تكون مهمشة ولن يكون لرأيها تأثيراً في حالة إعتراضها على أي بند من بنود الدستور . وهذا البند يجعل مشاركة هذه القوى عملاً ديكورياً يسمح للحركة والحكومة بالتمشدق جوراً وبهتاناً ، بأن
    الدستور قومي الصياغة والإعداد والإجازة ، ولهذا حزر الإمام من أن السودان قد إنزلق إلى الحكم الثنائي وأعاد إلى الأذهان صورة الحكم الثنائي الإنجليزي المصري وقد نبه الإمام لهذا الخطر حتى يتم إحتوائه قبل أن ينحدر السودان من الشمولية الآحادية التي تقودها جماعة الإنقاذ إلى الشمولية الثنائية بقيادة الإنقاذ والحركة الشعبية .
    وإذا كان لي أن أتناول جزور المشكلة وليس أعراضها فيمكنني أن أزعم بأنه إذا وافقت الحكومة على إقتراح الإمام بعقد المؤتمر الجامع لمناقشة إتفاقية السلام ، فإن الإتفاقية سيتم إعتمادها والموافقة والتصديق عليها من قبل جميع القوى السياسية في الشمال و الجنوب وبذلك تصبح الإتفاقية ملزمة للجميع وليست ثنائية ، وطالما أن الدستور الإنتقالي مبني على إتفاقية السلام الموافق عليها بواسطة كل القوى السودانية فإن هذه القوى سوف تشارك في مفوضية الدستور وتوافق تلقائياً وأتوماتيكياً على ما سيتم الإتفاق عليه بخصوص الدستور الإنتقالي القائم على
    إتفاقية السلام القومية والمجازة بواسطة المؤتمر الدستوري الجامع .
    الإتهام الثالث وهو إتهام الإمام الصادق بالخيانة وإهدار دمه لأنه أيد القرار 1593 والذي رفضته الحكومة لأسباب متعلقة بعدم توازنه ولأنه يمس السيادة الوطنية حسب زعم قادة النظام :
    وقد شرح الإمام الصادق الأسباب التي دعته لتأييد هذا القرار ومنها : أن المحكمة الجنائية الدولية هي محكمة مستقلة عن الأمم المتحدة وعن الدول الأعضاء بالأمم المتحدة وهي محكمة دائمة وبعيدة عن كل المؤثرات والمصالح السياسية وتتوافر فيها كافة الضمانات لمحاكمات عادلة ولهذه الأسباب لا مجال لإعتبار تقديم أي سوداني لهذه المحكمة تعدياً على السيادة الوطنية ، خصوصاً والنظام قد قبل من قبل قرار الأمم المتحدة رقم 1590 والذي يقيم سلطة إنتداب على السودان وفيه تحديد لدور واسع للأمم المتحدة في السودان بموجب الفصل السابع الإلزامي وفقاً لتصنيف
    السودان خطراً على الأمن والسلم الدوليين . ثم أن تشريد عدد كبير من قضاة السودان المسئولين وإبدالهم بقضاة من أعلى السلم القضائي إلى أدناه ملتزمين سياسياً للجبهة الإسلامية القومية ( سابقاً ) ، فإن الهيئة القضائية السودانية تكون غير مؤهلة لإقامة مثل هذه المحاكمات لأنها فقدت إستقلاليتها وقوميتها وصارت جهازاً يتبع للسلطة ويأتمر بأمرها ولهذه الأسباب رفضت لجنة تقصي الحقائق في تقريرها لمجلس الأمن محاكمة المتهمين أمام القضاء السوداني ، وقد وضح الإمام الصادق السوابق في أفغانستان والعراق وليبيا وسوريا والنتائج المتوقعة والمترتبة على
    مناطحة المجتمع الدولي وتحدي الشرعية الدولية ورفض قراراتها ، ومما لا شك فيه أنه لا مفر من الإمتثال للقرار 1593 طال الزمن أو قصر . وخيره عاجله .
    الاتهام الرابع مفاده أن الإمام الصادق عمل بنصائح بعض الصحفيين واستقر خارج السودان خوفا من الاغتيال !!
    وأردُ أنا بدلاً عن الإمام الصادق فأقول أولاً : أن ضمان سلامة الإمام الصادق وسط أسرته و أهله وأنصاره أوفر بكثير من وجوده بالخارج ، لأسباب لا أخالها تخفى على إنسان عاقل فهو بقاهرة المعز وفقاً لما سمعته من بعض معارفه يصلي أوقاته الخمسة في المسجد الذي يمشي إليه راجلاً ويعود منه راجلاً وأحيان كثيرة يستقل عربات (التاكسي) دون حارس . ثم أن الإمام الصادق قد شرح أكثر من مرة أنه بالخارج لظروف متعلقة بمؤتمرات وندوات في باريس وأسبانيا وجنوب إفريقيا وقطر والسعودية ولإكمال كتابه (إتفاقية السلام في الميزان) وأنه يود أن تعمل أجهزة الحزب
    ومؤسساته بإستقلالية تامة عنه وعن توجيهاته حتى لا يكون الحزب رهناً لإشارة الإمام .
    الإتهام الخامس يعيب على الإمام عدم قيامه بمبادرة جادة لعلاج مسألة دارفور المعقل الرئيسي لأنصار حزبه ،
    وهذه فرية أخرى شرح الإمام أنه ومنذ ظهور بوادر أزمة دارفور أصرت الحكومة على التصدي لها أمنياً وليس سياسياً . ونذكر أنه في يونيو 2002 ومع ظهور بوادر الأزمة دعا الإمام وحزبه كافة أبناء دارفور بإختلاف مشاربهم السياسية والمدنية للتشاور وبلورة رأي قومي لعلاج الأزمة وإستمرت المشاورات حتى صدر بيان في ديسمبر 2003 عن مسألة دارفور وفي فبراير 2004 أوضح الإمام خطته لعلاج الأزمة ولمزيد من المعلومات بعث وفوداً كان آخرها وفداً بقيادته طاف إقليم دارفور ونتيجة لهذا كله أعلن في مؤتمر صحفي بامدرمان في 27 يونيو 2004 عن ضرورة القيام بإجراءات صارمة وحازمة
    لإحتواء الأزمة وقدم مقترحات محددة صادرة عن حزبه وهو حزب الأغلبية في دارفور ومدعومة برؤية أبناء دارفور في الأحزاب الأخرى والمنظمات المدنية ولكن لم تتجاوب الحكومة كعادتها مع هذه المقترحات بل واصلت إدارتها للأزمة أمنياً وفي إطار سياساتها التي كانت السبب في تفاقم الأزمة . المشكلة إذاً في رفض الحكومة للتعاون مع حزب الأمة والأحزاب الأخرى ومنظمات المجتمع المدني في عقد مؤتمر قومي جامع لحل مشكلة دارفور جزرياً .
    الإتهام السادس : يعيبون على الإمام الصادق تنظيره المستمر بدون فعل ( جعجعة بلا طحين ) والكلام الكثير دون تنفيذ ، حتى أصبح يطلقون عليه ( أبو الكلام .(
    وأعجبُ أشد العجب لمن يستنكر التنظير ، فالتخطيط والذي هو تنظير على الورق يكون سابقاً لأي عمل خلاق ،والذي يبني منزلاً يحتاج في بداية الأمر إلى خارطة ، أي تنظير ، والذي يقود جيش يحتاج إلى خطة محكمة ، أي أنها تنظير على الورق ، وليس هناك عمل إنساني خليق بإسمه منذ بدء الخليقة بدون خطة أو تنظير ، إن الفرعون خوفوا لم يتمكن من بناء إهراماته قبل ستة آلاف سنة بدون تنظير كتب على الحجارة وعلى ورق البردي ، فلماذا إذاً نعيب على الرجل تنظيره المستمر ؟ ثم أن الرجل فضلا عن قراءته الموسوعية وهبه ربه لساناً مبينا ً يشرح به أفكاره حتى تصل إلى شعبه
    بسهولة ويسر ، ثم أننا هل كنا سنمدحه إذا كان عيياً لا يستطيع التعبير عن نفسه ؟ وأيهما أفضل للشعب السوداني (أبو الكلام) أم السيد (منتشة) أم السيد (علي حسن سلوكة) . ويحق للإمام الصادق أن يفخر بلقب (أبو الكلام) لأن الكلام هو ما يفرق بين الإنسان وسائر مخلوقات الله وهو الذي يسر للإمام الشافعي مد أرجله .
    الإتهام السابع يأخذ على الإمام حبه لنفسه وأنانيته وتكالبه على السلطة والجاه وبقائه في رئاسة حزبه لأربعة عقود من الزمان لم يفكر خلالها في إصلاح وتجديد الحزب بقيادات شابة ودماء حارة جديدة ،
    وأقول بأن الرجل لم يستولى على الحزب من على ظهر دبابة بل جاء عبر إنتخابات حرة وشفافة ونزيهة من قواعد حزبه التي رأت فيه خير قائد لخير أمة وهو ما يزال في أتم صحة يكتب ويحاضر ويحاور ويمارس الرياضة ويجادل في أركان المعمورة الأربعة من جنوب إفريقيا إلى أسبانيا ومن الدوحة إلى الولايات المتحدة الأمريكية وهو يؤلف أسفاراً سياسية وفكرية ويكتب في الصحف والمجلات العربية بشكل دوري ويتحدث في الفضائيات العربية والعالمية .... يفيض حيوية ويتدفق أفكارا نيرة ويفرخ رؤى و إستراتيجيات . وعلى الصعيد الافقي ليس له مثيل في العالم العربي أو الإفريقي بل على
    الصعيد العالمي . وعلى الصعيد الرأسي فإنه يتفوق على نفسه بمرور الأيام ولا يمكن مقارنته بأي حال من الأحوال بالشباب الذين إدعوا زوراً وبهتاناً الإصلاح والتجديد وأغلبهم لم ينل شهادة جامعية دعك عن كونه مفكراً أوكاتباً أو محاضراً في المحافل الدولية ، ثم أن الإمام الصادق لم يسع للسلطة حباً في جاه أومال فقد كان لا يأخذ من الدولة راتباً على أي منصب تولاه طيلة حياته السياسية بل على العكس كان يصرف من حر ماله على الحزب وأصدقاء الكفاح ، وللإمام الصادق الحق في أن يفتخر بنسبه وحسبه (وما أعظمهما) ومن منا لايفتخر بأصله ونسبه ولكن الإمام الصادق
    لم يعتمد على نسبه قط في بلوغ أهدافه التي وصلها بجهاده المتواصل وكفاحه وعلمه وتأهيله ، فكان الحسب والنسب بالنسبة له قيمة إضافية وليست الأصل في نجاحه وتفوقه ويمكننا مقارنة حسبه ونسبه بالربح مقابل رأس المال الذي هو جهده الشخصي وإسهاماته الفكرية .
    الإتهام الثامن : يعيب على الإمام الصادق تردده في إتخاز القرارات المصيرية ، وجر أرجله وإضاعة الوقت في الكلام (الساكت) بقصد الوصول إلى إجماع ربما لايكون ممكناً حسب المعطيات المتاحة .
    وفي الحقيقة فإن الإمام عودنا على نبذ الديكتاتورية والانفراد بالقرار. وتأييده المستديم للمشورة داخل المؤسسة الحزبية أو الحكومية عندما كان في الحكم ، فهو يؤمن بالمؤسسية وينفر من القرارات الفوقية حتى وإن كان مؤمناً بصحة رأيه وهذا الموقف يعطي إنطباعاً كاذباً بأنه متردد في إتخاذ القرارات المهمة في حين أنه متبع لأمر الحق في القرآن الكريم ( وأمرهم شورى بينهم ) .
    الإتهام التاسع : يعيب على الإمام الصادق محسوبيته الصارخة وأن أبناؤه وبناته قد إستولوا على أجهزة الحزب وكأنها ملك شخصي لوالدهم فقاموا بتقاسمه في حياته ، وأن جيش الأمة كان تحت قيادة إبنه عبد الرحمن وهناك من هو أكفأ منه وأكبر منه سناً وأقدم مرتبة في صفوف القوات المسلحة وأن عملية تهتدون كانت تحت قيادة إبنه عبد الرحمن مع أن هناك من هو أكفأ وأقدر على قيادة المهمة.
    لي أن أذكر أن أبناء وبنات الإمام العاملين والعاملات بأجهزة الحزب قد تم إنتخابهم من خلال مؤتمرات الحزب العلنية والمفتوحة وأن والدهم لم يتدخل في تعين أياً منهم ، ثم أنهم بالإضافة لجهادهم المشهود من خلال كفاح الدكتورة مريم وبسالة بشرى الصادق الذي أصيب في رئته في معسكرات جيش الأمة وتعريض حياتهم لخطر الموت ، بالإضافة لذلك فهم أعضاء في حزب الأمة ولهم من الحقوق وعليهم من الواجبات مثل ما لغيرهم وما على غيرهم من أعضاء حزب الأمة رجالاً ونساء . إن الإمام الصادق في حبه للوطن رضي أن يضحي بفلذات أكباده دون أن يمتن على الناس بكفاحهم ، وهو يثق
    في مقدرات عبد الرحمن العسكرية والتنظيمية بعقله وليس بعاطفته لذلك يوكل إليه المهمات الصعبة دوماً لذلك قبل بقيادته لعملية تهتدون والتي هي عملية حياة أو موت وعملية تضحية بالدرجة الأولى فهي تتطلب درجة عالية من السرية والثقة ، وقد إطلعت على مقالات وكتاب خطه قلم الأستاذة رباح الصادق وقد حازت كلماتها وعمق تفكيرها وتحليلها الصائب إعجابي وأكد لي بما لا يدع مجالاً للشك إنها أهل لأي موقع في الوطن ناهيك عن حزب الأمة .
    الإتهام العاشر : يقول بأن الإمام الصادق يتواجد خارج السودان اكثر من تواجده داخله مما يقلل من فاعليته في حل مشاكل السودان خصوصاً وأن دارفور تحترق.
    وأفول أنه وفي عصر العولمة والإنترنت صار العالم عبارة عن قرية صغيرة مما يمكن الامام من الاتصال اليومي بل في كل ساعة بعناصر حزبه داخل السودان من أي مكان يتواجد فيه في العالم وكأنه موجود في أمدرمان . وكذلك كما أسلفنا فهو يريد لأجهزة حزبه أن تعمل في إستقلال عنه .
    الإتهام الحادي عشر : يعيب على الامام تحجر قلبه وعدم التفاته لمعاناة زملائه الذين يحضرون إلى الإجتماعات (كداري ) رغم أنه في سفر دائم مما يبرهن بأنه ميسور الحال .
    وأعجب أي عجب لهذا الاتهام ، فقد أخبرني من أثق في روايته بأن الإمام كثير الإستماع للموسيقى وهو يزاول نشاطه السياسي والفكري في مكتبه وأنه مستمع جيد لأغاني الحقيبة . وأنه يضحك ملء شدقيه للنكتة الجيدة وأنه يطلق النكتة المضحكة والمعبرة ، وقد كتب أخيرا بالشرق الأوسط مقالا عن أدب الفكاهة اجمع غالبية من قرأه على أنه مقالاً متفردا عالج خلاله الامام الصادق أمورا لا تمر بخاطر أي من ساستنا المقطبي الوجوه ، العابسون المتجهمون ، ثم أن دموع الإمام تجري بحرية وبطلاقة لانه انسان نقي السريرة ،وقد أخبرني صديق لي بأنه رآه يبكي بإستمرار في وداع
    رفيق كفاحه وصديق عمره الدكتور / عمر نور الدائم . ورأى الخاصة دموع الإمام تجري أسفاً على ما كتبه فيه مبارك الفاضل إبان خروجه من حزب الأمة . نعم إن دموع الإمام تجري لأنه إنسان رهيف وهي كدموع العقاد والتي وصفها كاتب سوداني مخضرم بأنها دموع الجبابرة . ثم هل يعلم القاريء أن جميع سفريات الإمام الصادق تكون مدفوعة بواسطة الهيئات الداعية للمؤتمرات التي يحضرها . وأن الامام حالته المادية ليست كما ينبغي بشهادة المقربين له ، وصحيح أن أغلب كوادر حزب الأمة يأتون الى الاجتماعات كداري فهم رجال شرفاء ولا يعيبهم فقرهم وغيرهم يأتي الى إجتماعات حزب
    الحكومة ممتطياً سيارة فارهة دفع ثمنها من عرق ودماء الشعب السوداني .
    أعلاه أحد عشر إتهام في مواجهة الإمام الصادق المهدي تناولتها سارداً محللا وشارحا أرجو أن أكون قد وفقت في تناول الأمر بالشكل الذي يمكن قاريء العزيز من إصدار الحكم العادل والراجح .
    وفي الحلقة القادمة سوف أتناول إيجابيات الرجل
                  

04-17-2009, 02:34 PM

عمر عبد الله فضل المولى
<aعمر عبد الله فضل المولى
تاريخ التسجيل: 04-13-2009
مجموع المشاركات: 12113

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
ظنون وأوهام بعض المثقفين ومحاولة (Re: عمر عبد الله فضل المولى)

    بقلم الأستاذ/عبدالرحمن إبراهيم "الصحوة


    ظنون وأوهام بعض المثقفين ومحاولة
    إسقاطها على الواقع الراهن



    رد على الأستاذ حيدر إبراهيم في مقاله بعنوان السيد/الصادق المهدي: تساكن المجاز والواقع
    بقلم الأستاذ/عبدالرحمن إبراهيم "الصحوة"
    نقد أسس الممارسة السياسية للواقع السوداني خطوة للخروج من وهن وهشاشة الوضع الراهن، وهي خطوة مهمة للخروج من النهج التبريري للنخبة المثقفة، وهو يعني فيما يعني محاولة المثقف السوداني الخروج من حالة العجز الفكري والجبن النفسي والتخاذل لأن النقد لا يعني الكشف عن المثالب والعيوب وتجاهل المكتسبات وعدم إبرازها، إنما هو إعادة بناء الموضوعات وقراءتها بصورة تفهم منها هذه المثالب لتلافيها وتجاوز القصور فيها ، أي " الإملاء بعد الإخلاء". أرجو أن تكون هذه المقدمة مرآة تعكس لنا جهود الساسة والمثقفين السودانيين في جوانب المساهمات الفكرية والسياسية في المحيط السوداني ، والقراءات النقدية لهذه الجهود. وسأحاول هنا التركيز على ما كتبه الأستاذ حيدر إبراهيم علي، أحد أبرز الصحافيين والمثقفين في الآونة الأخيرة حضوراً في الساحة الإعلامية وهو صاحب مركز الدراسات السودانية وهو من المعنيين بتحليل وقراءة جهود الساسة السودانيين الفكرية والسياسية والمشروعات المقدمة لمعالجة الوضع السوداني ــ أعني المقال الذي كتبه بجريدة الصحافة المقروءة بعنوان السيد/الصادق المهدي : تساكن المجاز والواقع.
    قرأت المقال بدقة وتأنٍّ شديدين مع حالتي الاندهاش والاستغراب معاً من حالة المثقف السوداني المتقلبة والمزاجية ، والمقال في مجمله ظنون وأوهام أراد صاحبه أن يسقطهما علي رجل أقل ما يستحق أن تثمّن الجهود الفكرية والسياسية والمشروعات السياسية التي يقوم بها ، في وقت تهافت فيه الكثيرون لجني ثمار السلطان والسلطة ، لا أستثني في ذلك أحداً فكل المنظومات السياسية شاركت قيادتها في السلطة الإنقاذية أقلها التمثيل في المجلس النيابي الانتقالي"المجلس الوطني " من أقصى اليمين إلى اليسار والوسط بل أصبح الإمام بحقّ عملاق السياسة السودانية يقف هو وحزبه بعيداً عن ما يسمى بحكومة الوحدة الوطنية ما فتئ يبحث عن صيغة جامعة لإخراج الوطن من أزماته الطاحنة ، وبطريقة يتحقق فيها الإجماع السوداني على القضايا المتفاوض عليها.
    والمقال مجرد محتوى حشدي للألفاظ وللأحداث التاريخية بشكل إيهامي وانتقاء انتهازي لإسقاط وقائع تاريخية على قضية سياسية في مرحلة التفاوض مع أن قراءة الأحداث التاريخية تستصحب فيها جوانب عديدة و يأخذها المؤرخون من زوايا مختلفة، وبالتالي يكون الاختلاف في الحكم على نتائجها ، دعك عن القضايا السياسية الراهنة.
    لدى هؤلاء المثقفين نظرة غير صحيحة إذ يظن كثير منهم أن الاجتهادات الفكرية للسيد الإمام ينبغي أن تبعده عن الاقتراب ولو توافقيا من التيار الإسلامي الحاكم وأي توافق في الرؤى بينه وبين هؤلاء وهو رجوع إلى قاعدته الإسلامية على حد تعبير الأستاذ حيدر!!! كأن الوطن والقضايا المثارة فيه ملك لزيد من الناس ،لا...! هذا مجرد وهم ، ربما يظنّ الأستاذ أن إعجابه ببعض ما كتبه الإمام من المشروعات الفكرية ينبغي أن يدفع الإمام لعَلَمنة مواقفه، ذلك مقياس البعد أوالقرب من الإسلامويين على ما توحي بها عبارات الكاتب!!! ولماذا يكون التقارب سُبة ؟ إن كان الإسلامويون من الجلادين الذين أذاقوا الأنصار وقياداتهم ويلات العذاب والبطش ، فإن هذا قد فعله الشيوعيون بالأنصارمع نميري ومع ذلك كانوا حلفاء حزب الأمة في التجمع الوطني الديمقراطي ثم في التحالف الحالي ، وظل الإمام يجلس مع زعيمهم من أجل القضايا الوطنية . إذاً القضية يا أستاذ قضية وطن لا عزل فيها لأحد إلا إذا كان الأستاذ ينظر لتفاوض الإمام مع النظام بمنظاره هو لهذه الأمور، وبهذا ينطبق عليه قول القائل :
    أحلال على بلابله الدوح **حرام على الطير من كل جنس ؟
    هذه حالة تكشف مدى التغرّب ومحاكاة الحداثة الغربية لدى بعض مثقفي اليسار وهذه الحالة دعت برهان غليون ليعبر عنها في سياق تحليلها كأزمة "بالمحنة" في كتابه:"اغتيال العقل" مقابل هذا التيار اليساري العلماني تيار سلفي لا يؤمن بالحداثة. مما يحمد للرجل أعني الإمام الصادق وهو يقود تياراً ـ في نظركثيرمن المثقفين ـ "تقليدياً" يحمد له أنه يطرح آراء جريئة للاستفادة من منجزات الحضارة الغربية مع الاستمساك بالجذور وهو ما يعبر عنه بالأصالة والمعاصرة.انظرعلى سبيل المثال كتابه: جدلية الأصل والعصر.
    لو كان موضوع المقال الذي تناوله الأستاذ حيدر فكرياً يتناول مثل هذه القضايا لقلنا إن الرجل يعبر عن مواقفه العلمانية وهو" حرٌّ في هذا" ولكن أن يقحم موضوعاً سياسياً تقويمياً للحزب ـ قيل في خطاب سياسي بأم عضام ثم أعيد في المؤتمر الصحافي ـ بكل ما طرح في المقال من جوانب تاريخية واتهامات بضعف الذاكرة وتحليل للشخصية السودانية وعدم الجدية في طرحها للقضايا،هذا الإقحام يعبر عن حالة نفسية للرجل رأى رفاقه من اليسار وأقرانه في الحركة الشعبية والتجمع الوطني في حالة توهان من جرجرة المؤتمر الوطني لهم ، ثم جاء ليفرغ هذه الصدمة في موقف سياسي لم ينضج بعد ، ربما يكون حالة إشفاق ربما ربما!!!!
    حتى لا يُتهم الأستاذ بضعف الذاكرة مثلما اتهم الإمام نذكره بمواقف حلفاء حزب الأمة في التجمع الوطني الديمقراطي عند توقيع نداء الوطن عندما تركوا جوهر الاتفاق الذي أكسب القوى المعارضة نظريا الانتصار الذي تمثل في إعادة الديمقراطية التعددية، وتحقيق السلام الشامل، وإصلاح علاقات حسن الجوار وإيجاد حل سياسي شامل وتحويل دولة الحزب إلى دولة الوطن، ترك الإخوة في التجمع هذا الانتصار النظري لأدبيات المعارضة على النظام وأصبحوا آنذاك ينسجون الظنون والأوهام مثل ارتماء حزب الأمة في أحضان النظام وأعادوا الذي أعاده الأستاذ حيدر في نهاية المقال ربما بالنّص ، في حالة توافق غريب يؤكد أن الاتهامات التي يوجهها الأستاذ لحزب الأمة ولقيادته محفوظة ومكرورة.
    فرق كبير بين من يعبر عن مواقف الملايين من الشعب والبحث عن حلول حقيقية لأزماتهم التي هي أزمات الوطن وبين مثقف ينظر للأمور من أبعاد شخصية ومن أبراجه العاجية؛ لأن المسألة تعدّت طور التحليل الموضوعي لقضية سياسية في مرحلة اللا اكتمال إلى إسقاطات تاريخية واتهامات تعبر عن أن المثقف السوداني عصي الفهم يحلل الأمور أحياناً من منطلق أيدلوجي، وفي الغالب ينتهي به الأمر إلى موقفين إما المواءمة مع الأنظمة الشمولية لتحقيق مآرب شخصية، وإما تسخير مقدراته العقلية لتحقيق مطامع مجموعات خارجية والشواهد لا تخفى على الأستاذ.
    ولكي أذكّر الأستاذ والقارئ الذي نظنّه صاحب ذاكرة وليس ممن عناهم الأستاذ في تحليله الشخصية السودانية.وحتى أكون دقيقا في النقد أنقل الخبرين باختصار من صحيفة صوت الأمة، أما الخبر الأول فهو خبر أم عضام الذي أثاره الكاتب وهو خبر رئيس في الصحيفة المذكورة بتاريخ 5 مارس 2003م جاء فيه "خاطب الإمام لقاءً جماهيرياً أمس بمنطقةأم عضام أبان فيه أن الحزب مر بثلاث مراحل بداية بالمخاشنة والمواجهة ومن ثم انتقل للانفتاح والآن جاءت مرحلة النضال المشترك لتحقيق الثوابت الوطنية المتمثلة في السلام العادل الشامل والتحول الديمقراطي الحقيقي وقطع الطريق أمام مشاركة الحزب في الحكومة الحالية إلا عبر انتخابات". انتهى وفي ذات الصحيفة بتاريخ 6 مارس 2008م أعيد هذا الكلام مع تباين في التعابير واختصاراً ننقل الجزئية الآتية "تناول المهدي مراحل مواجهة حزبه مع النظام عبر ثلاث مراحل الأولى مرحلة المقاومة السرية داخليا والتعبوية خارجيا والثانية مرحلة الجهاد المدني عبر الطرق السلمية والمرحلة الحالية التي يتخذ فيها الحزب نهج التفاوض مع القوى السياسية" انتهى.
    وللقارئ الحصيف أن يقرأ مقال الأستاذ من إرشيفه ليقارن مع الخبرين المنقولين ليرى حجم الأزمة التي يعاني منها الكاتب.
    المواجهة في اللغة المقابلة والمخاشنة ضد اللين "مختارالصحاح" ولن يكون الإنسان مواجهاً حتى يخاشن، نعم اللفظان مختلفان لأن علماء اللغة يقولون إن العطف يقتضي المغايرة "انظر باب العطف في الكتب النحوية" وليس في هذا اختزال للنضال حتى ندخل مع الكاتب في الألفاظ؛ لأن ما واجهه الإمام من صعوبات مع النظام لم يواجه الكاتب ربعه، وهو لم يأت للوطن إلا ثمرة لنداء الوطن الذي كان سببا لتوسيع هامش الحرية.عبارة الكاتب وترحيبه بالتفاوض المشروط مع النظام ليسا محل نزاع ونذكره بالرجوع إلى تصريحات قادة حزب الأمة الذين أكثروا من إيراد مثل هذه الشروط في الأجهزة الإعلامية ، لكن هل يؤمن الكاتب بخيارالتفاوض كأحد الخيارات السياسية ؟ التراضي السياسي سبيله التفاوض ولو كان الكاتب يؤمن بهذا الخيار لما وجد ضيراً من قول الإمام للنظام بعد الانقلاب : معكم القوة ومعنا الشرعية حتى لو نسب هذا الكلام إلى من يميلون لنظرية المؤامرة
    لأن الاستشهاد به لتعضيد موقف كهذا يكشف خبثاً مبطناً وإن أخفاه الكاتب وراء ستار المتآمرين .!!!
    أما حديث الكاتب عن كتابات الإمام بخصوص الحركة الإسلامية في الثمانينات فالكاتب غير معني بهذا لأنه ممن ينشدون الدولة العلمانية اللهم إلا إذا كان يريد أن يرغم الآخرين على تبني رأيه ، صحيح أننا نطرح رؤى وأفكاراً يتفق كثير من الإسلاميين المعاصرين معنا فيها ولكن مفهوم الحركة الإسلامية الذي تحدث عنه الإمام ليس هو المفهوم الحركي الاصطلاحي المتعارف عليه اليوم مع أن الحركة الإسلامية كمصطلح تفرقت أيدي سبأ بين الوطني والشعبي والكيان الخاص أما موضوع الدولة، فهو موضوع فكري يعلم الكاتب رأينا فيها وإن أراد المزيد فلا بأس من أن يأتي لنزوده بما يريد، أما جماعة الفكروالثقافة الإسلامية فهي مؤسسة سعت لتحقيق تقارب بين التيارات التي يمثل الإسلام منطلقاً ومرجعاً لها وكاتب هذه السطور عضو غير ناشط بهذه الجماعة، لكن ما العيب في أن يكون الرجل من المؤسسين لهذه الجماعة ؟ أما مصطلح الإسلاموي فهو تعبير استعاره الكاتب من مصطلحات الإمام وغيره ممن يفرقون بين الإسلامي والإسلاموي الذي يتخذ الإسلام شعارا لتحقيق مصالح ذاتية آنية لا تحقق مقاصد الشريعة.
    ختاماً، لقد أقحم الكاتب موضوعات فكرية وسياسية وتاريخية للتدليل على ظنونه وأوهامه التي نسجها نسجاً من خياله ولكن نقول له ليس هناك حرج من البوح بما نريد ولو كانت المشاركة تحقق مقصداً للوطن والمواطن ما انتظرناك لتنسج كل هذا في موضوع لا زال في مرحلة التفاوض ورحم الغيب
                  

04-17-2009, 02:40 PM

عمر عبد الله فضل المولى
<aعمر عبد الله فضل المولى
تاريخ التسجيل: 04-13-2009
مجموع المشاركات: 12113

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ظنون وأوهام بعض المثقفين ومحاولة (Re: عمر عبد الله فضل المولى)

    عبدالرحمن إسماعيل/الرياض [email protected]

    أولاً لك التحية أيتها السيدة التي أخذت تزاحم أكتاف الرجال بفكرٍ ثاقبٍ، وقلمٍ طيّع،في زمان وهن فيه الرجال،وأنتِ تذودين عن قامة من قامات السياسة ملأ السودان، وشغل العالم، وحقاً نقول بملء أفواهنا هنيئاً لك أن يكون ذاك أباك، وهنيئاً لنا أن يكون ذلك قائدنا الأشمّ العفيف النظيف الذي لم تدنّسه سلطة، ولم يغرّه جاه، ولم يستكبر به إرثٌ، يحسده عليه المتطاولون، وإنّي لأحسبه وأهل الإنقاذ، وصاحب حديث المدينة واحدٌ منهم، لهو كالمتنبي وأهل زمانه :

    أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي وأسمعت كلماتي من بـه صممُ

    أنام ملء جفوني عن شواردها ويسهـر الخلق جرّاها ويختصمُ

    حقّاً ذاك هو الإمام الذي سيظلّ كبيراً في حلّه وترحاله، ولو كره صاحب حديث المدينة، ومن على شاكلته، وإنّي لأزجي لكما خبراً يسرّك، ويسوؤه، وهو ذاك القبول العظيم الذي لقيه السيد الإمام من الجالية السودانية، في زيارته الأخيرة للملكة العربية السعوديّة، وهي كبرى دول المهجر كما نعلم، فأيّم الله لقد أبكى مقل الشباب والشيوخ عصية الدمع،وهو يحدّثهم عن وطنهم ووضعه الراهن حديثاً مرهفاً،من قلب مفعم بحبّ الوطن وأهله، حبّاً خالصاً، ليس تشوبه مزايدة سياسيّة، ولا مكابرة أهل السياسة اليوم، وهكذا أبوكِ الذي سيخلّده التاريخ حتماً، واحداً من عظماء عصره، وليس ذلك ـ والله شاهد على أمره ـ لأنّه ابن المهديّ، فابناء المهديّ هم كثرٌ، فكم منهم من أخطأ الطريق، ولكنّ:

    نفس عصامٌ سوّدت عصاماً فعلّمته الكرّ والإقداما

    فلذا دعك ـ يا أختاه ـ من حديث قلم جميعنا يعرف ما الذي يدفعه، وما أدراك ما الدفع والتدافع؟ ،((ولا تحسبوه شرّاً لكم، بل هو خير لكم...)):

    وإذا أراد الله نشـر فضيلــةٍ طُويتْ أتاح لها لســانَ حسودِ

    لولا اشتعالُ النارِ فيما جاورتْ ما كان يُعرفُ طيبُ عرْفِ العُودِ

    وأمّا أهل الإنقاذ الذين تذود عنهم أقلام صاحب حديث المدينة ومن معه، فالتاريخ الذي سيسطّر سيرة أبيك بمدادٍ مادته ماء اللّجين، فإنّه سيكتبهم بدماء أهلنا الأبرياء في دارفور، ويومها سيقول الجنجويد : ((ربّنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا ...))، وحقّاً لقد أضلوهم السبيل، وهكذا شأن أهل الإنقاذ الذين ليس لهم من سلاحٍ يشهرونه أمام أعدائهم غير الاختراق، (فرّق تسد)، غير أنّ هذا السلاح، لم يعد يُجدي فتيلاً مع قوى شرّ، سخّرها الله لنصرة عباده الضُّعفاء.

    أيريد صاحب حديث المدينة من الإمام الذي أرجعه إلى السودان نداء ضمير حيّ للوطن، عندما كان أحباب اليوم ثلّة عرمان ـ وما أدراك ما عرمان ـ في أوج أذاهم للوطن، فعاد أبوكِ، يحمل غصن الزيتون، لأهل الإنقاذ الذين لم يجدوا شيئاً يكافئونه به غير الاختراق، الذي لم يزده الله به إلا قوّة ومنعةً، حيث تبيّن له عدوّ في ثياب صديق، وذلك حديث يطول، وليس هذا المقام لذكره...؟! أيريد أهل الإنقاذ ممّن كان ذاك شأنه، أن يبيع ذمّةً ـ الله شرّفه بها حكماً ومعارضة ـ ليلوي عنق الحقيقة في دارفور التي لم تزل تدمي جراحها مقل أهل العروبة والإسلام على حدّ سواءٍ...؟!

    فالحقّ ليس ثمّة فرقٌ ـ قط ـ بين عودة نداء الوطن ومباركة قرار مجلس الأمن ، فذاك نداء الوطن، وهذا نداء الضمير ـ (الأولى ليك والثانية عليك)ـ المنصف للضعفاء الذين دأب الإمام على نصرتهم، والوقوف بجانبهم، ولذلك أحبّوه، وصفّقوا له اليوم وهلّلوا وكبّروا في عاصمة خادم الحرمين الشريفين، وهو لم يرفع لهم عصا،ولم يخدّرهم بإسقاط الضرائب أو تخفيضها ( أحلام ظلّوط )، ولم يكن برفقه مطرب ولا دفوف و لاغناء؛ ليشغلهم به عن حقيقة همومهم، وإنّما أحبّوه لصدق حديثه، ولحمله همومهم، ولأنّه صاحب مبادئ لم تدنّسها محاولات الإنقاذ اليائسة، وهي قد حاولت مراراً سبلاً عديدة لإثنائه عنها، رغبة ورهبةً، ولكنّه ظلّ متأفّفاً متعفّفاً صابراً محتسباً مجاهداً جهاداً مدنيّاً سبق الناس طرّاً إليه، ولم يستجب لقسمة الكعكة، لأنّه يرى أنّ في ذلك عطاء من لا يملك لصاحب الحقّ المغتصب، وهم مافتئوا يخاطبونه بلغة أهل الفنّ : ( بقليبك تقول تعال وتعال، وبعيونك تقول لي ما في مجال ).

    سيظلّ هكذا الإمام كبيراً حيثما حلّ، فهو لم يتنقّل في العواصم ـ أخي صاحب حديث المدينة ـ للرفاهية،أو لجلب أثاث فاخرٍ، يحلّي به قصراً مشيداً في ضاحية من ضواحي الخرطوم الفاخرة التي صارت تفوق باريس آيةً وجمالاً، وأنت أعرف بها مني جيداً في بلاد عزّ فيها الخبز، وأعجزت المرضى قيمة روشتة الدواء، وإنّما يجوب الإمام هاتيك العواصم، ليحقن الدماء التي أريقت، ويحفظ الأعراض التي هتكت، وينقذ الوطن (إنقاذاً حقيقيّاً ) من شرّ قد اقترب، ولقد صدقتِ يا أختاه ـ رباح ـ ليس ما أورده الكاتب من حديث المدينة في شيء، فالمدينة في شغلٍ بسكّرٍ ـ وهو آخر ما بقي من حلاوة في السودان ـ و هي في يأسٍ وهمٍّ يتجدّد كلّ صباحٍ، فهلا نصدق المدينة حديثاً ـ أخي الأستاذ عثمان ميرغني ـ ونشاركها همومها، أو نتركها لتتحّدث عن نفسها .

    لكما التحية وللحديث بقية

    عبدالرحمن إسماعيل

    المحاضر بجامعة الملك سعود

    المملكة العربية السعودية

    الثلاثاء 17/5/2005م
                  

04-17-2009, 02:42 PM

عمر عبد الله فضل المولى
<aعمر عبد الله فضل المولى
تاريخ التسجيل: 04-13-2009
مجموع المشاركات: 12113

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
المفترون علي الصادق المهدي (Re: عمر عبد الله فضل المولى)

    الكاتب الموضوع
    مصطفى عبد العزيز البطل
    Groupie



    انضم: 02 October 2007
    الردود: 84
    الموضوع : المفترون علي الصادق المهدي!
    Posted: 15 January 2008 at 5:01pm


    غرباً باتجاه الشرق:





    المفترون علي الصادق المهدي!





    قد يري المحرر الصحافي المحترف انه ربما كان من الاصوب ان يكون العنوان (الصادق المهدي المفتري عليه)، و لكنني قدّرت ان يبقي العنوان في صياغته اعلاه لسبب بسيط وهو ان المقال لا يعني بأمر الإمام في شخصه بقدرعنايته بامر بعض اخوة الوطن من المتعلمين و المثقفين الذين ادمنوا تصويب سهام النقد الي الرجل، في الطلوع و النزول، ادمانا يقف بصنيعهم هذا في منزلة ما بين منزلتي الهواية والاحتراف. و الامام الصادق المهدي زعيم ديني و مفكر اسلامي و قائد سياسي له تاريخه و مناهجه ومواقفه، و من حقائق الاشياء و بدائه الامور ان زعيما و قائدا مارس - و يمارس - وجودا كثيفا و ثقيلا، بكل معاني الثقل الفكري و السياسي، علي جميع ساحات العمل العام علي مدي اربعين عاما لا بد ان تخضع مواقفه و ممارساته و افكاره للفحص و المراجعة و التقويم شانه في ذلك شأن غيره من القادة التاريخيين ذوي الفاعلية الشمولية و التأثير القومي. و ليس ما ارمي اليه هنا هو هذا النوع من التقويم، و انما استهدف ذلك الصنف من النقد الذي يكاد يقترب من الهذر فلا يصمد امام اهون اختبار للتقدير الموضوعي و مع ذلك تسمعه يتردد و يأخذ مكانه ضمن المسلمات و الثوابت. و انما استهدف ايضا ذلك الصنف من المتعلمين و المثقفين الذين درجوا علي التصدي لقضايا الشأن العام و تناولها تناولا منهجيا ومنطقيا في غالب امرهم حتي اذا وقفوا عند ابواب السيد الصادق المهدي ركبهم عفريت فتنكبوا جادة المنهج و فقدوا رداء المنطق واتوا بكل عجيبة!



    منذ ان بلغت مداركي مبالغ اولية من الوعي السياسي، و انا في المرحلة المتوسطة بمدينة عطبرة، وجدت مادة للتأمل في القابلية التلقائية للاسترخاء الي دعاوي عن شخصية المهدي راجت من حولي و اصبحت جزءا من وعي عامة الناس، ومن ذلك الدعوي المنسوبة له و فيها يقول انه وُلد ليحكم و انه يريد ان يتولي زمام السلطة ليقوم بحل مشكلات السودان في شهر واحد و مشكلات العالم العربي و افريقيا في شهرين و مشكلات العالم كله في ثلاثة اشهر!! غير ان الذي ضاعف من الحافز عندي لاستقصاء جذور الظاهرة، ظاهرة استساغة استهداف المهدي استهدافا عفويا روتينيا، بقصد او بغير قصد، كان هو ذلك الحوار الذي دار - حوالي عام ١٩٨٨ - بيني وبين الصحافي البارز الدكتور محي الدين تيتاوي، رئيس مجلس ادارة صحيفة (الاسبوع) التي كانت تصدر خلال حقبة الديمقراطية الثالثة بشأن الكاريكاتيرست المعروف كاروري، الذي كانت رسومه الكاريكاتورية و احدا من عوامل نجاح الصحيفة، و كان قد غادرها الي صحيفة اخري نتيجة خلاف فيما يبدو بينه و بين تيتاوي، و قد فهمت من الاخير ان أس الخلاف كان هو السيد الصادق المهدي. فقد لاحظ تيتاوي بشئ من الاستغراب ان الصحيفة كانت تخرج كل يوم برسوم كاريكاتورية تنتقد المهدي و تستدر السخرية منه و من سياساته ومواقفه، فأراد تيتاوي – الذي لم تعرف عنه موالاة المهدي بل قامت الشواهد علي تعاطفه آنذاك مع تيار الجبهة الاسلامية القومية- ان يعرف من رسام الكاريكاتير كيف اتفق انه و علي مدار عام كامل لم يجد في مواقف وسياسات زعيم سياسي فاعل و مناوئ للمهدي، هو السيد محمد عثمان الميرغني، ما يستحق ان يكون مادة لرسم كاريكاتوري ساخر واحد بينما تسني له ان يجد مادة للتشنيع بالمهدي مع شروق كل شمس. و الحق انني لا اذكر الاجابة التي اتي بها كاروري و لكنني اتصور ان هناك اسبابا وجيهة يمكن لها ان ترد في معرض التفسير، ابرزها ان الرسم الكاريكاتوري الذي يجعل من المهدي مادة له ( يبيع) و يجد من الصدي و التفاعل في الشارع العام اضعاف ما يجده التجسيد الكاريكاتوري لزعيم موازي مثل الميرغني!



    و لأمر ما كان اطلاق النار باتجاه المهدي رياضة محببة لجمهرة غفيرة من الكتاب والصحافيين، و قد استنامت قطاعات واسعة من مستهلكي الكلمة المكتوبة من المتعلمين الي هذا المضمار من الرياضة و استلطفته و استركنَت اليه. و لعل في هذا ما يفسر حالة الاستغراب و الدهشة التي غمرت قطاعا واسعا من مرتادي منابر الشبكة الدولية بالاضافة الي الصحافة المحلية مؤخرا عند توارد انباء الكلمة التي القاها الناشط السياسي و الكاتب الصحافي الحاج وراق امام الحفل الجامع الذي ضمته مناسبة عيد ميلاد السيد الصادق المهدي، في الخامس و العشرين من ديسمبر الماضي، و التي اسبغ فيها وراق علي المحتفي به اوصافا زاهية لم يتعود كثيرون فيما يبدو صدورها من عناصر محسوبة علي تيارات اليسار السوداني. و هو الذي يفسر – علي الاقل بالنسبة لي شخصيا – حرص المحلل السياسي محمد لطيف، الذي عقّب علي الكلمة اذ جاء ترتيبه في الحديث بعده مباشرة، بانه يتفق مع ما جاء في كلمة وراق ولكن بنسبة ٩٩٪ فقط، لكأنه - و هو رجل العلاقات المتشعبة المعقدة و الحسابات الدقيقة – يدرك اهمية الاحتفاظ بمساحة، و لو ضئيلة، للالتفاف والتراجع الاستراتيجي في مثل هكذا احوال! و قد باغتت مناسبة عيد ميلاد الامام فيما يبدو صديقنا الصحافي المتميز الاستاذ فتحي الضو، صاحب السفر الاشهر (سقوط الاقنعة) و هو غارق الي اذنيه في سلسلة حوارات عميقة مع قطب الحركة الشعبية باقان اموم فلم يسعه الا ان يترك الحوار معلقا لبعض الوقت ريثما يلحق بعيد الميلاد مهنئا ثم منغّصا و مكدرا علي الامام و مذكرا اياه بعدد من السلبيات التي اكتنفت مسيرته السبعينية، لكأنه يستكثر عليه " بهجة يوم واحد" و صفاء امسية يتيمة، و ربما ايضا ليحول دون ان تمر كلمة وراق في الليلة القمرية دون معادل حيوي يحتويها و يحجّم تأثيراتها.



    كانت ظاهرة النقد المكثف المصوب باتجاه المهدي قد لفتت انتباهي بعد هجرتي للولايات المتحدة عام ١٩٩٥ فقد وجدت محافل المتعلمين و المثقفين، و قد اوغلت في معالجة قضية واحدة الا وهي تقويم تجربة الديمقراطية الثالثة و تحديد المسئوليات و المسئولين عن انهيار حصونها امام جحافل الجبهة الاسلامية القومية. و كانت هذه المحافل قد خلصت فيما يشبه الاجماع الي ان مسئولية سقوط الديمقراطية تقع كاملة علي كتفي رئيس الوزراء المطاح به. و هناك، و لا شك، العديد من الموضوعات في سيرة المهدي يلفها ضباب كثيف سارع تحت غشاوته الاف من متعلمي المَهَاجر الامريكية الي تكبيل الرجل بأصفاد غلاظ، ابتداء من الادعاء بنكوصه عن مواقفه المعلنة من القوانين السبتمبرية و صولا الي مغالطات فاضحة حول الوقائع و تداعيات الاحداث خلال حقبة الديمقراطية الثالثة استبدلت الحقائق بدعاوٍ واساطير لا تستصحب منطقا و لا تهتدي بتاريخ، و لكنها مع ذلك تروي و تعاد و تمضغ و تجتر. و حدثتني نفسي ان اكتب عدة مقالات في بعض المنابر الالكترونية حاولت فيها ان اُذكّر جموع المتعلمين و المثقفين بجملة من الوقائع التي لا يكتمل التقويم المتجرد بغيرها، بأمل ان تؤدي مثل هذه المحاولات الي المزيد من التمحيص و التعمق الموضوعي بما يعين علي فتح الطريق نحو نتائج و خلاصات متينة و مستوعبة لحقائق التاريخ المعاش. و قد نهد نفر عزيز ممن ارتادوا تلك المنابر الي اثراء المناقشات و التماس الحلول والمخارج. غير ان واحدا ممن لم تصادف محاولاتي لانصاف المهدي هوي في نفسه لجأ الي حيلة من اغرب ما خَبِرت اذ تبرع بمعلومة، تفتقر الي الدقة، قذف بها الي جوف الاخطبوط الاسفيري يقول: ان كاتب المقالات هو ( السكرتير الصحفي السابق للسيد الصادق المهدي)، و ظللت بعد ذلك اتلقي ارتالا من الرسائل الالكترونية من كثيرين يسخر بعضهم فيها من خلفيتي السياسية المزعومة، و يشد من ازري اخرون بكلمات مؤداها انهم يحترمون خياري في الانتماء لحزب الامة و يقدرون دوري في الدفاع عن زعيم حزبي. و قد انتهز احد الاصدقاء الخبثاء فرصة ميلاد ابنتي" شهد" عام ١٩٩٦ فبعث بخبر اجتماعي نشرته صحيفة سودانية امريكية واسعة الانتشار يقول: ( اجمل التهانئ للاخ مصطفي البطل السكرتير السابق للسيد الصادق المهدي بالمولودة الجديدة!!). وواقع الامر انني عملت لاكثر من عشر سنوات في رئاسة مجلس الوزراء كادرا من كوادر الخدمة المدنية في سلك الضباط التنفيذيين و قد تصادف انني اشرفت لبعض الوقت علي الادارة المسئولة عن الشئون السياسية و السكرتارية الصحفية لمكتب رئيس الوزراء خلال فترة الحكومة الانتقالية ثم حقبة الديمقراطية الثالثة، الا انني لم انتم قط لحزب الامة و لم اعمل تحت اية صفة في المكتب الخاص لرئيس ذلك الحزب! و كنت كلما ظننت انني فرغت من شرح هذا الخلط ظهر في حياتي من يثيره فاعود من جديد الي سيرة التوضيح و رفع الالتباس مثلما سيزيف الذي حكمت عليه الآلهة في الميثولوجيا الاغريقية ان يحمل الصخرة من اسفل الجبل الي قمته، فتسقط وتتدحرج، فيعود مرة اخري الي السفح ليحملها الي القمة.



    و سبحة الامثلة تكر ولا تنتهي فمن نماذج الشطط في طرح الموضوعات التي ترد فيها سيرة المهدي السياسية مساهمة تقدم بها اعلامي حاصل علي درجة الدكتوراة ونشرت علي احد منابر الشبكة، جاء فيها: (وكان المرحوم محمد احمد محجوب يكره الصادق المهدي كراهية شديدة)، و كتبت مستفسرا عن مصدر هذه المعلومة فرد الاعلامي بان المصدر هو كتاب المحجوب ( الديمقراطية في الميزان)! وواضح ان الاعلامي كان يشير الي الفقرات التي انتقد فيها محجوب موقفا معينا للمهدي حين ابلغه الاخير بانه قرر تولي منصب رئيس الوزراء بنفسه. و هذا التخريج المثير للعجب يسلط أضواءً باهرة علي ظاهرة الجنوح للمبالغة و التهريج من قبل بعض المثقفين برغم المؤهلات الاكاديمية العالية التي يفترض معها سيادة الروح العلمية بما يقتضيه ذلك من سلامة الاستنتاج و مواكبته بأدلته المنطقية. و من صور تعسف الاسباب و اصطناعها للافتئات علي المهدي الحديث المكرور عن سنه المتقدمة و طول بقائه علي رأس حزبه العتيد، و هو ادعاء لا صلة له في واقع الامر بطول العمر و تقدمه و ان اتخذ منه مطية و ذريعة لزحزحة الرجل عن مواقعه بغرض تسريع اجندة سياسية مغايرة. و من عجب ان الثقافة الاجتماعية السودانية في صميمها تجعل من مثل هذا الادعاء سلوكا معيبا اذ انها تنظر الي ارتفاع السن علي انه مرادف للحكمة و مستودع لها و مناط للتبجيل و الاحترام. كما ان ارتفاع السن في الثقافات الغربية لا يعني شيئا في حد ذاته فالعبرة عند الغربيين بنمط الحياة و ممارساتها المعتادة فالذين يتبعون نمطا معينا من الحياة فيستهلكون الاغذية الصحيحة و ينتظمون في انشطة محدده ثبت علميا انها تحافظ و تستديم الصحة العقلية و الجسدية هم اكثر الناس اهلية للعطاء المستمر بصرف النظر عن عدد سنوات العمر، بينما تجد منهم من هو في الخمسين و ما عاد يصلح لشئ بسبب من سوء اختياراته الحياتية. و اذكر ان الحديث المستعاد عن عمر المهدي اثار ذات مرة اديبا كبيرا فأبدي امتعاضه و حيرته من مكر المتعلمين الذين جاءهم المهدي و هو ابن تسع و عشرين ممتلئا بالحيوية و العنفوان فاستكثروا عليه الحكم وقالوا كيف يحكمنا " من كان في المهد صبيا "، فلما نهض ليتصدي للهم العام و هو في نهايات الستين قالوا كيف يحكمنا " و قد بلغ من العمر عتيا ". و عندي ان افتعال دواع غير منطقية لازاحة القادة السياسيين و عزلهم عن مسارح القيادة انما يعكس ضعفا بنيويا و اخلاقيا عند جمهرة المثقفين و يفضح استخذاء و عجز هؤلاء امام متطلبات العمل السياسي النضالي المنظم الذي لا سبيل غيره للتأثير علي الواقع و تغيير اسسه و دينامياته و ركونهم، بدلا عن موالاة ذلك المسار الشاق، الي التفكير الرغائبي و الاماني غير المشروعة في زوال اللاعبين السياسيين من ذوي الفكر المغاير و انحسار ظلهم عن الساحة.



    و قد صادفتني في امر اولئك المتعلمين الذين يتحينون كل سانحة للانقضاض علي المهدي حالات يفارق اصحابها المنطق مفارقة شاملة كاملة و لكن الاندفاع فيما يبدو يملأ اقطارهم و يحول بينهم و بين رؤية الاشياء في الوانها الصحيحة. اذكر بعد ايام من انقلاب ١٩٨٩و اعتقال المهدي، بعد اختفاء قصير، ان اشاعة سرت فحواها ان رئيس الوزراء المطاح به كان خلال فترة تخفيه قد حلق ذقنه و شاربه، و هو امر لو صح لكان سليما و منطقيا، فالمتخفي الذي لم يكن له شعر في الوجه يقوم بإرساله، بينما يزيل من عرفه الناس بشعر الوجه بازالته حتي تسهل عليه الحركة و الاختباء. بيد انني صادفت كادرا مهنيا ناشطا في العمل النقابي و هو يهدر بحديث لا اول له ولا آخر عن العار الذي لحق بالمهدي، فلما استوضحته قال متسائلا: الم تسمع بامر حلاقته لذقنه و شاربه؟ الذي ادهشني في امر هذا النقابي انه هو نفسه حليق الشارب و اللحية نظيف الوجه تماما. هكذا كان و لا يزال منذ اول يوم عرفته و حتي يوم الناس هذا!



    غير انني حضرت مؤخرا مباراة، من اطرف ما رأيت، في رياضة الافتراء علي الإمام، فقد اُرتُجّ علي البعض في امر احد ابناء المهدي الذي وردت، خلال اليومين الماضيين، روايات متضاربة حول التحاقه بالعمل بجهاز حكومي، تقول احد الروايات انه – و هو خريج الكلية الحربية المصرية- قد تم تعيينه في القوات المسلحه ثم جري توزيعه علي فرع الاستخبارات العسكرية، و هو احد افرع القوات المسلحة كالمدفعية و المظلات و المدرعات، بينما تتردد اقاويل اخري عن انخراطه في خدمة جهاز الامن السياسي سئ السمعة. و قد ابدي البعض، لاسباب مفهومة، ضيقا شديدا من احتمال صحة الرواية الثانية، و تأسيسا علي ذلك كتب احدهم يشغُب علي المهدي و يطالبه ببيان يعتذر فيه عن صنيع ابنه، فلما رأي مشارك ثان انفتاح الباب علي مصاريعه لمثل هذا النوع من المواقف سارع بنشر مادة يطالب فيها المهدي ببيان آخر يعتذر فيه للشعب السوداني عن تزويجه شقيقته وصال للدكتور حسن الترابي!

    نقلا عن صحيفة ( الاحداث )

                  

04-17-2009, 03:01 PM

عمر عبد الله فضل المولى
<aعمر عبد الله فضل المولى
تاريخ التسجيل: 04-13-2009
مجموع المشاركات: 12113

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المفترون علي الصادق المهدي (Re: عمر عبد الله فضل المولى)

    قال البروفسور فضل الله على فضل الله في حق الامام الصادق


    (أتت النبال من كل صوب ورمتك السهام من كل ناحية.. ولكنك تظل شامخا تتكسر عندك النبال والسهام)..
                  

04-20-2009, 02:05 PM

نيازي مصطفى
<aنيازي مصطفى
تاريخ التسجيل: 08-22-2004
مجموع المشاركات: 4646

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المفترون علي الصادق المهدي (Re: عمر عبد الله فضل المولى)

    Quote: قال البروفسور فضل الله على فضل الله في حق الامام الصادق


    (أتت النبال من كل صوب ورمتك السهام من كل ناحية.. ولكنك تظل شامخا تتكسر عندك النبال والسهام)..


    شكرا عمر لنقل هذه العبارة التي قالها د. فضل الله على فضل الله رحمه الله فلا يعرف قدر الرجال الا الرجال
    فلا تلتفت ولا تلقي بالا لبعض الكتابات التي يريد البعض منها الظهور وآخرون سجية نفس جبلت على الكتابات
    العنصرية والبغض الموروث ..
    هذا لا يعني انه ليس هناك اقلام صادقة تبحث عن الاصلاح وهولاء من
    ادبهم واسلوب نقدهم المهذب تعرفهم .
    حفظ الله الامام في حله وترحاله .
                  

04-20-2009, 03:57 PM

عمر عبد الله فضل المولى
<aعمر عبد الله فضل المولى
تاريخ التسجيل: 04-13-2009
مجموع المشاركات: 12113

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المفترون علي الصادق المهدي (Re: نيازي مصطفى)

    شكرا الحبيب نيازي مصطفى
    لهذا المرور العاطر

    نعم لا يعرف قدر الرجال الا الرجال ونحن لا نريد ممن لا يعرف قدر الامام الصادق ان يعترف بقدره بل نريد موضوعية في الحوار ومنطق في الكتابة بعيدا عن الاساءة والتجريح فالامام الصادق المهدي بشر يخطي ويصيب وليس فوق النقد .

    اما اصحاب الاجندة الخاصة في نقد الامام الصادق المهدي فنحن لهم بالمرصاد وسنرد لهم بقوة وشدة وقسوة والبادي اظلم .

    سيظل الامام الصادق المهدي صخرة عصية على كل من يريد الانتصار لنفسه والنيل من شخصه بالباطل والسباب والشتم والتجريح وسترتد اليهم سهامهم الطائشة خاسرة وخائبة باذن الله .

    وسيظل حز ب الامة القومي هو صمام امان السودان شاء من شاء وابى من ابى والايام بيننا.
                  

04-20-2009, 04:19 PM

محمد عادل
<aمحمد عادل
تاريخ التسجيل: 07-19-2006
مجموع المشاركات: 14734

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المفترون علي الصادق المهدي (Re: عمر عبد الله فضل المولى)

    يعنى الليله سيتىرباح بدءت الحمله على منتقدي الامام فى الصحف
    وانت بى جاى ماشاءالله ماشى بالوصيه
                  

04-20-2009, 04:31 PM

Elsanosi Badr
<aElsanosi Badr
تاريخ التسجيل: 03-29-2008
مجموع المشاركات: 4166

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المفترون علي الصادق المهدي (Re: محمد عادل)

    Quote: يعنى الليله سيتىرباح بدءت الحمله على منتقدي الامام فى الصحف
    وانت بى جاى ماشاءالله ماشى بالوصيه
    ما ياهو انت (متصور) وراه يا محمد عادل ... برضك ما مرقت من اطار الحمله...

    الامام ده ايدو (لاحقه) يا ود عادل...(وجه متضامن معاكم كلكم )
                  

04-20-2009, 04:37 PM

ثروت سوار الدهب
<aثروت سوار الدهب
تاريخ التسجيل: 07-22-2003
مجموع المشاركات: 7533

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المفترون علي الصادق المهدي (Re: Elsanosi Badr)

    Quote: مع اعتزازي
                  

04-20-2009, 05:41 PM

عمر عبد الله فضل المولى
<aعمر عبد الله فضل المولى
تاريخ التسجيل: 04-13-2009
مجموع المشاركات: 12113

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المفترون علي الصادق المهدي (Re: محمد عادل)

    Quote: يعنى الليله سيتىرباح بدءت الحمله على منتقدي الامام فى الصحف
    وانت بى جاى ماشاءالله ماشى بالوصيه


    الحبيب محمد
    شكرا للمرور والوقوف خلف الامام بهذه الصورة المحترمة ونتمنى ان تعود انت وخالك
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de