|
Re: موقف سالفا كير من الجنائية : ما هو ؟؟ (Re: Bashasha)
|
بشاشا في كل مكان, نشاط هدام ومحالة لقفل باب النقاش... أرجو أن تستمر الحوارات عادية ولحسب طاقة المتحاورين, وما يهمون بدفعه إلى مجرى العام.
أدناه ردي على بشاشا, وهو يلاحقني في غير هذا البوست, لكنه بشاشا.
القراء الكرام ... تسلموا, طبعا من الصعوبة التعامل مع شخص إختار طوعا أن يخرج عن التاريخ وعن التطور الطبيعي والإستثنائي للمجتمعات البشرية, وعن التوالي التطوري للأجيال, وهي تحدد ملامحها وتبني أطوافها فى سياق بناء المجتمع. من الصعوبة التعامل مع شخص, تقوم كل دعاويه على الحقد والضغينة, وعلى التعالي على المعرفة والمتغير والآني والإستراتيجي, وكأنه الإبن العاق الذي يحاول أن يعاقب أهل السودان, على تسامحهم, وعلى تعايشهم التاريخي الرحيب, وعلى وحدتهم الطبيعية السمحاء. ولعل أشد ما يؤججه هذا البشاشا بين الناس, هو المنزع العنصري فى الحياة السودانية, وكأن السودان خارج النظمية العالمية, التي إمتدت فيها التشكيلة الإجتماعية للعبودية, لأطول مدي زمني فى التاريخ البشري, وبشاشا يعلم ذلك وهو المطلع على التاريخ أكاديميا وثقافيا, هو يعلم أن ما نال السودان من نصيب من تلك العبودية الزامنة الغليظة, لم يكن سوى نذرا قليلا, قياسا بما أصاب أمما أخرى, وحتى الجزئية الإجتماعية التي أحدث منظومة الرق في السودان, هي جزئية ذات طابع فرضته ظروف الدولة, حين رجت الدعوة المهدية المجتمع السوداني, وإستعجلت تدافعه إلى هدف غير معلوم, كان من تداعياته الهجرة الجهادية لأهل السودان, خاصة من غربه, إلى وسطه ومركزه, وذلك لحماية الدولة المهدية الوليدة, وتوفير ما يلزمها من بأس , خاصة وهي التي إختارت الصعاب والمواجهات الكبيرة, دون أن تكون مستعدة لذلك, فكانت الوفدة { السياسية } لجند المهدية إلى مركز السلطة, لا يواكبها تغيير فى البنية الإقتصادية لإستيعاب القوى البشرية المهاجرة عن مواطنها الأصل, فإلتحم هؤلاء المهاجرين بما هو موجود أصلا من نمط حياة فى الوسط والشمال, وصارت تعولهم وتوفر لهم العيش, الأسر التي إلتصقوا بها, وحيث تطور هذا التعايش إلى نمط إجتماعي, أخذ مداه وترتب عنه ظواهر ذات طبيعة إسترقاقية غير منكورة, ولكنها وعلى أية حال كانت طوعية فى المقام الأول, كما أخذت شكلا إقتصاديا أكثر وضوحا, وإن لا يخلو من السخرة, لكنه وفر مصالح إقتصادية مشتركة لطرف المقيم والآخر الملتحق, ومن غير جزم بعمومية الظاهرة, بل ربما خضعت لمنظور إنتقادي, كانت تحدده فى واقع الأمر الحظوة الإقتصادية للأسرة المقيمة, والتي لا بد وأن تكون فى وضع إقتصادي يسمح لها بتوفير مأوى وإلتزامات معيشية لغير أعضاء الأسرة, والذي هو نادر أو { محصور } بطبيعة الفقر الشائعة إجتماعية. أما الأهم ... فإن الدولة المهدية تتحمل المسئولية التاريخية, في تجييش مؤيديها, وتحويلهم إلى قوات ثابتة للدفاع عن سلطة المهدية, بل وترحيلهم قسرا أم طوعا إلى غير أمكنتهم, وبشكل جماعى كبير, ولأجل أهداف سياسية محضة, تحولت من بعد إلى أزمة إجتماعية ... تسأل عنها المهدية وعلى نحو أساسي. فيما الغريب في أمر بشاشا دفاعه عن المهدية, وهي التي حولت المجاهدين الذين تحلقوا حولها, إلى عبيد ... وأخذت تضعهم بندا فى كل مساوماتها وضرائبها البشرية وإتفاقاتها مع الأخرين, وفي إستعادة غير مجيدة لإتفاقية البقط, خاصة جانبها الذي يختص بالضرائب التي عدادها الرجال... ففي مكتوبات المهدية والمكتوبات عنها تتوفر دلائل لا حصر لها حول التوجه الإسترقاقي للدولة المهدية. بشاشا يريد إعفاء المهدية عن هذه المسئولية كمؤسسة سلطوية, لكن ليدرعه على جيد الملل السودانية المتحدرة عن إصول عربية, فهذا في إعتقادي تحوير خطير, لمسار تاريخي معلوم ومشهود الوقائع, وإذ ترون بشاشا يحمل اليوم المسئولية للمركز, ويتهمه بالابرتايد على أساس زعمه أعلاه, فيما لم يحمل المسئولية لمركز السلطة المهدية, وهي التي { مارست } فعليا الرق ودونته محصلة فى تاريخها الرسمي والإجتماعي. كما يعلم بشاشا أن { رقنا } يشابه تخلفنا الإجتماعي, وإلتصاقنا الشديد بالمراحل الأولى للإقطاع, والتي كانت فى واقع الأمر أقرب إلى العبودية من الأنموذج الإقطاعي المتقدم نوعا, فى علاقة الإنتاج وفي التوقيع الإجتماعي لفصل الإنسان عن أدوات الإنتاج... لكن عدم الأمانة التاريخية لبشاشا, جعلته لا يعبأ البتة بأشنع عملية إسترقاق حصلت فى العصر الحديث, ويقدم لصانعيها البيض صك غفران مبين, بل ويضيف لهذا الصك سعادة داخلية, بكون هذا الغرب مهموم بمواجهة الأنسال العربية والثقافة الإسلامية, فيتقاضى عن مزارع وغلال تصدير السود القسري لأمريكا, وعن معاناتهم وهم يستعبدون بالقوة, وعن تضحياتهم وهم ينافحون لأجل حقوقهم, جولة وراء الأخرى وضحية تليها ضحية, لم أسمعه يقرظ الثيم الأمريكي الأسود, لأن بشاشا ببساطة, يدخر القاهرين البيض لقمع ولاة الثقافة العربية الإسلامية, خاصة وأن الآلة السياسية والعسكرية والإعلامية الغربية تنشط حاليا, فى إتجاه المواجهة ضد هؤلاء, بإسم الإرهاب, وعلى سنة النفط المقدس. عموما ... فإن رقنا كان لحسب أوضاع مفروضة أو متخلفة, وهو رق تجاوزه السودان الآن, فحتى تلك الإلتحاقات الأسرية لم تعد, وفي كل الأحوال كان ظاهرة إجتماعية غير موفقة, ويستدعي طي هذه الصفحة كليا, إعتذار رمزي من الدولة, وآخر معنوي من كل فؤادي سوداني وغض النظر عن إرتباطه برق أم لا ... فهو تداعي إجتماعي فى نهاية المطاف, لنترك هذا الشئ وراءنا ... ولنستصبر أفقا جديد ... ووقائع جديدة.
هذا ما لزم توضيحه, لأن بشاشا يعتقد أن تلك هي اليد التي توجعنا, وهو لذلك يضغط على كل خصومه فى تلك اليد, بل حتى الذين لا يمتون بدم ولا ثقافة للعنصر العربي الإسلامي, فكل من يخالفه الرأي فيهم يطلع { جرقاس }
لا شك هناك قضية جوهرية حول مركزية الدولة السودانية, منذ نشأتها فى تاريخ السودان الحديث وإلى الآن, لكنها مركزية قائمة على الآيدلوجيا والتسلط, غض النظر عن العرق, وغلبة العنصر العربي فى التدافع نحو تعزيز السلطة المركزية, هي في واقع الأمر مذمة سياسية وليس عرقية, وتجدوني أنظر إلى تاريخ السودان الحديث وفي معظم حقبه, إلى كونه تاريخ قائم على المغامرات والإنقلابات والترضيات, وهو فى تقديري تاريخ غير مشرف, لضعف محتواه الديمقراطي, ولسيادة نهج القوة والقمع ... لهذا أرى أن السودان لم يتحرر بعد, إلا بقيام كامل مؤسسات الحكم الديمقراطي والتفويض الشعبي والتداول السلمي للسلطة, وكلها محروسة بدستور ديمقراطي دائم... وهذا ما أناصر حدوثه اليوم, فيما يلقمني بشاشا حجرا من سور الأبرتايد, ويصفني مع الطيب مصطفى وبلا أدنى وازع من الأمانة الفكرية.
سأعالج لاحقا تعليقات بشاشا... وبالإقتباس.
وأرجو القراء ... صبرا
... مع تقديري لكم
|
|
|
|
|
|