مواضيع سياسية منوعة يعني من كل بستان زهرة

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-06-2024, 00:32 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثاني للعام 2009م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
04-11-2009, 10:20 PM

Seif Elyazal Burae

تاريخ التسجيل: 01-14-2008
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
مواضيع سياسية منوعة يعني من كل بستان زهرة

    إنما هي مواضيع متناثرة تصلني علي الايميل واردت فقط اشراككم في الاطلاع عليها:

    المحكمة الجنائية والخيارات السودانية‏

    دخلت الأزمة في السودان منعطفا خطيرا, ضاعف من حجم المشكلات التي تتناثر في أنحاء مختلفة من أقاليمه, وزاد من التعقيدات التي تواجهه علي مستويات متعددة. فقرار المحكمة الجنائية الدولية بإصدار مذكرة توقيف ضد الرئيس عمر حسن البشير انطوي علي مضامين ورسائل سياسية في اتجاهات محلية وإقليمية ودولية, حيث أكدت المذكرة, التي أصدرتها المحكمة في 4 مارس 2009, إخفاق الخرطوم في قراءة كثير من المعطيات الإنسانية والتطورات السياسية التي لاحت في الأفق منذ اندلاع الأزمة عام 2003, وأن طريق المراوغات ومنهج المناورات يمكن أن يغرق البلاد في دوامة مركبة من الأزمات. وبهذه المذكرة التي احتوت علي سبعة اتهامات تعرض الرئيس البشير للاعتقال, ازداد قلق كثير من دول الجوار, سواء التي لها مصالح مباشرة مع السودان, أو التي تخشي قياداتها من تسليط سيف المحكمة علي رقابها. كما أن هذا التطور أشار إلي نمط جديد من التفاعلات الدولية في التعامل مع بعض القضايا الإقليمية, قد يؤدي شيوعه إلي مزيد من اشتعال النيران في جنباتها, خاصة أن كل المقدمات حذرت من خطورة توقيف رئيس بلد, مثل السودان, يعاني سلسلة كبيرة من المشكلات, تمتد من الغرب إلي الشرق, وتتواصل من الشمال إلي أقصي الجنوب. كان الرفض السوداني للتعامل مع المحكمة الجنائية - ومن ثم قرارها في حق البشير - لافتا, وتذرع النظام السوداني بمجموعة من الحجج, أهمها نفي قيام الخرطوم بارتكاب جرائم حرب في إقليم دارفور, وأن كل ما حدث من تجاوزات أو خروقات تتحمل مسئوليته الحكومة والمتمردون علي حد سواء. كما تذرع النظام السوداني بأن غالبية التقارير التي استندت عليها المحكمة أعدتها جهات مشكوك في صدقيتها, ومنظمات إنسانية لديها أجندات خفية, تقف خلفها قوي دولية تسعي لاستهداف السودان وتحقيق فوائد اقتصادية وصيانة مصالح استراتيجية, فضلا عن حرص المتمردين علي تضخيم خسائر أهالي دارفور لتوسيع نطاق قضيتهم وتعظيم مكاسبهم, ووضع النظام السوداني تحت ضغط مستمر ربما يجبره علي التسليم بمطالبهم. ولم تتوان الحكومة السودانية في العزف علي وتر عدم توقيع اتفاقية روما في 17 يوليو 1998 التي حددت عمل المحكمة, وقامت 108 دول بتوقيعها, وبالتالي فالسودان (من وجهة نظر حكومته) غير معني, شكلا, بالمحكمة ومذكرتها وما يترتب عليها من ملاحقات. لم توقف كثرة الحجج وتباين الذرائع عمل المحكمة, وربما زادتها إصرارا علي المضي في طريقها لتأكيد جدية خطواتها ومحاولة ردع القيادات المماثلة. ففي 13 مارس 2009, قالت وثيقة نشرتها المحكمة الجنائية إن مدعي المحكمة يريد تقديم استئناف لقضاة المحكمة لإبقاء تهمة ارتكاب 'إبادة' التي أسقطها القضاة من بين التهم التي استندوا عليها في توجيه مذكرة توقيف بحق البشير, علي اعتبار أن مستوي الإثبات الذي طلبه القضاة بالنسبة لبعض التهم, وبينها 'الإبادة', بدا - علي حد قول بياتريس لي فرابر مستشارة المدعي العام - 'أكثر مما ينص عليه ميثاق روما'. ومع أن المسألة دخلت مجالا قانونيا مثيرا يستوجب الرد بطريقة مماثلة, إلا أن النظام السوداني لجأ إلي التشكيك في الأهداف والتقزيم من التحركات المناهضة, دون أن يقدم مبررات منطقية تثبت عكس الاتهامات الموجهة إليه وتفسد توجهات مستهدفيه. فالاكتفاء بالتظاهرات والتنديدات والتحذيرات زاد العقبات, ولم يخفف الممارسات القاسية التي لاحت لتطويق السودان إنسانيا واقتصاديا. وكانت إجراءات المحكمة قد وجدت دعما في بعض الوثائق الرسمية التي اعترفت فيها الحكومة السودانية بوجود انتهاكات. فعندما أكدت فصائل المتمردين أن هناك مائة ألف مواطن سوداني قتلوا في دارفور, لم تنكر الحكومة التهمة, لكنها خفضت العدد إلي عشرة آلاف, كل جريمتهم أنهم من قبائل الفور والزغاوة والمساليت. ونجحت المحكمة في الحصول علي معلومات من منظمات دولية, واستمعت إلي العشرات من شهود العيان الذين أكدوا حدوث انتهاكات ضد الإنسانية. وفشلت الخرطوم في دحض الاتهامات أو تبني خطة تسوية متكاملة تفضي إلي تحقيق الأمن والاستقرار في الإقليم, وتوقف زحف السيناريوهات الغامضة, التي لقيت تأييدا من قبل مجلس الأمن وعدد من قواه الرئيسية, مما أفضي إلي حشر النظام السوداني في زاوية ضيقة. تحركات سياسية وإجراءات جنائية : ترجع إحالة مجلس الأمن الوضع في دارفور إلي المحكمة الجنائية إلي ما خلصت إليه لجنة تقصي الحقائق الدولية التابعة للأمم المتحدة, من أن حكومة السودان وميليشيات الجنجويد الموالية لها مسئولة عن انتهاكات جسيمة للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي. وأعدت اللجنة قائمة ب- 51 مشتبها (لم يتم إعلان أسمائهم رسميا) قالت إنه من الواجب إجراء تحقيقات إضافية معهم, بينهم مجموعة من كبار المسئولين, وقادة عسكريون من الرسميين والمتمردين. وتم تسليم القائمة للأمين العام الأسبق للأمم المتحدة, كوفي أنان, ومعها توصية بإطلاع الادعاء في المحكمة الجنائية الدولية عليها. من هنا, تغلبت المحكمة علي مشكلة عدم تصديق السودان علي وثيقة روما, حيث يحق لمجلس الأمن إحالة أي قضية إليها, وهو ما حدث فعلا في 31 مارس 2005 بموجب قرار المجلس رقم 1593 للنظر في اتهامات ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. وبعد نحو عامين (أبريل 2007), أصدرت المحكمة الجنائية الدولية أول أوامر الاعتقال بحق أحمد هارون وزير الدولة للشئون الإنسانية في السودان, وعلي محمد علي عبدالرحمن الكشيب, القائد الميداني للجنجويد, بسبب الدور القيادي لكل منهما فيما يوصف بأنه جرائم حرب وإبادة جماعية وقعت في إقليم دارفور. وقد رفضت الخرطوم هذا الأمر, واعتبرته ابتزازا من قبل بعض القوي الدولية ومحاولة للضغط علي الحكومة, لتحقيق مآرب سياسية وأمنية واقتصادية, بل تعمدت الحكومة السودانية أن تضع هارون في موقع يحمله مسئولية الجماعات (وزير دولة للشئون الإنسانية) التي تردد أنه أسرف في ترويعها. تهاونت الحكومة السودانية في التعاطي مع الإشارات الإنسانية والسياسية. وعندما دقت المحكمة الجنائية ناقوس الخطر بقوة, مضت الخرطوم في ممانعتها لكل خطواتها, وأصرت علي تجاهل الإنذارات المتكررة أو التظاهر بعدم سماعها, وواصلت تطبيق تصوراتها للحل وتصرفاتها للحسم. ولم تكن نتائجهما (الحسم والحل) مرضية. وفي 16 يونيو 2008, طالب مجلس الأمن بالإجماع السودان بالتعاون مع المحكمة الجنائية. فقد أعلن لويس مورينو أوكامبو, المدعي العام للمحكمة, في تقرير قدمه لمجلس الأمن أنه توصل إلي أدلة ل- 'خطة إجرامية تستند إلي تحرك جهاز الحكومة بالكامل' لارتكاب جرائم في دارفور. وفي يوليو من العام نفسه, طلب أوكامبو من الدائرة التمهيدية الأولي بالمحكمة إصدار أمر اعتقال بحق الرئيس عمر البشير, بناء علي اتهامات بارتكاب جرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية في الإقليم. كل هذه الخطوات تعمدت الحكومة السودانية التقليل من أهميتها, تارة بالرشق بالكلمات والاتهامات لأوكامبو وأعوانه ومن يقف وراءهم, وأخري عبر الإيحاء بأن هناك عملية جارية للتسوية السياسية في دارفور. ولأن الأولي بدت بعيدة عن الواقع الدولي ومعطياته, والثانية أخفقت في إثبات جديتها, فقد أصدرت المحكمة الجنائية قرارها باعتقال الرئيس البشير الذي لم يخطيء العقل توقع حدوثه, فكل المعلومات والرسائل كانت تشير إليه. بذلك, أصبح (قانونا) علي الرئيس عمر البشير أن يسلم نفسه تلقائيا للمحكمة, أو أن يتم تسليمه من جانب السلطات السودانية. كما أنه علي دول العالم, لاسيما الدول الأعضاء في المحكمة الجنائية, أن تعمل علي تنفيذ القرار وتقديم البشير للمحكمة عقب إلقاء القبض عليه, إذا تواجد علي أرضها. فالمادة 88 من النظام الأساسي للمحكمة تحدد بوضوح إجراءات إلقاء القبض, من خلال قيام المحكمة بتقديم طلب مشفوع بالمواد المؤيدة للقبض علي شخص وتقديمه إلي أي دولة قد يكون ذلك الشخص موجودا في إقليمها, وعليها أن تطلب تعاون تلك الدولة في القبض علي ذلك الشخص وتقديمه, وعلي الدول الأطراف أن تمتثل لطلبات إلقاء القبض. في حالة السودان الذي رفض الانصياع لقرار المحكمة, ولديه ما يشبه شبكة أمان من بعض الدول العربية والإفريقية, سوف تقوم المحكمة بإحالة القرار إلي مجلس الأمن, للبحث في كيفية التنفيذ وإرغام السودان علي التعاون مع المحكمة. يتضمن ذلك إصدار قرار بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة, الذي يلزم سائر الدول الأعضاء بها بالتعاون لتنفيذ أمر الاعتقال, بمعني أن القضية سوف تتقاطع فيها الأبعاد القانونية مع نظيرتها السياسية, وتتسبب في إحراج كثير من القوي الإقليمية والدولية التي كانت تمانع أو تتحفظ علي إحالة البشير منذ البداية. ثلاثة اتجاهات متوازية : تظاهرت الحكومة السودانية منذ البداية برفض التعامل مع المحكمة الجنائية, وبدت غير عابئة بالمذكرة. وفي خطوة مثيرة, عقب إصدار أمر التوقيف ضده, أعلن الرئيس البشير طرد 13 منظمة إغاثة إنسانية تعمل في دارفور, بذريعة أنها مضرة بالأمن القومي. ونوهت الحكومة السودانية إلي امتلاكها معلومات تفيد بتعاون وتآمر بعض المنظمات الانسانية مع المحكمة الجنائية. وفي 16 مارس 2009, قرر الرئيس البشير نقل مهام الإغاثة في مخيمات اللاجئين في الإقليم من المنظمات المطرودة إلي منظمات وهيئات وطنية, التي قرر أيضا أن تتولي جميع المهام الإنسانية في غضون عام. مع ذلك, أخذت الخرطوم تواصل مساعيها نحو تجاوز عقبات المحكمة الجنائية, عبر عدد من الإجراءات العملية التي تؤكد أنها لا تقف بمفردها في الميدان, وأن استهداف نظامها سيواجه برفض تام من جهات عربية وإفريقية وربما دولية. في هذا السياق, حاول النظام السوداني استثمار تكاتف الجهود الإقليمية لإنقاذه رقبته من مقصلة المحكمة الجنائية, وسعت تحركاته قبيل وبعد مذكرة التوقيف في ثلاثة اتجاهات. كان الاتجاه الأول الذي سعي فيه النظام السوداني هو محاولة الاستفادة من المادة 16 من القانون الأساسي, والتي تخول مجلس الأمن تجميد قرار المحكمة لمدة عام قابل للزيادة. وفي فبراير 2009, تشكل وفد عربي - إفريقي وذهب إلي نيويورك لتفعيل هذه المادة, لكن الوفد اصطدم بحائط رفض منيع من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا. ولم يكف تعاطف روسيا والصين في تحريك الموقف لصالح الخرطوم. عند هذه اللحظة, تيقنت جهات كثيرة بأن ملف المحكمة سوف يمضي إلي غاياته, خاصة أن الإشارات التي تلقتها دول مجاورة بهذا الخصوص سارت في الطريق ذاته. لكن تمسكت الخرطوم برهانها علي تحركات جهات عربية وإفريقية تسعي لتليين المواقف الدولية. واعتمدت في هذا التحرك علي أداتين, الأولي: السعي لإقناع المجتمع الدولي بأن الحكومة السودانية عازمة هذه المرة علي التوصل لتسوية سياسية تنهي معاناة الإقليم. والثانية تتكفل بتوضيح المخاطر التي سيحملها الاستمرار في طريق المحاكمة علي دارفور وغيره من الأقاليم السودانية التي تعاني مشكلات هيكلية. فالأزمة سوف تزداد تعقيدا في ظل مساعي المتمردين لاستثمارها في رفع سقف مطالبهم, ووسط احتمال أن يتأثر جنوب السودان ببعض تداعيات الأزمة, مما ينعكس سلبا علي تطبيق بنود اتفاق نيفاشا الذي تسانده جهات دولية كثيرة. ويتمثل الاتجاه الثاني في بوادر ليونة برجماتية في الموقف السوداني, ظهرت تجلياتها في إعلان الخرطوم عن التحقيق الجاد مع عدد من المشتبه بتورطهم في ارتكاب جرائم حرب في دارفور. وحسب بعض التقارير, تم حصر 176 متهما وألقي القبض علي 12, بينهم علي كوشيب, المعروف بأنه الزعيم الميداني 'للجنجويد' والمطلوب الثاني في اللائحة الأولي للمحكمة الجنائية. كما أعلن نمر إبراهيم, المدعي السوداني لجرائم الحرب في دارفور, أنه يولي اهتماما ببلاغ ضد كل من كوشيب وأحمد هارون, وزير الدولة للشئون الإنسانية. ورغم أن هذا التحرك ينطوي علي تغير طفيف في الموقف السوداني, إلا أن إمكانية استكماله تظل محفوفة بهواجس وخبرات سابقة تشير إلي سيطرة منهج المناورة. وكان الاتجاه الثالث يسير بالتوازي مع الاتجاه الأول, وقام علي محاولة تحقيق اختراق في ملف التسوية السياسية للأزمة. وهنا, برزت ثلاث محطات أساسية, أولاها: إعلان جامعة الدول العربية, خلال اجتماع وزراء الخارجية العرب بالقاهرة في سبتمبر 2008 عن مبادرة للحل - انضم إليها لاحقا الاتحاد الإفريقي - علي أمل أن تتحرك الخرطوم لتفشيل خطة المحكمة عبر قنوات سياسية, تعطي فرصة للمدافعين عن النظام السوداني للضغط علي رافضيه ودحض حججهم للمحاكمة. وثانيتها: قيام الحكومة بعقد ما يسمي بملتقي أهل السودان في شهر أكتوبر 2008, وتدشين تظاهرة إعلامية توحي بأن هناك التفافا محليا وإقليميا ودوليا حول الرئيس البشير. لكن قيمة الملتقي تراجعت بسبب مقاطعة عدد من قوي المعارضة السودانية, وفي القلب منها الفصائل الأساسية في دارفور, وعجز الحكومة عن تقديم رؤية عملية تثبت رغبتها في التسوية الحقيقية. وثالثتها: نجاح قطر في الجمع بين الحكومة وحركة العدل والمساواة في فبراير 2009, لإثبات الرغبة السودانية في التسوية. غير أن محادثات الدوحة لم تتمخض سوي عن إعلان حسن نوايا بين الطرفين, وأخفقت في التوصل لاتفاق إطاري للحل. وعقب صدور مذكرة التوقيف, بدأت الأمور تسير في طريق غامض, حيث سعت حركة العدل والمساواة لاستثمارها في مزيد من الضغط علي الحكومة, وهي محشورة في زاوية قانونية ضيقة. في محادثات الدوحة, كانت ظلال المحكمة الجنائية حاضرة بقوة من زوايا عدة, أهمها أن الحكومة السودانية بدت حريصة علي الحوار مع حركة العدل والمساوة, باعتبارها أبرز الحركات السياسية والعسكرية, ولديها سلسلة من الملفات المعلقة التي يمكن الضغط عليها من خلالها, مثل ملف المعتقلين, ورغبتها في أن تتبوأ مكانة القوة الوحيدة في دارفور. لذلك, كانت الخرطوم تعتقد أن تحقيق إنجاز سياسي معها في هذا التوقيت ينطوي علي دلالة واضحة لمن يهمه الأمر بأنها تسعي للحل, وبالتالي التأثير علي قرار المحكمة الجنائية بصورة إيجابية. وقد فطنت حركة العدل والمساواة لهذه المسألة. فعندما قررت حضور محادثات الدوحة, دخلت وفي ذهنها أحد احتمالين, إما الحصول علي مكاسب نوعية من الحكومة بما يجعل الحركة رقما محوريا في قسمة السلطة والثروة, أو تعرية الخرطوم أمام المجتمع الدولي والتدليل علي عدم جديتها في الحل, وأن الكرة لم تبرح ملعبها. من هنا, يمكن فهم الرسالة التي حملها تصريح خليل إبراهيم, زعيم الحركة, إبان محادثات الدوحة الخاصة بضرورة تسليم البشير للمحكمة, وأنه لن يتواني عن القيام بهذه المهمة بنفسه, في محاولة لإجبار الحكومة علي تقديم أقصي تنازلات ممكنة. وفي هذا المجال, يمكن أيضا الإشارة إلي مقالة خليل إبراهيم في 20 مارس 2009 بشأن عزم حركته عدم الذهاب للدوحة (مرة ثانية) ما لم تسمح الحكومة السودانية للمنظمات غير الحكومية ال- 13 (المطرودة) بالعودة للسودان. الحاصل أن الحكومة السودانية ارتكبت مجموعة من الأخطاء, سهلت مهمة المحكمة الجنائية. وهي أخطاء لا تتعلق بما جري في إقليم دارفور من تصرفات بحق المواطنين فقط, بل بممارسات سياسية أوحت بعدم وجود جدية كافية لجلب الأمن والاستقرار. وفي هذا المجال, يمكن التوقف عند ثلاثة محددات أساسية. يتمثل المحدد الأول في فشل جولات المحادثات والمفاوضات, التي جرت في أروشا وسرت وطرابلس وغيرها, في التوصل لرؤية مقبولة للحل. وحتي اتفاق أبوجا الذي وقعته الحكومة في مايو 2006 مع مني أركو ميناوي, زعيم أحد أجنحة حركة تحرير السودان, يعاني مشكلات هيكلية جعلته قليل الفائدة. فغالبية إجراءات تقاسم السلطة والثروة تواجه عثرات كبيرة. كما أن تجربة ميناوي عززت الاقتناع بعدم الثقة في تصرفات الحكومة, الأمر الذي استثمره المتمردون في تبرير العزوف عن الحوار معها أو الهروب من توقيع اتفاقات منقوصة من وجهة نظرهم. ويمثل تراجع الحكومة عن الوفاء بإجراء محاكمات داخلية لبعض المتهمين المحدد الثاني. فرغم إعلانها والتزامها بهذه المهمة, إلا أن خطواتها جاءت عقيمة, وهو ما ضاعف من الشكوك والظنون في توجهاتها, ومنح المحكمة الجنائية الدولية مبررات وافية للمضي في طريقها لتطبيق لائحة اتهامات بحق البشير وغيره من القيادات السودانية. ففي تقدير بعض الدوائر أن إتمام خطوة المحاكمات الداخلية للمتهمين أحمد هارون وعلي كشيب كانت ستعطي انطباعات إيجابية في أروقة المحكمة الجنائية, وتثبت جدية الحكومة في الوفاء بتعهداتها, وتؤكد أن إحالة ملف دارفور للمحكمة الجنائية له مرام سياسية ولا علاقة له بأي قضايا إنسانية. وكان المحدد الثالث كثرة المناوشات التي حدثت بين حزب المؤتمر الوطني وشريكه في الحكم, الحركة الشعبية لتحرير السودان, مما زاد من هواجس جهات مختلفة, خشية انهيار اتفاق نيفاشا. وبدا الرئيس عمر البشير ورفاقه مسئولين عن جزء معتبر من المشكلات التي نجمت مع الحركة الشعبية. وهذا العامل كان من بين الأسباب التي حرضت بعض الجماعات الغربية علي تشجيع المحكمة الجنائية للتحقيق فيما يوصف بأنه جرائم ضد الإنسانية في دارفور, للضغط علي حزب المؤتمر الوطني بغرض تخفيف قبضته في بعض الملفات الخلافية مع الحركة الشعبية. مسئولية ثلاثية : إذا كانت الحكومة السودانية تتحمل جزءا معتبرا من مسئولية ما حدث في دارفور, فإن هناك جهات أخري لا يقل دورها تأثيرا في خط سير الأزمة. فعلي عاتق المتمردين, بمشاربهم وأطيافهم المختلفة, تقع مسئولية إتاحة الفرصة لكثير من التدخلات الخارجية. فقد دخلوا مرحلة خطيرة من الانقسام والتشرذم, وافتقروا إلي القيادة الرشيدة والموحدة التي يمكن الالتفاف حولها, ووصل عددهم - وفق بعض التقديرات - لأكثر من عشرين فصيلا, بصورة يصعب معها التفرقة بين القيادات الحقيقية والهامشية, لأن معظمهم يفتقر إلي الوجود الفعلي في الميدان, ويكتفي بلائحة تحمل اسم أحد الأفراد تناضل عبر الفضائيات, أو له موقع إليكتروني يصدر البيانات ويكيل الاتهامات. كما أن الأهداف الشخصية علت علي نظيرتها الوطنية, ونسجت بعض الفصائل علاقات متنوعة مع جهات مشبوهة, لعبت دورا في تعقيد الأزمة. ولنتمعن في زيارة عبد الواحد نور, زعيم أحد أجنحة حركة تحرير السودان لإسرائيل في أوائل فبراير 2009, وما حملته من مضامين تدعم رؤية الحكومة بأن هناك دورا لاسرائيل في إقليم دارفور, علاوة علي أن فصائل المتمردين تعمدت تضخيم بعض الأحداث, للاستفادة من وصول ملف دارفور إلي ساحة المحكمة الجنائية, سواء في الضغط علي الحكومة, أو شيوع مزيد من الفوضي والسيولة لتحقيق مكاسب كبيرة. علي صعيد المجتمع الدولي, تعاملت قوي كثيرة بازدواجية مع ملف دارفور. ففي الوقت الذي جري فيه تكثيف الجهود لكيل الاتهامات للحكومة السودانية, لم نشاهد بيانات تدين المتمردين, مع أن عددا كبيرا منهم يتحمل جانبا من مسئولية ما حدث من تجاوزات إنسانية. فعملية اقتحام الخرطوم في مايو 2008, التي قامت بها حركة العدل والمساواة, لم تجد إدانة مناسبة من فئات دولية تزعم أنها تعمل لصالح أمن واستقرار السودان. كما غضت هذه الفئات الطرف عن معارك مهاجرية التي وقعت في شهر يناير 9002, علما بأن حركة العدل والمساواة هي التي قامت بالاعتداء علي أماكن تمركز قوات ميناوي. ولم تتصد القوي الدولية للحوادث التي تعرض لها أفراد عاملون ضمن قوات حفظ السلام الإفريقية علي أيدي المتمردين. كما أن دوائر كثيرة تجاهلت دعم التسوية السياسية في الإقليم مبكرا, ولم تتخذ إجراء ضد قيادات المتمردين الذين رفضوا أو امتنعوا عن الانخراط في التسوية, وسمحوا لعدد كبير منهم بالتمتع بالعيش في سلام, والانتقال بأمان إلي عواصم غربية متباينة. علي ضوء صدور قرار المحكمة الجنائية الدولية, أصبح عمر البشير أول رئيس دولة يصدر ضده أمر اعتقال أثناء السلطة. وقد وضعت المذكرة السودان أمام ثلاثة خيارات محورية, سوف يحدد أحدها الطريقة التي ستسير عليها كثير من الأمور في البلاد خلال الفترة المقبلة. الخيار الأول هو الإصرار علي رفض الامتثال لمذكرة الاعتقال, مع الأخذ في الاعتبار أن هناك ضريبة متعددة الأوجه سيتحملها النظام السوداني جراء هذا الموقف. وأبرز ما يترتب علي ذلك مواجهة الرئيس عمر البشير صعوبة في السفر إلي بعض الدول, بموجب لائحة المحكمة, واتساع نطاق الضغوط الخارجية علي الخرطوم, وهو ما سيرخي بظلاله السلبية علي بعض الجوانب السياسية والاقتصادية والأمنية أيضا. حيث تدفع الأوضاع نحو تزايد احتمال ممارسة ضغوط داخلية من قبل قوي شمالية أو دارفورية, في مسعي يحاول الاستفادة من هذه الأجواء, التي تؤدي إلي عدم استبعاد فرض الأحكام العرفية وتهديد عمل البعثات الأجنبية والقوات الدولية في ربوع السودان. ويمكن أن يترتب علي هذا النوع من الإجراءات تعطيل بعض الاستحقاقات, مثل الانتخابات البرلمانية المتوقع إجراؤها في غضون شهور قليلة, وفتح الطريق علي مصراعيه أمام انفصال جنوب السودان الذي يبدو مهيأ لهذا الخيار, حتي قبل أن تنتهي الفترة الانتقالية, وينظم الاستفتاء علي تقرير المصير عام 2011. ناهيك عن استغلال فصائل المتمردين هذا التطور في محاولة إملاء شروطهم والمغالاة في أهدافهم, بصورة قد تهز أركان كافة الأقاليم السودانية. ولأن الحكومة السودانية ترفض التعامل بشكل قانوني مع المذكرة, فخيارها الثاني يتمثل في التركيز علي الشق السياسي من خلال الإقدام علي تسوية حقيقية وسريعة, تقنع العالم بأن هناك خطوات عملية لحل الأزمة ووقف تداعياتها المفتوحة. وفي هذا المجال, يمكن الاستفادة من الاتفاق الذي وقعته خمسة فصائل سودانية متمردة في 18 مارس 2009 بليبيا, وعرف بميثاق طرابلس من أجل وحدة وأمن واستقرار وسلام إقليم دارفور. وحسب البيان الصادر عن الاتفاق, فإن الفصائل الموقعة هي حركة جيش تحرير السودان (قيادة الوحدة), وحركة جيش تحرير السودان برئاسة خميس عبدالله أبكر, وجبهة القوي الثورية المتحدة, وحركة العدل والمساواة (جناح إدريس أزرق), وحركة جيش تحرير السودان (وحدة جوبا). وأكدت الحركات الخمس التزامها بالمشاركة بموقف موحد في المفاوضات التي ستعقد في الدوحة. وشدد قادة الحركات في هذا الميثاق علي وقف الاقتتال بين الحركات وإعادة السلم الاجتماعي, والتزام حركاتهم بالدخول في مفاوضات ذات طابع وموقف موحد يعبر عن القضايا العادلة لأهل دارفور, وبالتعاون في المجالين السياسي والعسكري, وصولا للاندماج الكامل. وأوضح القادة أن الحل السلمي أفضل الخيارات, كما شددوا علي الالتزام بتسهيل عمل المنظمات الإنسانية. لكن تطبيق هذا السيناريو في الوقت الراهن يضاعف مكاسب المتمردين في دارفور, ويقود إلي إضعاف حزب المؤتمر الوطني, لأن أي تسوية سياسية شاملة سوف تؤدي تلقائيا إلي خصم جزء من رصيده في السلطة والثروة. ويظل هذا الخيار الأكثر واقعية, لأنه سيفضي إلي تفريغ كثير من التوجهات القاتمة من محتواها الرامي لإثبات تهمة التقاعس علي الحكومة السودانية وفتح الباب علي مصراعيه للفوضي والانفلات. من هنا, يمكن قراءة الأسباب التي دعت مصر لطرح فكرة عقد مؤتمر دولي بشأن السودان لتطويق تداعيات مذكرة التوقيف. غير أن عدم حماس الخرطوم لهذا الخيار قلل من أهمية هذا التوجه. أما الخيار الثالث, فيتمثل في حدوث انقلاب عسكري أو تحول سياسي ينهي حقبة البشير ورفاقه, ويبعد السودان عن شبح المحكمة الجنائية. وخطورة هذا الاحتمال في عدم وجود قيادة قوية في المؤسسة العسكرية السودانية, حيث قام البشير بإبعاد كثير من الضباط في الآونة الأخيرة, علاوة علي صعوبة الإمساك بزمام الأمور في بلد تبدو مفاصله مفككة, مما يجعل وحدته التقليدية مهددة بالانهيار. وربما تمثل صيغة تراجع البشير عن ترشيح نفسه في الانتخابات الرئاسية المقبلة مخرجا مناسبا لأطراف كثيرة, محليا وإقليميا ودوليا, بصورة تخفف من حدة المطالبات بالمحاكمة الجنائية, شريطة أن تحتوي علي ضمانات تبعد البشير عن الملاحقة بعد خروجه من السلطة.


                  

العنوان الكاتب Date
مواضيع سياسية منوعة يعني من كل بستان زهرة Seif Elyazal Burae04-11-09, 10:20 PM
  Re: مواضيع سياسية منوعة يعني من كل بستان زهرة Seif Elyazal Burae04-11-09, 10:22 PM
    Re: مواضيع سياسية منوعة يعني من كل بستان زهرة Seif Elyazal Burae04-11-09, 10:24 PM
      Re: مواضيع سياسية منوعة يعني من كل بستان زهرة Seif Elyazal Burae04-11-09, 10:26 PM
        Re: مواضيع سياسية منوعة يعني من كل بستان زهرة Seif Elyazal Burae04-12-09, 04:46 PM
          Re: مواضيع سياسية منوعة يعني من كل بستان زهرة Seif Elyazal Burae04-13-09, 07:53 PM
            Re: مواضيع سياسية منوعة يعني من كل بستان زهرة سيف الدولة كامل04-13-09, 08:04 PM
              Re: مواضيع سياسية منوعة يعني من كل بستان زهرة Seif Elyazal Burae04-16-09, 03:27 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de