|
Re: من ذاكرة الستينيات..... مذكرات فتي القاع... (Re: جمال المنصوري)
|
2
في ذلك الزمن كانت الوفرة تشمل اللبن، واللحم والدهن، وكثير من العهن الذي كان كلما اينعت رقابه بعث الله له زبيديا يشابه الحجاج بن يوسف في الجز والحز، يرتاد المرابع كل حين، ويشبع الاغنام والضان قصا وزينة، بعدها تنطلق المزيونة الي الخارج تتبختر، وتتخذ من الرمال مرتعا وتقلبا، كيف لا وقد ذهب القمل والدمل، وتنفس الجسد المحجوب خلف اردية الصوف الكثيف، وكان الزيان يكسب العهن والدهن ويوفر له الماكل والملبس مجانا بكل اريحية، وفي بعض الاحيان يزداد كيل بعير، كثير من التمر والدخن والمريق والشعير، كان ابي قد ذهب الي جوبا وتركنا امي واخي الكبير، انا واختي التي تصغرنا مع جدتي لأبي، وكلنا في كفالة عمي احمد حامد ، وكان لوالدي اربعة اخوة، اثنان لأبيه اكبر منه سنا، ، واثنان من ابيه وامه اصغر عنه سنا، الاكبر يدعي سليمان ود حامد، والاثنان يعملان بالدريسة ،كان الاكبر ينفحنا وقتا طويلا من زمنه حين عودته من العمل الشاق الذي يقوم به برغم بعد مسكنه عنا مسافة بعيده، وبرغم انهاكه كان يستسلم لنا نفعل به ما نشاء نركب علي ظهره وندق الدليب علي قرعة يافوخه التي جدبت من كثرة الاهوال والاعمال الا من شعيرات حفت بها من جميع الجوانب، وقد كان بارعا في نفخ الصلصال يصنع منه عجيبا من الاشكال، ويصنع لنا من سعف النخيل كهيئة التمساح فيطبق عليك فكية بأذن الله، وما انت بمفكوك منه الا ببعض الحيل، ولن انسي السكة الحديد، وكيف انه كان فيها معاشنا ولنا فيها مارب اخري، كنا نبيع (جني الجداد) او ميعرف في المدينة ببيض الدجاج ، واللبن والشاي والطعمية، والمأرب الاخري تتمثل في السينما الجوالة، والفرق المسرحية التي كانت تجوب السكة شمالا وجنوبا، فقد وفد ارضنا في يوم من الايام، المرحوم / عثمان حميده (تور الجر) وفرقته وتمثل لنا بامسيكة يمشي بيننا، وكرهنا عدوه النايل وشربنا بامسكية عجلا، وقبضة من اثر تور الجر تمثلت في انشاء اول فرقة فنيه تقدم اغاني الحقيبة في ارض البخور والطنبور، بقيادة نعمان سليمان الحمادي، والجيلي محمد ادم، ولم تعد البلد هي البلد من يومها، فقد انقلب السحر ليال ثقافيه، زانت ليالي المناصير كثيرا كانت النفوس صافية، والارض ضافية، والسماء ساقية، وبرغم انه كان للمريسة دورا اجتماعيا الا انه لم تنسي السكاري ذكر الله كثيرا، فكان الشارب بعد ان يعب نفسه، يتلمس الانشاد، فيضرب الربابة ويصاحبها بالله هوي ليلي انا يا الله هوي يا الله الرزق والفاقة نتلم وندق القاقة في ديوانا داك اب طاقة وعشمه في الله لا يخالطه شك، وكان الله رحيما غفورا، يعطي دون منع، ويزيد الحرث والضرع، ومن مارب السكة حديد الاخري انها كانت توزع علي منسبيها في المحطات الخارجية ، من ثم الارض وبغلها ودقيقها، وتقفيه بفوطة كبيرة، تصلح لحمل الاثقال، ومسح الاوحال، واذكر في الكتاب كيف تغير الحال من حال الي حال، حين حطت علي الارض اول وابور ماء (ليستر) الله يستر، منذ عرفنا هذا الليستر، ساء الحال، وقل المال، وجاء بالشر عرضا وطول، فالساقية التي كانت تسقي الارض، ولا تحتاج الا الي قليل من الصيانة والترتق، ، وخوابير اعواد تطقطق واليستر يحاتج اكثر مما يعطي، به احتياج دائم اللنفط والزيت، والسير والاسبير، برغم ان الارض هي نفسها الارض، لم تتسع، ولكنها سارت الي انكماش، وبجانب الزيوت الوابور يحتاج الي قطع قماش، قاسمنا في رزقنا، واقتص من ملبسنا، كان الله في العون....
اترككم في رعاية الله وحفظه
|
|
|
|
|
|
|
|
|