|
|
 الموضوع لا يحتاج الى ( صلعة)!..
|
الموضوع لا يحتاج إلى (صلعة)!..
عبد الله الشيخ
خط الاستواء
صحيح هذا المقال الذي يقول إن أعذب الشعر أكذبه..
وصحيح أن لأبريل كذبته الدورية، التي تصدر كل عام كما تصدر مجلة الكرمل.. في سياق الشعر, ليس هناك بيت شعر أعذب من قول الفيتوري.. (أصبح الصبح، ولا السجن ولا السجان باق).. الأمر لا يحتاج إلى سعة في الخيال.. قلتم (أصبح الصبح) في أكتوبر وقلناه نحن في أبريل، وقالته الإنقاذ في عهدها ومجدها.. وقاله القذافي يوم زار السودان، وركب البلدوزر... وهد جدار السجن.. الأمر أيضاً لا يحتاج إلى سعة في الخيال.. لقد بنى جدار السجن بنفس الهيئة.. هل بقى لك من رحيق الليلة الماضية ما جعلك تهدم وتبني؟!.. فالأمر لا يحتاج إلى سعة في الخيال..
في اليوم الذي تخلصنا فيه من السجن بتلك الطريقة، وفي اليوم الذي أطلقنا فيه العنان للمسجون، أصبح السجان هو الباقي من جرد الحساب.. ظل السجان باقياً في هيئة واسم جديد وجاء مرة أخرى بالهيئة التي نعرفها، وبالأوصاف التي جربناها.. استبدل كاب النميري بكاب آخر!.. واحتفلنا بالتغيير.. وعاد الذين انتفضنا ضدهم في أثواب جديدة، وأغرب الظن أنهم جاءوا ملتحين.. وفارهين..! تحت اسم المجلس، الذي ضم تحت جناحيه قوانا كلها.. قوى الانتفاضة.. الأمر لا يحتاج إلى سعة في الخيال.. فهذا أو الطوفان.. ليس لنا نصيب من (هذا).. لكن ما هو هذا الـ(هذا)؟.. هذا الذي من أجله ظهرت الأحزاب بكرنفالاتها، تملأنا ورماً بالندوات، وتشحن عقولنا (بشيرز) الديمقراطية؟.. كل المتحدثين في تلك الحقبة من التاريخ كانوا يتحدثون للجماهير لا لغيرها! عن أهمية الديمقراطية وعن محاسن التعددية.. وعن ايجابيات حرية التعبير.. وبعضهم كان حريصاً أن يقول لنا إن الحرية ضرورة للشعب مثل الماء والهواء.. وإن الشعب لا يمكن أن يحيا إلا وهو يكرف عبيرها.. ويا لها من أكذوبة في أبريل!.. فقد عشنا وشفنا هذا الشعب الكريم يعيش وهو الذي لم يستنشق هذه الضرورة أبداً.. أم تقولون إن هذا الشعب هو (حي الموت)!؟.. الأمر إذن لا يحتاج إلى سعة في الخيال.. فقد ظل الشعب حياً وهو يفتقد في معاشه فقه الضرورة هذا!.. أتذكر الانتفاضة بعد 24 سنة من مشاركتي الفاعلة في تظاهراتها وندواتها.. ما سمعته من أحاديث في ذكرى الانتفاضة مؤخراً أن أحدهم أبرق جنابها العالي بفتوى تحلل تنصل القيادة الجديدة من البيعة النميرية.. وقد أحسن والله الظن بنا.. هذا الفاعل التارك، حيث لم يقل إنه أرسل للجناب العالي (واحد مسكول)!.. فنحن نرى أن (المسكول) كان جديراً بنقلنا إلى رحاب المستقبل الذي نعيشه الآن.. وما كان لهذا المستقبل أن يتأخر لولا أننا شعب عديم الحظ!.. الأمر لا يحتاج إلى سعة في الخيال.. إنها رسالة قصيرة، من أحد النافذين هي التي رسمت مسار الغضب الجماهيري، هي التي جعلت من كل هتافنا (كواريك)!.. ثم عاد الرئيس الملهم.. وقلنا (نعم، عشان أولادنا تتعلم)!.. تتعلم.. لتقول نعم أيضاً!.. وما كان أمر تبني الانتفاضة من جانبكم يحتاج إلى كل هذا العناء.. فقد تجمع في الذكرى الأولى للانتفاضة، تحديداً في العام 86 نفس هؤلاء، ومنعوا رئيس الوزراء من مخاطبة الحفل بـ(الكواريك).. وقرر رئيس الوزراء حينها تشكيل لجنة لمحاسبتهم!.. وهذه اللجنة (شغالة) حتى تاريخه!.. ولم التمكين يحتاج إلى كل هذا الخيال؟.. لا توجد ندوة من الندوات الثورية إلا وشكلت فيها حضوراً.. يسوءني بعد كل هذا العمر أنني كنت ارجع من الندوة إلى المدافرة و(التِعِفص) في مواصلات يوسف الحاج!.. ويسوءني أكثر أنني ما زلت أحفظ بعض أشعار الانتفاضة.. تخيلوا أنني مازلت أحفظ كلمات مثل (بلا وانجلى..)!؟
وحمد لله ألف..!
الشيء بالشيء يذكر..
والأمر لا يحتاج إلى سعة في الخيال..
والانتفاضة هي الموضوع الوحيد الذي لا يحتاج إلى (صلعة)!..
|
|
 
|
|
|
|
عبد الله الشيخ
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست