ما رأيك في حجة القضاء على العنوسة ؟
- هذا تبرير لفساد الرجال الأخلاقي ، و التعددية الجنسية ليست وسيلة للقضاء على العنوسة المزعومة ، و المرأة التي ترضى أن تتزوج رجلا متزوج من 3 قبلها هي جارية و لا تستحق أن تكون امرأة .
و بحكم اختصاصك في علم النفس ، ثمة حجة قرأناها تقول أن الرجل بفطرته يميل إلى 4 و أن المرأة تخلص لرجل واحد فقط ؟
- العكس هو الصحيح ، و من الناحية البيولوجية فقط لا تحتمل قدرة الرجل أكثر من واحدة ، على الرغم من أنني لا أفصل بين البيولوجيا و السياسة و الاقتصاد كما أخبرتك ، أنا مع الأخلاق و الاستقامة وعدم الازدواجية ، كما يجب أن تكون هناك أخلاق للرجل تكون كذلك للمرأة ، الأخلاق للأغنياء و للفقراء أيضا ، و ليس طرفا واحدا دون آخر .
" لقد قلت في كتاب لك يجب أن تنطبق المعايير الأخلاقية على الرجل و المرأة ضاربة بـ (المرأة شرفها مثل عود الكبريت) و (الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعبا طيب الأعراق) ، هوجمت لأنه فهم أنك تريدين أن تطلقي العنان على آخره للمرأة فكيف تردين ؟
- و هل الرجل ليس له شرف ؟ و هل الأب ليس مدرسة هو الآخر ؟ أين مسؤولية الأبوة ؟ كل شيء على عاتق الأم و بعد هذا كله يهينوها و يحتقروها و لا يسم المولود باسمها إنما باسم الأب ، أنا أنادي بأن ينتسب المواليد للأم ، لأن اسم الأم مشرف ، لماذا لا يتسم أولادي و بناتي باسم نوال السعداوي ، اسم الأم ليس عورة و ليس عيبا .
" و لكنه العرف ؟
- العرف غلط ، و لا بد من تغييره ، العالم كله يغير و يتقدم إلا نحن ، و لهذا نحن مهزومون ، ثلاثة أرباع العالم يحترم اسم الأم ، الأطفال كلهم يتسمون باسم الأب و الأم ما عدا بلداننا .
" و أين أنت من نظرية أن الرجل خلق ليعمل و الأم خلقت لتربي ؟
- خطأ ، أنا امرأة و طبيبة و أديبة و مفكرة و تزوجت و أنجبت و ربيت ، الأمومة مثل الأبوة ، و المرأة مثل الرجل ، أنا لم أخلق لأربي فقط ، بل لأفكر ، أفكر لأنه عندي عقل ، عقل المرأة مثل عقل الرجل بالضبط و ربما يفوقه بحسب البيئة و الظروف ، أين هو الرجل المصري الذي حقق ما حققته ؟ حتى نجيب محفوظ لم تترجم كتبه مثل كتبي إلى أكثر من 30 لغة ، أنا امرأة و عندي عقل ، و الإنسان هو العقل و ليس الأعضاء التناسلية التي خلقت للإنجاب ، و يجب أن تكون الأبوة مسؤولة مثل الأمومة ، و اسم الأم يجب أن يكون مشرفا مثل اسم الأب ، يجب أن تتعدل مجتمعاتنا لأنها مجتمعات لا أخلاقية .
" ترفضين إذا نظرية مسؤولية الأم عن الأخلاق ؟!
- و لماذا لا يكون الأب مسؤولا هو الآخر !! أمرك غريب .
" الأب مشغول في مزاحم العمل و جني المال ؟
- و الأم أيضا ، حتى التي لم تتعلم تطبخ و تكنس و تغسل في البيت و الرجل يأكل أجرها على ذلك ، أين هي أخلاق الرجل ؟ الرجال يريدون أن يعفوا أنفسهم دوما من المسؤولية الأخلاقية .
تحرير المرأة
" لو تعمقنا في مشروعك (تحرير المرأة) و هو أول ما يلتصق بالأذهان فور ورود اسمك ، نلحظ انه في أواخر القرن 19 و أوائل العشرين و تحديدا في قاسم أمين و من بعده هدى شعراوي ، ثم أنت في نهايات القرن العشرين و أول القرن الحالي نلحظ اختلافا بين المدرستين : قاسم أمين لم يرد أن يهدم البناء .. أراد فقط ان يرمم مواطن الضعف و الخلل فيه ، نوال السعداوي على عكسه تريد هدم البناء و البناء محله ، قاسم أمين اعتمد (النص) أداة له و نوال السعدواي اعتمدت العقل و المنطق ، كيف تقرئين هذا الاختلاف ؟
- أنا لست امتدادا لقاسم أمين أو هدى شعراوي على الإطلاق ، آمنت بتحرير المرأة لأنني ولدت امرأة في بيئة فقيرة و بدأت أشعر بظلم المجتمع لي ، مشروع قاسم أمين كان مشروعا سطحيا جدا ، ليس هناك معنى لأن تضع المرأة (مكياجا) و تذهب إلى الجامعة و تتزوج و بعدها تتحجب و ترضى أن تضرب من زوجها حين يقول المجتمع لها ذلك ، هذا ليس تحررا .
" ما هو (تحرير المرأة) في مفهومك ؟
- هو أن تكون المرأة إنسانة كاملة الإنسانية ، تشعر بمسؤولية تامة و كاملة إزاء نفسها أولا ثم المجتمع ، و هذه هي خلاصة مشروعي للمرأة في العالم و ليس في العالم العربي فقط .
" لماذا لا تستندي للمرجعية النصية / القرآن في هذا المشروع ؟
- أنا آسفة جدا ، الدين ليس نصا ، و الله ليس كتابا ، لقد تعلمت أول درس ديني على يد جدتي الفلاحة الأمية : " ربنا هو العدل عرفوه بالعقل " ،إذا .. الله هو العدل و ليس نصا يخرج من المطبعة ، هو هذا الدين بالنسبة لي ، هذا هو الإسلام ، هذه هي الأخلاق .
" تفسيرات العدل تتفاوت ؟
- هنا تتدخل السياسة ، و ليس لربنا دخل بها ، ربنا هو العدل و النور و الجمال و الصدق ، هذا ما تعلمته من أبي الأزهري الثائر على الفكر النصي ، لذا يقول المفسرون المتقدمون أن المصلحة تقدم على النص إذا تعارضا لأن المصلحة متغيرة و النص ثابت ، هذه فلسفة الإسلام ، و هي فلسفة متقدمة ، و الإسلام نفسه متقدم لأنه متغير ، إسلام اليوم ليس هو الإسلام قبل قرن ، و حتى اليوم ، إسلام السعودية يختلف عن إسلام إيران عن إسلام ليبيا عن إسلام طالبان عن إسلام مصر ، كل مجتمع و له ظروفه .
" قال أحد المفكرين : " ارتكزت الحضارة الإسلامية دوما على النص ، لذا أي رغبة تجنح نحو التغيير في أي مجتمع إسلامي لا بد أن تمر من تحت عباءة النص " ، كيف تعلقين على هذه المقولة ؟
- غلط ، العجز و التخلف هما من يحيلان للنص ، الإنسان هو الذي يصنع النص و ليس العكس ، و كأننا صنعنا صنما اسمه (النص) بيدنا ثم عبدناه ، الإنسان هو الذي خلق القانون ثم كسره للصالح العام و لم يجعل القانون سيفا مسلطا على رقبته ، وهنا الإبداع .
و أين الضابط ؟
- لا بد أن يكون (نظام) ، هناك نظام حالي ، و من المستحيل أن تتبع النظام القديم ، إبداعك يزيل القديم و يخلق نظاما جديدا ، مثلا انا غيرت مفهوم ارتباط الشرف بغشاء البكارة ، و ربطت الشرف بالعدل و العقل و الصدق ، إذا لا بد من هدم النظام القديم بشرط تقديم النظام الجديد ، هناك خطأ في تفكيرنا أننا نخاف من كلمة (هدم) ، انظر إلى عملية بناء الإنسان ، هناك خلايا تهدم و خلايا تبنى ، لا يوجد (بناء) فقط و لا يوجد (هدم) فقط ، هناك بناء و هدم أيضا في الفكر كما في الجسد .
إنكار
" دعيني أنتقل معك إلى محور (الزواج) و قد أثرت بنفسك قضية الشرف ، سبق و صرحت أنك تعارضين فكرة الزواج و أنك لا تمانعين من أن تكون ثمة علاقة كاملة بين الجنسين دون عقد يربطهما، فهل هذا صحيح ؟
أنا عارضت الزواج بوثيقة، بالضبط كما أستلف من أحدهم مبلغ و قدره 1000 جنيه و يكتبني عليها كمبيالة ، ما يحدث بالنسبة للزواج أن المرأة تتزوج و تكتبه أن الرجل " اشتراها " بدفعه مبلغ و قدره كمقدم ، و عند الطلاق يدفع لها مبلغ آخر ، ورقة الزواج أو عقد الزواج هي أكبر امتهان للزواج .
" و ماذا عن حفظ الحقوق ؟
إذا الرجل لم يحافظ على حقوق المرأة بلا ورقة أو عقد فهو لا يستحق أن يعيش معها ، لا يعقل من وجهة نظري الشخصية أن يخلص الرجل لزوجته لأجل " ورقة" . حفظ حقوق الزوجة أو الزوج يكون في الضمير و الأخلاق قبل أي شيء.
" إذا .. هو ليس اعتراضا على مشروع الزواج بذاته ؟!
- أبدا .. أنا نفسي متزوجة و لدي أولاد .
" و ماذا عن إنكارك لفريضة الحج يا دكتورة ؟
- أنا لم أنكره ، لقد قلت نصا أن (الحج) و (تقبيل الحجر الأسود) عادة وثنية .
" و لكنه ركن خامس ؟
- أبدا .. هو (اختياري) (لمن استطاع إليه سبيلا) ، أبي توفى و لم يحج و هذا لا يعني أن إسلامه ناقص ، هناك من يصلي دون أن تنفعه صلاته ، و هذا ينطبق على الذي يذهب الحج ليقوم بعمل ، أو يقبل الحجر الأسود !! إنني أسأل هل تقبيل الحجر الأسود من الإسلام ؟ هذه وثنية !!! الإسلام أتي ليقضي على الوثنية و أنا أحارب عبادة الأوثان .
" و هل يمثلها الحج ؟
- بالطريقة التي يقومون بها ، نعم . و أنا أيضا ضد الطريقة التي يصلون بها ، لقد ذهب جمع من الصحابة لرسول الله و قالوا له فلان يصلي الليل و النهار ، فقال لهم : و من يعول أسرته ، قالوا : كلنا يا رسول الله ، فقال : أنتم خير منه . يا أخي رعاية الأولاد صلاة و عبادة ، الصدق صلاة وعبادة ، التعامل الإنساني صلاة و عبادة ، ليس أن يذهب إلى الحج ليسرق أو يتاجر أو يصلي و هو أفسق خلق الله ، أنا مع المفهوم الصحيح للإسلام ، الصلاة ليست مجرد حركة رياضية كما أصبحت حالا ، الصلاة هي إحياء الضمير ، الحج كذلك ليس زيارة لقبر أو تقبيل لحجر، لأن الإسلام حارب الوثنية ، الحج هو التأمل، اسمع الكلام الجميل لرابعة العدوية التي حاربت مع الصوفية (الطقوسية) : " لا أعبد الله لأنني أخاف النار أو أطمع في الجنة فأكون أمة أو جارية ، إنما أعبده لأنني أحبه" ، انظر إلى هذا الجمال .
" و هذا ما يفسر غضبتك حين يقول أحدهم لكي يا " حجة" ؟
- نعم .. لا أحب أن يناديني أحد بهذا اللقب ، لأنني لم أحج و لن أحج ، بإمكاني أن أحج و أنا في شرفة بيتي ، و عملي و كتبي هي صلاتي ، تقربي لله هو تقربي للعدل و الحرية ، و ليس بالنصوص و التفسيرات ، هذه سياسة .
" و لكن أنت أيضا تطرقين باب السياسة بقوة فين تكتبين ، فلم تزعجك ؟
- لقد قصدت السياسة بمفهوم التآمر للاستحواذ على السلطة أو التملق لها ، أي .. السياسة كما توارثناها و عرفناها في العالم العربي.
" باختصار شديد ، ماذا تعني لكي هاتين الكلمتين : الرجل و الدين ؟
- الرجل يستغل الدين ليتزوج و يمارس أهواءه الجنسية .
" هذا الهجوم الشرس على الرجل ، هل هو أساس لموقف شخصي ؟
- أنا ليس لي موقف شخصي من الرجل ، أنا متزوجة من د/ شريف حتاتة ، و لدي ابني عاطف حتاتة ، و أصدقائي الرجال أكثر من أصدقائي النساء ، أنا لست ضد الرجل ، إنما أنا ضد النظام الذي يفسد الرجال .
" و هل (الدين) هو هذا النظام ؟
- نعم .. الدين كما تتبعه البلاد و الأنظمة العربية، نعم .. الدين الذي يدرسونه في المدارس ، و ليس الدين الذي تعلمته من أبي و جدتي " ربنا هو العدل عرفوه بالعقل" .
" و لكنك قلت في كتبك صراحة أن الإسلام و المسيحية و على الرغم مما أحدثاه من تطور اجتماعي كبير زادت القيود على المرأة ؟
- لقد قلت أن الأديان السماوية و غير السماوية مراحل تقدمية من التاريخ البشري إذا أخذت لصالح المقهورين و النساء و الفقراء ، لكن إذا أخذت لصالح الحكومات و الأسياد تصبح معادية للإنسان، هل تعلم أن إسرائيل احتلت فلسطين و قتلت النساء و الأطفال بحجة آية في التوراة تعدهم بالأرض إذا ختنوا ذكورهم ؟! من جهة أخرى على وجه العموم يجب أن يتطور الكتاب الديني مع البشرية ، أنا ضد الثوابت و مع المتغيرات " إذا تعارض النص مع المصلحة غلبت المصلحة" لصالح الشعب ، لماذا تسجنني بـ " قال الكتاب الديني" ، ألم يقل المصطفى " أنتم أعلم بأمور دنياكم" ، لقد فوضنا في تصريف أمور حياتنا فلماذا نقيد أنفسنا ؟ لماذا نستجيب للحاكم الذي يكبلنا ؟
حجاب
" أريد أن أستوضح منك هذه العبارة التي وردت في أحد كتبك أيضا : " تحجيب المرأة باسم الإسلام يوازي تعريتها باسم التجارة " ؟
- نعم .. أنا ضد أن تتعرى المرأة و ضد أن تتغطى ، أنا إنسانة و لست جسدا يغطى أو يعرى ، ما مشكلة (الشعر)؟ إنهن يغطين شعورهن و يغمزن بأعينهن للرجال! لا علاقة بين الأخلاق و الحجاب ، و لقد ذكرت أيضا أن (الماكياج) حجاب و هاجمته ، و قلت أنني ضد العري و هاجمته أيضا ، تغطى المرأة لأنها بضاعة جسدية و تعرى لأنها بضاعة جسدية ، لذلك في الناحية المقابلة لا يعرى الرجل لا يغطى .
" ما هو الحجاب ؟
- الحجاب مفروض للجواري و العبيد ، و الأسوأ منه حجاب العقل ، لأنه لا يمكن لقلة أن تتحكم في الأغلبية دون حجاب العقل ، و ينطبق نفس الشيء على حجاب الوجه .
" هذه الإجابات الصارخة تتنافى كلية مع الخطاب الديني السائد ، ما تفسيرك لهذا ؟
- و هذا يفسر العزلة المفروضة علي .
" و لكن ما هو المقابل لخطابك ؟
- خطاب الحكومات ، و خطابي هو البديل .
" و لكنك لا تمثلي مرجعا دينيا ؟
- هذا لا يهم ، لأن الدين موجود في بيت كل واحد ، ليس له علاقة لا بالسياسة و لا بالاقتصاد لأنه علاقة شخصية بين العبد و ربه ، يختار الإله الذي يريد و يعبده بالطريقة الذي يريد دون فرض .
" نعود إلى تحرير المرأة بعد هذه التفرعات و التي لا أظنها أخرجتنا عن السياق ، ألا ترين أن (حركة) تحرير المرأة لو صح المصطلح تراجعت قياسا بفترة الستينيات و السبعينيات، و حتى أن أبرز رموزها انسحبوا إلى الصحافة و النقد الأدبي بل و الأمومة و العودة إلى البيت في أحيان أخرى ، فهل هذه هزيمة لنوال السعداوي ؟
- لا ، هذه أكبر هزيمة للنظام الذي أحاربه .
" كيف ؟
- هؤلاء ليسوا من قرائي أو تلامذتي ، إنما هم أذيال الخطاب الرسمي السائد .
" لقد كانوا معك يوما ما ؟
- أبدا ، (المعرفة) عندي ليست قابلة للانتكاسة ، من قرأ كتبي و استوعبها يسترد إنسانيته ، تذوق الإنسانية إحساس جميل مثل تحرر العبيد ، غير قابل للانتكاسة ، فمن تنفس هواء الحرية لا يمكن أن يتراجع عنه، المتراجعون هم أذيال الخطاب الرسمي ، أنا لي شعبية كبيرة جدا في مصر و العالم العربي ، اسأل نفسك لماذا تجري حوارا معي !! حتى جريدة (عكاظ) جاءتني من قبلك و كذبت على لساني و تقولت علي .
تراجع
في محور الإبداع .. كتبت معترضة على الرواية الشهيرة (وليمة أعشاب البحر) لحيدر حيدر لأن خيالها مبتور لا لأنها تمس المقدسات ، و في تناقض صارخ هاجمت الفنان التشكيلي المصري / محمود سعيد رحمه الله لأنه رسم المرأة عارية ، هل أسمي هذا تعنصرا إبداعيا ؟
- أنت لم تقرأ بالضبط ما كتبته عن محمود سعيد ، لقد قلت لماذا تتعرى المرأة / الموديل أمام الرسام ليرسمها ، ألا يستطيع أن يرسم امرأة بملابسها ، أنا ضد الفساد الأخلاقي ، محمود سعيد رسام من الطبقة العليا الفاسدة أخلاقيا التي تعري المرأة أو تحجبها ، هو نفسه رسم المرأة إما محجبة أو عارية ، بالنسبة للوليمة، فهي رواية سيئة ، لا لقولهم أنها مست الدين بل لدونية النظرة للمرأة فيها ، و هذا في تصوري ليس مستغربا لأن كاتب الرواية (يساري) أو أن بطلها يمثل اليسار مصطلحا أدق ، و حقيقة إن التيار اليساري انتهى و مات في العالم العربي ، و حدا أدنى أقول أنه أصبح لا قيمة له بسبب واحد : أنه لم يتطور إنسانيا و اقترن بشكل أو بآخر بالفساد الأخلاقي .
" لو كانت الرواية من الناحية الأدبية رفيعة و أساءت للمقدس هل كنت ستقبلينها ؟
- لا يوجد شيء اسمه رواية رفيعة تسيء للمقدس أو المدنس ، أنا لا أقسم الأشياء إلى مقدس أو مدنس ، أو آلهة و شياطين، أنا ضد هذه الثنائيات أو الازدواجيات التي توارثناها منذ العبودية ، لأن الإنسان يجمع بين الخير و الشر ، ليس ملاكا و لا شيطانا ، الإنسان ممكن أن يقتل أو يسرق ، لذا أنا ضد أن يعاقب القاتل بالقتل أو تقطع يد السارق ، أنا طبيبة نفسية ، علينا أن نسأل نفسنا : لماذا ارتكب الإنسان هذه الجريمة ؟ و بعدها نعالج الأسباب ، أنا ضد العقوبات و الجوائز .
و كيف ربيت أطفالك دون مبدأ الثواب و العقاب ؟
ربيتهم بمبدأ " الجائزة هي ما تعمل " ، لا تهمني جائزة نوبل ، و حين رشحت لجائزة الدولة التقديرية رفضتها ، جائزتي هي عملي ، و هي أن يجيئني أمثالك ، و اعتمدت في مبدئي على الكتب و القراءة ، لأن الكتابة التي من القلب تدخل القلب ، و تستشعر هذا و أنت تقرأ لي ،تشعر أنك تقرأ لفلاحة تكتب من واقعها و ليست أكاديمية تتقعر الألفاظ و تعيش في برج عاجي ، أنا كتبي يقرأها فتيان و فتيات لم يتجاوز عمرهم 13 سنة ، و لعلمك ، إن الرجال المتنورين في العالم العربي مثلك يحبون كتاباتي، غير صحيح أن الرجل يحاربني أو أنني أحارب الرجال ، لقد جاءني رجل من الصعيد ليقبل يدي ، قال لي : " كدت أقتل ابنتي لأنها لم تنزف ليلة الزفاف لولا أنني قرأت كتابك (المرأة و الجنس) " .
أشكرك على إطرائك الذي لا أستحقه ، و حديثنا عن عائلتك يدفعني إلى سؤالك عن سبب رفضك أن يهديك زوجك أي هدية كما ذكرت في حوار فضائي لك ؟
هديتي هي الإنسانية ، أكبر هدية عندي هي المعاملة بحنان وإخلاص ، أنا لا أرتدي عقدا أو حتى خاتما للزواج و لا أصبغ شعري و لا أضع الماكياج ، لأنني واثقة من نفسي جدا ، و أحب أن أكون على طبيعتي ، من أرادني كما أنا فأهلا و سهلا ، لماذا يجلب لي هدية ؟! ماذا أفعل بها ؟ ابتسامته في وجهي هدية ، وقفته بجانبي في الأزمات هدية ، دفاعه عني في غيابي هدية ، هذا هو الحب ، و ليس أن يجلب لي هدية ثم يخونني ، أنا لم اقبل مهرا ، و زوجي لا ينفق علي لأنني لست عالة ، نحن ننفق على البيت مناصفة ، ليس عدلا أن يكدح الرجل و يتعب و أنا أجلس في البيت دون أن أعمل شيء ، ماذا أفعل في وقتي؟ و كما قلت لك أنا لست عالة .قوامة
ما هو شعورك و أنت تسمعين من يقول أو من تقول : " طاعة الزوج من طاعة الله " و " الرجال قوامون على النساء" ؟
- هي عبدة و جارية ، و لا تفهم القرآن أو الإسلام .
ما هو تفسيرك إذا لقول الله تعالى : " الرجال قوامون على النساء " ؟
" بما أنفقوا من أموالهم " ، للرجل حق القوامة لو أنفق علي ، حين تجلب أنت الخادمة ألست تطعمها و تعطيها المال ، نفس الأمر ينطبق على المرأة و الرجل ، أما لو كانت المرأة مستقلة فهذا لا ينطبق .استعاذة
و أنت - كما تقولين - تمثلين خطابا جديدا ، هل يمثله ذاته المشايخ الجدد كعمرو خالد و خالد الجندي ؟
لا .. أعوذ بالله ، هؤلاء قوم يخدعون الشباب و الشابات و يكذبون على الناس ، هم كالنساء اللاتي يضعن الماكياج ثم يدعين أنهن جميلات و هن لسن كذلك .
هل العمل على التزام الناس و تقريبهم على الله من وجهة نظرك يعد كذبا و خداعا ؟
نحن نعيش في كذب ، عالمنا اليوم يقوم على الكذب ، رئيس أكبر دولة في العالم جورج بوش الابن يكذب كل يوم ، توني بلير يكذب كل يوم ، لقد قال ماركس و لو أنني لست ماركسية : " الدين أفيون الشعوب" و هي مقولة الصحيحة ، السياسة في العالم العربي معناها فن الكذب ، و رجال الدين عندنا يقومون بنفس الدور أو يجملونه ، لأنهم يشغلون الشعب عن قضيته الأساسية " الاستبداد السياسي" عبر تخديرهم بقضايا سطحية و فرعية للغاية .
" أختتم معك في المحور الإبداعي مستفهما : كيف نحمي ؟ و من يمنع ؟
خطأ ، أنا كتبت عن ذات الموضوع ، يقولون لا بد من الرقابة على الثقافة و وسائل الإعلام ، وكأن الشعب قاصر ، و هي نظرية تربوية خاطئة ، لأن الضابط هو ما يختاره الشعب لنفسه و يمارسه من تلقائها نفسه دون فرض أو وصاية ، و هنا تناقض صارخ مع الديمقراطية التي يزعمها العرب ، الديمقراطية أساسها حرية الشعب و أن يختار ممثليه ، فإذا كان قادرا على التصويت للمرشح فكيف يعجز عن انتقاء الرواية التي يقرأها ؟!
ختام
" ماذا عملت في النهاية .. بقي كل شيء كما هو ، و لم نستفد منك سوى أن يقولوا حين تسافرين في المؤتمرات الغربية .. انظروا كم هناك من ظلم و تخلف لديهم حتى أن نوال السعداوي تأت و تتحدث عندنا ؟
- أريد أن أقول أنه تحققت أشياء كثيرة حتى و إن تجاهلها البعض ، منها أنك أتيت إلي اليوم ، فالعيار الذي لا يصيب يدوش ، هناك آلاف مؤلفة من العالم و مصر تراسلني لتقول لي : كتابك الفلاني غير حياتي ، نعم .. حصل تنوير في الأجيال الجديدة من قبل المثقفين الحقيقيين ، و في المقابل حصل تضليل أودى بكثيرين في أحضان و براثن التيارات الأصولية ، و لكنني مؤمنة و متفائلة بأن تيار التقدم هو الذي سينتصر ، لهذا أعيش في سعادة و طمأنينة داخلية رغم أن حياتي هي التعب بعينه ، العقل و المنطق هو من سينتصر في النهاية و ليس الجهالة و التضليل ، و في كل حال كما أسلفت لك هناك (هدم) و هناك (بناء) و لكن المحصلة النهائية غالبا أو دائما ما تصب لصالح البناء والتقدم
http://naseh.net/vb/showthread.php?s=cef183424937bd5e0d...b365d&threadid=16781