عاشة . صباح النور. هذه العبارة كنت اسمعها فى بيت عاشة بت حسن ابنعوف . هذه المرأة الرجل. كريمة ومضيافة وبسيطة . ومدياها برطوش. البيت به صالون كبير جدا بناه شيخنا ود كرار صاحب الخلوة فى قرية المقل فى الخمسينات . مفسر ومعلم للقران . وتتلمذ على يده شيوخ كبار. كان اعمى اليصر نافذ البصيرة . له كرامات لا يعرفها احد. والصالون الكبير يليق بهامة الشيخ الجليل. يتوسطه (ارنيق) وهو عمود يقوم من الارض ليرتقى الى السقف.مثبتا له. وعادة ما يكون مأخوذ من ساق نخلة . ربما يكون ود كرار حصل عليه من نخلة روكنيه فى سنة من السنين. واذا اردنا التحديد اكثر هب انها سنة البحر. وعاشة صباح النور. اسمعها دائما اصحو عليها بعد سهرة جميلة على الرمال وتحت ضوء القمر. الناس فى القرى الشمالية يقابلون الليل بانفاس الفجر. يتسامرون فى حب ووسامة . لباسهم واحد وكلهم يفعل ما يضيف الروعة للجلسات. فلان يعزف الطمبور وعلان يغنى والكورس متواجد على الدوام. وفى الجلسة تجد الشاعر والمغنى وعازف الايقاع.وهل يعزف الايقاع؟. دعونى اقول مبدع الدليب. والكورس. وغواة الشعر والروعة. والسكون والليل . والقمر شاهد ملك . متورط فى الابداع والونسة. ومبرأ على كل حال.
بيت عاشة بت حسن ابنعوف مثله مثل كثير من البيوت هناك. مطلى بجير ابيض والبنات هناك عليهن طلاء البيوت واحضار الماء من البئر ورثن السقيا منذ عهد قديم ولا زلن يمثلن الريم على القاع بين البان والعلم. ويحللن سفك الدم فى ليالى المدوقة واوتار الطمبور.وملوكية الشاهد القمر.
وعاشة صباح النور. يقولها عبد الرحيم الملقب بالبرعى . كنت حائر لفترة طويلة كيف يلقب رجل بالشيخ البرعى وهو اكبر منه عمرا . ولكنى وجدت الاجابة هم لقبوه بالبرعى الكبير له الرحمة. الناس فى قريتى يهرعون الى الشيوخ ويعتقدون فيهم . ويقدمون لهم تمرات سيدى. يلقبونهم بالاسياد . ويحضرون منهم زرات الرمل والكركتى. ويطلبون منهم مساعدة العيال فى الدراسة. شىء فى تلك المناطق جميل . هناك اشياء كثيرة تشوهها الجغرافية. نعود الى البرعى وعاشة. يثابر الرجل الطيب على مزاورة الناس كل يوم يدخل بيوتهم من كل الابواب . والبيوت هناك لها بابين يسمى احدهما باب السر. فى المدينة يسمى باب الحريم. ولأن الناس هناك اهل يدخل الرجال والنسوة من كل الابواب . والبيوت واحدة. فى كل الاوقات .
كانت محتارة كيف ترد التحية. الشىء الطبيعى ان يقول عاشة صباح الخير فترد هى بصباح النور . لكنه يعكس الاية فيبدأ بالرد. ذات يوم قالت له: عبدالرحيم؟ انت تقول لى صباح النور انا اقولك شنو؟ تفاجأ بالسؤال. لكنهم وجدوا نصف الحل . اصبحت ترد بصباح النور . وفى كل خير
عاشة اليوم تسكن امدرمان ضريبة دخول الابناء للجامعات والخدمة المدنية. فقدت الاشراف على فطور البهائم وقص الواطة وسماع الصائح وصوت الشباب فى الرملة وغناويهم الجميلة .والكركتى. فقدت شهادة القمر على ابداع الناس الذين يعافون الشجار وزحام المواصلات وهجير الخرطوم. وفقدت صوت البرعى وحيرتها فى الرد على التحية الصباحية الحميمة. وعاشة صباح النور
(عدل بواسطة ود العجمى on 09-09-2003, 01:28 PM)