اولا لانه كما ذكرت صار مجالا رحبا لناس المديدة حرقتني الذين ما اشتموا رائحة معركة سياسية او ثقافية الا ونشروا حولها من النتانة ما يكفي لتحويلها الى معركة بالسكاكين في سوق ام دفسو، وهبطوا بها من علالي الفكر والثقافة الى حضيض المرض النفسي والاحقاد والخساسة، واشبعوها بصبغة العدوانية والكراهية والضيق الخلقي والعقلي حتى تصبح مثل دواخلهم المظلمة
ثانيا لاني لاحظت منذ زمن بعيد ظاهرة عندنا نحن السودانيين دون شعوب الارض جميعا، هي ان المبدعين يوجهون ابداعهم لمتلق مجهول متخصص، ولا يسمح لناس قريعتي راحت من امثالنا بالتعليق عليه، رغم اننا ملح الارض: الذين يشترون وينشرون الانتاج الابداعي ويجعلون المبدع اما مشهورا او مجهولا. في هذا البورد بالذات تلاحظ هذه الظاهرة بقوة، ما ان يفتح احدهم فمه بكلمة حتى يقال له ما هو تخصصك وتأهيلك وشهاداتك؟!! والحقيقة لهذا السبب صرت انا لا اسمع الا الغناء العربي والغربي لان أهله يعترفون بنا نحن المستهلكين الغلابة ويستمعون لنا ويحبوننا ويسمحون لنا يالكلام في تخصصهم هذا وابداء الراي فيما يبدعون، واستمع للكاشف لانه مرحوم ولن يستطيع ان يمنعني من ابداء رايي!! الطريف انه مسموح لك ان تقول هذا جميل ورائع ومبدع، حينئذ تصير ناقدا جيدا وصديقا للمبدعين، ولكن اياك ان تقول هذا لا يعجبني، من انت حتى لا يعجبك ابداع لم تفهمه بعد؟؟!! ا
ثالثا الجدل بين المتخصصين، او غير المتخصصين، لا يحتاج ان نحوله الى معركة. انه في النهاية جدل بين فانيين، خلاف بين رايين، ولا علاقة له بالغبار والسكاكين والسيوف والكراهية والعنف اللفظي والبدني
اذكر ونحن طلاب كنا نتابع جدلا جميلا بين المرحوم جمعة جابر والموصلي، كان جمعة جابر غاضبا من تجديد الموصلي، ونحن نحب جمعة جابر ونعرف قدره ونتعنصر له، ولكننا كنا نخلص من قراءة مقالته " أكاديميات الموصكوري وعقلية انسان جاوة في العصر البيلوسيني" لندير المسجل او المذياع لنستمتع ب "انتي ليا" او "الاماني السندسية" التي هي نسيج وحدها في الغناء السوداني، حتى ان محمد الامين غناها والما سمعوا ما سمع حاجة!! المهم ان الامر لم يكن بالنسبة لنا مسالة مديدة ولا طبيخ. انه مجرد حوار واختلاف وجهات نظر لا يفسد للفنان ولا للمستمع ولا للود قضية. قال كل منهما كلمته وراح، وصنع كل منهما موسيقاه وراح، ولولا اختلاف الاساليب والقوالب والالحان والاذواق والتنوع لظللنا نستمع لاغنية واحدة بالة موسيقية واحدة لفنان واحد أسال الله ان يهدي اخوتي السودانيين ان لا يركنوا للعدوانية في كل شئ، والى الكراهية في كل شئ، الواحد يكره الفنان اذا لم يحب غناه، والفنان يكره المستمع اذا لم يحب غناه هو، والجميع يكرهون الجميع ويثيرون العدوانية وسطهم. اسال الله ان يعلمنا حب التنوع والتعدد، في الراي والفن والثقافة والسياسة والمجتمع والدين وكل شئ. وان يعلمنا احترام الناس، حتى ناس قريعتي راحت ديل، وان يعلمنا التسامح والسعة والصبر والتهذيب، وان يقلل فينا روح العنف والعدوانية والضيق بالاخر، وان يبعدنا من المعارك في غير معترك، ومن تضخيم الذات وحبها والرغبة في ابرازها بسبب وبلا سبب
واحيي الموصلي على اسلوبه المهذب في تناول كل هذه المسالة. لقد بدا لي انه هو الوحيد الذي يضع المسالة في اطارها الصحيح، مجرد راي من مستمع له الحق فيه، حتى ان لم يكن مصيبا في راي الاخر. لا يضير الموصلي ان يكون محبوبا من قبل هذا او ذاك، ولا يضير الاخرين ان كان هو يفعل ما لا يحبون، حين تذهب الى السوق فلن يجبرك الموصلي ان تشتري شريطه. من جانب اخر، فللجميع الحق في ان يقولوا رايهم في اي عمل مطروح للعامة، جيدا كان او سيئا، ألفه كبير او صغير، احبه الناس او لم يحبوه. فانا ايضا احب غناء الموصلي والحانه، ولكني لا احب اعادة توزيعه لاغاني الاخرين، وهذا الامر يخصني انا ولم اكتبه الا اليوم لان الكلام جاب الكلام، ولكن هذا لن يكون مدعاة لي للتهجم على الموصلي او على اسلوب توزيعه، فهناك الالاف غيري ممن يحبون ذلك الانتاج ولهم كل الحق.
ما وجد بعضهم اثنان يتحدثان الا ظن ان بينهما معركة، واذا لم يجدها، افتعلها!! اللهم اصرفهم عنا واصرفنا عنهم. امين.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة