كمال الجزولي: التكفير: ثمرة «الوَحْدانيَّة» السِّياسِيَّة

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-08-2024, 03:46 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف العام (2003م)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
08-22-2003, 08:57 AM

sultan
<asultan
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 1404

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
كمال الجزولي: التكفير: ثمرة «الوَحْدانيَّة» السِّياسِيَّة

    الرأي العام 21/8/2003

    التكفير: ثمرة «الوَحْدانيَّة» السِّياسِيَّة!


    بقلم : كمال الجزولي

    جاء فى الحديث الشريف عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا أمَّر أميراً على جيش أو سرية أوصاه: إذا حاصرت أهل الحصن ، فأرادوك أن تنزلهم على حكم الله ، فلا تنزلهم على حكم الله ، ولكن أنزلهم على حكمك ، فإنك لا تدرى أتصيب حكم الله فيهم أم لا" (رواه مسلم وأبو داؤد والترمذى والنسائى وابن ماجة والدارمى وابن حنبل). ومع ذلك فإن (علماء الدين) ، فى السودان كما فى غيره ، ما تنفكُّ مجامعهم تنافح ، بالإظفر والناب ، عما يرونه ، بلا أىِّ مُسوِّغ نقلىٍّ أو عقلىٍّ ، حقاً لهم وحدهم فى إنزال الناس على (حكم الله) ، لا على مجرَّد (رأيهم) القابل للخطأ والصواب ، أو محض (اجتهادهم) المُسيَّج بأشراط محدوديَّته البشريَّة. ومن الأمثلة القريبة على ذلك ما ورد مؤخراً فى بيان (لهيئة علماء السودان) من تأكيد جازم قاطع على أنهم ، فى ما يصدر عنهم من فتاوى وبيانات ، "إنما هم مبلغون عن الله .. عاملون على أن يسكتوا كلَّ مُعتدٍ على حرمات الله ، أو ساع فى الأرض بالفساد .. يوالون من والى الله ورسوله والذين آمنوا ، ويعادون من عادى الله ورسوله والذين آمنوا .. و .. ينزلون حكم الله على ما يصدر من أقوال أو أفعال" (الحياة ، 27/7/03). كما جاء أيضاً فى بيان لجماعة تكفيريَّة أخرى: "أن الأمر فى قضية الكفر هو أمر الشريعة .. وحدها ، لا كلمة لسواها ، وما علماء المسلمين إلا مبلغون عنها .. الخ" (المصدر ، 3/8/03).

    وليس صدفة أن بلادنا ظلت تشهد مثل هذه الدعاوى دائماً فى سياق وملابسات الصراع الاجتماعى حول قضايا السلطة السياسية. وأن أصحابها ظلوا ، إلا من عصم ربك ، يمنحون فى كل مرَّة دعمهم وتأييدهم لمؤسسة الحكم ، ، جماعات وأفراداً. فإذا علمنا أن ادعاء (الحكم بالحق الالهى) هو ، فى حقيقته ، إما صنو الادعاء العريض بأن (إنسانا) ما يحتكر وحده معرفة (حُكم الله) عزَّ وجل ، ومن ثم (الوكالة) عنه فى (تنزيله) على سائر الناس فى المجتمع المعين ، أو صنو الادعاء بأن هذا (الانسان) هو نفسه (الإله) المعبود ، حيث لا بُدَّ ، فى الحالين ، من (بشر) ليحكم الناس مستخدماً طاقة استرهابهم بالمقدس "فيعظمون الجبابرة تعظيمهم لله" ، كما فى بعض استقصاءات عبد الرحمن الكواكبى السديدة (طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد) ، لترتب ، إذن ، فى أذهاننا ، فهم واضح لا لبس فيه ، مؤداه أن على المؤمنين ، إذا أرادوا أن يصحَّ إيمانهم ، أن يلغوا (عقولهم) التى هى مناط الاستخلاف والعبادة نفسها ، ويسلموا لمرجعية واحدة ، فى كلِّ ، بل أدق ، ما يتصل بتدبير شئون حياتهم وسياسة أمور دولتهم ، هى (كلمة) هؤلاء (العلماء) ، "لا كلمة سواها" ، كونها ، بزعمهم ، تتطابق مع (كلمة الله) ، فتصبح عرضة ، من ثمَّ ، لأن تجيَّر ، فتستخدم لتكريس السلطة الحاكمة .. أيَّاً كانت! لك ، لعمرى ، هى الفكرة التى لم تقوِّض ، فحسب ، دولة (الخلافة الراشدة) ، لتشيِّد على أنقاضها دولة (المُلك العضود) فى التاريخ الاسلامى ، وإنما هى نفسها التى أسست ، فى تاريخ الاجتماع البشرىِّ بأسره ، لمشروع (الدولة الدينية) منذ فراعنة مصر وقياصرة الروم وأكاسرة الفرس ، قبل أن تذوى ، نهائياً ، وتذهب ريح (إكليروسها) الكنسىِّ مع خواتيم القرون الوسطى الأوربية ، لتغدو أيَّة محاولة لاستعادتها بدرجة أو بأخرى ، بعد ذلك ، محض جهدٍ ملهاوىٍّ أو مأساوىٍّ .. سيَّان!

    لقد أفاض الفقهاء ، عبر التاريخ ، فى بيان غربة مفهوم (الدولة الدينية) عن الاسلام. بل إن الإمامة/ السياسة نفسها ، عند أبى حامد الغزالى ، ليست من الأصول ، ولذلك فإن الخطأ فى تعيُّنها وشروطها وما يتعلق بها ليس مما يوجب التكفير. كما وأنها ، حسب الشهرستانى أيضاً ، ليست من أصول الاعتقاد. بل هى ، وفق الأيجى والجرجانى ، من الفروع المتعلقة بأفعال المكلفين. أما عند ابن تيمية فلا هى من أركان الاسلام ، ولا من أركان الإيمان ، ولا من أركان الاحسان ، إنما هى ، كما عند ابن خلدون ، من المصالح العامة المفوضة إلى نظر الخلق".

    وليس نادراً ما تقع على مثل هذه الرؤى حتى لدى العديد من الرموز الفقهوفكرية المستنيرة فى حركة الاسلام السياسى الحديثة. فالسياسة مثلاً ، حسب محمد عمارة ، ليست أصلاً من أصول الإيمان الثلاثة التى تستتبع الإيمان والكفر: الألوهية ، والنبوة ، واليوم الآخر، وإنما هى من الفروع التى تحتمل الاختلاف بمعايير الصواب والخطأ. وهكذا فتدبير سياسة الدنيا ، وفق د. القرضاوى ، أمر يندرج ضمن منطقة العفو التى سكت عنها الشارع وتركها مفتوحة لاجتهاد البشر وتقديرهم للمصلحة فى كل زمان ومكان ، فلم ترد نصوص قطعية فى شأنها. وهذا ما يشكل ، وفق محمد سليم العوا ، أساس أى موقف إسلامى صحيح تجاه قضية (التعددية). فالاختلاف بين الناس سنة من سنن الكون ، ومن ثم فإن الاعتراف بالاختلاف والمغايرة له أصله الشرعى الثابت. وحذف الآخر ، حسب فهمى هويدى ، إهدار لسنة كونية أرادها الله سبحانه وتعالى. وبما أن ذلك كذلك ، فلا مناص ، وفق طارق البشرى، من استصحاب سُنة التنوع هذه ، حتى تصبح التعددية أسلوباً فى إدارة الخلاف يقوم على الاعتراف وليس الإنكار الذى لا يفضى إلا الى العنف. أما الذين أضفوا على الحكام قدسية تناهز العقائد والعبادات ، فقد مهدوا ، حسب الصادق المهدى ، للتطرف الاسلامى المعاصر الذى اعتبر رأى الآخرين كفراً وخروجاً عن ملة الاسلام ، وكرَّس للاستبداد والمظالم السياسية والاجتماعية.

    غير أن مشكلة التيار الرئيس فى حركة الاسلام السياسى فى السودان إنما تكمن فى كونه ظل مشدوداً دائماً إلى هاجس السلطة و(التمكين) ، وهو هاجس يدفع ، بطبيعته ، إلى اللواذ بمنطق السياسة السياسوية (العملية) ، بأكثر مما يهئ مناخاً صالحاً تتفتح فيه أزهار الاستنارة الفقهوفكريَّة. ومعلومة ، من الجهة الأخرى ، الروابط التى تشدُّ ، فى الوقت الراهن ، أغلب أصحاب هذه الفتاوى والبيانات إلى هذا التيار ، على الأقل من باب التبيُّؤ فى هذا (التمكين) ، رغم ما قد يلوح هنا أو هناك من تناقضات تظلُّ مظهرية وثانويَّة فى الحساب النهائى. كما ومن المعلوم ، أيضاً ، الأثر الضخم للجهد الفقهوفكرى الذى بذله د. حسن الترابى فى التأسيس لهذا التيار على مدى أكثر من أربعين سنة. وهو أثر لا يزال ملموساً برغم انشقاق الرجل عن حركته. ولعل من أبرز ملامح جهده هذا سعيه للمطابقة بين مطلوبات (النظام السياسى) ومطلوبات (الإيمان) ، لا من حيث توطين (نظام القيم) القرآنية فى مناهج إدارة الدولة ، بل من حيث وجوب (التوحيد) ، عنده ، فى كليهما ، بقوله الملتبس إلى حدٍّ بعيد: إن الاسلام "دين توحيد يجعل الحياة كلها .. عبادة لله سبحانه وتعالى .. ولكن الله سبحانه وتعالى يبتلى الناس عبرها فيشركون بعض إشراك أو كل إشراك .. فى مجال (السياسة) كما .. فى كل مجالات الحياة .. فى العِلم وفى الاقتصاد" (د. الترابى ؛ خواطر فى الفقه السياسى).

    ويثور السؤال فوراً هنا: إذا كان (الشرك) بالله سبحانه وتعالى يعنى ، ببساطة ، أن يُعبدَ معه غيره: "لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم وقال المسيح يا بنى إسرائيل أعبدوا الله ربى وربكم إنه من يشرك بالله فقد حرَّم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار" (72 ؛ المائدة) ، فما هو المعنى الذى ذهب إليه د. الترابى بموضوعته عن (الشرك فى السياسة) ، وقد علمنا أنها ليست من (الأصول) التى تستتبع الإيمان والكفر ، إنما من (الفروع) التى تحتمل الصواب والخطأ؟!

    إن الساحل الوحيد ، للأسف ، الذى يمكن أن يرسو عليه شراع الاستفهام والتعجب هذا ، هو (احتياج) الحركة المُلِح لتأسيس (دولتها/نظامها السياسى) على النمط الثيوقراطى الاستبدادى ، الذى عرض له الكواكبى ، والذى يعمد إلى نفى (الآخر) نفياً عدمياً ، ثم لا يكون ملزماً بالتحاكم ، فى ذلك ، لأية مرجعية أخرى سوى منطق الاستقواء بالسلطان ، وقانونه الباطنى ، بحكم طبيعة المشروع نفسه القائم فى بنية (الاقصاء والاحلال) الفكرية ، والمتجه أجمعه نحو نفى المجتمع بأسره ، عن طريق اختزاله فى صورة (الحركة) التى ينبغى أن يتوفر لها من عوامل (التمكين) ما يؤهلها لـ (الاحاطة) بقطاعات الشعب (كله). فالترابى يرى، مثلاً ، أن من وجوه الكسب الذى هيأته الفترة التى أعقبت انتفاضة أبريل 1985م للجبهة الاسلامية القومية ، ليس فقط فرصة توسيع عضويتها فى مناخ الحريات الديموقراطية المستعادة ، آنذاك ، بل فرصة "الاستيعاب للقدرات الشعبية القبلية والصوفية ومحاولة إدراج المجتمع كله فى الحركة ، فقد أخذت الجماعة تتحوَّل بطبيعتها نحو أن تكون المجتمع". وقد جعلت من (تذويب) هذا المجتمع ، و(صهره) أجمعه فى ذاتها ، غاية سلطوية أعلى تتصوَّب نحوها بكلياتها ، قصداً وعمداً ، بحيث يكون (انبثاث) هذه الجماعة "فى المجتمع بما يحيله كله إلى مثالها .. ينبغى أن تسعى الجماعة للتمكن فى مجتمعها تدرُّجاً حتى تستنفد جدوى تميُّزها عنه بصفٍ وصورة" ، وبالنتيجة: "تصبح (هى) المجتمع الجديد القائم بالدين" (د. الترابى ؛ الحركة الاسلامية فى السودان).

    ذلك هو نمط (التديُّن) الاقصائى ، الطليق من أشراط الاعتراف بالآخر ، والذى تعتمده (الحركة) لامتصاص (المجتمع) بكامله ، وقولبته فى صورتها ، وفق أطروحة د. الترابى ، الأمر الذى يضعها فى حالة نزاع مستمر معه ، فتستنفره ، بالضرورة ، لمصادمتها ، غلبها أو غلبته! وغير خافية بالطبع الخدمة التى يقدمها (الفقه التكفيرى) لهذه (الوحدانية السياسية)!

    ====
    Sudan for all the Sudanese ..السودان لكل السودانيين
                  

العنوان الكاتب Date
كمال الجزولي: التكفير: ثمرة «الوَحْدانيَّة» السِّياسِيَّة sultan08-22-03, 08:57 AM
  Re: كمال الجزولي: التكفير: ثمرة «الوَحْدانيَّة» السِّياسِيَّة ahmed babikir08-22-03, 09:43 AM
    Re: كمال الجزولي: التكفير: ثمرة «الوَحْدانيَّة» السِّياسِيَّة sultan08-22-03, 11:30 AM
      Re: كمال الجزولي: التكفير: ثمرة «الوَحْدانيَّة» السِّياسِيَّة ahmed babikir08-22-03, 06:33 PM
        Re: كمال الجزولي: التكفير: ثمرة «الوَحْدانيَّة» السِّياسِيَّة sultan08-25-03, 10:54 AM
      Re: كمال الجزولي: التكفير: ثمرة «الوَحْدانيَّة» السِّياسِيَّة فتحي البحيري08-22-03, 06:37 PM
        Re: كمال الجزولي: التكفير: ثمرة «الوَحْدانيَّة» السِّياسِيَّة فتحي البحيري08-23-03, 11:04 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de