النبوءات التوراتية بين الماضي والمستقبل

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-07-2024, 09:57 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف العام (2003م)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
06-30-2003, 09:56 AM

مهاجر
<aمهاجر
تاريخ التسجيل: 11-23-2002
مجموع المشاركات: 2997

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
النبوءات التوراتية بين الماضي والمستقبل

    بالرغم من تحريف التوراة ونسخها وتأليفها عدة مرات ، وضعف الترجمة إلى العربية وانحيازها . إلا أنها ما زالت تحوي بقية من كلام الله جلّ وعلا ، تستطيع الاستدلال عليها من خلال مقابلتها ومقارنتها مع ما لدينا من وحي ، وتستطيع أحيانا ملاحظة الأساليب التي تم بها كتابة التوراة ، من إضافة وحذف وتبديل لمواضع العبارات كما أخبر عنها القرآن الكريم . وهذه البقية هي ما كان يستدل اليهود من خلالها وما زالوا ، على بعض الأحداث المستقبلية ، كبعث عيسى ومحمد عليهما السلام قديما ، وما سيقع من أحداث النهاية مستقبلا .
    وكما قلنا في الفصل السابق ، أن معرفتهم بما وجد لديهم من نبوءات ، كانت بمثابة القوة الدافعة في تحركاتهم لاستباق تحقّق هذه النبوءات على أرض الواقع ، ولم ولن يألوا جهدا في استعجالها إن وافقت أهوائهم أو في تعطيلها إن خالفتها .
    في هذا الفصل سنتتبع في البداية ، بعض الأخبار التي وردت في التوراة بشكل مقتضب وسريع ، ومن ثم سنعرض جانبا من النبوءات التوراتية ، التي تحققت في الماضي ، وجانبا من النبوءات التي لم تتحقق بعد ، مما يُساعد على استقراء بعض النبوءات المستقبلية لديهم ، لنتعرّف على المخاوف اليهودية وتطلعاتهم وأحلامهم وأمانيّهم المتعلّقة بعودتهم إلى فلسطين للمرة الثانية .
    ومن خلال هذا الكشف تستطيع التعرف على حقيقة العقلية التي يُفكّر بها يهود ، ومن ثم قراءة مواقفهم وسياستهم على الساحتين العالمية والإقليمية ، وتستطيع أيضا قراءة سياسات ومواقف أمريكا ، التي يحكمها ويديرها في الخفاء زعماء المؤامرة العالمية من الأثرياء والحاخامات اليهود ، لتجد أن التوراة ونبوءاتها هي ما سيّر اليهود في الماضي ، وهي ما يُسيّرهم في الحاضر والمستقبل .
    قال تعالى ( فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ، ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ، لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا ، فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ ، وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ (79 البقرة )
    وقال أيضا ( وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ، مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ ، وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ ، فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ (89 البقرة )
    وقال أيضا ( وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا ، يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ ، لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ ، وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ ، وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ، وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ، وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (78 آل عمران )
    خبر إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام في سفر التكوين
    وعد الله لنسل إبراهيم بامتلاك الأرض :
    " تكوين : 15: 18: في ذلك اليوم ، عقد الرب ميثاقا مع إبراهيم ، قائلا : سأعطي نسلك هذه الأرض ، من نهر مصر إلى النهر الكبير نهر الفرات " .
    " تكوين : 17: 4-8: ها أنا أقطع لك عهدي ، فتكون أبا لأمم كثيرة ، وأُصيّرك مُثمرا جدا ، يخرج من نسلك ملوك ، فأكون إلها لك ولنسلك من بعدك . وأهبك أنت وذريّتك أرض كنعان التي نزلت فيها غريبا مُلكاً أبديا " .
    ـ تكرار الوعد لإبراهيم ، بأرضين مختلفتين ، ناتج عن كون التوراة ، جُمعت من مصدرين مُختلفين كما سبق وأوضحنا ، وأحد المصدرين أقل تطرّفا ومُغالاة ، في التحريف والكذب من الآخر ، وهذا الوعد بما أنه كان لإبراهيم ونسله ، فهو ليس حكرا على نسل إسحاق ، بل يشمل نسل إسماعيل أيضا ، ونجد أن النص الثاني يكذب النص الأول .
    وعد الله لهاجر في إسماعيل :
    " تكوين : 16: 10 وقال لها ملاك الرب : لأُكثّرنّ نسلك فلا يُعدّ من الكثرة ، هو ذا أنت حامل ، وستلدين ابنا وتدعينه إسماعيل ، ويكون إنسانا وحشيّاً يُعادي الجميع والجميع يُعادونه ، [ وأمام جميع أخوته يسكن ] " .
    ـ همجيّ متوّحش وإرهابي ومعاد للبشرية ، هذه هي صورة إسماعيل عليه السلام نبي الله جد العرب ، وهي ذاتها صورة الإنسان العربي في وسائل الإعلام الغربية ، من سينما وتلفزيون وصحف ومجلّات ، ومصدر هذه الصورة هو التوراة والمُنتج المُنفذّ هم اليهود المُسيطرون على كافة وسائل الإعلام الغربية . فالرب يقول ذلك لا كذبة التوراة ، وإذا كان العرب مستاءون من هذه النظرة لهم ، فليجرؤ أحدهم على مطالبة اليهود والنصارى ، بحذف كلمات الرب هذه من كتابهم المقدّس ، كما يُطالبوننا بحذف الآيات التي تحضّ على قتالهم من الكتب المدرسية .
    وعد الله لإبراهيم في سارة ونسلها :
    " تكوين : 17: 15-19: وقال الرب لإبراهيم : أما ساراي زوجتك ، وأُباركها وأُعطيك منها ابنا ، سأباركها وأجعلها أمّا لشعوب ، ومنها يتحدّر ملوك أمم ، إنّ سارة زوجتك هي التي تلد لك ابنا ، وتدعو اسمه اسحق وأُقيم عهدي معه ، ومع ذريّته من بعده إلى الأبد " .
    وعد الله لإبراهيم في إسماعيل ونسله :
    " تكوين : 17: 20: وأمّا إسماعيل فقد استجبت لطلبتك من أجله ، سأُباركه حقا ، وأجعله مُثمرا ، وأكثّر ذريّته جدا ، فيكون أبا لاثني عشر رئيسا يلد ، ويُصبح أمّة كبيرة " .
    هجرة هاجر وإسماعيل إلى صحراء فاران :
    " تكوين : 21: 14-21: فنهض إبراهيم في الصباح الباكر ، وأخذ خبزا وقربة ماء ، ودفعهما إلى هاجر ، ووضعهما على كتفيها ، ثم صرفها مع الصبي ، فهامت على وجهها في برية بئر سبع . وعندما فرغ الماء من القربة ، طرحت الصبي تحت إحدى الأشجار ، ومضت وجلست قبالته ، على بُعد مائة متر ، ( تبريرهم : حتى لا تشهد موت الصبي ) ، ورفعت صوتها وبكت . ( ناداها ملاك الرب قائلا ) : " قومي واحملي الصبي ، وتشبّثي به لأنّي سأجعله أمّة عظيمة " ، ثم فتحت عينيها ، فأبصرت بئر ماء ، فذهبت وملأت القربة وسقت الصبي . وكان الله مع الصبي فكبُر ، وسكن في صحراء فاران ، وبرع في رمي القوس ، واتّخذت له أُمّه زوجة من مصر " .
    ـ في هذا النص يُوحي كتبة التوراة ، أن إبراهيم تخلّى عن هاجر وابنها وطردهما طردا ، ويقولون في بداية النص أنه سكن بئر السبع ، وأن بئر زمزم تفجّرت فيها ، وفي نهاية النص يقولون بأنه سكن في صحراء فاران ، وهذا يعني أن التسمية العبرية القديمة لصحراء الجزيرة العربية هو صحراء فاران ، وجبال فاران هي جبال مكة أو الجزيرة العربية ، ولذلك كان اليهود يعلمون على وجه التحديد ، أن نبياً من نسل إسماعيل سيُبعث في جزيرة العرب ، مما دفعهم للرحيل إليها والإقامة فيها .
    التبشير بمحمد عليه الصلاة والسلام في سفر التثنية على لسان موسى عليه السلام
    " تثنية : 18: 18: فقال لي الرب : لهذا أُقيم لهم نبيا من بين أُخوتهم مثلك ، وأضع كلامي في فمه ، فيُخاطبهم بكل ما آمره به ، وكلّ من يعصي كلامي ، الذي يتكلم به باسمي ، فإني أُحاسبه " .
    ـ وقول موسى عليه السلام نبيا من بين أُخوتهم ، يعني أنه من غير بني إسرائيل بل من أخوتهم ، وأخوتهم كما نعلم هم نسل إسماعيل عليه السلام ، بدلالة التوراة نفسها في النص الوارد أعلاه ( 16: 12 ) ، وهذا القول بطبيعة الحال لا يُشير إلى عيسى عليه السلام كون أُمه من بني إسرائيل . وقوله نبيا مثلك يعني يماثله في كل شيء تقريبا ، من لحظة ولادته بما شمله الله من رعاية وعناية وبعثه ورسالته ومعاناته وحتى مماته عليه السلام .
    " تثنية : 33: 2 [ فقال ( موسى عليه السلام ) : جاء الرب من سيناء ، وأشرق لهم من سعير ، وتلألأ من جبال فاران ، وأتى من ربوات القدس ، وعن يمينه نار شريعة لهم ] " .
    ـ وهذا النص يحمل في ثناياه أربع نبوءات هي :
    1. جاء الرب من سيناء . وسيناء هو ( طور سيناء ) في وادي عربة ، مكان الوحي الذي أُنزلت فيه الألواح على موسى عليه السلام .
    2. وأشرق لهم من سعير . ، حيث بُعث عيسى عليه السلام بالإنجيل ، قال تعالى ( وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا (16 مريم ) وقال ( وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ ءَايَةً وَءَاوَيْنَهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ (50 المؤمنون ) وسعير على ما يبدو من الآيات الكريمة منطقة شرقي القدس ، تقع على تلة ذات أشجار مثمرة وفيها عين ماء جارية .
    3. وتلألأ من جبال فاران . جبال فاران هي جبال الجزيرة العربية حيث تقع مكة ، مكان سُكنى إسماعيل بدلالة التوراة نفسها حيث بُعث محمد عليه الصلاة والسلام بالقرآن ( لاحظ هنا الفعل تلألأ ) دلالة على ما سيكون للإسلام من شأن عظيم . وهذا دعاء إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام ( رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ ءَايَتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (129إبراهيم ) وهذه استجابة دعائهما ( هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ ءَايَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (2 الجمعة )
    4. وأتى من ربوات القدس . وهي النبوءة التي لم تتحقق لغاية الآن حيث لا شريعة جديدة بل تجديد لشريعة قائمة .
    ـ والنبوءة الأخيرة فُسرّت على ثلاثة أقوال :
    # المسلمون : ظهور المهدي وعودة الخلافة الإسلامية واتّخاذ القدس عاصمة لها .
    # اليهود : ظهور مَلِك اليهود المنتظر الذي سينتصر على أعداء إسرائيل في حرب العالمية النووية الثالثة ، ومن ثم يحكم العالم إلى الأبد .
    # النصارى : عودة عيسى عليه السلام ، ليخلّص أتباعه برفعهم فوق السحاب عند نشوب تلك الحرب ، ومن ثم يحكم العالم مدة ألف عام .
    سفر إشعياء يُخبر عن نبينا عليه الصلاة والسلام وعن أمته
    مما روى البخاري في صحيحه " عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ ، قَالَ : لَقِيتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، قُلْتُ : أَخْبِرْنِي عَنْ صِفَةِ رَسُولِ اللَّهِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي التَّوْرَاةِ ، قَالَ : أَجَلْ ، وَاللَّهِ إِنَّهُ لَمَوْصُوفٌ فِي التَّوْرَاةِ ، بِبَعْضِ صِفَتِهِ فِي الْقُرْآنِ ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا ) ، وَحِرْزًا لِلْأُمِّيِّينَ أَنْتَ عَبْدِي وَرَسُولِي سَمَّيْتُكَ المتَوَكِّلَ ، لَيْسَ بِفَظٍّ وَلَا غَلِيظٍ ، وَلَا سَخَّابٍ فِي الْأَسْوَاقِ ، وَلَا يَدْفَعُ بِالسَّيِّئَةِ السَّيِّئَةَ ، وَلَكِنْ يَعْفُو وَيَغْفِرُ ، وَلَنْ يَقْبِضَهُ اللَّهُ حَتَّى يُقِيمَ بِهِ الْمِلَّةَ الْعَوْجَاءَ ، بِأَنْ يَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، وَيَفْتَحُ بِهَا أَعْيُنًا عُمْيًا ، وَآذَانًا صُمًّا ، وَقُلُوبًا غُلْفًا " . وأخرجه أحمد في مسنده .
    وقال تعالى ( وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا لِمِيقَاتِنَا ، فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ ، قَالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ ، أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا ، إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ ، تُضِلُّ بِهَا مَنْ تَشَاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشَاءُ ، أَنْتَ وَلِيُّنَا ، فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا ، وَأَنْتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ (155) وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ ، إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ ، قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ ، وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ ، فَسَأَكْتُبُهَا ، لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ ، وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ ، وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ (156) الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ ، الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ ، يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ ، وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ ، وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ ، وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ ، وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ ، وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ ، فَالَّذِينَ ءَامَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (157) قُلْ يَأَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (15 وَمِنْ قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ (159 الأعراف )
    خاتم النبوة على كتفه واسمه أحمد :
    من كتاب ( المنتظم في تاريخ الملوك والأمم ) لأبي الفرج " عن حسان بن ثابت ، قال : إني لغلامٍ يفعة ابن سبع أو ثمان ، إذا يهوديٌ بيثرب ، يصرخ ذات غداة : يا معشر يهود ، فلما قالوا : ما لك ، ويلك ! قال : طلع نجم أحمد الذي ولد هذه الليلة ، قال : فأدركه اليهودي ولم يؤمن به " .
    من كتاب ( المنتظم ) " أخبرنا أبو الحسن بن البراء قالت آمنة : … وكان بمكة رجل من اليهود حين ولد ، فلما أصبح قال : يا معشر قريش ، هل ولد فيكم مولود ؟ قالوا : لا نعلمه ، قال : ولد الليلة نبي العرب ، به شامة بين منكبيه سوداء فيها شعرات ، فرجع القوم فسألوا أهليهم فقيل : ولد الليلة لعبد المطلب غلام فلقوه فأخبروه ، فنظر إليه فقال : ذهبت النبوة من بني إسرائيل ، هذا الذي سرّه أحبارهم ، يا معشر قريش والله ليسطونّ بكم سطوة ، يخرج نبأها من المشرق إلى المغرب " .
    " إشعياء : 9: 2: الشعب السالك في الظلمة أبصر نورا عظيما ، والمقيمون في أرض ظلال الموت ، أضاء عليهم نور عظيم … 9: 6-7: لأنه يُولد لنا ولد ، ويُعطى لنا ابن يحمل الرياسة على كتفه ، ويُدعى اسمه عجيبا ، مُشيرا ، إلها قديرا ، أبا أبديا ، رئيس السلام ، ولا تكون نهاية لنمو رياسته وللسلام ، اللذَيْن يسودان عرش داود ومملكته ، ليُثبتها بالحق والبرّ ، من الآن وإلى الأبد ، إن غيرة الرب تُتم هذا " .
    " إشعياء : 9: 13: إن الشعب لم يرجع تائبا إلى من عاقبه ، ولا طلب الرب القدير . لذلك سيقطع الرب من إسرائيل ، في يوم واحد الرأس والذنب ، النخل والأسل " .
    ـ علم اليهود من خلال النص الأول :
    1. أن نجما عظيما سيظهر عند مولد أحمد ،
    2. وأن علامة النبوة ستكون على كتفه ،
    3. أما اسمه العجيب في هذا الموضع فوصفته أقلام الكهنة ، بمشير وإله وأب ورئيس سلام .
    4. أما رسالته فتشمل مشارق الأرض ومغاربها حتى قيام الساعة ،
    5. أما إضافة عرش داود ومملكته فهي من أمانيهم وأحلامهم .
    6. أما النص الثاني فيؤكد انقطاع النبوة وخروجها من بني إسرائيل بمولد هذا النبي ومبعثه .
    هو ملك البرّ ورؤساءه يحكمون بالعدل :
    " إشعياء : 32: 1: ها إن ملكا يملك بالبرّ ( محمد ) ، ورؤساء يحكمون بالعدل ( الخلفاء ) ، 2: [ ويكون إنسان ] ( أي ليس إلها كما صوّره النص السابق ) كملاذ من الريح ، وكملجأ من العاصفة ، أو كجداول مياه في صحراء ، أو كظل صخرة عظيمة في أرض جدباء ، 3: عندئذ تنفتح عيون الناظرين وتصغي آذان السامعين ، 4: فتفهم وتعلم العقول المتهوّرة ، وتنطق بطلاقة الألسنة الثقيلة ( الأُميّون ) . … ، حتى تنسكب علينا روح من السماء ، فتتحوّل البرية ( الصحراء ) إلى مرج خصيب ، ويُحسب المرج غابة ، عندئذ يسكن العدل في الصحراء ، ويٌقيم البرُّ في المرج الخصيب ، فيكون ثمر البرّ سلاما ، وفعل البرّ سكينة وطمأنينة إلى الأبد " .
    صفة المصطفى عليه الصلاة والسلام :
    " إشعياء : 42: 1: هو ذا عبدي الذي أعضده ، مختاري الذي ابتهجت به نفسي ، وضعت روحي عليه ليسوس الأمم بالعدل ، 2: لا يصيح ولا يصرخ ، ولا يرفع صوته في الطريق ، 3: لا يكسر قصبة مرضوضة ( أي يُقيمها ) ، ولا يطفئ فتيلة [ خامدة ] ( أي يُشعلها ) ، إنما بأمانة يُجري عدلا ، ( أي أنه لا يسيء إلى الناس ، بل يُحسن إليهم ) ، 4 لا يكلّ ولا تُثبّط له همّة ، حتى يرسّخ العدل في الأرض ، وتنتظر الجزائر شريعته ، 6: أنا الرب قد دعوتك بالبِّر ، أمسكت بيدك وحافظت عليك ، وجعلتك عهدا للشعب ونورا للأمم ، 7: لتفتح عيون العمي ، وتطلق سراح المأسورين في السجن ، وتحرّر الجالسين في ظلمة الحبس ، 9: ها النبوّات السالفة تتحقق ، وأخرى جديدة أُعلنُ عنها ، وأُنبئُ بها قبل أن تحدث ، … "
    رسالة الإسلام وصفة حملتها :
    " إشعياء : 61: 1: روح السيد الرب عليّ ( الوحي ) لأن الرب مسحني لأُبشّر المساكين ، أرسلني لأضمّد جراح منكسري القلوب ، لأنادي للمسبيين بالعتق وللمأسورين بالحرية ، 2: لأعلن سنّة الرب المقبولة ( إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ (19 آل عمران ) ، …
    7: وعوضا عن عاركم تنالون ضعفين من الميراث ( إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ (53) أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ … (54 القصص )
    8: لأني أنا الرب أُحبّ العدل ، وأمقت الاختلاس والظلم ، وأُكافئهم بأمانة ( وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (97 النحل ) ، وأقطع معهم عهدا أبديا
    9: وتشتهر ذريتهم بين الأمم ، ونسلهم وسط الشعوب ، وكل من يراهم يعرفهم ( سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ ) ، ويُقرّ أنهم شعب باركه الرب ، …
    11: كما تنبت الأرض مزروعاتها ، والحديقة تخرج نباتاتها ، هكذا السيد الرب ينبت البرّ والتسبيح ، ينبتان أمام كل الأمم ( كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ )
    62: 1: إكراما لصهيون ( هذه إحدى تحريفاتهم ، والأصل إكراما لخير أمة أُخرجت للناس ) ، لا أصمت ، و… لا أستكين ، [ حتى يخرج برّها كضياء ، وخلاصها كمصباح مُتقد ] ، 2: فترى الأمم بِرَّكِ وكلّ الملوك مجدك ، وتدعين باسم جديد يطلقه عليك فم الرب ( هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ (78 الحج ) .
    وهب بن منبه يُجمل ما تفرّق من نصوص التوراة :
    وقارن كل ما تقدّم مع ما قاله وهب بن منبه أحد مُسلمي اليهود ، حيث أجمل كل هذه النبوءات في هذا النص من كتاب ( المنتظم ) لأبي الفرج " قال وهب بن منبه : أوحى الله تعالى إلى إشعياء ، إني مُبعث نبيا أميّا ، أفتح به آذانا صما ، وقلوبا غلفا ، وأعينا عميا ، مولده بمكة ومهاجره طيبة ( المدينة المنورة ) ، وملكه بالشام ، عبدي المتوكل المرفوع الحبيب المجيب ، لا يجزي بالسيئة السيئة ، ولكن يعفو ويصفح ، ويغفر بالمؤمنين ، وليس بفظ ولا غليظ ، ولا صخاب في الأسواق ، ولا متزيّن بالفحش ولا قوّال ، أُسدّده لكل جميل ، وأهب له كل خلق كريم ، وأجعل السكينة لباسه ، والبرّ شعاره ، والتقوى والحكمة مقولته ، والصدق والوفاء طبيعته ، والعفو والمغفرة والمعروف خلقه ، والعدل والحق شريعته ، والهدى إمامه ، والإسلام ملته ، وأحمد اسمه ، أهدي به بعد الضلالة ، … به بعد الجهالة ، وأُكثر به بعد القلة ، وأغني به بعد العيلة ، وأجمع به بعد الفرقة بين قلوب مختلفة ، وأهواء متشتتة ، وأمم متفرقة ، أجعل أمته خير أمة أخرجت للناس ، تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر ، توحيدا لي ، وإيمانا بي ، وإخلاصا لي ، وتصديقا لما جاء به رسلي ، وهم دعاة الشمس ( النور ) ، طوبى لتلك القلوب " .
    اليهود ينكرون نبوّة أحمد عليه الصلاة والسلام حسدا وبغيا :
    من كتاب ( المنتظم ) " عن ابن عباس قال : كانت يهود قريظة والنضير وفدك وخيبر ، يجدون صفة النبي قبيل أن يُبعث ، وأن دار مهاجره المدينة ، فلما وُلد رسول الله ، قالت أحبار اليهود ولد أحمد الليلة ، هذا الكوكب طلع ، فلما تنبّأ ، قالوا تنبأ أحمد ، قد طلع الكوكب ، كانوا يعرفون ذلك ويُقرّون به ، وما منعهم من اتّباعه إلا الحسد والبغي " .
    كان هذا عرضا لبعض من نبوءات التوراة التي تحقّقت في الماضي ، وعرضا لكيفية فهمهم لإشاراتها ورموزها وتفسيرهم لها . وفيما يلي سنبدأ بعرض أغلب نبوءاتهم المستقبلية ، والتفسيرات المعاصرة لها من الرواد الغربيون من اليهود والنصارى ، مع التعقيب عليها أحيانا .
    نبوءات سفر ارميا
    المرة الأولى وما بعدها :
    " ارميا : 25: 3: على مدى ثلاث وعشرين سنة ، والربّ يوحي إليّ بكلمته ، فخاطبتكم بها ، ولكنكم لم تسمعوا ، … 5: وقد قالوا لكم ( الأنبياء ) : توبوا الآن ليرجع كل واحد منكم ، عن طُرقِه الشرّيرة ، وممارساته الأثيمة ، … 6: ولا تضلوا وراء آلهة أخرى … عندئذ لا أُنزل بكم أذىً ، 7: غير أنكم لم تسمعوا لي ، بل أثرتم غيظي بما جنته أيديكم ، فاستجلبتم على أنفسكم الشرّ ، 8: لذلك يقول الرب القدير : لأنكم عصيتم كلامي ، 9: فها أنا أُجنّد جميع قبائل الشمال ، بقيادة نبوخذ نصر عبدي ، وآتي بها إلى هذه الأرض ، فيجتاحونها ويهلكون جميع سكّانها ، مع سائر الأمم المحيطة بها ، وأجعلهم مثار دهشة وصفير ، وخرائب أبدية ، 10: وأُبيد من بينهم أهازيج الفرح والطرب ، … وضجيج الرحى ونور السراج ، 11: فتصبح هذه الأرض بأسرها قفرا خرابا ، وتُستعبد هذه الأمم لملك بابل ، طوال سبعين سنة ، 12: وفي ختام السبعين سنة أُعاقب ملك بابل وأمّته ، وأرض الكلدانيين على إثمهم ، وأُحولها إلى خراب أبديّ ، يقول الرب ، 13: وأُنفّذ في تلك الأرض ، كل القضاء الذي نطقت به عليها ، كلّ ما دوّن في هذا الكتاب ، وتنبأ به إرميا على جميع الأمم ، 14: إذ أنّ أمما كثيرة وملوكا عظماء يستعبدونهم أيضا ، وهكذا أُجازيهم بمقتضى أفعالهم ، وما جنته أيديهم من أعمال أثيمة " .
    ـ نص النبوءة في هذه الفقرة ، بالمقارنة مع نص النبوءة الأصلي في سفر التثنية ، هو محض افتراء وتزوير ، فالكاتب في الواقع يسرد تاريخا لأحداث بعد وقوعها ، يحدّد فيه أسماء وأمكنة وأزمنة ، مع أنه يحكيها بصيغة المستقبل ، وفي النهاية يسكب بعضا من حقده الدفين على بابل وأهلها ، فاضحا الأثر النفسي الذي كان يعتريه عند كتابتها ، وهذا يؤكد أنّ هذا النص أُعيدت كتابته بالإضافات من قبل مؤلفي التوراة بعد السبي البابلي ، فمثلا سفر إشعياء يقول بأن الطائر الجارح سيأتي من المشرق ، وسفر إرمياء يقول أن نبوخذ نصر يأتي من الشمال ، وفي الحقيقة ربما يكون كلا الأمرين بناءً على نصوص التوراة صحيح ، ليكون خروج نبوخذ نصر من الشرق ( بابل ) ، وغزوه لمملكتهم من الشمال ( حماة ) ، أما جهة المخرج في المرة الأولى لم تكن معروفة إلا بعد تحقق البعث ، فلذلك كانت الفقرة السابقة سردا تاريخيا .
    المرة الثانية وما بعدها :
    " ارميا : 30: 3: ها أيام مقبلة أردّ فيها سبي شعبي … ، وأعيدهم إلى الأرض التي أعطيتها لآبائهم فيرثونها ، ( ثم يقول ) : سمعنا صراخ رعب ، عم الفزع وانقرض السلام ، … ، ما أرهب ذلك اليوم ، إذ لا مثيل له ، هو زمن ضيق على ذرية يعقوب ، ولكنها ستنجو ، في ذلك اليوم ، يقول الرب القدير : أُحطّم أنيار أعناقهم وأقطع رُبطَهم ( أي أرفع قيود العبودية والذل عنهم ) فلا يستعبدهم غريب فيما بعد ، بل يعبدون الرب إلههم ، وداود ملكهم الذي أُقيمه عليهم ، … فيرجع نسل إسرائيل ، ويطمئنُّ ويستريح ، من غير أن يُضايقه أحد ، … ، فأُبيدُ جميع الأمم التي شتَّتكَ بينها ، أمّ أنت فلا أُفنيك أُودّبك بالحق ، ولا أُبرّئك تبرئة كاملة ، … ، ( الخطاب موجّه لأورشليم ) إن جرحك لا شفاء له ، وضربتك لا علاج لها ، إذ لا يوجد من يدافع عن دعواك ، … ، قد نسيك محبّوك ، وأهملوك إهمالا ، لأني ضربتك كما يُضربُ عدوّ ، وعاقبتكِ عقابَ مبغضٍ قاسٍ ، لأن إثمك عظيمٌ وخطاياك متكاثرة ، … ، لهذا أوقعتك بالمحن ، ولكن سيأتي يوم يُفترس فيه جميع مُفترسيك ، ويذهب جميع مضايقيك إلى السبي ، ويصبح ناهبيك منهوبين ، لأني أردّ لك عافيتك وأُبرئ جراحك " .
    ـ هذه الفقرة تتحدث عن المرة الثانية وعقابهم الثاني ، وهذا النص منقول كاملا مع حذف بعض العبارات الزائدة كعبارة يقول الرب أو ما شابه ، فانظر ماذا أضافوا إليها ، لقد أضاعوا الحقيقة وظلموا أجيالهم القادمة من حيث لا يعلمون ، فكذبوا الكذبة وصدّقها أبنائهم ، وأصبحت من صميم معتقداتهم ، فالمعاصرين من اليهود والنصارى يتعاملون مع كل نصوص التوراة بغثها وسمينها ، على أنها من عند الله ، وأن لا مجال لتكذيبها . وما أُضيف إلى هذه النبوءة المستقبلية ، كما يعتبرونها هم هو كل ما تحته خط . وأخطر ما في هذه الإضافة هو تفسيرهم المعاصر لها .
    نبوءات حزقيال المستقبلية
    حزقيال هو ثالث الأنبياء الكبار ، ويقال أنه أحد الذين سُبوا إلى بابل ، ويحتوي كتابه على كثير من النبوءات المستقبلية ، فيما يخص عودة اليهود الثانية ، وأحداث آخر الزمان وما سيقع فيها من حروب ، وهذا الكتاب وما يأتي بعده في الترتيب من كتب أنبياء التوراة ، أصبح مادة دسمة للباحثين في القرن الماضي ، فيما يتعلّق بأحداث آخر الزمان ، كنهاية اليهود والحرب والعالمية الثالثة وظروفها ونتائجها ، وعودة المسيح الثانية إلى الأرض ، وفيما يلي عرض لنبوءاته حسب تسلسلها في التوراة ، الذي كما يبدو حافظ عليه كتبة التوراة .
    تأكيد الوعد بالعقاب وتبيان أسبابه وغاياته :
    " حزقيال : 5: 5: هذه هي أورشليم التي أقمتها في وسط الشعوب … ، فخالفت أحكامي بأشرّ مما خالفتها الأمم … لذلك من حيث أنكم تمرّدتم أكثر من الأمم المحيطة بكم ، … ، ها أنا أنقلب عليك يا أورشليم ، وأجري عليك قضاء على مشهد من الأمم ، فأصنع بك ما لم أصنعه من قبل ، وما لم أصنع مثله من بعد ، عقابا لك على جميع أرجاسك ، … ، فأنا أيضا أستأصل ، ولا تترأف عليك عيني ولا أعفو … ثُلث سُكّانك يموتون بالوبأ والجوع في وسطك ، وثُلث ثانٍ يُقتل حولك بالسيف ، وثُلث أخير أُشتّته بين الأمم ، وأتعقبه بسيف مسلول ، وهكذا أُنفّس عن غضبي ، ويخمد سخطي ، إذ أكون قد انتقمت … وأجعلك خرابا وعارا بين الأمم … أنا الرب قد قضيت " .
    ـ هذا النص يؤكد مقتل ثلثي اليهود ، وشتات ثلث سيكون عرضة للقتل والتنكيل والاضطهاد .
    نزول العقاب ببني إسرائيل في جميع مواطن إقامتهم :
    " حزقيال : 6: 3: ها أنا أجلب عليكم سيفا وأهدم مرتفعاتكم ، فتصبح مذابحكم أطلالا ، … ، وأطرح قتلاكم أمام أصنامكم ، وأُلقي جثث أبناء إسرائيل أمام أوثانهم ، وأذري عظامهم حوا مذابحكم ، وحيثما تُقيمون تتحول مُدنكم إلى أطلال ، … يموت البعيد بالوبأ ، والقريب يصرعه السيف ، والباقي منهم والمُحاصر تقضي عليهم المجاعة ، … ، وأمدّ يدي عليهم في جميع مواطن إقامتهم " .
    ـ هنا يؤكد نزول العقاب بهم على اختلاف أمكنة إقامتهم ، ويؤكد بأن مدنهم التي يتواجدون فيها ستصبح خرابا .
    شدة العقاب وآثاره النفسية على البقية الناجية :
    " حزقيال : 7: 15: السيف مُسلّط من الخارج ، والوبأ والجوع من الداخل … أما الناجون منهم ، فيلوذون بالجبال كحمام الأودية ، يبكي كل واحد منهم على إثمه ، جميع الأيدي مسترخية ، وكلّ الركب مائعة كالمياه ، يتلفعون بالمسوح ( الملابس الخشنة ) ، ويغشاهم الرعب ، ويكسو العار وجوههم جميعا ، ويطغى القرَع ( الصلع ) على رؤوسهم . ويطرحون فضّتهم في الشوارع ، ويضحي ذهبهم نجاسة ، وتعجز فضتهم وذهبهم عن إنقاذهم في يوم غضب الرب " .
    الوعد بالعودة إلى فلسطين من الشتات :
    " حزقيال : 11: 14 ثم أوحى الرب إليّ بكلمته ، قائلا : يا ابن آدم ، قل لأخوتك وأقربائك وسائر شعب إسرائيل ، في الشتات معك ، الذين قال لهم سكان أورشليم : ابتعدوا عن الرب ، لنا قد وهبت هذه الأرض ميراثا . ولكن إن كنت ، قد فرّقتهم بين الأمم ، وشتّتهم بين البلاد ، فإني أكون لهم مَقدِسا صغيرا ، في الأراضي التي تبدّدوا فيها . لذلك قل لهم : سأجمعكم من بين الشعوب ، وأحشدكم من الأراضي التي شتّتكم فيها ، وأهبكم أرض إسرائيل . وعندما يُقبلون إليها ينتزعون منها جميع أوثانها الممقوتة ورجاساتها ( أي الإحسان والإصلاح بترك أوثانهم وأرجاسهم ، ولكنهم عملوا ويعملون على انتزاع الفلسطينيين وهدم أوثانهم المقدسة ) ، أعطيهم جميعا قلبا واحدا ، وأجعل في دواخلهم روحا جديدا ، وأنزع قلب الحجر من لحمهم ، وأستبدله بقلب من لحم ، لكي يسلكوا في فرائضي ، ويطيعوا أحكامي ويعملوا بها ، ويكونون لي شعبا وأنا أكون لهم إلها . يقول السيّد الرب : أمّا الذين ضلّت قلوبهم وراء أوثانهم ورجاساتهم ، فإني أجعلهم يلقَوْن عقاب طُرُقهم على رؤوسهم ( فإن أحسنوا فلها وإن أساءوا فعليها ) " .
    الحث على الإحسان والتوبة والرجوع إلى الله ، لأنها السبيل الوحيد للنجاة :
    " حزقيال : 18: 29-32: يقول السيد الرب : ومع ذلك يقول بيت إسرائيل إنّ طريق الرب غير عادلة ، أطرقي غير عادلة يا بيت إسرائيل ؟! أليست طرقكم هي المعوجّة ؟! لذلك أُدينكم يا شعب إسرائيل ، كل واحد بمُقتضى طُرُقه . يقول السيد الرب : توبوا وارجعوا عن ذنوبكم كلّها ، فلا يكون لكم الإثم معثرة هلاك . اطرحوا عنكم كل ذنوبكم ، واحصلوا لأنفسكم على قلب جديد وروح جديدة ، فلماذا تموتون يا شعب إسرائيل ؟! إذ لا أُسرّ بموت أحد ، فتوبوا واحيوا " .
    ـ يؤكد النص على فسادهم على الدوام ، وأنهم لا يعترفون بذلك ، بل يدّعون بأن الرب غير عادل بعقابهم على فسادهم ، كما ويحضّهم النص على التوبة والعودة ، ويُحذّرهم من الهلاك إن لم يفعلوا .
    التحذير المُسبق من الاغترار بالقوة ، ومن الاستهانة بما أنذرهم الله به :
    " حزقيال : 21: 6-16: يقول السيد الرب : أمّا أنت يا ابن آدم ، فتنهّد بقلب مُنكسر وحزن ومرارة ، فإن سألوك على ماذا تتنهّد ؟ تجيبهم : على الأخبار الواردة التي تُذيب كل قلب ، فتسترخي الأيدي ويعتري القنوط كل روح ، وتصبح الركب كالماء ، ها هي الأخبار واردة ولا بد أن تتم . وأوحى إليّ بكلمته قائلا : يا ابن آدم ، تنبّأ وقل : هذا ما يُعلنه الرب : سيفٌ ، سيفٌ قد تم سنّه وصقله ، قد سٌنّ للذبح المُبرم ، وصقل ليومض بالبريق ، فهل نبتهج قائلين : عصا ابني ( الابن إسرائيل الدولة ، والعصا كناية عن القوة ) تحتقر كل قضيب ؟! ( بمعنى فهل نسخر من هذا السيف ونستهزئ بجبروته مغترّين بقوتنا ) ، وقد أُعطي السيف ليصقل ويجرّد بالكف ، وها هو بعد سنّه وصقله يُسلّم ليد القاتل ، اصرخ واعول يا ابن آدم ، لأنه يتسلّط على شعبي ، وعلى كل رؤساء إسرائيل ، يتعرّض شعبي لأهوال من جراء هذا السيف ، لذلك اضرب على صدرك فزعا ( ندبا ) . يقول السيد الرب : لأنه امتحان ( وجود إسرائيل في فلسطين ) ، وماذا يحدث إن لم تُقبل العصا المُحتقرِة ( الُمزدرِية ، غير الآبهة بالعقاب ) ؟! ( بمعنى ماذا ستكون عاقبتها ، إذا رسبت بالامتحان الإلهي ) . أنا الرب قد تكلّمت ( قضيت ) : فتنبأ يا ابن آدم ، واصفق كفا على كف ، وليضرب السيف مرتيّن ، بل ثلاث مرّات ، إنه سيف القتلى ، سيف المجزرة العظيمة المُحدّقة بهم ، لكي تذوب القلوب ، ليتهاوى كثيرون عند كل بواباتهم ، لهذا جرّدت سيفا متقلبا برّاقا مصقولا للذبح . فيا سيف اجرح يمينا ، اجرح شمالا ، اجرح حيثما توجّه حدّك ، وأنا أيضا أُصفّق بكفي ، وأُسكن غضبي " .
    ـ هذا النص يصف الجبن اليهودي وحالة الرعب التي ستصيبهم ، عندما يدخل عليهم هذا السيف الذي يعرفونه جيدا ، والذي مزّق أجسادهم شرّ مُمزق ذات مرّة . ويحذّر النص من الاستهزاء بهذا السيف ، والاغترار بالقوة ، لأنه سيف من صنع الله ، وسيسلّم ليد القاتل في الموعد المُحدّد ، ويؤكد أن الرسوب في الامتحان أي الإفساد ، معناه نفاذ القضاء بوقوع المجزرة .
    من أرض واحدة يخرج البعثان :
    " حزقيال : 21: 19: وأوحى إليّ الربّ بكلمته قائلا : أمّا أنت يا ابن آدم ، فخطّط طريقين لزحف ملك بابل . من أرض واحدة تخرج الطريقان [ وأنت يا ابن آدم ، عيّن لنفسك طريقين ، لمجيء سيف ملك بابل ، من أرض واحدة تخرج الاثنتان ] ( النص الثاني من النسخة الأخرى ) ، ... ، لأنكم ذكّرتم بإثمكم ، إذ انكشف تمردكم ، فتجلّت خطاياكم في كل ما ارتكبتموه من أعمال ، لهذا إذ ذكّرتم بأنفسكم ، يُقبض عليكم باليد ، وأنت أيّها المطعون الأثيم ، ملك إسرائيل ، يا من أزِف يومه في ساعة العقاب النهائي ، اخلع العمامة وانزع التاج ، فلن يبقى الحال كسالف العهد به ، ارفع الوضيع ، وضع الرفيع ( اجعل الوضيع عاليا ، والعالي وضيعا ) ، ها أنا أقلبه ، أقلبه ، أقلبه ، حتى لا يبقى منه أثر ( تاج الملك ) إلى أن يأتي صاحب الحكم ، فأعطيه إياه ( للذي يأتي من ربوات القدس ) " .
    ـ هذه النبوءة توضح لهم أن أرض الخروج الثاني هي بابل ، بما لا يدع مجالا للشك ، وأن البعث عقاب لهم لإفسادهم ، وأن ملكهم سيزول لا محالة ، وأن تاج المُلك سيُعطى لصاحبه عندما يأتي من ربوات القدس ، وهي النبوءة الرابعة والأخيرة التي أخبر عنها موسى عليه السلام قبل موته . وبما أنهم لا يفقهون ولا يعلمون ، وعقولهم وقلوبهم كالحجارة أو أشدّ قسوة ، فهم لا يتقبّلون فكرة زوال ملكهم ، وذهاب الملك لغير شعب الله المُختار وأبناء الله وأحبائه ، حسب ما علّمهم كهنتهم وأحبارهم ، لذلك فهم سيعملون المستحيل للمحافظة على بقائهم في فلسطين ، بغض النظر عن إفسادهم فيها ، ليخرج هذا الملك التوراتي المُنتظر فيهم ، ليحكموا العالم من خلاله إلى الأبد .
    وصف الإفساد والعقاب في المرة الثانية :
    " حزقيال : 22: 2-17: وأوحى إليّ الربّ بكلمته قائلا : وأنت يا ابن آدم ، أتُدين المدينة السافكة الدماء ؟! إذاً عرفّها بكل رجاساتها ( أي بيّن صفة إفسادها ) ، وقل : هذا ما يُعلنه السيد الرب : أيّتها المدينة التي تسفك الدماء في وسطها ، لتستجلب العقاب على نفسها ، … ، قد أثمت بما سفكت من دماء ، وتنجّست بما عملت من أصنامك . قد قرّبتِ يوم دينونتك ، وبلغتِ منتهى أيامك ، لذلك جعلتك عارا عند الأمم ، ومثار سخرية لجميع البلدان ، … ، أنت يا نجسة ، يا كثيرة الشغب ، هو ذا كل واحد من رؤساء إسرائيل ، ممن كانوا فيك ، انهمك في سفك الدماء على قدر طاقته . فيك استخفّوا بأب وأم ، واضطهدوا اليتيم والأرملة ، احتقرتِ مُقدّساتي ونجّستِ أيام سبوتي . أقام فيك وشاة عملوا على سفك الدم ، وأكلوا أمام الأصنام على الجبال ، وارتكبوا في وسطك الموبقات ، … ، أخذت الربا ومال الحرام ، وسلبت أقربائك ظُلما ونسيتني " .
    " حزقيال : 22: 13-16: ها أنا قد صفّقت بكفي من جرّاء ، ما حصلت عليه من ربح حرام ، وما سُفك من دم في وسطك . فهل يصمد قلبك أو تحتفظ يداك بقوتهما ، في الأيام التي أتعامل معك فيها ؟! أنا الرب قد تكلّمت ، وأُتمم ما أنطق به . سأُشتتك بين الأمم وأُبعثرك بين البلدان ، وأزيل نجاستك منك ، وتتدنّسين بنفسك على مرأى من الأمم ، وتدركين أنّي أنا الرب " .
    " حزقيال : 22: 23-31: وأوحى إليّ الرب بكلمته قائلا : يا ابن آدم ، تنبأ وقل لها أنت أرض ، لم تتطهّري ولم يُمطر عليها في يوم الغضب ، ... ، خالف كهنتها شريعتي ، ونجّسوا مقادسي ، لم يُميّزوا بين المُقدّس والرجس ، ولم يعلموا الفرق بين الطاهر والنّجِس ، رؤساؤها فيها كذئاب خاطفة ، تُمزّق فرائسها ، إذ يسفكون دماء الناس ، في سبيل الربح الحرام ، وأنبياؤها ( أي المتنبئون الجدد كعوفاديا يوسف ) يرَوْن لها رؤى باطلة ، … ، قائلين : هذا ما يعلنه الرب - مع أن الرب لم يعلن شيئا - : أَفِرطوا في ظلم شعب الأرض ، فاغتصبوا سالبين ، واضطهدوا الفقير والمسكين ، وظلموا الغريب جورا . فالتمست من بينهم رجلا واحدا ، يبني جدارا ( رجلا مُصلحاً ) ، ويقف في الثغرة أمامي ، حتى لا أُخربها فلم أجد . فصببت سخطي عليهم ، والتهمتهم بنار غضبي ، جازيتهم بحسب طرقهم ، يقول السيد الرب " .
    ـ هذه النصوص تصف إفساد دولة اليهود الحالية بدقة متناهية ، وكأنها تُسجّل وقائع عاينها الراوي ، وتؤكد أن الهلاك والخراب واقع بهم لا محالة ، عندما تبلغ هذه الدولة منتهى أيامها .
    خراب أمريكا بعد زوال إسرائيل :
    في الإصحاحات ( 26 ، 27 ، 28 ) ، تجد وصفا تفصيليا لمدينة سمّاها كتبة التوراة ( صور : مدينة ساحلية لبنانية ) نلخّص صفات هذه المدينة ومميزاتها بما يلي :
    1. مُسيطرة هي وسُكّانها على البحر .
    2. تُرعب جميع جيرانها .
    3. تاجرة الشعوب وكاملة الجمال .
    4. تقبع في قلب البحار .
    5. تأتيها السفن التجارية من كل مكان .
    6. شعبها وجيشها خليط من أمم أخرى .
    7. تتمتع بكونها مركز للتجارة العالمية .
    ـ وهذه الأوصاف لا تنطبق إلا على أمريكا كدولة أو على ( نيويورك ) كمدينة ، وأما صفة عقابها فهي كما يلي :
    1. دمارها سيتحصل بريح شرقية ( أي من الشرق ) .
    2. اندلاع النيران في وسطها .
    3. تحوّلها إلى رماد .
    4. مصيرها الغرق ولن يبقى منها أثر .
    5. القائمون على خرابها غرباء من أعتى الأمم .
    ـ وأما أسباب الغضب الإلهي عليها وعلى ملكها فهي :
    1. تنصيب ملكها لنفسه كإله للبشر .
    2. تربعه في مجلس الآلهة في قلب البحار .
    3. الادعاء بامتلاكه حكمة الآلهة .
    4. الاستحواذ على الذهب والفضة وادّخارها .
    5. مضاعفة الثروة بمهارتها في التجارة .
    6. التجارة الظالمة .
    7. البهاء والجلال والتكبر والاستعلاء لفرط الغنى .
    ـ وفي النص التالي تسمية أخرى لها هي مصر :
    " حزقيال : 29: 3-16: ها أن أنقلب عليك يا فرعون ملك مصر ، أيها التمساح الكامن في وسط أنهاره ، … وأُخرجك قسرا من أنهارك ، وأسماكها ما برحت عالقة بحراشفك ، وأهجرك في البرية ، مع جميع سمك أنهارك ، فتتهاوى على سطح أرض الصحراء ، فلا تُجمع ولا تُلمّ ، بل تكون قوتا لوحوش البرّ وطيور السماء . فيُدرك كل أهل مصر أني أنا الرب ، لأنّهم كانوا عُكّاز قصبٍ هشةً لبني إسرائيل ، ما أن اعتمدوا عليك بأكفهم ، حتى انكسرت ومزّقت أكتافهم ، وعندما توكّأوا عليك ، تحطّمت وقصفت كلّ متونهم . لذلك ها أنا أجلب سيفا ، وأستأصل منك الإنسان والحيوان ، وأجعل ديار مصر ، الأكثر وحشة بين الأراضي المقفرة ، وتظلّ مدنها الأكثر خرابا بين المدن الخربة … وأجعلهم أقلية لئلا يتسلطوا على الشعوب ، فلا تكون بعد ، موضع اعتماد لبني إسرائيل ، بل تُذكّرهم بإثمهم حين ضلّوا وراءهم … "
    ـ قد يظن القارئ للوهلة الأولى أن هذا النص يتنبأ بخراب مصر ، ولكن بعد إمعان النظر في العلاقة ما بين هذا الفرعون وبين اليهود ، الموضّحة بما تحته خط ، ستجد أن المقصود بهذا النص ، هم فراعنة هذا العصر ، أمريكا ومن شايعها ، وعلى ما يبدو أن المقصود بالتمساح هو الأسطول ، والمقصود بالأسماك هو السفن الحربية ، والمقصود بالأنهار هي البحار التي تنتشر فيها القوات البحرية الأمريكية ، وعلى ما يبدو أن الأساطيل الأمريكية ، ستخرج وتجتمع في مكان ما ( ربما البحر المتوسط ) ، بعد إنهاء الوجود اليهودي في فلسطين ، لتلاقي مصيرها المحتوم الذي يُخبر عنه هذا النص .
    ـ وفي نصوص أخرى ربما نوردها لاحقا ، ستجد أن هناك تسميات أخرى ، استخدمها كتبة التوراة والإنجيل لنفس المدينة ، كبابل الجديدة وبابل العُظمى كناية عن دولة عظمى ، سيتزامن وجودها مع ظهور الدولة اليهودية في فلسطين .
    تحالف أعداء الله ضد اليهود والنصارى :
    " حزقيال : 29: 18- : يا ابن آدم : إنّ نبوخذ نصّر ملك بابل ، قد سخّر جيشا أشدّ تسخير ، ضدّ صور فأصبحت كل رأس من رؤوس جنوده صلعاء ، وكل كتف مُجرّدة من الثياب ، ولكن لم يغنم هو ولا جيشه شيئا من صور ، رغم ما كابده من جهد للاستيلاء عليها . لذلك … ، ها أنا أبذل ديار مصر لنبوخذ نصر ملك بابل ، فيستولي على ثروتها ، ويسلبها غنائمها وينهبها ، فتكون هذه أُجرةً لجيشه " .
    " حزقيال : 30: 1-13: وأوحى إليّ الرب بكلمته قائلا : يا ابن آدم تنبّأ ، وقل : … ، إنّ يوم الربّ بات وشيكا ، … ، إنّه يوم مُكفهرّ بالغيوم ، ساعة دينونة ( نهاية ) للأمم ، إذ يُجرّد سيف على مصر ، فيعُمّ الذعر الشديد إثيوبيا ، عندما يتهاوى قتلى مصر ، ويستولي على ثروتها ، وتُنقض أُسسها . ثم تسقط معهم بالسيف ، إثيوبيا وفوط ولود ، وشبه الجزيرة العربية وليبيا ، وشعوب الأرض المُتحالفة معهم … فيتهاوى سُكّانها من مجدل إلى أسوان ... فتُصبح أكثر الأراضي المُقفرة وحشة ، وتُضحي مُدنها أكثر المُدن خرابا … في يوم هلاك مصر الذي لا بد أن يتحقّق .
    لأني سأفني جماهير مصر بيد نبوخذ نصّر ملك بابل ، إذ يُقبل بجيشه ، أعتى جيوش الأمم لخراب ديار مصر ، فيُجرّدون عليها سيوفهم ، ويملئون أرضها بالقتلى ، وأُجفّف مجاري نهر النيل ، وأبيع الأرض لقوم أشرار ، وأُخرّب البلاد فيها بيد الغرباء ، أنا الربّ قد قضيت . ثمّ أُحطّم الأصنام ، وأُزيل الأوثان من ممفيس ، ولا يبقى بعد ، رئيس في ديار مصر ، وأُلقي فيها الرعب " .
    " 32: 18-30: وأوحى إليّ الرب بكلمته قائلا : يا ابن آدم ، ولول على جند مصر ، … ، يسقطون صرعى وسط قتلى السيف . قد أسلمت مصر للسيف ، وأسروها مع كل حلفائها ، وهناك أشور ( سوريا ) وقومه ، … وحلفاؤه ، …. وهناك أيضا أيلام ( أفغانستان ) وحلفاؤها … وهناك أيضا ماشك وتوبال ( مدن روسية ) ، وكلّ حلفائهما ، … وهناك أيضا أدوم ( الأردن ) وملوكها ورؤسائها ، … وهناك أُمراء الشمال ، وكل الصيدونيين ( اللبنانيين ) ، … أولئك الذين أشاعوا الرعب في أرض الأحياء ، … ، كلهم قتلى ، وصرعى السيف " .
    ـ هذه الفقرات الثلاثة ، مقتطعة من الإصحاحات ( 30 ، 31 ، 32 ) التي كرّرت بإسهاب ما جاء في الإصحاح ( 29 ) ، وعلى ما يبدو أن محتوى هذه الإصحاحات الثلاثة ، قد تناولته أقلام الكتبة بكثير من التبديل والتحوير والإضافة ، وقد أوردنا هذه الفقرات لتعيينها بعض الشعوب والدول ، التي يعتبرها الغرب أعداءً لله ، الذي هو المسيح عند النصارى . ويفترض الكثير من المفسّرين الجدد للتوراة ، أن الدول المذكورة في هذه النصوص ، ستقوم بالتحالف مستقبلا ، ومن ثم ستغزو إسرائيل وتنهي وجودها ، بقيادة مصر أو العراق أو روسيا منفردة أو مجتمعة ، مما يتسبب في مواجهة مصيرية كبرى بين الشرق والغرب ، يطلقون عليها تسمية ( هرمجدون ) الحرب العالمية الثالثة ، ويجزمون بأن النصر سيكون فيها حليف أحباء الله من اليهود والنصارى ، على أعداءه من المسلمين وغيرهم ، وحتمية وقوع هذه الحرب المستقبلية ، أصبحت في السنوات الأخيرة ، حقيقة وعقيدة راسخة لدى عامة نصارى الغرب وساستهم المهووسون بالنبوءات التوراتية ، وهذا مما ساهم فيه واستغلته اليهود في أمريكا ، لدفع أمريكا لخوض هذه الحرب الوهمية ، التي فيها كل المصلحة ليهود الشرق والغرب ضد العرب والمسلمين ، من قبل أن تبدأ .
    وقد تكون هذه النصوص في الحقيقة ، تُخبر عن الاستعمار الغربي لكل البلدان العربية والبلدان الأخرى المذكورة فيها ، أو تُخبر عن توحيد البلدان المذكورة بالقوة ، من قبل ورثة نبوخذ نصر الجدد ، بعد قيامهم بإنهاء الوجود اليهودي في فلسطين .
    خراب الأرض بعد خراب إسرائيل :
    " حزقيال : 33: 24-29: فأوحى إليّ الرب بكلمته قائلا : يا ابن آدم ، إن المقيمين في خرائب أرض إسرائيل ، يقولون : إن إبراهيم كان فردا واحدا ، ومع ذلك ورث الأرض ، وهكذا نحن كثيرون ، وقد وُهبت لنا الأرض ميراثا . لذلك قل لهم أتأكلون اللحم بالدم ، وتتعلّق عيونكم بأصنامكم ، وتسفكون الدّم ، فهل ترثون الأرض ؟! اعتمدتم على سيوفكم ، وارتكبتم الموبقات ، … ، فهل ترثون الأرض ؟! قل لهم : هذا ما يُعلنه الرب : إن الذين يُقيمون في الخرائب ، يُقتلون بالسيف . والذين يسكنون في العراء ، أبذلهم قوتا للوحوش . والمتمنّعون في الحصون والمغاور يموتون بالوبأ ( يُفسّرونه على أنه السلاح النووي والكيماوي ) . فأجعل الأرض أطلالا مُقفرة ، ويُذلّ كبريائها وعزّتها … فيُدركون أنّي أنا الرب ، حين أجعل الأرض خربة مُقفرة ( وهذا ما ستُحدثه أسلحة الدمار الشامل التي يرتعبون منها لتوافقها مع ما جاءت به التوراة ) من جرّاء ما ارتكبوه من رجاسات " .
    ـ وهذه النبوءة تؤكد زوال الدولة اليهودية بعد قيامها ، وذبح اليهود وتشريدهم وفنائهم ( بالنووي والكيماوي كما يعتقدون ) ، وبالإضافة إلى ذلك تؤكد خراب الأرض إجمالا ؟ ولكنهم يرفضون هذه النبوءة جملة وتفصيلا ، ويصرّون على مخالفة ما جاء فيها ، ويبذلون قصارى جهدهم لمنع تحقّقها . ولو طالعت نصوص التوراة بمجملها ، ستجد أنه بعد كل مرة ، تُخبر التوراة بحتمية نفاذ قضاء ( الرب ) في إسرائيل وشعبها عند الإفساد ، يُضيف ( كتبة التوراة ) نصوصا تفيد بأن ربهم دائما وأبدا يعود ويعفوا عنهم ، فيجمعهم من الأرض التي شُتتوا فيها ، ويعيدهم إلى أرض الميعاد التي وُهبت لهم ، فيّفسدون فيها ، فيُعذّبون ويُشتتون ، فيجمعهم ويعيدهم إليها ، وهكذا دواليك ، … ( حسب ما يشتهيه كتبة التوراة ) ، واليهود حتى بعد زوال دولتهم الحالية لن يستكينوا أو يهدءوا ، طمعاً في تحصيل ذلك الملك الأبدي الذي يحلمون به ، وهو ما رسم معالمه أقلامهم الكهنة والأحبار ، في النص التالي :
    مَلِك القدس المنتظر من نسل محمد ، لا من نسل داود :
    " حزقيال : 37: 21-28: وأوحى إليّ الرب بكلمته قائلا : يا ابن آدم ، … ، وها أنا أحشد أبناء إسرائيل من بين الأمم ، التي تفرّقوا فيها ، وأجمعهم من كل جهة ، وأُحضرهم إلى أرضهم ، وأجعلهم أمة واحدة ، … ، تحت رئاسة ملك واحد ، … ، ولا ينقسمون إلى مملكتين . ولا يتدنّسون بعد بأصنامهم ورجاساتهم ، ولا بأيّ من معاصيهم ، بل أُخلّصهم من مواطن إثمهم ، وأُطهّرهم فيكونون لي شعبا ، وأكون لهم إلها . ويُصبح داود عبدي ملكا عليهم ، … ، فيمارسون أحكامي ويُطيعون فرائضي ويعملون بمقتضاها . ويُقيمون في الأرض التي وهبتها لعبدي يعقوب ، التي سكن فيها آباؤهم ، فيستوطنون فيها ، هم وأبناؤهم وأحفادهم إلى الأبد ، ويكون عبدي داود رئيسا عليهم مدى الدهر . وأُبرم معهم ميثاق سلام ، فيكون معهم عهدا أبديا ، … ، فتدرك الأمم أنّي أنا الرب مُقدّس إسرائيل ، حين يكون مقدِسي قائما فيهم ( أي العبادة لله ، ولكنهم يُفسّرونها بإقامة الهيكل ) إلى الأبد " .
    ـ هذه النبوءة المُحرّفة هي ما يسير عليه اليهود منذ أجيال وما زالوا ، حيث أن كتبة هذا النص استخلصوا ما يُوافق أهوائهم وأطماعهم ، من مُجمل النبوءات السابقة واللاحقة وصهروها في بوتقة واحدة ، وبات من جاء بعدهم من اليهود ليحملها ويعتقد بها كحقيقة غير قابلة للنقض أو المناقشة ، فهي نُسبت إلى الرب . ومؤدى هذه النبوءة يقول : أن وعند مجيئهم من الشتات ( نبوءة العلو والإفساد الثاني مع استثناء العقاب ، الذي طالما تحدّثت عنه النصوص السابقة ) ، سيبعث الله لهم ملكا ( وجاءت شخصية هذا الملك من خلال تجميع النبوءات الخاصة برسولنا ، وعيسى ، والدجّال ) ، وجعلوه من نسل داود ( مَلِكَهم الأول ) ، ويكون مُلكه الأبدي هذا في فلسطين ( يأتي من ربوات القدس ) ، وفي زمانه ينتشر الحقّ والعدل ( اليهوديين طبعا ) في أرجاء المعمورة . وعلى هذا يعتقد عامة اليهود أن عودتهم الحالية هي العودة الأخيرة والنهائية ، والتي ورد ذكرها في سورة الإسراء ، تحت عبارة ( وإن عُدّتم عدنا ) وليست المرة الثانية ، التي سيتحقّق فيها وعد الآخرة ، ولكن هذا الاعتقاد ليس يقينا بل هناك نسبة من الشك ، وهذا الشكّ تولّد نتيجة التناقض في النصوص التوراتية ، فهم يعملون على الاحتمال الأول مع عدم إغفالهم للاحتمال الثاني . وحقيقة النص أعلاه تُخبر عن مُلك المهدي في القدس ، وهو من نسل محمد عليه الصلاة والسلام ، مؤسس دولة الإسلام الأولى .
    روسيا وحلفاؤها من نصارى الشرق يُهاجمون دولة الإسلام في زمن المهدي :
    " حزقيال : 38: 1-12: وأوحى إليّ الرب بكلمته قائلا : يا ابن آدم ، التفت بوجهك نحو جوج أرض ماجوج ، رئيس روش ( روسيا ) ماشك ( موسكو ) وتوبال ، وتنبّأ عليه ، وقل : هذا ما يُعلنه السيّد الرب : ها أنا أنقلب عليك ، يا جوج رئيس روش وماشك وتوبال ، وأقهرك … ، وأطردك أنت وكل جيشك خيلا وفرسانا ، وجميعهم مُرتدون أفخر ثياب ، جمهورا غفيرا ، كلهم قابض سيف ، وحامل أتراس ومجانّ . ومن جملتهم ، رجال فارس ( إيران ) ، وإثيوبيا ( السودان ) وفوط ، … ، وأيضا جومر ( اليمن / أوروبا الشرقية ) وكل جيوشه ، وبيت توجرمة ( بلاد القوقاز الروسية / الشيشان ) من أقاصي الشمال مع كل جيوشه ، جيوش غفيرة اجتمعت إليك ( أي لرئيس روش ) . إذ بعد أيام كثيرة تُستدعى للقتال ، فتقبل في السنين الأخيرة ( آخر الزمان ) ، إلى الأرض الناجية من السيف ( فلسطين ) ، التي تم جمع أهلها من بين شعوب كثيرة ، فتأتي مُندفعا كزوبعة ، … أفكار سوء تراودك ، … ، للاستيلاء على الأسلاب ، ونهب الغنائم ، ومهاجمة الخرائب التي أصبحت آهلة ، ولمحاربة الشعب المجتمع من بين الأمم ، … ، المُستوطن في مركز الأرض " .
    ـ هذا النص النبوي وقع فيه خلط كبير بين نبوءتين ، وحقيقة هذا النص تحكي وقائع الملحمة الكبرى ، التي ستقع مستقبلا بين الروس والعرب ، والتي سنتطرق لذكرها لاحقا ، ولنكمل النص …
    خروج يأجوج ومأجوج ونهايتهم عند وصولهم لمشارف مدينة القدس :
    "حزقيال : 38: 14-23: لذلك تنبّأ يا ابن آدم وقل لجوج ، هذا ما يُعلنه الرب : في ذلك اليوم عندما يسكن شعبي إسرائيل آمنا … وتُقبل أنت من مقرّك في أقاصي الشمال ، مع جيوش غفيرة ، تغشى الأرض ، كلّهم راكبو خيل ، … وتزحف على شعبي إسرائيل ، كسحابة تغطي الأرض ، في الأيام الأخيرة ، أني آتي بك إلى أرضي ، لكي تعرفني الشعوب ، عندما تتجلّى قداستي ، حين أُدمّرك يا جوج أمام عيونهم . هذا ما يقوله السيد الرب : ألست أنت الذي ، تحدّثت عنه في الأيام الغابرة ، على ألسنة عبيدي أنبياء إسرائيل ، الذين تنبّأوا في تلك الأيام لسنين كثيرة ؟! … ، وأُسلّط عليه السيف في كل جبالي ، فيكون سيف كلّ رجل ضدّ أخيه . وأُدينه بالوباء وبالدم ، وأُمطر عليه وجيوشه ، وعلى جموع حلفائه الغفيرة ، مطرا جارفا ، وبردا عظيما ، ونارا وكبريتا ، … فيدركون أني أنا الرب … فيخرج سكان مُدن إسرائيل ( بعد أن يكونوا قد اعتصموا منهم في جبال القدس ) ، ويحرقون الأسلحة والمجانّ ، والأترسة والقسيّ والسهام ، والحراب والرماح ، ويوقدون بها النار سبع سنين ، وينهبون ناهبيهم ، ويسلبون سالبيهم " .
    ـ مفاد هذه النبوءة والنبوءة السابقة ، كما يُفسّره ويُأولّه الباحثون الجدد حديثا من اليهود والنصارى ، أن روسيا ( جوج وماجوج ) وحلفائها ، ستقوم بغزو أرض إسرائيل ، عندئذٍ سيقف الرب بجانب إسرائيل وحلفائها فيكون النصر حليفهم . والخلط الذي أوجده مؤلفو التوارة ، بتكرار ذكر يأجوج ومأجوج في نصين مختلفين ، دفع مفسّري التوراة في الغرب للاعتقاد بأن الروس هم يأجوج ومأجوج ، والحقيقة التي نعلمها نحن كمسلمون أن خروج يأجوج ومأجوج ، سيقع بعد زوال دولة إسرائيل ، بل بعد ذبح اليهود النهائي ، وبعد خروج الدجال ، ونزول عيسى عليه السلام ، وأما غزو الروس لبلاد الشام ، فسيكون لقتال المسلمين في زمن المهدي وقبل خروج الدجال .
    الإطار العام للأحداث المستقبلية حسب الترتيب الزمني لحزقيال :
    1. غزو الجيش العراقي لإسرائيل وإنهاء وجود اليهود فيها .
    2. انضواء الشعوب العربية تحت لواء واحد للدفاع عن المسجد الأقصى .
    3. خراب الأرض في حرب عالمية نووية مُدمّرة بين معسكرين شرقي وغربي .
    4. نزول الخلافة الإسلامية في القدس .
    5. روسيا وحلفاؤها من نصارى الشرق يغزون دولة الإسلام في زمن المهدي .
    6. خروج يأجوج ومأجوج ونهايتهم عند وصولهم لمشارف مدينة القدس .
    ـ هذه هي قراءتنا لنبوءات حزقيال ، من خلال معرفتنا بأحداث آخر الزمان مما ورد في القرآن والسنة ، أما فهم النصارى الجدد لهذه النبوءات فهو فهم مرتبك ومضطرب ، إذ أنهم عند تفسيرها لا يُعيرون انتباها لترتيبها الزمني كما جاءت في سفر حزقيال ، فمعظم تفسيراتهم على اختلافها تذهب إلى أن كل هذه الأحداث ، ستتحقق في زمن واحد متمثلة في حرب عالمية ثالثة .
    رؤى دانيال ونبوءاته
    دانيال هو آخر الأنبياء الكبار ، وأحد الذين سُبوا إلى بابل طفلا ، وكتابه في مُعظمه يشتمل على رؤى نبوية ، تصف ما سيقع من أحداث في آخر الزمان ، وخاصّة فيما يتعلّق بقيام دولة اليهود الثانية وزوالها ، وعودة المسيح عليه السلام .
    غزو العراق لإسرائيل سيُشعل الحرب العالمية الثالثة :
    تفسير جبريل لإحدى رؤى النبي دانيال : " دانيال : 8: 19: وقال : ها أن أُطلعك على ما سيحدث ، في آخر حقبة الغضب ، لأنّ الرؤيا ترتبط بميعاد الانتهاء [ وقت المُنتهى ] ، أن الكبش ذو القرنين الذي رأيته هو ملوك مادي وفارس ( إيران والعراق ) ، والتيس الأشعر هو ملك اليونان ( الغرب ) ، والقرن العظيم النابت بين عينيه ، هو الملك الأول وما أن انكسر ، حتى خلفه أربعة عوضا عنه ، تقاسموا مملكته ، ولكن لم يُماثلوه في قوته . وفي أواخر ملكهم ، عندما تبلغ المعاصي أقصى مداها ( عند اكتمال الظلم ) ، يقوم ملك فظ حاذق وداهية [ جافي الوجه وفاهم الحيل ] ( بعض المفسّرون يرون بأنه الرئيس العراقي ) ، فيُعظم شأنه ، إنما ليس بفضل قوّته ( أي بقدرة الله ) . ويُسبّب دمارا رهيبا ( نتيجة استخدام أسلحة الدمار الشامل ) ، ويفلح في القضاء على الأقوياء ( أمريكا والغرب ) ، ويقهر شعب الله ( اليهود ) . وبدهائه ومكره يُحقّق مآربه ، ويتكبّر في قلبه ، ويُهلك الكثيرين وهم في طمأنينة ، ويتمرّد على رئيس الرؤساء ، لكنه يتحطّم بغير يد الإنسان ( أي يموت موتا طبيعيا ) " .
    ـ يرى نوستراداموس ( المتنبئ الشهير ) قديما من خلال هذا النص ، أن نقطة البداية ( الشرارة ) للحرب العالمية النهائية المدمّرة ، ستكون محصورة في ثلاثة بلدان هي ( إيران والعراق وفلسطين ) أما أتباعه الجدد فيرون أن هذه النبوءة تتحدث عن صدام حسين ، وغزوه لإسرائيل وتدميرها وإشعاله لنار الحرب العالمية الثالثة ، فتارة يصفونه بنبوخذ نصر جديد ، وتارة يصفونه بصلاح الدين الجديد ، وتارة بدجال آخر الزمان الذي يظهر في إيران أو العراق ، وهذه النبوءة وتفسيراتها الحديثة مما يُفسر جانبا من العداء الغربي المرضيّ المزمن ، للعراق وللعراقيين ولشخص الرئيس العراقي .
    فساد إسرائيل وإفسادها يؤكد حتمية زوالها :
    " دانيال : 9: 11: قد تعدّى كلّ شعب إسرائيل على شريعتك ، وانحرفوا فلم يسمعوا صوتك ، فسكبت علينا اللعنة وما أقسمت أن توقعه بنا ، كما نصّت عليه شريعة موسى عبد الله ، لأننا أخطأنا إليك . وقد نفذّت قضاءك الذي قضيت به علينا ، وعلى قضاتنا الذين تولّوا أمرنا ، جالبا علينا على أورشليم شرا عظيما ، لم يحدث له مثيل تحت السماء . … ، ولم [ نتضرّع إلى ] وجهك أيها الرب إلهنا ، تائبين عن آثامنا ومُتنبّهين لحقك ، فأضمرت لنا العقاب ، وأوقعته بنا لأنك إلهنا البارّ في كل أعمالك ، التي صنعتها لأننا لم نستمع إليك ".
    ـ هنا يُخبر دانيال عن العقاب على اعتبار ما سيكون ، وبأنه قضاء كان موسى عليه السلام قد أخبر عنه في كتابه ، وموضحا الأسباب التي أوجبت العقاب ، وأن العقاب سيُرفع لو سبقته التوبة ، ويقرّر دانيال أن الله عادل في عقابه لشعبه المختار .
    قيام دولة اليهود الثانية :
    ـ النص التالي هو تكملة لنصّ متداخل ، على ما يبدو أنه تكرار لنفس نص الرؤيا الأولى أعلاه ، لم أستطع تتبّع بداياته بدقة ، يتحدّث عن حروب وعن ملك ما ، لم أستطع تحديد ماهيته أو مخرجه ، ولكن من قراءة النص اللاحق ، يتبين أنه الذي تسبب في زوال الحكم الإسلامي وقيام دولة إسرائيل في فلسطين . ويصف هذا النص بدقة الواقع الحالي لأهل فلسطين وللعرب والمسلمين إجمالا ، ويحمل بشرى لهم بالنصر والفرج من عند الله ، عندما يحين موعد نهاية الدولة اليهودية ، وما كان عودة اليهود لفلسطين إلا امتحانا ، ليميز الطيب من الخبيث والمؤمن من المنافق .
    " دانيال : 11: 31: فتُهاجم بعض قوّاته حصن الهيكل وتنجّسه ، وتزيل المحرقة الدائمة ( أي الحكم الإسلامي ) ، وتنصب الرجس المُخرّب ( أي دولة إسرائيل ) . ويُغوي بالمُداهنة المعتدين على عهد الرب ( اليهود ) ، أمّا الشعب ( الفلسطينيون ) الذين يعرفون إلههم فإنّهم يصمدون ويُقاومون . والعارفون منهم يُعلّمون كثيرين ، مع أنّهم يُقتلون بالسيف والنار ، ويتعرّضون للأسر والنهب أيّاما ( سنين معدودة ) ، ولا يتلقون عند سقوطهم ( قتلى وجرحى ) ، إلا عونا قليلا ، وينضمّ إليهم كثيرون نفاقا ( حال العرب ) ، ويعثر بعض الحكماء تمحيصا لهم وتنقية ، حتى يأزف وقت النهاية ( نهاية إسرائيل ) ، في ميقات الله المعيّن ( أي عند مجيء وعد الآخرة ) " .
    حتمية نهاية إسرائيل على يد العراقيين :
    " دانيال : 11: 36: ويصنع الملك ( ملك إسرائيل ) ما يطيب له ، ويتعظّم على كل إله ويُجدّف بالعظائم على إله الآلهة ، ويُفلح إلى أن يحين اكتمال الغضب ، إذ لا بدّ أن يتم ما قضى الله به ، ولن يبالي هذا الملك بآلهة آبائه ، … ، إنّما يكرم إله الحصون بدلا منهم ( أي يتّكل على القوة ) ، … . وعندما تأزف النهاية ، يُحاربه ملك الجنوب ، فينقضُّ عليه ملك الشمال ، كالزوبعة بمركبات وفرسان وسفن كثيرة ، ويقتحم دياره كالطوفان الجارف . ويغزو أرض إسرائيل ، فيسقط عشرات الألوف صرعى ، ولا ينجو منه سوى ، أرض أدوم وأرض موآب ، والجزء الأكبر من أرض عمون ( ممالك الأردن القديمة ) ، يبسط يده على الأراضي ، فلا تفلت منه حتى أرض مصر . ويستولي على كنوز الذهب والفضة ، وعلى كل ذخائر مصر ، ويسير الليبيون والأثيوبيون في ركابه ( ليبيا والسودان ) ، وتبلغه أخبار من الشرق ومن الشمال ، فيرجع بغضب شديد ، ليُدمّر ويقضي على كثيرين ، وينصب خيمته الملكية ، بين البحر وأورشليم ، ويبلغ نهاية مصيره ( الوفاة ) ، وليس له من نصير " .
    ـ يبدو أن هذا النص يتحدّث عن آخر رئيس لإسرائيل ، وهو ملك لا يؤمن إلا بالقوة ولا يتكلّ إلا عليها ، والنص يصف الغزو العراقي القادم لإسرائيل ، وسيطرة رئيس العراق على معظم بلدان المنطقة وحكمه لها ، واتخاذه القدس عاصمة لملكه ، ومن ثم موته موتا لا قتلا . وأما ذكر ملكين من الشمال والجنوب ، فهو ناتج عن ارتباك كتبة التوراة ، في تحديد هوية هذا الملك ، والذي تبين لدينا من النبوءات السابقة ، أن هناك ملكين سيقومان بغزو إسرائيل ، الأول هو ملك بابل وكان مخرجه حسب إشعياء من الشرق ، وكان غزوه لإسرائيل حسب ارميا من الشمال ، وهذا يفيد بأنه خرج من الشرق ، وغزاهم من الشمال عن طريق سوريا حيث كان مُعسكرا في منطقة حماة . والملك الثاني هو جوج رئيس ماجوج أي الرئيس الروسي ، الذي سيغزوهم من أقصى الشمال ، ومع أن كل منهما حادث منفصل عن الآخر إلا أنهم جمعوهما في نص واحد بطريقة مربكة للقارئ ، مما أدى إلى حيرة الدارسين والباحثين الجدد لهذه النصوص ، في محاولاتهم لمعرفة ظروف الحرب العالمية الثالثة ، ولتحديد شقيّ النزاع فيها وأحلاف كل منهم ، وهذا النص تكرار لنص تفسير جبريل للرؤيا الذي تقدّم أعلاه .
    " 12: 9: اذهب يا دانيال ، لأن الكلمات مكتومة ومختومة إلى وقت النهاية . كثيرون يتطهّرون ويتنقّون ويُمحّصون بالتجارب ( يُمتحنون ) ، أما الأشرار فيرتكبون شرا ولا يفهمون ، ولكن ذوو الفطنة يُدركون [ يفهمون ] " .
    ـ يؤكد هذا النص أن الأحداث التي أخبر عنها ستأخذ مكانها في زمان النهاية ، وسيُمتحن من خلالها أناس كثيرون ، فمنهم من يقع بشرّ أعماله ، ومنهم من ينجو بجميل صنعه وفهمه ، واختياره للطريق الأصوب ، بناءً على ما جاء في هذه النبوءات .
    بعض رؤى ونبوءات الأنبياء الصغار
    وهم اثنا عشر نبيا ، وعلى ما يبدو أنهم بُعثوا في الفترة ، التي كان لليهود فيها تواجد في جزئي في القدس ، وتمتعوا فيها بحكم شبه ذاتي ، للقلة التي بقيت فيها ولمن عادوا من السبي البابلي ، وامتدت هذه الفترة ما بعد السبي البابلي إلى ما قبل بعث عيسى عليه السلام ، وسُمّوا بالأنبياء الصغار كون أسفارهم صغيرة الحجم ، حيث يتراوح عدد صفحات كل منها ما بين ( 2-12 ) صفحة ، ومعظم رؤاهم ونبوءاتهم تتحدث عن أحداث آخر الزمان ، المرتبطة بعودتهم الثانية إلى فلسطين :
    سفر يوئيل
    وصف أصحاب البعث الثاني :
    " هذا ما أوحى به الرب ، إلى يوئيل بن فثوئيل : اسمعوا هذا أيّها الشيوخ ، وأصغوا يا جميع أهل الأرض ، …
    1: 15: يا له من يوم رهيب ، لأن يوم الرب قريب ، حاملا معه الدمار من عند القدير ، … اصحوا أيها السكارى ، وابكوا يا جميع مدمني الخمر … فإن أمةً قوية قد زحفت على أرضي ، أُمة قوية لا تُحصى لكثرتها ، لها أسنان ليث وأنياب لبؤة ، …
    2: 2: هو يوم ظلمة وتجهّم ، يوم غيوم مُكفهرّة وقتام دامس ، فيه تزحف أمة قوية وعظيمة ، كما يزحف الظلام على الجبال ، أمّة لم يكن لها شبيه في سالف الزمان ، تلتهم النار ما أمامها ، ويُحرق اللهيب ما خلفها ، الأرض أمامها جنة عدن ، وخلفها صحراء موحشة ، يثبون على رؤوس الجبال ، في جلبة كجلبة المركبات ، كفرقعة لهيب نار يلتهم القشّ ، وكجيش عات مُصطفّ للقتال . تنتاب الرعدة منهم كل الشعوب ، وتشحب كل الوجوه ، يندفعون كالجبابرة وكرجال الحرب ، … ، ينسلّون بين الأسلحة من غير أن يتوقفوا ، ينقضّون على المدينة ، ويتواثبون فوق الأسوار ، يتسلّقون البيوت ، ويتسلّلون من الكوى كاللصوص ، ترتعد الأرض أمامهم وترجف السماء ، … ، يجهر الرب بصوته في مُقدّمة جيشه ، لأن جُنده لا يُحصى لهم عدد ، ومن يُنفّذ أمره يكون مُقتدرا ، لأن يوم الرب عظيم ومخيف ، فمن يحتمله ؟! " .
    ـ يوم الغضب الذي يصفه يوئيل ، هو اليوم الذي ستنقضّ فيه تلك الأمة القوية ، لتنفيذ وعد الآخرة في شعب الله المختار .
    الإشارة إلى موعد زوال دولة إسرائيل فلكيا :
    " يوئيل : 2: 30: وأجري آيات في السماء ، وعلى الأرض ، دما ونارا وأعمدة دخان . وتتحول الشمس إلى ظلام ( كسوف الشمس ) ، والقمر إلى دم ( وخسوف القمر ) ، قبل مجيء يوم الرب العظيم المُخيف . إنّما كل من يدعو باسم الرب يخلص ، لأن النجاة تكون في جبل صهيون وفي أورشليم …
    ـ يُشير هذا النص إلى أن نهاية إسرائيل سيسبقها بعض الإشارات والدلائل في السماء وفي الأرض ، أما الإشارات الأرضية فهي قتل وسفك دماء ، ودمار ونار وحرائق ودخان ، وأما الإشارات السماوية فهي كسوف كلّي للشمس يليه خسوف كلّي للقمر ، تتم مشاهدتهما من فلسطين على التوالي ، والملفت للنظر أن الإشارات السماوية قد وقعت بالفعل في المنطقة ، فالكسوف الكلي للشمس حدث بتاريخ 11 / 8 / 1999م ، وتبعه خسوف كلي للقمر بتاريخ 9 / 1 / 2001 ، ولأول مرة بعد قيام الدولة اليهودية ، يتحصّل هذا الحدث على هذا النحو ، وهو ما لن يتكرّر قبل 180 سنة على الأقل .
    فلسطين مسرح الحرب العالمية الثالثة :
    3: 1: لأنّه في تلك الأيام ، وفي ذلك الحين ، عندما أردّ سبي يهوذا وأورشليم ، أجمع الأمم كلّها ، وأحضرهم إلى وادي يهوشافاط ، وأحاكمهم هناك ، من أجل شعبي وميراثي إسرائيل ، … ، نادوا بهذا بين الأمم ، وتأهبوا للحرب ، … ، أسرعوا وتعالوا من كل ناحية ، … ، لتنهض الأمم وتقبل إلى وادي القضاء ، … ، تعالوا ودوسوا ، فإن المعصرة الخمر قد امتلأت ، والحياض فاضت بكثرة شرّهم …
    ـ يوم الغضب يشمل أيضا ، ما سيقع من غضب إلهي لاحق ، على بقية شعوب الأرض .
    عودة الأمن والطمأنينة لفلسطين بعد الحرب :
    وتقطر الجبال في ذلك اليوم خمرة عذبة ، وتفيض التلال باللبن ، وجميع ينابيع يهوذا تتدفق ماء ، ويخرج ينبوعا من هيكل الرب ، يروي واد السنط ، وتصبح مصر خرابا ، وأدوم قفرا موحشا ، لفرط ما أنزلوه من ظلم ، … ، ولأنهم سفكوا دما بريئا في ديارهم . أما يهوذا فإنّه يسكن الأرض إلى الأبد ، وتعمر أورشليم مدى الأجيال ، وأُزكّي دمهم الذي لم أُبرّئه ، لأن الرب يسكن في صهيون ( كناية عن الدين ) " .
    رؤيا حبقوق
    وصف الإفساد وأصحاب البعث الثاني :
    " 1: 3-11: أينما تلفّت أشهد أمامي جورا واغتصابا ، ويثور حولي خصام ونزاع ، لذلك بطلت الشريعة ( تعطلّت ) وباد العدل ، لأن الأشرار يُحاصرون الصدّيق ، فيصدر الحكم مُنحرفا عن الحقّ .
    تأمّلوا الأمم وأبصروا ، تعجّبوا وتحيّروا ، لأني مُقبل على إنجاز أعمال ، في عهدكم ، إذا أُخبرتم بها لا تصدّقونها . فها أنا أُثير الكلدانيين ، هذه الأمة الحانقة المُندفعة ، الزاحفة في رحاب الأرض ، لتستولي على مساكن ليست لها ، أمّة مُخيفة مُرعبة ، تستمدّ حُكمها وعظمتها من ذاتها . خيولها أسرع من النمور ، وأكثر ضراوة من ذئاب المساء ، فرسانها يندفعون بكبرياء ، قادمين من أماكن بعيدة ، مُتسابقين كالنسر المُسرع ، للانقضاض على فريسته ، يُقبلون جميعهم ليعيثوا فسادا ، ويطغى الرعب منهم على قلوب الناس قبل وصولهم ، فيجمعون أسرى كالرمل . يهزءون بالملوك ويعبثون بالحكام ، ويسخرون من الحصون ، يجعلون حولها تلالا من التراب ، ويستولون عليها . ثم يجتاحون كالريح ويرحلون ، فقوة هؤلاء الرجال هي إلههم " .
    " 2: 3 لأن الرؤيا لا تتحقّق إلا في ميعادها ، وتسرع إلى نهايتها ، إنها لا تكذب ، وإن توانت فانتظرها ، لأنها لا بدّ أن تتحقّق ، ولن تتأخر طويلا " .
    عودة الإسلام بخروج المهدي من مكة وانتصاره في جميع حروبه :
    " 3: 3-13: قد أقبل الله من أدوم ( الأردن ) ، وجاء القدّوس من جبل فاران ( مكة ) ، غمر جلاله السماوات ، وامتلأت الأرض من تسبيحه ، إن بهاؤه كالنور ، ومن يده يومض شعاع ، وهناك يحجب قوّته . يتقدّمه وبأ ، والموت يقتفي خطاه . وقف وزلزل الأرض ، تفرّس فأرعب الأمم ، اندكّت الجبال الأبدية ، وانهارت التلال القديمة ، أما مسالكه فهي منذ الأزل ، لقد رأيت خيام كوشان تنوء بالبلية ، وشُقق أخبية ديار مديان ترجف رعبا " .
    ـ هذا النص مشابه للنص النبوي الذي ورد في سفر التثنية بداية هذا الفصل ، فعبارة ( جاء القدّوس ) تُشير إلى عودة الدين ، وعبارة ( من جبل فاران ) ، تُحدّد مكان ظهور القائم على أمره وهي جبال الجزيرة العربية ، أما عبارة ( قد أقبل الله ) ، فتعني قدوم شيء من أمر الله ، كالبعث أو الملك المنتظر ، وعبارة ( من أدوم ) أي من الأردن ، تُشير إلى الجهة التي سيأتي منها البعث ، أو التي سيأتي منها المهدي لدخول القدس ، وعلى ما يبدو أن هذا النص ، جاء ليُفسّر ويُفصّل النبوءة ، التي جاءت على لسان موسى عليه السلام ( وأتى من ربوات القدس ، وعن يمينه نار شريعة لهم ) ، وتؤكد أن المهدي سيظهر في مكة ، ومن ثم سينتقل إلى القدس ليُعيد للإسلام مجده وبهاءه ، وليُيدد بنوره عصورا من ظلام القلوب والعقول .
    رؤيا صفنيا
    وصف إفساد إسرائيل والوعد بعقابها :
    3: 1-4: ويل للمدينة الظالمة المُتمرّدة الدنسة ، التي لا تُصغي لصوت أحد ، وتأبى التقويم ، ولا تتكلّ على الرب ، ولا تتقرّب من إلهها ، رؤساؤها في داخلها أُسود زائرة ، وقضاتها كذئاب المساء الجائعة ، التي لا تبقي شيئا ، من فرائسها إلى الصباح ، أنبياؤها مغرورون وخونة ، وكهنتها يُدنّسون المقدس ، ويتعدّون على الشريعة …
    " 1: 2: يقول الرب : سأمحو محوا كل شيء عن وجه الأرض ، … . أمدُّ يدي لأُعاقب يهوذا وكل أهل أورشليم ، وأُفني من هذا الموضع بقية عبدة البعل ، وكل كهنة الوثن . … ، فتصبح ثروتهم غنيمة ، وبيتهم خرابا " .
    الحرب القادمة مُباغتة وسريعة :
    1: 14-18: إن يوم الرب العظيم قريب ، وشيك وسريع جدا . دويُّ يوم الرب مُخيف ، فيه يصرخ الجبار مرتعبا ، يوم غضب هو ذلك اليوم ، يوم ضيق وعذاب ، يوم خراب ودمار ، يوم ظلمة واكتئاب ، يوم غيوم وقتام . … ، فيه أُضايق الناس فيمشون كالعمي ، لأنهم أخطئوا في حقّ الرب ، فتنسكب دماؤهم كالتراب ، ويتناثر لحمهم كالجلّة . لا يُنقذهم ذهبهم ولا فضتهم ، في يوم غضب الرب ، إذ بنار غيرته تُلتهم كلّ الأرض ، وفيه يضع نهاية ، مُباغتة كاملة سريعة ، لكلّ سكان المعمورة " .
    ـ اعتمادا على هذا النص يعتقد معظم المفسّرون الغربيون ، بأن الحرب العالمية القادمة ستكون مباغتة وسريعة جدا ، وستحسم في فترة زمنية قصيرة جدا تُعدّ بالأيام . وقصر المدة يُشير إلى حتمية استخدام أسلحة الدمار الشامل بكافة أشكالها .
    سفر حجّي
    إعادة بناء الهيكل طمعا في الذهب والفضة :
    " 1: 7-8: هكذا يقول الرب القدير : تأملوا فيما فعلتم ، اصعدوا الجبل ، واجلبوا خشبا وشيّدوا الهيكل ، فأرضى عنه وأتمجّد …
    2: 5-9: بمقتضى عهدي الذي أبرمته معكم ، عندما خرجتم من ديار مصر ، إن روحي ماكث معكم ، فلا تفزعوا . لأنه هكذا يقول الرب : ها أنا مُزمع مرّة أخرى ، عمّا قليل أن أُزلزل السماء والأرض والبحر واليابسة ، وأن أُزعزع أركان جميع الأمم ، فتُجلب نفائسهم إلى هذا المكان ، وأملأ الهيكل بالمجد ، فالذهب والفضة لي يقول الرب القدير ، ويكون مجد هذا الهيكل الأخير ، أعظم من مجد الهيكل السابق ، وأجعل السلام يسود هذا الموضع ، يقول الرب القدير " .
    ـ هذا النص المُحرّف ، مما يتّخذه اليهود كدعوة لإعادة بناء الهيكل ، والحقيقة أن الله أمرهم بعبادته وإقامة شريعته ، ولكنهم يعبدون الذهب والفضة ، ومستودعها هو الهيكل ، ويسعون لبناءه لجعله مصرف دولي أو بورصة عالمية ، وهذا كان حالهم عند مجيء المسيح عليه السلام ، وكما هو موصوف بالإنجيل ، وأما النص غير المُحرّف الذي يخبرهم فيه ربهم ، بأنه لا يريد منهم هيكلا وإنما يريد منهم صلاحا وإصلاحا ، فهو موجود أيضا في نفس السفر ، بعد أسطر قليلة وهذا نصه :
    " 2: 14-15: هذا هو حال الشعب ، … ، فكلّ أعمال أيديهم ، وما يُقدّمونه نجس . والآن تأملوا فيما صنعتم اليوم ، وفيما صنعتم في الأيام السالفة ، قبل أن تضعوا حجرا فوق حجر ، لبناء هيكل الرب !!! " .
    سفر زكريا
    تحذير يهود هذا الزمان على لسان زكريا عليه السلام :
    1: 2-6: لقد غضب الربّ أشدّ الغضب على آبائكم ، ولكن قُل لهم هذا ما يُعلنه الرب القدير : ارجعوا إليّ فأرجع إليكم . ولا تكونوا كآبائكم ، الذين حذّرهم الأنبياء السابقون ، قائلين : ارجعوا عن طُرقكم الباطلة ، وأعمالكم الشرّيرة ، ولكنّهم لم يسمعوا ولم يُصغوا إليّ ، … ألم تدركوا أقوالي وفرائضي ، التي أمر بها عبيدي الأنبياء آباءكم ، قائلين : لقد نفّذ الرب القدير ، ما عزم أن يُعاقبنا به ( في المرة الأولى ) ، بمقتضى ما ارتكبناه ، من أعمال باطلة " .
    " 7: 8: هذا ما يقوله الرب القدير : اقضوا بالعدل ، وليُبدِ كل منكم إحسانا ورحمة لأخيه . ولا تجوروا على الأرملة واليتيم ، والغريب والمسكين . ولكنهم أبَوْا أن يُصغوا ، واعتصموا بعنادهم غير عابئين ، وأصموا آذانهم لئلا يسمعوا . وقسّوا قلوبهم كالصوّان لئلا يسمعوا ، … ، فانصبّ غضب عظيم من لدن الرب القدير ، … وأضحت الأرض المبهجة قفرا " .
    مصير الشعب اليهودي في إسرائيل :
    " 13: 7-9: ويقول الرب القدير : استيقظ أيها السيف ، وهاجم راعيَّ ورجل رفقتي ، اضرب الراعي فتتبدّد الخراف ، ولكنّي أردّ يدي عن الصّغار ( أي المستضعفين ) . يقول الرب : فيفنى ثُلثا شعب أرضي ، ويبقى ثُلثهم حيا فقط . فأُجيز هذا الثلث في النار ، لأُنقيه تنقية الفضة ، وأمُحّصه كما يُمحّص الذهب " .
    ـ هذا النص يُشير إلى الوعد الثاني وعقابه ، حيث يفنى ثلثان وينجو ثلث ، وهذا الثلث يُمتحن بمجيء الدجال فيفنى من تبعه منهم ، وينجو منهم من يعتنق الإسلام .
    " 14: 1: انظروا ها يوم مُقبل للرب ، يُقسم فيه ما سُلب منكم في وسطكم . لأني أجمع الأمم على أورشليم لتحاربها ، فتُؤخذ المدينة وتُنهب البيوت ، وتُغتصب النساء ، ويُسبى نصف أهلها إلى المنفى ، إنّما لا ينقرض بقية الشعب من المدينة " .
    الحرب العالمية النووية الثالثة :
    ـ يعتقد مُجمل الغربيون من يهود ومسيحيين ، من مفسّري النصوص التوراتية ، أن حربا نووية ستقع في المستقبل القريب تبدأ بهجوم على إسرائيل ، من قبل روسيا وحلفائها من الشرقيين المذكورين في النصوص السابقة . وستكون نتيجة هذه الحرب هي انتصار إسرائيل وحلفائها الغربيّون ، وفيما يلي بعض النصوص التي تُخبر عن ظروف هذه الحرب :
    " 12: 1-6: ها أنا مُزمع ، أن أجعل أورشليم كأس خمر ، تترنّح منها جميع الشعوب المُحيطة بها ، … ، في ذلك اليوم أجعل أورشليم كصخرة ثقيلة ، تعجز عن حملها جميع الشعوب . وكل من يُحاول حملها ينشقّ شقّا ، ويتألّب عليها جميع شعوب الأرض ، في ذلك اليوم ، يقول الرب : أُصيب كل فرس من جيوش الأعداء بالرعب ، وفارسه بالجنون ، … ، أجعل عشائر يهوذا ، … ، كمشعلٍ ملتهبٍ بين أكداس الحنطة ، فيلتهمون الشعوب من حولهم ، ممن عن يمينهم وعن يسارهم ، بينما تظلّ أورشليم ، آمنة آهلة في موضعها " .
    ـ مع أنّ هذا النص يُشير إلى أن إسرائيل ، ستُهاجم من قبل أمم كثيرة فينتصر الرب لأورشليم وعشائرها وتبقى آمنة مطمئنة ، لكن في النصوص التي تلي هذا النص ، تجد نواحا ونحيبا من قبل ذرية داود ، والنواح والنحيب لا يكون عادة من شدة الفرح وإنما من شدة الألم ، لوقوع فاجعة ما حلّت بهم ، وفي النص التالي وصفا لهذا النواح :
    " 12: 11: في ذلك اليوم يكون النواح في أورشليم ، مماثلا للنواح في هدد رمّون في سهل مجدّو ، فيشيع النحيب بين أهل البلاد " .
    ـ وحسب ما يعتقد اليهود والنصارى ، فإن هذا النص يُحدّد ساحة المعركة البرية ، في الحرب القادمة المُسمّاة ( هرمجدون ) بين إسرائيل وأعدائها ، في سهل مجدّو شمال فلسطين .
    " 14: 12: وهذا هو البلاء الذي يُعاقب به الرب ، جميع الشعوب الذين اجتمعوا على أورشليم : تتهرّأ لحومهم وهم واقفون على أرجلهم ، وتتآكل عيونهم في أوقابها ، وتتلف ألسنتهم في أفواههم . 13: في ذلك اليوم يُلقي الرب ، الرعب في قلوبهم ، حتى ترتفع يد الرجل ضد رفيقه فيهلكان معا . 14: ويُحارب أبناء يهوذا أيضا دفاعا عن أورشليم ، ويغنمون ثروات من الأمم المُحيطة " .
    ـ يُشكّل هذا النص توليفة غريبة ، من صنع الكتبة . فالفقرة (12) تصف ما يُشبه تأثير تعرّض الجسم لحرارة شديدة جدا . والآية (13) تصف ما يُشبه قيام الساعة . والفقرة (14) وكأنها نص مأخوذ مما يلي الفقرة (16) في النص اللاحق ، إذ كيف يقوم أبناء يهوذا بمحاربة الجثث المحترقة !!!
    " 9: 13: ها أنا أُتر يهوذا كقوس ، وأجعل أفرايم كسهم ، وأُثير رجال صهيون على أبناء اليونان ، فتكونين كسيف جبّار . … ، 15: يقيهم الرب القدير حجارة المقلاع ، بل تقصر عنهم ويطئونها ، ويشربون ويصخبون كالسكارى من الخمر ( من نشوة النصر ) . 16: في ذلك اليوم ، يُخلّصهم الربّ إلههم لأنهم شعبه وقطيعه ، ويتألقون في أرضه كحجارة كريمة مرصّعة في تاج ، فما أجملهم وأبهاهم ! " .
    ـ هذا النص يصف رجالا يُقاتلون أبناء اليونان أي ليس آباءهم ، واليونان هم الغرب ويُمثّلهم الآن أمريكا وبريطانيا وحلف الناتو ، وهم كما نعلم حلفاء لإسرائيل ، فكيف سيقاتل رجال صهيون حُلفائهم من أبناء اليونان ؟
    ـ ملخص ما تُفصح عنه هذه النصوص :
    بربط هذه النصوص مع النصوص السابقة ، نجد أن النصوص السابقة ، تُحذّر اليهود من الإفساد في الأرض ، ومن ثم تُخبر بأن الإفساد سيقع منهم لا محالة ، مما يُحتم انسكاب الغضب الإلهي عليهم ، والنتيجة هي وفاة ثلثيهم ، ونجاة ثلث ، وخراب أرضهم ، بمعنى نهاية دولتهم في فلسطين ، وهذا يعني أن القدس ستكون في أيدي أناس من غير اليهود ، وهم الذين أنهوا الوجود اليهودي فيها .
    ومن ثم تبدأ بالإخبار بأن أورشليم أي القدس ، ستكون محط أنظار جميع شعوب العالم ، وبأن شعوبا كثيرة ستأتي لقتال أهلها والاستيلاء عليها ، فيهلكوا جميعا وتبقى القدس آمنة عامرة بسكانها . وهلاك هذه الشعوب سيكون باحتراقها بالأسلحة النووية ، ويُحارب أهل فلسطين آنذاك في معركة برية فيُنصرون ويغنمون ويسلمون .
    والخصم يُحدّده النص الأخير بأبناء اليونان ، أي حلف الناتو بقيادة أمريكا ، ويُخبر النص بأن الله سيقي شعبه المتواجد في فلسطين ، من صورايخ أعداءهم وقنابلهم ، ويكون النصر حليفهم ، ومن ثم يُخبر عن صفة القوم الذين يُحاربون أبناء اليونان ، وهي صفة لا تليق إلا بالمسلمين .
    بناء الهيكل تعبير مجازي والمراد منه إقامة الدين وليس إقامة البناء :
    " 1: 14-17: هذا ما يقوله الرب القدير : إنّي قد غرت على أورشليم ، وعلى صهيون ( جبل المسجد ) غيرة عظيمة ، ( من أجل ما فعلوه فيها ) ، ولكنّ غضبي مُتأجج على الأمم المتنعمة ( وهم على رأسها ) . لقد اغتظت قليلا ( والأصحّ كثيرا ) من شعبي ، إلا أنّهم زادوا من فواجعهم . لذلك يقول الرب : سأرجع إلى أورشليم بفيض من المراحم ( بعودتها إلى أهلها ) ، فيُبنى هيكلي ( فيُقام الدين ) ، وتعمر أورشليم ( تُتّخذ عاصمة للحكم الإسلامي ) ، واهتف قائلا : هذا ما يقوله الرب القدير : ستفيض مُدني خيرا ثانية ويرجع الرب ، فيُعزّي صهيون ويصطفي أورشليم " .
    ـ وفيما يلي تكرار لنفس النص ، ولكن بدون التشويهات التي أضافها الكهنة إلى النص أعلاه :
    " 8: 2-3: هذا ما يقوله الرب القدير : إنّني أغار على صهيون غيرة عظيمة ، مُفعمة بغضب شديد على أعدائها ( وأعداءها هم اليهود أنفسهم ) . لهذا يقول الرب القدير : ها أنا عائد إلى صهيون لأُقيم في أورشليم ، فتُدعى آنئذ مدينة الحقّ ، كما يُدعى جبل الرب القدير بالجبل المُقدّس " .
    ـ وهذا سيكون عند ظهور ملك القدس المنتظر ، الذي تتحدّث عنه النصوص التالية :
    المهدي ومسمّاه وصفة ملكه :
    " 3: 8: فأصغ يا يهوشع رئيس الكهنة ، أنت وسائر رفاقك الكهنة الجالسين أمامك ، أنتم رجال آية ( أي شهود ) : وها أنا آتي بعبدي الذي يُدعى الغصن " .
    " 6: 12-15: هكذا يقول الرب القدير : ها هو الرجل الذي اسمه الغصن ، ينبت من ذاته [ وفي الترجمة الثانية / ومن مكانه ينبت ] ، ويبني هيكل الرب ( أي يقيم الدين ) . هو الذي يبني هيكل الرب ويتجلّل بالمجد ، ويكون ملكا وكاهنا في آن واحد ( أي خليفة قائم بأمر الدين والدنيا ) ، فيجلس ويحكم على عرشه ، فيعمل بفضل مشورة رتبتيه ( أي الملك والكهانة ) ، على إشاعة السلام بين قومه . ويتوافد قوم من بعيد ليبنوا هيكل الرب .
    ـ وهذا الرجل غصن من شجرة محمد عليه الصلاة والسلام ، وينبت في نفس المكان أي من جزيرة العرب ، التي يُسمّونها في التوراة جبال فاران .
    " 8: 19-22: ستكون مواسم ابتهاج وفرح وأعياد سعيدة ، يتمتع بها شعب يهوذا ، لهذا أحبّوا الحقّ والسلام ، … . فتتوافد أمم كثيرة وشعوب قويّة ، ليلتمسوا وجه الرب القدير ، في أُورشليم وليحظوا برضاه .
    ـ قارن ما بين النصين لتكتشف التحريف والتبديل ، حيث وضعوا شعب يهوذا في النص ( 19-22) بدلا من قومه في النص ( 12-15) أعلاه ، وأضافوا إلى النص الثاني ، ابنة صهيون وابنة أورشليم .
    ملك القدس المنتظر الذي تُخبر عنه توراة اليهود هو المهدي :
    " 9: 9-10: ابتهجي جدا يا ابنة صهيون ، واهتفي يا ابنة أورشليم ، لأن هو ذا ملكك مُقبل إليك . هو عادل ظافر ، ولكنّه وديع راكب على أتان . وأستأصل المركبات الحربية من أفرايم ، والخيل من أورشليم ، وتبيد أقواس القتال ، ويشيع السلام بين الأمم ، ويمتدُّ ملكه من البحر إلى البحر ، ومن نهر الفرات إلى أقاصي الأرض " .
    ـ يقول اليهود أنه الملك الرب ، ويقول النصارى أنه عيسى عليه السلام وقد تحقق ذلك ، والحقيقة أن هذه النبوءة مستقبلية ولم تتحقق لغاية الآن ، فصاحبها هو المهدي الذي سيقهر كل خصومه ، ومن ثم يشيع السلام والأمن ، على امتداد ملكه الموصوف بالنص ، وهذا مما يجعل أي صحوة إسلامية ، تدبّ الرعب في قلوبهم الفزعة .
    النبوءات التوراتية وأثرها في تشكيل القناعات والعقائد اليهودية المشوّهة :
    هذه النبوءات التوراتية الواعدة ، شكلّت أحد أبرز العقد في الشخصية اليهودية ، وهي التطلع الدائم إلى الملك والسيادة في أرض الميعاد . وهذه النبوءات كانت تُسيّر اليهود على مدى تاريخهم الطويل وما زالت ، في حلّهم وترحالهم في أرجاء الأرض ، بحثا عن هذا المُلك التوراتي الموعود الذي نسجته أقلام الكهنة ، فظلموا أنفسهم وظلموا من جاء بعدهم ممن آمن بأن هذا من عند الله ، ليُلاقي عُميان البصر والبصيرة من أبنائهم هذه الأيام مصيرهم المظلم والمحتوم ، والذي تقشعرّ من وصفه في التوراة أبدان الذين يعقلون من الناس . ولكن اليهود … لا يسمعون … ولا يُبصرون … ولا يعقلون … ولا يفقهون … إلا أكاذيب أربابهم من الكهنة والأحبار . ولذلك سيكون من ينجو منهم من عقاب وعد الآخرة ، صيدا سهلا للدجّال عند ظهوره بملكه المادي ، الذي هو الأقرب للوصف الذي خطه الكهنة ، وهو الأقرب لأهوائهم وأطماعهم ، التي لم تختلف قيد أنملة عن أهواء وأطماع أسلافهم .
    قراءة في العقائد اليهودية :
    اليهود أقرب إلى الإقرار بوجود الله من إنكاره ، ولكن معرفة المُقِرّ منهم بالله محصورة ، في إطار ما جاء في التوراة والتلمود ، التي تصف الله بصفات ، أقرب ما يكون إلى صفات الأب البشري ، الذي يعطي ويعطف ويعفو ويصفح ، ولا يغضب على أبنائه مهما بلغوا من السوء ، ويُخطئ ولكنه يعود ويعترف بخطئه في حق أبنائه ويرجع عنه ، وكأنهم الابن البكر صاحب الحظوة عند الأب كما هي العادة ، ويتعاملون مع الله على هذا الأساس لفهمهم الخاطئ لمسألة التفضيل ، باختيارهم لحمل الرسالة السماوية ورعاية الله لهم فيما مضى من الزمان ، وتستطيع تصوّر العقلية التي يتعاملون بها مع الله ، بعقلية الابن المُدلّل الأناني الفاسد والمفسد عديم البصر والبصيرة ، والذي لا يتوقع من أبيه الأذى مهما ارتكب من أخطاء . حتى ولو حذّره والده مرارا وتكرارا من استمراره على نفس الحال ، فهو لا يريد أن يُصدّق أن هذا الأب المعطاء الحاني ، من الممكن يوما من الأيام أن يُعاقب ابنه المدلّل مهما كانت الأسباب . وتستطيع تصوّر الكيفية التي يتعامل بها اليهود مع باقي البشر ، من خلال الكيفية التي يتعامل بها ذلك الابن مع باقي أخوته ، وهذه الكيفية هي ما تجده في تعاليم التلمود .
    وأخطر معتقدات اليهود هو عدم الإيمان باليوم الآخِر ، فمؤدى نكران اليوم الآخِر هو نكران للبعث بعد الموت ، ونكران للحساب ونكران للجزاء الأخروي والبديل لديهم إن وُجد فهو الجزاء الدنيوي . وهذا مما يؤدي إلى الاعتقاد بعبثية الخلق ، وعبثية الإيمان بالله أصلا ، فلا جدوى من الصلاح والإصلاح إن لم يكن هناك ثواب ، ولا ضير من الفساد والإفساد إن لم يكن هناك عقاب ، وبعض من هذه الأفكار الإلحادية ، تجدها في التوراة في سفر الجامعة سفر العبث والعبثية . ولذلك أخذ اليهود على عاتقهم ، مسؤولية الإفساد في الأرض دونما وازع أو رادع ، بما أخفاه مؤلفو التوراة من ذكر لليوم الآخر ومتعلّقاته ، فالثواب حسب اعتقادهم هو مقدار ما ينالونه من كسب دنيوي بشتى الوسائل والسبل ، والعقاب هو مقدار ما يخسرونه من هذا الكسب . وحتى يُجنّب رب العزة أمّة الإسلام خطر هذا الاعتقاد ، اقترن ذكر الإيمان بالله بذكر الإيمان باليوم الآخر والآخرة ، بصريح اللفظ 26 مرة في القرآن ، وتكاد لا تخلو سورة من ذكر متعلّقاته أو التذكير بها ، من بعث وحساب وجزاء وما يليه من عقاب وثواب . وانعدام إيمانهم باليوم الآخر ، أوجد لديهم الصفات السلبية التي تمتعوا بها على مرّ العصور ، مثل الحرص على الحياة والجبن والبخل والسعي وراء الكسب المادي وانعدام المبادئ والقيم والصفات البشرية المحمودة .
    وللتعويض عما حذفوه من الأصول العقائدية الصحيحة ، وللتوفيق ما بين المعتقدين السابقين ، طرح مؤلفو التوراة والتلمود الكثير من الأفكار الإلحادية ، كفكرة الملك الإله الرب من نسل داود ، الذي سيظهر بلحمه ودمه ليسكن جبل صهيون في القدس ويحكم العالم إلى الأبد ، لينفوا بعبارة ( إلى الأبد ) أي أمل لليهود ليعتقدوا بنهاية الحياة الدنيا ، وبوجود حياة أخرى هي التي تتصف بالأبدية ، مما أبهم على العامة مصير الروح بعد الموت ، فطرحوا حول مصيرها أفكار متضاربة هي أقرب إلى المعتقدات الوثنية منها إلى أي شيء آخر .
    أثر هذه المعتقدات في الشخصية اليهودية :
    كان السبي البابلي بما أحدثه من دمار وتنكيل وأسر ، أكبر صدمة يتعرض لها الشعب اليهودي ، حيث قلبت كيانهم رأسا على عقب ، ولم تقم لهم قائمة منذ ذلك اليوم ، حتى تمكنوا من تحقيق علوهم الثاني في فلسطين ، ولولا مشيئة الله التي ينكرونها ما كان . والذي لم يكن يتخيله أو يتصوره اليهود آنذاك وهم في قمة علوهم الأول ، أن يتخلى عنهم رب الجنود ، وأن يبعث عليهم أمة جافية الوجه لتعمل فيهم سيف انتقامه ، وأن يُنزل بهم ضعة وذلّا وخزيا ، بعد عزة وقوة وعلو ، بالرغم من كل ذلك الدلال - الموثّق في التوراة - الذي أحاطهم به ، منذ خروجهم من مصر - وما أجراه سبحانه لهم من معجزات ، وعفوه عنهم رغم كفرهم وعصيانهم وعدوانهم مرارا وتكرارا - حتى أدخلهم إلى الأرض المقدّسة وأقام لهم مملكة بلا جهد أو عناء .
    وبالرغم من وضع نبوءة الإفسادين وما يليهما من عقاب ، سيفا إلهيا مسلطا على رقابهم ، لم ولن يرجعوا عن غيهم وطغيانهم ، فهم مسكونون بما تقوّله كهنتهم وأحبارهم وحاخاماتهم ( الحكماء ) على الله وعلى رسله وعلى كل ما هو مقدّس ، مما أدى إلى إصابتهم كأمّة بحالة معقدّة من الفصام العقلي ، من جراء اعتناقهم لمعتقدات خاطئة ، نتيجة ما زرعه حكماؤهم في التوراة والتلمود ، من خرافات وأساطير وآراء وتفسيرات ، هي أقرب ما يكون إلى الأوهام والهلاوس ، فأنبتت تلك المسوخ الشيطانية عديمة البصر والبصيرة ، التي اتّحدت وآمنت بشكل جماعي بمعتقدات خاصة بها ، تتنافى مع الطبيعة البشرية السليمة ، فرُفضت واضطهدت من كل المجتمعات البشرية ، التي ساءها ذلك السلوك الجماعي الشاذ والمنحرف لتلك المسوخ ، وبالتالي لم تجد الشعوب حلا لمشكلتهم إلا الطرد والنفي ، أو إجبارهم بمراسيم ملكية على التقوقع والعيش كالبهائم في حظائر المواشي المسماة بالغيتوهات أو الكيبوتس ، ومع ذلك لم ينجح هذا الحل . وظنّ الغرب أنه بإيجاد غيتو كبير لهم فلسطين ، ونفيهم إليه وحشرهم فيه ، سيتخلصون من مشكلتهم إلى الأبد ، ولكن تبين لهم بعد فوات الأوان ، أنهم كانوا على خطأ ، إذ أنهم بعد تمكّنهم من إقامة وطن قومي لهم ، أصرّ معظمهم وخاصة الأغنياء منهم على البقاء في الغرب ، فأصيب نصارى الغرب مؤخرا بعدوى الفصام اليهودي ، لأنهم يملكون استعدادا وراثيا توراتيا لذلك ، لما يحملونه بدورهم من معتقدات خاطئة ، بناءً على ما جاء في الإنجيل من أوهام وهلاوس مشابهة . لذلك من الطبيعي جدا ، أن ترى زعماء اليهود يصافحون العرب ، راسمين على شفاهم تلك الابتسامة العريضة ، بينما أيديهم تقطر من دم أبنائهم وأخوانهم وكأن شيئا لم يكن .
    ما يعتقده اليهود بالنسبة لوجودهم الحالي في فلسطين :
    خلاصة ما يعتقده اليهود هذه الأيام ، وهم الأقرب والأكثر فهما لنبوءات التوراة ، لمعرفتهم بالطرق السرية التي كُتبت فيها نصوص التوراة ، وما تضمنته من أسرار ورموز ، مفاتيح حلها موجودة ، في كتب خاصة لديهم ، بناءً على ما تقدّم :
    1. تُخبرهم بعض نصوص التوراة بأنهم ، بعد العودة من الشتات ، لا محالة سيُفسدون ، وأن الله سيبعث عليهم من يُعاقبهم ، من العراق أو إيران أو كليهما .
    2. وتُخبرهم نصوص أخرى ، أنّ مُلكهم بعد العودة من الشتات ، سينضوي مستقبلا تحت لواء ملك من نسل داود أو الملك الرب القدير ، يظهر آخر الزمان يقود اليهود وينتصر على أعداء إسرائيل ، ويحكم العالم أجمع من القدس ملكا أبديا ، يتصف بالحق والعدل والسلام وأن أوانه قد اقترب ، ولتعجيل ظهوره لا بد لهم من الاستيلاء على أرض فلسطين كاملة ، وتفريغ شعبها منها وهدم المسجد الأقصى وبناء الهيكل ، لكي يتسنى لهذا الملك تقديم القربان المُقدّس على مذبحه ، وهو أول عمل سيقوم به فور ظهوره ، ويعتقدون بأن سرعة إنجاز هذه الأمور ، ستُعجّل بظهور هذا الملك .
    3. وتُخبرهم نصوص أخرى ، أن هناك كم هائل من الأعداء الذين سيُهاجمون إسرائيل مستقبلا ، وسيكون النصر حليف إسرائيل وحلفائها . لذلك فهم يعملون بلا كلل أو ملل ، من وراء الستار الغربي الأمريكي البريطاني لتأمين هذا النصر الموعود .
    ـ لذلك كان لا بد ليهود أمريكا على وجه الخصوص ، من أجل تعطيل النبوءة التي تخبر عن دمار دولتهم ، ومن أجل تحقق النبوءة التي تنسب إليهم الملك الأبدي ، الذي سيقوم في القدس في نهاية الأمر ، أن يعملوا :
    1. على تقوية إسرائيل بإمدادها بالأموال والتكنولوجيا العسكرية المُتطوّرة التقليدية والنووية .
    2. على إجبار دول هؤلاء الأعداء التوراتيون على الموالاة للغرب ، ومن ثم الموالاة لإسرائيل عن طريق الترغيب والترهيب .
    3. على حرمان الدول المعادية لإسرائيل من هذه القدرات ، وإضعاف هذه القدرات حين امتلاكها وتدميرها .
    4. على تدمير الاستقرار الداخلي لتلك الدول ، سياسيا واقتصاديا واجتماعيا إن تعذّر ذلك عسكريا .
    ـ ويعتقدون أن الخطر القادم يتمثّل بشكل أساسي في :
    1. البلدان العربية والإسلامية وعلى رأسها العراق .
    2. البلدان الشيوعية المناهضة للديموقراطية الرأسمالية وعلى رأسها روسيا والصين .
    3. شخص الأمير المُسلم الذي أخبرت عنه التوراة ، بأنه سيخرج من جزيرة العرب ، ليملك مشارق الأرض ومغاربها .
    وللأسباب الثلاثة مجتمعة ، عمل اليهود وما زالوا يعملون على تواجد الأساطيل والقواعد العسكرية الأمريكية البريطانية ، بشكل مكثف في منطقة الخليج العربي والجزيرة العربية ، وتركيا والبحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط سابقا ولاحقا ، لكي تمنع العراق من مهاجمة إسرائيل ، ولكي تمنع هذا الأمير المسلم من الخروج من أرض الجزيرة ، وظهور أمره وأمر الإسلام من جديد . فكما أنهم أي اليهود سكنوا جزيرة العرب ، ليحاربوا جدّه عليه الصلاة والسلام . فهم الآن متواجدون فيها تحت القناع الأمريكي ، في انتظار خروجه ليحاربونه بلا أدنى شك . ولقطع الطريق على الجيش الروسي عند هجومه على إسرائيل ، أما ادّعائهم بالتواجد في منطقة الخليج ، للحفاظ على مصالح الولايات المُتحدة فذلك لذرّ الرماد في العيون ، فمصالحهم محميّة بسواعد عربية وأوامرهم مطاعة حتى في غرف النوم .
    وغزو العراق لإسرائيل الذي هو أول مشهد في الحلقة الأخيرة ، من مسلسل اليهود التاريخي الطويل ، قد اقترب أوانه وأشرف زمانه ، وهم يعلمون ذلك من خلال الحساب ومن خلال الظواهر الفلكية ، كما علموا قديما عن طريق الفلك بموعد مولده عليه السلام وموعد بعثه .
    أعداء دولة إسرائيل التوراتيون بمسمّياتها القديمة والحديثة حسب تفسيرهم :
    1. بابل وآشور وبلاد الكلدانيين ـ العراق . ( درجة أولى في العداء التوراتي لإسرائيل وبامتياز مع مرتبة الشرف ) . تم توريطه في حربيّ الخليج الأولى والثانية ، وضرب المفاعل النووي ، وفرض حصار أبدي ، ويطمحون إلى إبادة شعبه بالأسلحة النووية ، في أقرب فرصة ممكنة . ومشمول في قائمة الدول الراعية للإرهاب .
    2. روش وماشك وتوبال وكلّ حلفائهما ، وبيت توجرمة من أقاصي الشمال ـ دول الاتحاد السوفييتي السابق . ( درجة ثانية ) . تم تفكيك الاتحاد السوفييتي ، وإضعاف الحزب الشيوعي المناهض للغرب ، وتدمير اقتصاد روسيا وتوريطها مع صندوق النقد الدولي . وتوريطها في حربين استنزافيتين في جمهورية الشيشان .
    3. مادي ، ورجال فارس ـ إيران . ( درجة ثانية ) . تم توريطها في حرب الخليج الأولى ، ومقاطعة اقتصادية أمريكية وعداء مُعلن ، تشجيع الحركات الإصلاحية الهدامة ، وإثارة الفتن والثورات الداخلية ، لإشعال حروب أهلية ، طمعا في قلب نظام الحكم الإسلامي فيها ، وهي مشمولة في القائمة الأمريكية للدول الراعية للإرهاب .
    4. إثيوبيا ـ السودان . ( درجة ثالثة ) . ما زالت الحروب الأهلية التي يدعمها الغرب مشتعلة فيها ، ومقاطعة اقتصادية أمريكية وعداء مُعلن ، وُقصفت بالصواريخ الأمريكية في زمن ( كلينتون ) ، لاتهامها بالتعاون مع ابن لادن ، وهي مشمولة في القائمة الأمريكية للدول الراعية للإرهاب .
    5. ليبيا . ( درجة ثالثة ) قٌصفت من قبل الطائرات الأمريكية في زمن الرئيس الأمريكي ( ريغان ) ، تم فبركة حادثة تفجير الطائرة ( لوكربي ) ، واتُهمت بتدبيرها ، ومن ثم فُرض عليها ، حظر دولي من مجلس الأمن ، ومقاطعة اقتصادية أمريكية ، وهي مشمولة في القائمة الأمريكية للدول الراعية للإرهاب .
    6. أشور وحلفائها ـ سوريا . ( درجة ثالثة ) . موضوعة على جدول مؤامراتهم القادمة ، وهي مشمولة في القائمة الأمريكية للدول الراعية للإرهاب .
    7. عيلام وحلفاؤها ، ملوك الشرق ـ أفغانستان وباكستان . ( درجة ثالثة ) . حظر ومقاطعة اقتصادية على كلتا الدولتين ، تم قصف معسكرات تنظيم القاعدة في أفغانستان . وأفغانستان غير مشمولة في القائمة الأمريكية للدول الراعية للإرهاب ، كونهم لا يعترفون بنظام الحكم فيها

    لكم مع خالص التحايا
    خاصة قرشو ياسر حنا مهيرة
                  

06-30-2003, 11:16 AM

مهاجر
<aمهاجر
تاريخ التسجيل: 11-23-2002
مجموع المشاركات: 2997

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: النبوءات التوراتية بين الماضي والمستقبل (Re: مهاجر)

    هذا جزء من كتاب اسمه
    نهاية اسرئايل والولايات المتحدة تجدونه كله علي هذا الرابط
    http://www.go.ae/kalwid/ketab.htm

    ارجو الاطلاع عليه فهو كتاب يستحق القراءة
                  

07-20-2003, 08:54 PM

مهاجر
<aمهاجر
تاريخ التسجيل: 11-23-2002
مجموع المشاركات: 2997

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: النبوءات التوراتية بين الماضي والمستقبل (Re: مهاجر)

    الحبيب قرشو
    والدكتورة مهيرة نرفع ليكم الموضوع تاني
    ولشئ في نفس يعقوب ايضا
    حتي تخرص الاصوات الاخري
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de