|
|
 الرحيل الى فضاءات سرمدية( قصة
|
الرحيل الى فضاءات سرمدية
كعادتهم فى صيف كل عام،كان الجميع على شرف استقباله،نفس الوجوه التى لفحتها حرارة الشمس،كل عام كانوا يصبون الدموع مرتين كل عام،يوم وصوله ويوم مغادرته،ودائماًًًٌما كانت تضيع فرحة عودته مع دموع فرحتهم.ويعجب أن يفعلوا ذلك ،وان كان يبكى فى صمت عند المغادرة.
كاد ان يصبه اغماء فى طريق عودته، لا لوعورة الطريق، قفد سلكها مرات ومرات، لكن لهول ما راه من رمال تزحف بسرعة جنونية، تأكل الاخضرامامها،حتى ليقسم إنها فى بعض الاماكن كانت تشرب من مياه النيل،فيشفق على ذلك النهر الخالد ان تبتلعه تلك الصحارى الظمئ لم تكن الصحراء هى التى اثارت اشمئزازه، كما فعلت الطريقة التى حاولوا أن يوقفوها بها،تلك النبة الشيطانيةْ’’المسكيت’’التى انتشرت تملآ الارض وتأكل الخصب منها، و لا توقف اندفاع و تدقف الرمال،لم ينتظر طويلا ليعلم ان الجميع مستاؤن ايضا، ارتفعت اصواتهم بالشكوى من كل شئ،من الصحراء،و اشجار المسكيت ، و درجات الحرارة الجهنمية التى كانت فى اوجها عند وصوله، من مطبات الحياة القاسية التى بدأت تخط اثارها على وجه كل منهم وترسم عليه خطوط سيرها الوعرة، لكنه احس ان الشئ الذى يزعجهم اكثر-ربما مؤقتا-هو عودته، لا يدرى لماذا انتابه احساس غامض بانهم ليسوا سعداء لرؤيته هذه المره،لم تكن دموعهم هى سبب هذا الاحساس و لا تساؤلاتهم عن سبب عودته، فهم يعلمون انها اجازته السنوية.
استرسل فى الثرثرة،و عبر ،كلعادة، عن مدى شوقه للقرية والارض، والمساعدة فى اعمال الزراعة-التى لا يقوم بها عادة-،و فى ان ينام ليلا على قيزان الرمال المتاخة للقرية-هى الان فى وسطها- ويستعيد ذكريات الطفولة مع اقرانه على ضوء القمر، و ان يستحم صباحا فى النيل، ويجوب القرية عرضا و طولا يزور هذا و ذاك، و ان يمتطى حمارا ويذهب الى القرى المجاورة فى زيارات الواجب المتبعة، كما يفعل منذ عشرة اعوام، بيد ان احساسه لم يتبدد وظل يراوده.بحث عنه بين الوجوه الشاحبه فلم يراه،لم تكن تلك عادته، كان دائما اول من يستقبله،ربما كان غيابه هو سبب احساسه ان عودته لم تكن محمودة.لكن طمأن نفسه بانه قد يكون فى المدينة المجاورة لى سبب.فتناسى ذلك، و فى قرارة نفسه ان يعتب عليه لاحقا.
انفض الجمع، وخلا الدار الا من الاسرة، وكان ذلك مؤقتا فبعد قليل تبدأ مراسيم اخرى متبعة، يحفظها عن ظهر قلب،فهذا سيأتى بالغداء وذاك بالشاى واخر باطباق التحليه او الفواكه او.. تلك هى العادة وكم يكبر فيهم ذلك،خلا الى نفسه..بعد ان ذهب هؤلاء،لإحضــــار الواجب-كما يسمنوه- وفى ذاكرته سنوات الطفولة الرائعة التى قضاها، مع امين عبد القادرنمنذ ان كانا يركبا حماريهما و يذهبا الى المدرسة الابتدائية فى القرية المجاورة، وذهابهما سويا الى المدينة الى حيث يقيم عمه لإتمام دراستهما المتوسطة والثانوية.كانا اكثر من صديقين،افترقا عندما اراد هو موصلة الدراسة الجامعية خارج البلاد. بينما اكتفى امين عبدالقادر بالمرحلة الثانوية.و قال ان المدرسة الجديدة التى بنيت فى القرية فى حاجة الى مدرسين،و إنه يرأ أن من واجبه البقاء فيها.وبالفعل كان هو النواة الاولى للموسسة التعلمية فى القرية.بعد خلوة الشيخ ود السنوسى.كثيرا ما كان يرى امين عبدالقادر اقوى وانفع للقرية،فقد فعل الكثير لاهلها،كان المسؤل عند بناء الصهريج الذى امد القرية بالمياه،وهو الذى اسس فصول محو الامية فى القرية،و استفادت منها القرى المجاورة ايضا.كان امين عضوا فى لجنة المشروع الزراعى الذى ضم اراضى القرية بعد تأسيسه،وحاليا مدير المدرسة الابتدائية الوحيدة فى القرية،بالفعل كان امين كل هؤلاء،حاول ان ينبش ف ذاكرته عن الاشياء التى قام بها هو تجاه قريته،حتى لا يشعر بتفوق امين عليه.بدأ يستعرض امجاده فى محاربة الفيضانات مرة وفى تصميمه لمبنى المسجد تارة،وكيف انه اقترح ان يقام سورا حول المقبرة حتى لا تبتلعها رمال الصحراء الزحفة.وكيف انه الان يدرس فى احدى اكبر الجامعات فى العالم،بينما مازال امين عبدالقادر مغمورا فى تلك القرية.لكنه لم يجد نفسه بمنزلة امين عند اهل القرية.واكتفى بان لا هو و لا امين بمصطفى سعيد.وكانت هذه الخلاصة قد اراحته تماما،فاكتسى وجهه بابتسامة عريضة وخلد للنوم
يتبع
|
|
 
|
|
|
|
|
| |
دورنقاس
Elmosley
زوربا
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست