|
Re: نحو سودان جديد: (10) الأحزاب السودانية فى الميزان – الجبهة الإسلامية (Re: WadalBalad)
|
مستقبل الحركة الإسلامية
بقلم: عبد الله رزق
مع تطاول امد الحرب الاهلية في جنوب السودان، استقر في وعي بعض الاسلاميين، ان حرص الشمال على وحدة البلاد، هو الذي يدفع الجنوبيين الى رفع سقف مطالبهم لحد الانفصال وبالتالي، فان تحول الشمال الى المطالبة بالانفصال من شأنه ان يخلط الاوراق، ويجرد الجنوبيين ، من اهم وسائل الضغط على الشمال أو ابتزازه في بعض الروايات، كما ان انطلاق دعوة شمالية للانفصال، يمكن ان تكون حافزاً لاصطفاف جنوبي خلف الوحدة يكون ترياقاً لتيار الانفصال الجنوبي، الاعلى صوتاً في الساحة السياسية غير ان الدعوة الانفصالية التي تبناها بعض الاسلاميين، لم تفلح حتى الآن، إلا في وضع الحكومة وحزبها الحاكم، وفي مواقع الدفاع، كابرز نتائج تلك الدعوة اذ ان توقيت المطالبة بانفصال الشمال، بينما مفاوضات السلام في مشاكوس، قد قطعت شوطاً بعيداً، عزز التكهنات القائلة بوجود تيار داخل الحكم رافض للسلام، ويجدد في تسارع وتائر العملية السلمية نحو نهاياتها المحتومة، مايهدد مصالحه، وقد نجح التيار الانفصالي عبر مطالبته المباغته، في الانحراف بالنقاش بعيداً عن قضايا المرحلة، المتصلة بمتطلبات تعزيز السلام والتحول الديمقراطي بالتركيز علي قضايا تجاوزتها الاحداث، منذ التوقيع على اطار مشاكوس، ومن ثم الايغال بعيداً في سجال بين الاغبياء والاذكياء لم يخل من طابع غاية في الشخصانية. ومع ذلك فان المناورة الانفصالية يمكن ان تكون دالة على الذكاء. لقد حفلت صحف الانقاذ، علي عهدها الاول، بتمجيد زائد لذكاء الجبهة الاسلامية المحظورة قانوناً عامئذ ..وربما منذ ذلك الحين، تكرس الذكاء، باعتباره جزءاً من ادوات التمييز والاستعلاء السياسيين، والتمكين الشامل، ان الحاح الاسلاميين على ابراز الجانب الذكي من الاشياء لهو دلالة على ذكائهم، وعلى احتكارهم للذكاء، اكثر منه تعبيراً عن حقيقة تلك الاشياء، في ذاتها.
فمناورة الاسلاميين بانفصال الشمال لاتتوقع عن طرح اجندة جديدة للنقاش السياسي، انما تتفادي بطريقة ذكية لا شك فيها، اعادة النظر في البرنامج السياسي للاسلاميين، ووضعه موضع التساؤل ، والمحاكمة النقدية لمايزيد عن الثلاثة عشر عاماً من الممارسة السياسية في ظله، والتي دفعت محصلتها بالاسلاميين، الى الاحباط، والى التساؤل حول جدوى وحدة البلاد، وتبني مشروع لصوملة السودان، بدلا من تفكيك المشروع الاسلاموي، بعد وضوح عدم قدرته في معالجة القضايا الرئيسية للبلاد، وبدعوى احتمال صلاحيية هذا المشروع لبعض السودان دون بعضه الآخر. ولان الدعوة الجديدة للانفصال لم تتضمن اجابات واضحة موضوعية حول كيفية حل مختلف مشكلات البلاد في ظل الانفصال، اي ازالة الاسباب الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية المؤدية للحرب، بما في ذلك تلك الانباء الساخنة التي تتواتر من دارفور، فقد تحولت بقوة الدفع العاطفي، مبارزة في ميدان الذكاء، واجندة شخصية اخرى. فالانفصال كتعبير آخر عن العجز لايتوقع ان يتضمن حلولاً، جادة لمشكلات مستعصية من قبيل الصراعات الدامية في دارفور أو حتى مشكلة مياه الشرب في بورتسودان، أو تلك التي يفرزها الانفصال نفسه، من قبيل تحديد ماهو الشمال، ومن هو الشمالي ،وتعيين خطوط العرض الثقافية والاجتماعية والتاريخية التي تفصل بين الشمال والجنوب، والعلاقة المستقبلية بينهما ...الخ.
فرضية ان انفصال جنوب السودان، سيحل مشاكل ماتبقى من السودان، ليس ثمة مايسندها في الواقع.. فالانفصال كمحاولة للهروب الى امام لايعدو ان يكون مجرد قفزة في المجهول ليس ثمة ضمانات اكيده بان طريق الانفصال الذي يدفع نحوه بعض الاسلاميين سيتبع نفس المسار الذي اتخذه التشيك والسلوفاك. فان المثال الباكستاني الاثير لدى دعاة الانفصال الجدد، رغم مايثيره من تساؤلات حول مرجعيته الاسلامية فانه يكشف عن سلسلة لا متناهية من التناقضات الجديدة.
اهمها الحرب الابدية بين الهند وباكستان حول كشمير، كابرز مشتقات الانفصال ثم انفصال بنغلاديش واخيراً الحلقة المفرغة من حالة عدم الاستقرار السياسي، التي حاول دون ان تكون اول دولة في التاريخ المعاصر قائمة على الرابطة الدينية الاسلامية منطقة ضغط عالٍ، فتخلص اسلاميي باكستان من بنغلاديش لم يؤد تلقائياً الى حل المشكلات القومية والاجتماعية في بلد متجانس دينياً كما ان التجانس الديني نفسه، لم يمنع بلد مثل الصومال من التفكك والتوزع بين عشائر متحاربة. يمكن النظر الى الدعوة الانفصالية الجديدة، كمعارضة قيد التكوين داخل السلطة للسياسات التي تتبناها السلطة الحاكمة حالياً لاجل الوصول الى السلام. وبعيداً عن الاغطية الاثنية التي تتخذها الدعوة، مبرراً لها، إلا انها تنشأ من المخاوف التي يثيرها احتمال اعادة توزيع السلطة والثروة بعد عهد من ا لتمكين الاحادي، بدخول قوى جديدة الى ساحة التنافس، بعد التوقيع على اتفاق السلام، ومن الراجح، ان الانفصاليين الجدد، الذين يتهدد السلام مصالحهم يفضلون الاستمرار في الحرب، الى ما لا نهاية عوضاً عن السلام وعن التعددية السياسية وليس ثمة ما يمنع من ان يكون الانفصال هو العنوان العريض لمجموعات مختلفة من الانقاذيين، الذين يجدون انفسهم، لسبب أو لآخر، في مواجهة التيار الرئيسي المهيمن على الحكم وبالتالي تصبح الدعوة للانفصال مقدمة لانقسام جديد في صفوف الانقاذ.
يمر السودان بمرحلة انتقالية وكذلك الحركة الاسلامية التي قادت البلاد الى الوضع الراهن وبالتالي فان مصير الحركة الاسلامية ومستقبلها يجري وضعه موضع التساؤل، كما هو الحال بالنسبة للسودان نفسه، يكون أو لايكون، من واجب الاسلاميين ان ينهضوا بمراجعة قاسية لتجربتهم ومحاكمتها، قبل ان يلقوا بمسؤولية اخفاقاتهم وتعثر مسيرتهم على الخارج، على الاسلاميين ان يعترفوا بفشلهم في ايجاد حل نهائي لمشكلة الجنوب، حرباً أو سلماً، طوال سنوات حكمهم، وبالتالي افساح المجال امام القوى القادرة ، تقديم مثل ذلك الحل، في اطار الوحدة والتحول الديمقراطي.
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
نحو سودان جديد: (10) الأحزاب السودانية فى الميزان – الجبهة الإسلامية | WadalBalad | 04-19-03, 08:49 AM |
Re: نحو سودان جديد: (10) الأحزاب السودانية فى الميزان – الجبهة الإسلامية | adil amin | 04-19-03, 11:58 AM |
Re: نحو سودان جديد: (10) الأحزاب السودانية فى الميزان – الجبهة الإسلامية | SAMIR IBRAHIM | 04-19-03, 12:07 PM |
Re: نحو سودان جديد: (10) الأحزاب السودانية فى الميزان – الجبهة الإسلامية | WadalBalad | 04-20-03, 06:21 AM |
Re: نحو سودان جديد: (10) الأحزاب السودانية فى الميزان – الجبهة الإسلامية | adil amin | 04-23-03, 09:41 AM |
Re: نحو سودان جديد: (10) الأحزاب السودانية فى الميزان – الجبهة الإسلامية | WadalBalad | 04-20-03, 05:16 PM |
Re: نحو سودان جديد: (10) الأحزاب السودانية فى الميزان – الجبهة الإسلامية | WadalBalad | 04-21-03, 07:06 PM |
Re: نحو سودان جديد: (10) الأحزاب السودانية فى الميزان – الجبهة الإسلامية | omdurmani | 04-23-03, 03:46 AM |
Re: نحو سودان جديد: (10) الأحزاب السودانية فى الميزان – الجبهة الإسلامية | WadalBalad | 04-23-03, 04:12 PM |
Re: نحو سودان جديد: (10) الأحزاب السودانية فى الميزان – الجبهة الإسلامية | adil amin | 04-24-03, 07:36 AM |
Re: نحو سودان جديد: (10) الأحزاب السودانية فى الميزان – الجبهة الإسلامية | WadalBalad | 04-25-03, 05:49 AM |
Re: نحو سودان جديد: (10) الأحزاب السودانية فى الميزان – الجبهة الإسلامية | Haydar Badawi Sadig | 04-26-03, 03:19 AM |
Re: نحو سودان جديد: (10) الأحزاب السودانية فى الميزان – الجبهة الإسلامية | WadalBalad | 04-26-03, 08:46 AM |
Re: نحو سودان جديد: (10) الأحزاب السودانية فى الميزان – الجبهة الإسلامية | Haydar Badawi Sadig | 04-26-03, 07:14 PM |
Re: نحو سودان جديد: (10) الأحزاب السودانية فى الميزان – الجبهة الإسلامية | WadalBalad | 04-27-03, 08:28 AM |
|
|
|