|
المؤتمر الوطني : و الإيغال في نقض المواثيق والعهود
|
المؤتمر الوطني : و الإيغال في نقض المواثيق والعهود
لقد رأينا المظاهر الاحتفالية لأعضاء حزب المؤتمر الوطني في عام 2005 ، رقصوا على أنغام الموسيقار محمد وردي ، ورددوا نشيد : اليوم نرفع راية استقلالنا ، ولأول مرة في التاريخ يصوت أعضاء حزب بنسبة مائة لمائة لصالح اتفاقية ، كشفت الأيام لاحقاً أنها محل جدل وخلاف ، فروح الطمع وإيثار النفس كشفتهما عملية تقاسم المناصب ، المالية للإنقاذ ، الطاقة للإنقاذ ، الدفاع للإنقاذ ، الداخلية للإنقاذ ، أما وزارة الخارجية فقد شغلها شخص له ماضي عريق في إزدواجية الولاءات ، وهو الدكتور لام أكول صاحب سلام الداخل وشريك الدكتور الترابي في ذلك الاتفاق الميت ، رضيت الحركة الشعبية بهذه القسمة ( الضيزي ) وقبلت كما قالت العرب : لقد أكلت قليل أرزٍ فأكثرت منه وأنا أرى أن ما قامت به كان تضحية لا تستحقها الإنقاذ ، زهدت الحركة في المناصب ، لدرجة أنها لم تقف في صف الدكتور محمد يوسف مصطفى وهو يواجه حملات التهميش والإقصاء ، رفع الدكتور محمد يوسف قضية المفصولين من الخدمة بسبب سياسة الصالح العام التي أنتهجتها الإنقاذ ، هؤلاء كانوا يعدون بالآف ، وهذه كانت بداية جيدة نحو رأب الصدع والقضاء على المظالم ، لكن رجال الأعمال في حزب المؤتمر الوطني وقفوا ضد طموحات السيد الوزير ، وبقيت الحركة الشعبية عاجزة عن نصرته ، كل ذلك خوف من موت طفل الأنبوب الذي يُسمى " اتفاقية سلام نيفاشا " ، عمل حزب المؤتمر الوطني على تحييد وزراء الحركة أو أستمالتهم ، ثم لجأ لخيار ثالث وهو طردهم من البرلمان كما فعل مع القائد ياسر عرمان ، بالفعل ، أصبحت الحركة الشعبية إمتداداً لحزب المؤتمر الوطني ، لذلك طوّر حزب المؤتمر الوطني من حملته فكان الهجوم المباغت على مقرات الحركة الشعبية داخل الخرطوم ، وقد عمدت امبراطورية الشرطة إلي تحطيم المقرات ومصادرة بعض المواد ، في حين يعتذر الدكتور على نافع من وجه ، يصعد وزير الداخلية ويبرر ذرائع الحملة فيرفض الإعتذار من وجه آخر ، كلٌ ملكُ ، وكلٌ امبراطور يتصرف في خلق الله كيف يشاء ، نعم نحن ضد أن يكون هناك سلاحاً غير مرخص به ينتشر في الخرطوم ، لكن ما فعله وزير الداخلية سوف يجرنا إلي مستنقع الحرب من جديد ، فمقرات الحركة الشعبية ليست حانات يدور فيها الراح أو أوكار تُمارس فيها الرذيلة ، وحتى هذه البيوت يطرقها الناس من أبوابها ، نتيجة للإستفزاز من المحتمل أن ننتقل لمربع الحرب من الجديد ، فتكون عندنا خرطوم آمنة وخالية من السلاح لكن يفصلها عنا جنوب مشتعل يموت فيه ملايين الناس ، وبهذا نكون قد توصلنا لنفس النتيجة ، وهناك سوف يتساوى الناس في الموت سواء أكانوا من الخرطوم أو غيرها من المدن ، لا يجب أن يكون في السودان بقع مقدسة وبقع مدنسة ، فالأمن يجب أن لا تنعم به الخرطوم فقط ، نريد الأمن في كل بقاع السودان ، في حسكنيتة ومهاجرينا وجوبا ، فلماذا لم تصعد وزارة الداخلية حملتها في هذه المناطق ؟؟ أم أن السودان أصبح هو الخرطوم ، حيث الأبراج التجارية والمصارف التي تغذي خزينة الحزب ، والقصور التي بُنيت على حساب الآبار المُعطلة . لقد كان الراحل قرنق يخشى من إستيعاب الحركة في أجهزة الحزب الحاكم (incorporation ) ، لذلك رفض التسويات خلال عشرين عاماً ، رفض التفاوض مع العديد من الأنظمة التي حكمت الخرطوم ، فهناك اعتقاد يسود في مخيلة أهل المركز وهو أن الجنوبيين طلاب سلطة ، إذا أعطيتهم منصباً أو قصراً سوف يأتونك رجالاً وعلى كل ضامر ، هذا الاعتقاد ربما يكون صحيحاً إذا نظرنا لبعض الجنوبيين الذين أشتركوا في حكومة الإنقاذ ، وحب السلطة مرض أصاب أهل المركز قبل أن يصيب أهل الهامش ، فوزراء المؤتمر الوطني الحاليين بقوا في مناصبهم منذ ليلة الإنقلاب وحتى كتابة هذه السطور ، في سبيل الإحتفاظ بالسلطة قتلوا كل من يقف في طريقهم ، خاضوا حربين ، الأولى في الجنوب فخسروها ، والثانية في دارفور وهم يُحاسبون عليها الآن ، بين يوم وآخر ينهش مجلس الأمن في جلدهم ويمزقهم بسياط القرارات ، وبين فينة ولآخرى تنتقدهم منظمات حقوق الإنسان على سجلهم المخزئ في دارفور ، وهناك أيضاً محقق دولي يلحف في السؤال ويمد قائمةً من المطلوبين تضم وزيراً من حكومة الوحدة الوطنية و التي كان حرياً بها أن تمد للشعب عنق التصالح وليس عنق الثأر ، كل ذلك جرى في عهد الإنقاذ من غير أن يتغير الوزراء الذين يراوحون بين الوزارات المختلفة ، أنها " الكنكشة " بالسلطة كما أسماها السيد/الصادق المهدي .لذا ، علينا تقييم الجنوبيين الذين شاركوا الإنقاذ في الحكم بمعيار وزنهم السياسي في الجنوب وليس بمعيار أنهم جنوبيين فقط . سارة عيسي
|
|
|
|
|
|
|
|
|