|
Re: ظاهرة د. محمد وقيع الله والتسلق (Re: د.أحمد الحسين)
|
سلامات يا عزيزنا د. أحمد،
الدكتور محمد وقيع الله
هنا بعض كتاباته :
http://www.sacdo.com/web/Categories/FeaturedArticles/mo...eealla/home/main.asp
اخترت منها هذا المقال:
http://www.sacdo.com/web/Categories/FeaturedArticles/mo.../101005_mcavilli.asp
... محاولة للفهم..
Quote: مكيافلي .. هل كان مكيافلياً ؟ محاولة للفهم ، لا لتحسين السمعة ! محمد وقيع الله لكثرة ما ذاع مفهوم المكيافلية بين الناس ، فإن المحاججة تصبح صعبة باتجاه العكس ، لإثبات أن مكيافلي ، صاحب الأسم نفسه ، لم يكن مكيافلياً ، بالنحو الذي تفهم به المكيافلية اليوم ! كتابه " الأمير " كتاب صغير الحجم ، يحتوي على مادة شيقة ، تبحر بالقارئ في خضم التاريخ ، وتستخرج دروساً بليغة منه . تيسر فهم السياسة ، وادراك أسرار صناعة قراراتها ، ولكن الكتاب مع ذلك ، قلما يحظى بقراء جادين يسعون لتدبره في هذ الزمان . معظم دارسي الفلسفة والسياسة يكتفون بقراءة مكيافلي في سياقه التاريخي الذي تضعه فيه ملخصات كتب الفلسفة والعلوم السياسية . أما عامة المثقفين فقد اكتفوا بفهم المعنى الإصطلاحي المشتق من اسمه ، والجاري مثلاً بين الناس ، لوصف بعض أنماط السلوك الانتهازي النفعي الذميم . انتهازي أم مبدئي ؟ افتراضنا يقوم على أن مكيافلي لم يكن مكيافلياً كما يظن الناس . إنه لم يكن " نفعياً " ، " انتهازياً " ، وإنما كان " مثالياً " ، " مبدئياً " صميماً ، يهدف إلى تمثل وتحقيق مبادئ وقيم وأهداف الناس القومية العليا ، ويروم خيرهم ، كما يتصوره هو، لا كما يتصورونه هم، بكل سبيل! صحيح أن مكيافلي برر استخدام كثير من الفظائع ، بل دعا ، وحرض على ارتكاب كثير منها ، ولكن ذلك التبرير والتحريض لم يكونا مبذولين لكل من يريد أن يرتكب تلك الفظائع ، ولا لكل من يتذرع بكل وسيلة ، للوصول لأية غاية ، إنما يبذل ذلك فقط للحاكم القوي ، المرجو لتحقيق منافع عظمى ، مثل تحقيق الاستقرار ، وبناء الوحدة الوطنية ، وتوطيد أسس التنمية والعمران . أما الحاكم الضعيف العاجز، فلا يبيح له مكيافلي ارتكاب أي أخطاء ، ولا الجنوح لأي تعد أو إرهاب. كان مكيافلي رجلاً وطنياً ، يتأجج بالوطنية ، ويغلبه الحرص على مصالح أمته ، ويؤرقه النظر إلى تناحر الوحدات الأساسية الخمس بإيطاليا : " نابلي ، وروما ، والبندقية ، وفلورنسا ، وميلانو " ، ويأسى لما يشاهده من إحتراب وتآكل . في حين كانت الدول الأخرى كفرنسا وألمانيا تشهد آيات التوحيد والاستقرار والازدهار . وقد دفعه ذلك لتقصي أسباب حيازة الدول للوحدة والقوة . كان مدخله لذلك فلسفة التاريخ وهكذا دلف إلى جماعة من المؤرخين الغابرين ، واغتذى من تأملاتهم ، ودون خلاصات من تلك التأملات في كتاب " الأمير " الذي يقول إنه درس فيه موضوع القوة ، بأقصى ما يستطيع من العناية والاتقان ، وقد كان كتابه متقناً فعلاً ، لأنه كان خلاصة شديدة التركيز لما تناثر في بطون كتب المؤرخين وفلاسفة التاريخ . أبرز ما استقصى مكيافلي من دروس التاريخ كانت قصة الراهب " سافونارولا " الذي وحد ممالك إيطاليا وحدة هشة ، وحكمها باللين واللطف والتسامح ، فكان مصير تلك الوحدة الانهيار السريع . لذا دعا مكيافلي ، إلى بروز زعيم إيطالي جديد ، على غير تلك الشاكلة ، زعيم مهاب ، معروف بالبطش ، يستطيع بقوته أن يحافظ على وحدة إيطاليا ، ويرهب كل من يفكر في تقويضها ابتداءً . فكرة البعث الإيطالي ، أو بعث الدول المتناحرة والمندحرة ، وتوحيدها ، جوهر ما اعتنى به مكيافلي . وهنا فقط أباح للحاكم استخدام وسائل شائنة ، ولكنه لم يقل مطلقاً أن " الغاية تبرر الوسيلة " كما ينسب إليه . ولم يبح للحاكم أن يستخدم سائر الوسائل الشائنة حتى في سبيل تلك الغاية الأسمى . إنه بالمقابل نصح بقوة وصراحة بعدم استخدام بعض الوسائل مهما تكن الغايات المرجوة من ورائها ، فقد أوصى الحاكم مثلاً ألا يطمع في مصادرة ممتلكات مواطنيه ، لأن ذلك وإن كان في مصلحة الحاكم ، إلا أنه لا يكون في مصلحة الدولة . " إن الإنسان أسرع إلى أن يغفر مقتل والده ، منه إلى الصفح عن مصادرة ميراثه عنه " ، هذه هي إحدى نصائح مكيافلي للحكام . فالحاكم الفطن قد يقتل ، ولكنه لا ينهب ، وإن قتل فإنما يقتل لتوفير الأمن ولرعاية أملاك الناس وأرواحهم ، فالغرض من البطش هو المحافظة على القوة السياسية وزيادتها ، والمعيار الذي يقوم به البطش هو مدى نجاحه في تحقيق تلك الغاية ، لا مدى نجاحه في إرعاب وإرهاب الناس ، أو تمكين الحاكم في كرسي الحكم . إفساد الناس وتوهين قواهم الروحية والوطنية لم يكن ينسجم مع أفكار مكيافلي ، فقيم البساطة ، والطهر ، والولاء ، والأمانة ، والجلد ، والمثابرة في أداء الواجبات ، قيم لا يجوز التضحية بها لأي غاية من الغايات ، مهما سمت . غريب جداً أن مكيافلي كان يؤمن بالديموقراطية والقيم التي تتطلبها ، وتستتبعها . وقد لا يبدو ذلك واضحاً في " الأمير " ، إنما في كتب أخرى كـ " المطارحات " حيث يشير صراحةً إلى أن حكومة الجماهير ، التي نالت حظاً طيباً من التعليم ، وحكمت بقوانين صالحة ، هي أفضل من حكومة الحاكم المستبد ، حتى ولو كان متقيداً بالقوانين ، وحيث يؤكد أن الجماعة يمكنه إجراء التغييرات المطلوبة ، والتواؤم مع الظروف المتبدلة ، أكثر من حكم الفرد ، وحيث ينادي بالدستور المختلط مثلما نادى به من قبل أفلاطون في " القوانين " ، وأرسطو في " السياسة " ، وشيشرون في " الجمهورية " ، ومثلما نادى به من بعد فلاسفة كثر خلال وبعد عصر النهضة الأوربية . لا يضحي بالفضائل : هنالك فضائل كثيرة يدعو مكيافلي إلى المحافظة عليها وعدم التضحية بها ، وهي ما يسمى اليوم بالفضائل أو الأخلاق المدنية او الاجتماعية . لأنها تتصل بأداء الدولة وترقيتها في مضمار الحضارة ، فذلك هو الهدف الذي كتب من أجله كتاب ( الأمير ) . كان مكيافلي يلاحظ أن مجتمعه قد وصل إلى درجة رقي حضاري هائلة ، من حيث لا يتصل الأمر بالدولة أو النظام السياسي ، ففي ذلك العصر بالذات كانت إيطاليا عامة ، وفلورنسا خاصة ، مركز إشعاع للعلم والفن ، على مدى أوربا كلها ، حيث برع العباقرة الأفذاذ من أمثال يوبتشللي ، ومايكل أنجلو ، وليوناردو دا فنشي ، وغيرهم ، ولم يبق إلا أن يبرز عباقرة جهابذة أمثالهم ، على الصعيد السياسي ، لتقف إيطاليا على قدميها ، ولتواصل مشواراً للنمو الصحي . وهكذا كان مكيافلي حريصاًً على ذلك الرصد الحضاري العلمي الفني الأدبي ، وضنيناً على التضحية به في سبيل غايات الحكام . وإذ أباح مكيافلي القسوة للحكام ، فإنه لم يبح ذلك لأتباعهم من الوزراء والموظفين وعموم الرعية ، وهو عموماً لم يكن يخاطب هؤلاء ، إنما كتب كتابه أساساً للأمير وللأمير فقط . وكتب في إهدائه إليه تلك العبارة الطريفة : " إن الذي يستطيع تصوير ورسم الجبل الشامخ ، هو الواقف في السهل . ولذلك فإن فهم الشعب يقتضي أن يكون الإنسان أميراً ، وفهم طبيعة الأمراء يستلزم أن يكون الإنسان مواطناً عادياً ، وهكذا فإنني وإن كنت من غمار الشعب ، ولست في العير ولا في النفير ، فإنني جدير بتقديم هذه الوصايا والدروس إليك " ! ! .. أما المواطنين فهم غير معنيين بنصائح مكيافلي ، ولذلك فلا يحق لهم ما يحق للحكام ، فلا يحق لهم أن يستخدموا القسوة ، وأساليب البطش ، ولا أن يتجاوزوا القانون ، ولا أن يسعوا لتحقيق مصالحهم الخاصة على حساب الآخرين ، بل إنه شدد على الحاكم أن يفرض على المواطنين القوانين اللازمة ، بهدف إلزامهم برعاية المصلحة العامة . والامتناع عن الأساليب الخسيسة ، كما دعا لتصميم دستور يمنع ظهور أي مراكز قوة أو جماعات ضغط بالتعبير الحديث ! لأن ظهور مثل تلك القوى من شأنه أن يؤدي إلى هدم التوازن الذي تقوم عليه الدولة ، وكان لا يمل التذكير بأن حماية الحرية يلزمها الحذر الدائم والضرب على نذر الفساد والفوضى ، قبل أن تذر قرنها في المجتمع . من هذه الناحية الأخيرة لم يكن لغلظة مكيافلي من حدود ، فقد اعترض على آراء المفكر الروماني " سينيكا " القائل بأن الحاكم ينبغي ألا يستخدم الشدة ، إلا عندما يطفح الفساد في الأرض وتبرز الأخطاء الجسيمة ، التي تهدد أمن المجتمع . وفي رأي مكيافلي فإن ذلك فهم مغلوط للأمور ، فعلى الحاكم أن يبدأ عهده باطشاً ، لأن الشر طبيعة في النفس الإنسانية ، ولا يجدر بالحاكم أن ينتظر حتى تتعرى طبيعة البشر عن الشر ، وإنما أن يبادر بردع الناس عنه ، فيبدي بأساً شديداً ، بصب دفعة عنيفة من الفظاعة ، تصبح أمثولة وأحدوثة ، وتكفي لردع الناس إلى مدى طويل وقد فصل مكيافلي في ذلك تفصيلات سخيفة عندما تحدث عن كيفية إيقاع الأذى بطريقة بارعة ، كما قال ، ولكنه لم يقصد بذلك إلا إلى مجرد حسم الشر والفساد . وكتاب ( الأمير ) كان موجهاً للحاكم الذي ينشئ دولة جديدة ، وليس لكل الحكام كما يظن البعض ، ولذلك فهو يريد أن يحسم مادة التحلل والإفساد ، منذ أول عهد نشأة الدولة والنظام السياسي ، حتى لا تصبح مكافحة الفساد برنامجاً يشغل ذلك الحاكم المبتدئ طويلاً . الفساد ظل موضع محاربة مكيافلي بلا هوادة ، أما الفساد الأكبر المتمثل في الخيانة الوطنية ، فقد كان ذلك عنده بمثابة الشرك الأعظم ، إذ لم يكن مكيافلي يؤمن بالدين ، وإنما بالوطن وحسب . لذا فإن من أخطأ الخطأ أن ينسب من يبيعون أوطانهم ، أو يفرطون في مصالحها ، إلى مكيافلي ، أو أن يوصفوا بالمكيافلية . كان مكيافلي يقدس وطنه ، وأقام على أساس حمايته وخدمته جل فلسفته . أما من يوصفون بالمكيافلية اليوم من السياسيين ، وما أكثرهم ، فالوطن هو أرخص شئ لديهم . وهم على استعداد لبيعه فوراً ، أو على التقسيط ، بمزادات وتخفيضات هائلة تغري كل عدو ! |
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
ظاهرة د. محمد وقيع الله والتسلق | د.أحمد الحسين | 11-27-06, 06:00 AM |
Re: ظاهرة د. محمد وقيع الله والتسلق | Yasir Elsharif | 11-27-06, 09:16 AM |
Re: ظاهرة د. محمد وقيع الله والتسلق | د.أحمد الحسين | 11-27-06, 02:01 PM |
Re: ظاهرة د. محمد وقيع الله والتسلق | نزار محمد عثمان | 11-28-06, 04:19 AM |
لا يستقيم الظل والعود أعوج!!! | Yasir Elsharif | 11-28-06, 07:55 AM |
Re: لا يستقيم الظل والعود أعوج!!! | د.أحمد الحسين | 11-28-06, 03:55 PM |
Re: لا يستقيم الظل والعود أعوج!!! | عثمان عبدالقادر | 11-28-06, 05:28 PM |
Re: ظاهرة د. محمد وقيع الله والتسلق | Yasir Elsharif | 11-28-06, 09:04 PM |
Re: ظاهرة د. محمد وقيع الله والتسلق | د.أحمد الحسين | 11-29-06, 01:38 PM |
Re: ظاهرة د. محمد وقيع الله والتسلق | عبدالله عثمان | 11-30-06, 01:48 AM |
Re: ظاهرة د. محمد وقيع الله والتسلق | عبدالله عثمان | 11-30-06, 09:41 AM |
Re: ظاهرة د. محمد وقيع الله والتسلق | د.أحمد الحسين | 11-30-06, 03:57 PM |
Re: ظاهرة د. محمد وقيع الله والتسلق | Salah Musa | 11-30-06, 04:44 PM |
Re: ظاهرة د. محمد وقيع الله والتسلق | القلب النابض | 11-30-06, 04:56 PM |
Re: ظاهرة د. محمد وقيع الله والتسلق | د.أحمد الحسين | 11-30-06, 05:10 PM |
|
|
|