|
هل كبرت قطر أم صغرت مصر؟
|
هل كبرت قطر أم صغرت مصر؟ السؤال الآن: هل كبرت قطر فأصبحت دولة مؤثرة ومزعجة إلي هذا الحد في الواقع العربي حتي إن مصر بجلالة قدرها وعظمة تاريخها وثقل مكانتها تقرر مقاطعة مؤتمر قمة عربي أو تخفض تمثيلها في القمة طالما انعقدت في الدوحة؟!، إلي هذه الدرجة صارت قطر قادرة علي إغضاب مصر وإشغالها وإزعاجها وتعطيل دورها أو دفعها لتغييب حضورها في مؤتمر قمة؟!، قطر ذات المساحة المحدودة والسكان الأقل عددًا والتاريخ الأقصر عمرًا والمشروع الأكثر غموضًا والدور الثانوي الذي لم يلعب أبدًا أي دور بطولة في أي فيلم عربي، صارت كبيرة حين عاندتها مصر وحين تصورت مصر أنها تعاقبها وحين يقاطعها قادة مصر وكأنها شوكة في جنبهم وكأنها ند لهم وكأنها قادرة مثل نحلة علي إزعاج بلد مثل فيل، لعل خبثاء في الدوحة هم الأكثر سعادة في الوطن العربي الآن بأن الرئيس المصري لن يحضر مؤتمر الدوحة فهذا إعلان صريح لم يبذل أحد أي جهد في إخفائه ولا مواربته أن النظام المصري يضع قطر في دماغه ويريد أن يعطيها درسًا كما تصور بغياب الرئيس المصري، لكن النظام المصري نسي أنه حين يتصور أنه يعطي درسًا فهو يعطي أهمية!! ويضع قطر علي قائمة الدول القادرة علي لخبطة أي أجندة عربية وربما دولية ويجعل من الدوحة عاصمة تأثير حقيقي في الساحة العربية سواء كان تأثيرًا سلبيًا أو إيجابيًا!
سؤال هل كبرت قطر ليس كاملاً إلا حين نتممه بآخر: هل صغرت مصر؟
نعم هل صغرت مصر الشقيقة الكبري حتي تتحدي إخوتها الصغار؟، فقدت مصر الدولة قدرتها أو قوتها أو جاذبيتها أو مصداقيتها أو سطوتها ففشلت في إقناع قطر بسياسة أو قرار أو اتفاق وحين تفشل تقرر أن تقاطع معلنة غضبًا علي بلد سيكبر حين نغضب عليه ولن يتغير حجمه حين نرضي عنه، صغرت مصر حتي إنها لم تعد تجيد الاحتواء، بل صارت محترفة في الصد والهجر والخصام، ثم أن مصر عبدالناصر خاصمت السعودية ومصر السادات خاصمت العراق ومصر مبارك خاصمت قطر فهل كبرت قطر أم صغرت مصر؟!
للرئيس مبارك أسبابه التي يقولها غيره تبرر اختلافه مع قطر وأميرها وقد يكون الرئيس محقًا وقد يكون القصر الأميري في الدوحة مخطئًا حتي أخمص قدميه لكن هذا لا يبرر أن يقاطع الرئيس مبارك مؤتمر قمة منعقدًا في قطر؛ لأن الخلاف لا يعني المقاطعة بل يعني العكس، يعني المواجهة والمجابهة خصوصًا من دولة كبيرة مثل مصر تملك ثقتها في نفسها وفي تأثيرها (أتعشم ألا تكون قد فقدتها) ثم الخلاف مع دولة لا يعني مقاطعة كل الدول التي تحضر اجتماعًا عربيًا من أجل العرب وليس من أجل قطر، والحقيقة أنني لا أفهم (واعذروا فهمي المحدود أمام ذكاء سياسة دولتنا غير المحدود) كيف يقول نظامنا عن قطر إنها دولة صغيرة غير مهمة ثم يقاطعها كما تتم مقاطعة الدول الكبيرة المهمة؟ فضلاً عن إحساس بالمهانة ينتاب أي مصري عاقل (وهم قليلون ومن ثم لا داعي للانزعاج) حين يقال إن سبب زعل النظام المصري من قطر هو قناة «الجزيرة» فهذا شيء مؤسف ومخجل أن تضع مصر رأسها برأس قناة تليفزيونية وأن تعترف هكذا بأن قناة تليفزيون تبث من الدوحة برقبة عشرين قناة تبث في مصر حتي إنها تزعج حكمنا وحكومتنا ويتم اتخاذ القرارات السياسية بناء علي موعد إذاعة برامج «الجزيرة»، زمان كانت السعودية تشكو من إذاعة صوت العرب في عصر عبدالناصر وكانت ليبيا تشكو من كاريكاتير جريدة الأخبار في عصر السادات والآن مصر في عهد مبارك تشكو من قناة «الجزيرة»، وأخشي أن تتدهور الأحوال فتشكو من روتان. منقول من جريدة الدستور للكاتب إبراهيم عيسي
|
|
|
|
|
|
|
|
|