دويلات القبيلة في السودان:- الحركة الإسلامية ومسؤلية الإنهيار :- التجاني الحاج عبد الرحمن ...

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-05-2024, 01:14 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الاول للعام 2009م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
03-06-2009, 03:17 AM

سفيان بشير نابرى
<aسفيان بشير نابرى
تاريخ التسجيل: 09-01-2004
مجموع المشاركات: 9574

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: دويلات القبيلة في السودان:- الحركة الإسلامية ومسؤلية الإنهيار :- التجاني الحاج عبد الرحمن . (Re: سفيان بشير نابرى)

    الأصولية الجديدة:
    من بعد إنقسام الجبهة الإسلامية في السودان في نهايات 1999، والذي عُرف في أدبياتها بـ "المفاصلة"، إنتهت الحركة الإسلامية إلى تيارين، أحدهما بقي في السلطة والآخر في مقعد المعارضة. ومؤخراً بدأ الترابي زعيم التيار الإسلامي بالمعارضة في تقديم خطاب جديد كلية على ساحة الحركة الإسلامية، مما دفع بعض من رفاقه القدامي لإتهامه بـ "الخرف" المبكر(!). غير أن القضية ليست بهذه البساطة، إذ أن الترابي بالفعل يطرح رؤية ليست مثيرة للجدل فحسب، بل ربما الأزمات أيضاً داخل ساحة الحركة الإسلامية. وعندما نستدعي خلفية الرجل وتاريخه السياسي، والإطار الإيديولوجي المرجعي الذي تخرّج منه ... المدرسة الإسلامية البيانية الأصولية في السودان بصفة خاصة، والعالم العربي بصفة عامة، ندرك خطورة ما بدأ يروّج له. وقد بدأت ملامح هذا الخطاب في الوضوح بعد آرائه حول زواج المسلمة من الكتابي(= المسيحي أواليهودي)، عذاب القبر، إمامة المرأة للصلاة وغيرها من القضايا الفقهية التي يصر على عدم تصنيفها في خانة الفتاوى. ومن دون الخوض في جدل حول صحة هذه الآراء من عدمها من الناحية الفقهية/البيانية ـ للإختلاف المنهجي الذي ننطلق منه ـ إلا أنها وحقيقة أصابت التيار الأصولي الكلاسيكي في صميم أسسه التي قام عليها تاريخياً ـ إذا رأيناها في إطارها المرجعي البياني التقليدي الراسخ. وهو ما يمكن القول أنها بداية التأسيس للأصولية الجديدة في السودان(!).

    ففي لقاء مطول من سبعة حلقات للترابي على قناة الحوار التلفزيونية، كشف عن آرائه تلك، مستنداً في دعمها على نفس النصوص والمرجعيات الإسلامية التقليدية (القرآن، الحديث، الإجماع)، ودافع عن إمامة المرأة وزواج المسلمة من الكتابي ووجه في ذات الوقت الإسلاميين إلى ضرورة الإهتمام بالبحث في الإقتصاد والعلوم.

    إن ما يجعلنا نقرر أن ذلك إتجاهاً جديداً في الفكر الأصولي، هو طرح الترابي لأراء كانت ـ وربما مازالت إلى الآن ـ من المساحات المحرم النقاش فيها داخل حقل التراث الإسلامي بشقيه السني والشيعي. على الرغم من أن هذه الآراء ليست بعيدة على التفكير العلماني وإستشهد في سبيلها كثير من المفكرين. فطرح مثل هذه القضايا من قبل الترابي كرجل "دين ودولة" لا يمكن إنكار خلفيته الأصولية الإسلامية، تهزم أحدى الأسس التي قامت عليها الثقافة الإسلاموعروبية في السودان ألا وهي "البطرياركية الأبوية القائمة على التشدد العرقي" ـ كما يسميها أبكر آدم إسماعيل ـ المسنودة بقوة المقدس الديني، والتي منحت المهاجرين من الآعراب السيطرة على السودان على حساب الإثنيات الأخرى.

    بمعنى أن مثل هذا التنظير الذي يدعو له الترابي بإقرار زواج المسلمة من المسيحي في جانب من جوانبه، يحطم إحدى الآليات الرئيسية لآيديولوجيا السيطرة للكيانات الأسلاموعروبية، والتي كانت تتم عبر تحريم زواج "بنات العرب/المسلمات" من غير العرب/الغير مسلمين. إن تفنيد هذا الإدعاء بواسطة شخصية أصولية في وزن حسن الترابي، يعيد طرح علاقة الزواج الأحادية، التي أشار إليها أبكر أدم إسماعيل. بمعني؛ سيكون ذلك أكثر وضوحاً أن عرفنا أن علاقة التزاوج الأحادية السابقة أتاحت للمهاجرين من الأعراب في الماضي إمتلاك الأرض بحق وراثة الأبناء للآباء وليس الأمهات إحتكاماً للنصوص الدينية، وعندما يصبح الأب "كتابياً"، والذي في أغلب الأحيان يكون من القوميات الغير عربية، يرثه أبنائه وتعود الملكية إلى أصحابها الأصليين. وهذا ما لا يقبل به ـ في لاشعورهم ـ من لا زالوا يدعون الإنتماء إلى العرق العربي.

    المحزن إن هذه القفزة تجعل من الترابي ـ رغم أنف العلمانيين ـ من مفكري الحداثة السياسية في السودان (!). ومهما يكن من أمر، يبقى هناك سؤال يفرض نفسه بقوة هو: لماذا تجراء الرجل على طرح هذه الآراء، وفي هذا التوقيت(؟)، هل ذلك نتيجة لتجربة الإنقاذ أم لعوامل أخرى متداخلة(؟).

    يبدو من الوهلة الأولى إن ذلك وكأنما هو ردة فعل على إقصاء الرجل من سدة الحكم إذا إستندنا في التحليل على نظرية د. حيدر إبراهيم. ومع ذلك؛ فهذا لا يكفي لتفسير موقفه. فالمراقب للساحة يمكنه أن يلاحظ بسهولة إنحسار عنفوان الحركات الإسلامية عبر العالم (أفغانستان، الجزائر، تركيا، إيران، والسودان). والتي كانت قد بدأت تفرض نفسها كبديل بقوة بعد إنهيار المعسكر الإشتراكي في منتصف ثمانينيات القرن الماضي في كثير من البلدان العربية والإسلامية، وتمكنت من أن تصل للسلطة وبوسائل مختلفة. والأرجح أن الترابي قد أدرك إتجاهات التفكير الغربي من بعد إنهيار المعسكر الإشتراكي وأحداث الحادي عشر من سبتمبر، والتي بدأت ترشّح الدول الإسلامية والعربية ودول أخرى في آسيا لإحتلال موقع المواجهة المحتملة مع الغرب ، لذلك طرح هذه الرؤية الجديدة للحركة الإسلامية لمواجهة تحديات المستقبل المحفوف بمخاطر العولمة الثقافية والإقتصادية، والحرب على الإرهاب. وما يؤكد هذا الإستنتاج الأفكار التي إستعرضها في المقابلة التلفزيوينة التي أشرنا إليها آنفاً، حيث بدى حديثه عن عالمية الحركة الإسلامية بالتراجع نحو خطوط "التمسك بالخصوصية الثقافية والإجتماعية والسياسية لكل بلد إسلامي"(!). ومهما تكن الدفوعات النظرية التي يمكن تقديمها في هذا الإطار، وتبريرها كإستراتيجية إنكفاء على الذات للحفاظ على الهوية الدينية الإسلامية في ظل العولمة وهيمنة ثقافة الغرب، الا أنه حقيقة موقف متراجع، ويناقض التوجهات التي طبعت فكر الحركة الإسلامية مع بداية إنقلاب الجبهة الإسلامية في 1989 التي كان الترابي عرابها الأول، والتي لم تكتفي بالدعوة لعالمية الحركة الإسلامية فحسب، وإنما دخلت طورها العملي بتشبيك الحركات الأصولية عبر العالم بتكوين المؤتمر الإسلامي الشعبي، وهو تراجع تم في مدى زمني قصير للغاية. وبالرغم من ذلك لا يمكننا التغاضي عن تأثير عامل الإبتعاد القسري للترابي عن السلطة في خطابه الجديد كدافع ضمن سياق أكثر شمولاً في أفق التفكير الإستراتيجي للتيارات الإسلامية بشكل عام. وهي الجزئية التي تجيب على سؤال التوقيت، وإن شئنا الدقة المرحلة التاريخية الراهنة في ظل صراعات القبائل الإسلامية على السلطة في السودان، وإنقساماتها والضغوط التي تتعرض لها في العديد من البلدان العربية.

    إن ما يجب الإنتباه له أن النقلة النظرية التي يقوم بها الترابي في تفكير الحركة الإسلامية بهذا الطرح الجديد/القديم، إنه يخلق منه وعلى المستوي الذاتي، مفكر حداثة ـ كما تعبر عن ذلك مخاوف عبدالعزيز الصاوي ـ وعلى المستوى الموضوعي، وهو الأخطر، أنه يعيد هندسة التجربة الإسلامية وتجميلها من جديد، بعد إن كشفت عن عوراتها تجربة الإنقاذ (السقوط من أعلى قمة خطاب الطهارة والقداسة، إلى حضيض الفساد وشهوات الدنيا ـ البحث عن المغانم والمصالح المادية بتعبير دوبري). مما يجعل من الأصولية الجديدة التي يدعو لها الترابي تقترب من أن تكون تياراً علمانياً ـ كما إستنتج محمد أركون من قبل ـ مستعداً للتضحية بأسسه الآيديولوجية والتاريخية التي قام عليها، وأراق في سبيل تثبيت أركانها "كل الدماء". إن ذلك يعيد إلى الذهن بقوة مقولة عمار بن ياسر التي أوردناها سابقاً " .... والله ما طلبتهم بدمه ولكن القوم ذاقوا الدنيا فأستحبوها وإستمرؤوها وعلموا أن الحق إذا لزمهم حال بينهم وبين ما يتمرغون فيه من دنياهم، ولم يكن للقوم سابقة في الإسلام يستحقون بها طاعة الناس والولاية عليهم، فخدعوا أتباعهم أن قالوا: إمامنا قتل مظلوماً، ليكونوا بذلك جبابرة ملوكاً"

    إن المتابع لتجربة الحركة الإسلامية في تركيا ـ حزب الرفاه سابقاً ـ يجد الكثير من أوجه الشبه في مسيرتها وما إنتهت إليه، مع الآفاق التي يتطلع لتحقيقها الترابي عبر أصوليته الجديدة في السودان، فالحركة الإسلامية التركية تحورت كلية نحو آفاق الحداثة ـ إن جاز لنا وصفها بذلك ـ عبر سياسات كانت في الماضي خطوط حمراء لا يمكن لأي حركة إسلامية أصولية أن تطرحها للنقاش، ناهيك عن قبولها كواقع، مثل التعامل مع إسرائيل، والتغاضي عن منع فرض الحجاب وإغلاق المدارس الدينية وغيرها. لذلك فإن فرص نجاح الترابي فيا يدعوا له كبيرة على ضوء واقع المتغيرات السياسية في السودان التي وصلت درجة الأزمة التي خلقتها تيارات الإسلام السياسي حداً يهدد وحدة الدولة. والأمر المثير للقلق إن الحركة الإسلامية نفسها التي خلقت هذه الأزمة مازالت ممكسة بمفاصل مؤثرة، مما يرسم لها دوراً ما في المستقبل(!)، فهي في الحكومة عبر المؤتمر الوطني، وفي المعارضة عبر المؤتمر الشعبي وحركة العدل والمساواة. والمفارقة أنهما التيارين الأقوي سواء في الحكومة أو المعارضة (!).

    وعلى الرغم من أن ما قدمه الترابي يعتبر "ثورة" قياساً على الفكر الإسلامي الأصولي المدرسي، غير أن الملاحظ عند مراجعته إستمرار ثبات التحليل الذي أورده دوبيري حول رغبات الحصول على المغانم والإستحواذ على السلطة في المجتمعات السابقة للرأسمالية، والتي من بينها السودان كما أسلفنا القول. وهو ما يجعلنا نقرر أن لا جديد في الأمر منذ الجماعة الإسلامية الأولى مروراً بدولة معاوية وحتى حاضرنا هذا. فقط تتغير الإصطلاحات والمفاهيم لكن تبقى القضايا الجوهرية كما هي. ذلك؛ لأن الحركات الإسلامية القائمة اليوم لم تخلق قطيعة فكرية ومنهجية حقيقية مع التاريخ الإسلامي، بل إنها مازالت تستدعيه في حاضرها، وتنتهي بالخروج من ذلك إلى مرحلة التماهي في العلمانية بعد أن تسحقها سحقاً واقعية السلطة ومصادمات ضميرها الديني مع رهاناتها الزمنية. وطوال مسيرة المراحل التي حددها الترابي، يظل الخطاب الديني سائداً، يبدأ متدرجاً مهتماً بالجانب العقائدي، وينتهي كمشروع سياسي برغماتي صرف، مهما كانت مبرراته الدينية. وبالقدر الذي تبحر فيه سفينة التيار الإسلامي عميقاً في لجة المشروع السياسي، تبتعد عنها تدريجياً في الأفق أرض الخطاب الديني المقدس. وفي تزامن مع هذه الحركة، تقوم في قاع المجتمع تيارات دينية جديدة أكثر تشدداً، تجتر نفس التجربة، تسير على نفس القضبان لتمر بنفس المحطات، وكأنما تشدها جميعاً سلسلة واحدة. هكذا يمضي تاريخ التيارات الأصولية(!!).


    خاتمة الجزء الأول:
    وبعد، لسنا الآن في حاجة للتأكيد مرة أخرى على مقولة ريجس دوبري بأن النعرة القبلية العشائرية والتعصّب الطائفي والديني والطموح فى الحصول على المغانم، ظواهر تبقى نشطة أو كامنة، في كيان الجماعات، سواء إن كان أفرادها يعيشون في مجتمع إقطاعي أو رأسمالي أو إشتراكي.

    عليه؛ يمكننا تلخيص ماتوصلنا إليه من نتائج بأن:
    1. المجتمع السوداني وبصورة عامة مجتمع ماقبل رأسمالي، تندمج فيه العلاقات بين البنية الفوقية، والبنية التحتية المقابلة لها، بحيث يصعب التمييز بين القاعدة وما هو إنعكاس لها. وتشكّل العلاقات الدينية، الطائفية، العشائرية وجود مستقل عن البنيتين، وتكاد أن تلعب دور العامل المحرّك للتاريخ في مثل هذا النوع من المجتمعات. فالصراع من أجل المصالح المادية الذي تغذيه رغبات الإستحواذ على مصادر الثروة والسلطة سواء لهذه الفئة أو تلك، في الغالب الأعم يبقى كعامل متنحي Recessive factor تحت جينات منظومة القيم والأديان، وتراث العلاقات الطائفية والعشائرية، ومسئول من هذا الموقع عن تحريك الصراعات العشائرية أو الدينية وحول المصالح الإقتصادية. وبالقدر الذي يتطور فيه هذا النوع من المجتمعات بالإتجاه الرأسمالي، تبدا رغبات السيطرة المتخفية تحت منظومة القيم والأديان والعلاقات العشائرية في الظهور، حتى تكتمل تماماً كما في المجتمعات التي تجاوزت تلك المرحلة، ويبرز فيها الصراع على المصالح المادية جلياً في الممارسة الإجتماعية والسياسية.

    2. نتيجة لتشابك المصالح المادية ووجودها متنحية داخل نسيج القيم والأديان، التحديد/التعيين للكيانات الإجتماعية وفقاً لجذورها الإثنية أو الدينية والثقافية لهذه المجتمعات في المرحلة المشار إليها، تصبح الدولة مزيج متشابك من هذه العلاقات المعقدة، والتي قد تصل حتى إلى أعلى المستويات في هرم الدولة. فإذا كان التمييز والصراع الديني أو المذهبي أو العشائري في مستواه المبسّط في قاع المجتمع هو صراع تحسمه غلبة طائفة/قبيلة على أخري، حسب موازين القوى في صورتها البدائية، فإن الأمر على مستوى الدولة يختلف تماماً، ويأخذ طابعاً "إشكالياً" Problematic يتجلى في صور ومستويات عديدة. ولأن الدولة المعاصرة تقوم على المؤسسات، والتي لا تعطي كبير إعتبار في بنيتها الداخلية للعلاقات العشائرية أو الطائفية أو الدينية ـ أو هذا ما يجب أن تكون عليه ـ بالتالي فإن تصاعد هذا النمط من العلاقات في هيكل الدولة، رؤيتها وطريقة إدارتها، يخلق تناقضات يصعب تجنبها، تنتهي بسيادة عنصر، جهة، طائفة، دين (ما)، والتي تقود الصراع الشامل داخل منظومة الدولة من أجل مصالحها كمجموعة أو كيان أو طائفة أو دين، محكومة في ذلك بمنطق العلاقات التي تطبع سمة المجتمعات السابقة للرأسمالية كما بينا ذلك في المدخل. وكما ذكرنا، طالما إن الوضعية التي تجتمع فيها كيانات من هذا النوع تتميز بالتنوع الثقافي والتمايز العرقي والإختلاف الديني والتفاوت التاريخي، داخل منظومة دولة حديثة، يقود الإفتراض فيها دائماً إلى قيام بعض هذه الكيانات بالسيطرة على جهاز الدولة وإستثماره إقصائياً على مستويات عديدة، فإن الذي يحدث هو تحول المحددات الثقافية من لغة وآداب وفنون وعادات وتقاليد وعقائد وتراتبيات إجتماعية إلى أسلحة آيديولوجية، ويتمفصل العرق واللون مع الطبقة وتقسيم العمل، والدين مع السياسة، والمذهبي واللغوي مع الإجتماعي، فتكون النتيجة بالتالي؛ وضعية تاريخية مأزومة تنتهي بإنفجار متسلسل، يأخذ شكل نزاع شامل، محتواه صراع: هويات ضد هويات، ثوابت ومتحولات عند كيان اجتماعي (ما) ضد ثوابت ومتحولات عند كيان آخر، وهو في نهاية التحليل صراع كل ضد كل.

    وبالتالي؛ فإن صيرورة هذه الوضعية غالباً ما تنتهي إلى مفترق طريق ذو إتجاهين متعاكسين، إما بإنكفاء كل كيان على ذاته وتدريجياً إنفصاله، أو الوصول إلى نقطة إعادة التأسيس من جديد. وهي المرحلة التاريخية التي يمر بها السودان اليوم، والتي يمكن أن نسميها بداية مرحلة إنهيار الدولة التي عرفها التاريخ السوداني المعاصر. والمطّلع على تاريخ النزاع في الصومال يجد الكثير من أوجه التشابه . وبالتالي فإن التحدي الذي يواجه الدولة السودانية وقواها السياسية هو كيفية الإتفاق للوصول إلى نقطة إعادة التأسيس، وهل لم يفعلوا ذلك من قبل وفشلوا فيه(؟).

    3. تاريخياً ظلت الأديان تلعب دوراً محورياً في التقنين للصراع، لأنها كانت ـ ولازالت ـ تقف بمثابة البنية اللاشعورية للمعرفة الدينية، تشتق منها الآيديولوجيا والأهداف السياسية في المجتمعات السابقة للرأسمالية. ويكاد ينعدم الحد الفاصل تماماً ما بين هذه البنية اللاشعورية من جانب، والآيديولوجيا والأهداف السياسية من جانب آخر، بحيث يصعب التمييز بينهما. هذه النقطة مهمة جداً في معرفة طبيعة الحركات الدينية في السودان لأنها تكشف عن مدى زيف الشرعية التي تدعيها هذه الحركات من تمسكها بتلابيب الدين. فكل الذي يحدث، أنها تقوم بتفسير النصوص المقدسة مستخدمة في ذلك القواعد البيانية(قواعد اللغة العربية) في حالة تيارات الإسلام السني المدرسي، أو التأويل الذي يستمد أصوله من إدعاء قدرات ماورائية في أغلب التيارات العرفانية بما فيها التيار الشيعي نفسه. وبمرور الوقت يتسامي التفسير أو التأويل ليقف على قدم المساواة مع النصوص المنزلة أو المقدسة. هذه العملية لها أهميتها القصوى بالنسبة لهذه الحركات في تجييش الأتباع من أجل الصراع السياسي البحت، والدفع بهم في آتون المعارك الضارية من أجل السلطة والمال فيما بعد. وقد أثبت التاريخ أنها لم تكن سوى عملية أضافت طبقة حمراء اللون لحدة الصراع العرقي والثقافي المحتدم في هذه المجتمعات، مرتفعة به على صعيد الوعي إلى مستوى المقدس، مسببة بذلك إنقساماً متعدد الإتجاهات لايقف عند التصادم ما بين ديانتين أو إثنيتين أو ثقافتين مختلفتين في نفس المجتمع، بل تصل لدرجة التصادم داخل الدين أوالعرق أو الثقافة الواحدة، كما تعلمنا التجربة الصومالية أو البورندية.
                  

العنوان الكاتب Date
دويلات القبيلة في السودان:- الحركة الإسلامية ومسؤلية الإنهيار :- التجاني الحاج عبد الرحمن ... سفيان بشير نابرى03-06-09, 03:00 AM
  Re: دويلات القبيلة في السودان:- الحركة الإسلامية ومسؤلية الإنهيار :- التجاني الحاج عبد الرحمن . سفيان بشير نابرى03-06-09, 03:10 AM
    Re: دويلات القبيلة في السودان:- الحركة الإسلامية ومسؤلية الإنهيار :- التجاني الحاج عبد الرحمن . سفيان بشير نابرى03-06-09, 03:17 AM
      Re: دويلات القبيلة في السودان:- الحركة الإسلامية ومسؤلية الإنهيار :- التجاني الحاج عبد الرحمن . سفيان بشير نابرى03-06-09, 03:24 AM
        Re: دويلات القبيلة في السودان:- الحركة الإسلامية ومسؤلية الإنهيار :- التجاني الحاج عبد الرحمن . سفيان بشير نابرى03-06-09, 03:32 AM
          Re: دويلات القبيلة في السودان:- الحركة الإسلامية ومسؤلية الإنهيار :- التجاني الحاج عبد الرحمن . سفيان بشير نابرى03-06-09, 03:38 AM
            Re: دويلات القبيلة في السودان:- الحركة الإسلامية ومسؤلية الإنهيار :- التجاني الحاج عبد الرحمن . سفيان بشير نابرى03-06-09, 03:47 AM
              Re: دويلات القبيلة في السودان:- الحركة الإسلامية ومسؤلية الإنهيار :- التجاني الحاج عبد الرحمن . سفيان بشير نابرى03-06-09, 03:53 AM
      Re: دويلات القبيلة في السودان:- الحركة الإسلامية ومسؤلية الإنهيار :- التجاني الحاج عبد الرحمن . سفيان بشير نابرى03-06-09, 04:07 AM
        Re: دويلات القبيلة في السودان:- الحركة الإسلامية ومسؤلية الإنهيار :- التجاني الحاج عبد الرحمن . سفيان بشير نابرى03-06-09, 04:58 AM
          Re: دويلات القبيلة في السودان:- الحركة الإسلامية ومسؤلية الإنهيار :- التجاني الحاج عبد الرحمن . Nazar Yousif03-06-09, 07:37 AM
            Re: دويلات القبيلة في السودان:- الحركة الإسلامية ومسؤلية الإنهيار :- التجاني الحاج عبد الرحمن . سفيان بشير نابرى03-06-09, 02:23 PM
              Re: دويلات القبيلة في السودان:- الحركة الإسلامية ومسؤلية الإنهيار :- التجاني الحاج عبد الرحمن . سفيان بشير نابرى03-07-09, 04:18 PM
                Re: دويلات القبيلة في السودان:- الحركة الإسلامية ومسؤلية الإنهيار :- التجاني الحاج عبد الرحمن . Nazar Yousif03-07-09, 10:51 PM
                  Re: دويلات القبيلة في السودان:- الحركة الإسلامية ومسؤلية الإنهيار :- التجاني الحاج عبد الرحمن . سفيان بشير نابرى03-10-09, 02:24 AM
              Re: دويلات القبيلة في السودان:- الحركة الإسلامية ومسؤلية الإنهيار :- التجاني الحاج عبد الرحمن . Hatim Yousif03-10-09, 05:34 AM
                Re: دويلات القبيلة في السودان:- الحركة الإسلامية ومسؤلية الإنهيار :- التجاني الحاج عبد الرحمن . Nasr03-10-09, 06:48 AM
                  Re: دويلات القبيلة في السودان:- الحركة الإسلامية ومسؤلية الإنهيار :- التجاني الحاج عبد الرحمن . جعفر محي الدين03-10-09, 07:08 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de