أيهم أكثر سوءاً هذه الأم الجنوبية المسيحية أم هذا الأب الشمالي العربي المسلم!!!وكلاهما سودانيان
1.
مقدمة:العنصرية هي شكل كريه من أشكال تكسير الحياة، وجمالياتها، وظاهرة نفسية تتسم بأقسى قدر من انهيار العاطفة السوية وبالسم النفسي.ليس الهدف من هذه القصة الواقعية بث الكره تجاه الآخر، المختلف، أو غير الشبيه، أو دعوته لأن يندمج مع الآخر بلغة الأنا الزائدة، أو الإساءة لوضع كائن من كان، أو إرثه، أو تاريخه، أو عناصر هويته، أو دينه إنها من واقع الحياة المعاش أثيرها هنا ولو في وقت متأخر جداً ...بكل صدق ... من أجل صديق الدقائق المعدودة الذي ألتقيته ... أخي عبد الله..
في رحبة أحد الشقق المخصصة لسكن الطلاب - لكلية الطب - بجامعة العرب الطبية - بمدينة بنغازي وداخل إحدى الغرف لأحد الطلاب السودانيين رص سريرين بصورة متعامدة مع بعضهما البعض ثم رصت مجموعة من الكراسي في صفين متعامدين مع بعضهما كذلك .. ليكتمل بناء مربع للجلوس عليه، وجلس عليها عدد من الناس ، بعضهم طلاب مقيمون في السكن ، وبعضهم زوار شباب وصلوا لتوهم من السودان، عبر طريق الكفرة وهم يتحدثون ويحكون عن واقع مؤلم ومذري وارتفاع حاد في الأسعار، يتسابقون في الحديث عن تلك الآلام التي أطلت على شعبنا بعد مرور عامين من انقلاب الإنقاذ على شعبنا المسكين وكيف أن البيوت أقفرت، وأفلس الناس.
من أولئك القادمون من كان حديثه أكثر ظهورا فتراه يحكي بألم و إرهاق الطريق باد عليه فيمتزج حزنه بضحك متقطع يحمل ألم وهو يحكي، وحركة يديه التي يحاول أن يرسم بها صورة في الهواء تعكس انفعاله....
جلس حيالهم في صمت مطبق يلفه الجرح ويكتنفه الأسى ... شاب في مقتبل العمر ممشوق القامة، حنطي اللون - شعره شديد السواد، أجعد (قرقدي ) ... - بشرته أكثر لمعانا وعينيه العسلية أكثر بريقاً، يرتدي قميصه الرمادي الفاتح اللون ذو الأكمام الطويلة وبنطاله البني الغامق الأميل للسواد وجزمته الإيطالية الراقية البنية اللامعة، جلس هذا الشاب على حافة السرير وأنا أكثر قربا منه على السرير الآخر، جلس هادئا أو هكذا يبدو، شابا يقترب من الثلاثون أو دونها بكثير أو أقرب إلينا سناً حينها، جلس بملابسه ا لنظيفة تلك، وبأنفه الأشم ولونه الأميل للبياض المشرب سمرة، ونحن نختلس النظرات نحو بعضنا البعض.
...معكم حتى نهاية هذه القصة الحزينة ..
تم التعديل من أجل تكبير الخط